ماذا بعد سقوط نظام الأسد؟
شكل سقوط النظام السوري حدثاً مفصلياً في تاريخ سورية الحديث وأنهى حقبة تجاوزت 60 عاماً من حكم حزب البعث العربي الاشتراكي.
سقوط النظام يثير الكثير من الأسئلة عن مستقبل سورية ونظامها السياسي؟ والتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي ستواجه البلد والسوريين؟ وتجاوز العقوبات الاقتصادية المفروضة، وتبديد المعارضة مخاوف السوريين حول مستقبلهم؟
الحل السياسي
في المرحلة الحالية، يجب التشديد على وحدة سورية واستقراها وسيادتها على حدودها، وهذا يتطلب الإسراع بعملية سياسية للتوصل لحل الأزمة، وخصوصاً في الفترة الحالية تتقاسم مناطق النفوذ قوتين رئيسيتين بعد سقوط النظام هي هيئة تحرير الشام وحلفائها من الفصائل، والإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد. وفي هذا السياق، إن انطلاق العملية السياسية برعاية اممية ودولية وإقليمية امر في غاية الأهمية بهدف توحيد البلاد والبدء ببناء مؤسسات الدولة المنهارة.
حوار وطني
على الرغم من ترحيب الشعب السوري في كافة اطيافه بسقوط نظام الأسد، إلّا أن هناك مخاوف كبيرة لدى البعض من شكل نظام الحكم المقبل، وخصوصاً أن اسقاط النظام جاء على يد “هيئة تحرير الشام”.
وقد أصدرت “القيادة العامة” في المعارضة العديد من البيانات منذ سقوط النظام تحدثت فيه عن عزمها بناء سورية جديدة تنسع للجميع من دون استثناء، وأن المرحلة القادمة تتطلب مصالحة مجتمعية شاملة.
تصريحات المعارضة هذه تهدف إلى تطمين الشارع، لكن طريقة إدارتها البلد تثير شكوكاً عند الكثيرين ولا سيما اختيار رئيس للحكومة الانتقالية دون مشاورات مع القوى السياسية والمجتمعية. لذلك من الضرورة عقد مؤتمر حوار وطني شامل وجامع لكافة مكونات المجتمع السوري ينتج عنه عقد اجتماعي جديد، وللاتفاق على خارطة طريق تحدد شكل النظام السياسي المقبل، وإطلاق عملية مصالحة شاملة بين كافة المكونات لتجاوز جراح الازمة والحرب، والبدء بإعداد دستور جديد للبلاد يضمن تحقيق أهداف الشعب السوري وكرامة مواطنية، ويحدد الحقوق والواجبات للسوريين ومؤسساتهم، ويعزز مبدأ الفصل بين السلطات لتجنب تكرار الحكم الاستبدادي.
سياسة اقتصادية جديدة
من الأمور الملحة في الفترة المقبلة الانتقالية، الشروع بإعداد سياسات اقتصادية ومالية جديدة تمكن للبلد من استثمار مقدراتها بذاتها، وتعيد لسورية مكانتها، وتعطي دفعة لجذب الاستثمارات، مع ضرورة استقرار البيئة السياسية وإعادة الثروات الطبيعية للشعب السوري.
كما يجب أن يكون هدف السياسات الاقتصادية والمالية، لمصلحة الشعب السوري، يستفيد منها الجميع وتكون قادرة على تقديم عوائد تنموية للجميع، تتناسب مع وجود ثروات باطنية وقوة بشرية، وذلك على خلاف السنوات الماضية التي كانت تهدف لإثراء شخص أو عائلة او فئة ضيقة.
كما انه من الضروري مراجعة كافة الاتفاقيات التي تم عقدها مع الدول الأخرى وإعادة تقييم الاتفاقيات وهل كانت تلك الاتفاقيات متكافئة أم لا.
رفع العقوبات
عاش الشعب السوري في السنوات الأخيرة وضعاً في غاية السوء جراء العقوبات الغربية المفروضة على سورية ومنها قانون قيصر، إذ تدهورت مستويات المعيشة الى درجة غير مسبوقة، انهارت العملة الوطنية، وفقدت الرواتب والأجور قيمتها، ولم يعد يتجاوز الحد الأعلى حاجز 32 دولاراً أميركياً (الدولار يساوي 15 الف ليرة) وارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وكل ذلك في ظل وجود أزمة خانقة في توفر المشتقات النفطية والكهرباء.
وهكذا فإن أول تحد في الفترة المقبلة هو العمل على رفع العقوبات التي من شانها إعادة الحركة للدورة الاقتصادية وبدء عملية الإنتاج.
خطوات عاجلة
سورية تقف أمام مرحلة تاريخية غاية في الخطورة، وهذا يتطلب الكثير من العمل لوضع البلاد على الطريق الصحيح وإعادة بناء ما تهدم، ومعالجة التصدعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي نتجت عن العقود الماضية.
هذا الأمر يرتبط بالخطوات التي سيتم اتخاذها من القوى الجديدة التي سيطرت على البلد، وهل سترسم خريطة طريق التي ستعتمدها لعلاج أزمات الماضي، وتقوم ببناء دولة حديثة عصرية تكون المواطنة والانتماء للبلاد هدفها الأساسي، ام انها ستقوم بتكريس سلطتها على المجتمع واستبعاد فئات أخرى؟
هذا الأمر يتطلب العمل بشكل عاجل ومدروس لبدء حوار وطني تشارك فيه جميع القوى السياسية والمجتمعية والاقتصادية، وخصوصاً أن إسرائيل بدأت العمل على استغلال ما يجري في البلاد لتقسيمه واضعافه واقتطاع أجزاء منه.