تجارب في تعليم الكتابة الإبداعية في العالم العربي
كتب الشاعر النمساوي راينر ماريا ريلكه رسائل إلى شاعر شاب، في سنة 1904، وكانت أولى نصائحه للشاعر الذي يكتب ويبحث عن آراء الآخرين من كتاب وناشرين، “أنت تنظر إلى الخارج، لا أحد يستطيع مساعدتك، هناك طريق واحد فقط، إذهب إلى ذاتك.”
ووضع الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه عشرة وصايا للكتابة في رسائله إلى الفيلسوفة والمحللة النفسانية والروائية الألمانية لو أندرياس سالومي.
هذه النصائح استنكرتها بقوة الكاتبة الأميركية سوزان سونتاغ، إذ ربما يكون معظم نصائح الكتاب والشعراء إلى الشعراء الشباب تدعوهم للرجوع الى التجربة والاصغاء إلى الصوت الداخلي، في زمن الوعظ والتلقين، كما فعل جورج أورويل في سنة 1946 الذي كتب ستة نصائح للكتاب وكانت النصيحة الأخيرة إنكاراً للنصائح السابقة “إكسر أياً من هذه النصائح قبل أن تقول شيئا همجيا صريحاً.”
في قصيدة محمود درويش “إلى شاعر شاب”، يكتب: “لا تصدق خلاصاتنا، وانسها/ وابتدئ من كلامك أنت، كأنك/ أول من يكتب الشعر.” ويضيف: “لا نصيحة في الحب، انها التجربة/ ولا نصيحة في الشعر، لكنها الموهبة.”
وفي الآونة الأخيرة، ظهر ما يسمى بالكتابة الابداعية في العالم العربي وأوروبا، والتي يعطي الكثير من الكتاب والشعراء فيها محاضرات في الكتابة في الجامعات والمدارس والمؤسسات الاجتماعية والثقافية.
كانت لنا وقفة مع مجموعة من الكتاب الذين كانت لهم تجارب مختلفة في تعليم الكتابة الابداعية التي غدت مشهداً ثابتاً للواقع الثقافي في العالم العربي وفي أوروبا أيضاً، وطرحنا عليهم أسئلة عن معنى تعليم الكتابة والإبداع في عالم لا ينفك يملي على الكتاب طرقاً أصبحت مستهلكة في كتابة الرواية والشعر، ونترك هنا لهم وصف تجاربهم من دون تدخل من قبلنا. أي نسرد ما قالوه حرفياً.
محترف كيف تكتب رواية
أسست الروائية اللبنانية نجوى بركات، محترف كيف تكتب رواية، أو محترف نجوى بركات، في كانون الثاني / يناير 2014، بالتعاون مع الصندوق العربي للثقافة والفنون، في بيروت. وكانت بركات من الأوائل الذين عملوا جدياً على فكرة المحترف في العالم العربي، وقد ساهمت في اصدار روايات لكتاب وكاتبات شبان وشابات. وقالت الروائية اللبنانية في سياق إجابتها عن الأسئلة التي طرحناها عليها:
أسعى في محترفي أن أنقل إلى المشاركين شيئاً من كيمياء الكتابة متمثلةً بتقنيات سردية ليست من اختراعي؛ أي بعضاً من أصول فن كتابة الرواية بهدف إعانتهم على التعبير عن أنفسهم وتوفير بعض ما يحتاجون إليه من أدوات لإنجاز أعمالهم بأفضل الشروط.
لستُ من محبّذي إعطاء محاضرات نظرية، إذ يمكن حينها للمشارك أو للطالب أن يقتني كتاباً أو دراسة تعلّمه أصول الكتابة، وهي كتب باتت متوفرة في جميع اللغات. ما يهمّني فعلاً هو العمل على مادة نابضة، حيّة، أي على مشروع روائي يختاره المشارك بنفسه وأرافقه أنا في تشكّله منذ اللحظة الأولى وحتى مرحلة اكتماله.
ضمن هذه الأولوية، ما يهمني قبل كل شيء هو قتل الرقيب الداخلي، وكسر السائد على مستوى اللغة والأسلوب، وتحفيز المخيّلة، والتحذير من الوقوع في الفخاخ أو سلوك الطرق المطروقة أو المسدودة. مهمتّي هي أن أُساعد الكاتب الناشئ على إيجاد صوته الخاص، من خلال الإدراك بأن الكتابة الروائية ليست عملية عشوائية، وأنها تحتاج مايسترو إذا صح التعبير، يعي كل مستويات العمل وإمكانياته.
أجل، الرواية فن معقد ومركب وتتطلب نفَـساً طويلاً وقدرة على خلق عوالم وشخصيات وأحداث، أي أنها عملية واعية من دون أن ينفي عنها ذلك جانبَها التلقائي والسحري. وللأسف، نحن العرب، وبسبب نظرتنا إلى قدسية اللغة وقدسية الكتابة وقدسية النصوص، ترانا نقصُر عملية الكتابة على الوحي والإلهام دون سواهما. فكرة كهذه تنفي عن الكتابة الروائية جانبها “التقني”، أي المشغول والمصقول والمتصّل بالتالي بوعي الروائي وثقافته وجهده وسعة اطلاعه.
لقد أثبت المحترف نجاحه وفاعليته بإنتاجه نحو 23 رواية خلال 10 أعوام؛ صدرت عن أهم دور النشر العربية، حاز بعضها جوائز رفيعة، وبات لأصحابها أسماء معروفة في المشهد الأدبي العربي. ومع ذلك، ثمة من لم يزل يتحفظ ويحذر من “تصدير” أسلوبه الروائي إلى المشاركين. لهؤلاء أقول يكفي أن نتذكر كم أن الكتابة هي فعل خصوصي وفردي وحميم وكم أنها عملية مغلقة، لكي ندرك أن لا أحد يستطيع تعليم طريقته في الكتابة.
ورشات الكتابة الإبداعية في فلسطين "أنا الانسان الفعل"
تقوم الكاتبة والشاعرة الفلسطينية أحلام بشارات بتدريب الأطفال والناشئة على الكتابة الإبداعية بدعم من مؤسسات اجتماعية وتربوية، وفي إجابة على أسئلة وجهتها إليها عن جدوى تعليم الإبداع ومعنى تقديم النصائح للكتاب الصغار تقول:
هل النصائح إشارات على الطريق؟ إذا كانت كذلك فالأهم هو وجود الطريق نفسها. في الحقيقة أن أكون كاتبة تدرب على الكتابة يقتضي ألا أكون مدرّبة تائهة، وفي هذه الحال فأنا أتكئ على الكاتبة التي بنت طريقها بكل ما امتلكته من الفطرة، وجمعته من المهارة، وأنتجته في صور من التجربة. أفكر أنني أنطلق من تدريباتي، في الكتابة، وأنا أعتمد على أمرين لا ينفصلان: أنني عملت في التعليم الأكاديمي، وهذا أكسبني مهارات لا تتوفر لغير الأكاديمي، وأنني كاتبة وليس كل معلم كاتب يكتفي بمهاراته للتدريب على الكتابة.
أظن أن الكاتب الذي يدرب على الكتابة لديه ميزة مضافة على المدرب الذي ينحدر من مرجع أكاديمي، إنه مثلما أن يكتب الروائي نظريات في الكتابة. لقد فضلت ثلاثية ميلان كونديرا في الرواية مثلاً، وتقاطعت بالأفكار مع ماركيز في حواراته مع ماندوزا في “رائحة الجوّافة”. لقد اعتمدت سيرية كتّاب وروائيين وشعراء أكثر مما فعلت مع النظريات النقدية التي لا أفكر من داخلها وأنا أكتب، بل باحتساب المسافة التي تبعدني عنها، ثم لنر هذا: صار يعتبر البعض الاحتفاظ بدفتر ملاحظات مدعاة للسخرية، بينما أدعو المشاركين أن يبدؤوا بتدوين ملاحظاتهم كخطوة أولى، وبينما يعتبر الروائي كازو إيشيغورو إنه من الغباء أن تكتب ما تعرفه، أبدأ معهم: هيا لنكتب ما نعرفه.
لنقل إذن إن النصائح، حتى في الكتابة، ليست صالحة لكل زمان ومكان، كما أن النصائح تتلف، وليست كل النصائح يمكن استعمالها، وهناك نصائح مرحلية، يستخدمها الكاتب المبتدئ، لكن المحترف يرميها.
هل يعني ذلك أنني أدرّب وأتدرب، أم أنني أكتب فأشرك معي الآخرين وأنا أكتب، بمعنى هذا الصوت الداخلي يصبح أعلى قليلا مما لو كان صرخة أو كلمة؟ ربما، أنا أفضّل أن تكون تدريباتي متتالية زمنياً، حتى أحتفظ بشعرية اللحظة، وأفضل لو كان المكان إقامة في فضاء مجاور، فنقع جميعاً، في المكان والزمان، تحت لحظة الحساسية ذاتها.
لكن هل هذا يعني أنني أؤلف قصيدتي؟ ليس كذلك وكل شخص هو نفسه، وحتى الاستنساخ كان سيعني الشخص وغيره لـ “المنتج الإنساني” لو أنّ أحدهما يطل من نافذة والآخر من الأخرى؛ الاطلالات وحدها كفيلة كي تجعلنا غيرنا، ومن هنا تبدأ حكاية القيمة لكل كاتب ولكل كتابة، ثم أنا لا أقدم نصائح، أنا أتناصح؛ أقوم بفعل مكاشف، لا تنفرد فيه الفنية في انتاج نفسها إلا بالقدر الذي لو كنت فيه وحدي لما كنت وحدي.
إننا نحن الكتّاب على الدوام نضاعف ونتضاعف، وربما تكون إحدى معاركنا هي في اتجاه الماضي، والطفولة، والرواسب، وعيّنات الالتقاط، وامتلاك المواد الخام، وباتجاه الحاضر للنظر في أبعد نقطة في داخله، وللمستقبل بما يعني التقدم عليه واستباقه، وفيما عدا ذلك، كلنا نصبح نهباً لأن ننتج الكتابة وشبهها، وفي هذا المكان يكمن تحدي الكاتب اتجاه ما يكتبه، فكيف الحال لو كنت أذهب لأقدم ذلك على شكل نصيحة!
لا أنصح من يخططون أن يصيروا كتابا أن يكونوني، إنني لن أضع الأساس لبناء أدوات حادة لقتل المغايرة، والاتيان بالجديد، وتشكل فضاء التحديث والتجريب. إنني لا أفعل ذلك مع نفسي إلا بشكل مؤقت قابل للشك على الدوام، فإن قلنا إن هناك نصائح، فهي بذور وفي داخلها ما يقتلها.
وهذا وهو يحدث، أليس كتابة، وتفكيرا، وبناء، وتفكيكاً معا؟ من قال إن التفكير منفصل عن الكتابة، أو أن الكتابة منفصلة عن التفكير؟ إنني فعلاً لا أستطيع أن أميز بين الأمرين، وهما يحدثان، إننا نكون سعداء، إننا نضحك، ونربي صداقات، وننقذ حكايات، ونغير حركة بسيطة من حركات الجسد، أو نتواطأ معها، إننا نحيا.
لدي صداقات تربت منذ أول تدريب قمت به، في قريتي في الأغوار الفلسطينية، في سنة 2007، ثم من تدريبات كانت على شكل أسفار بين مدن وجامعات، من مدينة جنين إلى نابلس إلى بيرزيت. ربما كان الأمر ألا نكون وحيدين، وربما أراد البعض منا أن يناقش رواية، وربما حتى أن ينشر كتاباً بعد سنتين أو ثلاث سنوات، وربما حتى يتأكد أنه لا يريد أن يصبح كاتباً. حصل ذلك مع الجميع. كنا نتدرب على أمر.
أتذكر أنني في سنة 2011 عدت سيراً على الأقدام، مع إحدى المتدربات واسمها ولاء، بعد تدريب في أحد أيام الخريف، مررنا من حي رفيديا، هابطتين من جامعة النجاح، باتجاه قلب مدينة نابلس، فقلت لها في طريق العودة، إنني تمنيت دائماً أن أدخل هذه المقبرة التي كانت على يسارنا، منذ كنت طالبة في الجامعة، وأن أسير بين القبور فيها، وفعلنا ذلك الذي فكرت فيه كأنه أمر بعيد ببساطة في ذلك اليوم.
برأيك، من كان يدرب الآخر، أنا أم ولاء، أم أحد الموتى؟ وعلى ماذا بالضبط، على الكتابة أم الحياة أم الموت؟ والشجر المزروع بكثافة في المقبرة، ما دوره في كل ذلك؟ هل كان أداة أم حدثاً أم فعلاً، هل كان شكاً أم إثباتاً؟
ولو سألتيني ماذا أفعل في حياتي، فسأخبرك: أنا أفكر وأكتب.
أحب المحلية وأنطلق منها في كتابتي، لكن عندما تصبح سؤالاً عن الكتابة أخاف منها، أشعر بأنها ستحولني، وأنا أجيب، إلى صحافي فكر سارماغو، وفكرت معه، بقتله، أو سياسي كانت النتيجة، انظري: لقد خسرنا كل شئ، بسبب ضيق خياله؟ لكن ربما يكون جوابي كالتالي عن لماذا الكتابة الإبداعية في فلسطين؟ أن على كل الفلسطينيين أن يكتبوا ليوثقوا تاريخهم الذي تضربه ريح النهب، كما يفعل أي أسير فلسطيني داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي، محكوم عليه بالسجن ثلاث مؤبدات، وخمسين عاما! كالأسير أسامة الأشقر الذي سيأتي عيد ميلاده الثامن وهو في الأسر، فسجلت له فيديو مدته ثلاث ثوان فقط، بطلب من خطيبته منار، قلت له فيه:
عيد ميلاد سعيد يا أسامة.
كان شرط منار أن يكون التسجيل قصيرا جدا. وكان قصيرا جدا. وأنت كشاعرة تفهمين هذا الكلام. تفهمين ماذا يحدث مع الاختصار. ومنار تفهم كيف سيشعر أسامة بهذا الاختصار، بحمولته التي سيأكلها كل صباح، لأيام، وشهور، وسنوات، وربما طوال حياته إذا لم يتعجل الفلسطينيون في الخيال وفي الواقع.
لو كنا نتحدث عن الفطر وذهبنا وقطفناه من بين الأشجار، ثم ميزنا ما يصلح منه للأكل من غيره، لعدنا متحمسين لتذوقه مع بيض وبصل، وربما فضله البعض مع الكريما، لقد ذهبنا منذ البداية للسير في التلال لأجل هذا: أن نجلس حوالي الصحن ونتذوق ما فيه! لا تنقطع رغبتي كمدربة، على الكتابة، عن رغبتي كشغوفة اتجاه الاستماع إلى القصص التي يكونها غيري، وأنا آخذهم في جولة بين الأشجار، فأنا وهم نريد فطرا نتذوقه، وربنا ندعو غيرنا لمشاركتنا، هذا هو ما طبخناه، سواء سننشره في كتاب أم سنكتفي بنشره في متصفح تفاعلي ما، وربما بقراءته بصوت عال على مسمع الجميع، فلن يسلم أي منا من هذه الرغبة، ثم عن الأحكام: هل كانت فكرتي عن طعم الفطر تشبه طعمه فعلا؟ هل هذا ما أردته وأنا أراه مسكوبا في الصحن؟ ربما لا أحب الفطر، وربما أسميه باسم آخر، كما اعتدت في طفولتي: فقع. من الفعل فَقَع. لأنه يشق الأرض ويصعد مثل لغم.
لا أخفيك، وأنت تسأليني عن ماذا أضافت ورشات الكتابة الأبداعية لي، سرا، فأنا في الحقيقة أبحث عن أشخاص أتقاطع معهم ما وجدت نفسي أفعله في حياتي كأني آكل وأشرب: أفكر وأكتب، ورشات الكتابة هي المكان والزمان كي أحدث كأني الإنسان الفعل. أنها تعطيني هذا الاحساس: أنا فعل كتابة.
لو أخبرتك أنه كتاب الأيام لطه حسين؟ حقا لا أتذكر الكتاب جيدا، لكني أتذكر إحساسي حوله، أستعيد الشعور الآن، فأظن أنه أعز كتاب عليّ، وأنه بسببه سقطت بذرة الكتابة في روحي، فولدت ما أصبح شكل وجودي حاليا، وقد يدفعني سؤالك هذا إلى العودة إلى الكتاب؛ لأبحث في داخله عن إجابة لسؤال: لماذا الأيام؟
الكتابة الإبداعية في المدرسة
بمبادرة مبدعة وخلاقة، يقوم الكاتب الفلسطيني والمعلم زياد خداش باعطاء حصص الكتابة الابداعية في المدرسة كجزء من مادة اللغة العربية، وعن هذه التجربة يقول زياد خداش:
الكتابة الابداعية ليست بديلاً عن تعليم اللغة العربية، لكنها جزء أساسي ومهم من اللغة العربية، وأكاد أتطرف وأقول بأنها تتويج هذه اللّغة، وبؤرتها، أنا لا أستطيع أن أتخيل طالباَ يفهم في القواعد ويفهم في النحو والصرف ولا يستطيع أن يصيغ جملة عربية متينة ولا يملك من الخيال ما يجعله يذهب إلى مناطق جديدة في الكتابة.
الإبداع والتغيير ليس مرتبطاً فقط باللغة العربية، ففي حصة الرياضيات، بإمكان المدرس أن يكون حداثياً ومبدعاً وتغييرياً، عملية الابداع في المدارس ليست مرتبطة فقط بمعلم اللغة العربية. حتى في حصة العلوم بإمكان أستاذ العلوم أن يكون تغييرياً ومبدعاً وحتى في حصة الرياضة. أنا لا أتحدث هنا عن البيئة التي يخلقها مدرس الرياضيات والعلوم لتقريب المادة إلى الطلاب ولتحبيبهم بها، أنا أتحدث عن الإبداع في صلب العملية التعليمية، وفي الآليات، وفي اللغة والتواصل والعلاقة مع الطالب.
كان لحصص الكتابة الإبداعية أثر كبير على مخيلتي ككاتب وأستطيع أن أقول لك بكل جرأة وبكل احترام، أني تعلمت من طلابي. عندما أطلب من طالب في الصف الخامس، أن يتخيل مشهد ما، أو يُحوِّلَ مشهداً ما إلى لغة، فإنه يحوله بطريقة ملهمة جداً تختلف عن تحويلنا لها إلى كلمات، نحن الأدباء. الطالب ليس لديه إرث لغوي، وليس لديه تراث لغوي، وفي ضوء هذه الحقيقة، يكتب الطالب من منطقة الصفاء، ومن منطقة الصدق المطلق، ومن العفوية اللذيذة التي يفتقدها الكتاب.
هناك نصيحة واحدة فقط: اقرأ باستمرار؛ تخيل باستمرار؛ لا تحجر على خيالك؛ لا تخف من أي رقابة. المجتمع مليء بالرقابات: رقابة الأهل؛ رقابة المدرس؛ رقابة الجار؛ رقابة السلطة؛ الرقابة الداخلية التي تصنع كل هذه الرقابات. حاول أن تنقي روحك من هذه الرقابات، لتكن مخيلتك حرة دائماً لتبدع. من هنا تأتي عملية الكتابة من المخيلة الجميلة والنظيفة والبعيدة عن القمع.
ختاماً، كخلاصة
ستساهم هذه التجارب وغيرها، برأيي، في اكتشاف معنى أن يكون هناك اهتمام خاص بالإبداع في المدارس والمعاهد أو خارجها، حيث نفتقد إلى مكان يحتضن المواهب. لكن يأتي السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يكون هناك مكان يستفيد من كل تلك التجارب؟
علينا أن نعيد قراءة تلك التجارب لأنها، برأيي، ستؤسس لرؤية جديدة للاهتمام بالإبداع والمدارس والمراكز المهتمة بشكل لا يجعلها آنية ومتفرقة وأحيانا فردية، بل مستدامة، توّلد أجيالاً من المبدعين.