الفصائل العراقية التابعة لإيران متمسكة بـ "وحدة الساحات"

على وقع الهجمات الاسرائيلية على مواقع عسكرية في إيران فجر 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تبدي الفصائل العراقية المسلحة التابعة لطهران إصرارها على الاستمرار في هجماتها على المواقع الاسرائيلية، إيماناً منها بمبدأ وحدة الساحات الذي ساد خصوصاً بعد الحرب على غزة، على الرغم ممّا جرّته من تداعيات على لبنان، وفي قمة ذلك، مقتل زعيم حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله وكبار قادة الحزب السياسيين والعسكريين في هجمات إسرائيلية مدمّرة.

ولا تعط تلك الفصائل تأكيد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني امتلاك الدولة قرار الحرب والسلم، أهميّة تُذكر، وهي لم تُبد أي موقف مغاير لتوجه محور المقاومة الذي تقوده إيران (يضم حزب الله اللبناني والجماعات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي)، بالإضافة إلى النظام السوري والحوثيين قي اليمن، في مواجهة اسرائيل عسكرياً عبر القصف الصاروخي او المسيرات.

ولم تتغير بوصلة الخطاب الأيديولوجي والمناهض لإسرائيل من قبل الفصائل العراقية المسلحة، مثل “كتائب حزب الله”، و”حركة النجباء”، التي تركز على مواكبة التطورات العسكرية ومواصلة مهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية تارة والسورية تارة أخرى.

ولم يتأخر رد فعل الفصائل الشيعية على تصريحات السوداني بتأكيدها أن العراق بلد محتل ومسلوب السيادة، وبناء على ذلك فإن قرار السلم والحرب بيد فصائل المقاومة، وأن تصريح رئيس الوزراء لا قيمة له، وخصوصاً أن الفصائل تعد جزءاً مهماً وأساسياً في الحكومة الحالية، ولها دور كبير في اختيار السوداني الذي كان توليه المنصب ثمرة توافق القوى السياسية الشيعية المنضوية في “الإطار التنسيقي”، ومن ضمنها الفصائل المسلحة التي زادت في الآونة الأخيرة من استخدام لغة دينية تعتبر مقاومة إسرائيل “واجباً دينياً”، وتضع المواجهة مع إسرائيل ضمن إطار “الجهاد” لتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية، كما تنشط بشكل دوري في إظهار الدعم السياسي والعسكري للمقاومة الفلسطينية، وتعد نفسها شريكاً استراتيجياً لحركات المقاومة.

ولم تخف القوى العراقية المنضوية في “جبهة المقاومة الإسلامية” في العراق استعدادها للانخراط في مواجهات أوسع ضد إسرائيل في حال المواجهة الشاملة في الشرق الاوسط، إلى حد القتال بشكل مباشر إلى جانب حزب الله في لبنان أو الفصائل الفلسطينية داخل فلسطين.

وتعتمد الفصائل العراقية المسلحة بشكل كبير على الدعم الإيراني، سواء لجهة التسليح أو التدريب أو التمويل، وهذا الاعتماد جعل موقف الفصائل العراقية متطابقاً تقريباً مع موقف إيران تجاه إسرائيل، والذي يقوم على دعم المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي ومعارضة أي محاولات للتطبيع مع تل أبيب.

وتعد إيران الداعم الرئيسي للفصائل العراقية المسلحة، ولذلك فإن الهجوم إلاسرائيلي على مواقع إيرانية أو حلفائها في سورية أو العراق، غالباً ما يدفع هذه الفصائل إلى التصعيد ضد إسرائيل، إذ أعلنت العديد من الفصائل العراقية، مثل “كتائب حزب الله” و”حركة النجباء”، أن الهجوم على إيران أو سورية يعتبر بمثابة هجوم عليها، وسترد عليه بالمثل، وخصوصاً أن هناك تنسيقاً عالي المستوى بين الفصائل العراقية والقوى الأخرى في “محور المقاومة”، بهدف تعزيز القدرة المشتركة على مواجهة أي تهديد إسرائيلي.

وتحاول الحكومة العراقية بشتى الطرق الحفاظ على حيادها إزاء الصراع العربي الإسرائيلي، لكنها تتعرض لضغوط كبيرة من قبل الفصائل المسلحة المدعومة من إيران لاتباع سياسة معادية لإسرائيل، فضلاً عن الضغوط في البرلمان وفي الشارع السياسي حيث لتلك الفصائل تأثير قوي، مما يجعل موقف العراق الرسمي من إسرائيل متأثراً بهذه الفصائل إلى حد ما.

وفي ظل التوترات المستمرة بين إيران وإسرائيل، يمكن التوقع بأن الفصائل العراقية المسلحة ستظل في حالة استعداد لأي قرار يصدر عن طهران في حال رغبتها بالرد على الهجمات الاسرائيلية، إلى جانب مواصلة هذه الفصائل دعمها للفصائل الفلسطينية وحزب الله.

ويعكس موقف الفصائل العراقية المسلحة من أي هجوم إسرائيلي على إيران التزامها الأيديولوجي والعسكري بالدفاع عن محور المقاومة بكل الوسائل، سواء عبر دعم المقاومة الفلسطينية أوتوسيع التصعيد العسكري المباشر في حال تعرضت مصالحها أو حلفائها للهجوم.