استنفار وتوجس في العراق بعد تقدم المعارضة السورية
لم تتاخر الحكومة العراقية عن استنفار جهدها الأمني والعسكري توجساً من تأثير تقدم المعارضة السورية في مناطق سيطرة النظام.
فبغداد التي مازالت تجربة سقوط أغلب المدن السنية بيد تنظيم “داعش” في 2014 ماثلة للعيان، تبدو متأهبة بعدما استوعبت الدرس جيداً، ومتوثبة للرد على أي انهيار قد يحصل على خلفية مايجري من أحداث أمنية في سورية في الأيام الأخيرة عقب سيطرة هيئة تحرير الشام على أجزاء واسعة من البلاد من ضمنها حلب ومن ثمة حماة، مقابل انهيار عسكري حكومي.
وتزامن الهجوم مع مرحلة حرجة يمر بها الشرق الأوسط بعد توقف اطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب قوات النظام في سورية.
وترسم الأحداث الأمنية في سورية حالة من التهديدات على عدة صعد للعراق، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً دولياً ومحلياً لتعزيز الاستقرار في البلاد، والحيلولة دون اندفاع الفصائل المسلحة العراقية للمشاركة في القتال الى جانب النظام السوري.
استعدادات أمنية
ويضاعف استمرار التوتر في سورية من تهديدات الجماعات المسلحة مثل “داعش”، التي قد تسعى إلى إعادة تنظيم صفوفها عبر الحدود بين العراق وسورية.
فالنزاع السوري يعزز نشاط التنظيمات المتطرفة التي قد تجد ملاذاً آمناً في المناطق الحدودية بين العراق وسورية، وبالتالي تهديد استقرار العراق.
أمام هذه الاحتمالات، سارعت السلطات إلى اتخاذ سلسلة من التدابير والاجراءات الأمنية التي شملت تعزيزات عسكرية وأبراج مراقبة ومفارز حدودية وأسلاك شائكة مكهربة وسيطرة شبه كاملة على الأنفاق والممرات السرية، وحواجز كونكريتية إلى جانب اعلان القيادات العراقية عن اغلاق الحدود وسد الثغرات.
مخاوف سياسية
ومن المرجح ان تنعكس الاحداث السورية وما تثيره من استقطابات اقليمية على العراق الذي يسعى الى توازن علاقاته مع إيران والولايات المتحدة وتركيا، وقد يواجه تحديات بإدارة علاقاته مع هذه الأطراف في ظل التوترات المتصاعدة في سورية.
وقد تشهد السياسة العراقية انتقالة نوعية في كيفية التعامل مع اللاعبين السوريين، كالحكومة السورية أو الفصائل المسلحة في المناطق الحدودية، وخصوصاً في حال تدخلت الفصائل العراقية المسلحة بالقتال في سورية، وبالتالي فإن ذلك يستدعي من العراق التعامل بحذر مع هذه المسألة لتجنب المزيد من التأثيرات السلبية.
وتحمل مطالبة قوى الإطار التنسيقي بانسحاب القوات الأميركية المتواجدة في العراق تداعيات سلبية خاصة في الفترة الحالية على أمن العراق في ظل الاحداث التي تشهدها المنطقة؛ فالعراق بحاجة إلى جهد استخباراتي ودعم على أعلى المستويات من قبل الطيران الأميركي وقوات التحالف في حال حدوث أي خرق للتصدي للتنظيمات المسلحة، ولاسيما أن الأخطار كبيرة في حال خروج القوات الأميركية من العراق العام المقبل، وتشكيل تحديات أمام الحكومة العراقية في موضوع الأمن وإثبات قدراتها.
ويبدو أن تركيا هي المستفيد الأكبر مما يجري حالياً فبعد السيطرة على حلب، والتي تُعد حلفائها لتنفيذ عملية عسكرية على الأغلب في مناطق منبج وتل رفعت في شمال سورية، ويخشى العراق أنه في حال نجحت تركيا في ذلك، فإنها قد تمضي قدما في عملياتها العسكرية في شمال العراق، وربط الحدود العراقية بالحدود السورية، وبناء حزام أمني يمتد من العراق إلى البحر الأبيض المتوسط وبعمق ٣٠ كم، كما صرح بذلك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أخيراً.
وفي المقابل، تُعد إيران تالخاسر الأكبر من كل ما يجري، على وقع استنزافها على أكثر من جبهة، الأمر الذي يجعلها في موقف حرج، قد يدفعها الى تعميق وتعزيز تواجدها في العراق وتمتين نفوذها كونه المجال الجغرافي الأقرب لأمنها القومي.
والى جانب إيران، تعمل روسيا على تعزيز دورها في العراق من خلال إسهامها في منع شن هجوم إسرائيلي داخل العراق،عبر الموقف الذي أبداه الكرملين الروسي.
أزمة لاجئين
وتبدو نسبة حدوث مخاطر أزمة لاجئين مرشحة للارتفاع مع احتمالات تدفق اللاجئين السوريين إلى العراق، مما يشكل عبئاً إضافياً على الموارد والقدرات الإنسانية، وخصوصاً في المناطق الحدودية.