ما خسره "حزب الله" وما قد تربحه إسرائيل أو تخسره
التوقعات عن قرب بلوغ إسرائيل وحزب الله (ومن خلفه الدولة اللبنانية) اتفاقاً لوقف إطلاق النار، بدأت تتكشّف بنوده تواتراً وتباعاً في الأوساط الإعلامية، ويُقال إنّ “حزب الله” قد وافق على بنوده.
بنود الاتفاق
قوام الاتفاق 10 بنود وهي الشكل التالي أدناه:
– وقف إطلاق النار وتحديد موعد لبدء الالتزام به وتحديد التاريخ، لحظة إبرام الاتفاق.
– دخول الجيش اللبناني إلى الجنوب على مراحل. فيدخل في المرحلة الأولى 5 آلاف جندي.
– الجيش اللبناني هو الجهة الشرعية الوحيدة والمخولة التحرك عسكرياً ويكون السلاح محصوراً به.
– توفير الدعم اللازم للجيش لضبط المعابر الحدودية ومنع إدخال الأسلحة.
– تعزيز وتفعيل دور قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل).
– انسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من المناطق التي دخل إليها.
– يتولى الجيش عملية المسح لعدم وجود أسلحة خارج سيطرته في الجنوب.
– تشكيل لجنة لمراقبة آليات تطبيق القرار 1701 والتي ينص المقترح على إدخال ألمانيا وبريطانيا إليها. وهو ما يرفضه لبنان برفض توسيع اللجنة والاكتفاء بفرنسا وأميركا.
– ضمانات بعدم حصول أي اعتداء إسرائيلي على لبنان براً وبحراً وجواً.
– بعد فترة ستين يوم من وقف إطلاق النار يتم تفعيل عمل اللجنة الثلاثية التي تضم لبنان، إسرائيل وضابط من اليونيفيل للبحث في تثبيت ترسيم الحدود البرية ومعالجة النقاط الـ13 العالقة.
خسائر حزب الله
تنفيذ هذه البنود كاملة، أو جزئياً يعني أن إسرائيل استطاعت بمساعدة الولايات المتحدة، كسر “حزب الله” وإجباره على الإذعان بعد حرب مدمّرة لم تتوقف، وحيّدت قيادات الصف الأول والثاني في الحزب. كما يعني تنفيذها كذلك، أن الحزب قد خسر مجموعة كبيرة من الأوراق، يمكن اختصارها بالتالي:
1 – خسارة شعار تحرير القدس: بعد هذه الحرب يستحيل على “حزب الله” رفع هذا الشعار بعد الآن، لأن الحرب أدت إلى فصل المسارات بين لبنان وفلسطين، وخصوصاً أن وقف إطلاق النار في لبنان كان قد ربطه الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله بوقف الحرب بغزة وهذا لم يحصل.
2 – خسارة وحدة الساحات: أظهرت هذه الحرب أن هذا الشعار لم يكن إلاّ وهماً، وخصوصاً بعد أن حيّدت سورية نفسها تحت وقع التهديد، وكذلك تراجع الدعم اليمني (جماعة عبد الله الحوثي) نتيجة الضربات التي تعرّضت لها من حلفاء إسرائيل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ناهيك عن عجز الميليشيات العراقية عن تقديم أيّ دعم للحزب بسبب البُعد الجغرافي، وكذلك بسبب التململ العراقي الرسمي والروحي، وخصوصاً بعد الفتوى التي أطلقها المرجع العراقي الشيعي علي السيستاني، والتي قضت بطلب تسليم سلاح الميليشيات للدولة العراقية.
3 – خسارة الحاضنة الشعبية: تلك الحاضنة التي تجاهر بدعم الحزب وحربه في العلن ولكنّها تتألم في السرّ وتتحسّر على فقد “جنى العمر” من مؤسسات وممتلكات، قدر خسائرها البنك الدولي إلى اليوم بنحو 8,5 مليارات ولار. فبيئة الحزب لم تعد قادرة على التحمّل أكثر من ذلك، إذ في كل غارة تنفذها القوات الجوية الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية، تشرّد ما لا يقل عن 10 عائلات وتتركهم بلا مأوى، ومن دون أفق واضح حول إعادة الإعمار في ظل دولة مفلسة ومسادعات عربية وغربية مشروطة بالإصلاحات.
4 – خسارة بروباغندا الردع: تلك الدعاية التي أوهم اللبنانيين بها على مدى سنوات، لدرجة ان أشد الخصوم للحزب صدقوها، ظناً منهم أن “حزب الله” قد يمتلك أسلحة مضادة للطيران. لكن هذه الحرب أثبتت أنّ هذا الكلام لا صحة له.
أرباح إسرائيل وخسائرها
أما عن احتمالات توقّف الحرب، فيمكن القول إنّها مرتفعة، وذلك للأسباب التالية:
في هذا التوقيت، تستطيع اسرائيل وقف الحرب، وبالتالي القول “حققت أهدافي”، لأنّ الاتفاق سيعيد المستوطنين الاسرائيليين إلى الشمال، وسيوقف القتال، وهذا بدوره سيسمح لتل أبيب بالقول: لقد قتلت قيادات الحزب وحققت جميع الأهداف العسكرية في الجنوب والضاحية، وخصوصاً إذا كان هدفه التالي قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، هو التفرّغ لإيران.
في المقابل، فإن الاستمرار في الحرب، سؤدي غلى خسارة حجة “الانتصار” الذي سيتبدّد مع الوقت ويتآكل مع توالي المواجهات في الجنوب.
الصمود والدبلوماسية
صمود حزب الله في الجنوب، سيؤخر تقدم إسرائيل كثيراً. وسيأكل الحزب من صحن هذه الادعاءات مع الوقت، وخصوصاً إذا ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي مع كل تقدم في عمق الأراضي اللبنانية.
أما ديبلوماسياً، فإن إبلاغ الحكومة اللبنانية واشنطن موافقة “حزب الله” على اتفاق وقف إطلاق النار، وفقا مصادر مطلعة، يرمي الكرة في ملعب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.