عودة بهاء الحريري تُشرذم المستقبل وتُبعثر السُنّة

يحل بهاء الحريري، نجل رئيس الوزراء الأسبق الراحل رفيق الحريري، ضيفاً في بيروت، وذلك في زيارة يقول إنّها ستستغرق نحو أسبوعين، يجري خلالها زيارات للمناطق ويعقد اللقاءات مع الفاعليات البيروتية والسنية. الهدف المعلن من الزيارة هو “دعم الطائفة السنيّة” وإعادة إحيائها من جديد بعد “تعليق” شقيقه سعد الحريري العمل السياسي، وبالتالي إدخال الزعامة السنّية فيما يشبه “الغيبوبة”.

المعلومات، تفيد بأنّ بهاء الحريري ينوي العمل في لبنان على 3 مستويات، هي:

–  المستوى التنموي: إنشاء “جمعية” من أجل الأعمال التنموية.

– المستوى السياسي: إنشاء حزب جديد أو تيار سياسي سيطلق عليه اسم “المسار”.

– المستوى الخدماتي: وضع آلية وظيفتها ملاحقة قضايا الناس في إدارات الدولة (خدمات).

يقوم فريق عمل بهاء الحريري بتجميع النخب والكفاءات السنية حوله، كما يعمد إلى تجميع أكبر قدر ممكن من أرقام الهواتف وفتح خطوط تواصل معهم، وخصوصاً مع كوادر “تيار المستقبل” الذي يرأسه شقيقه الأصغر سعد الحريري (رئيس الحكومة الأسبق) الذي يعلّق عمله السياسي منذ قرابة سنتين بعد خلاف مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

رهانات الخارج

ينفي باء الحريري في مجالسه أن تكون زيارته نابعة من ذاته، ويؤكد أن تحركه حائز على غطاء أميركي – بريطاني – فاتيكاني – سعودي (سعودي بلا دعم ولكن من دون ممانعة).

ويردّد بهاء الحريري في الحلقات الضيقة التي عقدها في كل من بيروت وفي طرابلس، أنّه بالتعاون مع الفاتيكان، سوف يعمل في المرحلة المقبلة على: إعادة الاعتبار لـ “اتفاق الطائف”.

يكشف بهاء الحريري كذلك أن الفاتيكان يعتبر أن المسيحيين في لبنان باتوا بحاجة إلى “وصاية” بعد أن انتهجوا مساراً سياسياً قد يعود عليهم بالخطر الوجودي، وخصوصاً بعد تبني خطاب الانفصال والفدرالية، وهذا ما يفسر تزامن زيارة بهاء الحريري مع زيارة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان، والتي إلتقى خلالها بالقيادات الروحية المسيحية والإسلامية.

ويؤكد بهاء الحريري أنه على توافق وتنسيق مع الفاتيكان من أجل استعادة “تحالف رفيق الحريري مع البطريرك صفير” (تحالف جمع السنة مع المسيحيين قبل اغتيال الحريري الأب في اسنة 2005)، وذلك من أجل إعادة جمع المسيحيين ولمّ شملهم بغية “خلق توازن جديد”. وفي المقابل يكون دور بهاء الحريري خلق زعامة سنية جديدة من أجل إحياء هذا التوازن، وخصوصاً أن إيران في نظر بهاء الحريري “ذاهبة إلى تغيير في سياستها الخارجية، بعد مقتل ابراهيم رئيسي”، ولهذا يعتبر أن فوز الاصلاحيين المقبل في إيران هو مؤشر على هذا التغيير.

يقول بهاء الحريري كذلك، إنّ ثمة تحضيرات أوروبية من أجل التصدي للإيرانيين وذلك من خلال تجمع الثلاثي الأوروبي (E3): بريطانيا – فرنسا – ألمانيا، بشأن مسألة تشديد العقوبات على إيران، وذلك بعد ثبات إخلال طهران بالاتفاق النووي. ويرى أن الضغوط على إيران عبر الملف الباكستاني سيشتد في المرحلة المقبلة، وكل هذا سوق يدفع إيران في نظره إلى “الانخراط بحلول شبه سلمية” في المنطقة. أمّا عن الدعم السعودي له، فيؤكد أنّ الرياض ليست ضد تحركاته اللبنانية، وأنه على تواصل معها.

صراع يدفع السُنّة ثمنه

على الرغم من هذه التأكيدات فلا مؤشرات توحيه بصحة ذلك، إلا أن هذا التحرّك بدأ يثير القلق في نفوس القيمين على “تيار المستقبل” (حزب شقيقه سعد). ولهذا، يؤكد الأمين العام لـ “تيار المستقبل” أحمد الحريري (ابن بهية الحريري، عمة سعد وبهاء) في مجالسة الخاصة ودوائره الضيقة، أنه لن يقف مكتوف الأيدي خلال الانتخابات النيابية المقبلة بل سيخوضها مع “تيار المستقبل”، حتى لو قرّر رئيس الحزب (سعد الحريري) الاستمرار في تعليق عمله السياسي.

ويخبر أحمد الحريري مناصريه في المجالس المغلقة، أنه سيشكل لوائح انتخابية بلا سعد، وبالتحالف مع ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” في بيروت وصيدا والبقاع وعكار. ويؤكد للمقربين منه بأن الوقت قد حان ليكون هو الوريث الشرعي لـ “تيار المستقبل” وليس بهاء الحريري، وهذا يعني أن المرحلة المقبلة قد تشهد صراعاً سياسياً بين أبناء البيت والحزب الواحد، بينما الثمن الباهظ من كل هذا الصراع ستدفعه الطائفة السنيّة نفسها نتيجة تشرذم أصواتها بين مؤيد لعائلة الحريري بأجنحتها المتفرعة، وبين المؤيدين لـ “حزب الله” وحلفائه من جماعة الإسلام السياسي مثل “الجماعة الإسلامية” التي تلقى رواجاً لافتاً في الشارع السنّي بعد “طوفان الأقصى” في غزة، وأيضاً مثل “الأحباش” الذين سيستفيدون أيضاً من أجل زيادة مقاعدهم الانتخابية في أي انتخابات نيابية مقبلة.

 

كل هذا بدافع إبعاد شبح “الإسلام السياسي” عن الطائفة السنية واحتمال اختراقها بواسطة “الإخوان المسلمين” المتحالفين مع “حزب الله” في الميدان وفي السياسة.