دلالات القصف الإيراني على أربيل واحتمالاته
تسبب القصف الصاروخي الذي قام به الحرس الثوري الايراني واستهدف مدينة أربيل، عاصمة كردستان العراق، باهتزاز نادر في العلاقات العراقية – الإيرانية منذ سوقط نظام صدام حسين بعد الغزو الأميركي للعراق في سنة 2003.
أزمة حقيقية أم عابرة
تمر العلاقة بين بغداد وطهران بأزمة على وقع عدم اهتمام إيران وتجاهلها للسيادة العراقية من خلال تعاطيها مع قضايا حساسة من بينها عدم ضبط الحدود وتحميل العراق مسؤولية تحرك المعارضة الايرانية الكردية عبرها من جهة، أو توجيه أصابع الاتهام لحكومة اقليم كردستان بتوفير ملاذ آمن للموساد الإسرائيلي، والذي قالت إيران أن القصف الصاروخي استهدفه، علماً أن هذه القصف أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين العراقيين.
قد تجر الأزمة الراهنة، على الرغم من مساعي تطويقها من قبل أطراف عراقية فاعلة، إلى انزلاق العلاقات نحو منعطفات قد تكون خطيرة مستقبلاً، وخصوصاً في ظل التنديد واسع النطاق من قبل الحكومة العراقية وأحزاب سياسية وفصائل مسلحة، تربط بعضها صلات وثيقة بطهران، الأمر الذي يشير إلى حجم الإحراج الذي سببته الضربة العسكرية الإيرانية، ولا سيما سقوط مدنيين بسببها. لكن من المعروف أيضاً أن إيران تملك نفوذاً واسعاً في مراكز صنع القرار السياسي والعسكري العراقي، الأمر الذي يُسهل تهدئة الأجواء وتجاوز ما حصل.
اختبار لحكومة السوداني
الهجوم الإيراني على اقليم كردستان، يُمثل أول اختبار جدي لحكومة السوداني بشأن طريقة تعاطيها مع إيران ذات النفوذ الواسع والمؤثر، ولا سيما اتجاه هجوم من هذا النوع والحجم، إذا ما علمنا أن طريقة تعاطيها مع الهجمات العسكرية الأميركية مفهومة كونها منسجمة مع المواقف السياسية للأحزاب السياسية الشيعية والقوى المسلحة التي تعادي التواجد الأميركي أو تلك الهجمات التي تشنها تركيا على مواقع المعارضين الأكراد في شمال العراق، لكن الحكومة العراقية لن تمضي كثيراً في المواجهة مع طهران، على الرغم من أنها توجهت باحتجاج شديد اللهجة إلى القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بغداد واستدعت السفير العراقي في طهران للتشاور.
ومن الممكن أن يؤدي استمرار لجوء إيران لاستراتيجية القوة المسلحة مستقبلاً، إلى إعادة النظر من قبل الحكومة العراقية بمستوى العلاقة بين البلدين، ولا سيما أن المناوئين لطهران سيعملون على تحشيد الشارع العراقي ضد النفوذ الإيراني والضغط على الحكومة للرد، مع أن الحكومة الحالية تمثل ثمرة توافق أطراف مكونة لإاطار التنسيقي المقرب من إيران أساساً.
وقد يعجل استمرار طهران في استخدام سياسة القوة المنفلتة في العراق، في ارتفاع منسوب الشحن بين شارع معارض وآخر يمثله موالون للحرس الثوري الإيراني ذو التأثير الكبير في السياسة العراقية، وبالتالي احتمال التسبب بصدامات تهدد الأمن القومي العراقي، وتعزز من قبضة تلك الفصائل التي يتجاوز عددها 34 فصيلاً، جميعهم مرتبط بإيران.
دلالات قصف أربيل واحتمالاته
1 – يمثل القصف الصاروخي الذي قام به الحرس الثوري الإيراني انتهاكاً واضحا لميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد عدم اللجوء للقوة حال وجود نزاعات بين الدول والذهاب إلى الجهود الدبلوماسية مثلما ينص ميثاق الأمم على ذلك.
2 – تدلل اتهامات طهران بوجود وجود شبكات تجسس للموساد الإسرائيلي، على الرغم من نفي بغداد والأجهزة الأمنية العراقية، على ضعف المصادر الاستخبارية الايرانية وعدم تأكدها من المعلومات.
3 – يمثل الهجوم الإيراني على أربيل، هروباً واضحاً من الأزمات الداخلية الإيرانية، عبر شن هجمات في الخارج، وبهدف شوح النظر عمًا يحدث داخل إيران.
4 – كان رد فعل بغداد بمثابة إشارات واضحة نحو وجود موقف فيه نوع من الاستقلالية والتحرر من تأثير النفوذ الإيراني عبر سلسلة الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية، الأمر الذي يثير المخاوف من تدهور العلاقات بين البلدين، والتي شهدت تطورا خلال السنوات الماضية.