حزب الله وآفاق ما بعد الحرب داخلياً وخارجياً

يؤكد المسؤولون في حزب الله في مجالس خاصة أن معركة “طوفان الأقصى” وتداعياتها على جميع الجبهات المساندة حققت نتائج استراتيجية مهمة، بدأت تبرز في العديد من الملفات الداخلية والخارجية، وأن تطورت لمصلحة القضية الفلسطينية سوف تظهر في المرحلة المقبلة، على الرغم من التضحيات الكبيرة للشعب الفلسطيني جراء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في فلسطين، وحرب التدمير ضد جنوب لبنان.

وعلى الرغم من أهمية المعركة العسكرية التي يخوضها حزب الله في مواجهة الجيش الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية في إطار دعم الشعب الفلسطيني وللرد على الإعتداءات فإنها لم تُشغل قيادته عن الإهتمام بالملفات الأخرى الدبلوماسية والسياسية والثقافية والإجتماعية والفكرية؛ فقيادات حزب الله ومؤسساته المختلفة منكّبة حالياً على استكمال إعداد ملفات اليوم التالي، والتي ستكون على طاولة البحث عندما تتوقف المعركة العسكرية: سواء على جبهة غزة، أو الجبهات الأخرى، ومنها الجبهة الجنوبية، ولاسيما أن قيادة الحزب مطمئنة إلى أن هذه المعركة ستنتهي لمصلحة قوى المقاومة، على الرغم من الوحشية الإسرائيلية وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والتدمير المستمر في غزة وفي جنوب لبنان.

فما هي أبرز الملفات التي تتابعها قيادات حزب الله ومؤسساته السياسية والفكرية والتربوية والاجتماعية؟

الرئاسة اللبنانية

يستمر المسؤولون في حزب الله بمواكبة المعركة الرئاسية في لبنان عبر اللقاءات المختلفة والإتصالات مع مختلف القيادات اللبنانية، مع العلم أن الحزب لا يزال يتمسك بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سعياً لتأمين وصوله لموقع الرئاسة الأولى، وليس لديه حالياً أي خيار آخر، على الرغم من كثرة العروض التي قُدّمتها جهات داخلية وخارجية، وهو جاهز للحوار بشأن هذا الملف، ويستغرب استمرار تمسك بقية الأطراف بمواقفها السابقة، على الرغم من المتغيرات الداخلية والخارجية.

الخطاب التحريضي

أحد أهم الملفات السياسية الداخلية التي تشغل بال قيادة حزب الله، ما يجري على الصعيد المسيحي لجهة ازدياد الخطاب التحريضي والتخوف المستمر من دفع الأوضاع نحو حرب أهلية جديدة. ويجري المسؤولون في حزب الله اتصالات ولقاءات بعيداً عن الأضواء مع مختلف القيادات المسيحية الدينية والسياسية لبحث هذه المسائل ودراسة كيفية معالجة خطر الخطاب التحريضي والمتطرف وكيفية تحصين الوضع الداخلي. كما يبجث المسؤولون في حزب الله الرؤية التي يمكن اعتمادها مستقبلاً على صعيد العلاقات الاسلامية – المسيحية.

العلاقات الإسلامية – الإسلامية

في الوضع الإسلامي – الإسلامي، فإن قيادة حزب الله مرتاحة ومطمئنة للتطور الإيجابي في العلاقات مع الجماعة الإسلامية والعديد من القيادات الإسلامية، وتراجع الخطاب المذهبي، وهي تعمل لتطوير هذه العلاقات في جميع الاتجاهات السياسية والفكرية والاجتماعية في مختلف المناطق اللبنانية.

العلاقات الدبلوماسية

على الصعيد الدبلوماسي يستقبل المسؤولون في الحزب العديد من الوفود الدبلوماسية كما يتلقون رسائل غير مباشرة من بعض الجهات الدولية، والتي تتركز على تطبيق القرار 1701 ووقف الحرب على الجبهة الجنوبية وكيفية مقاربة الملفات الداخلية، والجواب الموّحد للجميع: لا بحث في أي ملف يتعلق بجبهة الجنوب قبل وقف الحرب في غزة؛ في هذا المجال، فإن حزب الله ينسّق مواقفه مع الحكومة اللبنانية ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويرفض المقايضة بين الملف الرئاسي والشأن الداخلي وبين ملف الجنوب ودعم الشعب الفلسطيني، علماً من العروض المغرية التي تقدّم له.

احتياجات الجنوب وإعادة الإعمار

يواصل حزب الله معالجة ملف النازحين من الجنوب وتأمين إحتياجاتهم ومعالجة همومهم المختلفة، فضلاً عن بحث كيفية إعادة إعمار المناطق التي تتعرض للتدمير بسبب القصف الإسرائيلي، وليس لدى الحزب حالياً رؤية نهائية، وذلك بإنتظار وقف الحرب، لكن الخيارات متعددة، وهناك فرق متخصصة ستتولى هذا الملف عند وقف الحرب.

التضامن الدولي مع فلسطين

إلى جانب الهموم السياسية والأمنية فمؤسسات الحزب مشغولة أيضاً في مواكبة التطورات الدولية، وخصوصا التعاطف الكبير مع القضية الفلسطينية في الجامعات الأميركية، وما سيتركه من إنعكاسات على الصعيد الدولي، وكذلك البحث في كيفية التفاعل مع جميع المتعاطفين مع القضية الفلسطينية والرافضين للسياسات الأميركية والإسرائيلية.

اجتماعياً وتربوياً وفكرياً

كما تتابع بعض مؤسسات حزب الله الملفات الاجتماعية والتربوية والفكرية، وخصوصاً التحديات الإجتماعية التي برزت في السنوات الأخيرة، مثل انتشار الخطاب الداعي لنشر المثلية الجنسية والجندر الاجتماعي. وفي هذا السياق نظّمت جامعة المعارف مؤتمراً دولياً تحت عنوان: “تمكين ألأسرة، التأسيس الاجتماعي للحضارة الإنسانية”، شاركت فيه شخصيات فكرية ودولية من العديد من الدول، وتم بحث كيفية مواجهة الحملة الداعية لتفكيك الأسرة عالمياً. كما تجري مراكز الدراسات التابعة للحزب دراسات وإحصاءات عن الأوضاع الإجتماعية والتربوية، بعيداً عن الإعلام لتقييم الواقع الإجتماعي والتربوي وبحث كيفية مواجهة انتشار بعض الظواهر السلبية على الصعيد الاجتماعي والتربوي

خلاصة

في الخلاصة فان حزب الله يعتبر ان معركة “طوفان الأقصى” وتداعياتها، فتحت الباب واسعاً أمام مرحلة جديدة سياسياً وأمنياً وتربوياً ودبلوماسياً وفكرياً واجتماعياً، ومن المهم مواكبة هذه المعركة التي سيكون لها تداعيات مهمة في المرحلة المقبلة.