تحديات الرسوم الجمركية الأميركية على الأردن وفرصها
شكل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة الرسوم الجمركية على واردات الكثير من الدول، ومنها الأردن، حدثاً بارزاً على صعيد الاقتصاد العالمي.
نسبة هذه الرسوم على واردات المملكة الأردنية، والتي حددت بـ 20%، أثارت العديد من التساؤلات بشأن الآثار المحتملة لتلك الرسوم الجديدة، وكيف يمكن تخفيف أو تجنب آثارها السلبية، والاستفادة من الآثار الإيجابية أن وجدت، وخصوصاً مع ارتفاع الدين العام للمملكة الذي يقارب 117% من الناتج الإجمالي الذي يقارب 51 مليار دولار، ومحاولات الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناها الحكومة الأردنية.
حجم التبادل التجاري
شهدت الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً في سنة 2024، وسجلت 2,044 مليار دينار أردني من كانون الثاني/ يناير حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ، أي ما يعادل 2,8 مليار دولار، في مقابل 1,779 مليار دينار/ ما يعادل 2,4 مليار دولار، في الفترة نفسها من سنة 2023. وهذه الأرقام تشير إلى أن الميزان التجاري للأردن مع الولايات المتحدة حقق فائضاً بمقدار 910 ملايين دينار (1,246 مليار دولار).
وتتركز الصادرات الأردنية للولايات المتحدة على الألبسة وتوابعها، والأسمدة، ومحضرات الصيدلة، والحلي والمجوهرات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والمنتجات الحيوانية والمواد الغذائية، وبعض الصناعات الهندسية، بينما تستورد الأردن من الولايات المتحدة، منتجات معدنية وآلات ومعدات نقل وأجهزة كهربائية، وحبوب ومنتجات كيماوية وأجهزة طبية، ومنتجات الصناعات الغذائية ومنتجات حيوانية، وعجينة الخشب، والأثاث، والألبسة المستعملة والزيوت والدهون.
وترتبط الأردن والولايات المتحدة باتفاقية للتجارة الحرة تم توقيعها في سنة 2000، ودخلت حيز التنفيذ في سنة 2010، وقد ساهمت هذه الاتفاقية في رفع التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 800%.
القطاعات المتأثرة
يعد قطاع الألبسة أكثر القطاعات المتأثرة برفع الرسوم، إذ بلغت الصادرات الوطنية من الألبسة للولايات المتحدة 63% في سنة 2024، تليها الحلي والمجوهرات بنسبة 24%. وبلغت نسبة الآلات والأجهزة 3,9%، والأسمدة 3,8 %.
ويعمل في قطاع النسيج والملابس حالياً نحو 70 ألف عامل معظمهم من النساء، وفي ظل الرسوم الجديدة يمكن أن تفقد المنتجات الأردنية قدرتها التنافسية مع دول مثل بنغلاديش وفيتنام، التي تتمتع بإعفاءات جمركية، وتكاليف انتاج أقل. وذلك من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الطلب وتراجع الإيرادات، ويسبب ارتفاع معدلات البطالة في محافظات مثل الزرقاء وأربد التي تتركز فيها المنشآت الصناعية.
وبالنسبة للمناطق الاستثمارية في الأردن، فإن هذه الرسوم يمكن أن تقلص قدرة هذه المناطق على جذب الاستثمارات، ولا سيما مع إمكانية انتقال المستثمرين إلى دول تمتلك تكاليف تشغيلية أقل، كما أن من شأن ذلك أن يضعف الثقة في البيئة الاستثمارية ككل، وهي تعاني أصلاً من ندرة الموارد وتحديات بيروقراطية، وغيرها.
التحديات والاحتمالات والفرص
يُطرح السؤال هنا عن التحديات والاحتمالات والفرص الناشئة عن هذا التطور المؤثر على الاقتصاد الأردني، وهنا يمكن تخيل 3 سيناريوهات:
الأول أن تقوم الأردن بالرد بالمثل على هذه الرسوم، وهو سيناريو غير واقعي، فواردات الولايات المتحدة من الأردن يمكن تعويضها من دول أخرى تصنّع نفس هذه الواردات وبتكلفة أقل، مثل بنغلادش والهند وفيتنام.
السيناريو الثاني يتمثل بالرد قانونياً على زيادة الرسوم الأميركية من خلال عدة آليات وقنوات. فبالرجوع إلى اتفاقية التجارة الحرة الأردنية الأميركية، يمكن للأردن اعتبار ذلك انتهاكاً لهذه الاتفاقية، والتقدم بشكوى رسمية لمكتب الممثل التجاري الأميركي، كما يمكن أن تطلب الأردن حسب الفصل 15 من الاتفاقية، لجنة تحكيم تقوم بفحص مدى توافق الرسوم مع التزامات الولايات المتحدة بموجب الاتفاقية.
السيناريو الثالث يتمثل بالتحرك عبر التحالفات الإقليمية والدولية من خلال التنسيق مع بعض الدول العربية والإسلامية المتضررة من السياسات الأميركية بمسألة الرسوم وذلك يمكن أن يعزز الموقف التفاوضي للأردن.
لكن بغض النظر عن تلك السيناريوهات، فيمكن للأردن أن يحول التحديات الناشئة عن الرسوم الأميركية الجديدة إلى فرص من خلال استراتيجيات ذكية، مثل زيادة تنويع المملكة لأسواقها التصديرية عن طريق البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها، مثل الأسواق العربية (كدول الخليج على سبيل المثال لا الحصر) أو الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق آخر يمكن البحث عن قروض أو منح ميسرة من البنك الدولي أو بعض الدول كالولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي من أجل تعويض الخسائر.
وعلى المستوى الداخلي، يجب العمل على دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع القطاعات الاقتصادية الجديدة مثل قطاع التصنيع الرقمي وقطاع الطاقة المتجددة، من أجل تقليل الاعتماد على القطاعات الاقتصادية التقليدية، كما يجب إجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز الابتكار والإنتاجية.