المعارضة اللبنانية اليوم المشروع السياسي الأليات والبرامج

تحاول المعارضة اللبنانية اليوم إعادة لملمة صفوها لتشكيل جبهة جديدة لمواجهة حزب الله وحلفائه او لمواجهة ما تسميه (الاحتلال أو النفوذ الإيراني في لبنان) ، وقد تم تشكيل ما سمي “المجلس الوطني لتحرير لبنان من الاحتلال الايراني” قبل نحو سنتين، والذي يضم بعض الشخصيات السياسية والإعلامية التي كانت ناشطة سابقا ضمن قوى 14 آذار، ولكن المجلس لم يستطع تشكيل حالة شعبية فاعلة وهو يفتقد للامكانيات والقدرات التي كانت تمتلكها قوى 14 آذار، إضافة لغياب الدعم الخارجي الفاعل.

كما تشكّلت “الجبهة السيادية” التي تضم شخصيات سياسية ونواباً لبنانيين وبعض الأحزاب والمجموعات اللبنانية، والتي تدعو أيضاً لمواجهة نفوذ إيران ودور حزب الله، ولكنها تكتفي بالبيانات والمواقف السياسية وبعض الأنشطة واللقاءات.

وهناك أحزاب وشخصيات ونواب أخرون يدعون لمواجهة الحزب ودوره، وكذلك حلفاء الحزب مثل حركة أمل والقوى التي كانت موجودة في إطار ما سمي 8 آذار، وخصوصاً تيار المردة والأحزاب والوطنية واليسارية. ومن الاحزاب المعارضة بقوة لحزب الله: حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب والكتلة الوطنية وكتلة التجدد وحزب الحوار الوطني وبعض نواب التغيير، وأحياناً يلتقي هؤلاء النواب في إطار لقاء سياسي لإعلان موقف أو دعم مرشح رئاسي لكن لا يوجد بينهم تنسيق دائم ومستمر.

وهناك قوى أخرى تختلف مع حزب الله أحياناً لكنها ليست على عداء كامل معه، وأحياناً تنسق معه مثل الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل (الذي جمّد عمله السياسي منذ عامين).

وقد انقلبت بعض الأحزاب على مواقفها السابقة، بالجماعة الاسلامية التي كانت سابقاً على خلاف مع حزب الله، فهي اليوم على علاقة جيدة معه، وهناك تنسيق مستمر في كافة المجالات، وخصوصاً ملف المقاومة ودعم القضية الفلسطينية. أما التيار الوطني الحر الذي كان حليفاً لحزب الله طيلة السنوات السابقة، فهو الآن على خلاف مع الحزب من دون أن يتبنى شعارات المعارضة.

وهناك مرجعيات دينية وشخصيات إعلامية وفكرية تعارض الحزب عبر المواقف والمقالات ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن ليس لديها برامج معينة، وبعضها يحاور الحزب بعيداً عن الإعلام.

وهناك شخصيات شيعية معارضة للحزب ولكنها ليس لها حضور شعبي فاع،ل وبعض القوى الشيعية المعارضة للحزب تعمل حالياً لفتح حوار مع حزب الله.

كذلك هناك قوى معارضة لا تدعو فقط لمواجهة حزب الله وإيران، بل تدعو إما إلى الفيدرالية أو التقسيم أو العودة إلى لبنان الصغير، وهؤلاء ناشطون إعلامياً ولكن ليس لهم حضور شعبي واسع ولا تتبنى مواقفهم المرجعيات الدينية الفاعلة والأحزاب السياسية الكبيرة.

وأيضاً هناك مواقع إعلامية الكترونية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي يشنون حملات إعلامية على الحزب وإيران.

معارضة بلا مشروع موحد

من خلال استعراض هذه الخريطة السياسية للقوى اللبنانية فإنه من الملاحظ أن القوى المعارضة لحزب الله أو الداعية إلى مواجهة ما يسمى “النفوذ الإيراني” أو “الاحتلال الايراني”، ليست موحدة على مشروع سياسي واحد ولا تمتلك الآليات والبرامج العملية بشأن كيفية مواجهة الحزب وحلفائه، ولكل فريق من هؤلاء وجهة نظر مختلفة عن الأخرى، سواء إزاء البرنامج أو آليات العمل.

لكن الجانب الأهم حالياً في المشهد السياسي، أن القوى الخارجية الآقليمية والدولية ليست موحدة في كيفية مواجهة حزب الله وإيران، بل أن معظم هذه القوى تسعى للحوار والتواصل مع الحزب وإيران لضبط الأوضاع أو للوصول إلى حلول سياسية للأزمات المختلفة.

انعكاسات واحتمالات

وشكّلت معركة “طوفان الأقصى” والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتداعياتها على لبنان ودول المنطقة، مادة جديدة للخلاف السياسي، وبرزت مواقف لأطراف لبنانية تدعو إلى وقف الحرب عبر الجبهة اللبنانية، لكن في المقابل برزت قوى تدعو لدعم الشعب الفلسطيني، كما شاركت قوى أخرى مثل الجماعة الإسلامية وحركة أمل والحزب القومي السوري الاجتماعي في عمليات المقاومة.

وعلى الرغم من وجود انقسام عامودي بين اللبنانيين بشأن العديد من الملفات الداخلية والخارجية، فإنه من الملاحظ أن القوى المتحالفة مع حزب الله تشكّل جبهة موحدة وهناك تنسيق وتعاون فيما بين أطرافها، في حين أن قوى المعارضة تختلف فيما بينها على المشروع السياسي وآليات العمل والبرامج التنفيذية، ومن غير الواضح إذا كات ستتوحد مستقبلاً.

يبقى أن هناك رهان لدى بعض القوى الداخلية أن الحرب بين حزب الله وإسرائيل قد تتطور في المرحلة المقبلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى توجيه ضربة قاسية لحزب الله وللبنان وبالتالي تغيير مجرى الأوضاع، لكن من غير الواضح مدى صحة هذه التوقعات وما هي نتائج أي عدوان اسرائيلي على لبنان إذا حصل؟ كذلك لا أحد يعلم نتائج معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة.

وبانتظار وضوح الصورة لا يبدو أن المعارضة اللبنانية ستنجح في ترتيب أوضاعها وجمع صفوفها.