أستانا 22 بين وقف إطلاق النار وعودة الصراع

اختتمت في العاصمة الكازاخية “أستانا” الجولة الثانية والعشرين من محادثات أستانا الخاصة بسورية بين وفدي النظام والمعارضة السورية وبحضور وفود الدول الضامنة ( تركيا وإيران وروسيا)، حيث اتفقت الأطراف على بناء خطوات الثقة وإدانة العدوان الإسرائيلي على سورية وتمديد اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب.

احتمالات الصراع الداخلي

وعلى الرغم من أن البيان الختامي للجولة الثانية والعشرين من الاجتماعات أكدت التهدئة العسكرية بين أطراف النزاع الداخلي، إلا أن الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة في سورية والدول الإقليمية المحيطة تنذر بانفجار الوضع العسكري وعودة العمليات العسكرية في أي لحظة.

وما يشي باحتمال انفجار الوضع العسكري في أي لحظة، التحشيد العسكري من قبل “هيئة تحرير الشام” في إدلب وريف حلب لشن معركة عسكرية على مدينة حلب؛ وفي المقابل كثفت قوات النظام السوري مدعومة من ميليشيات إيرانية تواجدها العسكري على خطوط التماس في إدلب في نية يرى مراقبون ومحللون عسكريون تهدف للسيطرة على المساحة الممتدة من جسر الشغور غرب إدلب مروراً بجبل الزاوية حتى حدود مدينة إدلب الشرقية، وأطباق السيطرة على طريق M4 الدولي بالكامل.

مواقف الدول الضامنة

بحسب ما نقلت مصادر خاصة لموقع “التقرير العربي”، فإن تركيا ذهبت إلى الجولة الأخيرة من اجتماع أستانا رافعة سقف طلباتها. فالجانب التركي طلب من الجانب الروسي إعادة تفعيل الاتفاق الذي ينص على سيطرة المعارضة والجيش التركي على مناطق غرب حلب وجنوب إدلب وإعادة تفعيل الطرق الدولية M4 و M5 المعنية بحركة التجارة بين تركيا والخليج العربي مروراً في سورية.

وأشارت المصادر أن الأتراك لوحوا باستخدام الخيار العسكري في حال عدم الاستجابة من قبل النظام السوري وحلفائه لمطالب أنقرة.

ويرى الباحث السياسي التركي كمال يلدز، أن موقف تركيا اليوم أصبح أكثر صلابة وقوة فيما يخص الملف السوري، مستغلة ما يحصل من صراع إقليمي وضعف الموقف الإيراني في سورية وضرب مصالحها في المنطقة من قبل إسرائيل.

ويشير يلدز إلى أن ما يؤكد صلابة الموقف التركي، تلك التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع التركي يشار غولر، والتي حذرت رئيس النظام السوري من المراوغة وقبول الطلبات التركية قبل أن يصبح من الماضي في مستقبل سورية، في ظل التهديدات الإسرائيلية وواقع الصراع الإقليمي.

أما بالنسبة لدور إيران كدولة ضامنة، فيرى الباحث السياسي عبد الكريم يوسف، أن إيران اليوم أصبحت أضعف مما سبق جراء الضربات العسكرية الإسرائيلية التي أضعفت بشكل ملحوظ القوة العسكرية الإيرانية في سورية وهيمنتها على قرار النظام السوري.

 

ويضيف اليوسف، أنه في حال إستمرار تعرض المصالح الإيرانية في سورية للضربات الإسرائيلية فقد تفقد إيران مصالحها في سورية بشكل كبير مقابل تعاظم الدور الروسي التركي عسكرياً وأمنياً.

وفيما يخص روسيا وبحسب مصادر مطلعة، فإن الروس أعلنوا دعمهم لوقف إطلاق النار في إدلب وسط تحذيرات أطلقها المسؤولين الروس في حال شنت تركيا او فصائل المعارضة أي هجوم عسكري على قوات النظام السوري تهدد شكل خارطة السيطرة الحالية بين المعارضة والنظام السوري.

الموقف الروسي الرافض لأي عمل عسكري ضد النظام السوري ترجمته الطلعات الجوية الروسية منتصف الشهر الماضي عبر شنها عدة غارات جوية على مدينة إدلب التابعة لسيطرة المعارضة السورية و”هيئة تحرير الشام”، وسط انتشار معلومات حول نية الأخيرة شن هجوم عسكري على مواقع النظام.

إتفاق غير ملزم

لطالما شهدت خارطة السيطرة في سورية على تغيرات كبيرة رغم تأكيد جميع الأطراف ومن بينهم الدول الضامنة الحفاظ على وقف إطلاق النار، وكان آخرها إنقلاب روسيا وإيران والنظام السوري في سنة 2020 على الاتفاق، وشنهم معركة عسكرية واسعة تمكنوا من خلالها السيطرة على أجزاء كبيرة من أرياف محافظة إدلب وحلب على حساب تواجد الجيش التركي وقوات المعارضة السورية.

وعلى الرغم من خروج البيان الختامي لسلسلة اجتماعات أستانا في نسختها الثانية والعشرين والذي يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار ومنع التصعيد العسكري بين النظام والمعارضة السورية، تبقى جميع الاحتمالات واردة وعلى رأسها عودة الأعمال العسكرية في ظل الظروف الحالية والصراع الذي تعيشه المنطقة بين إسرائيل واذرع إيران في سورية ولبنان وحرب غزة.