بلغت صادرات مجلس التعاون إلى الصين في 2022 نحو 83 مليار دولار ووارداته 80 ملياراً

يتسق فهم محور العلاقات بين الصين ودول الخليج العربي، على الرغم من تباين شكل وملامح تلك العلاقة، تبعاً لرؤية كل  دولة في الخليج،  نحو الأفق المنظور والبعيد، عبر ثلاثة مرتكزات رئيسة: يبدو العامل الأول منها حيّز حالة الطلب الملح والمتعاظم لبكين للطاقة، والمرجح أن يكون كذلك خلال الفترة المقبلة؛ الأمر الثاني يتمثل في شكل متغيرات سياسة الولايات المتحدة الأميركية نحو الشرق الأوسط على وجه العموم، ومنطقة الخليج بشكل خاص، والتي بدت مؤخراً في قرار  تخفيض حضورها الميداني، وكذلك حالة ضعف اهتمامها بشؤون المنطقة لمصلحة مناطق استراتيجية أخرى؛ المرتكز الثالث يتمثل في رؤية دول الخليج ذاتها لوضعية المستقبل ورهانات الحركة الخاصّة بدولها، وكذلك الشأن الاقتصادي ولا سيما في حالة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية وقطر وسلطنة عمان.

يرتبط ذلك الفهم وتلك الرؤية بجملة الأهداف الاستراتيجية، التي وضعتها الصين صوب منطقة الخليج العربي، والتي تبدو جلية من خلال ثلاث نقاط: الأولى منها حضور عامل الطاقة والمعادن في منطقة الخليج، وما أبدته من قدرة خلال الفترة الأخيرة من سيطرة على سوق النفط؛ النقطة الثانية هي وعي الصين بالجغرافيا السياسية لمنطقة الخليج، ورغبة بكين في تأمين حماية خطوط الملاحة والموانئ التي يعبر منها البترول؛ النقطة الأخيرة ترتبط بسابقتها من ناحية العمل على إبعاد خطر القرصنة البحرية عن خطوط الملاحة، والتي ترتبط مباشرة برؤية الصين المستقبلية لوصول كافة منتجاتها وعبورها تلك النقاط.

تطور نوعيي نحو المزيد من العلاقات السياسية

شهدت علاقات دول مجلس التعاون الخليجي تطورات نوعية مع الصين، عكست العديد من التصورات الخاصّة بمدى أهمية المصالح المشتركة، مرة من خلال دول الخليج، وأخرى عبر الصين. وقد جاءت هذه التصورات كمحصلة لتطورات عميقة على مستوى النظام الدولي وتداعياته على دول الشرق الأوسط، وما اتصل بذلك على مستوى توجهات السياسة الخارجية الصينية، كامتداد منطقي لتحولات سياسات الصين الخارجية، والاشتباك مع قضايا المنطقة، والتي من المتوقع أن تشهد مظاهر أخرى في الأفق المنظور. وكان وعي واستيعاب دول مجلس التعاون الخليجي لعمق تلك التحولات، عاملاً مهماً ولافتاً نحو التماهي مع هذه التغيرات، وذلك عبر توظيف وتنويع شراكاتها الخارجية، وممارسة آليات تكتيكية ضد مبدأ الاعتماد على قوة واحدة، هي الولايات المتحدة، الأمر الذي يظهر كمتغير جيواستراتيجي في تحالفات دول الخليج العربي الدولية.

ترقبت الصين  تلك المتغيرات، وحرصت على أن تشهد العلاقات بين الجانبين تجسير فرص التعاون وتعميقها على مناح متعددة، والعمل ضمن تكوين تصورات طموحة لحركة البناء في جدارية العلاقات الصينية مع دول الخليج العربي، حتى وإن تباينت درجتها ونوعية الأهداف الاستراتيجية الخاصّة بكل دول في منطقة الخليج.

على خلفية ذلك يمكن فهم تحركات بكين صوب منطقة الخليج العربي، ضمن استراتيجيتها الكبرى التي تعرف باسم  مبادرة “الحزام والطريق” التي تستهدف رفع درجة ترابط الصين اقتصادياً مع أوروبا وإفريقيا وآسيا من خلال  شبكة واسعة من ممرات النقل البرية والبحرية.

ففي سنة 2015 تم طرح  المبادرة (الحزام والطريق) في منطقة الخليج العربي، وأضحت  الركيزة الرئيسية للسياسة الصينية تجاه المنطقة، كما كانت المحور الرئيسي للعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين.

حينها لوحظ تزايد  ملحوظ للسياسة الصينية في المنطقة عبر تعدد زيارات المسؤولين الصينيين لدولها بغية تعزيز التنسيق وتنمية التشاور مع دول الخليج بشأن المشروع الطوح. وتوجت بكين ذلك  بزيارة الرئيس الصيني شي  جين بينغ  إلى المنطقة في كانون الثاني/ يناير 2016. وبدورها أعلنت دول الخليج مشاركتها في “الحزام والطريق” بتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي، بل وتأسيس شراكات استراتيجية شاملة مع الصين.

من هنا ينبغي فهم طبيعة التصورات الاستراتيجية التي تجلّت في ذهنية صانع القرار الصيني، عبر رؤيته لأهمية علاقاتها مع دول منطقة الخليج العربي، فضلاً عن حجم الفرص المتاحة التي تقدمها آلية التحرك الصيني نحو المنطقة، والتي ستغدو مدخلاً لتحقيق شركات استراتيجية صينية مع دول المنطقة.

العلاقات الاقتصادية والتجارية

اتسمت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين ودول الخليج بنشاط كبير، واستطاعت بكين تحقيق مكانة متقدمة في السوق الخليجي على مدار ما يزيد عن 30 عاماً، وبحلول سنة 2020 تمكنت الصين من أن تصبح أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، متخطية بذلك الاتحاد الأوروبي.

بصورة عامة،  قفزت تجارة الدول الخليجية مع الاقتصادات الآسيوية من 247 مليار دولار في سنة 2010 إلى 336 مليار دولار في 2019، بنسبة زيادة 36٪. وتستحوذ الصين على نسبة 19% من إجمالي الصادرات السلعية الخليجية إلى الأسواق العالمية، بقيمة 83,1 مليار دولار في سنة 2020، وفي المقابل، بلغت قيمة الواردات من الصين نحو 80,4 مليار دولار أميركي في سنة 2020.

فيما يتعلق بالنفط ، لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، تمثل المصدر الأهم للواردات الصينية من النفط، وذلك على الرغم من تحديين مهمين يواجهان هذا الواقع المستقر منذ فترة. الأول، هو التوجه العالمي نحو الاعتماد على مصادر الطاقة غير الأحفورية بشكل عام، والطاقة المتجددة بشكل خاص، وينطبق ذلك على الصين؛ التحدي الثاني هو انفتاح الصين على أقاليم واقتصادات أخرى مصدرة للنفط من خارج منطقة الخليج العربي، وخصوصاً دول وسط آسيا وميانمار وأفريقيا. هذا التوجه الصيني مدفوع بالاستراتيجية الصينية لضمان أمن الطاقة، والتي تقوم على تنويع مصادر الواردات الصينية من النفط والغاز. غير أنّه علىرغم هذين التحديين، فإنّ اقتصادات  دول مجلس التعاون، لا تزال تحظى بترتيب متقدم في سد الطلب الصيني على النفط.

وعلى الرغم من الضغوط التي جلبتها الحرب الروسية الأوكرانية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت قدرة واضحة على السيطرة على سوق النفط العالمية، متجاوزة الضغط الأميركي لزيادة حجم المعروض بهدف خفض الأسعار، الأمر الذي يشير إلى قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على التصرف باستقلالية داخل هذه السوق. ومن ثم يذهب بعض الباحثين إلى التأكيد أنه ليس من المتوقع مرحلياً تراجع الأهمية النسبية لاقتصادات مجلس التعاون الخليجي، كمصدر رئيسي للطاقة بالنسبة للصين في المدى القريب.

 

وتشير بيانات وزارة التجارة الأميركية إلى أن الصين ستعتمد على الأسواق الخارجية لتوفير نحو 80% من احتياجاتها النفطية بحلول سنة 2030، الأمر الذي يخلق فرصة كبيرة لزيادة حجم صادرات دول المجلس من النفط إلى الصين.

وفضلاً عن الدور الذي يؤديه النفط في تعميق مستوى العلاقات الاقتصادية، هناك احتمال كبير لتوصل دول المجلس إلى اتفاق بشأن مشروع منطقة التجارة الحرة مع الصين، وهو المشروع قيد التفاوض منذ سنة 2004. وقد عُقدت جولات تفاوض عدة منذ ذلك التاريخ. وأعاد الجانبان في أثناء زيارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي إلى الصين في كانون الثاني/ يناير 2022، تأكيد أهمية استكمال هذه المفاوضات في أقرب وقت ممكن، علماً أن توقيع مثل هذه الاتفاق سيسهم في توسيع حجم التجارة بين الجانبين.

كذلك، نجح الطرفان في خلق مساحة تعاون جديدة في المجال المصرفي، أخذت وجوهاً عدة. من ذلك على سبيل المثال، إدراج “البنك الصناعي والتجاري الصيني” (ICBC)، إصدارين في سندات بورصة “ناسداك دبي” بقيمة إجمالية 1,4 مليار دولار (700 مليون دولار لكل منهما)، لتزيد بذلك القيمة الإجمالية لإدراجات البنك في “ناسداك دبي” إلى 3,56 مليار دولار موزعة على سبعة إصدارات. تبع ذلك إدراج إصدارين آخرين في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بقيمة مليار دولار (500 مليون دولار لكل منهما) لتصل القيمة الإجمالية لمجموع السندات المدرجة من قبل البنك في “ناسداك دبي” إلى 4,56 مليارات دولار أميركي، عبر تسعة إدراجات، لتعد بذلك أكبر قيمة لإدراجات السندات في البورصة من قبل جهة إصدار خارجية. أضف إلى ذلك عمل مصارف صينية عبر فروعها المباشرة، الأمر الذي أعطى المعاملات المالية بين الجانبين ثقة أكبر، كما أعطى العملة الصينية فرصة أكبر للتدويل.

لقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين تعميقاً مهماً، مع التحاق دول مجلس التعاون الخليجي بمبادرة الحزام والطريق، على الرغم من أن التصورات الصينية الأولى للمبادرة، ركزت على ربط منطقة غرب آسيا بالمبادرة عبر الممر الاقتصادي: الصين – وسط آسيا – غرب آسيا، والذي يبدأ من مدينة شينجيانغ الصينية في اتجاه إيران، مروراً بدول آسيا الوسطى، وصولاً إلى سواحل البحر المتوسط وأوروبا. لكن لاحقاً أصبحت علاقة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بالمبادرة أكثر وضوحاً من خلال مشاركة بعض دول المجلس في منتدى الحزام والطريق الأول في أيار/ مايو 2017، والثاني في نيسان/ إبريل 2019، وانضمامها إلى “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” (AIIB) الذي يُمثل إحدى الأذرع المالية المهمّة للمبادرة. وتبع ذلك توسيع مجالات التعاون بين الجانبين في مجالات أخرى، لا تقل أهمية، في قطاع الموانئ البحرية.

ومن المتوقع أن تلعب المبادرة دوراً كبيراً في تعميق علاقات التجارة بين الجانبين من خلال الدور الذي ستمارسه في تخفيض تكاليف إمدادات الشحن، وتكاليف التأمين، ولا سيما مع استكمال تطوير ميناء جوادر الباكستاني، وشبكات السكك الحديدية داخل باكستان، والتي ستربط الميناء بمدينة قاشجر الصينية.

إن مشاريع البنى التحتية الضخمة في المنطقة على غرار إستاد لوسيل في قطر، وسكك القطارات السريعة في المملكة العربية السعودية، تؤمن فرصاً مربحة للشركات الصينية. وتعتبر الإمارات العربية المتحدة أكبر سوق تصدير وشريك تجاري غير نفطي لدى الصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكانت أيضاً مركزاً لإنتاج اللقاح الصيني لفيروس كورونا المستجد، والصين هي أيضاً المستورد الأكبر للنفط الخام العُماني، إذ تستورد قرابة 78,4 في المئة من إنتاجها، ويشكل هذا ارتفاعاً ملحوظاً عن نسبة 17,8 في المئة المسجلة في سنة 2002. ومن المتوقع أن تؤدي سلطنة  عمان دوراً كبيراً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تصدرت الصين قائمة الدول الآسيوية من حيث حجم التبادل التجاري مع سلطنة عمان، وجاءت الصين على رأس القائمة بمبلغ 8,3 مليار ريال عماني، تلتها الإمارات العربية المتحدة بـ 6،3 مليار ريال عماني.

كما أصبحت شركة النفط الصينية العملاقة سينوبك، أول مجموعة آسيوية تحصل على حصة في مشروع قطر لتوسعة حقل الشمال الشرقي، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، حسبما أفادت الدوحة.

العلاقات الاقتصادية والتجارية

اتسمت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين ودول الخليج بنشاط كبير، واستطاعت بكين تحقيق مكانة متقدمة في السوق الخليجي على مدار ما يزيد عن 30 عاماً، وبحلول سنة 2020 تمكنت الصين من أن تصبح أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، متخطية بذلك الاتحاد الأوروبي.

بصورة عامة،  قفزت تجارة الدول الخليجية مع الاقتصادات الآسيوية من 247 مليار دولار في سنة 2010 إلى 336 مليار دولار في 2019، بنسبة زيادة 36٪. وتستحوذ الصين على نسبة 19% من إجمالي الصادرات السلعية الخليجية إلى الأسواق العالمية، بقيمة 83,1 مليار دولار في سنة 2020، وفي المقابل، بلغت قيمة الواردات من الصين نحو 80,4 مليار دولار أميركي في سنة 2020.

فيما يتعلق بالنفط ، لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، تمثل المصدر الأهم للواردات الصينية من النفط، وذلك على الرغم من تحديين مهمين يواجهان هذا الواقع المستقر منذ فترة. الأول، هو التوجه العالمي نحو الاعتماد على مصادر الطاقة غير الأحفورية بشكل عام، والطاقة المتجددة بشكل خاص، وينطبق ذلك على الصين؛ التحدي الثاني هو انفتاح الصين على أقاليم واقتصادات أخرى مصدرة للنفط من خارج منطقة الخليج العربي، وخصوصاً دول وسط آسيا وميانمار وأفريقيا. هذا التوجه الصيني مدفوع بالاستراتيجية الصينية لضمان أمن الطاقة، والتي تقوم على تنويع مصادر الواردات الصينية من النفط والغاز. غير أنّه علىرغم هذين التحديين، فإنّ اقتصادات  دول مجلس التعاون، لا تزال تحظى بترتيب متقدم في سد الطلب الصيني على النفط.

وعلى الرغم من الضغوط التي جلبتها الحرب الروسية الأوكرانية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت قدرة واضحة على السيطرة على سوق النفط العالمية، متجاوزة الضغط الأميركي لزيادة حجم المعروض بهدف خفض الأسعار، الأمر الذي يشير إلى قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على التصرف باستقلالية داخل هذه السوق. ومن ثم يذهب بعض الباحثين إلى التأكيد أنه ليس من المتوقع مرحلياً تراجع الأهمية النسبية لاقتصادات مجلس التعاون الخليجي، كمصدر رئيسي للطاقة بالنسبة للصين في المدى القريب.

 

وتشير بيانات وزارة التجارة الأميركية إلى أن الصين ستعتمد على الأسواق الخارجية لتوفير نحو 80% من احتياجاتها النفطية بحلول سنة 2030، الأمر الذي يخلق فرصة كبيرة لزيادة حجم صادرات دول المجلس من النفط إلى الصين.

وفضلاً عن الدور الذي يؤديه النفط في تعميق مستوى العلاقات الاقتصادية، هناك احتمال كبير لتوصل دول المجلس إلى اتفاق بشأن مشروع منطقة التجارة الحرة مع الصين، وهو المشروع قيد التفاوض منذ سنة 2004. وقد عُقدت جولات تفاوض عدة منذ ذلك التاريخ. وأعاد الجانبان في أثناء زيارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي إلى الصين في كانون الثاني/ يناير 2022، تأكيد أهمية استكمال هذه المفاوضات في أقرب وقت ممكن، علماً أن توقيع مثل هذه الاتفاق سيسهم في توسيع حجم التجارة بين الجانبين.

كذلك، نجح الطرفان في خلق مساحة تعاون جديدة في المجال المصرفي، أخذت وجوهاً عدة. من ذلك على سبيل المثال، إدراج “البنك الصناعي والتجاري الصيني” (ICBC)، إصدارين في سندات بورصة “ناسداك دبي” بقيمة إجمالية 1,4 مليار دولار (700 مليون دولار لكل منهما)، لتزيد بذلك القيمة الإجمالية لإدراجات البنك في “ناسداك دبي” إلى 3,56 مليار دولار موزعة على سبعة إصدارات. تبع ذلك إدراج إصدارين آخرين في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بقيمة مليار دولار (500 مليون دولار لكل منهما) لتصل القيمة الإجمالية لمجموع السندات المدرجة من قبل البنك في “ناسداك دبي” إلى 4,56 مليارات دولار أميركي، عبر تسعة إدراجات، لتعد بذلك أكبر قيمة لإدراجات السندات في البورصة من قبل جهة إصدار خارجية. أضف إلى ذلك عمل مصارف صينية عبر فروعها المباشرة، الأمر الذي أعطى المعاملات المالية بين الجانبين ثقة أكبر، كما أعطى العملة الصينية فرصة أكبر للتدويل.

لقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين تعميقاً مهماً، مع التحاق دول مجلس التعاون الخليجي بمبادرة الحزام والطريق، على الرغم من أن التصورات الصينية الأولى للمبادرة، ركزت على ربط منطقة غرب آسيا بالمبادرة عبر الممر الاقتصادي: الصين – وسط آسيا – غرب آسيا، والذي يبدأ من مدينة شينجيانغ الصينية في اتجاه إيران، مروراً بدول آسيا الوسطى، وصولاً إلى سواحل البحر المتوسط وأوروبا. لكن لاحقاً أصبحت علاقة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بالمبادرة أكثر وضوحاً من خلال مشاركة بعض دول المجلس في منتدى الحزام والطريق الأول في أيار/ مايو 2017، والثاني في نيسان/ إبريل 2019، وانضمامها إلى “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” (AIIB) الذي يُمثل إحدى الأذرع المالية المهمّة للمبادرة. وتبع ذلك توسيع مجالات التعاون بين الجانبين في مجالات أخرى، لا تقل أهمية، في قطاع الموانئ البحرية.

ومن المتوقع أن تلعب المبادرة دوراً كبيراً في تعميق علاقات التجارة بين الجانبين من خلال الدور الذي ستمارسه في تخفيض تكاليف إمدادات الشحن، وتكاليف التأمين، ولا سيما مع استكمال تطوير ميناء جوادر الباكستاني، وشبكات السكك الحديدية داخل باكستان، والتي ستربط الميناء بمدينة قاشجر الصينية.

إن مشاريع البنى التحتية الضخمة في المنطقة على غرار إستاد لوسيل في قطر، وسكك القطارات السريعة في المملكة العربية السعودية، تؤمن فرصاً مربحة للشركات الصينية. وتعتبر الإمارات العربية المتحدة أكبر سوق تصدير وشريك تجاري غير نفطي لدى الصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكانت أيضاً مركزاً لإنتاج اللقاح الصيني لفيروس كورونا المستجد، والصين هي أيضاً المستورد الأكبر للنفط الخام العُماني، إذ تستورد قرابة 78,4 في المئة من إنتاجها، ويشكل هذا ارتفاعاً ملحوظاً عن نسبة 17,8 في المئة المسجلة في سنة 2002. ومن المتوقع أن تؤدي سلطنة  عمان دوراً كبيراً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تصدرت الصين قائمة الدول الآسيوية من حيث حجم التبادل التجاري مع سلطنة عمان، وجاءت الصين على رأس القائمة بمبلغ 8,3 مليار ريال عماني، تلتها الإمارات العربية المتحدة بـ 6،3 مليار ريال عماني.

كما أصبحت شركة النفط الصينية العملاقة سينوبك، أول مجموعة آسيوية تحصل على حصة في مشروع قطر لتوسعة حقل الشمال الشرقي، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، حسبما أفادت الدوحة.

ميزان القوة الاقتصادية

حققت الصين ناتجاً محلياً في سنة 2020 بلغ نحو 14,7 تريليون دولار، بينما حققت دول الخليج ناتجاً بنحو 1,4 تريليون دولار. أما على مستوى الصادرات السلعية، فبلغت صادرات الصين 2,5 تريليون دولار، بينما الصادرات السلعية لدول الخليج كانت بحدود 840 مليار دولار فقط، وبالتالي فميزان القوة الاقتصادية يميل في صالح الصين.

وتُعد دول الخليج من أكبر منتجي النفط، وتبلغ حصتها في الإنتاج العالمي نحو 20%، فضلاً عما لديها من ثروات في صناديقها السيادية، والتي تقدر بنحو 2,6 تريليون دولار.

وقد ارتفعت الصادرات الخليجية للصين ارتفاعاً كبيراً في سنة  2022، مقارنة بالعام الذي سبقه، بسبب رغبة الطرفين في تنمية علاقاتهما الاقتصادية في شتى المجالات، وتخفيف القيود الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، والحرب الروسية ضد أوكرانيا التي رفعت أسعار النفط. وقد بلغت صادرات دول مجلس التعاون للصين 4,2 مليون برميل يومياً. وهو ما يشكل نحو 42% من الواردات النفطية الصينية.

وبحسب صحيفة “الاقتصادية”، فإنّ تجارة دول الخليج مع الصين ارتفعت 36%، مسجلة مستويات قياسية خلال سنة 2022، بنحو 315,8 مليار دولار، الأمر الذي يجل من بكين أكبر شريك تجاري لدول الخليج في 2022.

وفي تقرير استند إلى بيانات دولية رسمية، أوضحت “الاقتصادية” أنّ التجارة بين الجانبين (الصين ودول الخليج) توزعت إلى 209 مليارات دولار صادرات خليجية للصين، مقابل واردات منها بقيمة 106,8 مليار دولار، لتسجل دول الخليج فائضاً في علاقتها مع بكين بنحو 102,2 مليار دولار، خلال 2022، بفضل صادرات النفط التي تشكل الجزء الأكبر من الصادرات الخليجية لبكين. وأشار التقرير إلى أنّ العلاقات التجارية بين الجانبين تضاعفت نحو 18 مرة خلال 20 عاماً بين 2003 و2022، وكانت التجارة بينهما قد بلغت 16,9 مليار دولار في 2003.

وبلغ حجم إجمالي صادرات الصين إلى دول الخليج 97 مليار دولار في 2021، واستحوذت الإلكترونيات على معظم هذه الصادرات بقيمة 35 مليار دولار، تلتها الآلات الميكانيكية بقيمة 17 مليار دولار، ثم المركبات بقيمة 4 مليارات. بينما تصدرت الهواتف الذكية قائمة السلع المصدرة من الصين إلى الدول الخليجية.

أما على صعيد الاستثمارات المباشرة المتبادلة، فقد بلغت الاستثمارات التراكمية للصين في المنطقة العربية على مدار الفترة من من 2005 – 2020 ما قيمته 196,9 مليار دولار، استأثرت السعودية والإمارات بالنصيب الأكبر منها بنسبة 38% تقريباً، وتوزعت على النحو التالي: السعودية 39,9 مليار دولار، والإمارات 34,7 مليار دولار.

وبحسب تقرير “الاقتصادية”، فقد تصدرت السعودية (التي سيكون لها تقرير خاص في سياق ملف العلاقات الصينية العربية) دول الخليج في العلاقات التجارية مع الصين بنحو 116 مليار دولار (37% من التجارة بين الجانبين)، بزيادة 33% عن 2021 البالغة 87,3 مليار دولار. وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية بحصة 31% من تجارة دول الخليج مع بكين بتجارة قيمتها 99,3 مليار دولار مقابل 72,4 مليار دولار في 2021 بزيادة 37%. أمّا سلطنة عمان فقد جاءت في الترتيب الثالث بتجارة قيمتها 40,4 مليار دولار (13% من تجارة دول الخليج وبكين)، بزيادة 26% على 2021 البالغة 32,2 مليار دولار.

وحلت الكويت في المرتبة الرابعة بحصة 10% من التجارة بين الجانبين، بنحو 31,5 مليار دولار، بزيادة 42% مقابل 22,1 مليار دولار في 2021.

وجاءت قطر في الترتيب الخامس بتجارة قيمتها 26,5 مليار دولار (8% من تجارة دول الخليج والصين)، بزيادة 55% على 2021 البالغ 17,2 مليار دولار. وفي الترتيب السادت كانت البحرين بحصة 1% من التجارة بين الجانبين، بنحو 2,02 مليار دولار مقابل 1,8 مليار دولار في 2021، بزيادة 14%.

الإمارات العربية والصين

تعتبر الإمارات دولة محورية في مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ما أدى إلى قيام أبو ظبي وبكين بتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية، في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وفي مجالات التكنولوجيا، وغيرها.

وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال العام 2022، نحو 264,2 مليار درهم، بنسبة نمو بلغت 18%. والصين هي ثالث أكبر مستثمر أجنبي في الإمارات على المستوى العالمي، برصيد استثمارات مباشرة بلغ 9,3 مليار دولار خلال  ٢٠٢٢. كما تخطى حجم التبادل التجاري بين البلدين 99 مليار درهم. ومن المتوقع أن يصل إلى 200 مليار درهم بحلول 2030. كما حققت الاستثمارات الصينية المباشرة نمواً في السوق الإماراتية بنسبة  %514,5 خلال 8 أعوام.

وبحسب مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، فقد بلغت صادرات الإمارات إلى الصين في 2022 نحو 45,41 مليار دولار، بارتفاع سنوي نسبته 58,9%، فيما بلغت واردات الإمارات من الصين 53,86 مليار دولار بزيادة نسبتها 23,3%.

وتتركز الاستثمارات المتبادلة بين البلدين في قطاعات العقارات، والنقل اللوجيستي، والتخزين، والخدمات المالية، والتصنيع والأنشطة التأمينية. وتحتضن دولة الإمارات العديد من الشركات الصينية بما فيها شركات المناطق الحرة، إضافة إلى ما يقرب من 300 وكالة تجارية، و5000 علامة تجارية، فيما بلغت قيمة الاستثمارات الصينية المباشرة في الإمارات 6,44 مليار دولار بين سنتي 2018 و2019، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.

وقد بلغت الصادرات الصينية إلى الإمارات العربية المتحدة 53,86 مليار دولار خلال 2022 ، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية (COMTRADE)، كما يُبين الجدول رقم 1.

جدول رقم (1) الصادرات الصينية إلى الإمارات العربية المتحدة سنة 2022

السلعة (2022)القيمة/ مليار دولار
المعدات الكهربائية والإلكترونية11,97
الآلات والمراجل8,84
مركبات غير السكك الحديدية3,72
بلاستيك2,34
مصنوعات من حديد أو صلب2,07
أثاث؛ لافتات الإضاءة؛ المباني الجاهزة1,99
حديد وصلب1،94
مصنوعات من ملابس محبوكة أو كروشيه1,64
اللعب والألعاب والمستلزمات الرياضية1,25
أحذية وما شابه1,24

وتوجد عدة سلع أخرى ضمن الصادرات الصينية إلى لإمارات العربية بقيم أقل، مثل: الملابس غير المنسوجة (982,22 مليون دولار)؛ خيام (945,11 مليون دولار)؛ كيماويات عضوية (902،46 مليون دولار)؛ ألومنيوم (893,11 مليون دولار)؛ ورق مقوى ومصنوعات من عجينة الورق والكرتون (868,89 مليون دولار)؛ مطاط (761,78 مليون دولار)؛ مصنوعات جلدية وأحشاء حيوان وأحزمة (675,28 مليون دولار)؛ وقود معدني وزيوت ومنتجات التقطير (669,25 مليون دولار)؛ منتجات السيراميك (615,14 مليون دولار)؛ زجاج وأواني زجاجية (609,12 مليون دولار)؛ أجهزة بصرية وصور وتقنيات طبية (576,37 مليون دولار)؛ أصناف متنوعة من معادن عادية (538,12 مليون دولار)، فضلاً عن سلع أخرى تتفاوت قيتمها.

وبلغت صادرات الإمارات العربية المتحدة إلى الصين 9,07 مليار دولار خلال 2021، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية، بحسب آخر تحديث لها.

وتحرص الإمارات على استقطاب وجذب الشركات الصينية لتأسيس أعمالها داخل البلاد، باعتبارها بوابة لوجستية نشطة لنفاذ التجارة الصينية إلى دول الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، مع الارتباط بمجتمع الأعمال الصيني، والتعاون معه من أجل تحقيق الرؤية المشتركة للبلدين، والتعاون الاستراتيجي في قطاعات الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، والبنية التحتية، ومجالات بحوث التكنولوجيا وغيرها من قطاعات اقتصاد المستقبل.

وكان مركز دبي للسلع المتعددة، أعلن عن تسجيل معدل نمو مضاعف في عدد الشركات الصينية في المنطقة الحرة التابعة له، والتي تمثل 12% من إجمالي عدد الشركات الصينية الناشطة في الإمارات، الأمر الذي أدى إلى تكوين بنية تحتية متكاملة، تلبي متطلبات مجتمع الأعمال الصيني، وشمل ذلك تدشين “مركز يينغتن الصيني للأعمال” في ستى 2017، لتسهيل ممارسة الأعمال أمام الشركات الصينية التي تتطلع نحو تأسيس أعمالها في دبي.

وبحسب أحمد بن سليم، الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، فإنّ “هناك اليوم أكثر من ست آلاف  شركة صينية في الإمارات، ويفخر مركز دبي للسلع المتعددة باحتضان 12% من إجمالي عدد هذه الشركات”.

وتعد شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC), وشركة “تشاينا ستايت كونسلتايشن” (China State Construction)، وشركة “كوسكو” (COSCO) للشحن، وشركة “جوسيك”(JOCIC) وعملاق التكنولوجيا “هواوي” (Huawei) وغيرها، من أكبر الشركات الصينية العاملة في الإمارات، وهي تستثمر مليارات الدولارات في القطاعات التشغيلية العاملة في مجال النفط والغاز والبناء والموانئ والتكنولوجيا والمنطقة الصناعية.

وبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في الصين نحو 2,3 مليار دولار، ويعمل 650 مشروعاً للشركات الإماراتية في الصين، تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية، وفق أرقام سنة 2016. ومن أبرز تلك القطاعات: التعاون التجاري والاقتصادي، والاستثمار، والصناعة، والطاقة، والطاقة المتجددة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والصناعات المبتكرة، والصحة، والتعليم، والسياحة، والبنية التحتية، والخدمات المالية، والفحص والحجر الصحي والمواصفات والمقاييس، والفضاء والطيران، والتعاون المحلي.

قطر والصين

تشهد العلاقات بين دولة قطر وجمهورية الصين الشعبية نمواً متزايداً، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في سنة 1988. وتوسعت مجالات التعاون القطري الصيني لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، ومجالات الطاقة والصناعة، حتى وصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية.

وشكلت زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى الصين في سنة 2019 ، نقلة نوعية مهمة في مسار العلاقات بين البلدين لتعزيز أطر التعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات، بالتزامن مع التوقيع على اتفاقيات مهمة، فتحت آفاقاً لنمو العلاقات الثنائية.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري لدولة قطر خلال سنتي 2020 و2021، وبلغ عدد الشركات الصينية العاملة في قطر 200  شركة، تعمل في مختلف المجالات، فضلاً عن عدد من المشاريع المهمة، مثل: مشاريع الخزانات الاستراتيجية الضخمة للمياه، واستاد لوسيل، وميناء حمد، وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها، فيما تعد الصين وجهة جذابة للمستثمرين القطريين في مجال بناء السفن، والتصنيع، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا المتقدمة، والخدمات الفندقية، والسياحة، والخدمات المالية.

وقد بلغت الصادرات الصينية إلى قطر 3,99 مليار دولار خلال 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية. ويبين الجدول (2) توزع الصادارات الصينية إلى قطر:

جدول رقم (2) الصادرات الصينية إلى قطر سنة 2022

السلعة (2022)القيمة/ مليون دولار
الآلات والمراجل508,77
الأثاث، لافتات الإنارة، المباني الجاهزة432,05
المركبات بخلاف السكك الحديدية والترام385,60
معدات كهربائية وإلكترونية365,82
مصنوعات من حديد أو صلب349,20
حديد وصلب293,14
بلاستيك206,73
ألومنيوم96,84
اللعب والألعاب والمستلزمات الرياضية94,34
ورق وورق مقوى، ومصنوعات من عجينة الورق والكرتون78,76

بلغت قيمة الصادرات القطرية إلى الصين 13,47 مليار دولار خلال سنة 2021، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية. جاء أبرزها: الوقود المعدني والزيوت ومنتجات التقطير 12,31 مليار دولار؛ بلاستيك 720,37 مليون دولار، السفن والقوارب والمنشآت العائمة الأخرى 181,41 مليون دولار؛ نحاس 135,26 مليون دولار؛ مصنوعات من حديد أو صلب 62,92 مليون دولار؛ كيماويات عضوية 20,02 مليون دولار؛ كيماويات غير عضوية، ومركب معادن ثمينة 17,91 مليون دولار؛ منتجات كيماوية متنوعة 4،21 مليون دولار؛ ذخائر وأجزاء وملحقات 230,64 ألف دولار؛ صابون، وزيوت تشحيم، وشموع 226,63 ألف دولار، وغيرها من السلع الأخرى.

قطاع الغاز: قال موقع “أويل برايس” (Oil Price) الأميركي المتخصص في قطاع الطاقة، إن قطر والصين تؤسسان لشراكة استراتيجية بصناعة الغاز، وأوضح تقرير كتبه محرر شؤون الغاز سايمون واتكينز، أنه في الأشهر الأخيرة، وقّعت قطر والصين صفقة تبلغ قيمتها 60 مليار دولار، تتولى بموجبها شركة قطر للطاقة تزويد شركة سبونيك الصينية بنحو 4 ملايين طن متر سنوياً من الغاز الطبيعي المسال كل عام، لمدة 27 عاماً، بدءاً من سنة 2026، وهو أطول عقد لتوريد الغاز الطبيعي المسال للصين، وأيضاً أول صفقة إمداد يتم الإعلان عنها لمشروع حقل الشمال الشرقي، وستستمر حتى سنة 2050، وذلك في أعقاب سلسلة من الصفقات المماثلة في الأشهر الأخيرة.

اتفاقية البنك الآسيوي للاستثمار: وقعت دولة قطر  في 2014، على مذكرة تفاهم أولية للانضمام للبنك الآسيوي للاستثمار، وفي 2015 تمّ التوقيع  بشكل نهائي على الاتفاقية الأساسية لهذه المؤسسة المصرفية الهامة، وأصبحت قطر من بين الاعضاء المؤسسين لها.

استثمارات قطر في الصين: اشترت قطر القابضة ( Qatar Holding) في 2012 ما نسبته 22% من أسهم شركة “سيتيك كابيتال” (CITIC Capital)  الاستثمارية الصينية، كما اشتركت الشركة القطري في العام نفسه 22,18% من أسهم البنك الزراعي الذي يعد ثالث أكبر بنك صيني من حيث رأس المال والأصول،  مقابل نحو 2,8 مليار دولار. وتسعى قطر لشراء مساحة من الأرض في بكين، لتشييد مبني متاجر “هارود ” المملوكة لدولة قطر، على غرار إنشاء مركز تسوق في بكين لشركة “سيفيك باسيفيك” (Civil pacific) إلى جانب بنك “أتش أس بي سي” (HSBC).

وتسعى قطر لإنشاء محفظة استثمارية بقيمة 10 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية في الصين بين مجموعة “سيتيك كابيتال” وجهاز قطر للاستثمار، وتم التوقيع على هذه المحفظة خلال زيارة أمير قطر إلى الصين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014. وبلغت استثمارات جهاز قطر للاستثمار في الصين وهونغ كونغ نحو 1,9 مليار دولار أميركي.

الشركات الصينية غير النفطية: هناك نحو 200 شركة صينية مسجلة وعاملة في دولة قطر، منها: عشر شركات مملوكة بالكامل لرؤوس أموال الصينية، تعمل في السوق القطري بإجمالي رأسمال يبلغ نحو 1,48 مليار ريال قطري. أمّا الشركات المشتركة القطرية الصينية، فيبلغ عددها 83 شركة، بأجمالي رؤوس أموال قدرها نحو 1,43 مليار ريال قطري.

ومن أهم مشاريع الشركات الصينية في دولة قطر: مشروع ميناء الدوحة الجديد بعقد قيمته 3,2 مليار ريال قطري، أو ما يقارب 879 مليون دولار، وتنفذه شركة “تشاينا هابور إنجنيرنغ” (China harbor engineering)، كما تنقذ شركة صينية جزءاً من مترو الأنفاق الجديد في الدوحة. 

كذلك تم افتتاح محطة الخرسعة للطاقة الشمسية، التي تبلغ طاقتها 800 ميغاواط في قطر خلال سنة 2022، والتي بنتها شركات صينية، وتعد أول محطة لتوليد الطاقة بالوقود غير الأحفوري في قطر، وواحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط.

الكويت والصين

كانت الكويت أول دولة خليجية تقيم علاقات رسمية كاملة مع الصين، في آذار/ مارس 1971، بينما اعترفت الصين باستقلال الكويت فور إعلانها في سنة 1961. وفي تموز/ يوليو 2018، قام أمير الكويت الراحل الشيخ “صباح الأحمد”، بزيارة تاريخية للصين تلبية لدعوة الرئيس شي جين بينغ.

وتمثل الصين أكبر مصدر للكويت، وأكبر شريك تجاري في المجال غير النفطي، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 14,3 مليار دولار. فيما تعتبر الكويت من المصادر الرئيسية التي تستورد منها الصين النفط الخام، وبلغت كمية النفط الخام الذي استوردته الصين من الكويت في سنة 2017 أكثر من 27,5 مليون طن.

وقد شهدت العلاقات التجارية بين الدولتين تصاعداً مستمراً منذ سنة 1985، ووقعت أول اتفاقية ثنائية لتنمية وحماية الاستثمارات بين البلدين، وعقدت ندوة الاستثمار في جمهورية الصين الشعبية في الكويت في 1986، واتُّفق على مساهمة الكويت في ستة عشر مشروعاً بالصين، ووصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين حينها إلى 140 مليون دولار.

وكانت الكويت أول دولة عربية توقع مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق مع الصين في سنة 2014، أثناء زيارة رئیس مجلس الوزراء الشیخ جابر المبارك إلى الصين، حيت تقاطعت مبادرة طريق الحرير مع خطة الكويت 2035 التنموية التي تهدف إلى تحويل الكویت إلى مركز مالي وتجاري عالمي. وفي العام نفسه، أعلن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أن إجمالي قروض الصندوق للصين بلغ 280 مليون دينار كويتي، ومن أهم المشروعات التي مولها: مشروع مصنع اسمنت “ننقو” بقيمة 43 مليون دولار، ومشروع إعادة تأهيل البيئة في مدينة شوزهو بقيمة 32 مليون دولار، ومشروع طريق يبين – شانجنج بقيمة 28 مليون دولار، ومشروع مستشفى ننغشيا بقيمة 34 مليون دولار.

ونفذت الصين بعض المشاريع المهمة في الكويت، حيث نفذت شركة “جهتشوبا” للإنشاءات الصينية، مدينة المطلاع الجديدة بالجهراء، شمال غربي مدينة الجهراء، على مساحة قدرها 30 كلم مربع تقريباً، وتستوعب 400 ألف ساكن، وانتهت الشركة من ثلاث مراحل بالفعل من المشروع خلال 4 سنوات.

وتشارك الشركات الصينية حالياً في بناء 77 مشروعاً كويتياً مهماً، كما فتحت الخطوط الجوية الكويتية خطاً مباشراً بين الكويت ومدينة كوانزو الصينية. وكذلك ساهمت الشركات الصينية في تحقيق نسبة عالية لتغطية شبكة الجيل الخامس (G5) في الكويت، وأصبحت هيئة الاستثمار الكويتية أول جهة أجنبية استثمرت في خطوط السكك الحديدية فائقة السرعة في الصين. وجاءت الصين في المركز الأول سنة 2020 في إجمالي الواردات إلى الكويت بنحو مليار ونصف دينار كويتي، فيما جاءت في المركز الثاني للصادرات الكويتية بنحو 175 مليون دينار كويتي.

وشهدت العلاقات التجارية بين البلدين قفزة كبيرة في الأعوام الثلاثة الماضية. ووفقاً لبيانات إدارة الإحصاء الكويتية، فإن الصين لا تزال أكبر مصدّر للواردات الكويتية وأكبر شريك تجاري للكويت في المجال غير النفطي. وفي سنة 2020، بلغت قيمة التبادل التجاري بين الصين والكويت 14,29 مليار دولار، واستوردت الصين من الكويت 25 مليون طن من النفط الخام بزيادة قدرها 18%. وبذلك أصبحت الكويت ثامن أكبر مصدر للنفط الخام للصين. ووفقا للإحصائيات الصادرة عن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، إذ بلغت القيمة المتراكمة للاستثمار المباشر الذي قامت به الصين في الكويت نحو 500 مليون دولار أميركي حتى آذار/ مارس 2021، وبذلك أصبحت الصين ثاني أكبر مصدر للاستثمار في الكويت.

وبلغت الصادرات الصينية إلى الكويت 4,97 مليار دولار خلال 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية. ويبين الجدول (3) توزع الصادارات الصينية إلى الكويت:

جدول رقم (3) الصادرات الصينية إلى الكويت سنة 2022

السلعة (2022)القيمة/ مليون دولار
مصنوعات من حديد أو صلب716,79
مركبات بخلاف السكك الحديدية والترام634,18
معدات كهربائية وإلكترونية528,80
الآلات والمراجل443,82
الأثاث، لافتات الإنارة، المباني الجاهزة296,26
بلاستيك292,90
مصنوعات من ألبسة منسوجة أو كروشيه198,15
حديد وصلب179,14
اللعب والألعاب والمستلزمات الرياضية127,67
ألومنيوم115,69

وبلغت صادرات الكويت إلى الصين 56,55 مليون دولار خلال سنة 2021، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، ويعد النفط الجزء الأكبر منها، أما باقي السلع غير النفطية فتتوزع وفق ما هو مبين في الجدول رقم 4:

جدول رقم (4) صادرات الكويت إلى الصين سنة 2021

السلعة (2021)القيمة/ مليون دولار
كيماويات عضوية518,73
حديد وصلب112,60
بلاستيك69,30
نحاس1,51
منتجات كيماوية متنوعة1,23
زجاج وأواني زجاجية0,293
مصنوعات من عجينة الورق والكرتون0,239
مصنوعات متنوعة من معادن عادية0,238
المنتجات الصيدلانية0,064
عجينة خشب ليفية سلولوزية نفايات0,54

البحرين والصين

شهدت العلاقات البحرينية الصينية تطوراً ملحوظاً على مختلف المسارات على مدى أكثر من ثلاثة عقود وذلك بفضل الموقع الاستراتيجي للبحرين، وقد صادفت سنة 2022 مرور 33 عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي بدأت في سنة 1989، ومنذ ذلك الحين بُذلت الجهود من أجل الارتقاء بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية بينهما.

وكانت زيارة  ملك البحرين إلى الصين في 2013، نقطة تحول في مسار التعاون بين البلدين، بالتزامن مع توقيع العديد من اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والصحة والتعليم والقطاع المالي والمصرفي.

التعاون الاقتصادي: بلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين والصين نحو 2,19 مليار دولار خلال 2021، بنسبة نمو بلغت  15,34%، وفقاً لتقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة البحرين في  تشرين الثاني/ أكتوبر 2022. كما زادت صادرات البحرين إلى الصين بنسبة 159% على أساس سنوي من 132 مليون دولار في 2020، إلى 341 مليون دولار خلال العام الماضي، فيما زادت الواردات من الصين بنسبة 5% من 1,77 مليار دولار في 2020 إلى 1,85 مليار دولار في 2022.

وبحسب التقرير فقد نما حجم التجارة بين البلدين بنسبة 11% بين 2017 و2021، وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 1,98 مليار دولار في 2017 إلى 2,38 مليار دولار في 2019، ولكنه انخفض بشكل طفيف بين سنتي 2019 و2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى جائحة كورونا، ثم انتعشت التجارة بين البلدين في 2021 إذ زادت بنسبة 15,34% إلى 2,19 مليار دولار.

وتعد الصين شريكاً في تطوير العديد من مشروعات البنية التحتية في مملكة البحرين، إضافة إلى الاستثمارات والمشروعات الصينية في مختلف القطاعات كالاتصالات والصناعة وغيرها.

وهناك ترابط استراتيجي بين رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، مع رؤية جمهورية الصين التي تقوم على الإصلاح والانفتاح في المجال الاقتصادي، وهو ما أسهم في دفع التعاون والتبادل المشترك بين البلدين إلى آفاق جديدة. وفي هذا الإطار، اعتبرت جمهورية الصين أن مملكة البحرين محطة مهمة ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، باعتبارها نقطة انطلاق لدخول أسواق المنطقة، وكونها شريكاً مهماً يمتلك العديد من المميزات التنافسية.

إلى ذلك، أبرمت وزارة الإسكان البحرينية خلال 2019 عقود تنفيذ مشروع إسكاني شرق مدينة سترة جنوب العاصمة مع شركة هندسة الماكينات الصينية “سي أم إي سي” (CMEC). وبمقتضى هذه الاتفاقية سيتم تنفيذ مشروع مدينة شرق سترة بكلفة إجمالية تبلغ 260 مليون دينار بحريني (691 مليون دولار)، وتوفر المدينة أكثر من 3000 وحدة سكنية ومقسمة على 3 مراحل بما في ذلك أعمال البنية التحتية للمدينة الجديدة.

كما أطلقت شركة “آيكول” الصينية المتخصصة في تصنيع منتجات التدفئة والتهوية، خلال سنة 2022، مصنعاً في مملكة البحرين باستثمار يبلغ 10,7 مليون دولار. وتستهدف الشركة إنتاج وتصدير أنابيب العزل الخاصة بتكييف الهواء إلى أسواق الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا بالاستفادة من موقع البحرين الاستراتيجي، واتفاقيات التجارة الحرة التي تتمتع بها المملكة.

وبحسب غاري شو، المدير العام بشركة “آيكول – البحرين”، تسعى الشركة إلى إنتاج 480 حاوية من أنابيب العزل الخاصة بمكيفات الهواء خلال العام الأول من التشغيل، وهو ما يعادل عائدات تزيد عن 31 مليون دولار أميركي.

وفاتتحت البحرين في نهاية 2015، مجمع “مدينة التنين” الذي تديره شركة “تشاينا ميدل إيست انفستمنت آند تريد بروموشن سنتر” (تشاينامكس)، في جزيرة المحرق (ضمن مشروع ديار المحرق) بمحاذاة مطار البحرين الدولي. ويضم المجمع أكثر من 500 شركة صينية ستعرض مختلف السلع والخدمات المتنوعة وذات الجودة العالية.

ويشمل موقع “مدينة التنين” سوقاً تشغل مساحة 50 ألف متر مربع، إضافة إلى مخزن ومجمع للترفيه والمطاعم، وسوف تتيح الخدمات اللوجستية ومرافق التخزين للشركات الصينية الاستفادة من مرافق البنية التحتية الممتازة في البحرين، ومن ضمنها مطار البحرين الدولي والموانئ. وكانت مجموعة “تشاينا إيست ستار” قد أعلنت أنها استثمرت حوالي 10 ملايين دولار أميركي في مدينة التنين وذلك لبناء مرافق للتخزين بحجم 18 ألف متر مربع.

وجدير بالذكر أنّ العديد من الشركات الصينية الرائدة، تتخذ من المملكة مقاراً إقليمية لها، ومن ضمن هذه الشركات: “هواوي”، و”بانك أوف تشاينا”، و”تشاينا هاربور انجينيرينغ كومباني لمتد”، و”تشاينا كومسيرفيس” و”سي بي آي سي”.

وارتفعت الاستثمارات الصينية في البحرين من 30 مليون دولار في 2013، إلى أكثر من 300 مليون دولار في 2018، كما ارتفع عدد الشركات الصينية في البحرين من 60 شركة في 2013 إلى ما يقارب 600 شركة في 2018.

وبلغت الصادرات الصينية إلى البحرين 1,77 مليار دولار خلال 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، وفق ما يُبين الجدول 5.

جدول رقم (5) صادرات الصين إلى البحرين سنة 2022

السلعة (2022)القيمة/ مليون دولار
السفن والقوارب وغيرها من الهياكل العائمة238,47
معدات كهربائية وإلكترونية209,01
الآلات والمراجل198,53
الوقود المعدني والزيوت ومنتجات التقطير 134.56 مليون دولار134,56
مركبات غير السكك الحديدية والترام115,01
أثاث ، لافتات إضاءة ، مباني جاهزة105,12
كيماويات غير عضوية ، مركب معادن ثمينة نظير98,22
مصنوعات من حديد أو صلب67,94
بلاستيك65,55
اللعب والألعاب والمستلزمات الرياضية43,60
حديد وصلب41,52
منتجات السيراميك27,30
ألومنيوم26,92
مصنوعات من الملبوسات غير منسوجة أو كروشيه25,38
ورق مقوى ومصنوعات من عجينة الورق والكرتون24,29
مطاط23,77
منتجات كيماوية متنوعة23,39
مصنوعات من ألبسة محبوكة أو كروشيه20,32
زجاج وأواني زجاجية15,19
فحم خشبي15,06
كيماويات عضوية14,84

وبلغت صادرات الكويت إلى الصين 56,55 مليون دولار خلال سنة 2021، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، ويعد النفط الجزء الأكبر منها، أما باقي السلع غير النفطية فتتوزع وفق ما هو مبين في الجدول رقم 4:

سلطنة عُمان والصين

كانت عمان دولة مهمة على طريق الحرير البحري القديم، وتمتد العلاقات بينها وبين الصين إلى عصور بعيدة. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وعمان في سنة 1978، شهدت العلاقات تطوراً ملحوظاً، وفي 25 أيار/ مايو 2018، بمناسبة الذكرى السنوية الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تمّ توقيع وثيقة التعاون لـ “الحزام والطريق” بين مسقط وبكين.

في سنة 2021، قام عضو مجلس الدولة ووزير خارجية الصين، وانغ يي، بزيارة عمان، وفي بداية 2022، قام وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي بزيارة الصين، وعمل الجانبان على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وبناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية، والعمل معاً على مكافحة فيروس كوفيد 19، والمحافظة على السلام والاستقرار الإقليميين، وتوصلا إلى توافق بشأن تيسير تبادل الأفراد وتعزيز التبادلات الإنسانية وغيرها. في  آذار/ مارس 2022، اجتمع رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وانغ يانغ، مع رئيس مجلس الشورى العماني خالد بن هلال المعولي، عبر تقنية الفيديو، وتباحثا تعزيز مواءمة مبادرة “الحزام والطريق” مع “رؤية عمان 2040”.

وفي أيار/ مايو، قام عضو مجلس الدولة ووزير الدفاع الصيني وي فنغ خه، بزيارة عُمان، حيث تم التوصل إلى العديد من التوافقات حول تعزيز التعاون العملي في مختلف المجالات بما فيها مجال الدفاع الوطني.

التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري: نفذت الشركات الصينية العديد من المشروعات الهندسية الكبيرة في عمان، مثل: الطرق العامة العالية الجودة، وخطوط الصرف الصحي، ومحطات توليد الطاقة، ومصانع الأسمنت وغيرها. وأصبحت شركتا بتروتشاينا وهواوي شريكين مهمين لعُمان في مجالي النفط والغاز والاتصالات، كما تشارك شركة شبكة الكهرباء الوطنية الصينية بعمق في التنمية الطويلة الأجل لعمان في صناعة الطاقة، وبشكل عام، حافظت الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لعمان، وأكبر مستورد للنفط الخام العماني لسنوات متتالية.

وبحسب ناصر سعيدي، وزير الاقتصاد والصناعة الأسبق، فإن الصين تمثل 64 في المئة من صادرات السلطنة، يتربعها النفط والغاز، أما في الاستيراد فتمثل الصين 11 في المئة فيما يتعلق بالسلطنة.

وبلغت الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون 101 مليار دولار، خلال الـ 15 عاماً الماضية، يتصدرها الاستثمار في قطاع الطاقة بنسبة 44 في المئة يليه قطاعي النقل والعقارات، وتبلغ حصة السلطنة من تلك الاستثمارات الصينية في دول المجلس، 7 في المئة وبنحو 6,6 مليار دولار بينها 76 في المئة في قطاع الطاقة والبتروكيماويات، مع انتعاش العلاقات التجارية بين البلدين سواء التبادل التجاري أو الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما تمّ بيع حصة كبيرة من الشركة العُمانية لنقل الكهرباء للصين، وهذا مؤشر على اهتمام الصين بالدخول للاستثمار في السلطنة.

وقد بلغت الصادرات الصينية إلى سلطنة عمان 4,21 مليار دولار أميركي خلال 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، مثلما هو مبين في الجدول 6.

جدول رقم (6) صادرات الصين إلى عُمان سنة 2022

السلعة (2022)القيمة/ مليون دولار
مصنوعات من حديد أو صلب587,88
آلات وغلايات555,16
معدات كهربائية وإلكترونية542,65
كيماويات عضوية381,19
حديد وصلب274,02
الأثاث، لافتات الإنارة، المباني الجاهزة251,04
مركبات بخلاف السكك الحديدية والترام222,57
بلاستيك198,43
الوقود المعدني والزيوت ومنتجات التقطير174,93
منتجات السيراميك123,38

وأحرزت الصين بعض التقدم في الصناعات العُمانية غير النفطية، والمبادرات التي تديرها الدولة. فقد حصلت الحكومة العُمانية على مليار دولار من خلال بيع 49٪ من حصتها في الشركة العُمانية لنقل الكهرباء إلى شركة الشبكة الحكومية الصينية. كما وافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على أن يصبح مقرضاً لمشروع محطة عبري 2 للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميغاوات في عُمان. ويعتبر هذا الاستثمار الذي تبلغ قيمته 60 مليون دولار أول عملية تمويل يقوم بها البنك الصيني لمشروع الطاقة المتجددة في منطقة الخليج.

ويشكل قطاع النفط والغاز في عُمان نحو 72٪ من الإيرادات الحكومية. وتستهلك الصين الأغلبية العظمى من النفط الخام الذي تصدره عُمان، وقد استوردت في الفترة الأخيرة نحو 90٪ من صادرات عُمان من النفط الخام. وكان حصة الصين زادت بين 2000 و2017، من 35,2٪ إلى 82,5٪.

وتزامن نمو الواردات الصينية من النفط الخام العُماني مع انخفاض نسبي في أهمية المستوردين الآسيويين الآخرين.

ومثل النفط الخام أيضاً 92,4٪ من إجمالي صادرات عُمان إلى الصين في سنة 2018. وتأتي المنتجات الكيميائية في الدرجة الثانية من بين فئات الصادرات، مثل الهيدروكربونات الحلقية. لم يتغير هذا الاعتماد المفرط على الصادرات القائمة على الهيدروكربونات ضمن تجارة عُمان مع الصين إلا قليلاً خلال العقد الماضي، من دون وجود مسار واضح لتنويع الصادرات مع هذا الشريك التجاري الهام.

وأكد تقرير للمجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، أن سلطنة عُمان من أهم الشركاء للصين اقتصادياً وأمنياً في منطقة الخليج العربي، وأشار إلى أن السلطنة كانت تاريخياً ثاني أكبر مصدر للطاقة للصين في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تستقبل الصين نحو 90 ي المائة من صادرات الخام العماني. وقال إنّ سلطنة عُمان حافظت تقليدياً على موقف محايد في الشرق الأوسط، وسعت إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع الصين في السنوات الأخيرة. وقد استثمرت بكين بكثافة في البنية الأساسية في سلطنة عُمان، بما في ذلك 10,7 مليار دولار في ميناء الدقم والمنطقة الصناعية، بالقرب من مضيق هرمز. وتسمح الدقم، التي تقع عند تقاطع الطرق البرية والبحرية، للصين بالوصول إلى خطوط إمدادات الطاقة وتأمينها بشكل أفضل عبر المنطقة. وأضاف أنّ هذا يجعل سلطنة عُمان شريكا مهما للصين في المجال الأمني، إذ كان مسقط قد استضافت مناورات بحرية مشتركة مع الصين في سنة 2017.