تقرير فلسطين قطاع غزة
تقرير قطاع غزة
المقدمة
أنهى سكان قطاع غزة سنة 2023 بين نيران القصف الإسرائيلي والنزوح خارج منازلهم وفقدان أي معالم لمستقبل واضح لهم ولأبنائهم، في ظل استمرار العدوان على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي حصيلة أعلنت عنها وزارة الصحة في غزة مع نهاية كانون الأول/ ديسمبر، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 21,822 شهيداً، والجرحى 56,451، فيما ذكر مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أن هناك أكثر من 29,000 شهيداً ومفقوداً حتى لحظة هذا الإعلان، علماً بأنه لا يزال أكثر من 7 آلاف شخص تحت الأنقاض.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة، فإن 326 من الكوادر الطبية استشهدوا في العدوان، كما دمر القصف الإسرائيلي 104 من سيارات الإسعاف وأخرجها عن الخدمة، وكذلك استهداف 150 مؤسسة صحية وأخرج 30 مستشفى من الخدمة، إلى جانب اعتقال 99 من الكوادر الطبية.
وأشارت مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى إلى أن الاحتلال يحتجز 142 أسيرة من قطاع غزة، جرى اعتقالهن خلال الاجتياح البري للقطاع، بينهن طفلات رضيعات ومسنات، في ظروف قاسية ومهينة.
وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت عن اعتقالها 260 أسيراً وأسيرة من القطاع، وصنفتهم “مقاتلين غير شرعيين.”
وواصل الجيش الإسرائيلي حربه على المستشفيات في قطاع غزة، حيث تعرضت خلال كانون الأول/ ديسمبر مستشفيات كمال عدوان والعودة للحصار والقصف والاستهداف، ليتبع ذلك عمليات اقتحام وتنكيل بالمرضى والنازحين والكوادر الطبية، وصولاً إلى ااعتقال أفراد من الكادر الطبي من بينهم مدير مستشفى العودة الدكتور أحمد مهنا الذي انقطعت أي معلومات عنه أو عن مكان تواجده.
على الصعيد الميداني أيضاً، تعرضت مخيمات اللاجئين في المنطقة الوسطى لقصف إسرائيلي عنيف خلال الفترة المذكورة، للضغط على السكان والنازحين فيها بهدف النزوح إلى مناطق أخرى خارجها باتجاه الجنوب، ما أدى لارتكاب مجازر بحق السكان، خاصة في ظل استمرار القصف أثناء محاولتهم للخروج من مناطق سكنهم.
وشهدت المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر المعروفة بـ “محور فيلادلفيا” أو محور صلاح الدين، عدة استهدافات شنها الجيش الإسرائيلي، بزعم ظنه بوجود أنفاق ما بين الجانبين، وهو ما نفاه الجانب المصري.
وأعقب ذلك تصريحات مغلفة بالتهديد على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضرورة سيطرته على المحور الحدودي.
اقتصادياً، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً أكدت فيه أن جميع سكان غزة أي نحو 2,2 مليون شخص، يعانون من أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وهناك خطر لحدوث مجاعة في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا استمر الصراع العنيف وتقييد وصول المساعدات الإنسانية.
ويستمر الانهيار في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان، بارتفاع الأضرار التي لحقت بالأبنية والمنشآت، حيث أظهرت إحصائيات نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أنه منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر وحتى 23 كانون الأول/ ديسمبر، دمر الجيش الإسرائيلي أكثر من 65,000 وحدة سكنية في قطاع غزة.
وطال التدمير والاستهداف كذلك الوجه التاريخي لغزة، حيث أكد المكتب الإعلامي الحكومي في بيانه نهاية كانون الأول/ ديسمبر، أن الجيش الإسرائيلي دمر واستهدف أكثر من 200 موقع تراثي وأثري في قطاع غزة، من أصل 325 موقعاً، بين مساجد أثرية وكنائس ومدارس ومتاحف ومنازل أثرية قديمة ومواقع تراثية مختلفة.
التقرير السياسي
واحد وعشرون ألف شهيد وحصار مستشفيات ومصير مجهول للأسرى
أعلنت وزارة الصحة في غزة، الأحد 31 كانون الأول/ ديسمبر، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، إلى 21,822 شهيداً، و56,451 جريحاً، حتى اليوم 86 من العدوان، مسجلاً زيادة عن حصيلة الشهداء في نهاية الشهر المنصرم بأكثر من 5000 شهيد.
وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن 326 من الكوادر الطبية استشهدوا في العدوان، كما تم تدمير 104 من سيارات الإسعاف وإخراجها من الخدمة، فيما تعمد الاحتلال استهداف 150 مؤسسة صحية وأخرج 30 مستشفى من الخدمة، إلى جانب استمراره في اعتقال 99 من الكوادر الصحية في ظروف غير إنسانية.
وفي تصريح لمدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة، قال إن هناك أكثر من 29 ألف شهيد ومفقود حتى اللحظة، مضيفاً “إننا نعتقد أن أكثر من 7000 شخص لا يزالون تحت الأنقاض.”
وقبل أيام من نهاية العام 2023، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر حسابه في منصة “إكس” إنه “قُتل أكثر من 136 من زملائنا في 75 يوماً، وهو شيء لم نره من قبل في تاريخ الأمم المتحدة.”
وحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأربعاء 6 كانون الأول/ ديسمبر، مستشفى العودة الصحي في منطقة تل الزعتر بمدينة جباليا شمالي قطاع غزة.
وكان مدير المستشفى قد أعلن في مطلع الشهر قبل أيام من الحصار عن استشهاد 3 أطباء واثنين من المسعفين في قصف من الجيش الإسرائيلي.
ومع استمرار حصار المستشفى، أقدمت قناصة الجيش الإسرائيلي، الأحد 10 كانون الأول/ ديسمبر، على قتل اثنين من الكوادر الطبية، في الوقت الذي يستمر حصار مستشفى كمال عدوان في الشمال.
واقتحمت قوات الاحتلال مستشفى العودة، مساء الأحد 17 كانون الأول/ ديسمبر، وذلك بعد أيام من حصارها وقصفها، واحتجزت كوادرها الطبية وقامت بتعريتهم وعلى رأسهم مدير المستشفى الدكتور أحمد مهنا.
وفي تصريح للمتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إن قوات الاحتلال أطلقت سراح الكوادر الطبية بعد أربع ساعات من الاستجواب في ظروف غير إنسانية، فيما أبقت مدير المستشفى الطبيب مهنا رهن الاعتقال واقتادته إلى جهة غير معلومة.
وفي وقت سابق، نقلت مؤسسة “أكشن إيد” شهادات عن حصار جيش الاحتلال لمستشفى العودة، وأوضحت في بيان لها أنه لا أحد يستطيع أحد الخروج منه أو الدخول إليه، إضافة إلى نفاد إمدادات الغذاء والماء بشكل خطير.
ووفق أحد العاملين في المستشفى، تواجد فيها 92 عاملاً في مجال الرعاية الصحية و38 مريض و40 مرافق للمرضى المحاصرين.
وواصلت آليات ودبابات الاحتلال حصار مستشفى الشهيد كمال عدوان شمال القطاع، بعد أن اقتحمته يوم الثلاثاء 12 كانون الأول/ ديسمبر.
وذكرت الوزارة في تحديثات بشأن آخر التطورات في المستشفى، أن الاحتلال يمنع الطواقم الطبية من تقديم الرعاية الصحية لعدد من الجرحى في قسم الطوارئ ما أدى لاستشهاد اثنين منهم.
وأجبر الجيش الطواقم الطبية على تجميع الجرحى وأطفال العناية في الطابق الثاني فقط، ومنع عنهم الماء والطعام والكهرباء والحركة بين الأقسام، كما حرم 12 طفل في العناية من الحليب، وحذرت الصحة من فقدان حياتهم نتيجة انقطاع الكهرباء وتوقف أجهزة دعم الحياة عنهم.
وأشارت وزارة الصحة، في البيان نفسه، إلى أن الاحتلال يحتجز أكثر من 70 من الطواقم الطبية والجرحى على رأسهم مدير المستشفى الطبيبب أحمد الكحلوت، كما أجبرت 2500 نازح من داخل المستشفى للتوجه نحو مراكز الإيواء.
ولفتت إلى أنه تحت التهديد والقصف سيتم إخلاء الجرحى والمرضى إلى مجمع الشفاء الطبي، الذي يفتقر بدوره إلى كل المقومات العلاجية ما يعني إعداماً لهم.
وفي تصريحات أخرى للوزارة، لفتت إلى أن الوضع الصحي في مستشفيات الجنوب لا يطاق، وفقدت القدرة الاستيعابية والعلاجية، وباتت الكوادر الطبية تفاضل بين الحالات لإنقاذ حياة ما يمكن إنقاذه من بين الأعداد الكبيرة التي تصل إلى مستشفيات الجنوب.
وفي تقرير صدر عن وزارة الصحة بالضفة المحتلة في اليوم نفسه، أوضحت أن مستشفى غزة الأوروبي في الجنوب يعاني من نقص حاد في الأدوية ومنتجات الدم والإمدادات الطبية، مع تقنين صارم للوقود، مع استمرار المستشفى في علاج المرضى وإيواء نحو 70,000 مدني في ظل ظروف صعبة.
كذلك أشار التقرير إلى أن الأمراض المنتشرة في غزة تشمل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد، بالإضافة إلى تفشي الأمراض مثل التهاب الكبد (أ)، كما حدثت زيادات كبيرة في الأمراض المعدية التي تم الإبلاغ عنها في ملاجئ الأونروا في الجنوب، بما في ذلك الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد، وتواجه الفئات الضعيفة مثل الأشخاص ذوي الإعاقة والجرحى والنساء الحوامل ظروف إيواء صعبة.
وذكرت الوزارة أن التقديرات تشير إلى أن ما يقارب من 1,900,000 شخص في غزة، أي ما يقرب من 85% من السكان، هم نازحون داخلياً، مع نحو 1,200,00 مسجل في 151 منشأة تابعة للأونروا، منهم نحو 1,000,000 في 94 ملجأ للأونروا في الجنوب.
وبحسب آخر التحديثات التي أشارت لها وزارة الصحة، تم تدمير أكثر من 60% من الوحدات السكنية، ما يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الصحية.
وفي تصريح للناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الأحد 24 كانون الأول/ ديسمبر، أشار إلى أن الاحتلال يمنع من انتشال أحياء من البنايات المدمرة عبر استهداف طواقمهم.
إلى ذلك، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، الأحد 10 كانون الأول/ ديسمبر، بأن سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها 142 أسيرة من غزة، بينهن طفلات رضيعات، جرى اعتقالهن خلال الاجتياح البري لغزة.
ووفق المعطيات المتوفرة، فإن الأسيرات محتجزات في عدة سجون، منها سجن “الدامون” وسجن “هشارون”، حسب بيان المؤسستين.
وذكرت مؤسسات الأسرى في بيان سابق، أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ جرائم مروعة وفظيعة بحق معتقلي غزة، إلى جانب رفضه الكشف عن مصيرهم، من حيث أعدادهم وأماكن احتجازهم وحالتهم الصحية.
وأبدت المؤسسات تخوفها على مصير أسرى غزة في ضوء الصور الصادمة والمروعة والشهادات التي خرجت من مواطنين جرى اعتقالهم من غزة مؤخراً، ولا تستبعد المؤسسات إقدام الاحتلال على تنفيذ عمليات إعدام بحق معتقلين من غزة.
وكانت إدارة سجون الاحتلال قد أعلنت في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، عن وجود 260 معتقلاً ومعتقلة لديها من غزة، صنفتهم كمقاتلين غير شرعيين، حسب بيان مؤسسات الأسرى.
ويشير البيان إلى أن الوزير الإسرائيلي بن غفير تقدم بطلب لمسؤولة إدارة السجون، يتضمن نقل معتقلين من غزة إلى قسم الزنازين “ركفيت” المقام تحت سجن “نيتسان الرملة”، الذي يعتبر من أسوأ السجون وأقدمها.
في سياق متصل، نقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين عن محاميتها، أن إدارة السجون الإسرائيلية تعمدت خص معتقلات قطاع غزة بالنوع الأسوأ من المعاملة، وهذا ما أكدته إحدى الأسيرات التي قالت إن امرأة مسنة 80 عاماً من غزة وصلت إلى قسم في سجن الدامون قبل أيام، وهي تمشي على عكاز ومن دون غطاء على رأسها، وجسمها وملابسها مليئة بالدم ولا تعرف شيئاً، على ما يبدو أنها تعاني من “الزهايمر”، حسب المحامية.
وأشارت الهيئة في بيانها الأحد 17 كانون الأول/ ديسمبر، إلى أن جميع أسيرات القطاع يتم أخذ ملابسهن واستبدالها بملابس صيفية، ناهيك عن أيام صعبة قضينها قبل وصول سجن الدامون، حيث تعرضن للكثير من الضرب والاعتداء عليهن، بالإضافة للإهانات والشتم، وقسم منهن بقين 7 أيام في العراء تحت المطر وفي البرد، وجميع أسيرات القطاع وصلن إلى السجن بحالة يرثى لها من جميع النواحي الصحية والجسدية والنفسية.
وذكرت كذلك شهادة بشأن أسيرة من غزة قالت إنه عند اعتقالها كان برفقتها أطفالها الأربعة، لم تعرف ماذا تفعل بهم فكان رجلاً من غزة قريب منها، أعطته أطفالها وهي لا تعرف من هو وتركتهم ولا تعرف مصيرهم، وغيرها كذلك عند اعتقالهن تركن أولادهن في الشارع.
تكثيف استهداف مخيمات المنطقة الوسطى ونزوح السكان
تعرضت مخيمات اللاجئين في المنطقة الوسطى “النصيرات، البريج، المغازي” لتكثيف الاستهداف والقصف الإسرائيلي في الأسبوع الأخير من كانون الأول/ ديسمبر، للضغط على سكان تلك المناطق من أجل الإخلاء والنزوح من منازلهم، علماً بأنها لم تسلم طيلة فترة العدوان من الاستهداف وارتكاب المجازر والتدمير.
وكان جيش الاحتلال قد كرر يوم الثلاثاء 26 كانون الأول/ ديسمبر أمره السكان بمغادرة أكثر من 12 منطقة مركزية تمتد من محيط غزة إلى الساحل، بما في ذلك مخيمي البريج والنصيرات وسط القطاع.
ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة، تنشر قوات الاحتلال تحذيرات وتهديدات بالإخلاء للفلسطينيين وفق خرائط تضعها مقسمة لـ “بلوكات” بأرقام للمناطق، لا يعلم عنها سكان القطاع شيء، ويجهلون طبيعة تقسيمها وفهمها وباتوا يسمونها “لعبة بلوكات الموت”.
ووفق الأمم المتحدة، المناطق المستهدفة هي موطن لنحو 90,000 شخص بالأصل، وهي تضم الآن أيضاً ستة ملاجئ تستضيف نحو 61,000 نازح معظمهم من الشمال.
وقد طلب من السكان الانتقال فوراً إلى الملاجئ في بلدة دير البلح القريبة، والتي تكافح للتعامل مع مئات الآلاف من النازحين، حسب المنظمة الأممية.
وقد أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه البالغ إزاء استمرار قصف المنطقة الوسطى ومخيماتها المكتظة بالسكان. ونقل المكتب عن تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود أفاد بأن مستشفى الأقصى في دير البلح، استقبل 131 شهيداً، بعد الغارات الإسرائيلية على المغازي والبريج يوم الأحد.
كما حذر المكتب من الوضع الإنساني المتفاقم والكارثي بالفعل، قائلاً إن جميع الطرق التي تربط المخيمات الثلاثة قد دمرت وأن أي ملاجئ ومستشفيات لا تزال تعمل تعاني من الاكتظاظ الشديد ونقص الموارد.
وفي مطلع الشهر، طلب الجيش الإسرائيلي بشكل عاجل من سكان 4 مناطق بمحافظة خانيونس جنوبي القطاع بضرورة المغادرة، وهم سكان أحياء الكتيبة والمحطة ووسط المدينة، والتوجه لما أسماه بـ “المآوي المعروفة” غرب مدينة خانيونس.
وأعلنت الأمم المتحدة بعد أسابيع أن الاحتلال أمر بإخلاء منطقة واسعة في خانيونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة، والتي لجأ إليها العديد من الفلسطينيين.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في تقرير، إن الجيش الإسرائيلي أمر بالإخلاء الفوري لمنطقة تغطي حوالي 20 بالمئة من مساحة مدينة خانيونس.
وأوضح المكتب أن حجم عمليات النزوح التي ستنجم عن أمر الإخلاء ليس واضحاً، لكن المنطقة المطلوب إخلاؤها يعيش بها أكثر من ربع مليون شخص.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2,300,000 نسمة فروا من منازلهم في أثناء العدوان، وإن كثيرين منهم انتقلوا مرات تحت وطأة القصف الجوي.
وتضيف أن عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين تكدسوا في منطقة رفح على حدود قطاع غزة مع مصر، هرباً من القصف الإسرائيلي.
وذكر مكتب “أوتشا” أن معظم النازحين في رفح ينامون في العراء بسبب نقص الخيام رغم أن الأمم المتحدة تمكنت من توزيع بضع مئات منها.
قصف وتهديد بسيطرة إسرائيلية على محور فيلادلفيا
استهدف الجيش الإسرائيلي خلال كانون الأول/ ديسمبر مناطق محور فيلادلفيا بعدة عمليات قصف، وهو محور يفصل بين مصر وقطاع غزة ويصل طوله إلى نحو 14 كيلومتراً.
مصر أبلغت الجانب الإسرائيلي تحفظاتها على تنفيذ عدة ضربات بالقرب من المحور كونه يخضع لاتفاقية ثنائية تستوجب الحصول على إذن مسبق من الطرف الآخر قبل تنفيذ أية أعمال عسكرية في المنطقة.
وزعم الاحتلال الإسرائيلي أن عمليات القصف تهدف إلى تدمير أنفاق بين مصر وغزة، رغم نفي الجانب المصري لذلك.
وعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحديث حول محور فيلادلفيا في تصريحات، السبت 30 كانون الأول/ ديسمبر، قال فيها: “محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية في غزة، يجب أن تكون تحت سيطرتنا، يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى له.”
التقرير الاقتصادي
انعدام الأمن الغذائي لمليوني غزي ومجاعة مرتقبة
تعاني أكثر من 25% من الأسر في قطاع غزة من الجوع الشديد، في ظل خطر حدوث مجاعة خلال الأشهر الستة المقبلة، إذا لم يتوافر ما يكفي من الغذاء والماء النظيف وخدمات الصحة والصرف الصحي.
جاء ذلك في تقرير صدر عن الأمم المتحدة، في 21 كانون الأول/ ديسمبر، يعرف بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أكد فيه أن جميع سكان غزة أي حوالي 2,200,000 شخص، يعانون من أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي.
وأظهر التقرير أن 26% من السكان، أي نحو 577,000 شخص، قد استنفدوا إمداداتهم الغذائية وقدراتهم على التكيف، ويواجهون جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل) والجوع الحاد.
كما أشار التقرير إلى أن هناك خطراً لحدوث المجاعة في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا استمر الصراع العنيف وتقييد وصول المساعدات الإنسانية، ويتضمن هذا التحليل الأخير للأمن الغذائي في غزة، بيانات من برنامج الأغذية العالمي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية.
وقالت سيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، إن البرنامج حذر على مدى أسابيع من وقوع هذه الكارثة، وأصبح الوضع يائساً من دون ضمان الوصول الإنساني الآمن والمستمر الذي طالبت به الوكالات الأممية. مؤكدةً أن الجميع في غزة ليسوا في مأمن من الجوع الحاد.
وأفاد خبراء الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي في تقييمات سابقة، أن سكان غزة قد استنفدوا جميع مواردهم، فيما انهارت سبل عيشهم، ودمرت المخابز، وأصبحت المتاجر فارغة، ولا تستطيع الأسر العثور على الطعام.
وفي شهادات من سكان في القطاع لموظفي برنامج الأغذية العالمي، قالوا أنهم غالباً ما يمضون أيام كاملة دون تناول الطعام، وأن العديد من البالغين يعانون من الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.
وشدد البرنامج العالمي على ضرورة توفير المزيد من المواد الغذائية الطارئة والمساعدات متعددة القطاعات، لمنع انتشار الوفيات على نطاق واسع.
وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج: “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد الناس يتضورون جوعاً، هناك حاجة إلى ضمان الوصول الإنساني كي تتدفق الإمدادات إلى غزة وفي جميع أنحائها، وكي يتمكن المدنيون من الحصول على المساعدات المنقذة للحياة بأمان.”
في سياق متصل، تقول الأمم المتحدة إن كمية الأغذية التي تصل غزة من خلال المساعدات، تساوي 10% فقط من الكمية التي يحتاج إليها سكان القطاع الذين نزح معظمهم.
نحو 70% من أبنية غزة تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي
أظهرت إحصائيات نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أنه منذ بداية العدوان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى 23 كانون الأول/ ديسمبر، دمر الجيش الإسرائيلي أكثر من 65,000 وحدة سكنية في قطاع غزة.
وحسب الإحصائية، أكثر من 290,000 وحدة سكنية متضررة جزئياً، و352 منشأة تعليمية متضررة، وأكثر من 115 مسجداً قد تضرر، بالإضافة إلى تضرر 3 كنائس على الأقل، وهناك 76 مستشفى ومركز صحي خارج الخدمة، كذلك 102 سيارة إسعاف تضررت، و2 منشأة للمياه والصرف الصحي.
في سياق متصل، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن الاحتلال الإسرائيلي بحلول منتصف كانون الأول/ الأول، أسقط 29,000 قنبلة على قطاع غزة، وتعرض ما يقرب من 70% من منازل غزة البالغ عددها 439,000 منزل ونحو نصف مبانيها لأضرار أو دمرت بالكامل.
وذكرت في تقريرها أن القصف ألحق أضراراً بالكنائس والمساجد القديمة والمصانع والمباني السكنية ومراكز التسوق والفنادق الفاخرة والمسارح والمدارس، بالإضافة إلى أن البنية التحتية للمياه والكهرباء والاتصالات والرعاية الصحية أصبحت غير قابلة للإصلاح.
ومعظم مستشفيات غزة البالغ عددها 36 مستشفى باتت مغلقة، ولا تقبل سوى 8 منها المرضى، كذلك دمر الاحتلال أشجار الحمضيات وبساتين الزيتون والدفيئات الزراعية، وتضرر أكثر من ثلثي مدارسها.
في سياق متصل، ذكرت منظمة ذا شيلتر كلستر، التي تضم مجموعة من الجمعيات الإغاثية بقيادة المجلس النرويجي للاجئين، أنه بعد انتهاء الحرب الحالية، سيستغرق الأمر على الأقل عاماً لتنظيف الركام فقط، وهي مهمة تعقدت بسبب ضرورة إزالة الألغام غير المنفجرة بشكل آمن.
وقالت المجموعة إن إعادة بناء المساكن ستستغرق من 7 إلى 10 أعوام، إذا كان التمويل متاحاً، وتقدر تكلفة الإعمار بنحو 3,5 مليارات دولار، من دون احتساب تكلفة توفير أماكن للإقامة المؤقتة.
التقرير الثقافي
الاحتلال يدمر الوجه التاريخي لقطاع غزة
أصدرت وزارة الثقافة الفلسطينية التقرير الشهر الثاني، في 6 كانون الأول/ ديسمبر، والذي يرصد ما تعرض له القطاع الثقافي الفلسطيني في قطاع غزة على مدى شهرين.
وبحسب التقرير، فقد المشهد الثقافي العديد من المبدعين في مختلف المجالات، عرف منهم حتى لحظة صدور التقرير 28 استشهدوا، من بينهم 4 أطفال، ودمرت تسعة دور نشر ومكتبات، بالإضافة إلى تضرر عدد من المراكز الثقافية بشكل كلي أو جزئي، عرف منها 21 مركزاً.
كما تعرضت معظم أجزاء البلدة القديمة لمدينة غزة للتدمير، بما فيها 20 من المباني التاريخية، من كنائس ومساجد ومتاحف ومواقع أثرية، وتدمير وتضرر 3 استوديوهات وشركات إنتاج إعلامي وفني.
وأصدرت الوزارة فيما بعد بياناً في 11 كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت فيه قصف مسجد الخلفاء الراشدين بشمال القطاع من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي نهاية الشهر، أعلنت الوزارة أن الاحتلال دمر مبنى سيباط العلمي في غزة، والذي تم إنشاؤه في سنة 1806، ويتكون من ثلاث غرف وإيوانان ومطبخ ودرجان يؤديان إلى الدور الثاني وغرفة السيباط ، وكان قد تم ترميمه في سنة 2009 وتحويله إلى مركز رياض العلمي للتراث والثقافة.
وقالت الوزارة إن الحمام كان يعتبر مزاراً سياحياً وعلاجياً في الوقت ذاته، فهو أول من قام بالعمل به هم السامريون ومن هنا بدأ يطلق عليه اسم حمام السمرة.
وفي بيان أخير صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي في 29 كانون الأول/ ديسمبر، أكد أن جيش الاحتلال دمر واستهدف أكثر من 200 موقع تراثي وأثري في قطاع غزة من أصل 325 موقعاً في قطاع غزة، ما بين مساجد أثرية وكنائس ومدارس ومتاحف ومنازل أثرية قديمة ومواقع تراثية مختلفة.