تقرير فلسطين  قطاع غزة

الكاتبايمان الحاجالقسمفلسطينالتاريخ تموز /يوليو 2024

المقدمة

عاش الفلسطينيون في قطاع غزة، في تموز/ يوليو، شهرهم العاشر تحت العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والحصار المطبق المستمر منذ أكثر من 20 عاماً، والمتفاقم منذ الحرب الأخيرة على القطاع، من دون أي بوادر لإنهاء هذه الحرب، وفي ظل مفاوضات لا تبدو أكثر من غطاء لكسب الوقت، في الوقت الذي باتت الحياة في غزة منعدمة.

وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية في نهاية تموز/ يوليو حصيلة شهداء العدوان بواقع 39,445 شهيداً، و91,073 جريحاً، فيما لا يزال آلاف المفقودين لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشالهم لعدم توافر الإمكانيات، الأمر الذي لا بد أن يزيد في أعداد الشهداء بعد انتهاء الحرب، ونبش جثامين من لا يزالون تحت الأنقاض.

فأمّا الحدث الأبرز نهاية تموز/ يوليو، فكان اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أثناء إقامته في العاصمة الإيرانية طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، وأشارت الحركة بأصابع الاتهام للاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً أن الاغتيال جاء بعد ساعات من عملية اغتيال أخرى للمسؤول الكبير في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت.

سلطات الاحتلال أفرجت عن 50 أسيراً من غزة عن طريق “كيسوفيم” شرقي دير البلح، وكشف محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالد محاجنة حقائق مروعة حول ما يتعرض له الأسرى داخل سجون الاحتلال، من تجويع وتعذيب وصل إلى حد الاغتصاب والقتل، ولم يعرف حتى اللحظة عدد دقيق لأسرى غزة.

وأجلت منظمة الصحة العالمية عشرات المرضى من قطاع غزة، على دفعات، عبر معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع، نحو مصر أو من خلال مطار رامون باتجاه دول أخرى لتلقي العلاج بالشراكة مع منظمات ودول أخرى، وذلك بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح البري وإغلاقه منذ ذلك الحين.

جيش الاحتلال انسحب من خانيونس جنوبي القطاع، بعد عملية عسكرية برية هي الثانية استهدفت المنطقة الشرقية استمرت لنحو أسبوع، مخلفة دمار كبير، وقد اضطر خلالها السكان للنزوح مجدداً، فيما سجل استشهاد 255 مواطن وإصابة نحو 300، وبقي 31 مواطناً مفقوداً.

وفي المنطقة الوسطى، طالب جيش الاحتلال سكان مخيم البريج والجانب الشرقي من مخيم النصيرات وحتى شماله بالإخلاء لبدء عملية عسكرية في المنطقة، وهي ليست الأولى، وكان سبقها بنحو أسبوع عمليات قصف في المخيمين استهدفت منازل مأهولة ما أدى لاستشهاد عائلات بأكملها.

ومنذ لحظة التحذير بالإخلاء، توجه أهالي البريج نحو النصيرات ودير البلح ليبيتوا في العراء والشوارع، نظراً لعدم توافر أماكن للنزوح، فالمنطقة مكدسة بالنازحين من الشمال والجنوب.

وعلى الصعيد الصحي أخلى المستشفى الأوروبي في خانيونس طواقمه ومرضاه، بالإضافة إلى موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جراء أوامر الإخلاء التي وجهها الجيش الإسرائيلي لمناطق في خانيونس عدة مرات، ما أدى لزيادة الضغط على مستشفى ناصر بما يفوق طاقته الاستيعابية، خاصة مع العمليات العسكرية المستمرة في رفح وخانيونس.

وفي غضون ذلك، تفاقمت الأمراض والأوبئة التي طالت النازحين وأهالي القطاع، جراء الحياة في الخيام في ظل انهيار البنية التحتية ومنظومة الصرف الصحي وانتشار المخلفات وبرك الصرف الصحي وانهيار منظومة إدارة النفايات الصلبة، ويضاف إلى ذلك منع الاحتلال إدخال مواد التنظيف والصابون ما يعني صعوبة الحماية من الأوبئة والأمراض المنتشرة.

اقتصادياً، أدى انعدام الأمن والطرق المتضررة والقيود المفروضة نقل شحنات المساعدات الإنسانية بين معبر كرم أبو سالم وخانيونس ودير البلح، إلى ندرة وصول إمدادات الوقود وسلع المعونات الضرورية للمحافظة على العمليات الإنسانية، الأمر الذي اضطر المنظمات الإنسانية لتقديم حصص غذائية منخفضة وسط غزة وجنوبها، فيما يواجه الشمال حدود المجاعة حيث لا يدخل للمنطقة سوى الدقيق والمعلبات، وما تبقى من خضار فهو بإنتاج محلي نادر جداً وبأسعار مرتفعة ليس بمقدور الأهالي الحصول عليها.

ثقافياً، أعلنت وزارة التربية والتعليم نيتها عقد دورة خاصة لطلبة الثانوية العامة في غزة فور انتهاء الحرب، ضمن خطة لإنقاذ العام الدراسي، كما طرحت خطة للدراسة ما بعد الحرب في ظل تدمير المدارس والجامعات.

التقرير السياسي

اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، صبيحة الأربعاء 31 تموز/ يوليو عن اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، في إثر استهدافه في العاصمة الإيرانية طهران، وأكدت السلطات الإيرانية عملية الاغتيال وباشرت بالتحقيق في ملابساتها.

وكان هنية في زيارة إلى طهران خلال مشاركته برفقة وفد من الحركة وقيادات فلسطينية أخرى، في احتفال تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.

عملية الاغتيال جرت في مقر إقامة هنية في مقر خاص بقدامى المحاربين في طهران قرابة الساعة الثانية من صباح الأربعاء، واستشهد برفقته حارسه الشخصي وسيم أبو شعبان، ليجري فيما بعد تشييعه في جنازة مهيبة ونقله بعد ذلك إلى العاصمة القطرية الدوحة لدفنه.

هنية الذي استشهد عن عمر ناهز 62 عاماً، لحق بأبنائه وأحفاده الذين استهدفهم الاحتلال عدة مرات منذ بداية العدوان على قطاع غزة.

وفي أول تعليق من الجانب الإسرائيلي عقب عملية الاغتيال، علق وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو قائلاً: “هذه هي الطريقة الصحيحة لتطهير العالم، لا مزيد من اتفاقيات الاستسلام الوهمية ولا مزيد من الرحمة لهؤلاء المحكوم عليهم بالموت؛ موت هنية يجعل العالم أفضل قليلاً.”

وقال الحرس الثوري الإيراني بعد الاغتيال أنه يدرس أبعاد الحادثة وسيعلن فيما بعد نتائج التحقيق.

وفي تغريدة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي على وقع “إكس” قال: “شعب إيران العزيز، التحق قائد المجاهدين الفلسطينيين الشجاع والبارز السيد إسماعيل هنية بحشد الله فجر الليلة الماضية”، مضيفاً: “النظام الصهيوني المجرد والإرهابي قتل ضيفنا العزيز في بيتنا”، وتوعد بما وصفه بالعقوبة القاسية.

وتداولت عدة حسابات إيرانية صوراً لرفع علم الانتقام الأحمر، أو ما يسمى “علم الثأر” على قبة أحد المساجد في مدينة قم، بعد عملية الاغتيال، وفي مقطع مصور ظهر شخص يرفع العلم فوق قبة مسجد جمكران بمدينة قم وهو نفس العلم الذي رفع عند عملية اغتيال قاسم سليماني.

تجدر الإشارة إلى أن عملية الاغتيال جاءت بعد اثنتي عشرة ساعة من غارة نفذتها مسيرة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، أعلن في أعقابها الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عنها حيث استهدف القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر، ليعلن الحزب بعد ذلك عن استشهاده.

وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن قال معقباً على عملية الاقتيال، إن “نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض”، وتساءل في تغريدة على منصة “إكس”: “كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟ السلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة.”

وكان إسماعيل هنية ابن مخيم الشاطئ للاجئين في قطاع غزة، قد انتخب رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس في أيار/ مايو 2017، ثم غادر القطاع في 2019 واستقر منذ ذلك الحين في الخارج، وكان قد تعرض للاعتقال والنفي من الاحتلال إلى مرج الزهور على الحدود الفلسطينية اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي.

عملية إسرائيلية جديدة على خانيونس وإخلاء البريج وقسم من النصيرات

انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي صبيحة يوم الثلاثاء 30 تموز/ يوليو من المناطق الشرقية لمدينة خانيونس جنوب القطاع، بعد عملية عسكرية استمرت لنحو أسبوع، خلفت مئات الشهداء والجرحى والدمار.

وبدأ السكان بالعودة إلى مناطقهم فقام الجيش بإطلاق النار مجدداً، وفور الانسحاب انتشلت الطواقم الطبية والدفاع المدني عشرات الجثامين من منطقة القرارة وبني سهيلا، من بينها جثامين متحللة.

وأفادت المديرية العامة للدفاع المدني بأن طواقمها عملت على انتشال باقي الشهداء من مناطق شرق خانيونس بعد إغلاق الطرق وتدمير 90% من البنية التحتية، ووصلها 200 بلاغ حول مفقودين، فيما أشارت التقديرات والإحصاءات التي تلت الانسحاب إلى أن العملية خلفت 255 شهيداً و300 مصاب و31 مفقوداً.

وقصفت قوات الاحتلال 31 منزلاً مأهولاً فوق رؤوس ساكنيه، فيما طال القصف 320 منزلاً ومبنى سكني، واستهدف الجيش القطاعات الحيوية شرق خانيونس، بالإضافة لإعاقة عشرات عمليات التنسيق للوصول لمصابين وشهداء خلال العملية.

وزعم الاحتلال عقب انسحابه عن تدميره أنفاق ومستودعات أسلحة وصواريخ وبنى تحتية، حسب وصفه.

وتعتبر هذه العملية البرية الثانية التي يشنها جيش الاحتلال على خانيونس، عدا عن القصف اليومي المتواصل طيلة فترة العدوان، ما أدى لموت الحياة في المناطق الشرقية بفعل تدمير المنازل والبنى التحتية والشوارع، وبمجرد عودة النازحين ومحاولة استصلاح ما يمكن للمكوث، يعود جيش الاحتلال لبدء عملية جديدة.

الجيش الإسرائيلي أعلن عن قراره بدء عملية عسكرية جديدة في مخيم البريج للاجئين والجانب الشرقي وحتى الشمال من مخيم النصيرات المقابل له وسط القطاع، وذلك يوم الثلاثاء 30 تموز/ يوليو، وطالب السكان بضرورة الإخلاء من تلك المناطق، علماً بأنها مكتظة بالسكان والنازحين من الشمال وكذلك الجنوب بفعل العمليات التي يشنها الاحتلال في رفح وخانيونس.

وبدأ السكان بالنزوح إلى وجهة غير معلومة ما دفعهم للمبيت في شوارع مخيم النصيرات الذي يشمل أجزاء منه أيضاً العملية العسكرية، علماً بأن كلا المخيمين تعرض لأيام من القصف العنيف قبل هذا التحذير، حيث تعرضت عشرات المنازل المأهولة للاستهداف ما أدى لاستشهاد عائلات بأكملها، فيما استمرت طائرات الكواد كابتر بالانتشار في كافة أرجاء المخيمين واستهدافها لكل من يتحرك أو يظهر على شرفات المنازل والشوارع، وحتى في مناطق النزوح كانت تمر من فوق ومحيط النازحين في العراء أو الخيام.

وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عبر حسابها على منصة “إكس” إن العائلات تضطر إلى الانتقال مراراً وتكراراً مع العلم أن الأمان غير موجود في أي مكان بغزة، ولفتت إلى أن أوامر الإخلاء باتت حدثاً يومياً لمواطني غزة الذين يضطروا إلى المغادرة من أجل النجاة بأرواحهم.

وواصلت دبابات الاحتلال استهدافها أيضاً الجانب الشرقي في مخيم المغازي وسط القطاع، وبذلك يكون تركيز عمليات الاحتلال على كل ما هو شرق شارع صلاح الدين الممتد من جنوب القطاع وحتى شماله، وذلك من خلال عملياته في المنطقة الشرقية في خانيونس والمغازي والبريج، وجميعها تقع شرقي صلاح الدين، في محاولة لتوسيع المنطقة العازلة التي يسعى الاحتلال لإقامتها شرقي القطاع.

وحتى لحظة إعداد التقرير، لم تنه قوات الجيش عملياتها في المخيمات، إلا أن بعض السكان بدأوا بالعودة نظراً لعدم إيجادهم أماكن للنزوح أو أي ملجأ آخر، وعدم توافر الخيام والماء والصرف الصحي وغير ذلك.

أكثر من 39 ألف شهيد ومن 91 ألف جريح وآلاف المفقودين

كشفت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء 31 يوليو/تموز، عن الحصيلة الإجمالية لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، ليرتفع عدد الشهداء إلى 39445 شهيد و91073 إصابة منذ ا7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فيما لا يزال آلاف المفقودين لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشالهم.

وفي تقرير لوكالة “رويترز” قالت إنه منذ أوائل أيار/ مايو الماضي قامت وزارة الصحة الفلسطينية بتحديث طريقة حصر إجمالي الشهداء لتشمل الجثامين مجهولة الهوية، والتي تمثل ما يقرب من ثلث إجمالي عدد الشهداء.

وقال عمر حسين علي رئيس مركز عمليات الطوارئ التابع لوزارة الصحة في الضفة المحتلة، إن هذه الجثامين وصلت إلى المستشفيات والمراكز الطبية من دون بيانات شخصية مثل أرقام الهوية أو الأسماء كاملة.

ونشرت مجلة “لانسيت” الطبية رسالة بحثية مقدمة من أكاديميين، في 5 تموز/ يوليو، تقدر أن الوفيات غير المباشرة الناتجة عن عوامل مثل المرض قد تعني أن حصيلة الشهداء الحقيقية أعلى بنحو 5 مرات من التقديرات الرسمية وربما أكثر من 186 ألف شهيد.

وفي جريمة جديدة تضاف لجرائم الاحتلال، سجل خلال الشهر عدة حالات استهداف وقتل متعمد لأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. ففي أواخر تموز/ يوليو لاحقت طائرات “كواد كابتر” الشاب أحمد سعيد العبادلة المصاب بمتلازمة داون، حين كان بالقرب من منزله في بلدة القرارة في خانيونس، بعدها ظل الشاب مفقوداً في ظل مناشدات للبحث عنه، حتى تمكن أقاربه بعد انسحاب جيش الاحتلال من العثور عليه شهيداً في شارع العبارة بالقرارة.

والعبادلة ليس الأول، حيث استشهد الطفل محمد صلاح بهار الذي يعاني من متلازمة داون والتوحد، بعد أن أطلق جنود الاحتلال كلابهم عليه لينهش الكلب جسده ويأكل يده وتركه من دون علاج، كما طردوا عائلته من المنزل ومنعوهم من تقديم المساعدة له، لتكتشف العائلة بعد انسحاب قوات الاحتلال من حي الشجاعية أن نجلها قد استشهد.

وفي حالة أخرى، عثر الأهالي في نهاية تموز/ يوليو بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، على جثمان الشهيد إياد النجار من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن قام جيش الاحتلال بإعدامه في منزله شرقي خانيونس أثناء العملية البرية.

إسرائيل تُطلق 50 مواطناً اختطفتهم من غزة بينهم مدير مستشفى الشفاء

أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأول من تموز/يوليو عن 50 مواطناً فلسطينياً، كانت قوات الجيش قد اختطفتهم من قطاع غزة، ومن بينهم مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية الذي اختطفته قوات الاحتلال في 23 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023 أثناء مروره وعدد من الكوادر الطبية عبر شارع صلاح الدين بعد هجوم الجيش الإسرائيلي على مستشفى الشفاء.

ووصل بعض الأسرى إلى مستشفى شهداء الأقصى وآخرون لمستشفى ناصر بمدينة خانيونس، بعد أن أفرج عنهم عن طريق “كيسوفيم” شرقي دير البلح وسط القطاع.

وفي أعقاب إطلاق سراح الطبيب أبو سلمية، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بفتح تحقيق فوري في مسألة هوية الأسرى الذين تم الإفراج عنهم، مشيراً إلى أنه كان ينبغي أن يتم التحقق منهم بشكل مستقل من قبل المسؤولين الأمنيين بناءً على اعتباراتهم المهنية، حيث أثار الإفراج عن أبو سلمية غضب وزراء ومسؤولين لدى الاحتلال.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة حول الأمر “إن ملف المعتقلين لدى الاحتلال يمثل عنواناً للإجرام الذي يمارسه الاحتلال، والاحتلال يريد تحسين صورته دولياً بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء لكنه لا يستطيع إثبات ادعاءاته بحق المنظومة الصحية في قطاع غزة.”

وقال الطبيب أبو سلمية عقب الإفراج عنه “إن وضع السجون مأساوي وصعب جداً، والأسرى القدامى والجدد يمرون بأسوأ ظروف منذ نكبة 1948 وحتى الآن، حيث يعانون من نقص في الطعام والمياه وهناك إهانة جسدية”، داعياً إلى أن يكون هناك كلمة حاسمة للمقاومة والشعوب العربية من أجل حرية الأسرى.

وفي محاولة من الاحتلال لإسكات بعض الأصوات والمناشدات الدولية بعد عشرة أشهر من الحرب وفضائح الاعتقالات والتعذيب الممنهج ومنه ما يفضي إلى الموت، أوقفت الشرطة العسكرية الإسرائيلية 9 جنود مشتبه بهم في تعذيب جنسي قاس لأحد المعتقلين الفلسطينيين في معسكر “سديه تيمان”، بعد إصابته بجروح خطيرة جراء الاعتداء عليه وتعذيبه.

وفي واقع الأمر إن حادثة التعذيب هذه لا تتعلق بأسير واحد، حيث تحدث الكثير من الأسرى عند الإفراج عنهم حول معاناتهم جراء التعذيب والتجويع والاغتصاب وغيره من سياسة التعذيب الممنهج بحق الأسرى وبالأخص من قطاع غزة.

محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالد محاجنة كشف، في منتصف تموز/ يوليو، عن حقائق مروعة بشأن ما يتعرض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وقال في مؤتمر صحفي عقده في رام الله إنه زار معتقلين اثنين من قطاع غزة في سجن “عوفر” وسط الضفة المحتل، وهما الصحافي محمد عرب وطارق عابد. وأضاف، “قبل نقل عرب بأسبوع من معسكر سدي تيمان إلى سجن عوفر استشهد أحد المعتقلين المرضى الذي توسل مراراً لعلاجه، إلا أنه استشهد بعد الاعتداء عليه.”

وروى الأسير عرب لمحاجنة تفاصيل تعرض معتقلين من غزة للاغتصاب قائلاً: “كان من بينهم أحد المعتقلين الذي تم تجريده من ملابسه بشكل كامل والاعتداء عليه بخرطوم جهاز إطفاء الحرائق”، وذكر تفاصيل حالات أخرى، وعن أساليب تعذيب أخرى رواها عرب، يتم وضع المعتقلين على الأرض وأيديهم مكبلة وراء رؤوسهم وتقوم الكلاب بنهش أجسادهم.

وبحسب محاجنة، هناك أكثر من 100 أسير من المرضى والمصابين والجرحى ظلوا بلا علاج، ويصرخون من الألم، وتعرضوا لتكسير أطرافهم.

أما عن أماكن الاحتجاز، فإن الزنازين في سجن “عوفر” عبارة عن غرف صغيرة الحجم ومن دون تهوئة وفيها أسرة حديد بلا فراش أو وسائد أو أغطية، ويحتجز في الغرفة الواحدة نحو 25 معتقلاً، قسم ينام على الحديد وقسم على الأرض.

وأشار محاجنة إلى أن الأسرى يأكلون وهم مقيدو الأيدي، ولكل معتقل 100 جرام من الخبز أو الطماطم وكيس لبن.

وتقدر مصلحة السجون الإسرائيلية وجود أكثر من 9 آلاف أسير فلسطيني، في حين لا توجد أي حصيلة معلنة عن عدد المعتقلين من قطاع غزة.

منظمة الصحة العالمية تجلي مرضى عبر كرم أبو سالم

قالت منظمة الصحة العالمية قالت منظمة الصحة العالمية، أنها أجلت في نهاية تموز/ يوليو 85 مريضاً ومصاباً بجروح خطيرة من غزة إلى أبو ظبي لتلقي العلاج.

وتقوم المنظمة منذ نهاية حزيران/ يونيو بعمليات إجلاء مرضى ومصابين بجروح خطيرة من قطاع غزة إلى مستشفيات بالخارج، عبر معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع، والذي يقع تحت سيطرة الاحتلال، بعد أن اجتاحت قوات الجيش الإسرائيلي رفح واحتلت معبر رفح البري المخرج الوحيد لسكان غزة.

وتقول الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، “لا يزال الآلاف داخل غزة معرضين للخطر ما لم يحصلوا على الرعاية الطبية المتخصصة، وإنني أحث الدول الأعضاء القادرة على استقبال ورعاية المزيد من المرضى على الإسراع بذلك.”

وضمت هذه المجموعة 35 طفلاً و50 بالغاً تم نقلهم من غزة عبر معبر كرم أبو سالم إلى مطار رامون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن بين المجموعة 53 مريضاً بالسرطان، بينهم 4 أطفال، و20 مريضاً مصابون بإصابات شديدة، و3 مصابون بأمراض الدم وخصوصاً التلاسيميا، و3 مصابون بحالات مرضية ولادية، واثنان مصابان بفقر الدم الفانكوني، ومريض بحالة مرضية عصبية وآخر بمرض في القلب، وواحد مصاب بمرض في الكبد وآخر بالفشل الكلوي، ورافق المرضى 63 من أفراد أسرهم ومقدمي الرعاية.

وحسب المنظمة، فإنه منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم إجلاء نحو 5000 شخص لتلقي العلاج وحصل أكثر من 80% منهم على الرعاية في مصر وقطر والإمارات، ولا يزال أكثر من 10 آلاف شخص آخر في غزة يحتاجون للإجلاء الطبي.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ إغلاق معبر رفح لا تشمل عمليات الإجلاء هذه حالات من مصابي الحرب رغم تكدس الحالات الصعبة التي تحتاج للعلاج بالخارج.

المستشفيات على حافة الهاوية والأمراض تغزو القطاع

أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمراً في 1 تموز/ يوليو بإخلاء مستشفى غزة الأوروبي، في جنوب قطاع غزة، قبل أن تُعلن في اليوم التالي أن الأمر لا يطاول هذا المستشفى، إلا أن معظم أفراد الطواقم الطبية والمرضى كانوا قد فروا من المستشفى خوفاً من محاصرتهم وإعدامهم أو اعتقالهم كما جرى في حال المستشفيات السابقة التي وقعت ضمن مناطق إخلاء.

وبذلك يكون قد غادر المستشفى 320 مريضاً وموظفاً طبياً، وأحيل معظم المرضى إلى مجمع ناصر الطبي الذي بلغت طاقته القصوى، في ظل زيادة أعداد المرضى ونقص حاد في الأدوية ولوازم الجراحة.

كما اضطرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كان لها فريق طبي وجراحي في المستشفى، إلى نقل موظفيها ومرضاها إلى مستشفى الصليب الأحمر الميداني في منطقة المواصي برفح، فيما تعرض مستشفى الأمل في خانيونس لحالة مشابهة، حيث استقبل أعداد كبيرة من المصابين الذين توجهوا إليه بعد أن خلت بهم السبل ولم يعد بالإمكان استيعابهم في مجمع ناصر.

وأدى إخلاء المستشفى الأوروبي الذي يضم 650 سريراً، إلى تخفيض آخر في سعة المستشفيات من السرر في جنوب القطاع، حيث تتركز غالبية السكان حالياً.

وحسب مجموعة الصحة لدى الأمم المتحدة، تبلغ السعة التراكمية للأسرة في المستشفيات الستة التي تعمل جزئياً في جنوب القطاع، بما فيها 3 مستشفيات في دير البلح و3 في خانيونس، الآن 1334 سرير، وفي الوقت الراهن لا يزال 15 مستشفى تزاول عملها من أصل 36، وإن كان بشكل جزئي.

ولا يستطيع المرضى الوصول لمعظم هذه المستشفيات إلا على نحو محدود بسبب انعدام الأمن والقيود المفروضة على الوصول والأضرار التي لحقت بهذه المنشآت.

ويستمر العمل في 43 مركزاً للرعاية الصحية الأولية من أصل 103، ومن بين 10 مستشفيات ميدانية كلها جنوب القطاع، لا يعمل سوى 4 بصورة كاملة و4 بصورة جزئية و2 لا يزاولان عملهما.

ولا تزال المزيد من التحديات تواجه المنظومة الصحية ورعاية السكان؛ ففي 5 تموز/ يوليو صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، بأن الأمم المتحدة وشركائها يضطرون إلى الإقدام على خيارات مستحيلة، والانتقاء من بين أشد الاحتياجات إلحاحاً، حيث توجه الكميات المحدودة من الوقود الآن للمستشفيات الرئيسية كمجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل والمستشفى الميداني الكويتي في خانيونس، فضلاً عن 21 سيارة إسعاف تابعة لجميعة الهلال الأحمر الفلسطيني.

وفي سياق الكارثة الصحية في القطاع، قال مسؤولون في وزارة الصحة إن الأمراض الجلدية تتفشى في غزة بسبب الأوضاع المروعة في المخيمات المكتظة التي تؤوي مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم، إلى جانب حرارة الصيف وانهيار الصرف الصحي الذي خلف برك من مياه الصرف الصحي المفتوحة خلال 10 أشهر من العدوان الإسرائيلي على غزة.

وتتوجه معظم حالات الأمراض الجلدية إلى مستشفى ناصر الطبي في خانيونس جنوب القطاع، حيث يكافح الأطباء هناك لعلاج أكثر من 103 ألف حالة إصابة بالقمل والجرب و65 ألف حالة إصابة بالطفح الجلدي هناك، حسب منظمة الصحة العالمية.

وسجل قطاع غزة أكثر من مليون حالة التهاب حاد بالجهاز التنفسي منذ اندلاع الحرب، إلى جانب أكثر من نصف مليون حالة من الإسهال الحاد وأكثر من 100 ألف حالة من اليرقان “الصفار”، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

يأتي ذلك في ظل كل الظروف البيئية التي انفجرت مع الحرب وضرب البنية التحتية، ويضاف إلى ذلك انهيار نظام إدارة النفايات الصلبة، بالإضافة لمنع إدخال مواد التنظيف والصابون والشامبو للقطاع، ما يزيد صعوبة الحماية من هذه الأوبئة والأمراض أو حتى التخلص منها.

التقرير الاقتصادي

لا طعام في شمال غزة والسكان يعيشون على الدقيق والمعلبات

أشار تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا” إلى أن انعدام الأمن والطرق المتضررة وانهيار القانون والنظام والقيود المفروضة على الوصول يعرقل التنقل على المسار الرئيسي لشحنات المساعدات الإنسانية بين معبر كرم أبو سالم وخانيونس ودير البلح.

وأسفر ذلك عن نقص حاد في إمدادات الوقود وسلع المعونات الضرورية للمحافظة على العمليات الإنسانية، فضلاً عن الخطر الذي يهدد بتلف الإمدادات العالقة أو تفشي الآفات فيها وخاصة المواد الغذائية بسبب درجات الحرارة المرتفعة.

وأجبر هذا النقص المنظمات الشريكة على تقديم حصص غذائية مخفضة وسط غزة وجنوبها خلال شهر حزيران/ يونيو، وقوض قدرتها على الإبقاء على تشغيل المخابز والمطابخ المجتمعية.

ومن أصل ثمانية 10 مخبز من المخابز التي تدعمها المنظمات الشريكة في المجال الإنساني، لا تزال 7 مخابز فقط تعمل في غزة، وكلها في دير البلح وسط القطاع، فيما اضطرت 4 مخابز في مدينة غزة واثنان في شمالها إلى وقف عملها بالكامل بسبب نفاد الوقود.

وفي ظل عدم توافر غاز الطهي وانعدام تدفق الإمدادات الغذائية على نحو مستقر، تواجه المطابخ المجتمعية تحديات كبيرة لمواصلة عملها، ما أدى لتخفيض عدد الوجبات التي تقدم للنازحين في كافة أرجاء القطاع.

وأفاد التقرير الأممي بأن المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني توزع دقيق القمح والأغذية المعلبة القادمة عن طريق حاجز “إيرز/ بيت حانون” شمال القطاع، فيما لم تدخل شاحنات تجارية هذه المنطقة على مدى أشهر.

وبحسب قطاع الأمن الغذائي، تسبب ذلك في انعدام مصادر البروتين كاللحوم والدواجن انعداماً تاماً تقريباً في السوق المحلي، ولا يوجد سوى أنواع قليلة من الخضروات المنتجة محلياً بأسعار غير ميسورة.

التقرير الثقافي

خطة تعليمية لتعويض العام الدراسي لطلبة غزة

أعلنت وزارة التربية والتعليم في غزة أنها بحاجة إلى 4500 غرفة، حيث يجري العمل على توفير وحدات وغرف بديلة سيتم تركيبها بنظام “الليجو” لتخدم الطلاب بشكل مؤقت وعدد محدود من السنوات، ويكون التدريس فيها على فترتين صباحية ومسائية، لتعويض الفاقد التعليمي فور انتهاء الحرب.

جاء ذلك على لسان الناطق باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية صادق الخضور، خلال مقابلة حول نتائج الثانوية العامة للعام الدراسي 2023-2024، والذي حرم منه طلاب غزة.

وبحسب الخضور، إن خطط الوزارة تتضمن التركيز على الحالة النفسية للطلبة والمعلمين، فيقول: “لا بد من تنفيذ خطة خاصة للتدخلات النفسية للطالب والمعلم على حد سواء، إعادة بناء جدران المدارس قد تكون أسهل من إعادة نفوس تهشمت من ويلات الحرب المستمرة، خاصة وأننا نتحدث عن طلبة من فئات عمرية صغيرة بالتأكيد تأثير الحرب عليها مضاعف.”

وأعلنت وزارة التربية والتعليم في وقت سابق عن نيتها عقد دورة خاصة لطلبة الثانوية العامة في غزة فور انتهاء الحرب، ضمن خطة لإنقاذ العام الدراسي ومستقبل الأجيال الفلسطينية المهددة بالطمس من قبل الاحتلال، وفق تعبيرها.

كما أعلنت الحكومة سعيها لتعويض الطلبة ما فاتهم من أيام دراسية فور انتهاء الحرب، من خلال إعداد وزارة التربية والتعليم الخطط اللازمة لاستكمال العملية الدراسية، بالإضافة للتحضير لاستعادة العملية التعليمية لنحو 20 ألف طالب فلسطيني مقيم في الأراضي المصرية منذ أشهر.

وكان وزير التربية والتعليم الفلسطيني أمجد برهم قد أعلن أن هذا العالم لا نسب عامة للنجاح، فالأعداد لم تكتمل، إذ لم يتقدم 39 ألف طالب من طلاب غزة لامتحانات الثانوية العامة، واستشهد 10 من طلبة المدارس والجامعات في غزة من بينهم 450 طالب في الثانوية العامة، بالإضافة لاعتقال 55 آخرين منذ بدء الحرب، والتي استشهد خلالها كذلك 400 معلم فلسطيني ودمر نحو 289 مبنى مدرسي من أصل 307 إلى جانب تدمير كامل لـ 31 مبنى تابع للجامعات في القطاع.