تقرير فلسطين  قطاع غزة

الكاتبايمان الحاجالقسمفلسطينالتاريخأيلول/ سبتمبر 2024

المقدمة

يأتي هذا التقرير بالتزامن مع مرور عام على اندلاع حرب إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة، على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 التي نفذتها المقاومة الفلسطينية باتجاه الأراضي المحتلة في محيط القطاع.

ومع مرور عام، نفذ جيش الاحتلال مجازر في أرجاء القطاع، وشن عملية عسكرية موسعة على مناطق شمال القطاع وجباليا، كانت لا تزال مستمرة حتى لحظة إعداد التقرير، في محاولة لتنفيذ ما يسمى بـ “خطة الجنرالات” التي تقضي بتفريغ الشمال وتهجير سكانه إلى الجنوب من خلال التجويع والقتل.

وزارة الصحة أعلنت في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، عن ارتفاع حصيلة شهداء غزة ليصل إلى 43 ألف و204 شهيد و101 ألف و641 مصاب.

وشهد تشرين الأول/ أكتوبر استشهاد يحيى السنوار رئيس حركة حماس عقب اغتيال إسماعيل هنية، خلال مشاركته في معارك المقاومة مع قوات الاحتلال في رفح جنوب القطاع، ولفتت الحركة في نعيها إلى أنه كان يشارك ويتنقل في مناطق القتال بشكل مستمر، حيث ظهرت صورته لحظة استشهاده مرتدياً جعبته العسكرية ومصاباً عدة إصابات خلال اشتباك استمر لساعات تخلله قصف للمنزل الذي تحصن فيه ورفاقه.

ونفذ الاحتلال عمليته العسكرية على شمال القطاع محاصراً جباليا المخيم والبلدة بشكل مفاجئ، وتخلل العملية نسف وتفجير مربعات وأحياء سكنية كاملة، الأمر الذي أسفر عن استشهاد أكثر من ألف فلسطيني، بالإضافة لإخراج مستشفى كمال عدوان عن الخدمة بحصارها واقتحامها واعتقال من فيها، وكذلك وقف عمل أجهزة الدفاع المدني والإسعاف والطوارئ. واعتقل الاحتلال مئات الفلسطينيين من سكان الشمال واقتادهم لمناطق مجهولة.

على الصعيد الاقتصادي، يشير خبراء وكالات أممية، في تقييم جديد للجوع، إلى أن 1,95 مليون شخص في غزة أو أكثر من تسعة من كل عشرة من سكان القطاع، سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما هو أسوأ في الأشهر المقبلة.

وفي الجانب الثقافي، أصدرت مجموعة التعليم في الأمم المتحدة تحديثاً، أوضحت فيه أن 87% على الأقل (493 من أصل 564 مدرسة) من المباني المدرسية في قطاع غزة تعرضت للقصف المباشر أو أصابتها الأضرار، ويقدر أنها تحتاج لإعادة بناء بالكامل أو إعادة تأهيل كبيرة كي تزاول عملها من جديد.

التقرير السياسي

الشهداء 43 ألفاً والمجازر متواصلة

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس 31 أكتوبر/تشرين الأول، إن حصيلة الشهداء في قطاع غزة، وصلت إلى 43 ألف و204 شهيد و101 ألف و641 مصاب، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وصرحت الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر في قطاع غزة خلال آخر 24 ساعة بين 30 و31 تشرين الأول/ أكتوبر.

وفي يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر، قتل جيش الاحتلال إبراهيم نجل الطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، عقب رفضه إخلاء المستشفى، وقال حسام أبو صفية في تعليقه: “كل شيء فقدناه في هذه المستشفى حتى أبنائنا، حرقوا قلوبنا على المستشفى وقتلوا أطفالنا أمام أعيننا لأننا نحمل رسالة إنسانية، ونقوم بدفنهم بأيدينا.”

واستهدفت طائرات جيش الاحتلال، في يوم الجمعة 25 تشرين الأول، مربعاً سكنياً في مخيم جباليا، ما أدى لوقوع 150 شخصاً بين شهداء وجرحى.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني: “مجزرة بشعة تحدث الآن في منطقة شارع الهوجا بلوك 7، في مخيم جباليا، حيث تشير التقارير الأولية إلى وقوع أكثر من 150 شهيد وجريح، ولا يوجد أي تدخل لإنقاذهم في ظل استمرار القصف.”

وذكرت مصادر فلسطينية أن هناك نداءات استغاثة لعشرات المصابين والمفقودين نتيجة استهداف المنازل لكن تعجز الطواقم الطبية عن الوصول إليهم بسبب توقف الخدمات الطبية.

وحسب المصادر، تعود المنازل لعائلات النجار، وأبو العوف، وسلمان، وحجازي، وأبو القمصان، وأبو راشد، وأبو الطرابيش، وزقول، وشعلان.

في 14 تشرين الأول/ أكتوبر، استشهد 22 شخصاً بينهم 15 طفلاً وامرأة وأصيب نحو 80 آخرين، جراء قصف الاحتلال مدرسة المفتي التي تؤوي نازحين بمخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، وكان من المقرر أن يتلقى الأطفال فيها المرحلة الثانية لتطعيم شلل الأطفال في اليوم التالي، وعاد واستهدف الجيش لاحقاً النازحين في خيام بساحة مستشفى شهداء الأقصى، ما أدى إلى احتراقهم أحياء داخل الخيام. وحسب مكتب الإعلان الحكومي، فإن جيش الاحتلال يقصف للمرة السابعة على التوالي خيام للنازحين داخل أسوار مستشفى الأقصى.

استشهاد يحيى السنوار وهو يقاتل

أعلن رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، عن استشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، وذلك بعد يومين من إعلان الاحتلال عن اغتياله، والذي لم يظهر كعملية اغتيال، بل كان خلال اشتباك لفترة طويلة أصيب خلالها وأكمل اشتباكه.

وتعددت روايات الاحتلال حول العملية، لكنه ذكر أنها كانت صدفة غير مقرر لها، حيث كان السنوار يشارك في المعارك الدائرة في جنوب قطاع غزة، وكان يتحصن في منزل مفخخ مع مقاومين آخرين لاستدراج قوة من جيش الاحتلال وتفجيرها.

وجاء في كلمة الحية “ننعى القائد الوطني الكبير الأخ المجاهد الشهيد يحيى السنوار (أبو إبراهيم)، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وقائد معركة طوفان الأقصى الذي ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مدبر ممتشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدمة الصفوف يتنقل بين كل المواقع القتالية صامداً مرابطاً ثابتاً على أرض غزة العزة.”

وصرحت إذاعة جيش الاحتلال بأن الاشتباك مع المقاتلين وبينهم السنوار، وقع في حي تل السلطان غربي رفح، وكان يرتدي سترته العسكرية ومعه قيادي ميداني آخر، كان الاحتلال قد أعلن عن استشهاده سابقاً، وهو ما أثبت عدم صحته في حينها.

واعتبر الاحتلال على لسان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أن “إسرائيل أنهت اليوم حساباً طويل الأمد مع السنوار.”

ونشر موقع “أكسيوس” نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الحادث الذي أسفر عن مقتل السنوار كان مصادفة وليس على أساس استخباري.

ويحيى إبراهيم السنوار الذي شغل منصب رئيس حركة حماس بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران قبل أشهر، خلال الحرب، هو من مواليد مخيم خانيونس للاجئين 19 تشرين الأول/ اكتوبر 1962، وهو من لاجئي المجدل في الأراضي المحتلة منذ سنة 1948.

تلقى تعليمه في مدارس خانيونس والتحق بالجامعة الإسلامية كلية العلوم ثم غيّر الاختصاص للدراسات العربية كونه كان يعمل في البناء وكان بارزاً في النشاط الطلابي، وبعد تأسيس حركة حماس أسس مع رفاقه جهازاً أمنياً أطق عليه “منظمة الجهاد والدعوة – مجد”.

اعتقلت قوات الاحتلال السنوار عدة مرات آخرها سنة 1988 ، وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنود في جيش الاحتلال، وصدر بحقه 4 مؤبدات مدتها 426 عاماً.

حاول الهرب من سجنه مرتين وعوقب، فيما حرم من الزيارة العائلية لمدة 18 عاماً، وقضى نحو 23 عاماً في سجون الاحتلال قبل أن يفرج عنه في صفقة تبادل “وفاء الأحرار”، سنة 2011، وعاد لقيادة كتائب القسام الجناح العسكري للحركة.

وانتخب السنوار رئيساً للحركة في قطاع غزة سنة 2017 وهي الفترة التي عمل خلالها على إصلاح العلاقات مع مصر بعد فترة عصيبة، وانتخب مرة أخرى سنة 2021.

ويعتبر السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي انطلق فيها المقاتلون من غزة إلى الأراضي المحتلة المحيطة بالقطاع.

خطة الجنرالات لإفراغ شمال غزة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق على مناطق شمال قطاع غزة، الأحد 6 تشرين الأول/ أكتوبر، وهي مستمرة حتى لحظة إعداد التقرير.

وطالب الجيش سكان شمال القطاع بالإخلاء، معتبراً مناطق الشمال “مناطق قتال خطيرة”، في ظل محاولات تطبيق ما يسمى بـ “خطة الجنرالات” التي تقضي بتهجير سكان شمال القطاع إلى الجنوب وتفريغه من خلال الضغط بالقتل والتجويع.

وطالب جيش الاحتلال السكان للإخلاء عبر شارع الرشيد وشارع صلاح الدين باتجاه ما يسمى بـ “المناطق الإنسانية”، في الجنوب، والتي تتعرض هي أيضاً للقصف والاستهداف المتواصل بالإضافة لسياسة التجويع المتبعة في كلتا المنطقتين.

وكان قد سبق تحذيرات الإخلاء، في اليوم السابق، تقدم مفاجئ لجيش الاحتلال شرقي مخيم جباليا، حيث بدأ بمحاصرة عشرات العائلات داخل منازل ومدارس تؤوي نازحين، وأعلن أن قواته تطوّق مدينة جباليا، وجاء في تصريحات للمتحدث باسم الجيش، أن “الفرقة 162 بدأت العمليات العسكرية في جباليا من مساء 5 تشرين الأول/ أكتوبر، واستكملت تطويق المنطقة.

في اليوم نفسه شهد مخيم جباليا وجباليا البلد موجة نزوح باتجاه مناطق شمالي القطاع مثل بيت لاهيا، التي بدورها تعرضت أيضاً للقصف والاستهداف عقب وصول النازحين.

وشهدت المناطق الشرقية من مخيم جباليا وجباليا البلد قصف مدفعي متواصل

وتهدف خطة الجنرالات التي كشف عنها الاحتلال في وقت سابق، إلى سيطرة الاحتلال على توزيع المساعدات الإنسانية من خلال فرض حصار على شمال القطاع وتهجير سكانه، حسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور منير البرش، قال في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، إن جيش الاحتلال قتل أكثر من 1200 فلسطيني في محافظة شمال غزة، في ظل الإبادة والتطهير العرقي المستمر منذ 27 يوماً.

ولفت البرش في تصريحاته إلى أن الجيش يمنع إدخال المستلزمات الطبية لشمال غزة ويفرض حصار على مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي.

وأشار بيان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في نهاية الشهر، إلى أن نحو 100 ألف شخص قد هجروا منذ بدء العملية البرية الأخيرة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر من محافظة شمال غزة إلى مدينة غزة.

وحسب وكالة “وفا” الرسمية، فإن قوات الاحتلال تمنع وصول الطواقم الطبية للمصابين شمال القطاع لتقديم المساعدة العلاجية لهم، في ظل توقف الخدمات الصحية وخدمات الدفاع المدني والإسعاف والطوارئ.

وتجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال كان قد حذر الدفاع المدني في الشمال ليوقف عمله، وجرى بالفعل استهداف عناصره ممن حاولوا تنفيذ عمليات إنقاذ. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل: “نأسف عن تقديم الخدمة الإنسانية للمواطنين في محافظة شمال قطاع غزة بسبب تهديد قوات الاحتلال الإسرائيلي للطواقم بالقتل والقصف إذا بقوا داخل مخيم جباليا.”

وفجرت قوات الجيش مبان سكنية في مخيم جباليا، واندلعت النيران في أخرى، وشهدت جباليا نشر جيش الاحتلال لخزانات مياه مليئة بالمتفجرات في وسط مربعات سكنية وتفجيرها بالكامل.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة، نزح أكثر من 71 ألف شخص من محافظة شمال غزة إلى مدينة غزة، في حين لم يبرح نحو 100 ألف شخص أماكنهم في شمال غزة.

وصرحت جويس مسويا وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة جهود الإغاثة في حالات الطوارئ، في 26 تشرين الأول/ أكتوبر بأن “ما تفعله القوات الإسرائيلية في شمال غزة المحاصر لا يمكن السماح باستمراره، فالمستشفيات تقصف والعاملون الصحيون يعتقلون ومراكز الإيواء يجري تفريغها وحرقها، ويمنع المستجيبون الأولون من إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، والأسر تشتت والرجال والفتيان يؤخذون على متن الشاحنات.”

في اليوم التالي أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته من “المستويات المروعة لحالات الموت والإصابات والدمار في الشمال، إذ يحاصر المدنيون تحت الأنقاض، ويقضي المرضى والمصابون نحبهم دون أن يتلقوا الرعاية الصحية التي تنقذ حياتهم، وتفتقر الأسر إلى الغذاء والمأوى وسط تقارير تشير إلى تشتيت الأسر واعتقال عدد كبير من الأشخاص.”

حصار واقتحام مستشفى كمال عدوان

اقتحمت قوات جيش الاحتلال، صباح الجمعة 25 تشرين الأول/ أكتوبر، مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، واحتجزت مئات المرضى والطواقم الطبية وبعض النازحين الذين لجأوا للاحتماء.

وقال مدير التمريض في المستشفى عيد صبح لوكالة “رويترز”، إنه عند منتصف الليل وصلت دبابات وجرافات جيش الاحتلال للمستشفى، وبدأت بترويع المدنيين والجرحى والاطفال عندما بدأت القوات الإسرائيلية بفتح النار على المستشفى، ثم تراجعت حين وصل وفد من منظمة الصحة العالمية مع سيارة إسعاف قام بإجلاء 40 مريضاً، ومع ذلك عادت الدبابات لاحقاً للمنطقة المحيطة وفتحت النار على المستشفى، مستهدفة مخازن الأكسجين قبل أن تطلب من الطاقم الطبي والمرضى مغادرة المكان.

وذكرت مصادر محلية في حينه  أن قوات الاحتلال أجبرت طواقم الإسعاف والأطقم الطبية على مغادرة المستشفى، واعتقلت العشرات وأجبرتهم على خلع ملابسهم ثم جمعتهم في ساحة واسعة بمحيط المستشفى، ومنهم من جرى تحويلهم لمراكز تحقيق ميداني، ولم يكن مصيرهم قد عرف حتى لحظة إنجاز هذا التقرير.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة إن أكثر من 150 مريضاً وموظفاً حوصروا في المستشفى، مشيراً إلى وقوع إصابات في صفوف الطاقم الطبي.

وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة إن مصير 30 شخصاً من الكوادر الطبية لا يزال مجهول.

وفي بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن الطابق الثالث من مستشفى كمال عدوان قصف في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى لتدمير إمدادات طبية كانت الأمم المتحدة قد أوصلتها قبل أيام فقط، عبر بعثة مشتركة من منظمة الصحة العالمية بدعم من مكتب التنسيق.

وبعد عملية اقتحام المستشفى واعتقال معظم المتواجدين فيه، قال الطبيب أبو صفية إن المستشفى الآن يعمل بطبيبين فقط، موضحاً: “أنا وزميل آخر نحاول تقديم الخدمات، لكننا نفتقر إلى الكادر الطبي اللازم خصوصاً في مجال الجراحة، مما يجعلنا غير قادرين على تقديم العناية المطلوبة.”

وأضاف أن عدد الجرحى في تزايد مستمر، إذ يفقد المصابون حياتهم لعدم توفر الإمكانات الطبية اللازمة، وطالب المجتمع الدولي بفتح ممرات إنسانية لإدخال الطواقم الطبية والمعدات اللازمة لإنقاذ الجرحى.

وأكد أبو صفية أن الوضع في المستشفى يحتاج إلى تدخل دولي عاجل، حي إن جميع الموارد الطبية أصبحت معدومة. وطالب بالإفراج عن المعتقلين من الطواقم الطبية وتوفير الحماية الدولية، مشيراً إلى أن المستشفى تعرض لأضرار كبيرة.

وقال مهند هادي منسق الشؤون الإنسانية إن الضغط الذي يتزايد يدفع 400 ألف شخص الذين ما زالوا موجودين في شمال غزة إلى الرحيل جنوب غزة.

وفي بيان صدر عن المنسق الأممي في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، قال إن العمليات العسكرية الأخيرة في شمال غزة، أفضت إلى إغلاق آبار المياه والمخابز والنقاط الطبية ومراكز الإيواء، فضلاً عن تعليق خدمات الحماية وعلاج حالات سوء التغذية وأماكن التعليم المؤقت، وفي الوقت نفسه شهدت المستشفيات تدفق أعداد كبيرة من المصابين بإصابات حرجة.

التقرير الاقتصادي

المجاعة تهدد مليونين في قطاع غزة

أوضح برنامج الأغذية العالمي أن دقيق القمح والمعلبات المواد الغذائية الوحيدة المتاحة في السوق في محافظات شمال غزة، أما مشتقات الألبان غير متوفرة، في حين تشهد الخضار والفواكه والبيض والزيوت النباتية نقصاً حاداً وأسعارها مرتفعة للغاية، والمواد الغذائية الأخرى كالبقوليات والأرز فهي متاحة إلى حد ما.

وفي دير البلح وخانيونس، لا يزال دقيق القمح والأغذية المعلبة والأرز والبقوليات والزيوت النباتية متوفرة، ومع ذلك ثمة نقص في الخضار والبيض، في حين تشهد منتجات الألبان نقصاً حاداً.

وحسب شهادات محلية، إن أسواق جنوب القطاع معدومة بحيث لا يتوافر سوى البطاطا الحلوة والملوخية، أما بقية الخضروات إن وجدت فهي بأسعار باهظة جداً، حيث شوهد عرض بيع أربع حبات من الطماطم في دير البلح بمبلغ 100 شيكل، علماً بأن كيلو الطماطم في ظروف خارج دائرة الحرب كان يصل من شيكل واحد إلى 3 شواكل.

وفي الشمال، يقول برنامج الأغذية إن سعر البصل زاد بما نسبته 700% بالمقارنة مع الأشهر السابقة.

في سياق متصل، أصدرت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، تقييم جديد للجوع في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، أشارت فيه التوقعات المعروفة باسم “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” إلى أن 1,95 مليون شخص في غزة أو أكثر من تسعة من كل عشرة من سكان القطاع، سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما هو أسوأ في الأشهر المقبلة.

واعتبر التقرير أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نحو 345 ألف شخص من المتوقع أن يواجهوا جوع كارثي، أو التصنيف المرحلي المتكامل للامن الغذائي 5، وهو أعلى مستوى للجوع في التصنيف.

وحسب خبراء 16 مؤسسة أممية ومنظمة غير حكومية، سوف يواجه 875 ألف شخص آخرين أو أكثر من أربع من كل عشرة أشخاص، انعدام الأمن الغذائي الطارئ، وهو مستوى أقل بدرجة واحدة فقط.

ويشير التقرير بشكل عام إلى الآثار المدمرة لأكثر من عام من القتال الذي أدى إلى تدمير سبل العيش، وخفض إنتاج الغذاء بشكل كبير، وتقييد خطوط الإمداد التجارية والإنسانية في القطاع بشدة.

وقال أنطوان رينارد مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين: “مع تدمير أنظمة الغذاء المحلية وتضرر المزارع، أصبح الناس يعتمدون بشكل كامل على الإمدادات القادمة عبر الحدود. ولا يزال ما يقرب من مليوني شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة – وسيستمر هذا الخطر ما لم تظل جميع المعابر الحدودية مفتوحة وتستمر المساعدات في الوصول إلى المحتاجين”، وأضاف أن هذا التدفق من المساعدات يجب أن يكون ثابت ويمكن الاعتماد عليه لتحقيق تقدم حقيقي.

وقال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي: “لم تدخل أي إمدادات غذائية إنسانية إلى شمال غزة في الأسبوعين الأولين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، ولم تصل سوى بضع شاحنات إلى المناطق الجنوبية والوسطى، مما يعني أن الوضع من المرجح أن يكون أسوأ بكثير من التقييم الذي يستند إلى البيانات التي تم جمعها في أيلول/ سبتمبر.” وأضاف: “لقد انخفضت الإمدادات التجارية وهناك نزوح واسع النطاق، ودمرت البنية التحتية وانهارت الزراعة ولم يعد لدى الناس المال، كل هذا ينعكس في التصنيف المرحلي المتكامل الذي يتوقع أن يزداد الوضع سوء من تشرين الأول/ أكتوبر فصاعداً.”

ويحذر التقرير من أنه إذا استمر القتال وظلت خطوط الإمداد الإنسانية والتجارية مقيدة بشدة فإن محافظات شمال ووسط غزة، إلى جانب رفح في الجنوب، ستواجه خطر المجاعة بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 نيسان/ أبريل 2025، وحذر كذلك من أن الصراع المستمر في شمال غزة ودير البلح يشير إلى أن السيناريو الأسوأ هو أمر ممكن.

التقرير الثقافي

المدارس تحتاج لإعادة بناء أو تأهيل

تعرضت 87% على الأقل (493 من أصل 564 مدرسة) من المباني المدرسية في قطاع غزة للقصف المباشر أو أصابتها الأضرار، ويقدر أنها تحتاج لإعادة بناء بالكامل أو إعادة تأهيل كبيرة كي تزاول عملها من جديد.

جاء ذلك في تقييم جديد أجرته مجموعة التعليم في الأمم المتحدة تقييماً جديداً استند إلى صور الأقمار الصناعية في 6 سبتمبر/ أيلول، والذي أوضح أن من بين هذه المدارس تشكل الحكومية ما نسبته 55% (273)، والثلث (161) مدارس تابعة للأونروا، وما نسبته 12% منها (59) مدارس خاصة.

وحسب التحليل، هناك ما لا يقل عن 71 مدرسة قد دمرت كلياً، مقابل 65 مدرسة حتى تموز/ يوليو، وتعرضت 48 مدرسة إضافية إلى تدمير نصف مبانيها على الأقل.

وكانت هذه المدارس قبل الحرب تخدم نحو 541,227 طالب وتضم أكثر من 20,222 معلم ومعلمة، والذين يشكلون على التوالي نحو 86% و87% من إجمالي عدد الطلاب وهيئة التدريس في غزة.

وبحسب الأمم المتحدة، يهدد هذا الوضع إمكانية استخدام المدارس مرة أخرى للأغراض التعليمية، ما ينتهك حق الأطفال في التعلم في نهاية المطاف.