مقدمة

افتتح شهر شباط/ فبراير اول ايامه على الموجة العارمة من الضربات الأميركية التي استهدفت الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق وسورية، في واحدة من أهم التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد المنظمات الموالية لإيران منذ ذروة حرب العراق رداً على هجوم شنه مسلحون مدعومون من إيران على القوات الأميركية في الأردن.

ومع أن تنفيذ الولايات المتحدة لعمليات رد جديدة بقصف مقرات واغتيال، تعد أمراً من المحتمل حدوثه، فإن الحكومة العراقية تسعى للتهدئة من خلال تواصل مع واشنطن من جهة، ومع مع الفصائل المسلحة من الجهة الأُخرى، وذلك بهدف النأي بالعراق عن الدخول في دوامة عمليات الاغتيال التي قد تطاول قادة الخط الأول في الفصائل والحشد الشعبي ويحوّل العراق إلى ساحة صراع واشتباك مباشر ما بين الأميركيين والفصائل.

وفي ظل الغضب الذي ميز المواقف العراقية من الهجمات الأميركية التي أدت إلى مقتل عشرات المقاتلين من الحشد المنتشرين في الانبار غرب العراق، حمل رئيس حكومة محمد شياع السوداني مطالب حلفائه من القوى الشيعية الى مؤتمر ميونخ للأمن عبر سلسلة لقاءات مع كبار قادة ومسؤولي العالم وفي المقدمة منهم، كاميلا هاريس نائبة الرئيس الاميركي التي ناقشت مع السوداني مسقبل قوات التحالف وأمن القوات الأميركية التي تتعرض بين حين وآخر إلى ضربات لإيران في العراق من قبل الفصائل الموالية، خلال الفترة الماضية.

وعلى وقع الأزمات التي يمر بها العراق فإن التصعيد اتجاه اقليم كردستان العراق بات له منحى اخر، بتحميله مسؤولية تحرك المعارضة الايرانية الكردية عبر الحدود أو توجيه اصابع الاتهام لحكومة إقليم كردستان بتوفير ملاذات آمنه للموساد الإسرائيلي، ثم إلى تضييق الخناق من خلال اصدار قرارات قضائية ملزمة تحد من سلطات الإقليم الواسعة، وهو أمر وجد صداه الإيجابي لدى أطراف فاعلة في المشهد العراق تجد في اأاقاليم إضراراً بواقع البلد رغم كونه أمراً دستورياً لا غبار عليه.

اقتصادياً، بات انسحاب كبريات شركات النفط والطاقة العالمية، وآخرها شركة شل، امراً معتاداً في العراق في مؤشر على عدم وجود ثقة بالوضع العام وتاثيرات أطراف فاعلة لها القدرة على إرباك البلد، الى جانب أن مغادرة شركات بهذا الحجم قد ترسل رسالة سلبية عن واقع الاستثمار في العراق.

ثقافياً مثّل التئام مهرجان السينما الأول في بغداد على مدى أيام حدثاً بارزاً لجهة مشاركة اسماء كبيرة في الفن العربي واشتراك افلام مهمة في المهرجان يعد نادرا وله ويعمق التعاون بين الفنانين العرب ويعيد لبغداد حضورها ودورها المهم في مسيرة الفن العربي بعد انكفاء فرضته الأحداث الأمنية.

التقرير السياسي

قصف أميركي على الأنبار يوقع قتلى من الحشد ويغضب بغداد

قصف الجيش الأميركي مناطق عكاشات والقائم غرب محافظة الأنبار (غرب العراق) يوم الجمعة 2 شباط/ فبراير، وأوقع قتلى في صفوف فصائل الحشد الشعبي، الأمر الذي أحدث حالة من الغضب في الأوساط الرسمية والعسكرية العراقية، دفعت السلطة الى إعلان الحداد العام في دوائر الدولة ومؤسساتها كافة.

 

وأعلنت الخارجية العراقية، في اليوم التالي للقصف، في بيان إنها سوف تستدعي القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد ديفيد بيركر لعدم وجود السفيرة الأميركية، لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية بشأن الاعتداء الأميركي الذي طاول مواقع عسكرية ومدنية.

وعلقت الرئاسة العراقية على الضربات الأميركية بالقول إن “العدوان الذي تعرضت له مدينة القائم في محافظة الأنبار ومناطق حدودية عراقية أخرى غربي البلاد من قبل الولايات المتحدة، وأسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين، يُمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية رغم إعلان الحكومة العراقية غير مرة رفضها مثل هذه الأعمال.”

وأضافت الرئاسة، أن “هذه الهجمات تعمل على تصعيد التوتر وتهدد أمن واستقرار المنطقة ككل”، مؤكدة “أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث هذه التطورات والتداعيات واتخاذ مواقف واضحة وموحدة تحفظ كرامة البلد وسيادته وأمن المواطنين.”

وأعلن الجيش الأميركي شنّ ضربات جوية على أهداف في سورية والعراق، رداً على مقتل ثلاثة من جنوده في هجوم على قاعدة في الأردن، في كانون الثاني/ يناير، مشيراً إلى أن الضربات استهدفت “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني و”جماعات مسلحة متحالفة معه”.

وأوضح الجيش الأميركي أن المنشآت المستهدفة مراكز قيادة وتحكّم وتجسّس، ومواقع تخزين صواريخ ومسيَّرات، وأكد أن الضربات الجوية استخدمت فيها أكثر من 125 قذيفة دقيقة التوجيه، وشملت أكثر من 85 هدفاً.

ونفى الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، وجود تنسيق مسبق بين بغداد وواشنطن بشأن الضربات، مشيراً إلى سقوط 16 ضحية و25 جريحاً جراء العدوان.

ويظهر ان هناك تناقض في السياسة الامريكية بشأن الهجمات من قبل اذرع ايران في العراق والمنطقة، ما لم تغير واشنطن نمطها القديم المتبع مع طهران وقواعد الاشتباك التقليدية غير الرسمية بين البلدين. فلغاية الآن لم تعمل على مهاجمة إيران مباشرة، كما إن التكتيك الأميركي الأخير المتمثل في استهداف الأصول الإيرانية في سورية والعراق، لن يبعث برسالة قوية تكفي لردع طهران وأذرعها في المنطقة، وما هي سوى استهداف لاستقرار المنطقة.

ويبدو أن تأخير الهجوم الأميركي لمدة أسبوع تقريباً كان يهدف إلى السماح لإيران والفصائل العراقية الموالية لها بسحب أفرادها، ويعطي إشارة واضحة للحذر وتفريغ مقارتها؛ فالواضح أن السياسة الأميركية في العراق، أدت إلى إعطاء الفرص للميليشيات المدعومة من إيران مجالاً أكبر للسيطرة والتوغل في الحكومة العراقية، وإضعاف الحكومة العراقية وتخويف المعارضين، وقلب نتائج الانتخابات النيابية والمحلية العراقية، والهيمنة على الحكومة والاقتصاد العراقيين.

وقد تجنبت بعض الميليشيات ذات الخلفيات الأكثر عنفاً (مثل “منظمة بدر” و “عصائب أهل الحق”) مهاجمة القوات الأميركية؛ ويرجع ذلك بمعظمه إلى الدور الكبير الذي تؤديه هذه الميليشيات في الحكومة.

ومع ذلك، فإن الجماعات الثلاث المسؤولة عن معظم الهجمات: “كتائب حزب الله”، و “حركة حزب الله النجباء”، و “كتائب سيد الشهداء”، تحتجز الآن الحكومة بأكملها كرهينة.

وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية جعلت الوجود الأميركي غير فاعل، إلا أن الانسحاب من العراق من شأنه أن يزيد خطر عدم الاستقرار، لذا فإن شق الطريق هو الهدف الأكثر حكمةً في ظل السياق الحالي من الاضطرابات الإقليمية.

وعلى المدى الطويل، ستستمر سياسة واشنطن في العراق في التدهور إذا لم يتم اتباع استراتيجية شاملة لردع إيران وميليشياتها ومع ذلك، يقع عبء المسؤولية الآن على عاتق بغداد لإنقاذ هذه العلاقة، لأن واشنطن قد تقرر الانسحاب بدلا من استثمار المزيد من الجهود.

العراق يضع في مؤتمر ميونخ انسحاب التحالف في سلم أولوياته

مثّل انسحاب قوات التحالف الدولي ضد داعش من العراق سلم أولويات رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال لقاءاته مع كبار القادة والمسؤولين من دول العالم اثناء مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن 2024.

وتصدر مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق مباحثات السوداني مع نائبة الرئيس الاميركي كاميلا هاريس التي أكدت أهمية الشراكة القوية والدائمة كما هو منصوص عليه في اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق.

وجددت نائبة الرئيس الأميركي التزام بلادها بدعم العراق في تحقيق مستقبل آمن ومستقر لشعبه، وهو أمر بالغ الأهمية لضمان شرق أوسط مزدهر ومترابط.

وحثت هاريس رئيس الحكومة العراقية على منع الهجمات ضد الأفراد الأميركيين، معربة عن تقديرها لجهود رئيس الوزراء في هذا الصدد لغاية الآن، مشددة على أن سلامة الأفراد الأميركيين تمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة، وأنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن النفس عند الضرورة، وفقا لبيان صدر عن السفيرة الأميركية فوق العادة في بغداد ألينا رمانوسكي.

ومضت السفيرة الأميركية بالقول، إن الجانبان ناقشا أهمية استمرار عمل اللجنة العسكرية العليا الأميركية العراقية، التي ستمهد الطريق للانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة بين الولايات المتحدة والعراق.

وبينت أنها الخطوة الطبيعية التالية للبناء على التعاون الناجح للغاية خلال السنوات العشر الماضية بين العراق والتحالف الدولي لهزيمة داعش.

وأشارت إلى أن نائبة الرئيس الأميركي والسوداني، ناقش أهمية استمرار التعاون في مجالي الاقتصاد والطاقة بين الولايات المتحدة والعراق من خلال اللجنة التنسيقية العليا والاستمرار في دمج العراق اقتصاديا بشكل أوسع في المنطقة.

وفي الختام جددت هاريس دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن، لرئيس الوزراء العراقي، لزيارة البيت الأبيض، كما جاء في البيان.

وأبلغ السوداني كلاً من وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، وأعضاء في الكونغرس الأميركي، أن العراق ماض نحو مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي على طريق إنهاء وجوده.

وأكد ستولتنبرغ، عقب لقاء السوداني “توسعة التعاون في تقديم المشورة والتدريب للقوات الأمنية العراقية لتشمل تشكيلات وزارة الداخلية”.

وتجري بغداد وواشنطن محادثات على مستوى لجنة مشتركة من أجل التوصل إلى صيغة لجدولة انسحاب قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، من العراق الذي يطالب بانسحابه والانتقال بالعلاقات إلى مستوى الشراكات الثنائية.

وتضارب التصريحات الرسمية الأميركية والعراقية، بشأن وجود التحالف، فعلى الرغم من أن رئيس الحكومة العراقية أبلغ المسؤولين الغربيين الذين التقاهم في ميونيخ، ، أن بلاده تسعى إلى إنهاء التحالف الدولي، تحدثت واشنطن في الوقت نفسه عن “شراكة أمنية ثنائية دائمة” عبر تغريدة السفيرة الأميركية  على منصة X.

وغالباً ما تتباين المواقف الرسمية بين واشنطن وبغداد كلما اجتمع المسؤولون فيهما لبحث الأزمة المشتعلة منذ 3 أشهر، على خلفية هجمات الفصائل ضد القواعد الأميركية في العراق وسورية.

واختلاف تصريحات الجانبين حول المغزى من الاجتماعات الحالية، متوقع منذ البداية، لأن هذه الحوارات ليس فيها أي طلب رسمي حتى الآن بشأن إخراج القوات الأميركية، والحوارات متركزة حاليا حول تقييم التهديد الذي يشكله داعش وقدرات القوات العراقية والظروف العملياتية على الأرض، وهذا الأمر أكده الأميركيون والمسؤولون العراقيون.  ومن جانب اخر الحكومة العراقية تريد بث أخبار بأنها تحاور أميركا على سحب قواتها من العراق من أجل تهدئة الأوضاع ومنع تصعيد الفصائل المسلحة عملياتها، وفي الوقت نفسه الحكومة وكذلك القوى الداعمة لها في الإطار، تدرك خطورة خروج الأميركيين من العراق بهذا الظرف وما له من تداعيات على مختلف الأصعدة.

والتضارب في التصريحات وبيان الموقف الأميركي بشكل واضح وعلني، خلافاً للموقف العراقي، يؤكد أنه لا نية لخروج القوات الأميركية من العراق وحتى وإن جرت مباحثات حقيقية لإخراج تلك القوات، فهذا الأمر يحتاج إلى سنين طويلة، وليس لأشهر كما يتصور البعض.

المحكمة الاتحادية العليا تضيق الخناق على إقليم كردستان

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) 21 شباط/ فبراير قرارات غير قابلة للطعن، ضيقت من خلالها الخناق على إقليم كردستان بشأن قانون انتخابات برلمان الإقليم، وقضت بأن تحل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الاتحادية بدلاً من الكردية، إضافة إلى رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام.

وقال رئيس المحكمة القاضي جاسم محمد عبود العميري خلال تلاوته القرارات عبر بث مباشر متلفز، إن المحكمة الاتحادية قررت “عدم دستورية عبارة أحد عشر الواردة في المادة الأولى من قانون انتخاب برلمان كردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل ليصبح النص كالآتي: يتكون برلمان كردستان من مائة عضو.

وأشار إلى “عدم دستورية عبارة: بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 2 من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007 لحين تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء لكردستان العراق، الواردة في المادة السادسة مكرر أولاً من قانون انتخابات برلمان كردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل ليصبح النص كالآتي: أولاً تحل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات محل الهيئة العليا لانتخابات برلمان كردستان العراق الواردة في هذا القانون للإشراف على انتخابات البرلمان وإدارتها وعدم دستورية البند رابعاً من المادة السادسة مكرر.”

كما لفت القاضي العميري إلى “عدم دستورية المادة التاسعة من قانون انتخاب برلمان كردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل ونفاذ النص السابق الذي تم إلغاؤه بموجب المادة الرابعة من التعديل الثالث رقم 47 لسنة 2004 ليكون النص النافذ كالآتي: تقسم كردستان العراق إلى مناطق انتخابية على ألا تقل عن 4 مناطق.”

ونوه إلى “عدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 15 لسنة 2013 قانون التعديل السابع لقانون انتخاب برلمان كردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل الذي ألغيت بموجبه المادة السابعة عشر من القانون المذكور والعودة للعمل بالمادة آنفة الذكر والتي تنص على: ‘تزود دائرة الأحوال المدنية كل مواطن أكمل الثامنة عشر من العمر ببطاقة الناخب وفق صيغة تحدد أوصافها وشكلها ببيان على أن يبرز للناخب ما يثبت شخصيته عند الاقتراع’.”

واختتم القاضي العميري بالقول إن المحكمة قررت “عدم دستورية عبارة: على نطاق كردستان العراق، وعبارة: على أن لا يقل عدد المرشحين في كل قائمة انتخابية عن ثلاثة، الواردتين في المادة الثانية والعشرين من قانون انتخاب برلمان كردستان العراق لسنة 1992 ليصبح النص كالآتي: لكل كيان سياسي في كردستان العراق تقديم قائمة خاصة به تتضمن أسماء مرشحيه تحتوي على نسبة لا تقل عن 30 بالمئة من النساء ويتم ترتيب أسماء المرشحين بالشكل الذي يضمن تمثيل النسبة المذكورة للنساء في البرلمان.”

كما قررت المحكمة الاتحادية العليا، إلزام كل من محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، ورئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لدى المصارف الاتحادية.

وقررت المحكمة أيضاً إلزام تقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية، مع إلزام مجلس وزراء الإقليم تسليم جميع الايرادات النفطية وغير النفطية الى الحكومة الاتحادية فيما شدد الحكم على ان قرار توطين رواتب موظفي الإقليم قراراً باتاً وملزماً.

وفي سياق اخر ابدى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، خلال لقاء جمعه بمحافظ الأنبار الجديد محمد نوري الكربولي، ورئيس مجلس المحافظة عمر الدليمي، في 18 شباط/ فبراير، اعتراضه على مبدأ الأقاليم.

وقال زيدان إن “فكرة إنشاء أقاليم أخرى في أي منطقة في العراق مرفوضة لأنها تهدد وحدة العراق وأمنه”، مبيناً أن “الواقع الجغرافي والقومي لإقليم كردستان موجود قبل نفاذ الدستور سنة 2005 وتحديداً سنة 1991 في إثر غزو الكويت.”

واعتبر أن “ظروف صياغة الدستور في حينها تغيرت الآن، ومعظم من كانت لديه القناعة بهذه الأحكام مقتنع الآن بضرورة تغييرها قدر تعلق الأمر ببقية المحافظات، عدا إقليم كردستان بحكم وضعه الخاص.”

ويمنح الدستور العراقي الذي أقر سنة 2005، الحرية للمحافظات العراقية، بتقديم طلب للانتقال من صفة محافظة إلى إقليم بعد إجراء استفتاء شعبي من مفوضية الانتخابات، ويجب أن يحظى الطلب بموافقة أكثر من نصف المواطنين في تلك المحافظة، ليكون الإقليم إدارياً على غرار إقليم كردستان العراق، كما يجيز توحد عدة محافظات في هذا الإقليم، وتبقى السلطة الاتحادية النافذة لبغداد في سَن القوانين وتوزيع الموارد.

وتنص المادة 119 من الدستور على أنه “يحق لكل محافظة أو أكثر، تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين: أولاً، طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم؛ ثانياً، طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.”

وسبق الحديث عن إقليم الأنبار، إقليم البصرة، والذي يطالب به ساسة ونواب عن المحافظة الواقعة على مياه الخليج منذ سنوات عدة، ويدعون إلى تحول المحافظة إقليماً إدارياً على غرار كردستان العراق.

وجمع سنة 2014، قرابة 10% من أصوات أهالي البصرة الذين طالبوا بالإقليم، وهي السّمة القانونية من أجل تقديم الطلب للحكومة عبر مفوضية الانتخابات، ولكن الحكومة وقتذاك لم تلتفت إلى الطلب بسبب تزامنه مع هجوم تنظيم “داعش” على المناطق الشمالية والغربية.

وعُقد اجتماع عشائري أخيراً في محافظة الأنبار، أعاد الجدل بشأن إقامة إقليم الأنبار السُّني، وهو اعتراض منها على طريقة حكم الأحزاب المتنفذة الشيعية في البلاد.

ومع قرارات المحكمة الاتحادية في بغداد دخل إقليم كردستان منعطفاً جديداً قد يخلق تبعاتها واقعاً مختلفاً في ميزان القوى داخل البيت الكردي خلال الانتخابات البرلمانية التي من المتوقع إجراؤها منتصف العام الحالي.

وأثارت القرارات تضارباً في المواقف بين الحزبين الحاكمين في الإقليم “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني، الذي رأى في بعض منها مصادرة لحقوق الإقليم الدستورية، فيما قابله ترحيب من نظيره “الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني الذي رأى فيها مكسباً لكونها “استغلت من قبل الديمقراطيين”، في حين وصفت قوى الأقليات مثل المسيحيين والتركمان القرارات بأنها “مصادرة لحقوقها وانقلاب على الدستور.”

وأفرزت الخطوة حالاً من الشد والجذب بين نواب ومسؤولين من الحزبين ضمن الانقسام والصراع السياسي المزمن في الإقليم، إذ عد الديمقراطيون الخطوة انقلاباً ومؤامرة ضد الإقليم بأمر إيراني لمصلحة “الاتحاديين”، بينما عزاها “الاتحاديون” إلى التلاعب واستغلال مقاعد الأقليات، والتي لم تكن تعكس تمثيلاً حقيقاً لأبنائها.

ومن غير المستبعد ان تكون القرارات التي تخرج من المحكمة الاتحادية ضد أطراف مختلفة داخل العراق، مرتبطة بسياسات خارجية وتدخل من الدول الإقليمية في الشأن العراقي في ظل نجاح إيران نسبياً حتى الآن في تفتيت القوى السياسية العربية السنية والكردية وحتى القوى السياسية التركمانية والمسيحية من خلال ضم بعضها إلى أجنداتها السياسية.

وجردت سلسلة القرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية خلال السنوات الأخيرة صلاحيات واسعة كان يتمتع بها الإقليم الكردي، وقد تجاوز عددها خلال العامين الماضيين 35 دعوى، ست منها أدت إلى تعليق صادرات الإقليم النفطية إلى تركيا التي كانت تحدث بمعزل عن بغداد، وعدم دستورية قرار تمديد دورة برلمانه وإلغاء شرعية مفوضية الانتخابات الخاصة به وكذلك مجالسه المحلية.

ويمكن القول إن الحزبين الكرديين الحاكمين متضرران من ناحية تراجع دورهما السياسي في العراق وحتى الإداري داخل كردستان، كما أن كيان الإقليم وصورته وسيادته على قراراته ومؤسساته، تضررت بشكل كبير.

وفي سياق مواز أثارت تصريحات القاضي زيدان، بشأن رفض إنشاء أقاليم جديدة، جدلاً قانونياً بسبب مخالفتها الدستور الذي يجيز النظام الفيدرالي في العراق، بحسب خبراء اذ يعد ما صدر عن القضاء تحولاً في التعامل مع مسألة الأقاليم في العراق.

وجاءت تصريحات زيدان بعد أيام من عودة الحديث عن إمكانية إقامة إقليم الأنبار غربي العراق، وتكرار تجربة إقليم كردستان وفقاً للدستور العراقي الحالي الذي يسمح بذلك، و جاء التصريح مباشرةً بعد مقابلة محافظ الانبار من تحالف تقدم والذي يعطي  لدلالات سياسية بحته، فهيمنة حزب الحلبوسي على المنصب التنفيذي الأول، ممثلاً بالمحافظ، والمنصب الرقابي الثاني، ممثلاً برئيس المجلس، اي محتكراً معظم مراكز القرار السياسي والاقتصادي والأمني في المحافظة، الأمر الذي يجعله يخوض لصراع استثنائي لدى خصومه السياسيين خاصة بعد اقالته من رئاسة البرلمان العراقي.

ويبدو أن الخلاف بشأن قضية الإقليم السني سيبقى إحدى أبرز قضايا الصراع التي يخوضها الحلبوسي ضد خصومه الذين يتهمونه بـ “نزعة انفصالية” تجد في قضية “الإقليم” المدعومة بغطاء دستوري أداة لتمريرها.

وعلى الرغم من تذكير الحلبوسي، في بيان الأسبوع الماضي، برفض مواطني الأنبار الدستور الدائم الذي أقر المبدأ الفيدرالي، فإنه لم يؤكد أو يستبعد إمكانية إقامة إقليم الأنبار.

ومع أن الجدل الحالي بشأن إقامة الأقاليم يخص محافظة الأنبار التي شهدت خلال السنتين الماضيتين جدلاً سياسياً بين قواها السياسية والمجتمعية، فإنه سبق لمحافظة صلاح الدين شمال شرقي العراق أن حاولت عام 2013 إنشاء إقليم فيدرالي طبقاً للدستور لكن السلطة المركزية في بغداد أعلنت رفضها لأي محاولة في هذا الشأن رغم تصويت مجلس المحافظة آنذاك على فكرة الإقليم، استناداً إلى الدستور.

وجاءت رغبة صلاح الدين في إقامة الفيدرالية على إثر المظاهرات والاضطرابات التي كانت شهدتها المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية في العراق والتي بدأت من الأنبار وامتدت إلى صلاح الدين والموصل، ما مهد لاحقاً بعد 2014 إلى دخول تنظيم «داعش»، لكن جدل الأقاليم يتجدد في ظرف مستقر أمنياً.

كذلك الحديث عن إقليم البصرة، والذي يطالب به ساسة ونواب عن المحافظة الواقعة على مياه الخليج منذ سنوات عدة، ويدعون إلى تحول المحافظة إقليماً إدارياً على غرار كردستان العراق.

وجمع عام 2014، قرابة 10% من أصوات أهالي البصرة الذين طالبوا بالإقليم، وهي السّمة القانونية من أجل تقديم الطلب للحكومة عبر مفوضية الانتخابات، ولكن الحكومة وقتذاك لم تلتفت إلى الطلب بسبب تزامنه مع هجوم تنظيم “داعش” على المناطق الشمالية والغربية.

التقرير الاقتصادي

عرض قطري لزيادة قدرات إنتاج الكهرباء في العراق

كشفت الحكومة العراقية الخميس في 1 شباط/ فبراير، أن ثمة عرض من إحدى الشركات القطرية يهدف للمساهمة في تعزيز قدرات إنتاج الكهرباء للبلاد، في سياق خطط لتنفيذ مشاريع تطوير وترميم العديد من المحطات التي تضررت بسبب الحرب.

وذكرت وزارة الكهرباء العراقية أن أورباكون للتجارة والمقاولات، وهي شركة إنشاءات قطرية، قدمت عرضاً لإعادة بناء محطة كهرباء حرارية بقدرة 2,1 غيغاواط شمال البلاد.

ويشمل مشروع تطوير جزء من محطة بيجي، التي دمرها مسلحو داعش في سنة 2014، ست وحدات منفصلة لتغذية محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك بالطاقة الكهربائية.

وقال مسؤول في الوزارة طلب عدم ذكر اسمه، إن عملية البناء قد تستغرق ثلاثة أعوام على الأقل، وقد تكلف حوالي ملياري دولار.

وفي 2019 وقّعت بغداد عقدا مع تحالف شركتي سيمنز الألمانية وأوراسكوم المصرية، لإعادة بناء وتأهيل محطتي كهرباء بيجي الغازية الأولى والثانية، بقيمة 1,32 مليار دولار.

وتسعى قطر إلى ضخ استثمارات في السوق العراقية وهي تتنوع في مجالات كثيرة تشمل الطاقة والكهرباء والتجارة وغير ذلك، أملا في منافسة المستثمرين الأجانب وخاصة من الصين.

وفي شهر حزيران/ يونيو 2023، وقعت ثلاث شركات قطرية، اتفاقات مع هيئة الاستثمار العراقية لتطوير مشروعات تصل قيمتها إلى 9,5 مليار دولار، تشمل بناء محطتين لتوليد الطاقة وتطوير مدينتين جديدتين.

وجاء ذلك خلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لبغداد في ذلك الوقت، حيث تعهد بضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في العراق خلال السنوات المقبلة.

كما تم خلال الزيارة توقيع مذكرة تعاون لتأسيس شركة نفط مشتركة، وأخرى تخصّ إنشاء مصفاة، وفقا لوكالة الأنباء القطرية الحكومية.

وقالت أورباكون في بيان حينها إنها “أبرمت اتفاقية شراكة مدتها 25 عاما مع هيئة الاستثمار العراقية لبناء محطتين لتوليد الطاقة بإجمالي 2400 ميغاواط بتكلفة 2,5 مليار دولار.”

ويسعى العراق لتأمين احتياجاته من الغاز المسال حيث يستورد 40 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من إيران، وأدّى التوقف السابق للإمدادات إلى فقدان ما يفوق 7 آلاف ميغاواط من الكهرباء، مما وصل بالطاقة الإنتاجية إلى نحو 15 ألف ميغاواط.

ولدى البلد 28 محطة تعمل بالغاز الطبيعي، وأيضا 8 محطات كهرومائية، لكنه بعضها يحتاج إلى الترميم وبعضها خارج الخدمة مما يجعل بغداد تستورد جزءا من الكهرباء من إيران.

ونقص الكهرباء في البلاد مشكلة كبيرة تعاظمت من جراء الحروب على مدار العقود الأربعة الماضية، وأيضاً الفساد الإداري والمالي والتخريب.

شل تنسحب من مشروع مجمع نبراس للبتروكيماويات

قررت شركة شل الانسحاب مشروع مجمع نبراس للبتروكيماويات المتكامل في العراق. وقالت في بيان، “بعد تقييم متعمق لمشروع مجمع نبراس للبتروكيماويات المتكامل مع شركائنا في الحكومة العراقية، قررنا عدم المضي قدما في المشروع.”

وبحسب بيان الشركة، فإن هذا القرار يتماشى مع تركيز شل على الأداء والانضباط والتبسيط، وللتغيير الحاصل في استراتيجية شل فيما يخصّ مشاريع البتروكيماويات.

وأضافت الشركة: “ستواصل شل دعم شركائنا في الحكومة العراقية في جهودهم الرامية إلى تنويع الاقتصاد العراقي. وستواصل شل لعب دور حيوي في مشهد الطاقة في العراق من خلال شراكتنا في المشروع المشترك لشركة غاز البصرة (BGC) باعتبارها الكيان الرئيسي لمعالجة الغاز في العراق.”

وذكر بيان صادر عن وزارة النفط العراقية أن شل لن تواصل المناقشات مع وزارتي الصناعة والمعادن والنفط بشأن دورها “كمستثمر رئيسي” في مشروع النبراس للبتروكيماويات، لكن شل تؤكد “الاستمرار بدعم المشروع من خلال شراكتها مع شركة غاز البصرة.”

وفي 2015، وقعت شل صفقة مبدئية بقيمة 11 مليار دولار مع العراق لبناء مجمع البتروكيماويات الذي من المفترض أن يبدأ تشغيله نظرياً في غضون ست سنوات، ومن شأنه أن يجعل العراق أكبر منتجي البتروكيماويات في الشرق الأوسط.

وبحسب مسؤول عراقي في مجال الطاقة مطلع على محادثات: إن مسائل مالية وتعاقدية أخرت التوصل إلى اتفاق نهائي مع شل “وتسببت في انهيار الصفقة الأولية.”

وأضاف المسؤول، “تلقينا تعليمات من رئيس الوزراء بالاتصال بالمستثمرين المهتمين المحتملين لإحياء المشروع.”

ويعد استمرار حالة هروب الشركات مجدداً بان العراق لايزال بيئة طارده للشركات والأعمال بسبب ما يعانيه من خلل في كافة القطاعات، وأن الشركات العالمية الرصينة غير قادرة على الاستمرار في ظل الاوضاع الحالية، وأن من يدخل مكان الشركات الغربية هي شركات شرقية ذات رصانة وجودة أقل بكثير من الشركات المنسحبة.

وسيقلل الانسحاب فرص الحكومة والسوق العراقية مستقبلاً من الدخول في شراكات مع شركات رصينة لتنفيذ وانجاز المشاريع التنموية القادمة، وهذا يعني ازدياد استقطاب العراق نحو اتجاه شرقي واحد وحرمانه من التنوع والجودة التي يحتاجها لاطلاق عجلة التنمية بشكل صحيح ومستدام.

ويبدو أن هناك عدة اسباب وراء انسحاب الشركات الاقتصادية الكبرى من مهامها في العراق أبرزها عقود ضعيفة. فالعقود التي يوقعها العراق تكون فيها غالباً بعض الثغرات ونقاط الضعف لصالح الشركات الأجنبية والتي تسمح لها بالخروج والانسحاب من العمل في الوقت الذي تشاء، من دون أن تكون هناك عقوبات أو غرامات جزائيه تردع تلك الشركات وتمنعها من الانسحاب والاضرار بمصالح العراق.

كما أن بروز التيار المتشدد وتأثيره على الساحه السياسية والقرارات الرسمية العراقية، أرسل رسالة واضحه ان العراق يتجه نحو المحور الشرقي المواجه للغرب، وبالتالي خلق بيئة أعمال رافضة وغير مناسبة للشركات الغربية.

كذلك تتعرض الشركات الغربية غالباً لضغوطات من أطراف سياسية ومسلحة تجبرها على دفع أتاوات ورشاوى ونسب من الارباح مقابل الحصول على دعم تلك الجهات، هذه المطالبات الشاذة تخالف اخلاقيات العمل التي تلتزم به تلك الشركات مما يجبرها لرفض تلك الضغوطات ومغادره العراق.

ولا تزال التشريعات والقوانين العراقية قاصره ومتقادمة وغير مناسبة لجذب وتشجيع ودعم النشاط الاستثماري والتنموي، وهذا تسبب بمصاعب للشركات الأجنبية وعقبات بيروقراطية كبيرة تتعلق بالتمويل وإدارة المشاريع والأفراد واداره العمليات الميدانية والتخطيط المالي والعملياتي، وفي نهاية المطاف يتحول نموذج العمل إلى نموذج ذو كلف عاليه ومخرجات سلبية، مما يدفع تلك الشركات الى تصفية اعمالها والانسحاب من العراق.

ولا تستطيع الشركات التخطيط وتأسيس نموذج عمل لمديات طويلة في ظل وضع أمني هش يمكن أن يتفجر في أي لحظه، ويكبد فيها تلك الشركات خسائر ضخمة.

التقرير الثقافي

اختتام المهرجان السينمائي الأول وسط حضور فني عربي

اختتم مهرجان بغداد السينمائي الأول الذي نظمته نقابة الفنانين ووزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح في 14 شباط/ فبراير، بمشاركة عدد كبير من فناني الدول العربية.

وتضمن المهرجان أفلاماً روائية ووثائقية، تنافست على خمس جوائز للروائي الطويل والروائي القصير والوثائقي والأنميشن والفضاءات السينمائية الجديدة التي تكفلت نقابة الفنانين بإنتاجها.

وثمن نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي في كلمة له خلال اختتام الحفل، دعم” رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الحقيقي للمهرجان.”

كما قال مدير المهرجان حكمت البيضاني خلال الحفل: “نثمن صناع الأفلام المشاركة في المهرجان ولجان التحكيم والضيوف”، مشيداً بـ “جهود نقابة الفنانين في إنجاح التجربة السينمائية.”

ويمثل احتضان بغداد لهذا المهرجان الكبير تأكيدا لرعاية العراق للإبداع بمختلف صوره وفرصة لتبادل الثقافات الفنية والتعرف على أحدث الطروحات السينمائية.