مقدمة

قبل أن تحظ المرشحة لمنصب السفير الأميركي لدى العراق تريسي جاكوبسون رحالها في بغداد، أثارت مواقفها المعلنة تحت قبة الكونغرس الأميركي سبقتها عاصفة من الجدل في بغداد، بعدما وصفت طهران بأنها لاعباً خبيثاً ومزعزعاً لاستقرار المنطقة ويهدد بمحو كل إنجازات العراق، الأمر الذي لاقى اعتراضات لدى العديد من القوى السياسية العراقية، ولاسيما المقربة من طهران، والتي وجدت بالتصريحات الأميركية تدخلاً مرفوضاً في الشأن العراقي.

ويظهر موقف المرشحة لمنصب السفيرة في بغداد تحولاً واضحاً في طبيعة التعاطي مع النفوذ الإيراني في العراق والاتجاه نحو التشدد معه، ولاسيما مع تصاعد التوترات والتهديدات التي تطلقها فصائل شيعية مسلحة بمعاودة استهداف المصالح الأميركية في العراق، مع بروز تهديدات إسرائيلية بمهاجمة حزب الله في لبنان على وقع الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وفي الشأن السياسي الداخلي، يبدو أن الخلافات العميقة والانقسامات السياسية مازالت تسود بين القوى السنية على المناصب في الدولة، متسببة بعدم انتخاب رئيس للبرلمان على الرغم من مرور 7 أشهر على إبعاد محمد الحلبوسي من المنصب، مع أن قوى سياسية عراقية أبدت تفاؤلاً بإمكانية حسم شغور منصب رئيس البرلمان، المقرر عقد جلسة لانتخابه بعد عطلة عيد الأضحى، بعدما فشلت في إيجاد حل لشغور المنصب منذ نحو 7 أشهر، مؤكدة أن الانشقاق الذي أعلن عنه في حزب “تقدم”، بزعامة رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، يفتح الباب لحسم الملف، إذ إن هذا الانشقاق يهدد الحزب بأن لا يكون ممثلاً عن أكبر القوى السنية.

ووسط الشلل السياسي السني برزت مواقف شيعية جديدة تتعلق بالدعوة لاجراء انتخابات برلمانية لكنها قوبلت بعدم رضا داخل الإطار الشيعي الحاكم الذي يضم قوى سياسية شيعية، والتي وصفها البعض بأنها “ولدت ميتة” ولا يمكن تطبيقها، جراء عدم وجود اتفاق وطني على إجراء انتخابات باكرة يرغب رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي باجراءها، على الرغم من إدراكه بأن دعوته لن تلقى قبول القوى السياسية الأخرى، وبالتالي فإن الهدف منها “مغازلة التيار الصدري” المقاطع للعملية السياسية بهدف جذبه للتحالف معه مستقبلاً.

اقتصادياً يطمح العراق الى تنويع منافذ تصدير النفط لتحقيق مكاسب من خلال انشاء خط انابيب نفطية يربط البصرة اقصى جنوب العراق بميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، على الرغم من اعتراضات بعض الأطراف السياسية، ولاسيما أن تنويع مراكز التصدير وعدم الاعتماد على منفذ واحد ووجود خيارات بديلة، يمكنه أن يبقى في موقف آمن حسابياً وعملياً، ويمكن للعراق أن يحقق نوع من الإيجابية مع محيطه العربي فضلاً عن الجدوى الاقتصادية.

ثقافيا أحيت الموصل مهرجانها الموسيقي الأول منذ استعادتها من داعش، تحت عنوان الموسيقى والفنون من أجل السلام، بهدف إطلاق رسائل تحث على التعايش والسلام والوحدة، وخصوصاً في المحافظات التي تم استعادتها من التنظيم المتطرف.

التقرير السياسي

المرشحة لمنصب السفيرة الأمركية تغضب بغداد

قالت المرشحة لمنصب السفير الأميركي لدى العراق تريسي جاكوبسون إن “طهران لاعب خبيث ومزعزع لاستقرار المنطقة ويهدد بمحو كل إنجازات بغداد”، مضيفة “ندرك أن التهديد الرئيس هو الميليشيات المتحالفة مع إيران.”

كلام جاكوبسون الذي جاء خلال جلسة استماع خاصة أمام لجنة مجلس الشيوخ الأميركي للعلاقات الخارجية، بدا وكأنه إعلان مسبق عن خططها المستقبلية في العراق بعد تسلمها المنصب، ومعاداتها للفصائل المسلحة الموالية لإيران، وهي لاقت ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية العراقية، ولاسيما الموالية لإيران.

فقد اعتبر خالد اليعقوبي، المستشار الأمني لرئيس مجلس الوزراء العراقي، في منشور على منصة “إكس” أن حديث جاكوبسون “لا يتناسب ومهام عملها.” وقال: “شاهدنا جلسة الاستماع الخاصة بالمرشحة لموقع سفيرة الولايات المتحدة وما فيها من عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي، وتدخلاً في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه.” وأضاف “على السيدة المرشحة أن تعي حقيقة واضحة أن جملة مما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد”، مشيراً إلى أن “مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة.”

ووصفت كتلة “صادقون” البرلمانية الممثل لـ “عصائب أهل الحق” التي يتزعمها قيس الخزعلي، تصريحات المرشحة لمنصب سفيرة واشنطن لدى بغداد بأنها “استفزاز للعراق”. وقالت الكتلة في بيان “تلك التصريحات تجاوز سافر لأسس العلاقات الدولية وتمثل استخفافاً بدور بغداد الإقليمي وقدرتها على تحديد أولويات سياستها الخارجية، مما يعزز القناعة باستمرار الإدارة الأميركية ومن يمثلها بالتعامل مع العراق بصفته بلداً محتلاً وتحت وصايتها، التي لن نتقبلها تحت أي ظرف.”

وعملت جاكوبسون سفيرة في عدد من الدول هي: تركمانستان، وطاجيكستان، وكوسوفو، وكذلك كقائمة بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة لدى إثيوبيا، قبل ترشيحها للعمل كسفيرة لدى العراق. وبحسب الدبلوماسية الأميركية فإن هذه التجارب جعلتها “أكثر تأهيلاً لتعزيز المصالح الأميركية في العراق.”

وتعد تصريحات السفيرة الأميركية صورة عن طبيعة العلاقة وسياسة الولايات المتحدة بالعراق وعن كثير من القوى التي شملها خطابها، وتوضح أيضاً مدى القلق من الفترة المقبلة لإدراكها أن لديها تحديات مستقبلية إزاء طبيعة العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، ومع بعض الجهات السياسية العراقية الموالية لإيران، لكنها على الرغم من تلك التصريحات ستعمل على التهدئة عند تسلمها منصب السفير لدى بغداد رسمياً، كما أن حكومة بغداد لن ترفض تعيينها.

وظهر التصعيد الأميركي الذي عبرت عنه المرشحة لمنصب السفيرة في بغداد جلياً عندما أعربت وزارة الخارجية العراقية، عن رفضها لتصريحات النائب في الكونغرس الأميركي مايك والتز، بحق رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.

وشددت الوزارة في بيان، في 29 حزيران/ يونيو، على “رفضها التام لما جاء في هذه التصريحات من مساس بشخص رئيس مجلس القضاء فائق زيدان وبالحقوق الأساسية للدولة العراقية.”

وعدت الوزارة تلك التصريحات “تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي”، مؤكدة أن محاولة التأثير على السطلة القضائية “مساس بأهم مقومات كيان الدولة.”

وتأسفت وزارة الخارجية العراقية لـ “محاولات إقحام الكونغرس في هكذا قضايا”، مشيرة إلى أن ذلك يشكل “تدخلاً في سيادة الدول وأنظمتها القضائية.”

وكانت صحيفة “واشنطن فري بيكون” كشفت، في 28 حزيران/ يونيو، عن حراك في مجلس النواب الأميركي لتصنيف مجلس القضاء الأعلى في العراق ورئيسه فائق زيدان باعتبارهما “خاضعين لسيطرة إيران”، في إجراء تاريخي هو الأول الذي يجرم رئيس قضاء عراقياً باعتباره “أداة فاسدة تعمق نفوذ إيران في العراق.”

ووفقا لتقرير نشرته الصحيفة الأميركية، فإن النائب والتز (جمهوري من فلوريدا وعضو لجنتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي) يعتزم تقديم تعديل على مشروع قانون المخصصات الخارجية يصنف مجلس القضاء الأعلى في العراق ورئيسه على أنهما أصول تسيطر عليها إيران. من المتوقع أن يحظى هذا الإجراء بدعم من كلا الحزبين ويشمل في التشريع النهائي.

وعدّ رئيس مجلس النواب العراقي بالإنابة محسن المندلاوي، مشروع الكونغرس الأميركي بحق رئيس السلطة القضائية سابقة خطيرة ومساس بسيادة العراق.

وأثار مشروع قانون مطروح على أجندة “الكونغرس” الأميركي، من شأنه معاقبة مسؤولين كبار في الدولة العراقية بتهمة “الولاء” وخدمة المصالح الإيرانية في العراق، من بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى، غضباً شديداً داخل الجماعات والشخصيات والأحزاب المؤتلفة ضمن “الإطار التنسيقي” الذي يضم معظم القوى الحاكمة، عدا مقتدى الصدر وتياره.

وحسب متابعة لآراء المصادر القانونية وتبعاته على الساحة العراقية، فأن إصدار مشروع القانون الأميركي الجديد وتنفيذه، سيؤدي إلى منع السلطات الأميركية المختلفة من التعامل مع رئيس مجلس القضاء وعموم السلطة القضائية، ويفسح المجال أيضاً للدول السائرة في ركب الولايات المتحدة من تجنّب التعامل معه ومع السلطة التي يتحكم فيها.

وكذلك فإن عدم التعامل يعني رفض تنفيذ القرارات القضائية في الخارج (سواء تعلّقت بملاحقة الإرهابيين أو الفاسدين)، وعدم الاعتراف بأوامر القبض والنشرات الحمراء التي تطلب المحاكم العراقية من الإنتربول تنفيذها أو تعميمها، وكذلك رفض التعاون القضائي الدولي مع العراق ومحاكمه، وبالتالي يُسهم مشروع القانون في عزل العراق دولياً.

ومن شأن كل ذلك تعقيد العلاقة بين واشنطن وبغداد، وإثارة مزيد من الأزمات الجديدة والمضافة في العلاقات الثنائية، تزامنا مع خطاب السفيرة الأميركية الجديدة لدى العراق، التي لوّحت بالتصدي لنفوذ إيران والجماعات المرتبطة بها.

ولا يُستبعد أن يكون للأكراد، وخصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، دور في العمل على تحريض المشرعين في الكونغرس لاصدار قانون من شأنه معاقبة مسؤولين كبار في الدولة العراقية ومنهم فائق زيدان بتهمة “الولاء” وخدمة المصالح الإيرانية في العراق، وذلك بحكم علاقاتهم الوثيقة مع الولايات المتحدة، ولدور المجلس القضاء الأعلى في إصدار أحكام ساهمت في تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في أقليم كردستان، ومنها قرارات واردات النفط والانتخابات البرلمانية الكردية.

انشقاق في كتلة حزب تقدم يعمق الانقسام السني

أعلن 11 نائباً في البرلمان العراقي، وعضوا في مجالس المحافظات، يوم الخميس 6 حزيران/ يونيو، انشقاقهم عن كتلة حزب “تقدم” برئاسة رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، وتأسيس جبهة سياسية بأسم كتلة “المبادرة”.

وقد جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده النائب زياد الجنابي، أعلن فيه عن ذلك، في بيان تلاه وسط النواب والأعضاء المنشقين.

وعزا النواب والأعضاء المنشقون في البيان سبب إقدامهم على هذه الخطوة بـ “حالة الجمود التي وصلت إليها الحياة السياسية، وعدم تمكن السلطة التشريعية من انتخاب رئيس جديد للبرلمان منذ شهور عديدة، مما دفعنا لتأسيس كتلة ‘المبادرة’ لفك الانغلاق الحاصل في المشهد السياسي.”

وأضاف البيان أن “الكتلة تتبنى مبدأ الوقوف بمسافة واحدة من جميع الفرقاء”، مطالباً بتحقيق ما تضمنته ورقة الاتفاق السياسي التي تشكلت في إثرها الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.

وفي حال اصطفاف الأعضاء المنشقين الجدد في سباق رئاسة البرلمان العراقي مع باقي القوى السياسية العربية السنية، وهي “السيادة”، و”حسم”، و”عزم”، فإن الأغلبية البرلمانية تتجه إلى لك القوى وإقصاء مرشح حزب “تقدم”، محمود المشهداني، وهو ما يعني اقتراب حسم أزمة رئاسة البرلمان، لمصلحة سالم العيساوي عن حزب “السيادة”.

الأحزاب السنية الأخرى التي نافست حزب “تقدم” على منصب رئيس البرلمان، رحبت بتشكيل الكتلة الجديدة، معتبرة أنها “خطوة لانفراج أزمة رئاسة البرلمان”، وكذلك رحب بالخطوة تحالف “الإطار التنسيقي” الشيعي الحاكم في العراق، ورأى أنها “ستسرع انتخاب رئيس للبرلمان.”

وعلى ما يبدو فإن تأخير حسم ملف رئاسة البرلمان، يفتح الباب أمام تغيرات سياسية، وسط محاولات من القوى السنية المناوئة للحلبوسي، وقوى من “الإطار التنسيقي” حسم أزمة رئاسة البرلمان، ولاسيما أن حزب “تقدم” يواجه ضغوطاً من أطراف عدة، والانشقاق الجديد عنه نتاج عن تلك الضغوط.

وليس من المستبعد وجود محاولة من خارج البيت السني لتمزيقه أكثر مما هو عليه اليوم، وخصوصاً أنه وفق الجغرافيا تختزن مناطق انتشار سنة العراق ثلثي مقدرات العراق الاقتصادية، وتضم مواقع حساسة، ووحدة البيت السني ستشكل عامل ضعف للقوى السياسية الكبرى.

فخلال السنوات الماضية تشكلت قوتان سُنيتان هما الأكبر ضمن هذه الطائفة: مجموعة الحلبوسي ومجموعة خميس الخنجر، اللتين عندما اتحدتا شكلتا قوة سُنية، شبيهة بقوة أربيل الغنية بالنفظ أيضاً، وهذا ما أزعج قوى سياسية كثيرة، ولا سيما في البيت الشيعي، إذ إن تنسيقهما مع مقتدى الصدر قبيل انتخابات 2022 شكل أزمة في موضوع الأكثرية الشيعية، ولذلك ثمة حذر من قبل هذه القوى تجاه ما يعرف بالبيت السني.

جدل شيعي بعد دعوات إجراء انتخابات برلمانية مبكرة

قوبلت دعوة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق، القيادي في التحالف الحاكم، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بحلول نهاية 2024، باعتراضات شيعية واضحة.

وقال المالكي، وهو زعيم “ائتلاف دولة القانون” الذي يمثل أحد أعمدة تحالف الإطار التنسيقي الذي تتشكل منه الحكومة الحالية في العراق، في تصريح في 19 حزيران/ يونيو: “نحتاج إلى إجراء الانتخابات المبكرة، لكن المتعارف عليه أن الانتخابات تفرض أن يحل البرلمان نفسه، وأنا قد راجعت واستذكرت المواقع والمحطات التي مرت فوجدت أن البرلمان لا يحتاج أن يحل نفسه، بل أن يستمر إلى ليلة الانتخابات، وعندما تتم الانتخابات يحل البرلمان أوتوماتيكياً.”

وأكد دعم ائتلافه إجراء انتخابات مبكرة بـ “اعتبار أنها فقرة في البرنامج الحكومي وأن الحكومة ملزمة بتنفيذها.” ودعا إلى أن “تكون الانتخابات عبر دوائر متعددة، لا كما جرت الانتخابات الأخيرة”، مطالباً بقانون يمنع المسؤولين التنفيذيين (رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين) من المشاركة في الانتخابات.

وتابع “قد يقول البعض أن التنفيذيين من حقهم خوض الانتخابات، لكن قانون الانتخابات منع ترشيح العراقيين في الخارج، كما أن القضاة ممنوعون من المشاركة في الانتخابات إلا في حال استقالتهم، والعسكر ممنوعون من المشاركة إلا في حال استقالتهم، فالقضية ليست كما يتحدث عنها بعض الكتاب المتمنطقين بأن كل مواطن من حقه المشاركة”، معتبراً أن “هناك قبولاً لإجراء الانتخابات المبكرة بنسبة 50 إلى 60%.”

وأشار المالكي إلى أنّ “الانتخابات الأخيرة التي جرت كشفت ظاهرة واضحة، هي أن المشاركين فيها استأثروا بكل الأموال والإمكانات الموجودة تحت تصرفهم سواء أكانوا وزراء أم محافظين، فالانتخابات حِكمتها أنها تكشف توجهات المجتمع لكن هذه الانتخابات كانت عبارة عن انتخابات فلوس ومصالح وامتيازات وتوزيعات، ولم تكشف حقيقة عن توجهات الناس، وإنما أستطيع أن أقول إن الأموال التي جاءت بالتصويت أحدثت خللاً، وهذا الخلل إذا استمر ستنتهي حكمة الانتخابات.”

وأضاف أنّ “عدداً من الدول تعمل وفق ما نطرحه، أي أن التنفيذي يستقيل قبل ستة أشهر من إجراء الانتخابات، وهي مطبقة حتى في إيران ودول أخرى، وهي فكرة لا تظلم أحداً، فإذا أراد التنفيذي أن يرشح للانتخابات فيجب عليه الاستقالة حفاظاً على إرادة العملية الانتخابية، وهي ضرورية جداً إذا ما أردنا أن نحمي كرامة وحرمة العملية الانتخابية.”

تأتي دعوة المالكي في ظل صعود نجم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بين الأوساط الشعبية مع الاشادة بعمل حكومته التي باشرت أداء مهماتها منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2022، وهو الأمر الذي يُفسر على أنه محاولة لقطع الطريق أمام السوداني لتحقيق مزيد من النجاحات التي قد تفتح له الطريق لكسب الثقة وتولي ولاية ثانية، فضلاً عن أن هناك خلافات تعصف بـ “الإطار التنسيقي” الشيعي الذي ينتمي إليه كل من المالكي والسوداني، ولا سيما أن الأخير تولى رئاسة الوزراء بأصوات “التنسيقي” كـ “مرشح ترضية”.

التقرير الاقتصادي

بغداد تدافع عن أنبوب نفط البصرة – العقبة

أصدرت وزارة النفط العراقية بياناً، في 11 حزيران/ يونيو، تحدثت فيه عن تفاصيل مهمة تتعلق بمشروع أنبوب البصرة – العقبة التي قالت إنه “مشروع تنموي سيرفد الاقتصاد العراقي ويعطي مرونة كبيرة لمناقلة وتصدير النفط الخام داخل العراق وخارجه، إضافة إلى توفيره آلاف الفرص للعاملين في جميع المناطق”، و”مشروع مكمل لمشروع طريق التنمية، حيث تسعى وزارتنا مستقبلاً لمد أنبوب غاز موازٍ لهذا الأنبوب ليكون العراق منطقة عبور دولية لتصدير الغاز إضافة إلى النفط الخام”، في إشارة إلى طريق التنمية التي يعتزم العراق إنشاءها وتمتد من موانئ البصرة وصولاً إلى تركيا وصعوداً إلى أوروبا.

ونفت الوزارة ما وصفتها بـ “المعلومات غير المؤكدة” المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مد الأنبوب، وأكدت أنها “شرعت في الخطوات الأولى لتنفيذه لتعزيز الاقتصاد العراقي من خلال تطوير منظومة التصدير الشمالية وفتح منافذ تصديرية جديدة لنقل النفط الخام العراقي إلى دول أوروبا وأميركا الشمالية تماشياً مع مشروع طريق التنمية.”

وذكرت أن المشروع سيكون “العمود الفقري لكامل منظومة التصدير الشمالية عن طريق عقد الربط في مستودع حديثة.” وفي تفاصيل المشروع التي كانت غائبة عن البيانات الرسمية، تحدث بيان الوزارة عن أن المشروع سيستفاد منه في عملية “الربط مع أنبوب تصدير النفط الخام الواصل إلى ميناء جيهان من خلال أنبوب حديثة وبطول 200 كيلومتر.”

وسيستفاد منه كذلك في “تجهيز المصافي الجديدة المنفذة سابقاً والمزمع تنفيذها مستقبلاً بالنفط الخام في المنطقتين الوسطى والجنوبية”، إلى جانب تجهيز محطات الكهرباء بالنفط الخام في أوقات الذروة. وفوق ذلك أشارت الوزارة إلى إمكانية ربط الأنبوب مستقبلاً بميناء طرطوس السوري على البحر الأبيض بعد استتباب الأوضاع الآنية في سورية.

ونفت الوزارة بعض التقديرات المالية التي تحدثت سابقاً عن أن كلفة تنفيذ المشروع تقدر بـ 28 مليار دولار، وقالت إن ذلك حدث في عهد الحكومة السابقة وكان الأمر ينصب على طرح المشروع للاستثمار. وبينما لم تذكر الكلفة المالية للمشروع، فإن بعض الأوساط البرلمانية تتحدث عن نحو 5 مليارات دولار.

ولم ترد الوزارة عن الكلام حول امتلاك الأردن نسبة كبيرة من عوائد المشروع الداخل في أراضيها، إلى جانب حصولها على أسعار تفضيلية بالنسبة لسعر شراء برميل النفط الخام من العراق.

ويذكر أن الاتفاق على إنشاء الأنبوب بين العراق والأردن تحول الى واقع في سنة 2019، خلال ترؤس عادل عبدالمهدي للحكومة، وبلغت الطاقة التصميمية للمشروع مليون برميل يومياً، بهدف نقل النفط الخام العراقي عبر الأراضي الأردنية إلى مرافئ التصدير على ساحل البحر الأحمر في العقبة.

وأثير الجدل في الأوساط العراقية السياسية وخبراء الطاقة بشأن عودة مشروع خط نفط البصرة – العقبة إلى الواجهة مجدداً، وخصوصاً ما يتعلق بجدواه الاقتصادية ودوافعه السياسية، بعد أن تحدث برلمانيون مؤخراً عن تخصيص مبالغ مالية في موازنة 2024 لتنفيذ مشروع الأنبوب لتصدير النفط العراقي بكلفة مليارات الدولارات، ودخول أطراف سياسية على الخط ووصفه بأنبوب التطبيع مع إسرائيل، غير أن الحكومة قالت إن المشروع يصل إلى مدينة حديثة فقط.

ويقول خبراء اقتصاديون محليون إن مشروع مد أنبوب للنفط من البصرة باتجاه إلى الأردن نحو العقبة هو واحد من المشاريع الاستراتيجية المهمة، وخصوصاً بعد تفكك الأنبوب الذي كان ينقل النفط قبل حرب الكويت 1991 عبر السعودية والبحر الأحمر، وأيضاً الخط بين حقول كركوك وبانياس وغيرها من الموانئ السورية، وهذا الخط معطل منذ الحرب العراقية – الإيرانية. كذلك تبرز مسألة مهمة أشار إليها الخبراء، وهي أنه في السنوات القريبة القادمة ستتعرض حقول كركوك للنضوب، وبالتالي سيحتاج العراق إلى موانئ جديدة ورفع معدل الصادرات من حقول الجنوب الواعدة والغنية.

ويوفر مد الأنبوب فرصة استراتيجية جديدة للتصدير نحو العقبة باتجاه القاهرة، وعبر الموانئ المصرية ممكن أن ينقل إلى السوق الأوربية المهمة جداً، فضلاً عن أنه يمنح فرصة لإنشاء سكك حديد بجانبه وفق الاتفاق بين بغداد وعمّان، ومن الممكن أن ترتبط مع السكك السريعة ضمن إطار مشروع التنمية الذي يمتد من الفاو حتى تركيا والدول الأوربية، وأيضاً ستقام مدناً صناعية ترافق هذه العملية وتوفر فرصاً لتشغيل الأيدي العاملة والاستثمار عبر حركة هذا الأنبوب.

ويذكر أن وزارة النفط، سلطت الضوء على تاريخ مفاوضات مشروع إنشاء أنبوب “البصرة – العقبة” النفطي، قبل نحو عامين، مستعرضة جميع المراحل التي مر بها المشروع، منذ سنة 1980 ولغاية الآن، وأكدت أن آخر المحطات، هي أن المشروع ما زال قيد النقاش الفني والتجاري، على الرغم من وصول المفاوضات الى مراحل متطورة، بهدف أن يضيف المشروع قيمة اقتصادية للعراق والأردن، شريطة تخفيض كلف التنفيذ إلى ما دون 9 مليارات دولار.

وبحسب القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن، التي احتضنتها بغداد إحدى جولاتها في حزيران/ يونيو 2021، فإنه سيتم مد أنبوب نفط البصرة – العقبة في الأردن، وصولاً الى الموانئ المصرية، حيث سيتم استخراج المشتقات النفطية فيها وإعادتها للعراق.

التقرير الثقافي

أمسية موسيقية في الموصل للمرة الأولى منذ تحريرها

على أنغام العود، انطلقت في الموصل بعد سنوات من تحريرها من داعش، أمسية “طائر الأندلس”، بهدف تعزيز السلام والتماسك المجتمعي في المحافظة التي عانت ويلات التنظيم.

الحفل صدح بإشراف الموسيقي مصطفى زاير وفرقة قرطبة الإسبانية، والذي قال، إن “طائر الأندلس هو مشروع لاستمرارية آلة العود، واخترنا رمزاً كبيراً لهذه الآلة وهو الزرياب، كما ناقشنا عدة مواضيع منها الفلسفة والإرث الإسلامي وغيرها.”

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنه نظم الحفل بمناسبة استكمال نحو 3700 مشروع في نينوى.

ويقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ سنة 2014 بتنفيذ مشاريع خدمية في العراق، وخاصة في المحافظات التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش، وتمكن حتى الآن من إعادة نحو 4 ملايين نازح إلى ديارهم.