مقدمة

طغت الأحداث في لبنان واغتيال أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله في الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية على ما سواه من أحداث سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية في العراق الذي كان موقفه واضحاً وصريحاً في إدانة عملية الاغتيال  والتعبير عن غضب رسمي وشعبي إزاء ما حدث،  من تداعيات على المحتملة على الساحة العراقية.

لم يكن سهلاً خبر اغتيال نصر الله على القيادات السياسية العراقية أو قادة الفصائل السلحة المنخرطة في محور إيران والمؤمينن بنظرية وحدة الساحات، وذلك لما يمثله الرجل من رمزية مهمة وحضور لافت وتأثير كبير في الأوساط الشيعية تحديداً؛ فحزب الله اللبناني وما يملكه من خبرات عسكرية وأمنية كان حاضراً بقوة في المشهد العراقي منذ االغزو الاميركي للعراق في 2003 ومشاركته في تأسيس فصائل مسلحة كانت أكثر حضوراً في مرحلة الحرب السورية والحرب على “داعش”، إلى جانب مساهمة حزب الله في نقل تجاربه العسكرية إلى الفصال العراقية.

فقد أسهم حزب الله اللبناني وأمينه العام الراحل في تشكيل وصوغ معادلات سياسية عراقية، والتدخل لأكثر من مرة في حل وحلحلة أزمات كبرى من خلال تأثيره الطاغي على الساسة الشيعة، وتكليف أحد أبرز قيادات حزبه بتمثيله في في العراق، والحد من أي حالات تسبب الافتراق والاختلاف السياسي بين القوى الشيعية الفاعلة في المعادلة العراقية.

وباتت كل الاحتمالات مفتوحة لاي تصعيد عسكري في ظل اعلان بعض الفصائل العراقية انخراطها في شن هجمات على إسرائيل انتقاماً لاغتيال نصر الله وكبار قادة حزب الله، في وقت تقف فيه المنطقة على صفيح ساخن وتقترب من الانفجار، ولاسيما أن طهران تعمل على ترتيب أوراق حلفائها والاستعداد لكل الاحتمالات ومنها المواجهة الواسعة، الأمر الذي يُمكن أن يُفاقم حالة الاحتقان الإقليمي والصراع المحتدم المفروض على المنطقة في إثر الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.

وقبيل اغتيال نصر الله كانت بغداد أول عاصمة يزورها الرئيس الايراني الجديد مسعود بزشكيان، بعد توليه منصبه خلفاً للرئيس الراحل ابراهيم رئيسي، وشهدت الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية التي توضح عمق النفوذ الإيراني والتأثير في العراق بشكل تستفيد منه طهران التي تعاني آثار العقوبات الأميركية والضغوط الدولية المرتبطة بالصراع الدائر في المنطقة.

اقتصادياً، يبدو أن التأثيرات الإقليمية على الحكومة العراقية كانت واضحة من ناحية تلميحها بوجود تعثر في إنشاء طريق التنمية الذي يربط العراق بأوروبا، وهو طريق حيوي تتحمس له تركيا كثيراً من لما له من فائدة لمصالح اقتصادية وتجارية كبيرة، وهو أيضا ما تأمل بغداد بتحقيقه.

ثقافياً، اختتمت في العاصمة العراقية بغداد فعاليات معرض الكتاب في دورته الـ 25 بمشاركة عربية ودولية واسعة وحضور دور نشر عراقية وعربية وأجنبية، ومثلت تأكيداً لدور بغداد في إثراء الثقافة العربية وتوسيع حضورها على خارطة معارض الكتاب على المستويين العربي والدولي.

التقرير السياسي

بزشكيان في بغداد تعزيزاً للنفوذ الإيراني في العراق

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، توقيع 14 مذكرة تفاهم في مجالات عدة مع الجانب الإيراني، مؤكداً أن بلاده لا تسمح لأي جهة بتهديد إيران من الأراضي العراقية، فيما أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تفعيل الاتفاقات الأمنية بين البلدين لـ “ردع الإرهابيين ومن يريد استهداف الأمن بالمنطقة.”

جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده السوداني مع بزشكيان الذي بدأ صباح الأربعاء 11 أيلول/ سبتمبر 2024، زيارة رسمية للعاصمة العراقية بغداد، وهي أولى زيارة خارجية له واستمرت لثلاثة أيام. وقال السوداني: “تم توقيع 14 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة ومتعددة، ستمثل مع مذكرات التفاهم الموقعة سابقاً، خريطة عمل واعدة لتعزيز التعامل المشترك بين البلدين”، مثمناً “موقف الجمهورية الإيرانية الداعم للعراق في تجهيز الغاز لتشغيل محطّات الكهرباء، رغم الظروف التي رافقت تسديد المستحقات بسبب العقوبات.”

وأضاف: “تحدثنا بشأن تهديد الاستقرار في المنطقة بسبب العدوان الصهيوني في غزّة، الذي تجاوز الأطر القانونية والأخلاقية، أمام عجز وفشل المجتمع الدولي، مع استمرار عمليات الإبادة الجماعية تجاه شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة”، موضحاً أن “مواقفنا المشتركة إزاء هذا العدوان واستمراره هي مواقف واضحة وصلبة، وأكدنا في أكثر من مناسبة رفضَ توسعة الصراع، وأننا ضدّ خَرق سيادة الدول، وعلى المُجتمع الدولي أن يضطلع بمهامه القانونية والأخلاقية”، ومشيراً إلى “التطرق إلى جانب التعاون الأمني، وتأكيد الموقف المبدئي والدستوري والقانوني، بعدم السماح لأي جهة كانت، بارتكاب عدوان أو عمل مسلّح أو تهديد عابر للحدود، ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.”

وتابع: “نجحنا في الاتفاق على ضبط الأوضاع الأمنية، وخصوصاً عند المناطق الحدودية، واللجنة الثنائية الأمنية مستمرة في التزاماتها ومهامها”، مؤكداً أن “التواصل مستمر بين الأجهزة الأمنية بخصوص مسك الحدود، ومنع كل أشكال التهريب التي تضر بالأمن الداخلي لكلا البلدين”.

من جهته، قال بزشكيان في المؤتمر الصحافي: “اتفقنا على تشكيل فريق من الخبراء بين البلدين يتولى وضع الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد، تؤسس لتعاون وثيق لاستغلال الفرص المتاحة؛ ولتحقيق هذه الغاية فإننا بحاجة الى تفعيل الاتفاقيات بين البلدين”، مشدداً على الحاجة إلى إبرام اتفاقيات أمنية للتعاون بين البلدين لمحاربة تنظيم “داعش” والتهريب، ومشيراً إلى أن “الاتفاقيات التي أبرمت لحد الآن حققت نتائج جيدة ونحن بحاجة إلى تشخيص نقاط الضعف لتلك الاتفاقات.”

وأضاف: “نريد العراق قوياً مستقراً آمناً مستقلاً، وفي ظل وجود العراق الآمن المزدهر، فيكون بمقدورنا بناء علاقات أخوية بين البلدين”، مؤكداً الحاجة إلى تفعيل الاتفاقات الأمنية بين البلدين “لنردع الإرهابيين ومن يريد استهداف الأمن بالمنطقة.”

واختتم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوم الجمعة 13 أيلول/ سبتمبر 2024 جولته في العراق داخل مدينة البصرة جنوب البلاد، منهياً بذلك الزيارة الرسمية الخارجية الأولى له منذ انتخابه والتي تمحورت حول تعزيز التعاون مع الجار الحليف.

ووصل الرئيس الإيراني إلى كبرى مدن جنوب العراق  بعد ساعات من زيارته العتبة العلوية في النجف ثم العتبة الحسينية بكربلاء وسط زحمة من الزوار.

ويوم الخميس 12 أيلول/ سبتمبر 2024، التقى الرئيس الإيراني مسؤولين أكراداً في إقليم كردستان شمال العراق، حيث دعا إلى “توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري” والأمني.

وتعد زيارة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان من بغداد إلى أقصى شمال وجنوب العراق، رسالة إقليمية مفتوحة لمن يعنيه الأمر عن حجم الدور والنفوذ الإيرانيين والثقل الذي تتمتع به بلاده في العراق.

ويعد اختيار العراق كأول محطة دولية للرئيس الإيراني رسالة للعالم بأن العراق يمثل عمقاً استراتيجياً لإيران، وحليفاً وثيقاً وسنداً في الأوقات العصيبة، وساحة للالتفاف على العقوبات الأميركية، وممولاً للاقتصاد الإيراني عبر عشرات المليارات من الدولارات التي تدخل سنوياً إلى الخزانة الإيرانية، إلى جانب استخدام العراق كمنصة لإطلاق رسائل تهدئة مع دول الجوار.

وأثمرت المباحثات بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس الإيراني، توقيع 14 مذكرة تفاهم ثنائية في مجالات وقطاعات مختلفة، شملت: الاقتصاد، والتعاون التدريبي، والشباب والرياضة، والتبادل الثقافي والفني والآثاري، والتربية، والتعاون الإعلامي والاتصالات، وفي مجال السياحية الدينية، والتعاون في مجال المناطق الحرّة العراقية – الإيرانية، وفي الزراعة والموارد الطبيعية، والبريد، والحماية الاجتماعية، والتدريب المهني والفني، وتطوير القوى العاملة الماهرة، والتعاون بين الغرف التجارية، وتمثل تاكيداً واضحاً على أن إيران مصرة على تعزيز حضورها في العراق .

وتسعى طهران بشتى الطرق للخروج من مأزق أوضاعها الاقتصادية الصعبة عبر الاتجاه إلى الساحات الأخرى التي لها تأثير فيها، مثل العراق، وتكفي نظرة بسيطة لطبيعة مذكرات التفاهم الموقعة بين طهران وبغداد، لتؤكد بما لا يقبل الشك، إلى أنها مذكرات تفاهم تعكس علاقات إقتصادية من جانب واحد، إيرانية طبعاً، وهذا يعني أن حكومة السوداني لم تركز على الأهمية الاقتصادية لهذه المذكرات، قدر تركيزها على تهذيب السلوك الإيراني في العراق المرحلة المقبلة، كما أنها راعت حساسية إيران من مذكرات التفاهم التي وقعها العراق مع تركيا أو غيرها، ولذلك فإن المقاربة الاقتصادية التي تنطق منها إيران، تقابلها مقاربة سياسية تنطلق منها حكومة السوداني.

وتعد جولات الرئيس الإيراني جال في عدة مدن عراقية، استعراض سياسي لافت وتسويق واضح للحضور الإيراني وانتشار أصدقاء إيران في جميع المحافظات العراقية، وازدياد حلفائها قوة، على عكس واشنطن التي تملك قوات على الأرض، لكنها منحصرة في قواعدها العسكرية.

كما منحت زيارة الرئيس الإيراني ولقاءه زعامات شيعية بارزة، دفعة معنوية للقوى الشيعية المسلحة التي ترعاها إيران، وغطاءاً قد يجعلها تعاود استهداف المواقع الأميركية ومحاولة إجبار الولايات المتحدة على سحب قواتها، أو إجبارها على الدخول في مواجهة عسكرية لا تفضلها حكومة محمد شياع السوداني المتمسكة بلغة الحوار والتفاهم أساساً لمغادرة الأميركيين لقواعدهم العسكرية.

السوداني في نيويورك يلتقي زعامات دولية ويدعم فلسطين ولبنان

استغل رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وجوده في نيويورك للمشاركة في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، كفرصة لشرح وجهة نظر العراق من الأحداث الجارية في المنطقة، ولاسيما في قطاع غزة ولبنان.

واختتم السوداني في 27 أيلول/ سبتمبر 2024  زيارته إلى نيويورك بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد سلسلة اجتماعات تركزت على ملفات وقضايا مهمة في مقدمتها التصعيد في المنطقة والحرب على غزة ولبنان.

واختتم السوداني اجتماعاته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وبحث معه قضايا العمل المشترك وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والهجوم الاسرائيلي على لبنان وفلسطين، وما يشكله من تهديد كبير للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

كما وجه السوداني دعوة لغوتيريش لزيارة العراق، والمشاركة في أعمال القمّة العربية التي ستستضيفها بغداد في آيار/ مايو 2025.

وقال السوداني في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “إيقاف ما يحدثُ في فلسطين والمنطقة من انتهاكات هو مسؤولية الجميع، وبالدرجة الأساسِ مجلس الأمن الذي فشل بتحقيق أهم أهدافه، في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.”

وأردف “يتعرض الشعب الفلسطيني الى اعتداء من قوة عسكرية مُحتلة، تُهجّر الملايين، وتقتل الآلاف، وتجويع جماعي لإبادة هذا الشعب، دون إجراءات رادعة، ولم يلتزم المجتمعُ الدولي أو أي من أعضائه بمسؤولية الحماية وفق القانون الدولي.”

وعن وضع لبنان، قال رئيس الوزراء “يستدل الاحتلال بقرار مجلس الأمن 1701، كذريعةٍ للعدوان على لبنان، وينتقي بعض بنوده، ويتجاهل قرارات مجلس الامن”، مضيفاً “نشهد حملة وحشية للقتل العشوائي واستخدام التكنولوجيا لتنفيذ التفجيرات عن بُعد، دون اكتراث للمدنيين العُزّل.”

وتابع “يقف العراق بحكومته وشعبه، وبتوجيهات المرجعية الدينية العليا، مع لبنان، وهو يواجه عدوانا يسعى الى إغراق المنطقة بصراعات سبق وأن حذّرنا منها، وسنمضي بتقديم المساعدات لتجاوز آثار هذه الاعتداءات.”

الى ذلك، قال السوداني، “يشهد العراق تطورات كبيرة، فبعد 10 أعوام على احتلال داعش لثلث أراضيه، يشهد اليوم تنفيذ خطّة شاملة للإعمار والتنمية، وإعادة الحياةِ الى المدن.”

وتعتبر زيارة السوداني، إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط الأجواء الملبدة بالأزمات تحيط بالعراق والمنطقة، زيارة بروتوكولية لن تأتي بجديد، كونها تقتصر على توثيق العلاقات وتبادل الدعوات الرسمية للزيارات المتبادلة فقط.

غضب وحزن في العراق بعد اغتيال نصر الله

عم الغضب والحزن في الأوساط العراقية الرسمية ولدى الفصائل المسلحة المدعومة من إيران بعد تأكيد مقتل أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله في غارة اسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

فقد أعلنت الحكومة العراقية  يوم السبت 28 أيلول/ سبتمب 2024 الحداد 3 أيام “تأبينا لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.”

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن إسرائيل “تعدّت كل الخطوط الحمراء”، فيما حذّر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد من “تطوّر خطير، يشكّل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة.”

ونشر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على منصة “إكس” أنه يعلن “الحداد 3 أيام على رفيق درب المقاومة والممانعة”، وقال رئيس حزب “تقدّم” السني محمد الحلبوسي، إن “الراحل حسن نصر الله كان عنواناً للمقاومة والصمود والشموخ والإباء العربي.”

وعلى وقع مجريات الأحداث في لبنان اعلنت وزارة النقل العراقية، تعليق جميع رحلات خطوطها الجوية إلى العاصمة اللبنانية بيروت.

كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقي، نصب مراكز لإستقبال العوائل اللبنانية في منفذ القائم الحدودي مع سورية مجهزة بمستشفيات متنقلة وعيادات طبية وأطباء، فضلاً عن توفير محطات استراحة مجهزة لوجستيا للعائلات.

من جهتها أكدت “المقاومة الإسلامية في العراق” أن الرد على اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، سيطال كل من ساهم في الحرب على لبنان وغزة، ولن يستثني من لديهم شراكات حقيقية مع إسرائيل.

وقال المتحدث باسم “كتائب سيد الشهداء”، المنضوية في “المقاومة الإسلامية”، كاظم الفرطوسي، إن “اغتيال حسن نصر الله خسارة كبيرة، لكنه سيمثل دافعاً جديداً لاستمرار المقاومة التي ستكون أقوى مما كانت.”

وكان حزب الله اللبناني قد أعلن في بيان، مقتل أمينه العام في إثر غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، بعدما أكدت إسرائيل اغتياله في وقت سابق.

وجاء في البيان: “التحق سماحة حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحو ثلاثين عاماً.”

ويسود الحذر والترقب لما ستؤول إليه التطورات الأخيرة في جنوب لبنان بعد مقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله بغارة جوية جنوب بيروت ، فالمؤشرات في بغداد  تفيد بأن الفصائل العراقية تنتظر تعليمات من طهران لدعم “حزب الله” اللبناني.

وفور إعلان مقتل نصرالله، أعلنت فصائل عراقية تنفيذ 3 هجمات صاروخية على إسرائيل، في مؤشر على أنها ستواصل هجماتها الصاروخية المسيرة على أهداف إسرائيلية، لكن من دون فاعلية كبيرة، بالنظر لبدائية المعدات ومنصات الصواريخ التي بحوزتها، في مقابل التفوق العسكري الإسرائيلي .

ولا يستبعد بقيام هذه الفصائل بإرسال مقاتلين إلى لبنان لدعم “حزب الله”، ومن المحتمل سيواجه بممانعة إيرانية أو لبنانية، وخصوصاً أن “حزب الله” سبق أن عارض هذا التوجه لأسباب سياسية داخلية، ويفضل أن تلعب الفصائل العراقية دور التشتيت في جبهات أخرى ضد إسرائيل، لكن كان هذا قبل اغتيال نصر الله.

وتشير ترجيحات إلى قرار إيراني بتجنيب العراق أي انهيار سياسي وأمني جراء الفصائل المشاركة في التصعيد، إلى جانب مخاوف داخل الفصائل من تلقي ضربات كبيرة ضد مقراتها ومخازن السلاح.

التقرير الاقتصادي

تلميح عراقي بتعثر انشاء طريق التنمية إلى أوربا

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أن مشروع طريق التنمية بحاجة إلى 5 سنوات لإنجازه، موجهاً بإعداد خطة شاملة لتأمين الطريق الذي يمتد إلى أوروبا.

وقال السوداني، خلال ندوة حوارية بعنوان (طريق التنمية – فرص وتنمية)، يوم السبت 14 ايلول/ سبتمبر 2024، إن “العراق يعتمد على النفط كمصدر وحيد لتغطية نفقاته التي بدأت تتزايد”، مبيناً أنه “لا بدّ من التفكير بشكل صحيح لتفعيل قطاعات مساندة للنفط.”

ورأى أن مشروع طريق التنمية “يحتاج إلى المزيد من الدراسة والتوضيح”، لافتاً إلى أنه “سيحول العراق إلى دولة منفتحة.”

وذكر أن العراق فاتحَ البنك الدولي لـ “بدء تنفيذ طريق التنمية من البصرة إلى الموصل”، منوهاً إلى أن الاتفاق مع الشركات العالمية “يعد مؤشراً إيجابياً مع الشراكة الدولية.”

رئيس الوزراء، بيّن أن “رأس المال يجد في العراق فرصة وسط استقرار أمني وسياسي”، معتبراً البلد “على الطريق الصحيح.”

وكشف أن بلاده ستدخل “سوق الغاز بعد استثمار حقول عدة”، عاداً العراق “الممر الأفضل في ملف الاتصالات والكيبل الضوئي.”

وبشأن تصاميم الطرق السككية لمشروع طريق التنمية، أوضح أنها “أنجزت بصورة كاملة”، معلناً عقد الاجتماع الثالث للمجلس الوزاري بشأن طريق التنمية في تشرين الثاني المقبل ببغداد.

وأضاف أنهم بدأوا بـ “إعداد دراسة بشأن تشكيل هيئة تدير مشروع طريق التنمية.”

السوداني، أكد على أنه “لا توجد بقعة في الأراضي العراقية خارج سيطرة قواتنا الأمنية”، لافتاً إلى أن وجه بـ “إعداد خطة شاملة لتأمين طريق التنمية.”

وكان آخر اجتماع للجنة الرباعية قد عقد نهاية الشهر السابق في اسطنبول، بمشاركة وزير النقل العراقي رزاق محيبس السعداوي، الذي اعلن في 29 آب/ أغسطس الماضي، ان منتصف سنة 2025، موعداً للبدء بمشروع طريق التنمية.

واتفقت الأطراف خلال ذاك الاجتماع، على أن يعقد الاجتماع المقبل بعد شهرين في بغداد.

وينطلق مشروع طريق التنمية من ميناء الفاو الكبير في مدينة البصرة العراقية وسيصل إلى لندن برياً وسككياً، وفق حديث وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو.

ويعد إعلان رئيس الوزراء بأن مشروع طريق التنمية “يحتاج إلى المزيد من الدراسة والتوضيح”، استباقاً لأي تعثر قد يحصل في ظل غياب المستثمرين نتيجة ضعف جدوى المشروع وارتفاع كلف التشغيل وملفات الفساد التي تكشفت للعلن مؤخراً.

كما أن اعلان رئيس الحكومة عن قرب إنشاء خط تنمية، مؤقت، باستخدام خطوط السكك القديمة، بعد تأهيل مايمكن منها، والتي تربط البصرة بالموصل، كخط نقل بري بديل للشحنات البحرية العالمية التي تأثرت بمشاكل البحر الأحمر، بمعنى ان الحكومة العراقية تريد جذب جزء من حجم البضائع الدولية المنقولة بحراً من خلال المسارات البحرية المعروفة، وتحويلها لخط سكك بصرة/ موصل المتهالك والذي يعاني من تقطعات، لنقل الحاويات باتجاه تركيا ومن ثم أوروبا، وبمثل هذا القرار، تثبت الحكومة العراقية مرة أخرى عدم حرفيتها في اتخاذ القرارات بطريقة مستعجلة ودون الاستقرار على رؤية استراتيجية واضحة الاهداف تتعلق بالمشاريع الاستراتيجية.

ويمكن من خلال طريقة تعاطي السلطات العراقية مع ملف مشروع طريق التنمية خلال الفترة الماضية وغيرها من المشاريع، اعتبار تلك التصرفات بانها طريقة دعائية تخدر الرأي العام وتشغله بإطلاق مشروع استراتيجي وتؤمل الشعب بشراكات واستثمارات وبضائع عابرة، لكن أي من هذه الوعود لم يتحقق ويبقى هذا المشروع على الورق .

بغداد تدرس حذف الأصفار من الدينار

أكد البنك المركزي في العراق يوم الاحد 22 أيلول/ سبتمبر 2024 تخفيض اعتماده على الدولار في المعاملات التجارية، لافتاً إلى أن مشروع حذف الأصفار من الدينار يحظى بمراجعة ودراسة مستمرة.

واعتبر علي محسن العلاق محافظ البنك المركزي في العراق في تصريحات له أن البنك استجاب للتحديات الاقتصادية العالمية مثل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام من خلال تعديل بعض السياسات النقدية بما يتماشى مع الوضع الدولي ولتعزيز الثقة في الدينار العراقي ومنع الانخفاض الحاد في قيمته.

وأشار العلاق إلى أن المركزي العراقي رفع حيازاته من احتياطيات النقد الأجنبي والذهب لتعزيز الوضع المالي والاستقرار للبلاد، من أجل تعزيز قدرته على مواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة.

وتتعرض العملة العراقية لضغوط كبيرة، تسببت في تراجع سعرها أمام الدولار خلال الفترة الماضية، وكان من بينها تزايد عجز الموازنة العراقية.

ويسعى العراق الى تقويم عملته عبر حذف أصفار العملة حيث تلجئ الدول إلى حذف الأصفار من العملة لإعادة تقويم العملة الوطنية وتبسيط التعاملات المالية، ويحدث هذا عن طريق إزالة عدد محدد من الأصفار من القيمة الاسمية للعملة ما يجعلها تظهر أقل تضخماً وأكثر استقراراً، ومن أشهر الدول التي نفذت هذه العملية، أكثر من مرة، بنجاح كانت تركيا ويوغوسلافيا السابق.

التقرير الثقافي

الدورة الـ25 لمعرض بغداد الدولي للكتاب تختتم اعمالها بمشاركة واسعة

شهدت بغداد للفترة من 12 لغاية 22 ايلول/ سبتمبر 2024، فعاليات الدورة الـ 25 لمعرض بغداد الدولي للكتاب تحت شعار “العراق يقرأ”، بمشاركة 600 دار نشر محلية وعربية وأجنبية من نحو 20 دولة ومجموعة كبيرة من الأدباء والشعراء والمفكرين العرب.

وقال ممثل رئيس الوزراء، وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني في كلمة له خلال حفل انطلاق معرض الكتاب الدولي في دورته الـ 25  أن “معارض الكتب تعد حقول العقول بفكرها وإبداعها وتأملاتها وهذا يكون فضلاً كبيراً من يقوم بإقامة المعارض أن يجعل عقولاً مختلفة في رفوف متقابلة لنأخذ منها ما نشاء وما نريد.”

وأكد وزير الشباب والرياضة أحمد المبرقع، خلال كلمته في حفل الانطلاق، أن “معرض بغداد الدولي للكتاب أخذ على عاتقه هذه المهمة الأصيلة والمهمة في تاريخ العراق الثقافي والحضاري وتحدى الإرهاب فيما كان يراد ان تكون هذه الظاهرة بعيدة عن بغداد”، لافتا الى أن “رسالة سيئة أن يقولوا بغداد تأثرت بضربات الظلم والظلام وانحنت وتراجعت عن مهمتها الثقافية والمعرفية، بغداد الثقافة والمعرفة ستبقى حاضرة في أذهان الكتاب والمؤلفين كما هي حاضرة في أذهان القراء.”

وأضاف، أن “أكثر من معرض دعم بواسطة وزارة الشباب والرياضة، بمبادرة “اقرأ” التي كانت من أهم التظاهرات التي انطلقت من خلال معرض الكتاب وثبت الشباب الذين كانوا جزءاً منها، أنهم محبون للثقافة والأدب والكتاب، وليسوا من اندرجوا تحت ظل التفاهات التي تصدرها وسائل التواصل الاجتماعي على أهميتها في جوانب كثيرة”، لافتاً الى أن “هذه المبادرة استفاد منها 15000 شاب في النجف الاشرف وبغداد وبابل”.

وفي ختام فعاليات المعرض قال عبدالوهاب الراضي، رئيس اللجنة المنظمة، إن المعرض تظاهرة ثقافية كبيرة وأيقونة متميزة في مدينة بغداد ، وقد شهد هذا العام إقبالا غير مسبوق، معرباً عن سعادته بمستوى الإقبال، وعودة العائلات العراقية للتقاليد الثقافية من خلال القراءة الورقية.

ولفت إلى أن أهم ما ميز المعرض في دورته الحالية هو الكوبونات التي تبرعت بها وزارات الدولة والمؤسسات ووجود برنامج ثقافي رصين على مدى عشرة أيام تضمن إقامة خمس ندوات ثقافية كل يوم، منوها بمشاركة شخصيات مهمة من أدباء وشعراء ووزراء وكتاب وعلماء دين وأطباء ودبلوماسيين وفنانين عرباً.

ويعد معرض الكتاب في بغداد فرصة مهمة لاحتضان الأدباء والفنانين والإعلاميين والأكاديميين وعموم المثقفين، والتاكيد على الدور المعرفي والحضاري المستند على تاريخ طويل من صناعة الكتاب وإظهار بغداد كاحدى عواصم الثقافة العربية، على الرغم من جميع الظروف الى جانب التركيز على اهمية الحضور الواسع لدور النشر العربية والعالمية لبغداد واسهامها بصناعة الكتب.