مقدمة

شهد شهر آب/ أغسطس حراكاً إقليمياً تصدره رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عبر لقاءاته مع الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيّد خلال زيارة إلى البلدين، عقب لقاء جمعه بوزير الخارجية السعودي في بغداد، وذلك على وقع الرغبة الكبيرة في استثمار تحسن العلاقات العراقية العربية بما ينعكس إيجاباً على مجمل الأوضاع في العراق، وسط حالة الاحتقان الإقليمي والصراع المحتدم المفروض على المنطقة في إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ومع أن بغداد تعمل على جذب العرب للتواجد في العراق عبر بوابة الاستثمار والتعاون الاقتصادي، إلاّ أن الوضع الأمني يرخي بظلاله على الساحة العراقية، وهو ما فرض على الولايات المتحدة تأجيل حسم مستقبل الوجود العسكري في العراق بعد تصاعد نشاط تنظيم داعش على أكثر من محور، وشن القوات الأميركية هجمات موجعة على قيادات بارزة في التنظيم الإرهابي، وحاجة القوات العراقية إلى المزيد من الإسناد والمساعدة في مواجهة الإرهاب، أو ردع المليشيات خارج إطار القانون.

اقتصادياً تبدي الحكومة العراقية تطلعها إلى التعاون مع الدول النفطية لغرض ضمان عدم انخفاض أسعار النفط عالمياً، وبالتالي تأثر الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على النفط كمورد أساسي له، بارتدادات ذلك سلباً على مرتبات الموظفين والتخصيصات المالية للمشاريع المنفذة، وهو أمر في حال حصوله سيضع حكومة السوداني في قلب أزمة قد تعصف بها شعبياً.

ثقافياً تسجل السينما العراقية تطوراً ملحوضاً في مستواها الفني، حاجزة مكاناً لها في المهرجانات العالمية، وكان آخرها حصول الفيلم “ترانزيت” على جائزة دولية، هي الجائزة الكبرى في تونس.

التقرير السياسي

قانونا العفو والأحوال الشخصية يُعمقان الخلافات السياسية

عمق قانونان مثيران للجدل الخلافات السياسية بين الفرقاء العراقيين الذين يحاولون الخروج من عنق زجاجة الأزمات التي تثقل البلد، كشف عن جانب منها النائب المستقل لقمان الرشيدي، يوم السبت 3/8/2024، مشيراً إلى وجود “خلافات واختلاف في وجهات النظر بين بعض الكتل السياسية وأعضاء مجلس النواب على قانوني العفو العام والأحوال الشخصية”، ولافتاً إلى أن “الاعتراض على بعض مواد قانون تعديل الأحوال الشخصية التي تؤثر على نسيج المجتمع العراقي، يُعَرقِل إدراجه في جدول أعمال البرلمان”، فضلاً عن “خلافات سياسية” بشأن القانونين، و”تخوف نيابي وشعبي من شمول الارهابيين بالعفو.”

وأرجأ البرلمان العراقي قراءة مقترح قانون الأحوال الشخصية لأكثر من مرة، وكذلك جرى تأخير قراءة تعديل قانون العفو العام.

وقد حولت الكتل السياسية تعديل قانون الأحوال الشخصية إلى صفقة سياسية وذلك  لتزامن طرحه مع طرح قانون العفو العام، وفرصة لتمرير القوانين الخلافية الأخرى بين “الإطار التنسيقي” الشيعي والكتل السنية.

ويسود الاعتقاد بصعوبة تمرير قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، والغاية الرئيسية منه تتمثل بإعطاء سلطة أوسع للفقهاء وخصوصاً الشيعة، وخصوصاً مع الضجة الكبيرة التي أحدثها الناشطون ضده، وهي المرة الأولى التي يتحد فيها الرأي العام بهذه الصورة ضد مشروع لـ “الإطار التنسيقي الشيعي” منذ توليه السلطة.

ويحاول “الإطار التنسيقي” استثمار تفوقه نيابياً لتمرير ما يستطيعه من قوانين وتشريعات في هذه المرحلة، والتي تحاول من خلالها القوى الدينية المتطرفة وتلك الأقل تطرفاً التخادم في ما بينها، واستغلال ضعف القوى المدنية الفاعلة في تمرير جميع القوانين الخلافية.

واستخدم آلاف العراقيين وسم “لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية” على وسائل التواصل الاجتماعي، في حملة ربما هي الأوسع منذ وصول “الإطار التنسيقي” القريب لإيران إلى السلطة في البلاد.

ويركز الناشطون والحقوقيون وأحزاب مدنية في اعتراضاتهم على أن القانون يتعارض مع المادة 14 من الدستور، التي تنص على أن العراقيين متساوون أمام القانون من دون تمييز.

أما قانون العفو العام، فيواجه منذ تشكيل حكومة السوداني مصيراً غامضاً، على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، من دون إغفال وجود إرادة سياسية، وخصوصاً من قبل “الإطار التنسيقي”، لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.

ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم “الإطار التنسيقي الشيعي” والكتل الكردية والسنية، والذي تمخض عنه تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم، أو إيقاف العمل بها.

كركوك تنتخب حكومتها المحلية وسط اعتراض التركمان

عقب أشهر من تعطل عملية تشكيل الحكومة المحلية في محافظة كركوك الغنية بالثروات والمتنازع عليها بين المكونات العراقية، وفي إثر انقسام القوى السياسية بشأن منصب المحافظ، صوت عدد من مجلس محافظة كركوك على ريبوار طه لتولي منصب المحافظ، فيما تم اختيار محمد الحافظ رئيسا للمجلس، وإبراهيم التميم نائباً للمحافظ، في مؤشر واضح على الانقسام عرقياً بعد رفض التركمان لنتائج التصويت؟

وأفضى اجتماع عقده 9 أعضاء من مجلس كركوك في فندق الرشيد وسط العاصمة بغداد، يوم السبت 10 آب/ أغسطس 2024، إلى انتخاب طه عن حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني محافظاً، والحافظ عن المكون العربي رئيساً للمجلس، والتميم عن المكون العربي أيضاً نائبا للمحافظ، وانجيل زيل عن المكون المسيحي مقررة للمجلس.

وشارك في عملية الانتخاب، أعضاء حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني البالغ عددهم 5، و3 أعضاء من أصل 6 عن المكون العربي، وعضو مسيحي واحد.

وتم تشكيل حكومة كركوك المحلية، وسط غياب لأعضاء كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني وعددهم 2، وأعضاء المكون التركماني البالغ عددهم 2 أيضاً، وغياب جزئي للأعضاء العرب الذين لم يشارك 3 من منهم في الاجتماع.

الجبهة التركمانية العراقية نفت دخولها بمفاوضات مع أي طرف بخصوص المشاركة في حكومة كركوك المحلية، وقال المتحدث باسم الجبهة، محمد سمعان آغا أوغلو، في بيان السبت (17 آب/ أغسطس 2024)، “الجبهة تؤكد أنها لم تدخل في أي مفاوضات مع أي طرف بخصوص المشاركة في حكومة فندق الرشيد.” وأوضح بشأن ما يُشاع عن هذا الأمر، أن “لا أساس له من الصحة، ونحن في الجبهة التركمانية العراقية ملتزمون تماماً بتطلعات وآمال شعبنا، ولن نتخذ أي قرارات قد تؤثر على موقفنا الوطني والقومي في انتظار حكم القضاء العراقي العادل.” وتابع قائلاً، إن “الجبهة تكرر تعهدها لجماهيرها بعدم خذلانهم، وستظل دوماً إلى جانب حقوقهم ومطالبهم المشروعة.”

وبعد تشكيل حكومة كركوك، من قبل أطراف سياسية، استغنت عن مشاركة ممثلي التركمان والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعض ممثلي المكون العربي، يجري الحديث عن عدول القوى التي لم تشارك في الحكومة، والتي اعتبرت تشكيل الحكومة على هذه الشاكلة مخالفة قانونية، عن موقفها في محاولة للمشاركة في الحكومة مقابل مكاسب سياسية.

وعقب انتخابات المحافظات العراقية، سعت جميع المكونات في كركوك للظفر بمنصب المحافظ، وعطلت الخلافات والانقسامات بين المكونات وداخل المكونات ذاتها عملية تشكيل حكومة كركوك المحلية لثمانية أشهر.

وسعى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يملك 5 مقاعد بمجلس كركوك عن الكورد لمنصب المحافظ بشكل حثيث، مقابل تمسك غريمه الديمقراطي الكوردستاني بذات المطلب، فيما طالب العرب بأن يكون المنصب لهم أيضاً، مقابل مطالب تركمانية مشابهة، والمكون الأخير يملك مقعدين، مقابل مقعد مسيحي واحد.

ومؤخراً نجح الاتحاد الوطني بحشد عدد الأعضاء الكافي لتمرير تشكيل حكومة كركوك المحلية، بعد أن تمكن من استمالة 3 أعضاء عرب إلى جانبه، متجاهلاً مشاركة أعضاء حليفه وغريمه الكردي الديمقراطي وممثلي المكون التركماني و3 أعضاء عرب آخرين، وهو ما اعتبره الآخرون أمراً غير قانوني.

وتعتبر كركوك واحدة من أكثر المحافظات تعقيداً سياسياً وتنوعاً عرقياً في العراق، تُعرف المدينة بتنوعها السكاني حيث تتعايش فيها قوميات عدة، أبرزها الكورد والعرب والتركمان، بالإضافة إلى أقلية مسيحية. وهذا التنوع السكاني ينعكس بوضوح على المشهد السياسي وجعل من الانتخابات المحلية عملية معقدة وحساسة للغاية.

كما تتمتع المحافظة بموقع استراتيجي وثروات نفطية هائلة، مما يجعلها محط أنظار القوى السياسية المحلية والإقليمية. المحافظة كانت وما زالت محل نزاع بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، وتعتبر من أبرز مناطق النزاع، وهذه التوترات تعكس نفسها في كل عملية انتخابية محلية، حيث تتباين أولويات ومواقف القوميات المختلفة حول قضايا الإدارة والسيطرة على الموارد.

وتعثرت في السنوات السابقة محاولات إجراء الانتخابات المحلية في كركوك، قبل أن يشمل نطاق اتفاق سياسي المحافظة بانتخابات المجالس في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، وأفضت عن انتخاب 16 عضواً، نال العرب بنتيجتها 6 مقاعد، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني 5 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكوردستاني مقعدين، والتركمان مقعدين أيضاً، ومقعد للمسيحيين بموجب الكوتا.

ويمثل تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، وحصول الاتحاد الوطني الكردستاني على منصب محافظها، وخروج غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني من تلك الصفقة السياسية، صدمة وخسارة ثانية للحزب الذي يتزعمه مسعود بارزاني، بعد خسارة حظوظه في جميع الوحدات الإدارية بمحافظة نينوى التي كان يسيطر عليها.

الضربة الثانية التي تلقتها حزب برزان من منافسه الاتحاد الوطني، تمت بالتعاون مع شركاء الأخير في “الإطار التنسيقي”، وتحديداً زعيم تحالف بابليون ريان الكلداني ، والأمين العام لـ”عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، الأمر الذي قد يكون له انعكاسات على الوضع في إقليم كردستان الذي تنتظره انتخابات برلمانية حاسمة، من المقرر أن تجري في العشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الحالي.

وتعد كركوك، قضية معقدة ومثيرة للجدل في الساحة السياسة، وأبرز ما يفجر أزمتها بشكل مستمر هي الهوية المكوناتية التي يراد فرضها من قبل حكومات أو أحزاب أو جماعات.

ولأنها مدينة غنية بالنفط أصبحت نقطة خلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، حيث يزعم الجانبان بحقوق تاريخية في المدينة، وتصاعد الخلاف عندما أجرت الإدارة في الإقليم الاستفتاء المثير للجدل بشأن الاستقلال الكردي سنة 2017، وشمل الأراضي المتنازع عليها ومن بينها كركوك، ما أدى إلى مواجهة بينهما، وأسفر في النهاية عن استعادة القوات العراقية السيطرة على كركوك وغيرها من الأراضي المتنازع عليها.

تأجيل إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي

أعلن العراق يوم الخميس 15/8/2024، إرجاء إعلان إنهاء مهمة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، معللاً ذلك بـ “التطورات الأخيرة” في ظل وضع إقليمي متوتر والخشية من التصعيد.

وأوضحت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، أن “اللجنة العسكرية العليا الأميركية العراقية التي تضم مسؤولين من البلدين ناقشت تفاصيل سحب المستشارين من المواقع العسكرية.”

وأضاف البيان: “ركزت أعمال اللجنة العسكرية العليا خلال الأشهر الماضية على تقييم خطر تنظيم داعش بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية لعملية العزم الصلب.” وتابع: “وعلى هذا الأساس سيتم إنهاء وجود مستشاري التحالف الدولي بكل جنسياتهم على أرض العراق وشملت هذه النقاشات تفاصيل تراتبية انسحاب المستشارين من المواقع”، لافتاً إلى أنه “لم يبق سوى الاتفاق على تفاصيل وموعد الإعلان وبعض الجوانب اللوجستية الأخرى، كنا قريبين جداً من الإعلان عن هذا الاتفاق ولكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق.”

وقالت مصادر عراقية إن بغداد تريد أن تبدأ قوات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة الانسحاب في أيلول/ سبتمبر 2024، وإنهاء عمل التحالف رسميا بحلول أيلول/ سبتمبر 2025، مع احتمال بقاء بعض قوات أميركية بصفة استشارية وفق تفاوض جديد.

غارة أميركية عراقية تقتل قيادات لتنظيم داعش في الأنبار

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مسلحي “داعش” في صحراء الأنبار أسفرت عن مقتل قيادات في التنظيم فجروا أحزمة ناسفة وإصابة جنود أميركيين.

وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، إنها نفذت وقوات عراقية “غارة في غرب العراق فجر يوم 29 آب/ أغسطس، قتل فيها 15 من عناصر داعش.

وذكرت “سنتكوم” أن “هذه المجموعة كانت مسلحة بكثير من الأسلحة والقنابل والأحزمة المتفجرة.” وأفاد مصدر دفاعي أميركي بأن 7 عسكريين أميركيين أصيبوا في العملية.

ووصف الجيش العراقي الغارة المشتركة مع القوات الأميركية بأنها “ضربة موجعة” للتنظيم الإرهابي، وأكد أنها قتلت قيادات من الصف الأول، في منطقة صعبة جغرافياً، غرب الأنبار.

وقال البيان العراقي إن الجيش سيكشف عن تفاصيل وأسماء وصور الإرهابيين بعد إكمال عملية فحص الـ “دي أن إيه”.

وأتت العملية في غرب العراق بعد أسبوع من إعلان القوات الأميركية أنها قتلت قيادياً بارزاً في تنظيم “حراس الدين” المرتبط بتنظيم “القاعدة”، في ضربة نفذتها في سورية.

وفي ظل هذا التوتر، تسود المخاوف في الجانب العراقي من تدهور الوضع الأمني واستغلال مسلحي تنظيم داعش للاشتباكات في الجانب السوري، وبالتالي محاولة اختراق الحدود العراقية وإعادة تجربة 2014 والفترة التي سبقتها.

ويبدو أن أكثر ما يقلق الجانب العراقي هو التصعيد والتوتر الأميركي الإيراني، وخصوصاً أن لكل من الجانبين نفوذاً وقوات على الأراضي السورية القريبة من العراق، كما يمثل تواجد أعداد كبيرة من مقاتلي داعش المعتقلين لدى قوات سورية الديمقراطية والولايات المتحدة داخل سورية وعلى مقربة من الحدود العراقية، مصدر خطر دائم للعراق.

وكذلك فإن تواجد القوات الأميركية على الجانب السوري، يشكل مصدر قلق للكثير من الأطراف العراقية، التي تتوقع إمكانية أن تستخدم القوات الأميركية ورقة مسلحي “داعش” للضغط على الجانب العراقي من أجل إلغاء ملف سحب القوات الأميركية من العراق خلال الفترة المقبلة.

وبدت ملامح التوتر في الجانب العراقي من خلال استنفار القوات العراقية ولا سيما التابعة للحشد الشعبي في جزيرة نينوى باتجاه الحدود السورية تحسبا لأي خرق أو محاولات لداعش التسلل إلى المدن العراقية.

وتسعى السلطات العراقية بضغط من قوى الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة القريبة من إيران إلى إنهاء وجود القوات الأميركية وجدولة انسحابها، لكن الجانب الأميركي لم يلزم نفسه بوعود لسحب قواته من العراق، فيما تؤكد أغلب القيادات السياسية والعسكرية الأميركية أن قواتها باقية خلال المرحلة المقبلة ولا توجد أي خطط أو نوايا لسحب القوات من العراق.

واستفزت العملية العسكرية المشتركة التي نفذتها قوة عراقية وأخرى أميركية في صحراء الأنبار غربي العراق، جهات عراقية، على اعتبار أن القوات الأميركية في البلاد لا تقوم بأي مهام عدا الاستشارة والتدريب، متسائلة عن أسباب تلك العملية المشتركة للجيشين العراقي والأميركي ومدى تأثيرها على حراك إنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد الذي تطالب به الفصائل المسلحة العراقية وقوى داعمة لها في تحالف الإطار التنسيقي الحاكم.

ولم توضح قيادة الجيش العراقي أي تفاصيل عن أسباب التعاون العسكري في هذه العملية تحديداً، وما هو الدور الذي قامت به القوات الأميركية في العملية المشتركة للجيشين العراقي والأميركي في الأنبار، ومدى حاجة القوات العراقية لهذا الدور في مهام أخرى، ولاسيما أنه يتناقض مع ما يصرّح به المسؤولون العراقيون، ومنهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بأن القوات العراقية لا تحتاج إلى قوات التحالف الدولي في أي مهمة عسكرية، عدا الاستشارة والتدريب.

ويأتي ذلك بالتزامن مع شكوك أثيرت بشأن مجريات الحوار الحكومي مع واشنطن المتعلقة بإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق، بعد تصريحات لمسؤولين بارزين في الحكومة العراقية متضاربة عن تأجيل انسحاب تلك القوات إثر هجمات تعرضت لها أخيراً قاعدة عين الأسد التي تضم جنودا أميركيين وتقع في محافظة الأنبار غربي البلاد، كما أكدت التصريحات تجميد الحوار مع الولايات المتحدة بشأن الملف.

وكانت بغداد وواشنطن قد اتفقتا في جولة الحوار الثاني، التي جرت في واشنطن نهاية تموز/ يوليو الماضي، على التزام تطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية وتعميق التعاون الأمني الثنائي في جميع المجالات، فيما أكدت حكومة بغداد التزامها المطلق بحماية الأفراد والمستشارين والقوافل والمرافق الدبلوماسية للولايات المتحدة ودول التحالف الدولي في العراق.

ويرى مراقبون أمنيون بشأن توقيت العملية العسكرية الأميركية يراد بها التأثير على المفاوضات وتعطيل الانسحاب تحت أي حجة كانت، ولهذا جاء الإعلان عن إصابة الجنود في هذا التوقيت بالذات.

ويستضيف العراق 2500 جندي أميركي، على  الرغم من وجود فصائل مسلحة موالية لإيران في البلاد.

بحث عراقي سعودي في تفعيل المجلس التنسيقي المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الخميس 22 آب/ أغسطس 2024، مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، تفعيل المجلس التنسيقي بين البلدين.

واستقبل السوداني الوزير السعودي، وتناولا العلاقات الثنائية بين العراق والمملكة العربية السعودية، حسبما ذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي.

وأشار البيان، إلى بحث العلاقات الثانية و”آفاق تطويرها وتنميتها في جميع المجالات، ولاسيما السياسية والاقتصادية، وتعزيز الشراكات المثمرة، وتفعيل المجلس التنسيقي العراقي السعودي، بما يحقق المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.”

واستعرض اللقاء، أهمّ التطورات في المنطقة، وتداعيات استمرار “العدوان” في غزّة، وضرورة استمرار العمل المشترك وتنسيق الجهود العربية والدولية لإيقاف “العدوان”، وحثّ المجتمع الدولي نحو الاضطلاع بكامل دوره لمنع مأساة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وحقّه التاريخي في الحياة على أرضه، بحسب البيان.

وتأتي زيارة وزير الخارجية السعودي إلى بغداد لبحث إحياء جهود التهدئة مع السوداني ووزير خارجيته، في خضم حراك البلدين الدبلوماسي الذي استثمرا فيه لسنوات عدة مكنت العراق من الوساطة بين طهران والرياض، الأمر الذي أسهم في إحراز توقيع اتفاق في بكين بين طهران والرياض، المؤثر في إعادة جو من الاستقرار غاب طويلاً عن المنطقة، قبل أن تعود للانفجار مجدداً بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وجاء التحرك السعودي بعد رسائل التهديد التي انطلقت من بعض الميليشيات في العراق باستهدافها السعودية والمصالح الأجنبية فيها، في إطار تداخلها مع الجبهات الأخرى المرتبطة بحرب غزة،

وبالتزامن مع زيارة وزير الخارجية السعودي الى العراق، وجه رئيس  الوزراء العراقي دعوة الى الرئيس الايراني لزيارة العاصمة بغداد عبر أتصال وزرير الخارجية العراقي بنظيره الايراني، وتكون بغداد الوجهة الخارجية الأولى لمسعود بزشكيان، مما يدعم رؤية المراقبون بان الحكومة العراقية قد تقوم بلعب  دور الوسيط.

وتعمل السعودية والعراق على تعزيز العلاقات الثنائية فيما بينهما، وخصوصاً الاقتصادية والتنموية، بما يخدم النمو ويدعم الفرص المشتركة، فالتبادل التجاري بين البلدين سجل 17,7 مليار ريال سعودي خلال السنوات الخمس الماضية.

السوداني في مصر وتونس لبحث تطورات المنطقة

قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يوم الثلاثاء 27/08/2024، بجولة خارجية شملت مصر وتونس. وبحسب بيان لمكتبه الإعلامي، فإن “السوداني بحث خلال زيارته لجمهورية مصر العربية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، وآخر التطورات الدولية في المنطقة”، مشيراً إلى أن “مباحثات موسعة، أجراها رئيس الوزراء مع نظيره المصري بشأن تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات والقطاعات.”

وفي زيارة تعد الأولى لرئيس وزراء عراقي منذ سنة 2003، زار السوداني تونس، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس قيس سعيد. ووجه السوداني دعوة رسمية لسعيد لزيارة العراق، لتوطيد العلاقات المشتركة التي تشهد مرحلة جديدة، عززها توقيع ما يقارب 20 مذكرة تفاهم، مبيناً أن اجتماع اللجنة المشتركة في أيار/ مايو الماضي أكد الرغبة المتبادلة بتعزيز العلاقات في مختلف المجالات وخصوصاً السياحة، معرباً عن رغبة العراق بتشكيل مجلس أعمال مشترك مع تونس.

وتكمن أهمية الزيارتين في كونهما تسهمان في تطوير الشراكات الإستراتيجية وتخدم المصالح الوطنية والإقليمية، إلى جانب ما تحمله من أهمية كبيرة من جوانب عدة في مقدمتها تعزيز العلاقات الثنائية وتقوية التعاون في مجالات الاقتصاد والتبادل الثقافي والتعليمي.

وتعكس الزيارة الاستدارة العراقية نحو محيطه العربي، وترجمة الدعوة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي عبر تفعيل التعاون الاقتصادي، أي إن زيارة رئيس الوزراء العراقي، إلى مصر وتونس، تجسد الرغبة العراقية في تعزيز التعاون والشراكة بين العراق ومحيطه العربي، على صعيد التكامل التنموي من خلال التبادل التجاري وتنويع الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية، بالاضافة الى التعاون الأمني، بالاخص مع الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة وتهدد استقرارها.

وتهدف زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة عقب التصعيد الحاصل فيها على إثر استمرار الحرب على قطاع غزة، ومنع أي تصعيد جديدة قد يجر المنطقة إلى توسيع الحرب، فضلاً عن مناقشة الملفات المشتركة مع مصر وتونس، وخصوصاً الملفات ذات الطابع الاقتصادي والاستثماري، ودعوة الشركات المصرية والتونسية للعمل في العراق ضمن حملات الإعمار والخدمات التي تجريها الحكومة العراقية الحالية.

التقرير الاقتصادي

الفساد يحرم العراق من 52 مليار دولار استثمارات أجنبية

أشار رئيس مؤسسة “عراق المستقبل” المعنية بالشؤون الاقتصادية منار العبيدي، إلى تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأخير الذي كشف عن خروج أكثر من 5 مليار دولار أميركي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من العراق في سنة 2023.

وبيّن التقرير، بحسب العبيدي، أن العراق خسر استثمارات أجنبية تزيد عن 52 مليار دولار أميركي منذ سنة 2013 حتى 2023.

وأكد العبيدي، أهمية الاستثمارات الأجنبية في تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، ونقل المعرفة، مشدداً على أن الاستثمارات الأجنبية تعد مصدراً مهماً لدخول الأموال غير المرتبطة بإيرادات الدولة أو الاستثمارات المحلية.

وتتركز الأسباب الرئيسية لخروج هذه الاستثمارات من العراق، إلى بيئة الأعمال المتردية، نقص الشفافية، وتعدد وتضارب مصادر القرار، وكذلك عدم وجود قوانين واضحة لحماية أموال المستثمرين الأجانب والذي ساهم أيضًا في هذا التدهور.

بغداد تؤكد دعمها استقرار أسواق النفط

أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص يوم الخميس 29/08/2024 أن زيارته إلى بغداد كانت مثمرة جداً وأسفرت عن دعم لا محدود من الحكومة العراقية لخطط الأوبك في دعم استقرار أسواق النفط العالمية.

وقال الغيص إن “رئيس الوزراء أكد دعم العراق الكامل لمنظمة أوبك ولاتفاق أوبك بلس والالتزام بجميع التعهدات والاتفاقيات بما يعزز استقرار أسواق النفط العالمية في المرحلة المقبلة”، مشيراً إلى أن العراق الذي تأسست فيه منظمة الأوبك في سنة 1960، والذي يعد دولة أساسية في المنظمة، هو واحد من أول وأكبر الداعمين لاتفاقيات أوبك واتفاقيات “أوبك بلس”، مشدداً على أن “التوافق والترابط بين دول المنظمة ومنها العراق يعد أمرا مهما لتحقيق أهداف المنظمة.”

وأضاف الغيص أنه التقى عند وصوله إلى بغداد وزير النفط العراقي حيان عبد الغني وفريق من شركة تصدير النفط العراقية (سومو) ومسؤولين في وزارة النفط وعقد معهم اجتماعا مهما وايجابيا ركز على الجوانب الفنية المتعلقة بأوضاع أسواق النفط ومعطياتها وتوقعاتها في المرحلة المقبلة.

وأوضح أن وزير النفط العراقي أكد له دعمه الكامل لقرارات أوبك بلس والتزام العراق بجميع تعهداته المتعلقة منها بخفض الإنتاج والمتعلقة بإكمال خطط التعويض للكميات الزائدة عن المستويات المقررة في الاشهر السابقة.

وأكد أن الزيارة كانت إيجابية جداً، مثمنا دور الحكومة العراقية والمسؤولين عن القطاع النفطي فيها وشركة سومو.

وبدورها أصدرت الأوبك بياناً صحفياً بهذا الخصوص قالت فيه إن الغيص زار العراق وقبله كازخستان لمناقشة ظروف السوق وتأكيد أهمية القصوى لضمان نجاح الجهود المستمرة لتحقيق الاستقرار في سوق النفط من قبل الدول المشاركة في إعلان التعاون.

وأشار إلى أن البلدين أكدا التزامهما غير المشروط بالتقيد الكامل بمستويات الإنتاج المتفق عليها بما في ذلك خطط التعويض على النحو المتفق عليه بموجب إطار إعلان التفاهم المقدم إلى أمانة الأوبك في الـ 22 آب/ أغسطس.

ونقل البيان عن الغيص قوله إنه تلقى تأكيدات بأن العراق وكازاخستان ملتزمان تماما بجهود تحقيق استقرار السوق وأنهما قدما خطة واضحة ودقيقة للتعويض عن الكميات الزائدة في الإنتاج لتحقيق التوافق الكامل في المستقبل.

ويعد الاقتصاد العراقي ريعياً لكونه يعتمد بنسبة تزيد عن 90% على إيرادات النفط في تمويل الموازنة المالية السنوية التي تشكل رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية نحو ثلثها، الواقع الذي يهدد أمنه الاقتصادي في حال انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية كما حدث عدة مرات سابقا، بحسب ما يؤكد مختصون، إلا أن مخاوف إضافية برزت تتعلق بخفض الإنتاج النفطي وليس انخفاض سعره فقط، وهذا الأمر قلل خبراء بالاقتصاد من تأثيره على اقتصاد البلاد.

والعراق من المؤسسين الأوائل لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” كما أنه عضو أساس في مجموعة “أوبك+”، وبالتالي فهو ملزم بتطبيق من يصدر من تعليمات وقرارات من هذه المنظمة سواء كان ذلك يتعلق بزيادة أو تقليل الإنتاج، وهو ما يفعله بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة، حيث عمد إلى خفض الإنتاج بشكل مستمر.

وبحسب مراقبين اقتصاديين، لن يتضرر الاقتصاد العراقي بشكل كبير كون  “قرار (أوبك+) بتخفيض إنتاج النفط العراقي، هو قرار عراقي للوفاء بالتزاماته تجاه التحالف وسيستمر حتى نهاية سنة 2025 بتخفيضات تتراوح بين 11% على نحو 2% أو 3% خلال آخر ربعين من سنة 2025.

وقد تتأثر الصرفيات العراقية خلال الفترة الأولى بعد قرار (أوبك+) بتخفيض الإنتاج لكن بشكل تدريجي سيختفي هذا التأثير.

التقرير الثقافي

ترانزيت العراقي يفوز بالجائزة الكبرى في تونس

فاز الفيلم العراقي “ترانزيت”، من تأليف ياسر موسى وإخراج باقر الربيعي، بالجائزة الكبرى (الصقر الذهبي) في المهرجان الدولي لفيلم الهواة بدورته 37 في تونس وتحت شعار (أنقذوا غزة)، والفيلم من بطولة الفنان السينمائي أسعد عبد المجيد، وتصوير المصور السينمائي محمد كامل.

وقال المخرج باقر الربيعي إن “الفيلم يتناول قصة يعقوب الذي يعمل في قسم الإحصاء في أحد المستشفيات، يجيب على اتصالات ذوي الضحايا الذين يتساءلون عن مفقوديهم، ويمتعض بين الحين والآخر من اتصال يثير الريبة والقلق لديه.”

وأضاف “جميع أفلامي التي أخرجتها تحاكي الواقع الذي نعيشه، وهي الحروب التي أهلكت شعوب العالم وبالخصوص الوطن العربي، في هذا الفيلم أردت أن أقول بأن ضحايا الحروب أصبحوا في تزايد، ولا بد من أن نوقف الحروب التي تحدث، وهذا ما أراد الفيلم إيصاله.”

وتزامنت فعاليات الدورة 37 مع الذكرى الستين لتأسيس المهرجان في سنة 1964.

وأوضح الربيعي أن “المهرجان يعد أقدم حدث سينمائي للهواة في تونس، بعد مشاركات عديدة لفيلم (ترانزيت) الذي بدأ مسيرته نحو المشاركات في المهرجانات في بداية 2023 في أكثر من 40 مهرجاناً عالمياً وحصوله على جوائز عديدة أهمها جائزة أفضل فيلم من مهرجان الفيلم الأوروبي للسينما المستقلة في باريس المقام في فرنسا سنة 2023 في عرضه الأوروبي الأول، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان مالمو للسينما العربية المقام في السويد 2024 وجائزة أفضل فيلم روائي قصير، الذهبية، من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بدورته الأولى 2024 ، وجائزة أفضل فيلم روائي قصير من مهرجان سينيمانا الدولي الخامس المقام في سلطنة عمان، وجائزة الخلال الفضي من مهرجان مدنين السينمائي الدولي المقام في تونس 2023، ومشاركات مهمة في مهرجان أفلام السعودية 2024، ومهرجان طرابلس في لبنان 2023، ومهرجان الاسماعيلية السينمائي 2023، ومهرجان كازان السينمائي في روسيا، ومهرجان دهوك السينمائي الدولي 2023، ومهرجان باكو السينمائي في أذربيجان، والعديد من المهرجانات”.

وبين: “نطالب بتأسيس صندوق دعم الإنتاج لأفلام عراقية بشكل دوري وتخصيص ميزانية مالية كافية لدعم السينما”، موضحا أن “منحة الطوارئ لدعم السينما التي اطلقت في بداية عام 2023 بلغت3 ملايين دولار ولكن ما حصل تلكؤ منحة دعم السينما بينما تم صرف جميع المنح ومنها الدراما ودعم اتحاد الأدباء.”