مقدمة

يتواصل تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتستمر بفعل ذلك الحكومة في استقالتها وتخليها على صلاحياتها ومسؤولياتها لصالح المصرف المركزي الذي بات يدير الاقتصاد اللبناني من خلال ضخ الدولارات في السوق تارة، وتارة أخرى من خلال شفطها، وكل ذلك شراء للوقت، إلى حين عودة الحياة السياسية إلى طبيعتها.

واللافت خلال كانون الأول/ ديسمبر 2022، هو عقد مجلس الوزراء اجتماعاً على الرغم من استقالة الحكومة، واستخدام صلاحيات رئيس الجمهورية، التي تؤول إلى المجلس في حال شغور كرسي الرئاسة، من أجل تمرير ملفات تعتبرها “ملحة” وتدخل في صلب حياة المواطنين، وهذا أمر عمّق الخلافات بين الكتل النيابية، وخصوصاً ضمن حلف “حزب الله” السياسي والنيابي، وأوشك/ ولا يزال على فرط اتفاق “مار مخايل” بينه الحزب والتيار الوطني الحرّ، عل وقع رفض الوزير جبران باسيل ترشيح قائد الجيش، وسليمان فرنجية على السواء.

هذا الخلاف كان مناسبة ليطلق باسيل حراكاً سياسياً أفذى إلى عقد أكثر من لقاء مع “الخصوم”، من دون أن يرشح حتى اللحظة أي متغيّر في شكل التحالفات، ما خلا عودة الزعيم الطرابلسي فيصل كرامي إلى البرلمان بعد موافقة المجلس الدستوري على الطعن الذي تقدّم به، فباشر التواصل مع عدد من النواب لتشكيل تكتل نيابي من طرابلس وخارجها، قد يؤسس إلى قلب بعض الموازين في مجلس النيابي، وربّما يعوّض الفراغ الحاصل داخل الطائفة السنية الذي فشل النواب السنة الجدد في سدّه، لكنّه سيكون حتماً من حصة محور “حزب الله” وليس مع السياديين أو المستقلين.

أمّا في الجانب الاقتصادي، فالمؤشرات تدل إلى ارتفاع الاستهلاك بشكل كبير مع اعتماد لبنان على إقتصاد الكاش، وهذا ما كان سبباً في ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات غير مسبوقة وصلت إلى حدود 47 ألفاً للدولار الواحد، على الرغم من الموسم السياحي وعطلة الأعياد التي أمنت تدفقاً للعملات الصحبة إلى داخل البلاد. ومع انفلات سعر الصرف اضطر حاكم مصرف لبنان إلى التدخل من أجل لجمه، من خلال منصة “صيرفة” لكن ليس لوقت طويل. وقد تزامن هذا الوضع مع قرب حضور وفود قضائية أوروبية إلى لبنان لاستكمال التحقيقات مع سلامة بشأن تهم باختلاس الأموال العامة وتبييض الأموال في عدد من الدول الأوروبية.

وبخلاف هذا الواقع السياسي والاقتصادي المزري، شهدت العاصمة بيروت حركة ثقافية تمثّلت باستكمال فاعليات معرض الكتاب، الذي شهد توقيع كتب لإعلاميين وكتاب لبنانيين وعرب.

التقرير السياسي

تعطيل انتخاب الرئيس مستمر

إذاً ما زال ملف انتخاب رئيس جمهورية جديد يراوح مكانه، وخصوصاً بعد البرودة التي طرأت على الملف نتيجة دخول البلاد في عطلة الأعياد، وسط كلام جدّي عن محاولات دولية لتحقيق اختراق في هذا الملف لناحية إقناع الوزير جبران باسيل بالموافقة على تسمية قائد الجيش جوزف عون للرئاسة. فقد نقلت صحف لبنانية عن عواصم كبرى تأكيدها باسيل وآخرين، استعدادها لتوفير “الضمانات السياسية”، إن سار مع بقية الكتل في ترشيح عون.

من بين هذه الدول، قطر التي نُقل عنها أنها غير بعيدة من هذا الخيار، وأنّ الدوحة مستعدة للدخول بقوة في برنامج مساعدة لبنان في حال توافق اللبنانيون على انتخاب قائد الجيش، بمباركة أميركية – فرنسية.  أمّا السعودية، فأبلغت الجانبين الفرنسي والقطري، بأنّها قررت الاستمرار في سياستها القائمة منذ سن 2016 القاضية بعدم تحمل المسؤولية عن أي قرار أو خطوة لها تبعاتها، وأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يزال عند رأيه بصعوبة تأمين إجماع لبناني على “إدارة” ترضي العرب والغرب، ولا تكون خاضعة لـ “حزب الله”. ومن هذا المنطلق ترفض الرياض التورط في أي برنامج أو خطة دعم اقتصادي خاص، وتلتزم بسقف “الصندوق المشترك” الذي أنشاته مع فرنسا خصيصاً لدعم لبنان.

وزار قائد الجيش الدوحة، قبل نهاية السنة، وعقد لقاءات طويلة قادة قطريين، ونقلت أوساط صحافية أنهم وأبلغوه بأنّه “الحصان الدولي – العربي” للاستحقاق الرئاسي، لكن المشكلة عالقة عند باسيل.

ولا يزال قرار “حزب الله” و”حركة أمل” لناحية السير بعون مرشحاً إلى الرئاسة، مبهماً. وعلى الرغم من الكلام العام الذي يطلقه بين الحين والآخر نواب الحزب والحركة عن عدم وجود أي “فيتو” ضد أي مرشح، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتشدد في موقفه حول حاجة قائد الجيش إلى تعديل دستوري قبل انتخابه رئيساً، وهو ما يذهب إليه “حزب الله” أيضاً فيظهر تمسّك ولو بشكل خجول، بهذا التعديل.

ولا يخفي حزب الله انزعاجه إلى أبعد الحدود من باسيل ومن الأدوار التي يقوم بها خلال زياراته المتكررة إلى الدوحة، إذ كشفت مصادر مقربة من الحزب أن الأخير “يعرف بالتفصيل ماذا يفعل باسيل في قطر وماذا يطلب من المسؤولين فيها”. كما يعرف “ماذا يفعل مع الأميركيين والفرنسيين وكل الأطراف والجهات الإقليمية والدولية الأخرى، لأنّه (باسيل) لا يريده رئيساً تحت أي ظرف.”

واشتد الخلاف بين الحزب وباسيل في الأونة الاخيرة على خلفية الملف الرئاسي. وبدا باسيل معزولاً كلياً عن الساحة السياسية اللبنانية، فاندفع إلى عقد لقاءات موسعة في الأسبوعين الأخيرين من كانون الأول/ ديسمبر، شملت كل من الوزير سليمان فرنجية (مرشح حزب الله للرئاسية) والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، فضلاً عن شخصيات أخرى، قالت أوساطه أنّه سيُكشف عنها في الوقت المناسب. ويحاول باسيل إظهار نفسه شخصية “منفتحة” على الجميع، نتيجة تضعضع اتفاق “مار مخايل” الذي جمعه بحلف مع “حزب الله” منذ العام 2006، ويوشك على السقوط.

فخلال اللقاء الذي جمع باسيل بفرنجية، الذي قيل أنهما لم يتطرّقا إلى ملف الرئاسة، لكن معلومات مُسرّبة قالت إن باسيل حاول تقديم عرضٍ لفرنجية، باعتبار أن حظوظه شبه معدومة، ويقضي بأن يتوافقا على اسٍ يختارانه معاً، وذلك بهدف قطع الطريق على وصول قائد الجيش إلى بعبدا.

أمّا على مستوى رئاسة الحكومة المقبلة، فمصيرها هي الأخرى مرتبط بالملف الرئاسي، إذ لا يبدو أن حظوظ الرئيس نجيب ميقاتي كبيرة في إعادة تكليفه، على الرغم من الدعم الذي يتلقاه ميقاتي من الفرنسيين. ويحاول الفرنسيون إقناع المملكة العربية السعودية بميقاتي رئيساً لحكومة ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أياً كان هذا الرئيس. وقد سبق لميقاتي أن التقى الأمير محمد بن سلمان خلال “مونديال قطر”، وذلك بعد اتصالات أجراها الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون من أجل استقباله وطي الصفحة القديمة. لكن التسريبات كشفت أنه من المبكر الحديث عن دعم له لتولي هذا المنصب أو نيل لبنان المساعدات.

جلسات الحكومة تفجر المشهد اللبناني

ومن بين الملفات التي زادت بالخلافات ضمن محور “التيار الوطني الحر”- “حزب الله”، جلسة الحكومة التي دعا إليها ميقاتي، للبت بقرارات قال إنها “تتعلّق بشؤون الناس”. هذه الجلسة فُسرّت على أنها “رسالةً” تهدف إلى تفعيل العمل الحكومي، وأن الانتخابات الرئاسية لن تكون قريبة، وخصوصاً أنها تخفف من الضغوط عن “حزب الله” المتهم بتعطيل الانتخابات الرئاسية وربط كل الملفات بهذا الاستحقاق.

وشهدت تلك الجلسة خلافات عديدة، وكان أبرزها رفض وزراء “التيار الوطني الحر” المشاركة بها، بعد صدور بيان قبل الجلسة بساعات يرفض انعقادها باعتبار أنها تمس بصلاحيات رئيس الجمهورية في ظل شغور الرئاسة. لكن مشاركة وزير واحد من كتلة “الوطني الحر”، أدت إلى انعقادها، وبالتالي تمرير القرارات المدرجة على جدول الأعمال.

واتهمت أوساط سياسية لبنانية الرئيس ميقاتي باسترضاء الفرنسيين من خلال تلك الجلسة، وخصوصاً لناحية إظهار نفسه رئيساً قوياً قادراً على تنفيذ “اتفاق الطائف”، في لحظة احتدام الصراع بين “حزب الله” وإيران من جهة وبين السعودية من جهة أخرى، التي وجهت له دعوة لزيارة المملكة.

وينوي ميقاتي، بالاتفاق مع نبيه بري على الدعوة إلى جلسة حكومية ثانية مطلع 2023، لكنّها ستكون مرتبطة بأهميّة المواضيع المطروحة، على الرغم من كل التردّدات السياسية.

مقتل جندي من القوات الدولية

وسط هذه الأجواء السياسية المشحونة في الداخل، طرأ تطور جديد مصدره جنوب لبناني، وذلك بعد تعرض دورية للقوات الدولية “اليونيفيل” في منطقة العاقبية، إلى إطلاق نار خلال توجهها إلى مطار رفيق الحريري الدولي.

وقد أدى الحادث إلى سقوط قتيل من بين عناصر القوات الإيرلندية و3 جرحى، وأرخى موجة غضب دولية لم تدم طويلاً، بعد تطويق الحادث نتيجة اتصالات أجراها “حزب الله”، تعهد خلالها بإجراء تحقيقات ميدانية، لمعرفة أسباب إطلاق نار، وكيفية وصول الدورية الى البلدة ولماذا دخلتها.

وسارع “حزب الله” إلى تسليم 4 موقوفين متهمين باطلاق النار على الدورية، قيل إنّهم من بين أهالي البلدة الغاضبين، بعد اقتحام الدورية للبلدة ليلاً. واللافت أن هؤلاء الموقوفين على ذمّة التحقيقات جميعهم من مناصري “الثنائي الشيعي”، وقد تسلمتهم مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بعد مسعى من الحزب.

كما برزت دعوات سياسية إلى ضرورة تعديل قواعد العمل الجنائية بين اليونيفيل والسلطات اللبنانية، وإعادة تحديد نطاق صلاحيات جنود القوات الدولية وحصاناتهم. كما بدا لافتاً منسوب الاستنكار الزائد من “حركة أمل” لحادث العقيبة، البلدة المشهود لسكانها بالولاء المطلق للحركة، الأمر الذي وضعه البعض في جانة التبرؤ من المسؤولية وإظهار الإدانة والرفض للحادث.

إسرائيل تهدّد مطار بيروت

وتزامناً مع حادث اليونيفيل، كانت إسرائيل تهدد بتنفيذ ضربات ضد مطار بيروت، من أجل ما اعتبرته “إحباط تسليم أسلحة للحزب بواسطة الطيران المدني الإيراني (معراج) الذي عاد إلى تسيير رحلات إلى بيروت مؤخراً. هذه التهديدات لاقاها “حزب الله” بالسخرية، نافياً تلقيه أي مسادعات عسكرية عبر المطار، إذ نقل قريبون من “حزب الله” لصحف لبنانية، أنّ المزاعم الإسرائيلية هي مدعاة للسخرية ولا أساس لها من الصحة، لأن الحزب أتم أصلاً نقل الصواريخ الذكية براً، والمهمة أُنجزت على رغم الهجمات الإسرائيلية والمراقبة المستمرة.

اتهام فرنسي لحزب الله بقتل الحريري

وتزامناً أيضاً، برز كلام لوزيرة الدفاع الفرنسية السابقة أدلت به خلال مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، اتهمت فيه “حزب الله” والنظام السوري سوياً باغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، وكذلك ممارسة ضغوط ضد المحكمة الدولية من أجل سحب اسم النظام السوري من لائحة الاتهامات.

التقرير الاقتصادي

المصارف تشن حملة ضد السلطة السياسية

اقتصادياً، تقود المصارف خطة مضادة ضد السلطة السياسية، وذلك رفضاً لـ “خطة التعافي” التي تحمّل المصارف مسؤولية الأزمة في بلاد من دون أن تتحمّل الدولة أو مصرف لبنان أي من تلك المسؤولية. وقد برزت خطة المصارف من خلال حملة تقودها المصارف عبر الاعلام من أجل “كسب الرأي العام” اللبناني مجدداً. وتقول المصارف إنها خسرت رساميلها بموجب الخطة التي وضعتها الحكومة. وعليه، لم يبق أمامها سوى المودعين الذي يشكلون “رأسمال” ثانوي، قادر على رفد المصارف مجدداً بالأموال من أجل نهوض القطاع المصرفي.

وبدأت تظهر مفاعيل تلك الحملة في الاعلام اللبناني، مع انتشار إعلانات تدعو المواطنين إلى حماية القطاع المصرفي باعتباره الملاذ الآمن للاقتصاد اللبناني، ولأي عملية نهوض مستقبلي. كما سرت معلومات في الإعلام تتهم المصارف بدفع المساعدات للمحظات التلفزيونية من أجل تحفيز الرأي العام على رفض خطة الحكومة، والدفع صوب تحميلها مع مصرف لبنان مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي إلى جانب المصارف نفسها.

ويأتي ذلك فيما تراوح الإصلاحات التي دعا إليها صندوق النقد الدولي مكانها جراء الشلل الحكومي على غرار الملف الرئاسي. فقانون الموازنة ينتظر البت بالطعن به أمام المجلس الدستوري نتيجة التجاوزات التي تعتريه لناحية نقل صلاحيات من اجتصاص المجلس إلى وزير المالية. أما قانون هيكلة المصارف المنتظر، فتكشف الصحف اللبنانية أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يمتنع عن إرسال مشروع قانونه إلى مجلس النواب بسبب استقالة الحكومة. حتى النواب المحسوبين على الحكومة لم يتقدموا به على شكل اقتراح قانون حتى اللحظة، وذلك نتيجة الضغط من أجل إحالته إلى لجنة المال والموازنة ثم لجنة الإدارة والعدل، بهدف تأجيل إقراره أطول مدة ممكنة.

وتحرير وتوحيد أسعار الصرف، هو الآخر لم يبصر النور، بل على العكس، فإن مصرف لبنان تحوّل إلى مضارب في السوق، يتدخل لضخ الدولارات تارة، ثم يلمّها من الجهة المقابلة بواسطة المصاربين والصرافين الشرعيين وغير الشرعيين.

وفد أوروبي للتحقيق مع حاكم مصرف لبنان

وفيما لم تتحرك السلطات اللبنانية في ملف الفساد، تبلغ القضاء اللبناني، بأن وفوداً قضائية تضم مدّعين عامين وقضاة تحقيق من عدد من دول أوروبية أبرزها فرنسا وألمانيا، ستزور لبنان مطلع 2023 بهدف إجراء تحقيقات مباشرة في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولائحة مطلوب استجواب أسماء المدرجين فيها، وتشمل إلى جانب الحاكم وجميع نوابه من سنة 2001 إلى اليوم، وموظفين كباراً في المصرف المركزي، ورجا شقيق رياض سلامة ومساعدة الأخير ماريان الحويك، ورؤساء مجالس إدارات مصارف لبنانية ومدراء تنفيذيين فيها.

وتتهم أكثر من دولة أوروبية رياض سلامة باختلاس الأموال العامة، كما تقوم بتجمود ملايين الدولارات في مصارف أوروبية على خلفية تلك التهم، التي وُجهت إلى سلامة قبل أشهر، والذي تنتهي ولايته في حاكمية مصرف لبنان بعد نحو 3 أشهر، إذ يُفترض أن تشهد عملية تعيين بديل له، جدلاً سياسياً إضافياً على الشغور الرئاسي والحكومي.

هبوط الدولار مع حديث عن التجديد لسلامة

ويرفض “التيار الوطني الحر” الفراغ في حاكمية مصرف لبنان، من منطلق “حقوق المسيحيين”. وينصّ قانون مصرف لبنان على أنّ النائب الثاني للحاكم ينوب مكانه في حال الشغور، علماً أن النيابة الثانية في الحاكمية تؤول إلى شيعي، وهذا ما يتوجس منه “التيار الوطني الحر” باعتبار أن الحاكم الثاني الحالي (الدكتور وسيم منصوري) محسوب على الرئيس نبيه بري (خصم باسيل السياسي).

ويُتهم سلامة منذ أسابيع بأنّه بدأ بـ “خطة” التجديد له مرة أخرى، وذلك من خلال إصداره بيان يقضي ببيع الدولارات للمواطنين على سعر منصة “صيرفة” بأقل من سعر السوق. فقد أعلن المصرف المركزي في البيان عن رفع سعر منصة “صيرفة” (منصته الخاصة) من 31200 ليرة إلى 38 ألفاً للدولار الواحد، داعياً المواطنين، أفراداً وشركات، إلى شراء الدولارات على هذا السعر عبر المصارف، وذلك من أجل خفض السعر في السوق. لكن تلك الطريقة لم تخفّض الدولار أكتر من عتبة 42 ألفاً.

وأصدر الحاكم البيان بعد وصول سعر الصرف إلى مستوى غير مسبوق مسجلاً 47 ألفاً للدولار الواحد. وبخطوة الحاكم، ارتفعت أسعار العديد من الخدمات أيضاً، فزاد سعر بطاقة الهواتف المدفوعة سلفاً من 263 ألف ليرة إلى 321 ألفاً، كما ارتفع سعر الكيلواط كهرباء المسعر حديثاً على سعر المنصة. ويُفترض بأن ترتفع الكثير من الضرائب والرسوم المقومة بالدولار الأميركي على سعر المنصة أيضاً.

ووسط هذا كلّه، تسود توقعات أن يسيطر على المسار الإقتصادي في البلاد التراجع والإنحدار وصولاً إلى “الإنهيار الكبير”، خصوصاً منتصف سنة 2023  في حال شغور منصب الحاكمية وعدم الوصول إلى إتفاق مع صندوق النقد نتيجة الفراغين في الرئاسة والحكومة.

زيادة في الاستيراد والاستهلاك والأسعار

وعلى الرغم من هذه الصورة السوداوية، كشفت إحصاءات التجارة الخارجية أن قيمة الواردات لغاية 30 تشرين الثاني 2022 بلغت نحو 17,9 مليار دولار، متوقعة أن ترتفع من حدود 13,6 مليار دولار في سنة2021 إلى 19,5 مليار دولار مع نهاية العام، أي بزيادة نسبتها 30%. كما ارتفع استيراد الوقود من حدود 2,2 مليار دولار إلى 2,9 مليار، في الأشهر السبعة الأولى من العام 2022.

ويرد بعض المحللين الاقتصاديين هذا الارتفاع في الاستهلاك إلى الأزمة داخل سورية، التي باتت تعتمد على السوق اللبناني والتهريب من أجل سد حاجيات المواطنين السوريين، خصوصاً بعد رفع الدعم الحكومي عن المحروقات في الداخل السوري، ما تسبب بانهيار الليرة السورية إلى مستويات كبرى بلغت حدود 7 ألاف ليرة للدولار الواحد.

وقد سجل العام 2022 أرقام قياسية في أسعار العديد من السلع، أبرزها: ربطة الخبز التي ارتفعت 3 أضعاف، من 7500 ليرة، إلى 22000 ليرة؛ أسعار الأدوية بعد احتسابها سابقاً على دولار تتراوح بين 21200 و26500 ليرة، والآن بدولار قيمته 45000 ليرة؛ أسعار المحروقات التي قفزت أسعارها من محيط 300 ألف ليرة إلى محيط 800 ألف ليرة؛ تعرفة النقل (السرفيس) التي قفزت 3 أضعاف من 25000 إلى 80000 ليرة؛ سعر صرف الدولار كان بين 24000 ليرة و27500 ليرة بداية 2022، ووصل إلى أكثر من 47 ألف ليرة، قبل أن يهبط إالى 42 ألفاً.

انتعاش السياحة والتحويلات

وفي الإيجابيات أيضاً، حققت السياحة هذه السنة عوائد بقيمة 7 مليارات دولار، منها 6 مليارات خلال فصل الصيف. وأشارت تقديرات الخبراء والمتخصصين إلى أن عدد زوار لبنان خلال شهر الأعياد قد بلغ نحو 600 ألف شخص، ومعظمهم من اللبنانيين المغتربين.

ودخل إلى لبنان خلال فترة الاعياد 95 طائرة على متنها 16 الى 17 ألف راكب يومياً، وهذه الحركة أدخلت دخل 1,2 مليار دولار.

أمّا البنك الدولي، فأشار في تقرير خاص حول التحويلات، إلى أن حجم التحويلات الوافدة إلى لبنان في سنة 2022 بلغت 6,8 مليارات دولار (6,6 مليارات دولار في سنة 2021)، ولبنان يحل ثالثا إقليمياً مسبوقاً فقط من مصر (32,3 مليار) والمغرب (11,4 مليار).

التقرير الثقافي

اختتام فاعليات معرض بيروت للكتاب

اختتم معرض بيروت للكتاب العربي والدولي فعالياته بتوقيع عدد من الكتاب كتبهم.

فقد وقّع واسيني الأعرج  كتابه الجديد “عازفة البيكاديللي” في جناح “دار الآداب”. وفي هذا العمل، استعاد الروائي الجزائري “مسرح البيكاديللي”، المعلم البيروتي الشهير الذي شكّل ذاكرة ثقافية لأجيال متعاقبة عدّة.

وبُنيت الرواية على الحقيقي والمتخيّل، حيث تمحي الحدود، من خلال حياة لينا جوزيف، عازفة البيكاديللي الأساسية التي تجد نفسها بعد حرقه بين فنادق العاصمة اللبنانية تبحث عن عمل.

وكشفت الرواية عن أسرار لينا، وزواجها بضحية من ضحايا فندق “بوريفاج”، ومغامرتها المجنونة مع المصوّر ماسي دالبيو الذي أحبّته صدفةً، قبل أن تلتقي به ثانيةً بعد ثلاثين عاماً، ونضالها اليومي لإعادة “قصر البيكاديللي” إلى الحياة.

ووقع الكاتب والصحافي عبد الرحمن نصّار، قصة مخصصة للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين سبع وتسع سنوات.

كما وقع الكاتب علي حمادي في “دار الفرابي”، مجموعته القصصية “نصفي الأسفل”. وتضمّن العمل قصصاً واقعية ونقدية تتناول مواضيع إشكالية مختارة، بأسلوب جديد في السرد وبناء القصة والتزام وحدة الزمان المعاصر والمكان الحاضر، بكلّ تراثه عند المتمكّن فيه.

وفي جناح “دار نوفل/ هاشيت أنطوان” تم توقيع كتاب لمحسن دلول بعنوان “لبنان الكيان المهزوز ــ من بشارة الخوري إلى ميشال عون”. ويقول الوزير والنائب السابق في الكتاب إن الواقع المزري الذي يعيشه اللبنانيون مع تطوّرات دراماتيكية خطيرة خاصة مع اتساع دائرة التطبيع العربي مع العدو الإسرائيلي، “يجعلنا نتساءل حول مصير ودور لبنان في الخريطة الجيو ــ سياسية الجديدة. وفي عملية البحث عن أجوبة مقنعة، لا بد من العودة إلى ظروف نشأة دولة لبنان الكبير وما رافقها من أحداث وكيف تفاعلت مع قضايا المحيط من نكبة فلسطين حتى صفقة القرن.”

كما وقع الإعلامي سامي كليب كتابه “تدمير العالم العربي: وثائق الغرف السوداء”، الذي يعود إلى الأيام الأولى لـ “الربيع العربي”. يقرأ به كليب في أحداث تاريخية، تفسّر وقائع كثيرة، مع رواية جديدة عن اختفاء السيد موسى الصدر، ونتائج تقسيم السودان وتأثيراته على الأمن الغذائي، مع حضور لفلسطين من زوايا متعددة، مع تقديم 3 سيناريوات للحرب المقبلة بين إيران وإسرائيل، وموقع العرب فيها.

الشيخ جواد مغنية علّامة مجدِّداً

تحت عنوان “الشيخ محمد جواد مغنية ــ علّامة مجدداً (1979 ــ 1904)”، أصدر الأكاديمي والكاتب والباحث اللبناني محمد عبد الله فضل الله كتاباً عن “دار النهضة العربية”، يحتوي على مقالات منوّعة لمغنية نشرت في مجلة “رسالة الإسلام»” التقريبية، وبعضاً من كتاباته في مجلة “العرفان” اللبنانية.

حاول فضل الله الكشف عمّا استبطنته كتابات مغنية من آراء، وما تميّزت به من منهجية ومواصفات من أجل تكوين فكرة عامة عمّا قدّمه الشيخ من مقاربات، فضلاً عن المنهج الذي اعتمده، ما تميّزت به لغته وأسلوبه.

مسيرة ميلادية بعنوان قصيدة ريحة شتي

جالت شوارع العاصمة بيروت مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر، “مسيرة الميلاد”، وذلك من بوابة الجامعة الأميركية الرئيسية إلى “مسرح المدينة” الذي استضاف السوبرانو غادة غانم والشاعر طلال حيدر في أمسية شعر وغناء بعنوان “ريحة شتي”.

العنوان من ألبوم غانم الذي صدر قبل سنوات، نسبةً إلى قصيدة حيدر، شأنها شأن كل القصائد التي حواها الألبوم المذكور. وأدت الفناة غادة غانم بعض أعمالها برفقة عازفة البيانو أولغا بولون، وقرأ حيدر بعضاً من قصائده.

أمسيات فنية ضمن برنامج زكي ناصيف

بتنظيم من سفارة البرازيل في لبنان، احتضنت “دار النمر للفن والثقافة” برنامج “القنطرة، رحلات دوم بيدرو الثاني إلى العالم العربي/ 1871 ــ 1876” للأطفال من أجل التعرّف خلال ورشة عمل، على الرسوم المتحركة وسرد القصص من أجل إنشاء كتاب رسوم متحركة مستوحى من مغامرات دوم بيدرو الثاني خلال فترة الظهيرة.

مسرحية الغول على خشبة مونو

ومن منطلق حرص مسرح “مونو” على دعم المواهب الشابة. أتاح الفرصة للفنان حمزة يزبك تقديم المسرحية القصيرة “الغول” التي يتولّى تمثيلها وإخراجها، ومدتها لا تتعدى 30 دقيقة، وهي مقتبسة من مشروع الماجستير الخاص بالممثل اللبناني بديع أبو شقرا.

وبحسب النص التعريفي الخاص بالمسرحية، فهي تحاكي قصّة شاب يعاني من الاضطراب النفسي والتّشتُت الأسري، سيفسح له يزبك المجال للحديث عن أنّه “لَمْ أكنْ يوماً الصّياد ولا حتى الفريسة.”