مقدمة
يرتفع منسوب التفاؤل في بلوغ حل لمعضلة الانتخابات الرئاسية، مع تبدّل هوية المفاوضين، واحتمال تراجع “حزب الله” وحلفائه عن مرشحهم الأوحد سليمان فرنجية. هذا التبدل عنوانه تراجع فرنسا ومبادراتها لمصلحة قطر، التي تدخل إلى الملف اللبناني بقوة ودفع دوليين، على رأسه دعم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية.
موافقة الحزب المحتملة على هذا السيناريو عنوانها انسداد الأفق، وضيق الخيارات مع زيادة الوضع الاقتصادي تأزماً، وتحمّل الحزب مسؤولية ما يحصل منذ بدء الفراغ الرئاسي إلى اليوم، على الرغم من مساعي ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” لحقن المجتمع اللبناني بمزيد من حقن “البنج” من خلال ضبط سعر صرف الدولار الذي يستمر بالمراوحة في حدود 90 ألفاً منذ أشهر نتيجة تخلي الحكومة على الخدمات التي تقدمها إلى المواطنين اللبنانيين، وعلى رأسها الطاقة الكهربائية، وذلك من أجل “الصوم” عن الدولارات… لكن إلى متى؟
هذا الأمر قد لا يطول كثيراً وقد تنفجر الازمة مجدداً في حال لم تصل الكتل النيابية إلى تسوية تفضي إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد، يشرف على سير الإصلاحات.
التقرير السياسي
الحوار بين حزب الله وباسيل لتمرير وقت
تواصل الحوار بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في آب/ أغسطس، وهو الحوار الذي بدأه الحزب بهدف إقناع باسيل بالسير بفرنجية، بينما هدف باسيل هو الوصول إلى مرشح ثالث بخلاف مرشح المعارضة جهاد أزعور أو مرشح الحزب سليمان فرنجية، من دون أن يخفي رئيس التيار الوطني الحر احتمال التوافق مع الحزب على فرنجية في حال وافق محور الممانعة على مطلبين وضعهما باسيل من أجل الموافقة على ترشيح الفرنجية:
1 – اللامركزية الإدارية والمالية: وتعني توسيع نطاق عمل المجالس البلدية لتشمل منحها امتيازات مالية تستطيع من خلالها القيام بواجبات بالنيابة عن الإدارة المركزية، وهو مشروع تبناه وزير الداخلية الأسبق (والمرشح الرئاسي المحتمل) زياد بارود.
ويشكك مراقبون بموافقة حزب الله على هذا الشرط، وخصوصاً أن الحزب وحركة أمل يصران من سنوات على الحصول على حقيبة المالية، بينما طرح اللامركزية قد يجرد الشيعة من تلك الصلاحية التي يتمسكون بها (التوقيع الرابع لوزارة المالية بعد تواقيع رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة). ويرى المراقبون أن هذا الطرح يؤثر على الجهة الأقوى التي تمسك بمركزية القرار بمعزل عمّن تكون تلك الجهة. وبما أن هذه الجهة اليوم هي “حزب الله” فقد يصعب أن يوافق على طرح باسيل.
2 – الصندوق الائتماني: هذا الصندوق يطرح فكرة جمع أصول الدولة وممتلكاتها في سلة واحدة (الصندوق)، وكذلك يفتح المجال أمام الاستثمار بها بالشراكة بين القطاع العام والخاص، أو خصخصة بعض منها، وهي عملية تختلف عن الصندوق السيادي الخاص بالثورة النفطية والإيراد المفترضة من النفط والغاز.
وحتى هذا الشرط صعب التحقق أيضاً، لأن حزب الله وحلفاؤه لا يملكون القرار للبت بهما وإنما بحاجة إلى تشريعات تمر عبر مجلس النواب والحكومة، وسط رفض المعارضة، وكذلك تعقيدات الاستحقاق الرئاسي الذي يشبه التجارة بكل ما فيه من أخذ ورد ومصالح لهذه الفئة وتلك.
لكن بمعزل عن هذه النتيجة، ثمة سؤال يُطرح اليوم ومفاده: لماذا تراجع جبران باسيل خطوة إلى الخلف؟ وما هي الأسباب التي دفعت به للتنازل من اجل خوض حوار مع “حزب الله” قد يفرض عليه تجرّع الكأس المرّ والموافقة على فرنجية الذي كان يرفض ترشيحه منذ اللحظة الاول؟
الجواب بسيط: جبران باسيل بدأ يتلمّس احتمال تخلي “حزب الله” فعلاً عن ترشيح فرنجية، لمصلحة مرشح آخر هو قائد الجيش جوزف عون. وبين عون وفرنجية، فإن مصلحة باسيل مع الثاني باعتبار أن قائد الجيش شخصية محايدة وقادرة على خلق حيثية مسيحية كبيرة ربما تضر بشعبية باسيل، وخصوصاً أن باسيل يلمس إصراراً أميركياً – قطرياً – سعودياً على السير بقائد الجيش، باعتباره مرشح غير منغمس بفساد السلطة ويعول على وصوله من أجل تطبيق الإصلاحات.
قطر تقوى رئاسياً وفرنسا تضعف
بدأ القطريون بالتسلل إلى الملف الرئاسي بهدوء، وقد حصل ذلك بعد أن سمحت اللجنة الخماسية التي تضم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، والسعودية، ومصر وقطر، بمنح باريس مهلة من أجل نجاحها في مسعاها الرئاسي لكن المراقبين يعتبرون إن مبادراتها باءت بالفشل، خصوصاً بعد الفشل الذريع التي حققتها زيارات المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان الذي يُفترض أن يصل في أيلول/ سبتمبر لخوض جولة جديدة مع الأطراف اللبنانيين.
لم يأت لودريان حتى الآن بأي جديد، وبدا عاجزاً في إقناع الكتل النيابية بالطرح الفرنسي المرجّح لخيارات “حزب الله” التي تخص ترشيح فرنجية. فجزء كبير من الكتل النيابية المعارضة رفض الحوار الذي دعا إليه كما انتقدت لائحة الأسئلة التي توجه بها إلى بعض النواب قبل رحيله، وتسألهم عن تصورهم لمزايا المرشح الرئاسي المطلوب للبنان.
هذه الأسئلة أثارت انتقادات في أوساط الإعلام والرأي العام اللبناني واعتبرتها تدخلاً سافراً في شأن سيادي يخصّ اللبنانيين، ناهيك عن المهانة والاحراج إلى النواب حينما تسألهم جهة أجنبية عن هكذا أمر.
يقول مراقبون إنّ دخول قطر إلى “الملعب الرئاسي” اليوم بالتوازي مع المبادرات الفرنسية الفاشلة، هي محاولة لممارسة “دوريات استطلاعية” من أجل جسّ نبض النواب لتبيان حقيقة مواقفهم من ترشيح قائد الجيش الذي يبدو خياراً مقبولاً لدى الكثير من المعارضين، لكن عقدة وصوله لدى ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” اللذين لا يرفضانه لكنهما يقولان إن ترشيحه بحاجة إلى تعديل دستوري.
ويعرف “حزب الله” أن نجاح فرنجية من دون دعم خارجية لخطة الإصلاح ومساعدات ستكون خطوة غير موفقة أبداً، ولهذا بدأ يميل إلى الموافقة على عون، لاعتبارات تخص موافق الدول العربية والغربية على مساعدة لبنان. هذه الشروط تتبنى تسويقها دولة قطر، التي عادت إلى بعث الموفدين من أجل النقاش حول خيار قائد الجيش، وخصوصاً أن الدوحة تبدي استعدادها للاستثمار في لبنان. فهي شريك مع فرنسا في ملف الغاز البحري. كما ان السعودية لا تعارض خلافتها في لبنان طالما أن الرياض ما عادت مهتمة في مساعدة لبنان أو أي جهة لبنانية من خارج إطار مساعي المجتمع الدولي ومؤسساته.
نبيه برّي وحوار اللحظة الأخيرة
توازياً مع الفشل الفرنسي، حاول رئيس مجلس النواب أن يطرح مبادرة حوارية جديدة. وقد تراجع بري عن تصلبه مع تلويح الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات ضد “معرقلي انتخاب رئيس”. تلقف بري هذا الكلام وتراجع من سقط “توافق على رئيس وأخبروني حتى أدعو إلى جلسة” قبل نحو شهر إلى عتبة أخرى أعلن عنها خلال إحياء ذكرى تغييب السيد موسى الصدر في 31 آب/ أغسطس، حيث دعا جميع الكتل إلى حوار لمدة أسبوع فقط، ثم الذهاب إلى جلسات انتخابية متتالية حتى انتخاب رئيس.
لكن حتى هذه المبادرة رفضها المعارضون، واعتبروا أن بري يسير وفق أجندة “حزب الله” ولم يعد رئيساً محايداً للمجلس النيابي، وإنما طرفاً لا يمكن أن يترأس أي حوار، خصوصاً أنّ “حوار بري” المفترض مبهم وغير واضح الشروط، ولا يُعرف إن كانت الجلسات المتتالية التي يدعو إليها قابلة للتعطيل بحجة فقدان النصاب كما كل جلسة انتخاب أم لا.
عين الحلوة ومعركة السيطرة على قرار المخيم
توازياً مع الجو السياسي المشحون واحتقان الساحة اللبنانية أمنياً، انفجر في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في منطقة عين الحلوة قرب مدينة صيدا، بين تنظيم “فتح” الفلسطيني وبعض المسلحين من الجماعات الإسلامية المتشددة التي استطاعت منذ سنوات أن تتسلل إلى المخيم وتخلق لنفسها حيزاً جغرافياً ضيقاً، على أطراف المخيم.
أولى جولات القتال بدأت مطلع شهر آب/ أغسطس واستمرت لأيام، استطاع الإسلاميون الذين اغتال عناصر منهم قائد الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي و4 من مرافقيه، أن يسيطروا على مدارس تعود لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ويعطلون بذلك انطلاق العام الدراسي. هدأ القتال بعد وساطات لبنانية وفلسطينية لكن ما لبث أن عاد وتجدّد، فأحدث موجة نزوح كبيرة من المخيم وشلّ حركة الحياة في مدينة صيدا وجوارها.
تشكف المعلومات إن هؤلاء الإسلاميون يتلقون دعماً خفياً من “حزب الله” الذي يحاول محاصرة “فتح” داخل المخيمة وسلبها ورقة “اتخاذ القرار” داخل المخيم لمصلحة حركة حماس التي اتهمتها مصادر فلسطينية بتهريب أسلحة وغذاء للمتطرفين خلال القتال. وتقول المعلومات إن “فتح” تتنبه من هذا السيناريو ولهذا لم تلجأ إلى الحسم العسكري كون الملف شديد التعقيد وتدخل فيه مؤثرات محلية وإقليمية. وتقول المصادر أن “فتح” تحاول إقفال هذا الملف بأقل أضرار ممكنة ومن دون ان تخسر هيمنتها على المخيم.
معركة في أروقة مجلس الأمن بشأن اليونيفيل
توازياً مع التوتر السياسي والأمني في الداخل، كان لبنان وخلفه “حزب الله” يخوضان معركة من نوع آخر؛ معركة دبلوماسية من أجل تمرير التجديد لوجود القوات الأجنبية في لبنان (اليونيفيل) بموجب القرار 1701، من دون إخضاع القرار للتعديلات التي تطالب بها الولايات المتحدة والدول الغربية. هذه التعديلات تشمل خصوصاً منح قوات “يونيفيل” حرية التحرك في جنوب لبنان بين “الخط الأزرق” وجنوب نهر الليطاني من دون التنسيق أو العودة إلى الجيش اللبناني. هذا التعديل كانت تطالب به الولايات المتحدة وتدعمه كل من بريطانيا والإمارات العربية المتحدة التي تمثل العرب في مجلس الأمن بينما كانت روسيا والصين على الحياد.
تأخر صدور القرار نتيجة الخلاف على هذا التعديل، ونتيجة تدخل “حزب الله” للمرة الأولى بشكل مباشر والطلب من وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب بالتوجه إلى نيويورك شخصياً من أجل مواكبة قرار مجلس الأمن.
خلال المفاوضات هدد لبنان بسحب موافقته على بقاء القوات الدولية كلياً، وهو ما اضطر فرنسا إلى قيادة وساطة أفضت إلى اعتماد صيغة وسطية في نص القرار الذي تم التصويت عليه في 31 آب/ أغسطس بأغلبية 13 عضواً وامتناع كل من روسيا والصين عن التصويت، تبقي تحركات اليونيفيل من دون التنسيق مع الجيش مبهمة بعض الشيء من خلال اللعب على الكلام.
التقرير الاقتصادي
عقوبات على سلامة وعائلته ومعاونيه
فرضت كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، عقوبات على حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة، متهمة إياه بارتكاب أعمال فساد لإثراء نفسه هو وشركائه. جاء ذلك عبر قرار نشرته وزارة الخزانة الأميركية على موقعها الإلكتروني في 10 آب/ أغسطس.
ووفق البيان الأميركي فإن التحقيقات ضد سلامة تركز على عمولات فرضها البنك المركزي على البنوك التجارية عند شراء الأوراق المالية الحكومية، التي كان يذهب جزء من عائداتها إلى شركة “فوري” التي يسيطر عليها رجا شقيق سلامة، اللذين يشتبه بأنهما حصلا بشكل غير قانوني على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي بين عامي 2002 و2015.
العقوبات الغربية ضد سلامة، شكّلت صدمة لدى الرأي العام اللبناني، لأنّ سلامة كان يُعتبر رجل الولايات المتحدة الأول في لبنان. لكن يبدو أن ارتكابات سلامة في لبنان، ثم ملاحقته من القضاء اللبنانية والأوروبي على السواء شكل إحراجاً للإدارة الأميركية التي فرضت عليه تلك العقوبات بعد 10 أيام فقط على خروجه من الحاكمية في 31 تموز (يوليو). ومذاك ما زال سلامة متوارياً عن الأنظار، بينما تعجز السلطات اللبنانية عن تبليغه مواعيد جلسات استجوابه، التي يتكفل محامو الدفاع بحضورها من دون أن يُبت بأيّ من تلك الدعاوى حتى الآن، ويُشتبه بأن تكون السلطة السياسية خلف تواريه لأنّ اتهامه قد يؤدي مع الوقت إلى إثبات تورطهم معه أو أقله السكوت عن ارتكاباته طوال تلك السنوات.
التدقيق الجنائي إلى الضوء بعد تأخير طال أشهراً
تزامنت العقوبات الأميركية/ الأوروبية على سلامة، مع كشف وزارة المالية اللبنانية عن تقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، الذي أعدت شركة أميركية اسمها “ألفارس أند مرسال”. هذا التقرير أخفته وزارة المالية عن الرأي العام والصحافة لأشهر طويلة بطلب من سلامة نفسه لكن بعد رحيله ما عاد هناك من مبرر للاستمرار بذلك.
مضمون التقرير، حض الحكومة اللبنانية على اتخاذ خطوات لتخفيف المخاطر المالية الناتجة عن “سوء سلوك” مصرف لبنان، كما أشار إلى أنّ سلامة كان يتمتع بسلطة “بلا حدود” بينما انتهج سياسات هندسة مالية مكلفة بلغت قرابة 115 تريليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل 76 مليار دولار، ساعد بواسطتها سلامة المصارف.
وتسببت “الهندسات المالية” في استنزاف الأرصدة الدولارية من البنوك المحلية بأسعار فائدة مرتفعة اعتبارا من سنة 2015 للمساعدة في تمويل الدولة المثقلة بالديون. وقال التقرير إنّ مصرف لبنان أخفى خسائر بقيمة 76 مليار دولار جراء تلك الهندسة.
ودحض التقرير ادعاء سلامة بأن تلك الهندسات كانت ضرورية من أجل عدم إنهيار القطاع المصرفي وخسارة المودعين ودائعهم، وقال التقرير إن كل ما كان يقوم به سلامة هو “مخطط بونزي” خفي، لأن الهندسات كانت تعتمد على اقتراض الدولة من جديد من أجل تسديد الديون القائمة، بينما كان مصرف لبنان يقول دائماً إن هذه العمليات قانونية.
والثابت أنه على الرغم من ادعاءات سلامة، فإن القطاع المصرفي انهار بعد 4 سنوات، الأمر الذي يعني أن سلامة أنفق 76 مليار دولار من أجل شراء 4 سنوات فقط، أي كلفة كل سنة كانت قرابة 19 مليار دولار، وهي أرقام كانت كفيلة بتغيير هوية لبنان الاقتصادية وإجراء أهم ورشة اصلاح في المنطقة، وربما الحدّ مع وقع الانهيار والحفاظ على مدخرات المودعين واحتياطاته التي تبخّرت.
التقرير خلص أيضاً إلى أن سلامة دفع “عمولات غير قانونية” قيمتها 111 مليون دولار من حساب بالبنك المركزي بين 2015 و2020، موضحاً أن هذا كان استمراراً لخطة، كانت سبباً في بدء التحقيقات مع الحاكم السابق للمصرف رياض سلامة في الداخل والخارج.
كما أشارت “ألفاريز آند مارسال” في تقريرها إلى “غياب الحوكمة الجيدة بشكل عام وترتيبات إدارة المخاطر” في البنك المركزي، ودعت إلى تحسين الرقابة من أجل “تخفيف أي مخاطر مالية أخرى تنشأ عن سوء السلوك في مصرف لبنان.”
الدولة تضحي بالخدمات لاستقرار سعر الصرف
بعد أن رحل رياض سلامة من حاكمية مصرف لبنان، حل مكانه نائب الحاكم الأول وسيم منصوري الذي كان هدد باستقالته مع بقية نواب الحاكم الثلاث في حال لم تنفذ الحكومة إصلاحات يعتبرها ضرورية جداً من أجل حسن سير العمل في المصرف المركزي. هذه الاصلاحات في نظر منصوري وبقية نواب الحاكم هي، إلى جانب ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية ثم تشكيل حكومة جديد، هي:
– إقرار قانون “الكابيتال كونترول”، وكان يُفترض أن يقره البرلمان قبل 4 سنوات.
– إقرار قانون الموازنة العامة للسنوات 2023 و2024 بعجز صفر.
– إقرار قانون “الانتظام المالي” الذي ينظم بعض الإجراءات الاقتصادية في البلاد.
– إقرار قانون هيكلة المصارف باعتباره داعماً لأي إجراء يتخذه مصرف لبنان.
هذه القوانين لم تقر حتى لحظة إعداد هذا التقرير، على الرغم من تهديدات حكام مصرف لبنان الجديد، الذي عمد إلى وقف الدور الذي كان يضطلع به المصرف المركزي في ظل حاكمية سلامة. فقد أعلن منصوري في مؤتمر صحفي عقده في 25 آب/ أغسطس، عن رفض استدانة الدولة من أموال المصرف المركزي كلياً، وسمح فقط بمنح رواتب موظفي القطاع العام بعملة الدولار.
ورسم المصرف المركزي 4 أولويات بالتنسيق مع وزارة المالية من أجل مساعدة الحكومة بها حصراً وهي:
1 – دفع رواتب القطاع العام.
2 – دفع مستلزمات الجيش والقوى الامنية (محروقات وبعض اللوجستيات)
3 – دعم شراء القمح.
4 – دعم الأدوية للأمراض المستعصية.
خارج هذه الأولويات الأربعة، يرفض مصرف لبنان التدخل في السوق من أجل تأمين الدولارات، ولهذا تراجع الطلب على الدولار في السوق الموازي، فعاد سعر صرف الدولار إلى الاستقرار. مما يعني أن الدولة وافقت على تعطيل بقية خدماتها الأخرى لأنها لا تملك الدولارات من أجل تسييرها. من بين تلك الخدمات الكهرباء التي يهدد وزير الاقتصاد أنها ستتوقف نهائياً بعد نفاذ كمية الفيول الموجودة ورفض مصرف لبنان بيعها الدولارات من أجل شراء شحنات جديدة.
منصة بلومبرغ بدل صيرفة لكن بحظوظ نجاح ضعيفة
في سياق البحث عن أدوات لتثبيت سعر صرف العملة الوطنية، أعلن مصرف لبنان أعلن أنه في صدد إطلاق منصة جديدة بالتعاون مع “بلومبرغ”. وظيفة هذه المنصة تنظيم “عرض وطلب” الدولار في السوق، ويراهن مصرف لبنان عليها من أجل الشفافية في التسعير وكذلك في التخلّص من “إقتصاد الكاش” الذي يتمدد داخل بنية الاقتصاد اللبناني بعد وصوله إلى حدود 80% من حجم الاقتصاد، ويضغط المجتمع الدولي من أجل ضبط للحد من عمليات تبييض الأموال وتمويل الارهاب اللذين سيكونان عنواناً جديداً في الأشهر المقبلة، وتهدد بإدراج لبنان على لائحة منظمة FATF الرمادية.
لكن تلك المنصة مهددة هي الأخرى بالفشل، وذلك لأن شكل السوق في لبنان قائم على طلب الدولار فقط. وهذا الطلب مصدره المصرف المركزي المتعطش للدولارات من أجل تمويل الحكومة، بينما استطاع القطاع الخاص التأقلم مع الأزمة من خلال التخلي عن الليرة اللبنانية لصالح التعامل بالدولار الأميركي في كل شي، الأمر الذي يعني ان حظوظ نجاح المنصة عند إطلاقها قد تكون معدومة لأن أي جهة ستتحمس لبيع دولاراتها مقابل الليرة اللبنانية إلا بهدف المضاربة (شراء الليرات لبيعها لاحقاً من أجل كسب المزيد من الدولارات).
عمليات المضاربة هذه تتم بواسطة الأموال النقدي وليس عبر الحسابات المصرفية، بينما آلية عمل بلومبرغ تعتمد على المصارف التي يحاول مصرف لبنان تفعيلها مجدداً من خلال تلك المنصة. من يسعى إلى المضاربة لن يقصد المصارف، كما ان الشركات والمستوردين يتحاشون إخطار وزارة المالية بحجم أعمالهم التي بات أغلبها يعتمد على التهريب والتهرب الضريبي.. وكل هذا يعني أنّ جميع الأطراف لا مصلحة لها في الانخراط بعمل المنصة الجديدة، التي ستكون رقما إضافياً على أرقام سعر الصرف ما لم تشرع الحكومة اللبنانية بتنفيذ الإصلاحات الجدية من أجل إعادة لبنان على الطريق الاقتصادي الصحيح.
التقرير الثقافي
ماتيو كرم ما بعد الفاجعة
نظم “دار المصوّر”، معرض “تجاهل” للمصوّر الفوتوغرافي ماتيو كرم، بالتزامن مع حلول الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس، حاول فيه توثيق الأشهر الثلاثة الأولى عقب الفاجعة.
كرم عرض 19 صورة بالأبيض والأسود، أظهرت الحطام والأضرار في مناطق بيروتية عدّة، هي: مار مخايل، والجمّيزة، وسرسق (الأشرفية). وقد استمر المعرض، الذي افتتح في 1 آب/ أغسطس لغاية 11 منه.
مسرحية فراس العطّاس لكريم دكروب في مونو
قدّمت فرقة “مسرح الدمى اللبناني – خيال”، في 10 آب/ أغسطس، عرضاً جديداً من مسرحية “فراس العطّاس” لكريم دكروب في “مسرح مونو” بمنطقة الأشرفية.
وشارك فؤاد يمين وكاتيا دكروب في بطولة العمل الذي يروي قصة “فؤاد”، الطفل الموهوب ذو الاطلاع الواسع الذي يتهرّب من رفاقه، فيبتكر صديقاً خيالياً اسمه “فراس العطّاس”.
تقدّم المسرحية مشكلات الحياة في لبنان، من أزمة الكهرباء إلى الكوارث الطبيعية والتلوث البيئي بصيغة مُحببة للأطفال، وتطرح إشكالية الصغار الموهوبين وكيفية التعامل معهم وتفهّمهم.
طيف شكسبير يخيّم على الباشورة
نظمت “جمعية السبيل” نشاطاً ثقافياً جديداً، وذلك ضمن فعاليات “نادي القراءة”، منتصف شهر آب/ أغسطس، في “المكتبة العامة لبلدية بيروت” في منطقة الباشورة.
وخُصّص اللقاء الذي عقد في 17 آب/ أغسطس، لمناقشة مسرحية “روميو وجولييت” التي كتبها وليام شكسبير (1596 ــ 1616)، بوصفها إحدى كلاسيكيات المسرح العالمي، ومن بين أكثر أعمال الشاعر والكاتب الإنجليزي شهرةً.
وكما هو معروف، فإنّ حبكة القصة تتناول تناحر عائلتَيْ “مونتيغيو” و”كابوليت” الإيطاليتَيْن، الذي ينتج عنه قصّة حب “مأساوية”، بطلاها العاشقان “روميو” و”جولييت”.
نعيم فوعاني و15 موسيقياً في المدينة
على ألحان الأغنيات الطربية اللبنانية والمصرية، أطلّ الفنّان اللبناني نعيم فوعاني في 23 آب/ أغسطس، على خشبة “مسرح المدينة” في منطقة الحمرا، لإحياء حفلة تحمل عنوان “اسمعوني”.
فوعاني لم يكن وحيداً على المسرح، بل رافقه 15 موسيقياً وعازفاً بقيادة المايسترو هادي العزّ. كما ضمّ “الريبيرتوار” أعمالاً لبنانية اشتهرت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى مختارات مصرية محبوبة لدى الجمهور الذي قدم له فوعاني “سهرة مميزة”.
مئوية سيد درويش في مترو المدينة
استكمل مسرح “مترو المدينة” احتفاله بالذكرى الـ 130 لولادة سيّد درويش (1892-1923)، من خلال أمسية غنائية جديدة في 13 آب/ أغسطس، أحيتها غناءً ساندي شمعون وياسمينا فايد وكوزيت شديد، بمرافقة كلّ من: زياد الأحمدية (غناء وعود)، ضياء حمزة (أوكرديون)، رفاييل حداد (كمنجة)، فرح قدّور (بزق)، مجدي زين الدين وأحمد الخطيب (إيقاع).
وتحت عنوان “130 سنة سيّد درويش”، وجّه هؤلاء الفنانون تحية إلى المغني اللامع والملحن الإسكندراني عبر باقة مختارات من أعماله التي شكّلت إرثاً تناقلته ــ وما زالت تتناقله ــ الأجيال لأكثر من 100 عام.
خمسة أفلام لمنصة قافلة بين سينمائيات
من عروضها الإلكترونية الشهرية، وفّرت منصّة “قافلة بين سينمائيات” خلال شهر آب/ أغسطس، خمسة أفلام تسجيلية لمخرجات مصريات شابات “يقتربن من لحظات حميمة لا تُنسى”، وذلك وفق ما رد في تعريف المنصة عن الأفرام والمخرجات.
أما الأفلام فهي: “خلاص” لابتسام مختار، و”درامز” لناهد نصر، و”أحبّك، أكرهك” لآية المرسي، و”الطريق” لآية عبد الحميد و”حلّة محشي” لبسمة أحمد.
وهذه الأعمال هي نتاج ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي التي عُقدت في المحروسة في سنة 2020.
توقيع كتاب الصدر سحر ما فوق الغياب
أقام “دار زمكان” احتفالاً لتوقيع كتاب “الصدر: سحر ما فوق الغياب” للكاتبَيْن عبد الحليم حمّود وشادي منصور، وذلك مع ذكرى تغييب موسى الصدر التي توافق في 31 آب من كلة سنة.
يروي العمل حياة السيّد موسى الصدر (1928) في مدينة قم ثم العاصمة الإيرانية طهران، ويضم حكايات لم يسبق إدراجها في أي كتاب.
يحتفي الكتاب أيضاً بمضامين وعناوين تحقيقات عدّة، حصلت بشأن جريمة إخفائه من ليبيا إلى روما إلى لبنان، فضلاً عن أكثر من ألف صورة من مراحل مختلفة من حياته، وغيرها من المواد اللافتة.