تقرير فلسطين قطاع غزة
تقرير قطاع غزة
المقدمة
بحلول نهاية شهر نيسان/ أبريل 2024، تجاوز العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة حاجز 200 يوم من القتل اليومي بالمواد المتفجرة، أو التجويع وتدمير الرعاية الصحية والظروف المعيشية والبيئية.
وفي ظل استمرار العدوان، تزايدت حصيلة الشهداء لتصل إلى 34 ألفاً و535 شهيداً نهاية نيسان/ أبريل، فيما بلغت الإصابات 77 ألفاً و704 إصابة، بحسب وزارة الصحة. وأشارت مديرية الدفاع المدني في غزة إلى أن هناك ما يزيد على 10 آلاف مفقود تحت أنقاض وركام المباني، لم تدرج أسمائهم حتى اللحظة في سجلات وزارة الصحة، كما أعلنت أنها لم تتعرف إلا على 165 جثمان من أصل 392 ممن انتشلوا من المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوبي القطاع، عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من المكان، نظراً لتغير معالم الجثامين أو تشوهها أو تحللها بدرجة كبيرة بفعل وضع بعض الجثامين في أكياس بلاستيكية على عمق ثلاثة أمتار.
في غضون ذلك، شهد مخيم النصيرات للاجئين دماراً هائلاً في المناطق الشمالية بما في ذلك المخيم الجديد، جراء العملية العسكرية المفاجئة التي شنها الجيش الإسرائيلي مخلفاً تدمير للمساجد والأبراج السكنية ومناطق سكنية كاملة، ما أدى إلى تشرد مئات السكان من تلك المناطق.
مكتب جنيف لبرنامج الأغذية العالمي لمس أدلة معقولة على أن عتبات المجاعة الثلاث، وهي انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والوفيات، سيجري تخطيها خلال الأسابيع القليلة المقبلة في غزة.
صحياً، حذرت العديد من الجهات والمؤسسات المحلية والدولية من الظروف التي يعيشها القطاع الصحي في غزة، إن كان على صعيد المرضى أو العاملين، فمن جانب وصلت سوء الأوضاع في المستشفيات لاستخدام الأدوات ذات الاستخدام الواحد لعدة مرات، فيما يعاني المرضى من قلة الأدوية أو احتياج البعض للخروج للعلاج إلا أنه يواجه بأزمة صعوبة نظام الإجلاء، وأولوية الإصابات الخطرة على الأمراض ما أدى لوفاة بعض الحالات.
وتطرقت بعض الجهات لكارثة بعض الأمراض والأوبئة التي بدأت بالفعل بنهش أجساد الغزيين، لافتة إلى أعداد كبيرة من الوفيات ستظهر خلال الفترة القادمة حتى وإن تم الإعلان الفوري عن إطلاق النار.
ولا تزال رفح تواجه التهديدات المستمرة بالاجتياح والعملية البرية الموسعة، في ظل قصف فعلي لم يتوقف عن تلك المنطقة التي وصفها الجيش الإسرائيلي بالآمنة، بالإضافة إلى التحديات اليومية التي تواجه السكان والنازحين هناك.
وفي تقييم مؤقت أجراه البنك الدولي، فإن أكثر من 60% من المباني السكنية ونحو 80% من المنشآت التجارية لحقت بها أضرار، أو طالها الدمار في غزة، وبمعظمها أي نحو 80% منها في محافظات غزة وشمال غزة وخانيونس.
اقتصادياً، أكد الفريق العامل للاستجابة النقدية أن دخول الإمدادات التجارية لغزة بشكل محدود للغاية، والتعطيل الكامل لسلسلة الإمداد في القطاع الخاص، أدى إلى اختفاء شبه تام للأسواق المنظمة وارتفاع تقلب الأسعار.
أما على الصعيد الثقافي، فيقول خبراء أمميون إنه مع تضرر أو تدمير أكثر من 80% من المدارس في غزة، قد يكون من المعقول التساؤل عما إذا كان هناك جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو ما أسموه بالإبادة التعليمية.
التقرير السياسي
أكثر من 34 ألف شهيد و10 آلاف مفقود
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الثلاثاء 30 نيسان/ أبريل، عن ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفاً و535 شهيداً، فيما بلغت الإصابات 77 ألفاً و704 إصابة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وفي نهاية نيسان/ أبريل، رجحت المديرية العامة للدفاع المدني في غزة وجود أكثر من 10 آلاف مفقود تحت أنقاض المباني المدمرة في القصف الإسرائيلي، لم يتم انتشال جثثهم بعد.
وبحسب المديرية في بيان لها، فإن هؤلاء المفقودين غير مدرجين في إحصائية الشهداء التي تصدر عن وزارة الصحة بسبب عدم تسجيل وصول الجثامين للمستشفيات، وبالتالي يتجاوز عدد الشهداء أكثر من 44 ألفاً.
قبور جماعية في مجمع ناصر الطبي
أفاد الدفاع المدني الفلسطيني في 25 نيسان/ أبريل بأنه لم يتعرف إلا على 165 من أصل 392 جثمان، من الجثامين التي انتشلت في 19 نيسان/ أبريل، من مجمع ناصر الطبي في خانيونس جنوبي قطاع غزة، من بينها جثامين لنساء ومسنين ومرضى.
وبحسب الدفاع المدني، لم يكن بالإمكان التعرف على بقية الجثامين وعددها 227، نظراً لتغير معالمها أو تشوهها أو تحللها بدرجة كبيرة بفعل وضع بعض الجثامين في أكياس بلاستيكية على عمق ثلاثة أمتار.
ودعا الجهاز إلى إجراء تحقيق مستقل، بما يشمل فحصو الطب الشرعي على نحو 20 جثمان أفادت التقارير بأنه يعتقد أن أصحابها دفنوا وهم أحياء.
وعثر على ثلاثة قبور جماعية أحدها أمام المشرحة والثاني خلفها والثالث قرب مبنى غسيل الكلى.
من جانبها دعت اللجنة الدولية المعنية بالمفقودين إلى اتخاذ إجراء فوري، مبدية استعدادها “لدعم الجهود الرامية إلى حماية القبور الجماعية والتحقيق بشأنها وتحديد هوية الجثث بصورة موثوقة.”
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن بعض الجثامين التي تم العثور عليها كانت مكبلة الأيدي ومجردة من الملابس.
ولفت إلى أن مكان وجود نحو 2000 شخص يعتقد أنهم كانوا موجودين في المستشفى حين اقتحمه الجيش الإسرائيلي في 14 شباط/ فبراير، لا يزال مجهول.
عملية إسرائيلية مفاجئة في مخيم النصيرات
شهد مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة قصفاً عنيفاً خلّف عشرات الشهداء والإصابات ودماراً هائلاً لحق بالأبنية السكنية والبنية التحتية، خلال ما أسماه الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية على المخيم.
وكانت المناطق الشمالية من المخيم الذي يحوي أعداد كبيرة من النازحين، شهدت منذ مطلع نيسان/ أبريل تحركاً للآليات الإسرائيلية ليطال القصف معظم أرجاء المخيم، إلا أن العملية تركزت في شماله بما فيه منطقة المخيم الجديد.
وأشار أهالي المخيم في حينها إلى أن القصف العنيف كان من قبل الطيران والزوارق الحربية والدبابات، بالإضافة إلى انتشار طائرات الكواد كابتر التي كانت تطلق النار في شوارع المخيم وباتجاه أي شخص، بالإضافة لإطلاقها أصوات بكاء الأطفال وصراخ النساء وأغاني بالعبرية خلال ساعات الليل لبث الرعب في صفوف السكان.
وأشارت تقديرات إلى أن عملية الجيش الإسرائيلي جاءت لتوسيع وتأمين منطقة تمركزها في محور “نتساريم” الفاصل بالعرض بين المناطق الشمالية والجنوبية في القطاع، وهو الذي شهد مؤخراً احتداماً في المواجهة بين المقاومة بالمنطقة الوسطى وجيش الاحتلال، حيث تعرضت قواته عدة مرات في تلك المنطقة لقذائف الهاون.
العملية التي استمرت لأكثر من أسبوع في المخيم، أدت إلى تدمير عشرات الأبراج السكنية وألحقت دماراً كبيراً في منطقة المخيم الجديد، حيث مسحت معظم أبراج الصالحي بالإضافة لأبراج بمنطقة الزهراء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في 11 نيسان/ أبريل، عن بدء عملية برية في وسط قطاع غزة، مستهدفاً مخيم النصيرات للاجئين، علماً بأنه بدأ العملية بالفعل وكثّف من القصف بشكل مفاجئ قبل ذلك.
وقادت العملية الفرقة 162، فيما شهدت العملية تعاوناً بين قوات المناورة وسلاح الجو، وتم تنفيذها بالتعاون مع وحدات من اللواء 401 والنحال، بالإضافة لقوات البحرية التي شنت هجمات باتجاه المنطقة الساحلية.
وبحسب مصادر محلية في المخيم، فإن المنطقة شهدت أحزمة نارية شمالي المخيم واستهدافات طالت مساجد مجاورة، بالإضافة إلى تحركات لآليات الاحتلال، وتدمير كبير للأبراج السكنية، كما طال القصف مدرسة الأونروا الابتدائية للبنين (ب) والبنات (أ) في المخيم الجديد، وبحسب الدفاع المدني إن طواقمه لم تتمكن من دخولها علماً بأن أعداد كبيرة من النازحين تحتمي فيها.
المكتب الإعلامي الحكومي، قال إن قوات الاحتلال استهدفت 3 صحفيين خلال تغطيتهم في المخيم، الجمعة 12 نيسان/ أبريل، ما أدى لبتر ساق الصحفي سامي شحادة وإصابة آخرين.
ومع اشتداد القصف على المخيم، اضطر أهالي مخيم جديد والمناطق الشمالية للهروب تحت القصف والقذائف التي لم تتوقف لأيام، ومعظم العائلات لم تتمكن من اصطحاب أو إنقاذ أي شيء من منازلها بما فيها الأوراق الثبوتية، بحسب السكان.
أدلة على اجتياز عبات المجاعة
حذر مكتب جنيف لبرنامج الأغذية العالمي من أنه ثمة أدلة معقولة على أن عتبات المجاعة الثلاث، وهي انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والوفيات، سيجري تخطيها خلال الأسابيع القليلة المقبلة في غزة.
جاء ذلك في إحاطة صحفية قدمها مدير المكتب جيان كارلو سيري في 24 نيسان/ أبريل خلال حفل إطلاق التقرير بشأن أزمة الغذاء العالمية لسنة 2024، الذي أصدرته الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية.
ويشير التحذير إلى أن بعض الأشخاص باتوا يموتون بالفعل بسبب الجوع، وبحسب النظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي تقع المجاعة عندما يواجه ما لا يقل عن 20% من السكان في منطقة معينة نقص حاد في الغذاء، ويعاني 30%على الأقل من الأطفال من سوء التغذية الحاد، فيما تتجاوز الوفيات التي تنجم عن الجوع المباشر أو التفاعل بين سوء التغذية والمرض شخصين من كل 10 آلاف شخص في اليوم.
ويقول سيري إنه بعد ما يقرب من سبعة أشهر من القصف الإسرائيلي، استنفد الناس في غزة جميع استراتيجيات التأقلم للوفاء ولو بأبسط احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، وهذه تشمل تناول علف المواشي أو التسول أو بيع المقتنيات من أجل شراء الطعام.
وبحسب تقرير الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية إنه من المحتمل أن عتبة المجاعة الناجمة عن سوء التغذية الحاد بين الأطفال قد جرى تجاوزها في شمال غزة بحلول منتصف آذار/ مارس، ومن المتوقع أن تتعداها في مناطق أخرى من القطاع بحلول أيار/ مايو.
وبحسب مجموعة التغذية، يعاني 31% من الأطفال تحت سن الثانية في شمال غزة من الهزال الوخيم، ويتعرض أكثر من 346 ألف طفل تحت سن الخامسة لأقصى درجات خطر سوء التغذية والوفاة التي يمكن منعها.
كبيرة الناطقين الرسميين باسم برنامج الأغذية العالمي، عبير عطيفة، شددت في إحاطة للبرلمان الأوروبي على أن الطريقة الوحيدة لوقف المجاعة في غزة هي بالبدء في تقديم مساعدات غذائية كبيرة ومنتظمة في ظروف تسمح للعاملين في المجال الإنساني وللإمدادات وللتنقل بحرية وللناس بالوصول لهذه المساعدات بأمان.
كوارث صحية على جميع الأصعدة
قالت جمعية العون الطبي للفلسطينيين إن الأطباء مجبرون الآن على إعادة استخدام المعدات الطبية ذات الاستخدام الواحد، ففي بعض الحالات لجأوا إلى استخراج المثبتات الخارجية التي تثبت العظام المكسورة معاً، من الأفراد المتوفين واستخدامها لعلاج المرضى الأحياء.
كما أشارت إلى أن النقص في مسكنات الألم القوية وكريمات الستيرويد ومراهم المضادات الحيوية يعيق علاج الأمراض البسيطة، ويجبر الأطفال على تحمل جراحات إنقاذ الأطراف دون أي عقاقير لتخفيف الألم بشكل كاف، بحسب منظمة إنقاذ الطفولة.
وفي تقرير صدر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أشار للمرضى الذين يعانون من أمراض الدم والاضطرابات الوراثية في ظل نقص حاد في الأدوية، حيث توفي 18 مريضاً بالتلاسيميا منذ بداية العدوان، والبعض في حالة حرجة، فيما أدى نقص الأدوية وتركيبات الحليب العلاجية والفيتامينات إلى تعريض حياة مرضى التليف الكيسي للخطر.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن التأخيرات الشديدة عند الحواجز والقتال المستمر، أدت إلى عدم اكتمال البعثة المقررة من قبلها وشركائها لمستشفيي كمال عدوان والعودة في 20 نيسان/ أبريل، إلا جزئياً.
ولم تتمكن المنظمة من تسليم الوقود واللوازم الطبية لمستشفى كمال عدوان للمرة الثانية على التوالي في غضون سبعة أيام، ولم يتسن إجراء تقييمات للاحتياجات للمساعدة في استعادة الخدمات لمستشفى العودة.
وبحسب تقرير مجموعة الصحة، فإن السلطات الإسرائيلية لم توافق إلا على 54% من الحالات التي تستدعي الإخلاء الطبي (5263 حالة من أصل 9817 حالة)، ومن بين جميع المرضى الذين تمت الموافقة عليهم، تم إجلاء 82 % منهم خارج غزة (4325).
ولم يتسن بعد إجلاء النسبة المتبقية بسبب القيود المفروضة على حركة الأفراد الذي قد يرافقونهم. وتشمل القيود العمرية التي حالت في بعض الأحيان دون عمليات الإجلاء الضرورية للأطفال حديثي الولادة، واشتراط حصول المرافقين على جوازات سفر، وذلك في سياق فقد فيه ما يقدر بنحو 30% إلى 40% من الأشخاص في غزة وثائق هويتهم أثناء النزوح، بحسب مجموعة الحماية.
ويشير التقرير كذلك إلى أن معايير اختيار المرضى الذين يمكن إجلاؤهم لا تزال غير واضحة، حيث تمت الموافقة على إجلاء 8% فقط من المرضى الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و60 عام، مقارنة بنسبة 74% من النساء من نفس الفئة العمرية.
ونتيجة لإجهاد موارد الإجلاء، تعطى الأولوية لإجلاء المصابين على الأفراد الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي وأمراض القلب، ما أدى لعواقب مأساوية، حيث أشارت مجموعة الصحة إلى أن 9 أطفال كانوا بحاجة ماسة لغسيل الكلى توفوا في شباط/ فبراير في ظل انتظارهم لعمليات الإجلاء.
وأفاد تقرير لمجموعة الصحة أن نحو 485 ألف شخص في غزة كانوا يعانون من اضطرابات نفسية قبل اندلاع الحرب، ومع مرور أكثر من 200 يوم من العنف والدمار المستمرين أدى ذلك إلى تفاقم الاحتياجات النفسية والاجتماعية، لا سيما ما يزيد عن مليون طفل.
وتقدر اليونسيف أن هؤلاء الأطفال بحاجة لخدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.
وشددت منظمة أطباء بلا حدود على تأثير الحرب على الصحة النفسية للعاملين في مجال الرعاية الصحية في غزة.
وذكر تقرير المنظمة نقلاً عن العاملين الصحيين تلقيهم أعداد كبيرة من الضحايا بأطراف مهشمة وحروق ناجمة عن الانفجارات، كما اضطروا لإجراء عمليات بتر دون تخدير أو مسكنات ألم كافية، وفي بعض الحالات أجبروا على إخلاء المستشفيات جراء القصف أو انعدام الأمن تاركين خلفهم المرضى بشكل مأساوي.
وجاء بشأن ظروفهم أيضاً “إنهم في حالة تأهب دائم، غير قادرين على النوم لأنهم يعتقدون أنهم سيموتون في أي لحظة، وأنهم إذا ناموا فلن يتمكنوا من التصرف بسرعة والهروب أو حماية أسرهم.”
وبحسب وزارة الصحة، استشهد 491 عاملاً صحياً في غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
هذا وحذرت لجنة الإنقاذ الدولية مع استمرار التهاب الكبد الوبائي (أ) وغيره من الأمراض في الانتشار، من أن ستة أشهر من الحرب عطلت دورات التطعيم الأساسي، ما أدى لضعف مناعة الأطفال ضد التهاب الكبد الوبائي (ب) وشلل الأطفال والفيروس العجلي.
وتشير توقعات كلية لندن لعلم الصحة والطب المدارس ومركز جونز هوبكنز للصحة الإنسانية إلى أن أوبئة مثل الكوليرا وشلل الأطفال والحصبة والتهاب السحايا بالمكورات السحائية، قد تسبب أعلى معدل للوفيات في غزة في حال وقوعها، بما يشمل الوفيات التي تحدث في سيناريو يشهد وقفاً فورياً لإطلاق النار، حيث يتوقع أن يقع نحو 11% من الوفيات المقدرة بسبب الأمراض الوبائية بين الأطفال تحت سن 59 شهراً في الفترة الواقعة بين يومي 7 شباط/ فبراير و6 أنبسان/ أبريل.
رفح على صفيح ساخن
يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه واستهدافه في رفح جنوبي قطاع غزة، والتي وصفها منذ بداية العدوان بالمنطقة الآمنة التي أجبر السكان للنزوح إليها ما كدس فيها نحو مليون شخص.
ولا تزال التهديدات تحيط بالسكان والنازحين في رفح منذ بداية العدوان، والتي يلوح بها الاحتلال من وقت لآخر بشأن شن عملية برية واسعة النطاق.
وقد حذرت سيغريد كاغ، كبيرة منسقة الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار في غزة، مجلس الأمن من أن شن عملية برية إسرائيلية في رفح، من شأنه أن يفاقم الكارثة الإنسانية القائمة، ويخلف عواقب على النازحين بالفعل والذين يواجهون المصاعب والمعاناة الشديدة.
وأشارت كاغ إلى أن العملية ستعيق قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة.
وفي سياق التحديات المتزايدة التي تواجه الأهالي في رفح، في 29 نيسان/ أبريل أبلغت مصلحة مياه بلديات الساحل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن نقص إمدادات الكهرباء لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي في رفح قد أدى لفيضان مياه الصرف.
وفي وقت سابق حذرت الصحة في غزة من أن توقف مختبر الصحة العام والقيود الإسرائيلية المفروضة على دخول مادة الكلور، قد أعاق القدرة على فحص مياه الشرب وتطهيرها، ما أدى لجعل المياه غير آمنة مما يعرض حياة السكان للخطر.
شمال غزة وخانيونس الأكثر تضرراً
أفادت منظمة إنقاذ الطفولة الدولية عقب زيارة بعثة تقييم لخانيونس جنوبي القطاع في 25 نيسان/ أبريل، بأن المنطقة أصبحت “مدينة أشباح”، مشددة على أن كل مبنى شاهدوه كان إما متضرر بشدة أو أنقاض على الأرض.
وفي تقييم مؤقت أجراه البنك الدولي، أشار إلى أن أكثر من 60% من المباني السكنية ونحو 80% من المنشآت التجارية لحقت بها أضرار، أو طالها الدمار في غزة، ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وكانون الثاني/ يناير 2024، والغالبية العظمى من هذه الأضرار أي نحو 80% منها في محافظات غزة وشمال غزة وخانيونس.
وأشار تحليل أولي مشترك أجراه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أنه يوجد ما يقرب من 37,5 مليون طن من الأنقاض التي خلفها النزاع في شتى أرجاء غزة، وتمثل الطرق المتضررة 3,2 مليون طن من هذا المجموع.
ويذكر التقرير أن أكبر قدر من الأضرار والدمار وقع في المناطق الشمالية، حيث تراكم أكثر من 15 مليون طن من الأنقاض في محافظة غزة، ونحو 9 ملايين طن في شمال غزة، ونحو 8 ملايين طن في خانيونس، يليها دير البلح أكثر من مليوني طن، فيما تبلغ رفح 509 آلاف طن.
وتفيد دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، بأن جزء كبير من الحطام يحتوي على ذخائر غير منفجرة، وعلى الرغم من استحالة تحديد العدد الدقيق للذخائر غير المنفجرة في شتى أرجاء غزة، إلا أن هناك معدل فشل يصل إلى 10% على الأقل من الذخائر التي تطلق وتفشل في أداء وظيفتها.
ويستغرق الأمر ما يصل إلى 14 عاماً لإزالة جميع مخاطر المتفجرات لجعل غزة آمنة مرة أخرى، بحسب المنظمة الأممية.
التقرير الاقتصادي
غلاء المعيشة 165%
أفاد الفريق العامل للاستجابة النقدية بأن دخول الإمدادات التجارية لغزة بشكل محدود للغاية، والتعطيل الكامل لسلسلة الإمداد في القطاع الخاص، أدى إلى اختفاء شبه تام للأسواق المنظمة وارتفاع تقلب الأسعار.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إن مؤشر غلاء المعيشة ارتفاع بنسبة 165% منذ بداية العدوان، وسجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً بنسبة تزيد عن 25% خلال آذار/ مارس مقارنة بشهر شباط/ فبراير، فيما انخفضت القوة الشرائية بنسبة 62%.
وبحسب التقرير فإن النزوح وانعدام البنية التحتية أدى إلى خفض عدد الوكلاء الماليين المتاحين للسكان لتلقي المساعدات النقدية، وخصوصاً في شمال غزة. كذلك يعاني القطاع من نقص السيولة لا سيما جنوب غزة، بسبب عدم قدرة البنوك على تحويل الأموال النقدية بين الفروع.
التقرير الثقافي
إبادة تعليمية في غزة
قال خبراء أمميون إنه مع تضرر أو تدمير أكثر من 80% من المدارس في غزة، قد يكون من المعقول التساؤل عما إذا كان هناك جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم الإبادة التعليمية.
ويرى الخبراء، أن “الإبادة التعليمية” تشير إلى المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.
وبحسب التقرير الأممي، استشهد منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أكثر من 5479 طالب و261 معلم و95 أستاذ جامعي، فيما أصيب أكثر من 7819 و756 معلم، مع تزايد الأعداد كل يوم.
ولم يتمكن ما لا يقل عن 625 ألف طالب من الحصول على التعليم، بحسب البيان.
ولحق الدمار والأضرار بـ 195 موقع تراثي، بما في ذلك الأرشيف المركزي لغزة الذي يحتوي على 150 عام من التاريخ، بالإضافة إلى 227 مسجد وثلاث كنائس، بالإضافة لتضرر أو تدمير 13 مكتبة عامة.
وأشار بيان الخبراء إلى أن الهجمات ليست حوادث معزولة، إنما تمثل نمط ممنهج من العنف يهدف لتفكيك أسس المجتمع الفلسطيني، وقالوا “عندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك، وأضاف البيان: “إن أسس المجتمع الفلسطيني تتحول لأنقاض ويتم محو تاريخه.”