تقرير فلسطين قطاع غزة
تقرير قطاع غزة
المقدمة
واصل الجيش الإسرائيلي في شباط/ فبراير عدوانه على سكان قطاع غزة الذي بدأه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مخلفاً عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، وتدمير معظم الوحدات السكنية والإدارية في القطاع ما يعني انعدام إمكانية عودة النازحين إلى منازلهم.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة حصيلة شهداء العدوان في نهاية فبراير/ شباط بارتفاع إلى 30,228 شهيداً، و71,377 جريحاً.
وارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة بحق المدنيين العزل، أثناء محاولة سكان شمالي القطاع الحصول على معونات كانت في طريقها للشمال، حيث تجمع الأهالي في منطقة دوار النابلسي على شارع الرشيد، فاستهدفهم الجيش بإطلاق الرصاص والقصف ما أدى لارتقاء أكثر من 100 شهيد.
وتبع ذلك إدانات دولية وعربية وإسلامية، فيما تعددت روايات الجانب الإسرائيلي حول ما حدث للتشكيك في مسؤولية جيشه، وكذلك ساندت الولايات المتحدة هذا التشكيك بمطالبتها بالتحقيق لمعرفة خلفية ما حدث.
وتشهد الأوضاع الصحية ظروفاً صعبة في ظل تهالك النظام الصحي، فحسب منظمة الصحة العالمية إنه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحتى 12 شباط/ فبراير تعرضت منظومة الرعاية الصحية في شتى أرجاء غزة لـ 378 هجمة، ما ألحق الأضرار بـ 98 منشأة صحية و98 سيارة إسعاف.
وأفادت الصحة في غزة مع نهاية الشهر بخروج مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء وشح الوقود اللازم لتشغيل المولد، وهو المستشفى الرئيسي الذي يقدم خدمات للأطفال وخدمات رعاية الأمومة في شمال غزة، وقد تعرض لأضرار جسيمة.
في اليوم ذاته أعلنت الصحة عن وفاة ستة أطفال رضع في مناطق شمالي قطاع غزة، نتيجة لسوء التغذية والجفاف.
واستكمالاً لمحاولات التوصل لتفاهمات تؤدي للتوافق على وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، اجتمعت أطراف التفاوض في باريس خلال فبراير/ شباط، لتصل إلى مسودة مقترح اعتبرت هي الأكثر جدية منذ بداية التفاوض، لكنها لم تثمر عن أي نتائج في نهاية الأمر، علماً بأن المحاولات تدور حول إمكانية التوصل لاتفاق هدنة قبل بداية شهر رمضان، في ظل ضغوط متواصلة على المقاومة للقبول بما يجري طرحه.
ويواصل الجيش الإسرائيلي إجبار الأهالي على عمليات النزوح من مكان لآخر في القطاع، حيث قام خلال الشهر بتهديد أهالي حي الزيتون وأحياء أخرى في مدينة غزة لإخلاء مناطقهم والتوجه إلى شارع الرشيد ومنه إلى منطقة المواصي جنوب القطاع، وبعد استجابتهم لتعليمات الجيش ورفعهم الرايات البيضاء قامت دبابات الاحتلال باستهداف المئات منهم أثناء نزوحهم عند حاجز وادي غزة متجهين للجنوب.
سياسياً، طالب رؤساء اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الأممية بالاتفاق وتنفيذ عشرة مطالبات أوردوها في بيان لهم، لتجنب وقوع كارثة في غزة، مؤكدين عدم وجود مكان آمن في القطاع.
وتمحورت مطالبات اللجنة حول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، بالإضافة لمطالبات لوجستية وتفاهمات لتمكن المؤسسات الدولية من تقديم العون والقيام بعملها الإغاثي والإنساني في القطاع بما يشمل مناطق الشمال دون عوائق، لتجنب وقوع كارثة أسوأ مما هي عليه.
اقتصاديا، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إنه يلوح في الأفق خطر المجاعة من صنع الإنسان، في ظل عدم تمكن الوكالة الأممية من إيصال الغذاء لشمال غزة منذ أواخر كانون الثاني/يناير، فيما أوقفت منظمة الصحة العالمية إدخال المساعدات لشمال القطاع بعد يومين من استئناف عملياتها.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا”، أن خطر الموت جوعاً آخذ في الارتفاع في غزة، مما يؤثر بشكل متناسب على الأطفال والنساء الحوامل، ويتفاقم بسبب عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية، وانقطاع إمدادات الطاقة والوقود، بالإضافة لتدمير إنتاج الأغذية والزراعة.
وأكد تقرير للبنك الدولي أن النشاط الاقتصادي في غزة قد توقف تماماً، وكل واحد من سكانها سيعيش في دائرة الفقر، على المدى القصير على الأقل، مشيراً إلى أن الاقتصاد الفلسطيني شهد إحدى أكبر الصدمات في التاريخ الحديث.
وشهدت أجواء قطاع غزة عدة عمليات إنزال جوي محملة بمساعدات، خلال شباط/ فبراير، نفذتها كل من الأردن ومصر والإمارات، إلا أنها تركزت في مناطق أقرب للجيش الإسرائيلي وفي نطاق الاستهداف بما لا يدع مجال للأهالي من الوصول لها، وبعضها سقط في البحر وآخر في المستوطنات في مناطق محيط القطاع، واستهدف الجيش الأهالي في معظم مناطق سقوط المساعدات.
ويذكر مراقبون أن ما تشمله عمليات الإنزال بمجملها يعادل حمولة نحو شاحنتين ما يعني عدم جدوى هذه العملية خاصة في ظل الاستهداف الإسرائيلي للمساعدات والأهالي، في حين يجدر تركيز العمل على إدخال المساعدات عبر شاحنات من خلال معبر رفح.
على الصعيد الثقافي، قدر صندوق النقد الدولي خسائر قطاع التعليم في غزة جراء الهدم والتدمير وتضرر 70% من المدارس والجامعات فيها، بما يفوق 720 مليون دولار، في حين قدر المرصد الأورومتوسطي الخسائر المادية التي لحقت بالجامعات جراء التدمير وحده بما بفوق 200 مليون دولار.
وأكد الأورمتوسطي أن الهجمات العسكرية الإسرائيلي أدت لتعطيل العملية التعليمية في القطاع بالكامل، إن كان من خلال التدمير المادي للمؤسسات التعليمية أو باستهداف طواقمها وكوادرها بما يشمل رؤساء جامعات ومحاضرين بدرجات علمية مختلفة.
التقرير السياسي
عدد ضحايا العدوان الإسرائيل أكثر من 30 ألفاً
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة في نهاية شهر فبراير/ شباط، عن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 30,228 شهيداً، و71,377 جريحاً، وذلك منذ بداية العدوان في أعقاب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
"مجزرة الطحين" جريمة مريعة بحق الباحثين عن الطعام
شهد يوم الخميس 29 شباط/ فبراير، مجزرة على شارع الرشيد (البحر) غرب مدينة غزة، أثناء مرور شاحنات مساعدات في طريقها إلى المدينة ومناطق شمالي القطاع في ظل التجويع والحصار الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي على السكان، ما دفعهم للتجمع على شارع الرشيد بمنطقة دوار النابلسي بانتظار المساعدات خوفاً من عدم تمكنهم الحصول عليها فيما بعد، لتفتح الدبابات الإسرائيلية نيرانها على المتجمعين وتوقع أكثر من 100 شهيد وقرابة 800 جريح، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في حينه.
وبرر الجيش الإسرائيلي في بيان نشره جريمته بأن جنوده “شعروا بالتهديد لحياتهم”، وكشف كذلك عن تنفيذ قواته عمليات دهس في شارع الرشيد، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
ونشرت العديد من وسائل الإعلام شهادات ممن نجوا أكدوا فيه استهدافهم من قبل جيش الاحتلال أثناء انتظارهم وصول المساعدات.
واستجلبت المجزرة إدانات دولية، فقال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الخميس 29 شباط/ فبراير، في تعقيبه على جريمة مجزرة الرشيد إن “مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية في غزة مسألة تتطلب تحقيقاً مستقلاً وفعالاً”، معبراً عن صدمته من أحداث تطورات الحرب.
وفي السياق ذاته، أعرب منسق الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة مارتن غريفيث عن شعوره بالفزع بعد إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الفلسطينيين أثناء انتظارهم تسلم المساعدات في قطاع غزة المحاصر. وأضاف في تصريحه إنه “حتى بعد نحو 5 أشهر من الأعمال العدائية المتوحشة، لا تزال هناك صدمات جديدة في غزة”، وتابع “لقد روعتني التقارير التي تفيد بمقتل وإصابة مئات الأشخاص أثناء نقل إمدادات المساعدات بمدينة غزة.”
وندد المفوض الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل، وأكد أن حرمان الناس من المعونة الغذائية يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني. وقال عبر منصة “إكس”: “أشعر بالهلع من التقارير عن مذبحة أخرى بين المدنيين في غزة الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية”، مطالباً بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق.
وقالت وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي إن ما حدث في غزة يوم الخميس كابوس، ويجب ضمان إرسال مساعدات دولية للقطاع وحماية من سيحصلون عليها.
كما ندد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بما حدث، قائلاً: “إن الطبيعة غير المقبولة لما حدث في غزة، حيث يموت العشرات من المدنيين الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الطعام، تؤكد الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار”، مؤكداً على وجوب إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وضرورة احترام القانون الإنساني الدولي.
وعلى الصعيد العربي والإسلامي، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن “ذلك الاستهداف مجزرة بشعة وجزء لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة الاحتلال ضد شعبنا لإخلاء كامل منطقة شمال قطاع غزة من المواطنين.”
وأدانت مصر الاستهداف الإسرائيلي واعتبرته جريمة مشينة وانتهاكاً صارخاً، مطالبة الأطراف الدولية الرئيسية ومجلس الأمن بوقف إطلاق النار، وتحمل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية بوقف الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
كذلك أدانت كل من الأردن والعراق الاستهداف الإسرائيلي، مطالبة المجتمع الدولي باستخدام كافة الوسائل الممكنة كافة لحماية الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أزمة إنسانية خطرة.
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط المجزرة، مناشداً القوى الدولية تكثيف الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف المذابح اليومية، والانصياع للقانون الدولي.
وأعرب كل من مجلس التعاون الخليجي ورابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي عن إدانتهم الشديدة للاستهداف، مجددين دعوتهم الملحة للمجتمع الدولي للتدخل العاجل من أجل وقف جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين.
وأدانت قطر بأشد العبارات ارتكاب الجانب الإسرائيلي مجزرة جديدة في غزة، مطالبة بالتحرك الدولي العاجل لإنهاء العدوان على القطاع فوراً، حسب بيان الخارجية القطرية.
وعبرت السعودية عن إدانة واستنكار شديدين للاستهداف الإسرائيلي لتجمع المساعدات، مؤكدة رفضها القاطع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني من أي طرف وتحت أي ذريعة.
وأدانت الإمارات أيضاً الاستهداف الإسرائيلي مطالبة بتحقيق مستقل وشفاف ومعاقبة المتسببين، محذرة من الوضع الإنساني الكارثي بالغ الحساسية والخطورة في غزة، حسب بيان خارجيتها.
واعتبرت الكويت الاستهداف الإسرائيلي جريمة جديدة اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من المدنيين الفلسطينيين العزل.
أوضاع صحية متهالكة وسوء التغذية يقتل الأطفال
أفادت وزارة الصحة في غزة في يوم 28 شباط/فبراير بأن مستشفى كمال عدوان شمالي غزة قد خرج عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء وشح الوقود اللازم لتشغيل المولد.
وحسب منظمة اليونيسف إنه المستشفى الرئيسي الذي يقدم خدمات للأطفال وخدمات رعاية الأمومة في شمال غزة، وقد تعرض لأضرار جسيمة.
وأعلنت الوزارة في اليوم ذاته أن ستة أطفال رضع في مناطق شمالي قطاع غزة، توفوا نتيجة لسوء التغذية والجفاف.
وأشارت التقارير إلى ارتفاع في حالات فقر الدم بين النساء الحوامل في عيادة مشروع الأمل في دير البلح وسط القطاع، وظهرت علامات سوء التغذية على 21% من أصل 416 امرأة من النساء الحوامل اللواتي ذهبن للعيادة في الفترة الواقعة بين (5-24) شباط/ فبراير، وعلامات سوء التغذية ناجمة عن نقص البروتين والحديد والمغذيات الدقيقة الأخرى، والتي يمكن أن تزيد من خطر حدوث نزيف ما بعد الولادة الذي يهدد الحياة، والولادات المبكرة، وولادة أطفال يعانون من انخفاض الوزن.
في ذات السياق، يفيد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن المواليد الجدد يموتون في غزة، لأن أمهاتهم لا يستطعن متابعة فحوصات ما قبل وما بعد الولادة، في حين تفضي عمليات القصف المستمر والفرار من أجل السلامة والتوتر إلى وضع المواليد قبل أوانهم.
وتستقبل النقطة الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا شمالاً متوسط يومي يتراوح من 100 إلى 150 حالة من التهاب الكبد الفيروسي (أ)، والعديد من حالات الأمراض الجلدية المعدية.
وفي يوم 24 شباط/ فبراير، أخلت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والأمم المتحدة 24 مريضاً من مستشفى الأمل في خانيونس جنوب القطاع، من بينهم امرأة حامل وأم ومولود جديد، في الوقت الذي كانت تعتبر المستشفى محوراً للعمليات العسكرية لمدة تزيد عن شهر، والذي قد توقف عن العمل بفعل عدة هجمات شنها الجيش الإسرائيلي أسفرت عن عشرات الشهداء.
ويشير الفريق القُطري الإنساني في فلسطين في بيانه إنه على الرغم من التنسيق المسبق لجميع الموظفين والمركبات مع الجانب الإسرائيلي، عرقلت القوات الإسرائيلية القافلة التي قادتها منظمة الصحة العالمية لساعات طويلة منذ اللحظة التي غادرت فيها المستشفى.
كما أجبر الجيش الإسرائيلي المرضى والموظفين على الخروج من سيارات الإسعاف وجرّد جميع المسعفين من ملابسهم، ثم اعتقل ثلاثة من المسعفين لدى الهلال الأحمر على الرغم من تقديمهم بياناتهم الشخصية للقوات الإسرائيلية سلفاً، فيما أجبرت من تبقى في القافلة على الانتظار لمدة زادت عن سبع ساعات، وأفرجت عن أحد المسعفين.
وجاء في البيان أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد تعرضت قوافل المعونات لإطلاق النار ومنعت من الوصول للأشخاص المحتاجين على نحو ممنهج، كما تعرض العاملون في المجال الإنساني للمضايقات أو الترويع أو الاحتجاز على يد القوات الإسرائيلية، وقصفت البنية التحتية الإنسانية.
وقبل الحادثة المذكورة، يشير البيان إلى أن أفراد من أسر موظفي منظمة أطباء بلا حدود استشهدوا في هجوم شنته القوات الإسرائيلية على مجمّع يقع خارج دائرة النزاع، حيث كان الموظفون وأسرهم نائمون.
ويشير البيان إلى أن “القصور في تيسير تقديم المعونات في شتى أرجاء غزة يعني أن العاملين في المجال الإنساني يتعرضون لخطر غير مقبول ويمكن منعه، والذي يتمثل في احتجازهم أو إصابتهم أو ما هو أسوأ من ذلك، مما يتركنا عاجزين نحن وشركاؤنا عن الوصول بأمان إلى شمال غزة وإلى المناطق في جنوب غزة بصورة متزايدة.”
وحسب البيان، اضطرت الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني إلى ترك 31 مريضاً ليسوا في حالة حرجة في مستشفى الأمل.
وحسب منظمة الصحة العالمية، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، سجل 161 ضحايا من موظفي الأمم المتحدة، وبين السابع من تشرين الأول/ أكتوبر و12 شباط/ فبراير تعرضت منظومة الرعاية الصحية في شتى أرجاء غزة لـ 378 هجمة، ما ألحق الأضرار بـ 98 منشأة صحية و98 سيارة إسعاف.
تعثر الموافقة على مسودة اتفاق هدنة في باريس
اجتمعت أطراف التفاوض خلال شهر شباط/ فبراير في العاصمة الفرنسية باريس، والتي تتمثل في الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة ومصر وقطر، لإجراء مباحثات للتوصل لاتفاق هدنة في غزة، لتقدم في نهاية الأمر مسودة مقترح تعثرت الموافقة عليها لاحقاً.
وبحسب وكالة رويترز، مسودة المقترح هي الخطوة الأكثر جدية منذ أسابيع لإنهاء القتال، وخصوصاً أنها تأتي قبل شهر رمضان، وبناء على ما قدمه المصدر لوكالة رويترز، تستمر المرحلة الأولى من الاتفاق وفقاً لمسودة المقترح لمدة 40 يوماً، ويكون إجمالي نسبة مبادلة المعتقلين بالرهائن عشرة إلى واحد.
ويشمل المقترح وقف الجانبين عملياتهما العسكرية بشكل كامل، ووقف عمليات الاستطلاع الجوي فوق غزة لمدة ثماني ساعات في اليوم، على أن يكون إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين من النساء والأطفال دون 19 عاماً ومن هم فوق 50 عاماً والمرضى مقابل عدد محدد من المعتقلين الفلسطينيين.
ويكون التبادل مقابل 40 رهينة مدرجين في الفئة الإنسانية السابقة، سيجري إطلاق سراح ما يقرب من 400 معتقل فلسطيني وفقاً لنسبة عشرة معتقلين للرهينة الواحدة.
واشترطت المسودة أيضاً عودة جميع المدنيين النازحين تدريجياً باستثناء الذكور في سن الخدمة العسكرية إلى شمال قطاع غزة.
وبعد بداية المرحلة الأولى، سيعيد الجانب الإسرائيلي تمركز قواته بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان في قطاع غزة.
يضاف إلى ذلك إدخال 500 شاحنة نقل مساعدات إنسانية يومياً، والالتزام بتوفير 200 ألف خيمة و60 ألف وحدة إيواء متنقلة.
كما ذكرت السماح بإعادة تأهيل المستشفيات وإصلاح المخابز في غزة والسماح بشكل عاجل بإدخال المعدات اللازمة وتوفير شحنات الوقود الضرورية لتلك الأغراض، وفقاً للكميات التي سيتم الاتفاق عليها.
شملت البنود أيضاً موافقة الجانب الإسرائيلي على دخول الآلات والمعدات الثقيلة لإزالة الركام والمساعدة في الأغراض الإنسانية الأخرى، مع توفير شحنات الوقود اللازمة لهذه الأغراض، وبحسب الكميات التي سيتم الاتفاق عليها شريطة زيادتها مع مرور الوقت، تتعهد حماس بألا تستخدم الآلات والمعدات في تهديد إسرائيل.
ولا تنطبق الترتيبات التي تم الاتفاق عليها في المرحلة الأولى على المرحلة الثانية، والتي بدورها ستخضع لمفاوضات منفصلة لاحقاً.
الجيش الإسرائيلي يستهدف مراكز إيواء والنازحين
سجلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في حادثين منفصلين يوم 26 شباط/فبراير، إجبار القوات الإسرائيلية للنازحين وموظفي الوكالة إخلاء مدرستين تابعتين لها في خانيونس جنوبي القطاع، واعتقل الجيش بعضهم، وألحقت الدبابات والجرافات أضراراً في المدرستين، فيما سُجل استشهاد نازحة خلال ذلك.
وحسب الوكالة الأممية، إنه حتى تاريخ 28 شباط/ فبراير، استشهد ما لا يقل عن 404 نازح وإصابة 1385، وذلك خلال أكثر من 330 حادثة أثرت على مباني الأونروا ومراكز الإيواء التابعة لها.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قتل قوات الجيش الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين عند حاجز وادي غزة وسط القطاع، بعد إجبارهم على النزوح من مدينة غزة إلى منطقة المواصي جنوبي القطاع.
وأوضح الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق شهادات مروعة عن إطلاق الدبابات الإسرائيلية قذائف مدفعية وأعيرة نارية تجاه أكثر من 300 مدني معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، في يوم الخميس 22 شباط/فبراير، خلال محاولتهم النزوح من مدينة غزة لجنوب الوادي، رغم أنهم كانوا يحملون الرايات البيضاء ويتبعون تعليمات الجيش.
وكان الأهالي في مناطق حي الزيتون وأحياء أخرى في مدينة غزة قد تلقوا رسائل واتصالات من الجيش الإسرائيلي تهدد بإخلاء مناطقهم، وتطالبهم بالتوجه لشارع الرشيد ومنه إلى منطقة المواصي جنوباً.
وكالات أُممية تدين الصمت إزاء كارثة تصيب المدنيين
أصدر رؤساء اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الأممية، بياناً في 21 شباط/فبراير، أوردوا فيه عشرة متطلبات لتجنب وقوع كارثة أسوأ في غزة، مؤكدين عدم وجود مكان آمن في غزة.
وجاء في البيان إنه في أقل من خمسة أشهر قتل وجرح في غزة عشرات الآلاف من الفلسطينيين ومعظمهم من النساء والأطفال، فيما أجبر أكثر من ثلاثة أرباع السكان عدة مرات على ترك منازلهم وهم يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية، وهي الضرورات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.
وأشار البيان إلى أن النظام الصحي يشهد تدهوراً متفاقماً تترتب عليه عواقب كارثية، فحتى 19 شباط/ فبراير استمر في العمل الجزئي 12 مستشفى فقط من أصل 36 من المستشفيات التي لديها قدرة استيعابية للمرضى الداخليين، وتعرضت مرافق الرعاية الصحية في غزة لأكثر من 370 هجوم منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وتحولت رفح، وهي الوجهة الأخيرة لأكثر من مليون نازح وجائع ومصاب بصدمات نفسية محشورين في مساحة صغيرة من الأرض، إلى ساحة معركة أخرى في هذا النزاع الوحشي، ومن شأن المزيد من تصعيد العنف في هذه المنطقة المكتظة بالسكان أن يتسبب في وقوع إصابات جماعية، وأن يوجه ضربة قاضية للاستجابة الإنسانية المنهكة أصلاً، حسب البيان.
وشدد البيان إنه لن يعوض أي قدر من الاستجابة الإنسانية أشهر الحرمان التي عانت منها الأسر في غزة، ولتحقيق غرض إنقاذ العملية الإنسانية، ذكر الموقعون متطلبات واحتياجات، ترأسها وقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها.
كذلك إطلاق سراح الرهائن على الفور، وضمان نقاط دخول موثوقة تتيح لهم إدخال المساعدات من جميع المعابر الممكنة، بما في ذلك إلى شمال غزة.
وشملت المتطلبات ضمانات أمنية وضمان مرور دون عوائق لتوزيع المساعدات على نطاق واسع في جميع أنحاء غزة، دون أي رفض أو تأخير أو إعاقة للوصول، ونظام إخطار إنساني فعال يتيح لجميع العاملين في المجال الإنساني والإمدادات الإنسانية التنقل داخل غزة وإيصال المساعدات بأمان.
كما طالبت اللجنة المشتركة للوكالات الدولية، بطرق سالكة وتطهير الأحياء من الذخائر المتفجرة، وشبكة اتصالات مستقرة تتيح للعاملين في المجال الإنساني التنقل بأمن وأمان.
وطالب الموقعون بتلقي الأونروا باعتبارها عماد العمليات الإنسانية في غزة، الموارد التي تحتاجها لتقديم المساعدة المنقذة للأرواح، بالإضافة لوقف الحملات التي تسعى إلى النيل من سمعة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الأرواح.
وفي ختام البيان، دعا الموقعون الجانب الإسرائيلي إلى الوفاء بالتزامه القانوني، بموجب القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وتوفير الأغذية والإمدادات الطبية وتيسير عمليات المعونة، كما دعوا قادة العالم إلى منع وقوع كارثة أسوأ.
التقرير الاقتصادي
منظمات دولية تؤكد تعطل سلسلة الإمدادات الغذائية
قالت منظمة الأغذية والزراعة، إن سلسلة الإمدادات الغذائية بأكملها في غزة تعطلت بشدة، وتشير التقارير في هذا السياق إلى أن 97% من المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك البشري، ونحو 27% من الدفيئات الزراعية باتت مدمرة.
ولحقت الأضرار بما يزيد عن 40% من الأراضي الزراعية وعشرات الحظائر المنزلية ومزارع الدواجن ومزارع الأغنام، بالإضافة إلى تضرر ما يزيد عن 600 من الآبار الزراعية، وتوقف نشاط الصيد البحري.
وفي يوم الأربعاء 28 شباط/ فبراير، أفادت لجنة الإنقاذ الدولية وجمعية العون الطبي للفلسطينيين بأن الأضرار الفادحة التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، ومحدودية الواردات الغذائية التجارية قد أدت إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار في الوقت الذي انخفضت فيه القوة الشرائية للناس.
وشددت المنظمتان على أهمية تدفق المساعدات بشكل آمن ودون عوائق عبر جميع الطرق الممكنة، بالإضافة لإعادة تنشيط الخدمات الأساسية في غزة، وتوسيع نطاق الاستجابة للمساعدات نحو الاستعادة المبكرة لأنظمة الأغذية الزراعية، وذلك منعاً لحدوث مجاعة.
قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إنه يلوح في الأفق خطر المجاعة من صنع الإنسان، حيث لم تتمكن الوكالة من إيصال الغذاء لشمال غزة منذ أواخر كانون الثاني/ يناير.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن توقف المساعدات الغذائية إلى شمال غزة مؤقتاً، في 20 شباط/ فبراير، وذلك في أعقاب الأحداث التي لم تتمكن فيها قوافل البرنامج العالمي من إيصال المساعدات إلى حد كبير بسبب انهيار النظام المدني، ويأتي ذلك بعد استئناف المساعدات في 18 شباط/ فبراير بعد توقف دام ثلاثة أسابيع في أعقاب قصف شاحنة تابعة للأونروا.
وفي خطابه أمام مجلس الأمن في 27 شباط/ فبراير، أشار راميش راجاسينغهام مدير التنسيق في مكتب “أوتشا”، إلى تحذير خبراء الأمن الغذائي من انهيار زراعي كامل في شمال غزة بحلول شهر أيار/ مايو، في حال استمرار الظروف الحالية، مع تضرر الحقول والأصول الإنتاجية أو تدميرها أو تعذر الوصول إليها.
وكرر المسؤول الأممي دعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، محذراً من أنه “إذا لم يتم فعل أي شيء، فإننا نخشى أن تكون المجاعة واسعة النطاق في غزة أمراً لا مفر منه تقريباً.”
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا”، أن تقارير تفيد بأن خطر الموت جوعاً آخذ في الارتفاع في غزة، مما يؤثر بشكل متناسب على الأطفال والنساء الحوامل، ويتفاقم بسبب عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الصحية، وانقطاع إمدادات الطاقة والوقود، بالإضافة لتدمير إنتاج الأغذية والزراعة.
كل فرد غزّي في دائرة الفقر بحسب البنك الدولي
أكد تقرير جديد صدر عن البنك الدولي أن النشاط الاقتصادي في غزة قد توقف تماماً، وكل واحد من سكانها سيعيش في دائرة الفقر، على المدى القصير على الأقل.
ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد الفلسطيني شهد إحدى أكبر الصدمات في التاريخ الحديث، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة تتجاوز 80% خلال الربع الرابع من سنة 2023، وتراجع بنسبة مجموعها 24% خلال السنة نفسها.
فيما توقفت كل أوجه النشاط الاقتصادي تقريباً في غزة توقفاً تاماً، في ظل مؤشرات ضئيلة على حصول تحسن ملموس، فالنزوح على نطاق واسع وتدمير المنازل والأصول الثابتة والقدرات الإنتاجية، وما يقترن بها من مستويات الفقر المرتفعة والقائمة من قبل “يعني من الناحية الواقعية أن كل فرد من أفراد سكان غزة تقريباً سوف يعيش في دائرة الفقر على المدى القصير على الأقل.”
إنزالات جوية للمساعدات لا تترك أي أثر ملموس
أعلن الجيش الأردني الخميس 29 شباط/ فبراير عن تنفيذ إنزالين جويين جديدين لمساعدات إغاثية وغذائية على قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع سلطنة عمان والبحرين، كما أعلن الجيش المصري عن تنفيذ طائرات مصرية وإماراتية إنزالاً جوياً آخر.
ونفذ الجيش الأردني إنزال آخر سبق المذكور، في الجانب الغربي من ساحل المناطق الجنوبية للقطاع، ما أدى إلى سقوط طرود المساعدات في مياه البحر، ما دفع الأهالي للسباحة باتجاهها في محاولة للحصول على معونات، ورافق ذلك قيام جيش الاحتلال باستهداف المواطنين في البحر وعلى الشاطئ.
وبحسب شهود عيان، في الأيام التالية سقطت طرود مساعدات من إنزال أردني إلى جانب جيش الاحتلال والمستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة في محيط قطاع غزة بالمناطق الشمالية.
أما ما سقط في المنطقة الوسطى فكان في مناطق انتشار الدبابات وآليات الاحتلال التي بدأت باستهداف المواطنين الذين حاولوا الوصول إلى المعونات.
من ناحيته، أعلن الجيش المصري تنفيذ طائرات مصرية وإماراتية إنزالاً جوياً لمساعدات على القطاع، وذلك للمرة الثانية خلال يومين.
وذكرت وكالات إعلامية نقلاً عن وزير التنمية الدولية الكندي أحمد حسين أن الحكومة الكندية ستعمل على إسقاط مساعدات جواً على غزة في أقرب وقت ممكن.
فيما تدرس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأمر ذاته، في ظل تزايد المخاوف من حدوث مجاعة في القطاع.
التقرير الثقافي
استهداف المدارس والجامعات يُعطل العملية التعليمية
أكد المرصد الأورومتوسطي أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة أدت إلى تعطيل كامل للعملية التعليمية في كل الجامعات والكليات الجامعية والمجتمعية والمدارس.
وفي تقريره الصادر منتصف شباط/ فبراير، أشار المرصد لاستشهاد 3 من رؤساء الجامعات في غارات إسرائيلية، إلى جانب أكثر من 95 من العمداء والأساتذة الجامعيين، من بينهم 68 شخصية تحمل درجة بروفيسور، في وقت تم حرمان 88 ألف طالبة وطالب من مواصلة تلقي تعليمهم الجامعي، وتعذر على 555 طالب وطالبة الالتحاق بالمنح الدراسية في الخارج، حسب المرصد.
ويشير المرصد كذلك إلى أن 5 من أصل 6 جامعات في قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي بفعل عمليات الاستهداف الإسرائيلي، منها 3 تم تدميرها بشكل كامل، بحسب نتائج الإحصاء الأولي لحدة التدمير الإسرائيلي المستمر في القطاع.
ودمر الاحتلال جامعات الأقصى والإسراء والأزهر والقدس المفتوحة، بالإضافة لتعرض الجامعة الإسلامية في مدينة غزة للتدمير الكلي.
وحسب صندوق النقد الدولي، إن خسائر قطاع التعليم في غزة من جراء الهدم والتدمير وتضرر 70 بالمائة من المدارس والجامعات فيها، تفوق 720 مليون دولار، في حين يقدر الأورومتوسطي أن الخسائر المادية التي لحقت بالجامعات من جراء التدمير وحده تفوق 200 مليون دولار.
مدرس يُطلق مبادرة لتعليم الطلاب في رفح
أطلق مدرس مبادرة مع زملائه لتشكيل فريق من المدرسين، وتحويل مكتبة إلى مقر للدراسة والتعليم في رفح جنوبي القطاع.
المدرس رائد أبو طعيمة، وهو مدرس لغة عربية، عمل مع زملائه على مبادرة تحمل اسم “بنضوي شمعة”، بدأت من وجوه في المكتبة للحفاظ عليها ومقدراتها في ظل العدوان على القطاع، وتحوّل المدرسة لمكان إيواء للنازحين.
وبدأ الطلاب بالفعل بالتوافد على المكتبة لاستعارة الكتب وقراءة القصص، فعمل المدرس أبو طعيمة وزملائه على تفعيل المكتبة متبعاً استراتيجية “التعليم والتفريغ الانفعالي”، لمساعدة الطلاب على التخفيف عن أنفسهم في ظل الحرب.