تقرير فلسطين  قطاع غزة

الكاتبايمان الحاجالقسمفلسطينالتاريختشرين الثاني/ نوفمبر 2024

المقدمة

اقتربت سنة 2024 من نهايتها ولا تزال حرب الإبادة مستمرة في قطاع غزة لأكثر من 400 يوماً، منتزعة أرواح عشرات آلاف الفلسطينيين ومدمرة الحجر والحياة على امتداجد مساحة القطاع المحدودة، من دون وجود أي أمل قريب في انتهاء الحرب حتى اللحظة.

على الصعيد الميداني والسياسي، أصدر مكتب الإعلام الحكومي إحصائيات بشأن 420 يوماً من حرب الإبادة في غزة، سجل خلالها استشهاد 55363 من الفلسطينيين، بينهم 11 ألف مفقود، وإبادة 1410 عائلة ومسحها بالكامل من السجل المدني، واستشهاد 17581 من الأطفال، و12048 من النساء، وبذلك يكون 70% من الضحايا هم من الأطفال والنساء.

وخلال هذا الشهر طالبت منظمات دولية بوقف الهجوم على الفلسطينيين، في إثر استهدافات ارتكبت بحق عاملين في مؤسسات إغاثية ودولية، فيما تحدثت منظمات أممية عن خطورة الوضع في شمال القطاع على الصعيد الصحي والغذائي وعلى الحياة بشكل عام، إذ لا يزال نحو 13 ألف طفل في مناطق بالشمال معرضون للإصابة بشلل الأطفال نظراً لصعوبة الوصول وتلقيهم الجرعة الثانية من اللقاح ضد الفيروس.

وواصل جيش الاحتلال حصاره واستهدافه خلال تشرين الثاني/ نوفمبر مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، ما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات داخل المستشفى وعلى أبوابها، من بينهم كوادر طبية، بالإضافة لإصابة مدير المستشفى واستشهاد المسؤول عن العناية المركزة، وطالت الاستهدافات أبنية المستشفى ومحطة الأكسجين الخاصة بها والمولدات الكهربائية، في محاولة للضغط على الكوادر الطبية لمغادرة المستشفى وإنهاء العمل الطبي فيها ما يدفع سكان الشمال للنزوح باتجاه الجنوب.

ومع دخول فصل الشتاء بدأت المنخفضات الجوية بضرب النازحين للعام الثاني بإغراقهم واقتلاع خيامهم، حيث تخلل الشهر محل المتابعة، عدة منخفضات أدت لتدمير نحو 10 آلاف خيمة، فيما يعيش النازحون دون أدنى مقومات للحياة أو الاستعدادات لفصل الشتاء وخصوصاً في ظل شح الموارد أو انعدامها، مع الافتقار المادي لتأمين أي بدائل أو ترميم الخيام.

وشهد مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع هجمات وتوغل متكرر خلال الشهر من قبل جيش الاحتلال، نظراً لمحاذاته لمحور “نيتساريم” الذي يقع شمال المخيم ويفصل بين شمال القطاع وجنوبه، فيخضع المخيم لهذه الهجمات بشكل متكرر في محاولة لتمشيط المنطقة وسعي لتوسيع المحور، وفي كل مرة يتعرض الأهالي لقصف عنيف ومباشر يؤدي لعشرات الشهداء والمصابين، خاصة وأن القصف يستهدف المنازل بشكل مباشر وحتى مراكز الإيواء، وذلك في ظل اكتظاظه بالنازحين.

على الصعيد الاقتصادي، قدرت الأمم المتحدة وشركائها أن شمال القطاع لا يزال يضم نحو 50 إلى 75 ألف شخص لم يبرحوا مكانهم، بعد إجبار نحو 130 ألف على النزوح خلال العمليات الإسرائيلية الأخيرة على الشمال.

ولا يزال الشمال يعاني من صعوبة وصول المعونات، وحين تمكنت منظمة الغذاء العالمي من إدخال قافلة تضم شاحنتي غذاء وواحدة مياه معبأة، قام الجيش بمحاصرة واستهداف مكثف لمراكز الإيواء التي وصلت إليها المعونة، وأجبر من فيها على الإخلاء وأحرقوا المساعدات.

وفي هذا السياق أطلقت لجنة مراجعة المجاعة إنذاراً للتحذير من احتمال وشيك وكبير لحدوث مجاعة في الشمال، وهو ما بات يحدث بالفعل.

وفي سياق متصل أيضاً، اعتبر قطاع الأمن الغذائي في الأمم المتحدة أن التنوع الغذائي في جميع أرجاء قطاع غزة وصل إلى مستويات متردية إلى حد يدعو إلى الجزع، وأشارت مجموعة التغذية إلى أنه سجل إدخال ثلثي الأطفال إلى العيادات الخارجية للحصول على علاج سوء التغذية الحاد منذ مطلع 2024، خلال الأشهر الخمس الأخيرة وحدها.

وزادت قلة فرص السكان على الحصول على أي بروتين أو سلع، مع ضآلة عدد الشاحنات التي تدخل من المنافذ التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، وبسبب الهجمات المسلحة التي تتعرض لها الشاحنات من قبل عصابات يبدو أنها تتحكم في الأسواق في ظل استغلال الحرب الدائرة، ويقابل الأهالي الذين يبحثون عن غذاء لأطفالهم بأسعار مرتفعة ليس بمقدورهم تأمينها، ما دفعهم للإضراب ومقاطعة الأسواق عدة أيام، لكن من دون جدوى في ظل سيطرة واحتكار التجار والعصابات.

ثقافياً، أصدرت وزارة التربية والتعليم العالي إعلاناً موجهاً للمبادرات الفردية والجماعية التعليمية، في سبيل التعاون والعمل من أجل حصرها من خلال التسجيل في عنوان أدرجته الوزارة.

التقرير السياسي

44 ألف شهيد و11 ألف مفقود

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الجمعة 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، تحديثاً لأهم إحصائيات الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وجاء في إحصائيات 420 يوماً على حرب الإبادة، ارتكاب جيش الاحتلال 9867 مجزرة بشكل عام، من بينها 7160 ضد العائلات الفلسطينية، حسب وزارة الصحة.

وأباد الاحتلال 1410 عائلة فلسطينية ومسحها من السجل المدني بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وعدد أفراد هذه العائلات 5444 شهيداً.

فيما أباد الاحتلال 3463 عائلة فلسطينية ولم يتبق منها سوى فرداً واحداً، وعدد أفراد هذه العائلات 7934 شهيداً.

وسجل التقرير سقوط 55,363 شهيداً بينهم 11,000 مفقود، أي من وصل إلى المستشفيات منهم أو عرفت هوياتهم، هم 44363 شهيداً.

ومن بين الشهداء 17581 طفلاً، بينهم 223 طفلاً رضيعاً ولدوا واستشهدوا في الحرب، و837 طفلاً استشهدوا خلال الحرب وعمرهم أقل من عام، و44 استشهدوا نتيجة سوء التغذية ونقص الغذاء والمجاعة.

واستشهدت 12,048 امرأة، وبذلك يكون 70% من الضحايا هم من الأطفال والنساء.

وسجل كذلك 1055 شهيداً من الطواقم الطبية، و87 شهيداً من الدفاع المدني، بالإضافة إلى 190 شهيداً من الصحفيين، و706 رجال شرطة وتأمين مساعدات.

ووثقت 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، و520 شهيداً تم انتشالهم منها.

على صعيد الإصابات، سجل 105,070 جريحاً ومصاباً وصلوا إلى المستشفيات، و12,650 جريح بحاجة للسفر للعلاج بالخارج، فيما سجل 399 جريحاً ومصاباً من الصحفيين والإعلاميين.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، 211 مركز إيواء استهدفها الاحتلال، فيما يسمي الاحتلال 10% فقط من مساحة القطاع “مناطق إنسانية”.

وجاء في الإحصائية، توثيق 35,060 طفلاً يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، و12,125 امرأة فقدت زوجها خلال الحرب.

كما سجل 12,500 مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج، و3000 مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج.

وحسب الإعلان الحكومي، هناك 6500 معتقل من قطاع غزة خلال الحرب، و319 حالة اعتقال من الكوادر الصحية وأعدم الاحتلال 3 منهم داخل السجون، فيما هناك 40 حالة اعتقال صحفيين ممن عرفت أسماءهم.

نحو 13 ألف طفل شمال القطاع معرضون للإصابة بالشلل

أشار تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى أن الأطفال في مناطق بشمال قطاع غزة لا يزالون عرضة للإصابة بفيروس شلل الأطفال.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، إنه جرى تحصين ما مجموعه 105,558 طفلاً تحت سن العاشرة، وتقدّر مجموعة الصحة في الأمم المتحدة أنه ما بين 6800 و13,700 طفل في مناطق في شمال القطاع، كجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لم يتسن تقديم الجرعة الثانية من لقاح الشلل لهم، وهم عرضة للإصابة بالفيروس.

وفي 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، أصدرت مؤسسات أممية بيان مشترك أكدت فيه على تعرض حياة الأطفال في مناطق شمال قطاع غزة للخطر، بسبب تأخير حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في جولتها الثانية.

وكانت منظمة الصحة العالمية واليونيسف قد أصدرتا بياناً مشتركاً في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، عن موعد بدء المرحلة الثالثة من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في اليوم الثاني من الشهر، في جزء من شمال القطاع، بعد تأجيلها من 23 تشرين الأول/ أكتوبر، بسبب عدم القدرة على الوصول وتوقفات إنسانية شاملة مؤكدة وقصف مكثف وأوامر إخلاء جماعي.

وأوضح البيان أن هذه الظروف جعلت من المستحيل على الأسر إحضار أطفالهم بأمان للتطعيم وتنظيم أنشطة الحملة.

وكانت الجولة الأولى من التطعيم قد جرت في أيلول/ سبتمبر، ولمنع انتقال فيروس شلل الأطفال يجب تطعيم ما لا يقل عن 90% من جميع الأطفال في كل مجتمع وحي، وسيكون تحقيق ذلك صعباً في ظل الوضع الحالي، حسب المنظمتين الأمميتين.

وكانت المرحلة النهائية من الحملة تهدف إلى الوصول إلى ما يقدر بنحو 119 ألف طفل دون سن العاشرة في شمال غزة بجرعة ثانية من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النوع (nOPV2). ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف غير مرجح بسبب القيود المفروضة على الوصول.

ومع صعوبة الوصول والتحديات أمام تنفيذ الحملة، قررت المؤسسات الأممية ووزارة الصحة الفلسطينية استئناف الحملة من خلال إتاحة فرصة التطعيم لأولئك الذين تم إجلاؤهم مؤخراً من الشمال إلى مدينة غزة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أنها تلقت تقارير مقلقة للغاية تفيد بتعرض مركز الشيخ رضوان للرعاية الصحية الأولية في شمال غزة للقصف، بينما كان الآباء يحضرون أطفالهم للتطعيم ضد شلل الأطفال في منطقة تم الاتفاق على هدنة إنسانية فيها للسماح باستمرار الجولة الأخيرة للتطعيم.

وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، إن ستة أشخاص بينهم أربعة أطفال أصيبوا في الهجوم، وكان فريقاً من المنظمة في الموقع قبل وقوع الهجوم بقليل.

وفي تغريدة له على “موقع إكس” قال إن هذا الهجوم أثناء الهدنة الإنسانية يعرض قدسية حماية صحة الأطفال للخطر وقد يثني الآباء عن إحضار أطفالهم للتطعيم، وشدد على ضرورة احترام هذه الهدن الإنسانية الحيوية بشكل مطلق.

حصار واستهداف مكثف لمستشفى كمال عدوان

في فجر يوم 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، تعرض مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية وعدد من الكوادر الطبية للإصابة، جراء قصف إسرائيلي استهدف المستشفى.

وأشارت مصادر محلية وإعلامية إلى استهداف الجيش الإسرائيلي المستشفى بطائرات مسيّرة ما أدى لوقوع إصابات في صفوف العاملين فيها، وبعضهم إصابات خطرة.

وفي فجر نفس اليوم استهدف الجيش محطات الأكسجين بعدة قنابل داخل المستشفى، وأصيب الطبيب أبو صفية بشظايا قنبلة ألقتها طائرة مسيّرة من طراز “كواد كابتر” أثناء تفقده المرضى داخل أروقة المستشفى.

وتحدثت تقارير أخرى عن استهداف بطائرات مسيرة لنحو 7 مرات أجزاء مختلفة من المستشفى، منها مدخل الاستقبال والطوارئ، وساحة المستشفى والسطح ومولد الكهرباء، ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي.

وكانت وزارة الصحة قد أعلنت يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر عن نفاد الأكسجين والماء في المستشفى نتيجة القصف الذي شنته طائرات الاحتلال على المستشفى في الليلة التي سبقتها. وحسب الصحة، في المستشفى 80 مريض، وهناك 8 مرضى في العناية المركزة.

وفي يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، استشهد رئيس قسم العناية المركز في مستشفى كمال عدوان، أحمد الكحلوت، في استهداف إسرائيلي خلال ذهابه للعمل.

ومنذ الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي اجتياحاً وعملية عنيفة على مناطق شمال قطاع غزة، بما فيها مخيم جباليا للاجئين، في ظل حصار واستهداف مكثف ومباشر لمستشفى كمال عدوان.

وفي يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، قال مدير الإغاثة الطبية في شمال القطاع محمد أبو عفش، إن مستشفى كمال عدوان لا يزال تحت حصار الجيش الإسرائيلي منذ 40 يوماً، ولا تستطيع الطواقم الطبية إسعاف المصابين بمحيطه، والجيش يمنع إدخال الغذاء والماء والمستلزمات الطبية والسولار لتشغيل المولدات وإنقاذ حياة المرضى.

وأفاد الدفاع المدني بأن الاحتلال لا يزال يمنع طواقمه من العمل في المناطق الشمالية للقطاع، ولا يستطيعون الوصول إلى مئات المفقودين تحت الأنقاض، تحديداً في جباليا وبيت لاهيا.

منخفضات جوية تغرق النازحين والخيام

واجه النازحون عدة منخفضات جوية مصحوبة بأمطار غزيرة، أدت إلى غرقهم وخيامهم في مناطق نزوحهم، وفي 25 تشرين الثاني/ نوفمبر هطلت أمطار غزيرة زادت صعوبة أوضاع النازحين في ظل قدرات استجابة محدودة، ليواجه أكثر من 1,6 مليون شخص يعيشون في مراكز الإيواء المؤقتة في شتى أرجاء القطاع شتاء صعباً يفتك بأطفالهم وحاجياتهم.

ويتأثر بذلك آلاف الأسر النازحة التي تسكن في خيام على امتداد الساحل جنوب غرب غزة، حيث تمتد إليهم مياه الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر الذي يسحب أبناءهم وخيامهم.

ووفق التقييمات الأولية التي تجريها المنظمات الأممية في مجال العمل الإنساني، تضررت نحو 7000 أسرة تقيم على الشاطئ بسبب الأمطار التي هطلت مؤخراً، على وجه الخصوص في منطقة المواصي التي تضم مئات الآلاف من النازحين ضمن ما أسماه الاحتلال بـ “المنطقة الإنسانية الآمنة” للنزوح.

ويشير تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه في دير البلح، 60 موقع إيواء طاله الدمار، وأصابت الأضرار 120 مركز آخر في موقعين، فيما تسببت مياه الفيضانات بإغراق الطرق والمسارات ما نتج عنه تحديات هائلة أمام إمكانية الوصول ونزح على إثر ذلك بعض العائلات مرة أخرى.

وفي المنطقة الجنوبية من ميناء القرارة بخانيونس جنوب القطاع، أفادت التقارير بأنه في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، غمرت مياه الفيضانات 600 خيمة بسبب موجات المد العالية.

وتشير التقارير الأممية إلى أنه مع زيادة انخفاض درجات الحرارة القارصة في الشتاء والأمطار الغزيرة وموجات المد، يزيد تراكم مياه الصرف الصحي وانتشار الأمراض وخطر انهيار البنايات المتضررة التي تتخذها العديد من الأسر كمأوى.

ولا يتمكن معظم النازحين من ترميم أو استبدال خيامهم نظراً لعدم وفرتها أو غلاء أسعارها، وباتت “شوادر” النايلون غير متوافرة أيضاً، فيما تعرضت الخيام للاهتراء من طول فترة استخدامها، ومع كثرة النزوح المتكرر فقد الكثير من الناس حاجياتهم أو خيامهم، وقام البعض بخياطة أكياس الأرز القديمة في محاولة لحماية خيامهم لكن الأمطار الغزيرة والرياح قد اكتسحت نحو 10 آلاف خيمة، حسب المكتب الإعلامي الحكومي.

ويحسب تقارير أممية، في شهر آب/ أغسطس، أعدت مجموعة التنسيق المشتركة بين المجموعات، والتي يترأسها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وفعّلت خطة شاملة للاستعداد لفصل الشتاء، وتستهدف 2,1 مليون شخص وتحتاج لمبلغ 242 مليون دولار.

وعملت المنظمات منذ ذلك الوقت على تحديد 100 منطقة معرضة لمخاطر الفيضانات وتستضيف أكثر من 450 ألف شخص في مختلف مناطق خانيونس ودير البلح ورفح، ويفتقر 90% منها إلى خطط طارئة في حالات الفيضانات.

ويشير التقرير إلى أنه جرى تحديد 1093 خيمة في دير البلح على أنها معرضة للخطر، و4420 خيمة في خانيونس – المواصي، و730 خيمة في الزوايدة، و705 خيمة في النصيرات، وهو ما يبلغ في مجموعه 6948 خيمة معرضة للخطر في مختلف أنحاء هذه المناطق.

لكن كل التخطيط المذكور كان تنفيذه مرتهن بالتمويل من جانب، والسماح به والتيسير من جانب السلطات الإسرائيلية لضمان إدخال الإمدادات والمعدات للقطاع.

هجمات متكررة على مخيم النصيرات

شهد مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر حركة للدبابات الإسرائيلية إلى الجانب الغربي حيث توغلت في المنطقة، وشنت عدة استهدافات وأطلقت النار خلال التوغل، ما أدى إلى استشهاد 12 مواطناً منذ ساعات الفجر.

وكان التوغل مفاجئاً ما أدى إلى محاصرة العديد من العائلات في منازلهم وإطلاقهم مناشدات للمغادرة.

وسبق ذلك ارتكاب مجزرة جديدة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث قصفت مدفعية الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في المخيم، ما أدى لاستشهاد 10 مواطنين على الأقل وإصابة آخرين، ومع اشتداد القصف على المنازل شمال مخيم النصيرات اضطر الأهالي للنزوح من المنطقة.

وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، استشهد 16 فلسطينياً وأصيب نحو 55 آخرين في قصف إسرائيلي عنيف وإطلاق نار من طائرات “كواد كابتر” لبنايات سكنية بمخيم النصيرات، كحصيلة أولية وصلت لمستشفى العودة.

وطال القصف في ذلك اليوم استهداف برج الناصرة، واستهداف آخر طال تكية طعام في منزل لعائلة زهد، حيث ألقت طائرة “كواد كابتر” قنبلة وأطلقت النار على مركز توزيع الطعام على النازحين، كما استهدف الطيران تجمعاً للمدنيين من عائلة أبو سالم في المخيم الجديد، وتعرضت منازل العديد من السكان للاستهداف في تلك المنطقة.

وشهد هذا الشهر اعتداءات متكررة في المخيم بشكل عام، فيما تركز التوغل لعدة مرات شمال وغرب المخيم في محاولات مستمرة من قبل الجيش الإسرائيلي لتمشيط تلك المناطق نظراً لمحاذاتها لمحور “نيتساريم” الذي يتمركز فيه الاحتلال كنقطة فاصلة بين شمال القطاع وجنوبه، ويتخلل ذلك محاولات توسيع مستمرة للمحور على حساب أراضي المخيم من جهة جنوب المحور، وأراضي ضمن مدينة غزة من شماله.

منظمات دولية تطالب بوقف الهجوم على الفلسطينيين

طالب رؤساء 15 منظمة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بحماية المدنيين، ودعوا الجانب الإسرائيلي إلى وقف هجماته على غزة وعلى العاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون تقديم المساعدة.

وسلط البيان الصادر في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الضوء على شمال غزة، إذ وصف الحالة هناك بالكارثية، فالمنطقة لا تزال تخضع للحصار وتُحرم من المساعدات الأساسية والإمدادات المنقذة للحياة، في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات القصف وغيرها من الهجمات، مشيراً إلى عمليات القتل بالمئات للنساء والأطفال خلال أيام، وعمليات التهجير القسري لآلاف السكان.

كما أشار البيان إلى قطع الإمدادات عن المستشفيات بصورة تامة تقريباً، حيث باتت أيضاً عرضة للهجمات، ما أسفر عن مقتل المرضى وتدمير المعدات الحيوية وعرقلة الخدمات المنقذة للحياة، كما جرى اعتقال العاملون الصحيون والمرضى.

وطالت عمليات القصف أيضاً عشرات المدارس التي تستخدم كمراكز للإيواء أو جرى إخلاءها قسراً، بالإضافة لاستهداف خيام النازحين بالقذائف ما أدى لاحتراق الناس وهم على قيد الحياة.

كذلك تعرضت فرق الإنقاذ للهجوم المتعمد في ظل مواجهتها للعراقيل في المحاولات التي تبذلها في سبيل انتشال الناس المدفونين تحت أنقاض منازلهم.

ولفت البيان إلى احتياجات النساء والفتيات الهائلة والتي تتزايد كل يوم، فيما تلقت المنظمات الأممية تقارير عن مدنيين يستهدفون وهم يحاولون طلب الأمان، وعن رجال وفتية يعتقلون ويقتادون إلى مواقع غير معروفة لاحتجازهم فيها.

واستكمالاً لوصف الأوضاع في الشمال، تحدث البيان عن نفوق المواشي وتدمير الأراضي الزراعية وإحراق الأشجار، ما أدى إلى تقويض البنية التحتية للأنظمة الزراعية الغذائية.

ويتعرض جميع السكان الفلسطينيين في شمال غزة لخطر الموت الوشيك بسبب الأمراض والمجاعة والعنف، وليس بوسع المساعدات الإنسانية أن تفي بحجم الاحتياجات بسبب القيود المفروضة على الوصول، حيث تمنع القوات الإسرائيلية العاملين في المجال الإنساني من الوصول للناس المحتاجين، بالإضافة لانعدام الأمن مما يمنعهم من تأدية عملهم.

التقرير الاقتصادي

المجاعة موجودة فعلاً في شمال القطاع

رفضت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أو عرقلت حتى 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي محاولة من جانب الأمم المتحدة في سبيل الوصول إلى محافظة شمال غزة المحاصرة وإرسال البعثات الغذائية والصحية.

وأورد تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض المحتلة، بالتاريخ المذكور، أنه هجر ما بين 100 إلى 130 ألف شخص من شمال غزة، وسط تصاعد وتيرة الهجمات وأوامر الإخلاء الإسرائيلية.

وقدّرت الأمم المتحدة وشركائها أن ما بين 50 ألف إلى 75 ألف شخص لم يبرحوا أماكنهم في شمال غزة.

في يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أدخلت منظمة الغذاء العالمي قافلة إلى بيت حانون شمال القطاع، بعد محاولات متعددة. وضمت القافلة شاحنتين محملتين بالحصص الغذائية ودقيق القمح، وشاحنة محملة بالمياه المعبأة، ووصلت المعونات إلى مركز الإيواء في مدرسة مهدية الشوا ومركز إيواء قريب منها، وبمجرد وصولها تعرض المكانين لقصف مكثف، وحاصرتها القوات الإسرائيلية ووجهت أوامر للنازحين بالإخلاء، ثم قام الجنود بإحراق المساعدات التي وصلت.

وفي هذا السياق، أطلقت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للنظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي إنذاراً، في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، للتحذير من احتمال وشيك وكبير لحدوث مجاعة في مناطق شمال غزة، نظراً للسيناريو الأسوأ الذي كانت اللجنة قد حذرت من وقوعه، وهو ما بات يحدث بالفعل.

وحسب التحليل الأخير الذي أعده نظام تصنيف مراحل الأمن الغذائي بشأن القطاع، قد توقع أن خطر وقوع مجاعة كان قائماً في القطاع بكامله بين شهري تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 ونيسان/ أبريل 2025، في ظل سيناريو أسوأ الحالات.

وبناء على التفاقم المتسارع في الأوضاع الإنسانية، لاحظت لجنة مراجعة المجاعة أن في وسعها الآن أن تفترض أن الجوع وسوء التغذية ومعدل الوفيات المفرط بسبب سوء التغذية والمرض يشهد تزايداً سريعاً في مناطق الشمال، وعتبة المجاعة ربما جرى تجاوزها بالفعل، أو سيتم تجاوزها في المستقبل القريب، وحثت اللجنة على اتخاذ إجراءات في غضون أيام، وليس أسابيع، من جانب كل الأطراف الفاعلة.

لا أمن غذائي وثلثي الأطفال يعانون سوء تغذية حاداً

اعتبر قطاع الأمن الغذائي في الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة في مجموعة التغذية أن التنوع الغذائي وصل إلى مستويات متردية في جميع أنحاء غزة، إلى حد يدعو إلى الجزع.

وفي رصد الأمن الغذائي والأسواق ظهر أن الخبز والبقوليات تعتبر الأغذية الرئيسية التي يجري تناولها، في حين انخفض استهلاك الخضروات من ستة أيام في الأسبوع قبل تصعيد الأعمال القتالية إلى صفر تقريباً، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وكذلك تراجع استهلاك اللحوم والبيض من ثلاثة أيام في الأسبوع إلى انعدامه، حسب التقرير الأممي.

وألقى مسح أجرته اليونيسف حول التنوع الغذائي في أوساط الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، الضوء على الأثر التغذوي الحاد بسبب انخفاض المعونات الإنسانية وتراجع إدخال إمدادات الأغذية التجارية.

وتشير مجموعة التغذية إلى أنه سجل إدخال ثلثي الأطفال في شتى أرجاء قطاع غزة إلى العيادات الخارجية للحصول على علاج سوء التغذية الحاد منذ مطلع سنة 2024 خلال الأشهر الخمسة الأخيرة وحدها.

ووفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، بالنسبة لمعظم الناس في غزة، باتت إمكانية الحصول على السلع الأساسية الميسورة التكلفة تشكل صراعاً كبيراً بالنظر إلى أن الاقتصاد وعمليات تقديم المعونات يرزحان تحت ضغط هائل.

وفي ظل هذه الأسعار الباهظة، أقدم السكان على الاستجابة لدعوات الإضراب ومقاطعة الأسواق، لكن دون جدوى، خاصة في ظل انعدام الرقابة على السوق والأسعار تقريباً.

وفي غضون ذلك، استمرت حوادث النهب التي تواجهها شاحنات المساعدات أو السلع التي تدخل للقطاع في مرات تعتبر نادرة، وسط تقارير ومعلومات محلية عن جماعات بقيادة شخصيات جرى تداول أسمائها، تهاجم الشاحنات وتصادرها لمستودعات خاصة وتمنع وصولها للأسواق.

وحدثت لعدة مرات مواجهة وكمائن نصبتها ما تسمى بـ “وحدة سهم” التي استحدثتها الجهات الأمنية في غزة خلال فترة الحرب لمواجهة هجمات شاحنات السلع والمساعدات.

وفي بيان صدر عن منسق شؤون الأمم المتحدة في الأرض المحتلة، مهند هادي، في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، قال إن شاحنات الأمم المتحدة نهبت 75 مرة في سنة 2024، بما فيها 15 هجمة تعرضت لها منذ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر وحده، واقتحم أشخاص مسلحون منشآت الأمم المتحدة في 34 مناسبة، وفي الأسبوع الذي سبق البيان أصيب سائق بعيار ناري في رأسه، إلى جانب سائق شاحنة آخر، ونهب ما لا يقل عن 98 شاحنة في هجوم واحد، حيث لحقت الأضرار بهذه الشاحنات أو سرقت.

التقرير الثقافي

وزارة التعليم تحاول حصر المبادرات التعليمية

أصدرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إعلاناً للقائمين على مبادرات المدارس المؤقتة والنقاط والمبادرات التعليمية الفردية والجماعية في قطاع غزة.

وحسب إعلان الوزارة إنها تسعى لحصر وتنظيم الجهود والمبادرات التعليمية، حيث تدعو القائمين على تلك المبادرات بما فيها الفردية والجماعية والتابعة للمؤسسات، إلى ضرورة تسجيلها عبر رابط أدرجته في الإعلان، وهو نظام مؤقت تتيحه لتسجيل تلك المبادرات.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحرب التي اندلعت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حرمت أكثر من 650 ألف طالب وطالبة من الالتحاق بمدارسهم، ونحو 100 ألف في مؤسسات التعليم العالي، و35 ألف في رياض الأطفال، حسب وزارة التربية والتعليم العالي.

ووفق مكتب الإعلام الحكومي في غزة، قتل الاحتلال 12780 طالب وطالبة خلال الحرب، و755 معلم وموظف تربوي في سلك التعليم، و144 عالم وأكاديمي وأستاذ جامعي وباحث.