تقرير فلسطين قطاع غزة
تقرير قطاع غزة
المقدمة
واصل الاحتلال الإسرائيلي في آذار/ مارس 2024، حرب الإبادة بحق سكان قطاع غزة للشهر السابع على التوالي، والتي بدأت منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر بالقصف والاستهداف الجوي والمدفعي والبحري، مروراً بالاجتياح البري لمعظم مناطق القطاع حيث يواصل الجيش تمركزه في عدة مناطق داخل غزة في ظل تخوف من استمرار هذا التواجد حتى في حال وقف إطلاق النار.
وقد ارتفعت حصيلة الشهداء لتصل إلى 32,782 شهيداً، فيما وصلت أعداد المصابين إلى أكثر من 75,000 مصاب، وهناك آلاف المفقودين، حسب وزارة الصحة في غزة.
مع استمرار المجازر، اعتمد مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة خلال شهر رمضان، كانت قد تقدمت به عشر دول أعضاء غير دائمين، على أن يتم إدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن فوراً، إلا أن القرار لم ينفذ.
وشهد مجمع الشفاء الطبي حصاراً نفذه الجيش الإسرائيلي في 18 آذار/ مارس باقتحام مفاجئ للمنطقة الغربية من مدينة غزة وللمجمع، حيث حوله إلى ثكنة عسكرية تحت النيران والقصف المستمر في المنطقة، والإعدامات الميدانية التي طالت الأطفال والنازحين والمرضى والكوادر الطبية.
على صعيد آخر، أصدرت ما تعرف بالجبهة الداخلية في غزة بياناً أعلنت فيه عن كشف عملية استخبارية جرت في شمال غزة، تسلل خلالها ضباط وعناصر من جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية برام الله، في مهمة رسمية من رئيس الجهاز ماجد فرج.
اقتصادياً، يواصل الاحتلال تعنته حول إدخال ووصول المساعدات، وذكر تقرير أممي، إنه منذ الأول من آذار/مارس منعت السلطات الإسرائيلية وصول 30 بالمائة من بعثات المعونات الإنسانية إلى شمال غزة و10% من البعثات إلى الجنوب.
وحذر أحدث تحليل أصدرته شراكة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي من أن الوضع في غزة كارثي، حيث تحدق المجاعة الوشيكة بشمال غزة، ويشمل تهديدها سائر مناطق القطاع.
وذكر مسؤول أممي أن أكثر من مليون شخص سيواجهون جوعاً كارثياً ما لم يسمح بدخول المزيد من المواد الغذائية إلى غزة.
حول الأضرار في القطاع، ذكرت تقارير أممية أنه تم تدمير أكثر من 70 بالمائة من الوحدات السكنية في جميع أنحاء غزة، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 80 في المائة شمال القطاع.
وفي غضون ذلك قال مسؤول أممي إن الأطباء في غزة يقولون أنهم لم يعودوا يروا مواليد بحجم طبيعي في غزة، على العكس، إنهم يرون عدداً أكبر من المواليد الذين يقضون بعد ولادتهم.
أما على الصعيد الثقافي، فقد أصدرت ما تعرف بمجموعة التعليم تقييماً جديداً للأضرار التي لحقت بالمدارس في قطاع غزة، والذي خلص إلى أن ما لا يقل عن 67% من المدارس في غزة بحاجة لإعادة بناء بالكامل أو أشغال كبيرة لإعادة تأهيلها لتعود للعمل.
ويبين التقرير بالأدلة التي قامت المجموعة بجمعها بالصور والفيديو والتقارير، أن القوات الإسرائيلية تستخدم المدارس لأغراض العمليات العسكرية، بما يشمل استخدامها كمراكز للاحتجاز والتحقيق وكقواعد عسكرية.
التقرير السياسي
أكثر من 32 ألف شهيداً وآلاف المفقودين
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، في نهاية آذار/ مارس، عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى 32,782 شهيداً، من بينهم أكثر من 13,000 طفل و9000 امرأة.
وأوضحت الوزارة في بيان أصدرته في 31 آذار/ مارس، أن حصيلة المصابين ارتفعت إلى 75,298 جريحاً، فيما لا يزال آلاف المواطنين في عداد المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 137 صحفياً، وذلك بعد استشهاد الصحفي الشهيد عبد الوهاب عوني أبو عون جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمنزله في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة.
ونشرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية قصصاً لعائلات فلسطينية أبيد بعضها، في حين فقد بعضها الآخر العديد من الأفراد، منذ بدأت الحرب على غزة، فقالت إن أكثر من 1800 عائلة على الأقل فقدت عدداً من أفرادها، وفق السلطات في غزة، وبعضها أبيدت بالكامل وأزيلت من السجل المدني الحكومي.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي عملت فيه بالتعاون مع منظمة “إير وورز” البريطانية غير الحكومية، أن 3 أجيال من الأسرة الواحدة استشهدوا في غضون أيام، وعائلات بأكملها تموت جراء الحرب الدائرة.
الجيش الإسرائيلي يحاصر مستشفى الشفاء
فرضت قوات الجيش الإسرائيلي حصاراً على مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، في 8 آذار/ مارس، بعد تقدمها المفاجئ في مناطق غرب المدينة تحت غطاء ناري في ظل اشتباكات عنيفة بين المقاومين الفلسطينيين وقوات مشتركة من الجيش والشاباك.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته تقوم بعملية دقيقة في منطقة مستشفى الشفاء، وزعم أن العملية تستند إلى معلومات استخباراتية تشير إلى استخدام المستشفى من قبل مسؤولين في حركة حماس، وهي الذرائع ذاتها التي ساقها الجيش قبل الحصار والاقتحام الأول للمجمع الطبي.
وفي بداية العملية، اشتعلت النيران في مبنى الجراحات التخصصية في المجمع الطبي جراء القصف الإسرائيلي، فيما حوّلت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء إلى ثكنة عسكرية، والمناطق والشوارع المحيطة به إلى منطقة عسكرية وسط ساحة حرب على مدار الساعة.
وزارة الصحة الفلسطينية في غزة حمّلت الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية حياة الطواقم الطبية والمرضى والنازحين داخل المجمع، مؤكدة أن الاحتلال لا يزال يستخدم رواياته المفبركة في خداع العالم ولتبرير اقتحام المجمع الطبي.
وقالت الوزارة إنه ليس هناك قدرة على إنقاذ المصابين جراء الهجوم بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ.
وبعد أيام من الحصار والاستهداف الإسرائيلي للمستشفى ومحيطه، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، إن المنظمة وشركاءها فقدوا الاتصال بالعاملين في المستشفى منذ بداية الاقتحام، والوصول إلى المستشفى أصبح مستحيلاً.
وحسب شهادة من طبيب في المستشفى أرسلها لأحد موظفي الأمم المتحدة، أبقى الجيش 50 عاملاً صحياً معظمهم من المبتدئين والمتطوعين، و143 مريضاً في مبنى واحد منذ اليوم الثاني للاقتحام، بكمية محدودة للغاية من الطعام والمياه، ومرحاض واحد فقط معطل.
والمرضى في حالة حرجة، والعديد منهم ملقى على الأرض، ومنهم بحاجة للعناية المركزة، فيما توفي مريضان كانا على أجهزة الإنعاش بسبب انقطاع الكهرباء.
وأضاف أن المرضى ليس معهم مرافقون أو مقدمو رعاية، ولا توجد إمدادات طبية أساسية ولا تضميد ولا أدوية.
وذكر شهود عيان أن طائرات مسيرة تستهدف الناس في الشوارع قرب المستشفى، ولم يتمكنوا من الإخلاء حيث بدأت المداهمة مع ساعات الفجر بشكل مفاجئ، ولفتوا إلى وجود أعداد كبيرة من الإصابات التي لا يمكن إنقاذها وشهداء على الأرض في كل مكان في محيط المجمع.
وكان الاقتحام قد بدأ عقب استهداف إسرائيلي أدى لاستشهاد فائق المبحوح مسؤول عمليات الشرطة المدنية، الذي عمل على تأمين وتسهيل وصول المساعدات إلى شمال قطاع غزة المحاصر منذ بداية الحرب، بسبب منع الاحتلال لدخول أي مواد لتلك المناطق.
وقد سيطر الجيش الإسرائيلي على المستشفى بالكامل، واعتقل العشرات من بينهم صحفيين وكوادر طبية، واستمرت عمليات الاحتلال في المنطقة حتى نهاية آذار/ مارس، والتي بدأت بعد أيام معدودة من بداية شهر رمضان، في ظل شح المواد الغذائية، بل وعدم تمكن معظم السكان من الحصول على أي مصادر غذاء بفعل الحصار المشدد والاستهداف المتواصل في المنطقة.
وفي نهاية الشهر أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن الجيش الإسرائيلي أعدم أكثر من 200 من النازحين الفلسطينيين داخل مجمع الشفاء، حسب المعلومات المتوفرة لديه.
وأضاف أن الجيش قام باعتقال نحو 1000 آخرين، فيما يتم تهديد الطواقم الطبية والنازحين داخل مباني المجمع بقصف وتدمير المباني فوق رؤوسهم أو الخروج للتحقيق والتعذيب والإعدام، حسب قوله.
وتحدثت شهادات ووسائل إعلام في وقت سابق عن قيام قوات الجيش الإسرائيلي بإعدام الطبيب محمد زاهر النونو في المستشفى بعد رفضه المغادرة وترك الجرحى.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه وثق إعدام الجيش الإسرائيلي 13 طفلاً من خلال إطلاق نار مباشر في مجمع الشفاء ومحيطه بمدينة غزة.
وتلقى الفريق الميداني للمرصد إفادات وشهادات متطابقة بشأن جرائم إعدام وقتل بحق أطفال فلسطينيين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و16 عاماً، بعضهم أثناء محاصرتهم من قبل الجيش مع عوائلهم داخل منازلهم، وآخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها لهم الجيش مسبقاً، بعد أن أجبرهم على النزوح من منازلهم وأماكن سكنهم.
وفي هذا السياق، قال إسلام علي صلوحة من سكان محيط الشفاء إن قوات إسرائيلية قتلت نجله الطفل علي البالغ من العمر 9 سنوات، والطفل سعيد محمد شيخة 6 سنوات أمام أعين عائلتيهما وسكان المنطقة، بعد استهدافهما بالرصاص الحي بشكل متعمد.
وحسب شهادات من المستشفى ومحيطها، إن الجيش الإسرائيلي أجبر العشرات على النزوح نحو جنوب مدينة غزة وهم عراة ومكبلين.
قرار أممي غير ملزم بوقف إطلاق النار
قدمت الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومن بينها الجزائر العضو العربي الوحيد بالمجلس، مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، تحترمه جميع الأطراف، بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
واعتمد المجلس القرار 2728 الذي حصل على تأييد 14 عضواً، دون أي معارضة، فيما امتنعت الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت من دون أن تستخدم حق النقض (“الفيتو”).
وطالب القرار الذي قدمته موزمبيق باسم الدول العشر، بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات الرهائن الطبية والإنسانية، وبامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم.
ويشدد القرار على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم، كذلك يكرر تأكيد مطالبته برفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.
وحول إن كان القرار ملزم أم لا، هناك العديد من الحالات التي استخدم فيها مجلس الأمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو أحد أقوى الأدوات لإلزام الدول بجعل القرارات ملزمة.
ويقول باتريك جوهانسون الذي كتب في مجلة Nordic Journal of International Law أنه يمكن اعتبار قرار مجلس الأمن قراراً ملزماً بموجب الفصل السابع، إذا كان الوضع يشكل تهديداً للسلام وخرقاً له أو عملاً عدوانياً.
ودعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إلى استخدام هذا الفصل قائلاً: “إذا لم تقم إسرائيل بتنفيذه فمن واجب مجلس الأمن استخدام الفصل السابع لاتخاذ إجراءات عقابية لإجبارها على الانصياع لقرار مجلس الأمن.”
مخابرات السلطة تدخل قوة استخبارية إلى غزة
كشفت ما تعرف بالجبهة الداخلية في غزة عن عملية استخبارية جرت في منطقة شمال غزة، في 30 آذار/ مارس، حيث تسلل عدة ضباط وجنود يتبعون لجهاز المخابرات العامة في رام الله، في مهمة رسمية بأوامر مباشرة من رئيس الجهاز ماجد فرج.
وبحسب البيان الصادر داخلية غزة، تأتي العملية “بهدف إحداث حالة من البلبلة والفوضى في صفوف الجبهة الداخلية، وبتأمين من جهاز الشاباك الإسرائيلي وجيش العدو، وذلك بعد اتفاق تم بين الطرفين في اجتماع لهم في إحدى العواصم العربية الأسبوع الماضي.”
وأشار البيان إلى قيام الأجهزة الأمنية في غزة باعتقال 10 من العناصر المذكورة وإفشال المخطط.
وحسب رواية الجبهة الداخلية “دخلت قوة أمنية مشبوهة السبت مع شاحنات الهلال الأحمر المصري ونسقت أعمالها كاملاً مع قوات الاحتلال، وأدار اللواء ماجد فرج عمل القوة بطريقة أمنية مخادعة، ضلل فيها الفصائل والعشائر الفلسطينية.”
وأكد المصدر المسؤول أن “الجانب المصري أبلغ هيئة المعابر عدم علمه بالقوة الأمنية التي تسلمت الشاحنات المصرية، وأخلى المسؤولية الكاملة عنها، والشرطة الفلسطينية في رفح قبضت على 6 من قيادة هذه القوة المشبوهة، وجاري العمل على استكمال الاعتقالات بحق جميع منتسبيها.”
من جانبها، أكدت السلطة الفلسطينية في رام الله أن إعلان وزارة الداخلية في غزة، بإرسال عناصر مخابرات إلى غزة “لا أساس له من الصحة.”
يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية “كان” إن وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالات اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج إدارة غزة مؤقتاً بعد انتهاء الحرب.
التقرير الاقتصادي
المجاعة دنت ولا بديل عن نقل المساعدات براً
حذر أحدث تقرير أصدرته شراكة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي من أن الوضع كارثي في غزة، حيث تحدق المجاعة الوشيكة بشمال غزة، ويشمل تهديدها سائر مناطق القطاع أيضاً، فيما تواصل إسرائيل إقفال المعابر البرية التي لا يُمكن إيصال ما يحتاجة القطاع من غذاء من دونها.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس إن التقرير المذكور يكشف الوضع المزري الذي يواجهه سكان غزة، لافتاً إلى أن هناك أعداد كبيرة من الموتى والمرضى جراء هذا الوضع، ويتوقع أن يواجه أكثر من مليون شخص جوعاً كارثياً ما لم يسمح بدخول المزيد من المواد الغذائية إلى غزة.
ويذكر التقرير الصادر في 18 آذار/ مارس أنه قبل اندلاع القتال في الأشهر الأخيرة كان 0,8% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، فيما نسبة الأطفال من هذه الفئة في المحافظات الشمالية قد ارتفعت اليوم إلى ما بين 12,4 و16,5% بحلول شباط/ فبراير.
ومن دون زيادة كبيرة وفورية في عمليات إيصال الأغذية والمياه من الإمدادات الأساسية، سيستمر تدهور الأوضاع، فجميع الأسر تقريباً لا تتناول كل الوجبات المعتادة كل يوم، ويقلل الكبار من حصصهم الغذائية حتى يتمكن الأطفال من الأكل.
وبحسب التقرير، ستكون للحالة الراهنة آثار طويلة الأجل على حياة وصحة الآلاف، وفي الوقت الحالي يموت الأطفال من الآثار المجتمعة لسوء التغذية والمرض. ويجعل سوء التغذية الناس أكثر عرضة لأمراض وخيمة، أو المعاناة من بطء الشفاء، أو الموت عند الإصابة بمرض.
وتؤدي الآثار طويلة الأجل لسوء التغذية وانخفاض استهلاك الأطعمة الغنية بالمغذيات والالتهابات المتكررة ونقص خدمات النظافة والصرف الصحي، إلى إبطاء نمو الأطفال بوجه عام، وهذا يضر بصحة ورفاه الجيل القادم بأكمله، حسب التقرير.
في السياق ذاته، دعا “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي” أطراف النزاع والمجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير عاجلة واستباقية لوققف أزمة الجوع المتصاعدة بسرعة في قطاع غزة، وأن يتم حشد الدعم السياسي لوضع حد للأعمال القتالية، وأن تتأمن الموارد اللازمة، ويتم إيصال المساعدات الإنسانية بأمان إلى سكان غزة.
وجاء في توصيات عامة للتصنيف، ضرورة استئناف إيصال المساعدات للقطاع بكامله، ووقف التدهور السريع للأمن الغذائي والصحة والتغذية وما يقترن به من زيادة معدل الوفيات. كما ينبغي السماح بدخول الإمدادات المستدامة من سلع المعونة الكافية، بما في ذلك الأغذية والأدوية ومنتجات التغذية المتخصصة والوقود وغيرها من الضروريات، والسماح بنقلها براً إلى جميع أنحاء القطاع، كما ينبغي استئناف حركة السلع التجارية بالكامل لتلبية حجم السلع المطلوبة.
وأعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في 12 آذار/ مارس، أنه أوصل مساعدات كافية لنحو 25 ألف شخص لمدينة غزة للمرة الأولى منذ 20 شباط/ فبراير. وأكد البرنامج الأممي على حاجته لتوصيل المساعدات بصورة يومية وإلى نقاط دخول مباشرة إلى الشمال.
وفي الخامس من آذار/ مارس أعاد الجيش الإسرائيلي قافلة مساعدات من 14 شاحنة، بعد انتظار دام ثلاث ساعات عند نقطة تفتيش وادي غزة، في المحاولة الأولى للبرنامج الأممي لإيصال المساعدات، بعد توقفه عن العمل بالشمال.
وانطلقت سفينة مساعدات من قبرص متوجهة إلى غزة، الثلاثاء 12 آذار/ مارس، محملة بـ 200 طن من إمدادات إغاثية.
في تعليقه على ذلك، قال يانس لاركيه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن وصول أي مساعدات إلى غزة، وأي مساعدات تصل للقطاع هي محل تقدير كبير، لكنها ليست بديلاً عن النقل البري للأغذية وغيرها من المساعدات الطارئة.
وأدان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فيليب لازاريني، رفض السماح بإدخال ما يسمى المواد ذات الاستخدام المزدوج المخصصة للقطاع.
وقال المسؤول الأممي في منشور على موقع “إكس”: “لقد أعيدت للتو شاحنات محملة بالمساعدات لأنها كانت تحتوي على مقصات تستخدم في مجموعات الأدوات الطبية للأطفال.”
ولفت لازاريني إلى أنه إلى جانب إضافة المقص الطبي للمواد المحظورة التي وضعتها السلطات الإسرائيلية، فإن القائمة تشمل مواد أساسية ومنقذة للحياة مثل أدوية التخدير، الأضواء الشمسية، اسطوانات الأكسجين، أجهزة التنفس الصناعي، أقراص تنقية المياه، أدوية السرطان ومستلزمات الأمومة.
وفي تقرير عن المستجدات صدر في نهاية آذار/ مارس، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا”، إنه منذ الأول من آذار/ مارس منعت السلطات الإسرائيلية وصول 30% من بعثات المعونات الإنسانية إلى شمال غزة و10 بالمائة من البعثات إلى الجنوب.
في منتصف آذار/ مارس وصلت أول شحنة مساعدات إنسانية بحرية إلى شاطئ قطاع غزة، والتي نفذتها مؤسسة “المطبخ المركزي العالمي” بالتعاون مع دولة الإمارات.
وتضمنت الشحنة 200 طن من المواد الغذائية التي وصلت في 16 آذار/ مارس، على متن السفينة الخيرية الإسبانية “أوبن آرمز”، وبدعم من حكومة قبرص وبالتعاون مع قافلة من برنامج الغذاء العالمي، وقام مسؤولون إسرائيليون بفحصها في ميناء بقبرص.
وتأتي العملية بمثابة تجربة لمدى فاعلية الطريق البحري، علماً بأنه لا يوجد ميناء فعال في غزة، لذلك تم بناء رصيف مراكب صغيرة من الشاطئ من قبل فريق المطبخ المركزي العالمي.
وتبحر سفينة عسكرية تحمل على متنها معدات لبناء رصيف عائم تخطط الولايات المتحدة بشكل منفصل لبنائه قبالة الساحل لتعزيز عمليات التسليم البحري، وحسب البيت الأبيض قد يتم إدخال مليوني وجبة يومياً إلى غزة.
واستمرت خلال آذار/ مارس الإنزالات الجوية للمساعدات في عدة مناطق، مخلفةً ضحايا وأخطاء في التوصيل، ففي بعض الحالات كانت تسقط فوق الأهالي بشكل مباشر مما يؤدي إلى وقوع شهداء وإصابات، أو سقوطها في البحر ما يدفع السكان للسباحة باتجاهها فيغرق البعض، بالإضافة إلى تلفها في المياه، وبجميع الأحوال تصل بكميات قليلة خاصة بالمقارنة بنقل المساعدات عبر الشاحنات بالطريق البري بفارق أطنان.
الدمار أسوأ بكثير مما حدث في الحرب العالمية
أشارت تقارير رسمية صدرت خلال آذار/ مارس إلى أن أكثر من 70,000 منزل قد تم تدميره كلياً وأصبح غير صالح للسكن، كما تضررت أكثر من 300,000 وحدة سكنية أيضاً وبمعظمها غير صالحة للسكن أو إعادة التأهيل بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بها.
وذكرت تقارير منظمات أممية أنه تم تدمير أكثر من 70% من الوحدات السكنية في جميع أنحاء غزة، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 80% شمال القطاع.
وبحسب الخبير المستقل المعني بالحق في السكن، بالاكريشنان راجاجوبال، فإن حجم وشدة الدمار في غزة، أسوأ بكثير مما حدث في حلب وماريوبول أو حتى دريسدن وروتردام خلال الحرب العالمية الثانية.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة في غزة أنه منذ بداية الحرب، لحقت الأضرار بـ 155 منشأة صحية، وتوقف 32 مستشفى و53 مركز صحي عن العمل، بسبب الهجمات أو نقص اللوازم، كذلك لحقت الأضرار بـ 126 سيارة إسعاف وأصبحت غير صالحة للاستعمال.
أعداد المواليد في قطاع غزة لم تعد طبيعية
قال مسؤول الأراضي الفلسطينية في صندوق الأمم المتحدة للسكان، دومينيك آلن، يروي الأطباء أنهم ما عادوا يرون مواليد بحجم طبيعي في غزة، على العكس، إنهم يرون عدداً أكبر من المواليد الذين يقضون بعد ولادتهم.
ولفت في مؤتمره الصحفي عبر الفيديو من القدس، إلى أن هناك 180 امرأة يلدن يومياً في القطاع المدمر فيما يعانين الجوع والجفاف، وهناك نساء حوامل أرهقهن الخوف والتنقل مراراً، وحري بهؤلاء الأمهات أن يحضن أطفالهن بين أذرعهن وليس في أكياس الجثث.
كما ندد المسؤول الأممي برفض السلطات الإسرائيلية السماح بمرور شحنات مساعدة تابعة لبرنامج الأمم المتحدة للسكان، لافتاً لافتقار القطاع لوسائل التخدير التي تحتاج إليها الحوامل ممن يخضعن لولادة قيصرية.
التقرير الثقافي
قوات الاحتلال تستخدم المدارس لأغراض عسكرية
نشرت تقارير أممية تقييماً جديداً أجرته ما تعرف بمجموعة التعليم، للأضرار التي لحقت بالمدارس في قطاع غزة، والذي خلص إلى أن ما لا يقل عن 67% من المدارس في غزة بحاجة لإعادة بناء بالكامل أو أشغال كبيرة لإعادة تأهيلها لتعود للعمل.
واستند التقييم إلى تحليل صور الأقمار الصناعية بسبب القيود المفروضة على الوصول، ولا سيما في شمال غزة، والقصف الإسرائيلي المكثف وتكرار انقطاع الاتصالات.
ويبين التقرير بالأدلة التي قامت المجموعة بجمعها بالصور والفيديو والتقارير، أن القوات الإسرائيلية تستخدم المدارس لأغراض العمليات العسكرية، بما يشمل استخدامها كمراكز للاحتجاز والتحقيق وكقواعد عسكرية.
ويشير التقرير إلى أن نحو 38% من المباني المدرسية (212 مدرسة) تعرض للقصف المباشر منذ الساع من تشرين الأول/ أكتوبر، و30%ىلم ترد تقارير بأن أضراراً لحقت بها.
وتستثنى المدارس التي تعرضت للقصف المباشر في 35 حادثة وأصيبت فيها ملاعب هذه المدارس من دون مبانيها، حيث تصنف ضمن فئة المدارس المتضررة.
ويقع 84% من المدارس التي تعرضت للقصف المباشر (94 من أصل 212 مدرسة) في محافظة غزة، تليها خان يونس وشمال غزة ودير البلح.
ويأتي توزيع المدارس التي تعرضت للقصف المباشر بواقع 58% (112) مدرسة حكومية، 29% (62) مدرسة تابعة لوكالة “الأونروا”، و13% (28) مدرسة خاصة.
ويشير التقرير إلى أن 95% من المباني المدرسية التي تستخدم كمراكز لإيواء النازحين تعرضت للقصف المباشر أو أصابتها الأضرار، و53% من المدارس باتت تصنف الآن باعتبارها مدمرة كلياً و38% منها فقدت ما لا يقل عن نصف مبانيها.