مقدمة

كان الشهر الأخير من سنة 2022 ديبلوماسياً بامتياز بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي محمد الشياع السوداني الذي انفتح بشكل غير مسبوق على محاور متعددة منحته فرصة لإثبات قدراته على البقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف، سواء العربية أو الإقليمية أو الدولية على الرغم من كل التباينات في المواقف بين تلك الدول.

ويعد مؤتمر بغداد الثاني للتعاون والشراكة الذي عقد في العاصمة الأردنية عمّان ثاني لقاء دولي رفيع المستوى شارك فيه السوداني، بعدما شارك في القمة العربية الصينية في السعودية، في مؤشر على وجود رغبة لدى مختلف الدول لاستمرار الانفتاح على العراق، على الرغم من تولي حكومة ترى أطراف عديدة أنها قريبة من توجهات إيران في المنطقة.

ومؤتمر بغداد الثاني بمثابة قمة جمعت فرنسا واللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والسعودية، من أجل دعم جهود العراق لتحقيق التنمية الشاملة والعمل على بناء التكامل الاقتصادي، وترسيخ دولة الدستور والقانون، وفي محاولة لنزع فتيل الأزمات المتفاقمة في المنطقة عبر الحوار.

اما مشاركة العراق في القمة الصينية العربية في الرياض فتجسد فرصة لاثبات النوايا الحسنة للسوداني مع دول المنطقة وسعيه لضبط التوازنات في منطقة تشهد اضطرابات وأزمات سياسية واقتصادية، وخصوصاً أن الحكومة العراقية لاقت ترحيباً إقليمياً ودولياً، انعكاساً للرغبة في دعم العراق والحاجة إلى استقرار المنطقة، فضلاً عن أن الانفتاح العربي على الصين يمثل خياراً مهماً يضعه العراق في حساباته لتنويع العلاقات وعدم اقتصاره على جهة دون أخرى, ولا سيما أن الصين تلعب دوراً مؤثراً في الاقتصاد العالمي.

وتسعى الدول المؤثرة إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في العراق والحد من الانتهاكات الخارجية، ولاسيما من قبل إيران وتركيا ضد إقليم ستان، إلى جانب تكثيف الجهود للتعاون مع بغداد، ولاسيما من قبل واشنطن، للحد من تنامي أعمال العنف وعودة الخلايا النائمة لتنظيم “داعش” إلى استئناف نشاطاتها في مناطق الاغلبية السنية، الأمر الذي يُربك ويُعقد الأوضاع الامنية والعودة بها إلى المربع الأول، والتي كانت من تداعياته مغادرة نحو مليون و300 ألف مسيحي العراق منذ 2003.

وفي غضون ذلك، لا تزال الفضيحة المعروفة بـ “سرقة القرن”، المتعلقة بسرقة أكثر من ملياري دولار من أموال تأمينات الضرائب، تتفاعل على أكثر من صعيد، وهو ما دفع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، إلى التعبير عن أسفها من أن “سرقة القرن” لن تكون الأخيرة في العراق، مرجحة قيام “الخاسرين” في هذه القضية بعرقلة خطوات الحكومة للكشف عن تفاصيل السرقة وتداعياتها. وفي السياق ذاته كشف تقرير للجنة النزاهة النيابية عن أن الأموال التي سرقت من حساب أمانات هيئة الضرائب في مصرف الرافدين، كانت تعود لشركات صينية.

وعلى الرغم من الاجواء المزدحمة بالأزمات كانت بغداد محطة تفيض بالمعارف والثقافة والفنون ومكانا لتلاقي الثقافات الأخرى من خلال إقامة معرض بغداد الدولي للكتاب بنسخته الثالثة التي تثري القارئ وتزيد الوعي بأهمية الكتاب ودوره في تشكيل الوعي.

التقرير السياسي

ترحيب بمشاركة العراق في قمّة الرياض العربية  الصينية

إذاً، شارك رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في القمّة العربية الصينية للتعاون والتنمية، يوم في 9 كانون الاول / ديسمبر، والتي استضافتها المملكة العربية السعودية، والتقى على هامشها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وفصّل بيان لمكتب السوداني نشاطاتهه في قمة الرياض بالقول إن “رئيس الوزراء العراقي القى كلمة العراق في القمّة التي حضرها عدد من الملوك والرؤساء وممثلي الدول المشاركة، بالإضافة إلى الرئيس الصيني شي جي بينغ [….] وعبّر في كلمته عن رؤية العراق للتعاون والصداقة بين الدول العربية والصين، وما يمكن أن يُنجز في إطار التكامل الاقتصادي، والمواجهة القوية المنسقة للتحديات التي تواجهها الشعوب الشقيقة والصديقة التي تشارك قياداتها في القمّة”.

وأوضح رئيس الوزراء العراقي؛ موقف بلاده “الحريص على استقرار النظام الاقتصادي العالمي، بما في ذلك استقرار السوق النفطية، والانفتاح الإيجابي على جميع الأصدقاء. كما جدد الوقوف المبدئي مع حق الشعب الفلسطيني في دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف”.

ووفقا للبيان فإن السوداني “عقد على هامش القمة سلسلة من اللقاءات مع عدد من الزعماء ورؤساء حكومات الدول الشقيقة المشاركة في القمة العربية، تبادل معهم وجهات النظر وتنسيق المواقف إزاء أهم التحديات الاقتصادية والأمنية المشتركة، وسبل تنظيم الشراكة بين الدول العربية والصين، فضلاً عن البحث في العلاقات الثنائية والملفات ذات الاهتمام المشترك، ووسائل تحقيق التنمية والاستقرار والازدهار الاقتصادي للشعوب الشقيقة والصديقة للدول المشاركة في القمة”.

ويسعى العراق بعد المشاركة العراقية بالقمة العربية – الصينية الى فتح آفاق تعاون كبيرة مع الصين، وتفعيل الانضمام لـ “طريق الحرير” الممتد إلى تاريخ بعيد حيث كانت الصين تتطلع لغربها، وتكمن أهميته في أن أكثر من 120 دولة والعراق أحدى الدول المهمة تسوق من خلاله منتجاتها نحو العالم.

وجرى إحياء الطريق بشكل جاد عام 2013 بأعتباره نقطة حيوية اقتصادية ويغطي حوالي 66 دولة وينقسم إلى قسمين، أحدهما يتجه نحو أوروبا عبر العراق الذي يعتبر ركيزة أساسية لكونه يفتح آفاق الاستثمار ويسمى أيضا حزام طريق الحرير الاقتصادي، وهنا يشكل جسراً بحرياً وبرياً يفتح التواصل من ميناء الفاو إلى أوروبا ويختصر نصف مدة طرق التصدير ويربط الصين بالعالم التي تحتاج إلى أسواق متعددة لتصريف بضائعها، وهذا ما دفعها لعقد مؤتمرات عربية لكي تضع موضع قدم بديل لأمريكا والغرب.

وستعود على العراق من خلال هذا الطريق فوائد عدة منها جعله من المراكز الأساسية على الطرق وسكك حديد لنقل لنقل ملايين الأطنان من السلع اضافة الى استثمارات وخدمات كبيرة وخدمات أخرى، من شأنها تشغيل العمالة وانتعاش المنطقة وتقليل نسب الفقر والبطالة.

وتريد الصين موطئ قدم لها في العراق والمنطقة في ظل الفراغ الموجود حاليا، وعند معيار المقارنة، فإن المواطن العراقي يفضل الصين على أميركا لأنه يحمل خلفية سيئة عن الأخيرة ، في حين أن الصين تمتلك تاريخا جيدا مع الشعوب العربية.

وتمثل مشاركة العراق في القمة الصينية فرصة لاثبات النوايا الحسنة له مع دول المنطقة وسعيه إلى ضبط التوازنات في منطقة التي تشهد اضطرابات وأزمات سياسية واقتصادية على أكثر من صعيد، وانعكاساً لرغبة إقليمية ودولية بدعم العراق والحاجة إلى استقرار المنطقة.

مؤتمر بغداد 2 يؤكد دعم أمن العراق وسيادته على أراضيه

أكد مؤتمر بغداد الثاني للشراكة والتعاون دعم جهود العراق لتحقيق التنمية الشاملة والعمل على بناء التكامل الاقتصادي، وترسيخ دولة الدستور والقانون.

وشدد البيان الختامي للمؤتمر، الذي انعقد في الأردن يوم الثلاثاء 20 كانون الأول / ديسمبر 2022، على “استمرار العمل للبناء على مخرجات الدورة الأولى لمؤتمر بغداد، والمضي في التعاون مع العراق دعما لأمنه واستقراره وسيادته ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية وجهوده لتكريس الحوار سبيلا لحل الخلافات الإقليمية”.

وأكد المشاركون “وقوفهم إلى جانب العراق في مواجهة جميع التحديات، بما ذلك تحدي الإرهاب، الذي حقق العراق نصراً تاريخياً عليه بتضحيات كبيرة وبتعاون دولي وإقليمي”، مجددين “إدانتهم التطرف والإرهاب بكل أشكاله”.

كما أكدوا “أهمية آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق والمشاريع الاقتصادية التي اتفق عليها في سياقها، بما في ذلك مشاريع الربط الكهربائي بينه.”

وشارك في اعمال المؤتمر كل من  الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي ينسّق مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني ومنسق الاتحاد الأوروبي لهذه المحادثات إنريكي مور، و وزراء خارجية إيران والسعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، كما شهد المؤتمر انضمام عضوين جديدين، هما سلطنة عمان والبحرين.

ويُعد مؤتمر بغداد الثاني للتعاون والشراكة، ناجحاً لما مثله من دعم سياسي واعلامي للعراق مع اهمية ترجمة مقرراته الى نتائج عملية ملموسة.

وشكل الحضور السياسي العربي والغربي والإقليمي لمؤتمر بغداد الثاني، دعماً سياسياً للحكومة العراقية برئاسة السوداني، والتي يبدو أنها بحاجة إلى توفير أجواء تساعدها على الخروج من الأزمات التي تشهدها بغداد سواء الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية فضلاً عن ضمان عدم تهديد سيادة العراق الذي يتعرض لقصف إيراني وتركي في إقليم ستان إلى جانب الحاجة لإطلاق حصة العراق من المياه لمساعدته في تحقيق استقراره الأمني والحياتي.

وعقد مؤتمر بغداد الاول للتعاون والشراكة، في العاصمة بغداد في 28 آب / أغسطس 2021 ، بمبادرة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة العراقية السابق مصطى الكاظمي وبمشاركة كل من السعودية  والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والأردن ومصر وإيران، كما شاركت كل من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، ومثلت من قبل أمنائها العامين.

السوداني يراجع الخطط الامنية وواشنطن تتعهد بمواجهة داعش

وفي الشق الامني وجّه السوداني، كونه القائد العام للقوات المسلّحة، بإعادة تقييم الخطط الأمنية والتكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لـ “فلول الإرهاب”.

وخُصص اجتماع أمنيّ ترأسه السوداني، الأربعاء 21 كانون الأول / ديسمبر 2022، ضم رئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة وعدداً من كبار القادة الأمنيين والعسكريين من مختلف صنوف القوات الأمنية، لمناقشة التطورات الأمنية الأخيرة في محافظتي كركوك وديالى (شرق وشمال شرق العراق)، اللتين شهدتا هجومين أدّيا إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الأجهزة الأمنية والمدنيين.

واستمع القائد العام للقوات المسلحة إلى إيجاز مفصل عن الحادثين، والخطط العسكرية الموضوعة للحيلولة دون تكرار مثل هذه الخروقات. ووفقاً للبيان فقد شدّد السوداني على أن “ما حدث لن يمر من دون أن ينال المرتكبون القصاص”، موجهاً القادة العسكريين بـ “إعادة إجراء تقييم شامل للخطط الموضوعة، وتغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطات لفلول الارهاب، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، وبالطريقة التي تضعف من قدرات عناصر داعش الإرهابية، وتحدّ من حركتهم”.

ورداً على تنفيذ تنظيم داعش سلسلة من الهجمات في الأيام الأخيرة، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية أن تلك الهجمات تبرز أهمية “وجود عملنا مع القوات العراقية على مواجهة أي خطر يشكله مسلحو داعش على البلد”.

وخلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) الذي عقد يوم الثلاثاء 20 كانون الأول ديسمبر 2022، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الجنرال بات رايدر: “نرتبط مع العراق بعلاقات طويلة الأمد وخاصة في مجال محاربة داعش، وهذا يثير أهمية وجوب أن نعمل معاً في المنطقة ونواجه أي تهديد يشكله داعش. تفاصيل هذه الهجمات ليست متوفرة عندي، لكن وكما تعلمون فإننا نواصل دورنا في تقديم المشورة والتعاون والتدريب للقوات العراقية لتعزيز قدراتها في مواجهة أي تهديد”.

وكان رتل تابع لقوات الشرطة الاتحادية العراقية تعرض يوم 18 كانون الأول / ديسمبر لكمين نصبه داعش بالقرب من قرية الصفرة التابعة لمحافظة كركوك، وأسفر الكمين عن استشهاد 11 عنصراً في الشرطة الاتحادية وجرح اثنين آخرين منهم.

وفي ليلة 19 كانون الأول / ديسمبر، شن مسلحون هجوماً على قرية البوبالي التابعة لناحية الخالص بمحافظة ديالى، أسفر عن استشهاد ثمانية أشخاص من عشيرة الدليم وجرح ثلاثة. ومع أن التحقيقات لا تزال مستمرة، فإن المصادر الأمنية تشير إلى أن الهجوم المسلح نفذه داعش.

مليون و300 ألف مسيحي تركوا العراق منذ 2003

وفي سياق يتعلق بتأثير الوضع الأمني على الأقليات الدينية في العراق، أعلن مدير شؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في إقليم ستان، خالد جمال البرت، أن مليوناً و300 ألف مسيحي، يشكلون 70% من المسيحيين، تركوا العراق منذ 2003.

وقال في تصريح يوم الثلاثاء 20 كانون الأول / ديسمبر 2022، إن “مليوناً و800 ألف مسيحي، كانوا يعيشون في العراق، وفق إحصاءات ما قبل 2003، بقي منهم حالياً وفق كنائسنا، نحو 500 ألف شخص، أي غادر مليون و300 ألف شخص العراق”.

وبحسب بيانات وزارة الأوقات والشؤون الدينية في إقليم كردستان، يشكل المسيحيون الذين هاجروا، نسبة 70% من المسيحيين في البلد.

وأوضح البرت أن “138 ألف مسيحي نزحوا إلى محافظات إقليم كردستان في حزيران / يونيو 2014 وحده، وذلك عندما بدأ داعش هجماته على نينوى، هاجر 70 ألفاً منهم إلى خارج العراق، وعاد نصف المتبقي منهم إلى ديارهم، وبقي 30 ألفاً في إقليم كردستان”.

وبشأن عدد المسيحيين في إقليم ستان، إلى أن “هناك 300 ألف مسيحي في إقليم كردستان وسهل نينوى”، مشيراً إلى بدء موجة جديدة لهجرة المسيحيين من إقليم ستان والعراق حيث تغادر نحو 6 عوائل مناطقها شهرياً ليس من النازحين وأهالي سهل نينوى وحسب، إنما من سكان المنطقة الأصلاء أيضاً”.

وبيّن أنه “بعد أحدث عام 2006 والفترة التي اعقبتها، وفد 250 ألف مسيحي من بغداد والمناطق الأخرى إلى إقليم كردستان، نصفهم هاجر إلى الخارج”.

وكان البابا فرنسيس أكد خلال زيارته العراق وإقليم ستان، في آذار / مارس 2022، أن “وجود المسيحيين العريق في هذه الأرض وإسهامهم في حياة البلد يشكل إرثا غنياً.”

ويُطلب من الحكومة العراقية الالتزام باتفاقيات حقوق الإنسان وخصوصاً أن معاناة المسيحيين والأقليات الأخرى (الصابئة المندائيين والإيزيديين، على سبيل المثال وليس الحصر) في العراق، لا تزال تتعمق على خلفية القوانين القديمة والفساد المستشري والأفكار التكفيرية التي تثير الكراهية، وغياب المواطنة الكاملة، وحماية القانون وضمان الحقوق والواجبات، فضلاً عن أن الصمت المطبق للمسؤولين أمام معاناة المسيحيين وشعورهم بالظلم والتهميش كمواطنين من الدرجة الثانية، يدفعهم الى الهجرة بعد وجودهم في البلد الذي يمتد إلى أكثر من ألفي عام، وتطبيق استراتيجية متكاملة لتجديد الفكر والقوانين والخطاب الديني الذي يتعارض مع الواقع الحالي.

التقرير الاقتصادي

اهتمام اممي بفضيحة "سرقة القرن" والشركات الصينية ضحية الاحتيال

اقتصاديا لا تزال قضية سرقة القرن التي تمثل نموذجاً لواقع الفساد المستشري في العراق، تتفاعل على أكثر من صعيد، لتحمل ابعاداً دولية، إذ أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، عن أسفها من أن “سرقة القرن” لن تكون الأخيرة في العراق، مرجحة قيام “الخاسرين” في هذه القضية بعرقلة خطوات الحكومة في وقت كشف فيه تقرير للجنة النزاهة النيابية أن الأموال التي سرقت من حساب أمانات هيئة الضرائب في مصرف الرافدين، كانت تعود لشركات صينية.

وفي رسالة لبلاسخارت في اليوم الدولي لمكافحة الفساد، يوم الجمعة 9 كانون الأول / ديسمبر 2022، ذكرت ان “أحدث قضية فساد كبرى في العراق، والتي سُمّيت بــ “سرقة القرن”، لن تكون الأخيرة للأسف، ولا يسعنا إلا أن نأمل أن تكون بمثابة جرس إنذار. لا شك في أن التغيير المنهجي سيُثبت أهميته الحيوية لمستقبل البلاد”، لافتة إلى أن الجهود الحكومية “قد تُعرقَل أو تُقوَّض من قبل أولئك الذين سيخسرون.”

وشددت على وجوب “توقف انتزاع موارد الدولة من أجل مصالح خاصة وفئوية”، مؤكدة على أن “الفساد هو أحد الأسباب الرئيسية للاختلال الحاصل في العراق، فإبقاء المنظومة كما هي سوف يرتد بنتائج سلبية في النهاية”.

وفي السياق نفسه كشف تقرير للجنة النزاهة النيابية أن الأموال التي سرقت من حساب أمانات هيئة الضرائب في مصرف الرافدين، كانت تعود لشركات صينية، وأن مكتب رئيس الوزراء السابق متورط في هذا الملف، وكانت لديه معلومات عن المبالغ في ذلك الحساب.

وتبلغ الأموال التي تم سحبها من قبل 5 شركات بين آب / أغسطس 2021 وأيلول / مارس 2022، من حساب أمانات الهيئة العامة للضراب في مصرف الرافدين فيما سمي بـ “سرقة القرن”، 3,7 ترليون دينار، أي أكثر من ملياري دولار.

وبحسب التقرير فأن “لجنة تقصي الحقائق” المشكلة في لجنة النزاهة النيابية، عقدت 37 اجتماعاً استضافت فيها 33 شخصية من بينهم المدير السابق لمصرف الرافدين، المدير السابق لدائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، الرئيس السابق لهيئة النزاهة، الوزير السابق للنفط والمالية وكالة، وزيرة المالية حالياً والتي شغلت منصب وكيل وزير المالية، ومسؤولين آخرين في ديوان الرقابة المالية.

ويشير التقرير إلى صرف 3 ترليونات و370 مليوناً و882 ألف دينار بواسطة 260 صكاً لـ 5 شركات خلال الفترة من 9 أيلول / سبتمبر 2021 لغاية 11 آب / أغسطس 2022. وبيّن التقرير أن الشركات الخمس تقدمت بطلبات لرد الأمانات مدعية بأن لديها التنازل من الشركة الصينية صاحبة مبلغ الأمانات، كما أن سرقة الأمانات الضريبية بدأت في جملة مخاطبات، أولها كتاب رئيس اللجنة المالية السابق هيثم الجبوري الذي تضمن طلباً بخصوص الأمانات الضريبية.

وعمل هيثم الجبوري مستشاراً لرئيس الوزراء السابق، قبل القاء القبض عليه بتهمة “تضخم الأموال والكسب غير المشروع” بحسب الهيئة العليا لمكافحة الفساد.

ويُوجه التقرير ي أصابع الاتهام لوزير المالية السابق علي علاوي، لمخالفته “القوانين والانظمة والتعليمات المعمول بها، من خلال تخويل شخص بصلاحيات الإشراف والتواصل مع الهيئة العامة للضرائب من دون غطاء قانوني. فوزير المالية السابق هو رئيس مجلس إدارة مصرف الناس الذي يكون الشخص المخول مديرها التنفيذي، الأمر الذي يثير الشكوك”، بحسب التقرير.

وأشار تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة في لجنة النزاهة النيابية، إلى ثبوت تدخل مكتب رئيس الوزراء “من خلال الاتصال بمسؤولي وزارة المالية لغرض التاثير عليهم، ومخاطبتهم مدراء هيئة الضرائب والمصارف دون الرجوع إلى وزير المالية وتجاوزه ويشير إلى تورط السكرتير الشخصي لمدير مكتب رئيس الوزراء السابق، كونه “حلقة الوصل بينه وبين نور زهير جاسم” ومن الأشخاص الذين تكرر سفرهم على متن طائرة نور زهير جاسم.

والقي القبض على نور زهير وهو صاحب شركتين وردتا في التقرير، في مطار بغداد الدولي، يوم 24 تشرين الثاني / 2022، عند محاولته مغادرة البلاد عبر مطار بغداد الدولي.

واصدرت محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة توضيحاً، يوم الخميس 8 كانون الأول / ديسمبر 2022، ذكرت فيه أنه تم إيداع الدفعة الثانية من مبالغ الأمانات الضريبية بمبلغ قدره 134 مليار و455 مليون و600 ألف دينار في الحساب المصرفي المفتوح في مصرف الرافدين الفرع الرئيسي.

وأشارت إلى استمرار عملية استرداد مبالغ الأمانات الضريبية ليكون مجموع المبالغ المستردة 317 مليار 535 مليون 536 الف و525 دينار.

وسبق أن أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن استرداد 182,7 مليار دينار عراقي، وجبةً أولى من أصل مبلغ قدره 1,681270 تريليون دينار.

التقرير الثقافي

أكثر من مليون مؤلَف ومشاركة 20 دولة في معرض العراق الدولي للكتاب 2022

وعلى الرغم من الأزمات التي يشهدها العراق، إلّا ان بغداد لا تزال تقرأ من خلال استضافة معرض العراق الدولي للكتاب، في تظاهرة حضارية تدل على اهتمام العراقيين بالمنجز الإبداعي في مختلف المواضيع. فقد شهد المعرض الذي أقيم بين 8 و18 كانون الأول / ديسمبر، مشاركة 350 دار نشر من 20 دولة، تضمنت أكثر من مليون عنوان، في دورة حملت اسم المفكر والمؤرخ هادي العلوي وشهدت اقبالاً جماهيرياً واسعاً.

وشهد المعرض أكثر من 25 محاضرة نقدية، فضلاً عن حفلات توقيع الكتب التي زادت عن 20 حفلة، ودعوة 25 ضيف من الكتاب والنقاد من خارج العراق.

ويعتبر معرض الكتاب من أهم الفعاليات الثقافية التي يشهدها العراق، لتأكيد دوره الريادي في مجال الأدب والثقافة، ونافدة مهمة يطل من خلالها القارئ العراقي على ماينتج عربياً وعالمياً من أدب وثقافة ومن وعي وصناعة للنشر، فضلً عن كون المعرض يعيد العراق إلى واجهة المشهد الثقافي العربي.