مقدمة

أصبح محمد شياع السوداني في 28 تشرين الأول / أكتوبر رسمياً سيد القصر الحكومي في بغداد، بعد يوم من نيل حكومته الثقة من البرلمان عقب انتظار دام أكثر من عام، وغادر مصطفى الكاظمي منصبه بهدوء تاركاً للسوداني تركة ثقيلة ورثها من الحكومات السابقة في مجالات الأمن والاقتصاد والخدمات والسلاح المتفلت، ومهمة عسيرة لإصلاح الوضع المعيشي المتهاوي، أما صدرياً، فقد خيّم الصمت على اجواء التيار الرابح / الخاسر في الانتخابات التشريعية.

ولاقت حكومة السوداني ترحيباً إقليمياً ودولياً، انعكاساً لرغبة بدعم العراق والحاجة إلى استقرار المنطقة، وخصوصاً انعكاساً لتوافق أميركي – إيراني على إنهاء أزمة سياسية معقدة تعصف بالبلد وتضعه على حافة آتون حرب داخلية، شيعية – شيعية هذه المرّة.

وفضلاً عن صعوبة حل الأزمات المُعقّدة والمتداخلة، فإن ملف حصر السلاح بيد الدولة لن يكون سهلاً وخصوصاً أن معظمه في يد أطراف في الإطار التنسيقي الذي رشح السوداني لمنصب رئيس الوزراء، وهو أمر قد يُفشل مساعيه الرامية لحصر السلاح، علماً بأن أطراف الإطار التنسيقي يملكون القدرة البرلمانية على عزل السوداني في حال عدم رضاهم عن سياساته.

لكن السوداني، على الرغم من التحديات المُشار إليها، طعّم حكومته بشخصيات قريبة من الأميركيين، وبموافقة الإطار التنسيقي. فوزير الداخلية عبد الأمير الشمري الذي يشغل قائد العمليات المشتركة يرتبط بعلاقات وثيقة مع قيادات عسكرية أميركية وغربية، وهو مطلع مباشرة على العمل الأمني الميداني، الأمر الذي قد يفيد في السيطرة على الأمن المتفلت، لكن في المقابل، فإن سطوة الفصائل المسلحة ونفوذها قد يعيق رغبة السوداني في تنفيذ وعوده في هذا المضمار.

التحدي الآخر، من ضمن التحديات العديدة، تعهد الحكومة العراقية الجديدة بالعمل على تطبيق اتفاقات جرت مع قوى سنية وكردية تتعلق بمستقبل الحشد الشعبي، وبملف النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها.

وجاء نيل السوداني ثقة البرلمان العراقي، عقب مخاض عسير تجاوز عاماً كاملاً منذ الانتخابات النيابية 2021، وعلى وقع هجمات صاروخية وقصف إيراني على منطقة كردستان، وقد مهد لها توافق الأكراد على عبد اللطيف رشيد رئيساً، وتجديد الثقة بمحمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب.

وكان طرح السوداني لرئاسة الحكومة، بعد أشهر من السجالات والصدامات التي قادت إلى صدامات سياسية وأمنية بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، والتي تمت لملمتها سريعاً بعد وساطات عاجلة لتطويق اشتباكات المنطقة الخضراء عقب استقالة الصدريين وغضب زعيمهم مقتدى الصدر من عراقيل وضعها منافسوه لتاليف الحكومة.

 

ويمكن القول إن التيار الصدري أسهم بالوصول إلى مثل هذه النتيجة، بعدما اقترف، مثلما يرى كثيرون، خطأ سياسياً استراتيجياً باستقالة نوابه من البرلمان ومنح الفرصة لخصمه بالحصول على الأغلبية التي تتيح له التحكم بمفاصل مهمة في مؤسسات الدولة ومنها البرلمان.

كما أن الأكراد يتحملون بدورهم مسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع، بعدما كانوا قد فشلوا في الاتفاق سابقاً على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، إذ أصر كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود البارزاني) وغريمه الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة بافل الطالباني) على مرشح يخصه لرئاسة الجمهورية، وهو الموقع الذي يعد من حصة الأكراد وفقا لنظام المحاصصة، غير المكتوب. وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني، المتحالف مع التيار الصدري والكتلة السنيّة، رفض إعادة ترشيح برهم صالح لولاية رئاسية ثانية وتمسك بمرشحه ربير أحمد ليتنازل في نهاية المطاف، وبعد ابتعاد الصدريين عن المشهد البرلماني، لمصلحة عبد اللطيف رشيد المحسوب على الاتحاد الوطني، حليف للإطار التنسيقي.

وكان تسهيل انتخاب رئيس جديد للعراق مخرجاً من حالة انسداد سياسي أثارت المخاوف من حصول تداعيات سياسية وأمنية واجتماعية تضاف إلى تراكم المشاكل الاقتصادية، الأمر الذي يهدد بانفجار شامل في ظل ما يشهده العراق من أزمات مرتبطة بالخلاف السياسي من جهة، وتفشي الفساد من جهة أخرى. هذه الحال دفعت بممثلة الأمين العام للامم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت إلى إطلاق حزمة تحذيرات جديّة من مخاطر دخول البلد في آتون صراع محتدم، منتقدة بشدة الساسة العراقيين وأسلوب إدارتهم للبلد والعملية السياسية.

 

وسبق التوافق على الرئاستين، عودة الاحتجاجات الشبابية، استذكاراً لمرور ثلاثة سنوات على انتفاضة تشرين الأول / أكتوبر التي اسقطت الحكومة السابقة بقيادة عادل عبد المهدي، وجاءت بحكومة مصطفى الكاظمي الذي سعى خلال فترة ولايته إلى حلحلة الأزمة عبر دعوته مرتين لحوار بين أطراف الصراع السياسي، غاب عنهما التيار الصدري الذي تكررت الدعوة له بالمشاركة في الحوار للوصول إلى حلول للأزمة التي تعمقت بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق برفض حل البرلمان وتمسك الصدر بعدم عودة نوابه الى ممارسة أعمالهم بعد الطعن في استقالاتهم أمام المحكمة الاتحادية.

والأزمة السياسية الأخيرة ليست ابنة ساعتها، فهي تعود بجذورها الحديثة إلى فترة الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003، وما تلاها من تطورات، والذي حل مؤسسات الدولة العراقية، ومزق النسيج الاجتماعي فيها، وفتح البلد على فوضى شاملة، وشرّعه أمام التدخلات الإقليمية، فانتشر الفساد الذي قوّض الاقتصاد، وآخر ما كشفت عنه التحقيقات في هذا المجال فضيحة سرقة 2,5 مليار دولار من أموال الضريبة، كما قوّض العمق الثقافي للعراق، مع تسجيل محاولات لاستعادة بعض مجد العراق في مجال الثقافة، فبعد إعادة فتح شارع المتني، أيقونة الثقافة العراقية، سجل شهر تشرين الأول / أكتوبر حدثاً مهماً تمثل باستضافة بغداد للمهرجان الدولي الثالث للمسرح.

التقرير السياسي

السوداني رسمياً رئيساً للوزراء خلفاً للكاظمي

إذاً، تسلم محمد شياع السوداني في 28 تشرين الأول / أكتوبر مهامه رسمياً رئيساً للحكومة العراقية، وقائداً عاما للقوات المسلحة.

وكان مجلس النواب العراقي، صوّت في 27 تشرين الأول / أكتوبر، على التشكيلة الوزارية التي اختارها السوداني، بعد أن صوت البرلمان بالأغلبية المطلقة على برنامجه الوزاري.

وجاءت التشكيلة الحكومية على النحو التالي: رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني؛ النائب الأول فؤاد حسين وهو أيضاً وزيراً للخارجية؛ النائب الثاني وزير النفط حيان عبد الغني؛ النائب الثالث وزير التخطيط محمد تميم.

وتوزعت الوزارات على النحو التالي: وزيرة المالية طيف سامي؛ وزير الدفاع ثابت العباسي؛ وزير الداخلية الفريق أول الركن عبد الأمير الشمري؛ وزير الصحة صالح مهدي؛ وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق؛ وزير النقل رزاق محيبس؛ وزير الموارد المائية عون ذياب؛ وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي؛ وزير الشباب والرياضة أحمد محمد حسين؛ وزير التربية ابراهيم نامس؛ وزير التجارة أثير داود؛ وزير العدل خالد شواني؛ وزير الكهرباء زياد علي؛ وزيرة الاتصالات هيام الياسري؛ وزير الزراعة عباس المالكي؛ وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي؛ وزير الصناعة والمعادن خالد بتال؛ وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك. وتم تأجيل التصويت على وزارتي: البيئة، والإعمار والاسكان، إلى وقت لاحق.

ولاقى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ترحيباً اقليمياً ودولياً كبيراً، فوجهت كل من المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران والولايات المتحدة والبحرين التهاني لرئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني.

وانهى اختيار السوداني رئيساً للحكومة،  حالة انسداد سياسي عسير منذ إعلان نتائج الانتخابات المبكرة في شهر تشرين الأول / أكتوبر 2021، إذ تشكلت في حينه كتلتان متخاصمتان: الأولى ضمت الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف عزم وبعض النواب المستقلين، والثانية ضمت الكتلة الصدرية وتحالف السيادة الجامع لأغلب القوى السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني تحت مسمى التحالف الثلاثي الذي لم يتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية الذي بدوره يكلف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة، وذلك بسبب مقاطعة الإطار التنسيقي لتلك الجلسات وفق ما بات يعرف لاحقاً بـ “الثلث المعطل”، تيمناً بتجربة الثلث المعطل في لبنان.

وبعد شد وجذب فاجئ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الجميع، بالانسحاب من العملية السياسية ودعوة نواب إلى تقديم استقالاتهم من مجلس النواب، فتعقد المشهد السياسي أكثر، قبل أن تتصاعد حدة الخلاف بعد إعلان الإطار التنسيقي ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، واقتحام مؤيدين وعناصر في التيار الصدري المنطقة الخضراء ومبنى مجلس النواب، والإعلان من هناك عن اعتصام مفتوح دام شهراً، قبل أن يغادر الصدريون مبنى البرلمان، ويقتحمون القصر الرئاسي ويحاصرون مبنى السلطة القضائية، واستخدام القوات الأمنية القوة لإخراجهم من المنطقة الخضراء، واندلاع مواجهات مسلحة سقط خلالها عشرات الضحايا ومئات الجرحى.

وسيقع على عاتق السوداني إيجاد حلول لملفات عالقة ومنها العلاقة مع دول الجوار، ومع أن معالم سياسته غير واضحة، إلا أن البرنامج الحكومي المعلن تضمن مسك العصا من المنتصف، ولا سيما العلاقة مع إيران وتركيا، فضلاً عن حالة التوازن في العلاقات مع العرب والتشديد على ضرورة احترام سيادة العراق، وإكمال مسيرة حكومة سلفه مصطفى الكاظمي التي نجحت في صوغ علاقات متوازنة مع مختلف دول المنطقة، وخصوصاً مع السعودية ومصر والاردن، وسعيها لإيجاد حل لمشكلة القصف التركي والإيراني المستمرين على المناطق الحدودية شمالي البلد، وكذلك ملف المياه. وبالتالي فإن برنامج حكومة السوداني قائم على تفاصيل عديدة بحاجة إلى عمل جاد يتجاوز التحديات الراهنة.

المبعوثة الأممية الخاصّة تنتقد أداء المسؤولين

الأزمة السياسية في العراق كانت قد حضرت في مجلس الأمن الدولي خلال إحاطة عن الوضع في العراق، وحذرت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة جينين هينيس في 4 تشرين الأول / أكتوبر من أن الوضع في لا يزال “متقلباً للغاية.” وقالت إنه “مع وجود خطر اندلاع مزيد من الفتنة وسفك الدماء لا يزال ملموساً للغاية، فإن التركيز على من فعل ماذا ومتى لم يعد خياراً”. وأضافت: “خيبة الأمل العامة تصل إلى عنان السماء، والكثير من العراقيين فقدوا الثقة في أن الطبقة السياسية في البلد تعمل من أجل مصالح البلد والشعب”، مشيرة إلى أنه يتعين على قادة العراق “تحمل المسؤولية والانخراط بسرعة في حوار وتسليط الضوء على احتياجات الشعب”.

وحذرت من أن “الفشل المستمر في معالجة فقدان الثقة هذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشكلات العراق”، مشددة على أن “هناك حلولاً، ولكن لكي يتم تبني أي منها، يجب على قادة العراق أن يبدأوا الحوار وأن يكونوا مستعدين لتقديم تنازلات”.

وأوضحت هينيس – بلاسخارت أنه منذ سنة 2003، “عندما أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بالمستبد الذي حكم البلاد طويلاً صدام حسين، تم إهدار الكثير من الفرص لإجراء إصلاحات ذات مغزى في البلاد، ولا يزال الفساد سمة أساسية للاقتصاد السياسي العراقي الحالي، ومدمج في كل المعاملات اليومية “.

ويظهر تلميح ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، إلى اعتذار البعثة الأممية عن المساعدة في إجراء أي انتخابات جديدة، نقطة تحول في العملية السياسية، مع احتمالات أن تكون تمهيداً لعدم الاعتراف الدولي بالانتخابات في حال أجريت من دون مراقبة أممية.

قصف إيراني ومظاهرات واشتباكات جنوباً

وبموازاة الأزمة السياسية التي قد لا تنتهي على الرغم من انتخاب رئيس للدولة وتكليف رئيس للحكومة، فإن الأمن لا يزال متفلتاً والفوضى الأمنية تضرب أجزاء من العراق، ولا سيما الجنوب الغني بالنفط، حيث شهدت مدينة البصرة فجر الثلاثاء 4 تشرين الأول / أكتوبر اشتباكات مسلحة، اسفرت عن سقوط ضحايا. كما شهدت محافظة ذي قار المجاورة قبلها بيوم توتراً أمنياً بعدما عمد العشرات من الملثمين إلى إحراق مبنى المحافظة وعدة دوائر فيها.

ودارت الاشتباكات العنيفة بمختلف الأسلحة، المتوسطة والخفيفة بين عشائر لديها أبناء يعتقلهم فصيل عصائب أهل الحق التابع للحشد الشعبي.

ويمكن قراءة ما يجري على أنه صراع سياسي يترجم على الأرض، وأن القصف والاشتباكات تحدث بين أفراد مرتبطين بالتيار الصدري وجماعات مسلحة أخرى محسوبة على الحشد الشعبي، وهناك مخاوف من اتساع دائرة العنف في المدينة من خلال بدء أتباع الصدر في الضغط على خصومه في مركز النفط بجنوب العراق، لتجريدهم من مواردهم الاقتصادية.

وفي الذكرى الثالثة لتظاهرات تشرين الأول / أكتوبر 2019، خرج مئات المتظاهرين في العاصمة بغداد وحاولوا عبور جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء.

وصادف يوم السبت 1 تشرين الأول / أكتوبر 2022، الذكرى الثالثة لانتفاضة 2019، وتجمهر المتظاهرون في ساحات الاحتجاج حاملين صور ضحايا التظاهرات الذين قتلوا قبل ثلاثة اعوام.

وطالب المتظاهرون بإعادة الانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة من دون أي من الاحزاب والوجوه التي حكمت البلد منذ 2003، محملين الإطار التنسيقي مسؤولية الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد.

وحاول المتظاهرون اجتياز الحواجز الكونكريتية ودخول المنطقة الخضراء في العاصمة، لكن القوات الأمنية حالت دون ذلك، فوقعت مواجهات عنيفة بين الطرفين استخدمت خلالها قوات الأمن القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

وأدّت المواجهات الى مقتل شخص وإصابة 28 شخصاً آخرين، 19 منهم من عناصر القوات الأمنية.

وتركز توجهات القوى السياسية المعارضة على تغيير النظام السياسي ورفض المحاصصة الطائفية ومن المحتمل بعد تلويح المحتجين بالعودة الى المظاهرات.

وبحسب معلومات فإن التيار الصدري يعمل على إشراك انصاره بشكل شخصي في الاحتجاجات المقبلة واستثمارها سياسياً لفرض شروطه للخروج من الأزمة السياسية، ولاسيما أن الصدر ارتكب خطأ ستراتيجياً كبيراً بسحب نوابه واستقالاتهم من مجلس النواب ودخوله في صدام مسلح تم تطويقه للحد من انتشار العنف والصراع المسلح بين عناصر التيار الصدري ومنافسيهم في الإطار التنسيقي.

أمنياً أيضاً، استدعت وزارة الخارجية العراقية، يوم الخميس 29 أيلول / سبتمبر، السفير الإيراني لدى بغداد محمد آل صادق وسلمته مذكرة احتجاج وصفتها بأنها “شديدة اللهجة”، بسبب القصف المدفعي على مناطق في أربيل في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف في بيان صحفي، إن وزارة الخارجية استدعت السفير الإيراني احتجاجاً على عمليات القصف المدفعي والجوي بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدن وقرى متعددة في إقليم كردستان العراق، ولاسيما في يوم الأربعاء 28 أيلول / سبتمبر.

وشددت الوزارة في المذكرة، وفق الصحاف، رفضها “لتلك الأعمال وما نجم عنها من ترويع وإرهاب المواطنين الآمنين”، كما طالبت “بإحترام سيادة العراق والالتزام بتعهدات الجمهورية الإسلامية الإيرانية المنصوص عليها في المواثيق الدولية والابتعاد عن المنطق العسكري ولغة السلاح في معالجة التحديات الأمني”، محذرة من “تداعياتها على السلم المجتمعي لكلا البلدين، وعلى الأمن والاستقرار الإقليميين”.

وأعلن حزب حرية كردستان الإيراني المعارض، أن القصف استهدف مقاره في كويسنجق وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل فيما أُصيب العشرات بجروح.

وكانت معلومات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أفادت بإن الحرس الثوري الإيراني شن سلسلة هجمات على أربع مراحل استخدم فيها الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة المفخخة لاستهداف مقرات كل من مقر حزب آزادي كردستان في بردي / آلتون كوبري، والحزب الديمقراطي الكردستاني – إيران في كويسنجق ومقر جماعة كادحي كردستان إيران في السليمانية ومخيم إقامة كرد إيران في السليمانية ومخيمات آزادي وقلعة (قللا) وأميرية في كويسنجق.

وتشير المعلومات إلى أنه جرى إطلاق أكثر من ٧٠ صاروخاً بالستياً من طراز فاتح وطائرات مسيرة مفخخة من داخل الأراضي الإيرانية على أربع مراحل، تضمنت الأولى الصواريخ البالستية فقط، والثانية الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة المفخخة، والثالثة الصواريخ البالستية بإسناد طائرات المراقبة، وفي المرحلة الرابعة استخدمت الصواريخ البالستية فقط.

وتم إطلاق الهجوم من منطقة سلاسي باوَجان في محافظة كرمانشاه المحاذية لحلبجة ومنطقة سردشت في محافظة آذربيجان الغربية المحاذية لإدارة رابرين، حيث تم استهداف الأماكن العامة مثل رياض الأطفال والمدارس والمراكز الصحية والمستشفيات وقاعات المناسبات والسيارات الخدمية ومنازل المدنيين.

وأسفر الهجوم عن مقتل ١٣ شخصاً بينهم امرأة حامل، وإصابة ٥٨ آخرين أغلبهم من المدنيين ومنهم أطفال تحت سن العاشرة وطلاب وتدريسون وصحفيون.

ووفق بيان عسكري اميركي تم إسقاط طائرة مسيرة إيرانية أخرى في كويسنجق قبل أن تصيب أهدافها من قبل القوات الأميركية بينما أكد نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل مقتل مواطن أميركي في هجوم صاروخي إيراني استهدف مواقع معارضة في إقليم كردستان.

وتجسد الضربات الايرانية على مناطق حدودية في أربيل بإقليم كردستان العراق حالة الاختراق المتكرر للسيادة العراقية بشكل يعكس ضعف الحكومة المركزية ومحدودية الخيارات امامها لردع الهجمات على العراق.

ولا يُجمع الساسة العراقيون على سياسة واضحة لحماية السيادة العراقية في ظل الانقسامات القائمة على أساس الانحياز الإقليمي بين أطراف مؤيدة لإيران وأخرى لتركيا، واللتان تقومان بين الحين والآخر بقصف مقار الأحزاب المناهضة لهما، وأغلبهم من الأكراد. كما لا يخفى على المتابعين وجود ازدواجية معايير واضحة في التعاطي مع حوادث مماثلة، وخصوصاً أن حلفاء إيران يلتزمون الصمت على استهدافها للمناطق العراقية، بينما تتشدد مواقفهم في حال كان القصف من تركيا.

التقرير الاقتصادي

فضيحة القرن سرقة 2,5 مليار دولار من أموال الضريبة

اقتصادياً، انشغل الرأي العام العراقي بما اصطلح على وصفه بـ “سرقة القرن” التي أعلن عنها وزير النفط ووزير المالية السابق بالوكالة، إحسان عبد الجبار اسماعيل، وهي عبارة عن سرقة ما يقدّر بـ 2,5 مليار دولار من أموال الضريبة في مصرف الرافدين، وأدى الكشف عنها إلى اعتقال عدد من المتورطين ضمن شبكة واسعة من كبار المسؤلين العراقيين.

وجاء اعلان الوزير في 15 تشرين الأول / أكتوبر، عقب إعفاء رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، اسماعيل من منصب وزير المالية بالوكالة، وتعيين وزيرة الدولة هيام نعمت لشغل المنصب.

وقال اسماعيل الذي يشغل منصب وزير النفط، في تغريدة على موقع تويتر، إن “دولة رئيس الوزراء وافق على طلبنا بخصوص الإعفاء من مهام إدراة وزارة المالية بالوكالة”، لافتاً إلى انتهاء عمله فيما يتعلق بالتحقيق في ملف سرقة مبالغ ضخمة من أموال الضرائب العائدة إلى الدولة.

وكان الكاظمي قد طالب اسماعيل بعد تكليفه بإدارة وزارة المالية وكالة، بإجراء تحقيق عن سرقة ما مقداره 3,7 ترليون دينار عراقي، اي ما يعادل 2,5 مليار دولار أميركي، من أموال الضريبة.

وأكد اسماعيل أن “نتائج التحقيق الذي وجهنا به بعد تكليفنا بالوزارة، والإثباتات الرسمية الخاصة بسرقة ما مقداره 3,7 ترليون دينار عراقي من أموال الضريبة / مصرف الرافدين، من قبل مجموعة محددة، تم تسليمها من قبل وزارة المالية إلى الجهات المختصة، ومنها اللجنة المالية البرلمانية التي طالبتنا بذلك رسمياً وإعلامياً”، نافياً أن يكون قد خضع لأي ضغط ومساومة لمنعه من أداء دوره في حماية المال العام.

وقالت عضو  اللجنة المالية النيابية، إخلاص الدليمي، إن اللجنة المالية النيابية استدعت وزارة المالية وهيئة الضرائب العامة والجمارك لمعرفة ملابسات السرقة التي تمت من حساب الأمانات الخاص بالهيئة العامة للضرائب، والتي جرت خلال سنة واحدة تقريباً من أيلول / سبتمبر 2021 لغاية تشرين الأول / أكتوبر 2022، مشددة على أن “الهيئة العامة للضرائب كانت المسؤول الأول عن صرف هذه المبالغ بدون أي وجه حق”.

وأوضحت أن المبالغ صرفت لخمس شركات من “دون تخويل أو وكالة من الطرف الثالث الذي هو صاحب الأمانات الأصلي”، مبيّنة أن “هيئة الضرائب أقرت بأن المبالغ صرفت بدون أي أوليات، وبالتالي تعتبر مسروقة من خزينة الدولة لأن أصحابها الأصليين لم يستلموها”.

وبشأن الجهات المسؤولة عن هذه السرقة، قالت إخلاص الدليمي إن “هيئة الضرائب العامة هي المسؤول الأول، وبعد استدعائنا لمدير الهيئة، أكد أن هناك جهات كبيرة شاركت في الموضوع، وهي عبارة عن شبكة كبيرة من جميع المؤسسات.”

ويمثل فتح التحقيق في ملف سرقة مبالغ ضخمة من أموال الضرائب العائدة إلى الدولة بالتزامن مع انتهاء مهلة تكليف حكومة الكاظمي، مرحلة متقدمة من التصفيات السياسية، وخصوصاً أن حالة الفساد في العراق تعتبر منظمة من قبل جهات متنفذة لا يمكن لأيّ سلطة محاسبتها حالياً، فضلاً عن عدم وجود نظام إلكتروني وطني يمكن من خلاله استقطاع المبالغ الضريبية، وربطه بشبكة إلكترونية تضم مديرية التحويلات في البنك المركزي وهيئتي الجمارك والضرائب، كما أن الاعتمادات والاستقطاعات الضريبية في العراق تجرى بشكل بدائي من خلال سجلات وإيصالات ورقية، علماً بأن ما يصدره القضاء العراقي من أحكام بحق سارقي المال العام، لا تتناسب مع حجم جريمة السرقة التي قاموا بها، لأن المُدان يقضي مدة محكوميته المبسطة في السجن من دون إرجاع المبالغ التي جرى اختلاسها.

اتفاق كهربائي عراقي أردني بعد السعودي والعرض الروسي

اقتصادياً أيضاً، شهدت الفترة الأخيرة من ولاية الكاظمي، توقيع اتفاقات من مساعي حل أزمة الكهرباء، حيث الهدر الأكبر في المالية العامّة.

ففي 5 تشرين الأول / أكتوبر، وَضع الكاظمي حجر الأساس مع رئيس الوزراء الأردني بشر هاني الخصاونة، لمشروع الربط الكهربائي العراقي – الأردني، وإعلان إطلاق العمل فيه بعد وصوله إلى الحدود العراقية – الأردنية.

وأعلن الكاظمي، ان خط الربط الكهربائي مع الأردن سيدخل الخدمة، في حزيران / يونيو 2023، وبعده خط الربط مع المملكة العربية السعودية والخليج. وقال، “مستمرون بالعمل لاستثمار أكبر للطاقة البديلة واستخراج الغاز المصاحب، لأجل استقرار الطاقة الكهربائية في العراق.”

والملاحظة المهمة التي يتوجب الإشارة إليها، هي إعلان طهران عن عطل الأنبوب الذي يمد العراق بالغاز، بعد يوم واحد من وضع حجر الأساس لمشروع الربط الكهربائي العراقي – الأردني.

ويسعى العراق إلى تنويع مصادر استجرار الكهرباء، ولهذه الغاية وقع مع السعودية في 15 تموز / يوليو، اتفاقاً بشأن توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستقر وبكلف مخفضة عبر الاتفاق مع هيئة الربط الخليجي. ومن شأن هذا الاتفاق، أن يهيء المزيد من أسباب استقرار تزويد الطاقة الكهربائية، وإمدادات الشبكة الوطنية، ولاسيما في المواسم التي تشهد ارتفاع الطلب.

وجرى أيضاً توقيع اتفاق ثان، يهدف إلى تجهيز العراق بالطاقة الكهربائية من السعودية، وأن تصبح الشبكة الوطنية العراقية محوراً لنقل الطاقة بين قارتي آسيا وأوروبا، ومن جهة أخرى ضمان استقلال للعراق وعدم استخدام طهران لملف الكهرباء وتصدير الغاز كورقة ابتزاز وهو مايحصل بالفعل منذ أعوام.

ويعتبر هذا التوقيع الثالث من نوعه لاتفاقية الربط الكهربائي بين بغداد والرياض: الأول في 19 نيسان / أبريل 2019، والثاني في 23 أيار / مايو 2020، لكن التنفيذ دونه صعوبات، ليست فنيّة، بل سياسية وأمنية في ظل استمرار تحكم الفصائل الموالية لإيران بالمشهد العراقي واستمرارها بالحفاظ على نفوذ إيران، وخصوصاً في قطاع الطاقة، حيث جرت عمليات استهداف لأبراج الكهرباء للحيلولة دون إنجاح تنفيذ هذه الاتفاقية، وهو خطر يبقى مستمراً، طالما لم تتخذ الحكومة العراقية خطوات فعلية لتطويق نفوذ هذه اللمليشيات.

وإلى ما سبق، فقد دخل الصراع الروسي الأميركي الذي برز جليّاً في الحرب الأوكرانية، إلى ملفات دولية أخرى، ومحاولات دخول إلى أزمات دول حليفة لهذا أو ذاك، أو تقع تحت دائرة نفوذها. في هذا السياق برز موقف روسي مفاجئ قد يثير غضب واشنطن، إذ أبدت موسكو، استعدادها لمساعدة العراق في تطوير قدراته النووية لأغراض سلمية، منها توليد الكهرباء.

وقال مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر كينشاك، في تصريح نشرته وسائل إعلام روسية، يوم الجمعة 2 أيلول / سبتمبر، إن موسكو أبدت استعدادها لمساعدة الشركاء العراقيين في مجال استخدام الطاقة النووية لأغراض تتصل بإنتاج الكهرباء وتوريد النظائر المشعة، وأيضاً تعليم العراقيين في مؤسسات التعليم العالي المختصة الروسية”، مشيرا إلى أن “روسيا مستعدة لتنفيذ مشاريع مشتركة كبيرة في هذا المجال”.

ووفقا لخبراء فإن العراق كان يمتلك بنى تحتية وكادراً نوويا متدرباً في فرنسا وروسيا ودول أخرى، ولكن هناك شروطاً روتينية لاستخدام الطاقة النووية، إذ يجب أن تمر بمراحل عديدة حتى يمكن استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية ومنها توليد الكهرباء وتشكيل لجان من الوزارات المعنية مثل وزارة العلوم والتكنولوجيا والجامعات ووزارة الصحة للتوقيع على العقود الخاصة بهذا الموضوع، وخصوصاً أن الكهرباء المنتجة نووياً أرخص وأنظف من الكهرباء التقليدية التي تعمل بالنفط والغاز، أو حتى المنتجة من الطاقة الشمسية، لأن كمية صغيرة من اليورانيوم تكفي لتشغيل التوربين لمدة سنتين، والعراق غني باليورانيوم.

ومعظم المحطات الكهربائية في العراق تقادمت وباتت غير قادرة على توفير الطاقة المطلوبة، فلجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، بعدما استثني من العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وقد دفع العراق 400 مليون دولار في سنة 2020 لإيران، وهو مبلغ يمثل نصف مستحقات الأخيرة عن تصديرها الكهرباء له.

ويحمل تأسيس المنشآت النووية تبعات سياسية، إذ يمكن للعراق أن يقدم طلباً بشأن إنشاء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء والأغراض السلمية بالتعاون مع روسيا، ولكن المشكلة أن بعض الدول الأوروبية بدأت توقف العمل بالمحطات النووية لإنتاج الكهرباء لما تنطوي عليه من مخاطر، فضلاً عن عدم سماح واشنطن بتعاون بين العراق وروسيا في مجال الطاقة النووية، إذ إنها، على الأغلب، سوف تعمل على عرقلة هذا التعاون كما عرقلت التعاقد مع شركة سيمنز (الألمانية)، أو إبرام الاتفاقية مع الصين.

وكان رئيس هيئة السيطرة على المصادر المشعة العراقية كمال لطيف أعلن، في 10 حزيران / يونيو 2021، أن العراق يجري محادثات مباشرة مع روسيا وكوريا الجنوبية لدراسة خيارات بناء ثمانية مفاعلات نووية قادرة على إنتاج نحو 11 غيغاواط من الطاقة بتكلفة 40 مليار دولار.

وتعد أزمة الكهرباء في العراق، من أكبر ملفات الهدر. ويحتاج العراق إلى 30 ألف ميغاواط من الطاقة، لكن نصف ذلك فقط يصل إلى المستهلكين بسبب قضايا الفساد.

ومع كل فصل صيف تبرز أزمة الكهرباء، وخصوصاً مع تراجع إمدادات الغاز الإيراني، إلى قرابة 5 مليون متر مكعب، على الرغم من وجود اتفاقات مسبقة بين إيران والعراق على تزويد بغداد بـ 70 مليون متر مكعب يومياً من الغاز صيفاً، و50 مليون متر مكعب في الشتاء، من أجل تأمين احتياجات محطات الكهرباء من الوقود.

وتعطّلت الإمدادات بصورة متكررة خلال الأشهر الماضية، نتيجة عدم قدرة العراق على الدفع، وخفضت طهران صادراتها من الغاز إلى بغداد بسبب الديون المتزايدة، التي تقدّرها طهران بأكثر من 5 مليارات دولار، وكذلك أزمة الطاقة في البلاد.

وصرفت وزارة الكهرباء أكثر من 60 مليار دولاراً، من غير المصاريف التشغيلية، علماً أنه، وفق المعايير الدولية، كل مليار دولار من هذا المبلغ يفترض أن يمنح 1000 ميغاواط، وبالتالي فإنه يجب أن يكون هناك 60 ألف ميغاواط، في حين أن ما هو موجود في أحسن الأحوال لا يزيد على 20 ألف ميغاواط، الأمر الذي يؤشر على وجود فساد كبير في مشاريع الوزارة.

التقرير الثقافي

اختتام فعاليات مهرجان بغداد الدولي الثالث للمسرح

ثقافياً، اختتمت في 28 تشرين الأول / أكتوبر، الدورة الثالثة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح فعالياته على المسرح الوطنى، والتى اقيمت تحت شعار “لأن المسرح يضىء الحياة”، وصمم سينوغرافيا حفل الختام رئيس مهرجان إسكندرية المسرحى الدولى الفنان المصرى إبراهيم.

واستمرت فعاليات المهرجان في الفترة من 20 وحتي 28 تشري الأول / أكتوبر، بمشاركة أكثر من 20 عرضاً مسرحياً عربياً وأجنبياً، وضمت لجنة تحكيمه كلاً من المخرج المسرحى العراقى محمود أبو العباس رئيس اللجنة، والفنانة لينا الخوري من لبنان، والفنان الإيرانى كوروش زارعى، ومن ألمانيا الفنان إيبرهاد فاغنر (Eberhad Wagner)، والفنان العراقى رائد محسن.

وكرم المهرجان خلال حفل افتتاحه مجموعة من الرموز المسرحية التى رسخت تجربتها فوق خشبات المسرح محلياً وعربياً، منهم الفنانة العراقية سليمة خضير التي اعتذرت لظروف صحية، والفنانة الأردنية عبير عيسى، والفنانة التونسية دليلة مفتاحي، والفنان العراقي سامي قفطان، والفنانة العراقية فوزية عارف، والفنانة العرقية خالدة مجيد، والكاتب العراقى على عبد النبي الزيدي، والفنان مخلد راسم الجميلي.

وتجسد استضافة بغداد للدورة الثالثة من المهرجان عودة الروح الى الفن العراقي واإلى بغداد التي تستعيد القها وحيويتها في إقامة الفعاليات والنشاطات الثقافية والفنية التي تدلل على مكانة الثقافة العراقية في التنوير وريادتها الحضارية.

الحياة الليلية تعود إلى شارع المتنبي بعد إعادة افتتاحه

وكان المشهد الثقافي العراقي افتتح أخيراً، بعد إعادة افتتاح شارع المتنبي في بغداد مطلع حزيران / يونيو، المشهور بمكتباته، بعد إعادة ترميم خضع لها، تتيح لهذا الشريان الحيوي في العاصمة العراقية استعادة بعض من مجده السابق.

ويعجُّ الشارع عادة أيام الجمعة بالرواد، لا سيما الطلاب والشباب، وكذلك فنانو ومثقفو الجيل السابق، ولوحظ في إثر إعادة الافتتاح عودة الحياة إلى الشارع ليلاً بعدما كانت تقتصر سابقاً على ساعات النهار.

وأُطلق على الشارع التاريخي في سنة 1932 خلال عهد الملك فيصل الأول اسم الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915 – 965)، الذي ولد في عهد الدولة العباسية.

ويبلغ طول الشارع نحو كيلومتر واحد، ويؤدي إلى إحدى ضفاف نهر دجلة، ويمكن للزائر أن يجد في المكتبات والأكشاك التي يعج بها الشارع مجموعة متنوعة من الكتب باللغتين الإنجليزية والعربية، إضافة إلى الكتب الجامعية والمدرسية.

واللافت في مكتبات شارع المتنبي وجود إصدارات قديمة، بينها كتب بالفرنسية والإنجليزية والعربية، وبعضها قد يكون نادرا ويعود للقرن الماضي.

وتعرّض الشارع في سنة 2007 لتفجير بسيارة مفخخة خلّف عشرات القتلى والجرحى، وتسبب بتدمير المحال القديمة التاريخية ومن بينها مقهى الشهبندر لكن تم إعادة إعماره لاحقاً.

معارض كتب دولية وافتتاح مكتبة الموصل المركزية

ويشهد العراق في كل عام افتتاح عدد من معارض الكتب الدولية دون ضوابط واضحة، إذ تبلغ نحو خمسة معارض سنوياً تنظمها مؤسسات غير حكومية في بغداد وإقليم كردستان والبصرة والنجف وكان آخرها في العاصمة، وأثار جدلاً بين المثقفين والناشطين بسبب افتتاحه من قبل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى مقاطعته.

وأعيد رسمياً افتتاح مكتبة الموصل المركزية بعد ترميمها بالكامل من الدمار الذي لحق بها أثناء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم “داعش”، أثناء محاولة استعادة الموصل من سيطرة التنظيم قبل خمس سنوات.

تضييق على الحريات الإعلامية والفنية وتصفيات

وشهدت الفترة الأخيرة عمليات قمع جديدة طاولت الحريات الإعلامية والعامة. فقد أوقفت هيئة الإعلام والاتصالات في العراق برنامج “مع ملا طلال” على قناة UTV، بعد أن اشتكى الجيش من مشهد تمثيلي بالبرنامج تناول قضية الفساد. وزارة الدفاع العراقية اعتبرت المشهد مسيئاً للجيش ومنتسبيه.

وسجل مقتل الناشطة النسوية إيمان سامي بينما كان العالم يحتفل باليوم العالمي للمرأة، الأمر الذي أثار غضباً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتساؤلات حول جدية الجهود التي تبذلها الحكومات لتمكين النساء.

وفيما استضافت بغداد على مدى الأشهر الماضية عدداً كبيراً من الفنانين العرب في مختلف المجالات، وخصوصاً في مجال الغناء، لكن بعض الحفلات الغنائية تعرضت لاحتجاجات لأسباب عدة منها رفض الجماعات الإسلامية المتشددة إقامتها، وآخرها إلغاء حفل المطرب المغربي سعد المجرد في شهر حزيران / يونيو.