مقدمة
ضبط رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل ولايته الرئاسية بوصلة العلاقات عربياً باتجاه الاردن والكويت لما يمثلاه من حجر الزاوية في العلاقات الإقليمية التي تأمل بغداد استمرارها بالشكل الذي يديم حالة الهدوء الإقليمي ويعزز من وضع الانسجام بين بغداد والعديد دول المنطقة العربية، لكن السوداني اختار إيران لتكون محطة أخرى لتأكيد قوة العلاقات بين بغداد وطهران.
وواجه السوداني ، الذي يعمل بهدوء على قلع جذور سلفه الكاظمي في المؤسسات الحكومية، في بداية ولايته الرئاسية تحديات عدة من بينها مساعي بعض الاطراف العراقية المسلحة لارباك علاقته مع الولايات المتحدة من خلال اغتيال خبير أميركي في بغداد، والذي سرعان ما ردت القوات الأميركية بقصف اسطول صهاريج تابع لفصائل مسلحة مواالية لإيران لتهريب المشتقات النفطية الإيرانية عند الحدود مع سورية.
أما إيران، فتمارس هروباً من أزمتها الداخلية على وقع الاحتجاجات المستمرة منذ اكثر من شهرين، بقصف متواصل ضد إقليم كردستان العراق، لإجباره ومن خلفه بغداد، على نزع سلاح الفصائل الكردية الإيرانية المتواجدة في الإقليم الكردي العراقي منذ عقود.
اقتصادياً يتواصل الكشف عن الفساد المستشري، وآخر ما كشفت عنه التحقيقات في هذا المجال فضيحة سرقة 2,5 مليار دولار من أموال الضريبة التي اتسع حجمها ليبلغ نحو5 مليارات دولار. أما ثقافياً، فقد سجل شهر تشرين الثاني / نوفمبر حدثاً سينمائياً مهماً، تمثل باستضافة بغداد مهرجان الرافدين السينمائي الدولي بعدما شهد تشرين الأول / أكتوبر حدثاً آخر تمثل باستضافة مهرجان الدولي الثالث للمسرح.
التقرير السياسي
السوداني في الأردن والكويت وإيران ويقتلع جذور سلفه من المؤسسات
اسدل رئيس الوزراء العراقي الستار على شهر ديبلوماسي بامتياز يوم الثلاثاء 29 تشرين الثاني / نوفمبر خاتماً إياه بزيارة إلى إيران ولقاء المرشد الاعلى علي الخامنئي والرئيس ابراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين كبار، بعد أن كان قد زار في 23 تشرين الثاني / نوفمبر الكويت والتقى المسؤلين الكويتيين، وذلك عقب زيارته في 21 من الشهر نفسه الأردن، حيث التقى الملك عبد الله الثاني، في رسالة طمأنة بضمان بقاء العراق ساحة للاستقرار وعدم الانخراط في محور مقابل محور آخر.
في طهران أكد السوداني خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، أن العراق لن يكون نقطة انطلاق للإضرار بدول الجوار، مشدداً إلى التزام حكومته بعدم السماح لأي أطراف باستخدام الأرض العراقية للاخلال بالأمن في إيران.
وقال في هذا السياق “نعتمد في سياساتنا الخارجية على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، وسيكون هناك تنسيق ميداني لتجنب أي تصعيد”، فـ “الحوار هو الأسلوب الأمثل لحل المشاكل الأمنية، والحكومة ملتزمة بتطوير آفاق التعاون مع الجمهورية الإسلامية بكل المجالات بما ينسجم مع المصالح المتبادلة”. وأضاف، “نحن في طهران لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين في المجالات السياسية والاقصادية والأمنية ومستجدات المنطقة”، مشيراً إلى أن “زيارتنا هي لإدامة أواصر العلاقة التاريخية بين العراق وإيران وما يتخللها من مشتركات على كافة الاصعدة”.
وثمّن السوداني “موقف الجمهورية الاسلامية في دعم العراق واستمرار امدادات الغاز والكهرباء، لحين استكمال المشاريع العراقية”، لافتا الى ان العراق سيبذل الجهد لاتباع آلية بشأن الالتزامات المالية تجاه إيران”.
ومن الملاحظ ان العبارات الدبلوماسية طغت على المؤتمر الصحفي المشترك والمحادثات بين رئيسي السوداني، لم ترد إشارات من الأخير إلى الانتهاكات الإيرانية لسيادة العراق، بقدر ما شدد على أن بغداد مصمّمة على عدم “السماح باستخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران.”
ووصل رئيس الوزراء العراقي إلى طهران بدعوة من رئيسي على وقع غضب إيراني من مواقف عراقية منددة بانتهاكات إيرانية لسيادة العراق بعد هجمات شنها الحرس الثوري الإيراني على ما قال إنها مواقع ومقار لتنظيمات كردية إيرانية في إقليم كردستان العراق.
ومع زيارة السوداني لطهران اطلقت بعض الاطراف سواء الداخلية او الخارجية اشارات تشي بخضوع الحكومة للتاثيرات الإيرانية بشأن آلية التعامل مع بعض الدول العربية، الأمر الذي تحاول حكومة بغداد دحضه ظاهرياً عبر تأكيد استقلالية القرار العراقي تجاه العلاقات مع دول المنطقة خاصة أن طهران التي تعيش اضطرابات داخلية تأمل من بغداد مواصلة مساعيها الرامية لترميم علاقاتها مع دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
وتدعم الولايات المتحدة الحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت عبر تحالف قوى “الإطار التنسيقي” القريب من طهران في خطواتها نحو ترطيب الأجواء إقليمياً وداخلياً، وخصوصاً مع اللقاءات الأميركية المستمرة مع السوداني لإنضاج توجهات حكومته إزاء ملفات عدة، أبرزها اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، والوجود الأميركي في العراق ضمن قوات التحالف الدولي، ولا سيما مع عودة مواقف الفصائل المسلحة المطالبة بمغادرة القوات الأميركية وإمكانية مواصلة ما تحقق في حكومة الكاظمي.
أمّا في عمان التي كانت أول محطة لجولاته الخارجية، فقد التقى السوداني الملك عبد الله الثاني وبحث معه في العلاقات الثنائية بين البلدين، وضرورة مواصلة التنسيق والتشاور بين العراق والأردن، حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبما يحقق مصالحهما ويخدم القضايا العربية.
وتناول الجانبان آخر المستجدات الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأزمات في المنطقة، والجهود المبذولة في الحرب على الإرهاب ومواجهة التطرف، ضمن نهج شامل قائم على أساس التعاون والتنسيق العالي بين البلدين.
كما عقد السوداني محادثات موسعة مع الملك الأردني بحضور رئيس مجلس الوزراء، تناولت عدداً من الملفات المشتركة، وسبل تعزيز التعاون المتبادل وفق الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين.
وأكد السوداني حرص العراق على إدامة العلاقة المتميزة مع الأردن، وشدد على استمرار التعاون بين البلدين في مختلف المجالات لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، وبما ينعكس على أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها.
وأعرب الملك عبد الله الثاني عن حرص الأردن على تعزيز التعاون مع العراق على المستويات كافة، ولا لافتا إلى أهمية دور العراق في محيطه العربي والإقليمي، ومشدداً على أن أمن العراق يعد ركيزة أساسية لأمن المنطقة واستقرارها.
الزيارة الثانية كان إلى دولة الكويت واستغرقت ساعات، التقى خلالها مع ولي عهد دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، والتأكيد على إدامة التعاون المتبادل، على مختلف المستويات”.
والتقى السوداني بنظيره الكويتي الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، وعقد معه محادثات ثنائية، تناولت العلاقات الثنائية وتنمية التعاون المشترك.
وزار السوداني مجلس الأمة الكويتي، وكان في استقباله رئيس المجلس أحمد السعدون، وتناول اللقاء بحث العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين، وتأكيد أهمية التعاون، على المستوى البرلماني والحكومي والمجتمعي بين العراق والكويت، والتنسيق الثنائي حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، الإقليمية منها والدولية.
وتأخذ علاقة بغداد مع الأردن والكويت ابعاداً عدة، منها الاقتصادية فيما يتعلق بالاتفاقيات النفطية وانشاء انبوب العقبة / البصرة، أو تجارية فيما يتعلق بميناء الفاو في البصرة وميناء مبارك في الكويت، وهي ملفات اثارت صخباً وجدلاً في الاوساط العراقية. فضلاً عن أبعاد أخرى من بينها سياسية تتعلق بدور الدولتين كضامننتين لرغبة بغداد في تطوير علاقاتها مع الخليج العربي.
وستخضع المواقف الايجابية الصادرة من بغداد لتقييم ومراقبة من الحكومات الخليجية لبيان مدى التزام حكومة السوداني بالتعهدات سواء التي افصحت عنها عبر البرنامج الحكومي، أو من خلال الرسائل والاتصالات غير المعلنة بشان مواصلة سياسة النأي بالنفس عن المحاور التي اعتمدت في حكومات مابعد نوري المالكي، وديمومة العلاقات الإيجابية مع السعودية في مجالات الطاقة والتجارة والسياسة، بغض النظر عن موقف الاحزاب الحليفة لإيران أو شكل العلاقات التي تربط السعودية مع إيران، إلى جانب مراقبة دول الخليج لمدى استعداد بغداد لاستمرار دورها التوفيقي بين الرياض وطهران وهي ورقة قبلت السعودية بان يمسك بها العراق في مسيرة استعادة دوره المحوري في المنطقة.
أما داخياً، فقد ألغى السوداني في 3 تشرين الثاني / نوفمبر جميع التعيينات الصادرة في عهد الحكومة السابقة بعد الانتخابات الأخيرة، المتعلقة بمناصب حكومية رفيعة المستوى .وبرر رئيس الوزراء قراره بتعارض تلك التعيينات مع قانون المحكمة الاتحادية الذي ينص على عدم صلاحية حكومات تصريف الأعمال لإصدار أوامر التعيين.
هذه خطوة أثارت الانقسام بين دعم لإجراء إصلاحات شاملة لمكافحة الفساد، وبين الخشية من كونها تهدف لقلع واجتثاث المقربين من رئيس الوزراء السابق والخضوع لتأثير قوة ونفوذ قادة الفصائل المسلحة عبر تعيين عدد من قياداتهم في مراكز قرار مؤسسات الدولة العراقية،
وعكست القرارات الأخيرة للحكومة العراقية الجديدة توجهاتها بشأن تحديد مصير المدراء والوكلاء والمستشارين في الوزارات العراقية ممن ينتمون إلى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي والتيار الصدري الذي اختار عدم المشاركة في حكومة السوداني، ولا سيما أن المعمول به في العراق يقضي بإجراء تغييرات كثيرة في الوزارات، بناء على وجهات نظر وخطط الأحزاب التي تمسك بتلك الوزارات، فعند تكليف حكومة جديدة تجرى تعديلات تشمل استبدال مدراء مكاتب الوزراء والوكلاء والفرق الاستشارية، وتبادلها بين الأحزاب، بدافع التناوب الحزبي على الوزارات أو بدافع الانتقام.
ولا تخلو القرارات من رسالة سياسية ورسالة تهدئة ومحاولة استمالة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي خسر الأغلبية السياسية، وأيضاً من أجل كسب ود التيار لكي لا يخرج ضد الحكومة. ويبدو أن حكومة السوداني متجهة للتهدئة ومحاولة إرضاء الشارع بالعمل والخدمات نوعاً ما في مناطق الوسط والجنوب، لسحب البساط من التيار الصدري ومحاولة خلخلة الوضع لدى جماهيره عبر توفير البديل الشيعي للتيار. كما ان إعفاء بعض المحافظين والمسؤولين ومن ثم إعادتهم إلى مواقعهم من قبل حكومة كاملة الصلاحيات ليكتسبوا صفة قانونية سليمة، اي سيتم التعامل مع المسؤولين الصدريين عبر إبقائهم في المناصب منعاً لاستفزازهم، وأي اتجاه للإطاحة بالمسؤولين الصدريين فسيؤدي إلى غضب كل تنظيمات الصدر.
وتسلم محمد شياع السوداني في 28 تشرين الأول / أكتوبر مهامه رسمياً رئيساً للحكومة العراقية، وقائداً عاما للقوات المسلحة.
وكان مجلس النواب العراقي، صوّت في 27 تشرين الأول / أكتوبر، على التشكيلة الوزارية التي اختارها السوداني، بعد أن صوت البرلمان بالأغلبية المطلقة على برنامجه الوزاري.
واشنطن تراقب سير السياسة العراقية وتنتقم لمقتل أميركي في بغداد
وتراقب الولايات المتحدة عن كثب عمل رئيس الوزراء العراقي سواء على المستوى الداخلي او الخارجي، وخصوصاً في ظل وجود تحركات لأكثر من طرف بهدف خلخلة حالة الهدوء الحذر بين الفصائل المسلحة وواشنطن، ولا سيما عملية قتل خبير أميركي في بغداد.
وصرّحت سفيرة الولايات المتحدة في بغداد ألينا رومانوسكي، في 1 تشرين الثاني / نوفمبر بأن الإدارة الأميركية ستقدم الدعم اللازم لحكومة محمد شياع السوداني في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري، وإجراء إصلاح على القطاع الإقتصادي في العراق.
وقالت رومانوسكي في كلمتها خلال استضافتها في ملتقى “ميري” لشؤون الشرق الأوسط ، إن أميركا لن تنسحب من العراق، مستشهدة بما قاله الرئيس بايدن: “نحن سنبقى في هذا البلد،، مضيفة “لدينا التزام طويل الأمد مع هذا البلد، ولدينا أولويات منها تنفيذ الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين في سنةم 2008.”
وفي غضون ذلك، حمل مقتل المواطن الأميركي ستيفن ترول الذي يشغل وظيفة مدرس للغة الإنكليزية في منظمة “ميلينيوم لخدمات الإغاثة والتنمية” في 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2022 بطلق ناري عندما كان داخل سيارة مدنية في شارع الصناعة بحي الكرادة وسط العاصمة بغداد، مخاوف من تاثير الحادث على التعاون العراقي / الاميركي.
وقالت البعثة الأميركية في العراق، في بيان في 8 تشرين الثاني / نوفمبر، أنها تراقب عن كثب تحقيق السلطات العراقية في سبب وفاته، منوّهة بأنها تقف على أهبة الاستعداد لـ “تقديم كل المساعدة اللازمة” من خلال القنصلية الأميركية.
في وقت سابق، قالت وزارة الخارجية العراقية إنها تتابع حادث مقتل مواطن أميركي في بغداد، للكشف عن “ملابسات الحادث وتقديم الجناة إلى القضاء ليأخذوا جزاءهم العادل”.
واتّهم تقرير لشبكة “فوكس نيوز” الأميركية، في 11 تشرين الثاني / نوفمبر، ميليشات مدعومة من إيران بالوقوف وراء مقتل ترول.
وشهدت الفترة الأخيرة، لقاءات متكررة بين السوداني والمسؤولين الأميركيين الذين تصحبهم السفيرة الأميركية، الأمر الذي يُظهر دعم الولايات المتحدة للحكومة الجديدة.
ويبدو اغتيال المواطن الامريكي وسط العاصمة بغداد محاولة للضغط على الحكومة الجديدة من قبل جهات مسلحة لم يسمح لها بالمشاركة فيها، أو لم تحصل على المناصب التي كانت تريدها، بعدما أعلن فصيل مسلّح يطلق على نفسه اسم “سرايا أهل الكهف” مسؤوليته عن مقتل ترول في بغداد، “انتقاماً لمقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.”
ولم يحدد الأميركيون حتى الآن بشكل قاطع سياستهم في التعامل مع حكومة السوداني، لكن من المتوقع أنها ستكون مبنية على شكل ردود فعل بحسب ما تتخذه الحكومة الجديدة من قرارات، فحكومة السوداني لن تتخذ على المدى المنضور على الاقل أي قرار سلبي تجاه التعامل مع واشنطن، أو حتى على مستوى العلاقات مع الدول العربية، بما فيها الاتفاقيات الأخيرة بين حكومة الكاظمي وكل من مصر والأردن والسعودية.
ووجدت الولايات المتحدة من تزايدت عمليات التهريب عبر الحدود العراقية السورية في الاونة الأخيرة، على الرغم من إعلان الحكومة العراقية، في أكثر من مناسبة، سيطرتها على الحدود بالكامل، فرصة للانتقام من عبور شاحنات إيرانية عبر ألاراضي العراقية متوجهة إلى سورية أو لبنان مع وجود العقوبات الأمريكية على إيران.
فالشاحنات التي تم استهدافها على الحدود العراقية السورية لم تكن تحمل مشتقات نفطية فقط، بل مواد دعم لوجستي وأسلحة، مما يؤكد أن الاجواء العراقية ما زالت تحت سيطرة القوات الأميركية، التي تراقب بدقة كل ما يخرج من العراق عبر كافة منافذه الحدودية، وخصوصاً أن معظم المناطق حدودية تحت سيطرة بعض الفصائل الموالية لإيران، والتي تعمل على تهريب ونقل بعض المواد من العراق إلى سورية ولبنان.
طهران تهرب من أزمتها الداخلية بضربات ضد كردستان العراق
أمنياً لا يزال الوضع متفلتاً والفوضى تضرب أجزاء من العراق، ولا سيما الجنوب الغني بالنفط. والتوتر الأكثر خطورة، استمرار القصف الإيراني على إقليم كردستان، والذي يرى مراقبون أنه عمل يهدف إلى تصدير الأزمة الداخلية في إيران إلى العراق,
وأعلن وزير الخارجية الإيرانية حسين امير عبد اللهيان، في 23 تشرين الثاني / نوفمبر، أن الحكومة العراقية تعهدت بإبعاد الأحزاب الكردية المعارضة للنظام في طهران عن الحدود بين البلدين. وقال خلال مؤتمر صحفي، “لقد كانت لنا خلال الأسابيع الثمانية الماضية عدة لقاءات في بغداد وطهران مع وفود أمنية عالية المستوى من حكومة بغداد الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان العراق”. وبيّن أن “هذه اللقاءات أسفرت عن اتفاقيات عديدة من بينها تعهد حكومة العراق المركزية بإبعاد الإرهابيين عن حدود إيران”، مضيفاً “أننا نتابع مع الأخوة العراقيين التطبيق العملي للاتفاقيات، وإذا استقرت القوات العراقية على الحدود المشتركة بين إيران وإقليم كردستان، وضمنت تحقيق الأمن في هذه المناطق عندها لن نكون بحاجة الى مواجهة ما يهدد وحدة أراضينا”.
وقبل يوم من التصريحات الايرانية أعلن رئيس الوزراء العراقي، رفضه للاعتداءات على الأراضي العراقية من قبل دول الجوار، مؤكداً أن الأيام المقبلة ستشهد نشر قوات حرس الحدود في بعض المناطق.
بموازاة ذلك أكدت وزارة الخارجية العراقية أنها ستتخذ “إجراءات دبلوماسية عالية المستوى بشأن الاعتداء الإيراني على مناطق في إقليم كردستان.
وذكرت الخارجية العراقية عبر بيان، في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر أن “هذا النَهج الأُحادي، العدائي، لن يكون عاملاً للدفعِ بحلولٍ تُفضي للإستقرار.”
وأدان العراق عبر وزارة خارجيته، القصف الإيراني على إقليم كردستان بـ “عبارات شديدة ومكررة”، واصفاً إياه بـ “التجاوز السافر على سيادة العراق وأمن مواطنيه”.
وجاء البيان في إثر القصف الصاروخي الإيراني الذي استهدف، مقرات أحزاب كردية إيرانية معارضة في إقليم كردستان العراق، والذي راح ضحيته قتيل و8 جرحى على الأقل”.
ولايملك الجانب العراقي سوى اللجوء لبيانات الإدانة والاستنكار، لعدم وجود إرادة سياسية مشتركة لاتخاذ مواقف صارمة، ويبدو أن هناك اختلافا في وجهات نظر ورؤى الأحزاب التي تدير المشهد السياسي في العراق خصوصا مواقف الجهات القريبة من طهران، التي تكاد تكون رؤيتها مطابقة للموقف الإيراني، الداعي لتحجيم المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان ونزع سلاحها.
وتأتي الضربات الجديدة ضد إقليم كردستان في سياق توتر تشهده إيران عبر تظاهرات يومية، منذ وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني منتصف سبتمبر ضد مقار أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية تتخذ من إقليم كردستان مقرا لها، من أبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب كادحي كردستان كومله، وهي أحزاب خاضت تاريخيا تمردا مسلحا ضد النظام في إيران، على الرغم من تراجع أنشطتها العسكرية في السنوات الأخيرة.
التقرير الاقتصادي
فضيحة القرن تتسع وتكشف عن سرقة 5 مليارات دولار
اقتصادياً، لا يزال ملف قضية “سرقة القرن” مفتوحاً لدى القضاء العراقي للتوصل إلى جميع خيوطه، وتالياً سبل استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج العراق، بعدما تم الكشف عن أن حجم المبالغ المسروقة أكبر مما أعلن عنه سابقاً، وقد بلغ قرابة 5 مليارات دولار.
وكشفت لجنة النزاهة النيابية، يوم الأربعاء 23 تشرين الثاني / نوفمبر، وفقا لعضو اللجنة احمد الربيعي، أن
“اللجنة استضافت عدداً كبيراً من المسؤولين والجهات الحكومية بما فيها هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية للتحقيق بشأن سرقة القرن.” وبين ان “تقرير وزارة المالية أشار إلى أنه خلال سنة اختفى مبلغ 3,7 تريليون دينار [نحو ملياري دولار]، أما ما قبل ذلك فهناك الكثير من المبالغ التي سرقت، فضلاً عن أمانات التعرفة الجمركية” مؤكداً أنه “بحسب المعلومات الأولية التي حصلت عليها لجنة النزاهة النيابية تبين أن المبلغ المسروق يتجاوز خمسة مليارات دولار”.
وكشف وزير النفط ووزير المالية بالوكالة في الحكومة السابقة إحسان عبد الجبار إسماعيل، عن سرقة نحو مليارين ونصف المليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، وذلك قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، فتحركت هيئة النزاهة والسلطة القضائية لتتولى التحقيق بالقضية وصدرت عدة أوامر قبض قضائية، وكان أول المعتقلين رجل الأعمال نور زهير وتم إيداعه السجن، فضلاً عن آخرين، إلى جانب قرارات قضائية بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتورط بالسرقة وكذلك عوائلهم.
ويمثل فتح التحقيق في ملف سرقة مبالغ ضخمة من أموال الضرائب العائدة إلى الدولة بالتزامن مع انتهاء مهلة تكليف حكومة الكاظمي، مرحلة متقدمة من التصفيات السياسية، وخصوصاً أن حالة الفساد في العراق تعتبر منظمة من قبل جهات متنفذة لا يمكن لأيّ سلطة محاسبتها حالياً، فضلاً عن عدم وجود نظام إلكتروني وطني يمكن من خلاله استقطاع المبالغ الضريبية، وربطه بشبكة إلكترونية تضم مديرية التحويلات في البنك المركزي وهيئتي الجمارك والضرائب، كما أن الاعتمادات والاستقطاعات الضريبية في العراق تجرى بشكل بدائي من خلال سجلات وإيصالات ورقية، علماً بأن ما يصدره القضاء العراقي من أحكام بحق سارقي المال العام، لا تتناسب مع حجم جريمة السرقة التي قاموا بها، لأن المُدان يقضي مدة محكوميته المبسطة في السجن من دون إرجاع المبالغ التي جرى اختلاسها.
المركزي العراقي يوقف الحوالات إلى البنوك في لبنان
في سياق اخر أوقف البنك المركزي العراقي الحوالات المالية الى البنوك اللبنانية وفروع بنكي الرافدين والرشيد العراقيين في لبنان وتهريب الأموال.
ووجه نائب محافظ البنك المركزي العراقي بالوكالة عمار حمد خلف، في 24 تشرين الثاني / نوفمبر، كتاباً إلى جميع البنوك المرخصة، مشيرا فيه لإيقاف جميع إجراءات تحويل الأموال الى البنوك اللبنانية وفرع بنك الرافدين في بيروت وحساب بنك الرشيد في البنك المركزي اللبناني.
وصرّح عضو اللجنة المالية في البرلمان العراق خليل دوسكي، بأن الهدف من قرار البنك المركزي العراقي هو منع غسيل الأموال وتهريبها الى الخارج. وقال إن “قرار البنك المركزي يشمل جميع البنوك العراقية بما فيها بنوك اقليم كردستان، كون جميع البنوك العراقية التي تحصل على التراخيص تخضع لرقابة البنك المركزي.”
وفي 23 تشرين الثاني / نوفمبر، اجتمع النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي مع السفير اللبناني في العراق أديب الحبحاب، وتناقش الطرفان حول احياء 20 اتفاقية ومذكرة، موقعة سابقاً بين البلدين.
التقرير الثقافي
20 دولة تشارك بـ 90 فيلماً في مهرجان الرافدين السينمائي الدولي
في خضم الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، يحمل استضافة بغداد لمهرجان الرافدين السينمائي الدولي بصيص أمل لغد أفضل في العراق من خلال الثقافة، ولصناع السينما في العراق، للاطلاع على أعمال سينمائية دولية، ليشكل فارقاً كبيراً في مجال الفن السابع.
وانطلق مهرجان الرافدين السينمائي الدولي بدورته الثانية في بغداد تحت شعار “السينما لغة الحياة”، والذي حمل اسم الفنانة سناء عبد الرحمن، الأكثر بطولة للأفلام السينمائية العراقية، بحضور نخبة من الفنانين وممثلي الدول المشاركة فيه.
وتم اختيار 69 فلماً من بين 623 فلماً مقدماً من 20 دولة متنوعة من قبل لجنة الفرز والمشاهدة الدولية المؤلفة من سينمائيين من المغرب العربي وسورية والعراق، وعرضت على مدى يومين.
وقال رئيس مهرجان الرافدين الدولي مصطفى البياتي، إن هذه الدورة امتازت “بمشاركات دولية واسعة، وكذلك اللجان التي نظمناها كانت لجان دولية من المغرب وسورية والعراق، وعلى أساس هذه اللجان تم ترشيح 69 فلماً لتمثل 20 دولة مشاركة، وكان حضور المخرجين والممثلين مميز جداً عن افلامهم، وكذلك البعثات الدبلوماسية الممثلة عن هذه الدول المشاركة”.
وكانت قد اختتمت في 28 تشرين الأول / أكتوبر، فاعلية ثقافية أُخرى، هي الدورة الثالثة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح فعالياته على المسرح الوطنى، والتى اقيمت تحت شعار “لأن المسرح يضىء الحياة”، وصمم سينوغرافيا حفل الختام رئيس مهرجان إسكندرية المسرحى الدولى الفنان المصرى إبراهيم.