مقدمة

فجرت المحكمة الاتحادية ( أعلى سلطة قضائية في العراق) قنبلة سياسية اربكت الوضع العراقي برمته عندما انهت عضوية محمد الحلبوسي من مجلس النواب، وبالتالي من رئاسة البرلمان، بعدما كان محور زعامة سنية جعلت منه رقماً صعباً في المعادلة السياسية سواء على مستوى العرب السنة أو العراق عموماً.

وأطاح قرار المحكمة الاتحادية بمرتكزات أساسية عمل عليها الحلبوسي منذ بداية ظهوره على المسرح السياسي العراقي في 2014، نائباً في البرلمان، ليواصل بخطى مدروسة الصعود وصولاً إلى رئاسة البرلمان لدورتين، كما أثار تزعمه حزب “تقدم”، مخاوف لدى العديد من الشخصيات السنية من زعامة الحلبوسي للمكون السني على حساب وجودهم، إلى جانب عدم رغبة بعض الشركاء السياسيين الذين توجسوا من وجود زعيم سني قوي عليه اجماع مفقود منذ سنوات طويلة، الأمر الذي قد يعرقل خطط الاستفراد بالسلطة، والتحكم بالعلاقات الخارجية للعراق.

وجاءت الإطاحة بالحلبوسي في وقت دقيق وحرج، سواء مع قرب الانتخابات المحلية العراقية أو مع ما تمر به المنطقة العربية في ظل الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني، والمخاوف من اتساع الصراع ليشمل أجزاء واسعة من المنطقة، ومن بينها العراق، في ظل مشاركة فصائل عراقية مسلحة في مهاجمة القواعد العسكرية الأميركية وسعي واشنطن للحد من هجمات الفصائل المدعومة من إيران.

وبذل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جهوداً ملحوظة لتطويق آثار  الهجمات المتقابلة بين الفصائل والقوات الأميركية المتواجدة في العراق، وذلك من خلال إجراء اتصالات مباشرة مع واشنطن وطهران تلافياً لزج العراق في صراع المحاور، على الرغم من تأييده المطلق لعملية “طوفان الأقصى” التي شنتها “حماس” على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وإطلاق العراق حملة واسعة لاغاثة المدنيين في غزة، وسط تعاطف المرجعيات الدينية العراقية مع معاناة المدنيين الفلسطينيين.

وقد توقفت الهجمات مع بدء الهدنة التي امتدت أسبوعاً في غزة، والتي لم يتم تجديدها، الأمر الذي عُد مؤشراً إلى عدم رغبة الفصائل الحليفة لإيران في التصعيد كثيراً، وبأن هجماتها تأتي بدافع دعائي للإثارة وتسجيل المواقف في سياق التخلص من الحرج الذي تواجهه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة بالتزامن مع حجم الضغوط التي يمارسها حزب الله اللبناني والمحور الذي يمثله، للدفع نحو توسيع رقعة الحرب وإقحام العراق فيها وتحويله إلى ساحة مواجهة مع واشنطن وعداء لها، وهو تطور ستترتب عليه تداعيات سلبية وخطيرة جداً على العراق والمنطقة كلها.

ويقترن الرد الأميركي على الفصائل المسلحة بطبيعة هجمات تلك الفصائل، فاذا كانت تلك الهجمات تسبب ضررا للقوات الأميركية، فالرد هنا سيكون على مستوى الضرر، لكن حتى هذه اللحظة لا توجد أضرار حقيقية، بل هناك إصابات طفيفة.

اقتصادياً، تسعى تركيا للخروج من مأزق دفع التعويضات المالية ولمساومة مع العراق، مستثمرة حاجته إلى وضع حد لشلل تصدير الخام من شمال البلاد.

ويعود سبب عدم التوصل إلى اتفاق بين الدولتين لإعادة تصدير النفط الى صراع إيراني – تركي على النفط العراقي، إذ تكمن مصلحة إيران في عدم تصدير نفط إقليم كردستان إلى الخارج عبر تركيا، وتعمل منذ فترة طويلة على نقله عبر الصهاريج إلى مصافيها ومحطاتها عبر استخدام طهران لحلفائها في العراق في عمليات سرقة وتهريب النفط ومشتقاته.

وأوقفت تركيا التدفقات من طريق تصدير النفط شمال العراق بعد حكم تحكيم أصدرته غرفة التجارة الدولية في آذار/ مارس، قضى بأن تدفع أنقرة تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها بين سنتي 2014 و2018.

ثقافياً، تمكن العراق، ضمن سياسة الاسترداد التي يتبعها، من استعادة آلاف القطع الاثرية المهربة، أو المسروقة، وآخرها مجموعة قطع من بريطانيا. وكانت سنة 2021 شهدت استعادة آلاف القطع الأثرية، بينها 17,899 قطعة أعادتها الولايات المتحدة، إلا أنه لا تزال الكثير من القطع الأثرية التي فُقدت خلال وبعد الاحتلال الأميركي للعراق في سنة 2003، موضوعة في خانة المجهول.

التقرير السياسي

السوداني يستمع لموقف واشنطن من حرب غزة ويزور طهران

استقبل رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، يوم الأحد، 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بغداد.

وقالت الحكومة العراقية في بيان، أنهما  بحثا خلال اللقاء، تطورات الأحداث المتصاعدة في قطاع غزّة، وضرورة احتواء الأزمة وضمان عدم اتساعها.

وأكّد السوداني لبلينكن، رفض بغداد العدوان الإسرائيلي على غزّة، مطالباً بالوقف الفوري لإطلاق النار وفتح المعابر “لتفادي الكارثة الإنسانية”، وشدد على ضرورة  أن “يتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته إزاء المجازر التي ترتكب في غزة.” أما بلينكن، فقال بعد لقائه السوداني إنّ الولايات المتحدة “تعمل بجد” لضمان عدم “تصاعد أو انتشار” الصراع في غزة.

وقبل وصول بلينكن إلى العراق بساعات، تبنّت فصائل عراقية مسلحة، قصفاً بالطيران المسيّر، استهدف القوات الأميركية في قاعدة تل بيدر في الحسكة، شمالي شرقي سورية، مؤكدة إصابة أهدافها.

واعتبر بلينكن أن هذه الهجمات ضدّ القوات الأميركية في العراق وسورية، والتي اشتدّت وتيرتها منذ بدء معركة  “طوفان الأقصى”، “غير مقبولة على الإطلاق.”

ولم يتمّ الإعلان مسبقاً عن زيارة بلينكن التي كشف عنها بيان رئاسة الوزراء العراقية، لأسباب أمنية. وقد ظهر وزير الخارجية الأميركي وهو يرتدي سترة مضادة للرصاص في مطار بغداد الدولي.

وتأتي زيارة بلينكن في ظلّ تعرّض القواعد العسكرية الأميركية في العراق، لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة، رداً على دعم واشنطن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، والتحاماً بمعركة “طوفان الأقصى”.

وتجسد المباحثات رسائل متبادلة بين الطرفين تتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، ويدعم ذلك زيارة وفد من “حماس” إلى بغداد وعقده لقاءات مع عدد من المسؤولين العراقيين، مع قيام السوداني بجولة إقليمية لمناقشة تطورات الأحداث في غزة .

في هذا السياق، وبعد يوم من لقائه بلنكن زار السوداني طهران في يوم الاثنين 6 تشرين الثاني/ نوفمبر والتقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والمرشد الأعلى علي خامنئي، وبحث معهما الحرب الدائرة في غزة وسبل إنهائها.

وعبر السوداني خلال اللقاءات في طهران عن دعم القضية الفلسطيية ورفضه استهداف قطاع غزة، فيما قال الرئيس الإيراني إن طهران تدعم أي إجراء “على مستوى الدول الإسلامية وعلى مستوى الدول الإقليمية والدولية”، لـ “ردع” إسرائيل والولايات المتحدة عن “قتل أهل غزة”.

كما قال خامنئي خلال لقائه السوداني: “كل الأدلة تشير إلى تورط الأميركيين بشكل مباشر في إدارة الحرب.”

ودعا إلى “زيادة الضغط السياسي” على أميركا وإسرائيل لوقف قصف غزة، قائلاً إن إيران والعراق يمكنهما لعب “دور، وأن يكونا مؤثرين” في هذا المجال، من خلال التنسيق فيما بينهما.

وبحسب ماتم تداوله في الأوساط السياسية، طلب رئيس الوزراء العراقي مساعدة القادة الإيرانيين على وقف هجمات الفصائل على القوات الأميركية في العراق، خشية من التبعات التي قد ترتد على بلده غير المستقر سياسياً واقتصادياً، إلا أن الإيرانيين أبلغوا السوداني أن المجموعات العراقية المسلحة اتخذت قراراتها بنفسها، مؤكدين أن طهران لن تتدخل في الأمر.

وتم تداول معلومات، بأن بلينكن وجّه تحذيرات خلال تصريحات له في مطار بغداد أثناء مغادرته العراق، من أن الهجمات على القوات الأميركية والأهداف المدنية في المنطقة سيتم الرد عليها بالمثل، مشدّداً على اعتبار الهجمات والتهديدات الصادرة عن الميليشيات المتحالفة مع إيران غير مقبولة على الإطلاق، ومتوعّداً بالقول “سنفعل ما هو ضروري لحماية أفرادنا، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين.”

ويرى مراقبون أن ثمّة تلاقي مصالح أميركية وإيرانية، من دون اتفاق مباشر، على عدم توسيع رقعة الصراع إلى أبعد من غزة، ويستندون في ذلك إلى طبيعة الهجمات المدروسة، ومثلها الردود الأميركية.

واظهرت الأحداث عدم قدرة السوداني على ضبط إيقاع الفصائل المسلحة، وهو لا يختلف كثيراً عن رؤساء الوزراء السابقين، على الرغم من كل الوعود المقدمة إلى لجانب الأميركي والمجتمع الدولي، بإيقاف تلك الهجمات، وهذا ما يجعله في موقف حرج جداً، وقد يؤثر على تعامل دول العالم معه، بسبب عدم التزامه بالتعهدات التي يطلقها.

القضاء يطيح بالحلبوسي والبديل لرئاسة البرلمان مؤجل

في ظل الاحتقان الإقليمي، شهد العراق حدثاُ هو الأول من نوعه، عندما قررت المحكمة الاتحادية، يوم الإثنين 13/11/2023، إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، وذلك بعد أشهر من الصراع السياسي بين الحلبوسي والنائب السني ليث الدليمي.

وبدأت الخلافات بين الرجلين منذ 15 يناير/ كانون الثاني 2023 عندما أقدم الحلبوسي على استبعاد النائب المستقل الدليمي، وفصله من عضوية مجلس النواب وإنهاء خدماته، الأمر الذي دفع الأخير إلى رفع دعوى قضائية في المحكمة الاتحادية العليا المتخصصة بقضايا فصل النزاعات الدستورية العراقية، متهماً الحلبوسي بـ “التزوير والتلاعب في موضوع استبعاده من البرلمان.”

ويشار إلى أن النائب الدليمي كان عضواً في حزب “تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي، وترشح ضمن صفوف الحزب عن مناطق شمال بغداد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

وفي 22 نيسان/ أبريل 2022 أقدم الحلبوسي على فصل الدليمي من حزب “تقدم” بسبب “عدم التزامه سياقات وتوجيهات قيادة الحزب ومخالفته الضوابط الحاكمة في النظام الداخلي، لكن الدليمي عاد مجدداً في حزيران/ يونيو 2023، إلى عضوية البرلمان كنائب عن تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، المنافس للحلبوسي.

وفي إثر إقالة رئيس البرلمان عقد حزب “تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي، اجتماعاً قرر خلاله وزراء الحزب ونوابه، مقاطعة اجتماعات ائتلاف “إدارة الدولة” والجلسات البرلمانية والعملية السياسية. وتبع ذلك استقالة 3 وزراء من الحكومة العراقية من حصة “حزب تقدم”، وهم وزراء التخطيط محمد تميم والثقافة أحمد البدراني والصناعة خالد بتال ليعودوا بعدها عن الاستقالة ويزاولوا مهامهم مجددا.

وبدأ رئيس البرلمان العراقي المُقال، حراكاً سياسياً وقانونياً واسعاً في العاصمة بغداد، للطعن بقرار المحكمة الاتحادية العليا، على الرغم من أن هذا الحراك لن يثمر عن اي تغيير في الوضع، كون حكم الإتحادية مبرم وغير قابل للطعن.

وأولى اللقاءات التي عقدها الحلبوسي بعد عزله من منصبه، كان مع السوداني الذي خاطب الحلبوسي برئيس البرلمان. كما استقبل الحلبوسي في مقر إقامته، رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، إضافة إلى عقده لقاء مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت التي لم تُخاطبه بأي صفة رسمية، بل اكتفت بوصفه بـ “السيد الحلبوسي” في تغريدة لها.

وفي يوم الخميس 16/11/2023، التقت السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي، بالحلبوسي، وبحثت معه حيثيات قرار المحكمة الاتحادية بحقه، كما التقت في اليوم ذاته برئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الطرف الثاني في القضية.

إلى جانب لقاءه قيادات سياسية عديدة في البلاد، ضمن المساعي للطعن بقرار المحكمة ودفعها على التراجع عنه، وفقا لما أكده نائب في البرلمان العراقي عن حزب “تقدم”، الذي يتزعمه الحلبوسي.

ومساء الأربعاء15/11/2023، عقد الحلبوسي مؤتمراً صحافياً في بغداد طعن خلاله بقرار المحكمة، مشيراً إلى أن “واجبات المحكمة الاتحادية تتمثل في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور والفصل بين النزاعات القانونية والفصل في المنازعات بين الأقاليم والمحافظات.”

وعن بدائل الحلبوسي في رئاسة البرلمان، افادت مصادر سياسية أن اجتماعاً عقد يوم الثلاثاء 14/11/2923، ضم عدداً من قيادات القوى السنية، من بينهم خميس الخنجر ومثنى السامرائي ورافع العيساوي وآخرين للبحث عن بدائل للحلبوسي.

والتنافس يجري بين كل من مثنى السامرائي أو أحد نواب كتلته ونواب كتلة خميس الخنجر، فضلاً عن النائب خالد العبيدي الذي شغل منصب وزير الدفاع سابقاً.

 

وعقد مجلس النواب العراقي جلسة نيابية استثنائية، لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، عقب إبعاد الحلبوسي، في مساء يوم الأربعاء 22/10/2023، برئاسة النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي. لكن الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، أهلنت تأجيل انتخاب رئيس جديد للبرلمان.

وتتوالى تداعيات إنهاء عضوية الحلبوسي، وهو ما قد يرتد سلبا وفق مراقبين على أداء الحكومة الائتلافية، ويعقد المشهد السياسي مع قرب انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 كانون الاول، ديسمبر.

وسيؤثر ما حدث بلا شك على إعادة تشكيل خارطة الاصطفافات والتحالفات البرلمانية والسياسية، وقد يحدث تحولات في الساحة السياسية السنية خاصة.

وتباينت ردود الفعل في الشبكات الاجتماعية العراقية، بين مثنية على استقلالية القضاء ومهنيته في كشف ورفض “التزوير”، وبين اعتبار ما حدث “مسيساً”.

ويطغى الجانب السياسي في قرار إقالة رئيس البرلمان العراقي على الجانب القانوني، بغض النظر عن حيثيات القضية، وذلك أخذا بالاعتبار توقيت ومحتوى القرار يوضحان الجوانب السياسية منه.

كما أن ما يجري الآن كان متوقعاً ولا يخرج عن إطار “تنفيذ مجموعة من التهديدات” التي تعود إلى فترة ارتباط الحلبوسي بـ “التحالف الثلاثي”، مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، إذ أول أزمة سياسية عاشتها حكومة “الإطار التنسيقي” برئاسة السوداني مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” في سياق إقرار الموازنة العامة للبلاد، والآن تدخل القوى السنية على خط المواجهة.

والدعم الكبير الذي تبديه الجماعات الموالية لإيران خلال السنوات الأخيرة لشخصيات سنية معارضة للحلبوسي يعزز الاعتقاد بأن ما يجري يمثل محاولة من قبل الميليشيات لإقصاء كتلة الحلبوسي، على رغم من كون الأخير جزءاً من تحالف “إدارة الدولة” الحاكم، بالإضافة إلى الحملة التي تديرها الحكومة لتغيير عدد كبير من المناصب العليا في الدولة التي يشغلها العديد من حلفاء الحلبوسي سواء في محافظة الأنبار أو خارجها، والتي شملت جميع ممثلي كتلة تقدم سواء في الحكومة المحلية في الأنبار، أو الحكومة الاتحادية في بغداد، من خلال إبعادهم أو تقييدهم أو توجيه اتهامات لهم.

وترى القوى الموالية لإيران أن إفشال مساعي الحلبوسي للفوز في الانتخابات المحلية المقبلة، سيمثل بوابة بداية نهايته السياسية، وشغل تلك المساحة من قبل أطراف قريبة منها، فضلاً عن تفعيل الصراعات بين الأطراف السنية، الأمر الذي يمّكن القوى الموالية لإيران من السيطرة على الحراك السياسي السني، مثلما كان الأمر عليه خلال السنوات التي سبقت ظهور الحلبوسي.

وعلى رغم أن الحلبوسي لم يكن معارضاً أو مشاكساً للإطار، بل كان أحد أكثر الشخصيات تساهلاً مع القوى الموالية لإيران، إلا أن محاولة الإطار التنسيقي الانطلاق نحو إيجاد أطراف بديلة أضعف وأقل نفوذاً، كون الحلبوسي يعتبر الأقوى بين الذين تسلموا إدارة السلطة التشريعية خلال 20 عاماً خلت، منذ التغيير الذي حدث بعد سنة 2003، فمحمد راكان الحلبوسي المنحدر من عشيرة صغيرة نسبياً لقبائل الدليم في الأنبار، تمكن بطريقة استثنائية من قيادة مجلس النواب لدورتين انتخابيتين متتاليتين بجدارة ومؤهلات “استثنائية” أيضاً، ليحقق وضعاً مغايراً لما تعيشه محافظة الأنبار الأكبر مساحة في البلاد والأكثر تضرراً بعد سقوط نظام صدام حسين، والتي سقطت مرة ثانية منتصف 2014 بيد تنظيم “داعش” وشهدت خراباً وتقتيلاً غير مسبوق في تاريخها، مع شقيقاتها المحافظات السنية الأربع: الموصل وتكريت وديالي وكركوك (المتنازع عليها).

كما ان توصيف حزبه “تقدم” والمكون الذي يمثله بـ “نحن أمة”، أثار عليه خصومه الساسة السنة قبل الشيعة، ممن يرون في حضوره وتوجهاته وآماله أن يكبر على حساب منافسيه الذين لن يستسيغوا توجهاته وسياسته.

وأشعل بديل رئيس مجلس النواب العراقي المعزول صراعاً بين المكون السني الذي لم يجد بديلاً حتى هذه اللحظة نتيجة الخلافات ما بين أبناء المكون نفسه رغم أن تحالف تقدم والسيادة خوّل رئيسي التحالف الحلبوسي وخميس الخنجر اختيار الاسم البديل لشغل المنصب بعد خلوه.

كما أن هناك جهات تحاول استغلال الوضع بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا بإنهاء عضوية الحلبوسي وأن تصدر بديلاً له من الجهات التي توالي “الإطار التنسيقي” الحاكم الموالي لايران أو على علاقة جيدة معه بعيداً من كتلة السيادة التي هي حزب السيادة وحزب تقدم.

ويعاني المكون السني في العراق التشرذم بسبب صراع النفوذ وزعامة المكون، إضافة إلى التدخلات الإقليمية في التأثير على اختيار رئيس البرلمان، كما ان الانقسامات داخل الرؤى العراقية، فضلاً عن الضغوط الإقليمية والدولية على المكون لتحقيق مصالح بالضد من النفوذ الإيراني جعل هذه القوى تختلف في ما بينها لتحقيق رضا القوى الإقليمية التي تحكم بقاء القوى السنية في المشهد السياسي.

وعلى الرغم من الاتفاق الذي حصل بين السيادة وتقدم على أن يكون البديل من ذات الحزب الذي يترأسه محمد الحلبوسي، فأن حزب “تقدم” حتى هذه اللحظة لم يعلن عن اسم بديل الرئيس المعزول بشكل رسمي، علماً بأن هناك أسماء كثيرة تم تداولها في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن معظمها مجرد إشاعات.

التمديد لمفوضية الانتخابات والحكيم يرد على عدم مشاركة الصدر

صوّت مجلس النواب في جلسته الاستثنائية التي عقدها يوم الأربعاء 22/11/2023، على مقترح قانون تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و تمديد فترة المفوضية لمدة ستة اشهر، او لغاية المصادقة على انتخابات برلمان الاقليم.

ويعطي هذا التمديد الشرعية للمفوضية بإجراء انتخابات مجالس المحافظات، وبرلمان كوردستان وما يتبعه من إعلان للنتائج و فترة الطعون.

كما أن التعديل يتضمن مادة واحدة فقط، وهي تمديد ولاية أعضاء مجلس المفوضين لمدة لا تزيد عن ستة أشهر لمرة واحدة ، وذلك لغرض منح الصلاحية للمجلس من اجل استكمال أعماله بعد قرب انتهاء ولايته.

واتفقت جميع الكتل السياسية على اجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد، ولا يوجد أي تأجيل أو تغيير في الموعد.

وفي غضون ذلك، ردّ رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، يوم الجمعة 17/11/2023، على دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمقاطعة الانتخابات وحمله “مسؤولية اختلال التوازنات”.

ودعا الحكيم في كلمة خلال المؤتمر الانتخابي لتيار الحكمة إلى “مشاركة واسعة وفاعلة وواعية في الانتخابات”، وبيّن أن “المشاركة حق لكل فرد كما أن عدم المشاركة حق لكل ناخب”، وحذر من “دعوات عدم المشاركة ومنع الناس من المشاركة كونها ستخلق نتائج غير متوازنة في تمثيل المكونات الاجتماعية ولاسيما في المحافظات ذات التمثيل المكوناتي المتنوع”، وحمل “دعاة منع الناس من المشاركة مسؤولية اختلال التوازن المكوناتي و حالة عدم الاستقرار التي ستترتب عليه.”

وكان الصدر قال في رده على سؤال من أنصاره بشأن المشاركة في الانتخابات، إن “مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للإنتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا.. ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً، ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب، حماه الله تعالى من كل سوء ومن كل فاسد وظالم.”

بطريرك كلدان العالم لويس ساكو يُفضل النظام العلماني للعراق

عدّ الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، يوم الثلاثاء 20/11/2023، النظام العلماني الذي يفصل الدين عن الدولة الخيار الأمثل للحكم في العراق، داعيا الى اجراء تعديل على الدستور الدائم للبلاد.

وأكد ساكو في كلمة له خلال منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط الذي انعقد في محافظة دهوك، على أهمية “إنشاء دولة ديمقراطية مدنية تعتمد المواطنة وتنتهج التنوع وتحترم الحقوق والحضارة والأديان والطوائف.”

وأضاف أن “النظام العلماني الخيار الأفضل لنا وليس النظام الطائفي”، مضيفاً “نحن بحاجة إلى فصل الدين عن الدولة في العراق، والدولة لا دين لها بل هي كيان معنوي، والدين لنا، نحن الأفراد.”

وشدد ساكو على ضرورة “اشاعة ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان”، مستدركا بالقول “ولكن للأسف هذا كله لم نره، وأعتقد أن مثل هذا المشروع يمكن تحقيقه بسهولة في إقليم كردستان الذي اتخذ خطوات عملية بهذا الاتجاه، ونأمل أن يحافظ الإقليم على هذا النموذج من التعايش السلمي المشترك.”

واقترح بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم “تعديل الدستور العراقي بأن يتم فيه فصل الدين عن السياسة، وتبني نظام يحترم كل الأديان، وأن نضع نظاماً لا يتدخل في شؤون الاديان.”

ومن ضمن المقترح ذاته، دعا ساكو الأسر العراقية إلى تربية أطفالها على احترام الأقليات والرأي الآخر وتقبل الآخر، وتعزيز الأخوة، مؤكداً ضرورة تغيير برامج التعليم خاصة المناهج الاجتماعية والدينية، والابتعاد عن فكر التكفير وتهميش الأديان الاخرى.

وتابع بالقول إنه “يتعين على الحكومة الاتحادية ألاّ تسمح للميليشيات التحكم بمصائر المسيحيين في البلاد”، مشيراً إلى أنه “لا يزال هناك تضامن مع فاجعة الحمدانية، وهذا يدلُّ على أن العيش المشترك لا يزال يسري في شعور العراقيين.”

ويعاني مسيحيو العراق من التضييق والاستهداف شبه الدائم على خلفيات دينية من قبل تشكيلات مسلحة متطرفة الى جانب النهج الاسلامي للدولة والقوانين التي تضغط على الوجود المسيحي في العراق، الأمر الذي دفع آلاف المسيحيين إلى مغادرة البلاد قسراً نحو الغرب ودول الجوار للتخلص مما يتعرضون له من مشاكل ومجازر في أكثر من مكان، عقب احداث العنف الطائفية بعد 2003، أو خلال سيطرة تنظيم داعش على نينوى بعد سنة 2014.

التقرير الاقتصادي

العراق يبحث إعادة تشغيل خط الأنابيب المتعثر عبر تركيا

التقى مسؤولون في قطاع النفط بالحكومة العراقية في 8/11/2023، للمرة الأولى مع ممثلين عن رابطة صناعة النفط في كردستان “إبيكور” لبحث استئناف الضخ من خط أنابيب التصدير المتعثر من العراق إلى تركيا.

وحضر الاجتماع الذي عقد في دبي ممثلون عن “إبيكور” والوزارة العراقية وشركة تسويق النفط الحكومية العراقية “سومو” وشركة نفط الشمال العراقية.

وأوقفت تركيا التدفقات من طريق تصدير النفط شمال العراق بعد حكم تحكيم أصدرته غرفة التجارة الدولية في في آذار/ مارس، أمر أنقرة بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها بين سنتي 2014  و2018.

وخلال الاجتماع، أكد كل من “إبيكور” ومسؤولي الحكومة العراقية على الحاجة الملحة لاستئناف إنتاج وتصدير النفط بالكامل بموجب شروط تجارية مقبولة للطرفين. لكن مصدراً مطلعاً قال، إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

وقال المتحدث باسم “إبيكور” مايلز كاجينز، في بيان “كان هذا الاجتماع خطوة أولية. نتوقع اجتماعات مستقبلية مع جميع أصحاب المصلحة”.

وتضم “إبيكور” شركات النفط والغاز العالمية التي لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في عقود النفط أو الغاز بإقليم كردستان العراق، التي اضطر كثير منها إلى وقف الإنتاج نتيجة لإغلاق خط الأنابيب.

وقال وزير الطاقة التركي في في تشرين الأول/ أكتوبر، إن خط الأنابيب جاهز لبدء الشحنات، لكن اثنين من كبار مسؤولي النفط العراقيين قالا في ذلك الوقت، إن العراق لم يتلق إخطاراً رسمياً من تركيا في شأن ما إذا كان خط الأنابيب جاهزاً.

ويصدر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة “أوبك”، نحو 85 في المئة من خامه عبر موانئ في الجنوب. لكن الطريق الشمالي عبر تركيا لا يزال يمثل نحو 0,5 في المئة من إمدادات النفط العالمية.

وأعلنت شركات النفط العالمية العاملة في إقليم كردستان العراق أنها لن تنتج نفطا لتصديره عبر أحد خطوط الأنابيب حتى تحل مشكلة المدفوعات المتأخرة التي تقدر بنحو مليار دولار، وفق شركة “دي.إن.أو” النرويجية في 9/11/2023.

وترتب على قرار ايقاف تصدير النفط ازمات اقتصادية منها تعرض حكومة إقليم كردستان لخسائر مالية كبيرة، جعلتها عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، وقد اتهمت أربيل الحكومة المركزية بعدم إرسال الأموال الخاصة برواتب موظفيها المدنيين، في وقت تشهد بغداد نفسها احتجاجات حول الأجور والوضع المعيشي.

وتسعى تركيا للخروج من مأزق دفع التعويضات المالية وتساوم العراق مستثمرة حاجته إلى وضع حد لشلل تصدير الخام من شمال البلاد.

كما ان سبب عدم التوصل الى اتفاق بين الدولتين لإعادة تصدير النفط يعود الى صراع إيراني – تركي على النفط العراقي، حيث تكمن مصلحة إيران في عدم تصدير نفط إقليم كردستان إلى الخارج عبر تركيا، وتعمل منذ فترة طويلة على نقله عبر الصهاريج إلى مصافيها ومحطاتها عبر استخدام طهران لحلفائها في العراق في عمليات سرقة وتهريب النفط ومشتقاته. ففي نيسان/ أبريل الماضي، كشف مسؤول إيراني بالخطأ عن حجم المشتقات النفطية المهرّبة بشكل يومي من العراق نحو بلاده. وكان محمد حيدري، المسؤول المحلّي في مدينة قصر شيرين التابعة لمحافظة كرمانشاه غربي إيران، يتحدّث آنذاك لوكالة “فارس” الإيرانية عن النشاط التجاري في المعابر الحدودية بين بلاده والعراق عندما تطرّق بشكل عرضي إلى دخول أكثر من 300 شاحنة محملة بالوقود من إقليم كردستان العراق إلى إيران يوميا.

وتأمل تركيا النفاذ إلى تلك المناطق التي تحوي المنابع الرئيسية للنفط العراقي من بوابة التنمية، بحسب ما تظهره تحرّكات السفير التركي ورجال أعمال أتراك في محافظات جنوب العراق، إلى محافظتي النجف وكربلاء جنوبي العاصمة العراقية بغداد، مستغلة عامل افتقار تلك المناطق للتنمية التي تحوّلت إلى مطلب شعبي وشعار مرفوع في الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها تلك المناطق خلال السنوات الأخيرة. وأثناء وجود السفير التركي في النجف، قال في منشور على منصة إكس “نحن في مقام أهل البيت برفقة رجال الأعمال”، مضيفا “شركاتنا مستعدة لدعم تنمية النجف.”

وتسعى تركيا لدخولها كمنافس جدّي على النفوذ في محافظة كركوك الغنية بالنفط، مستغلّة الصراع الشديد على المحافظة بين عدّة مكوّنات عرقية وقومية من ضمنها المكوّن الكردي الذي يطالب بضمّ المحافظة إلى إقليمه، والمكون التركماني الذي تحاول أنقرة ممارسة الوصاية عليه بهدف استخدامه في إيجاد موطئ قدم لها في كركوك.

اتفاق مع واشنطن على زيادة البنوك المعززة أرصدتها بالدولار

أعلن مصدر حكومي عراقي، يوم الأحد 12/11/2023، أن بلاده اتفقت مع أمريكا، على زيادة البنوك المعززة أرصدتها بالدولار الأميركي.‏

وقال إنه “في ضوء الاجتماعات الأخيرة للبنك المركزي مع الجانب الأمريكي، أصبح عدد البنوك التي بالإمكان تعزيز أرصدتها بالدولار الأميركي وبصورة مباشرة هي 10 بنوك”، وفقا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وأضاف المصدر أن “هذه البنوك 5 منها من خلال مصرف سيتي بنك، والخمسة الأخرى من خلال بنك جي بي مورغان.”

كما أعلن المصدر الحكومي العراقي أن “عدد البنوك التي سيتم تعزيز أرصدتها بعملة اليوان الصيني من خلال بنك التنمية السنغافوري سيصبح 13 بنكاً.”

وأوضح أن “البنوك التي عززت حساباتها بالروبية الهندية لدى مصرف التنمية السنغافوري هي 2، وستتم إضافة بنوك أخرى خلال الأسبوعين القادمين.”

وفي الشهر الماضي، قال مدير عام إدارة الاستثمار والتحويلات في البنك المركزي العراقي، مازن أحمد، أن بلاده ستحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار، بدءاً من الأول من يناير/ كانون الثاني 2024، وذلك في أحدث مسعى للحد من إساءة استخدام احتياطيات البلاد من العملة، والهدف منها هو وقف الاستخدام غير المشروع لنحو 50% من مبلغ نقدي.

وبحسب مصادر سياسية واقتصادية، فإن البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأميركي، اتفقا على عدد من النقاط خلال الاجتماع الأخير في الإمارات، للحد من عمليات تهريب العملة والسيطرة على سعر الصرف الموازي.

وكشف مصدر حكومي، عن اتفاق البنك المركزي العراقي مع الجانب الأميركي، بحل المشاكل المتعلقة بالحوالات المرفوضة، وتم الاتفاق بأن يكون رفض الحوالات مستنداً لأسباب قوية.

وقد تم عقد اجتماعات مع أحد المصارف الإماراتية والبنك المركزي العراقي والجانب الأميركي، لتنفيذ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي للمصارف العراقية، وتم حسم جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالموضوع، ومن المتوقع أن تبدأ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي خلال الأيام القليلة القادمة، إلى جانب مفاوضات وصلت إلى مراحلها الأخيرة لتعزيز أرصدة بعض المصارف العراقية باليورو لدى مصرف يوباف (UBAF) لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وزيادة عدد المصارف التي يتم تعزيز أرصدتها باليوان الصيني من خلال مصرف التنمية السنغافوري، لتمويل التجارة من الصين التي تقدر بـ 12 مليار دولار سنوياً. والبدء ايضاً بفتح حسابات مصرفية بالروبية الهندية لعدد من المصارف العراقية في ذات المراسل مصرف التنمية السنغافوري (فرع نيودلهي)، وفعلاً تمت عمليات تعزيز الرصيد لمصرفين عراقيين كمرحلة أولى، ويتوقع أن تسهم هذه الآلية في تمويل استيرادات العراق من الهند وخاصة الأدوية والمواد الغذائية والتي تقدر بنحو 3 مليارات دولار.

وكشفت تقارير سابقة تداولتها وكالات الاخبار المحلية، عن تهريب العملة واستمرارها، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ “الحوالات السود”.

ولم تساعد كل خطوات وإجراءات البنك المركزي العراقي، طيلة الفترة الماضية على حل الأزمة، ولذا ثمّة اعتقاد بأن ما جرى الاتفاق عليه مع الفيدرالي الأميركي مؤخراً في الإمارات لن يأتي بشيء جديد، إذا لم يتم وضع حلول حقيقية لعمليات التجارة التي تجري خارج المنصة والحد من تهريب الدولار بطرق غير قانونية لتمويل التجارة مع إيران وسورية، وهذه التجارة هي سبب ارتفاع سعر صرف الدولار وحصول شح الدولار في السوق.

والحوارات والاتفاقات ما بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأميركي في الإمارات مهمة ومفيدة جداً، إذ تحقق تنوعا في سلة العملات الأجنبية، من خلال فتح حسابات في مصارف عراقية بالدرهم الإماراتي وبالعملة الصينية، وهذا الأمر سوف يقلل من الطلب الكبير على الدولار في تمويل الاستيرادات الخارجية.

وسيكون لهذه الاتفاقات أثر في خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، لكن الأمر يتطلب وقتاً طويلاً، إضافة إلى أنه يتطلب إجراءات حكومية من قبل الجهات التنفيذية لمنع التجارة غير الشرعية والقانونية، وهذا الأمر ليس من صلاحية البنك المركزي.

التقرير الثقافي

استراداد قطع أثرية من بريطانيا عمرها نحو 4 الاف سنة

تسلم العراق، 4 قطع أثرية من بريطانيا، تعود إلى حضارة وادي الرافدين ضمن الجهود الرامية لاستعادة آثاره المسروقة منذ نحو 20 عاماً، عقب سقوط النظام العراقي في 2003 .

وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان، يوم الجمعة 17/ /11 2023، “تسلم السفير محمد جعفر الصدر، قطع أثرية عبارة عن ثلاثة أختام ولوح أثري تعود إلى حضارة وادي الرافدين نحو 2000 قبل الميلاد إلى 600 سنة بعد الميلاد”، موضحة أن “سيدة بريطانية قامت بتسليم الأختام التي ورثتها عن والدها إلى السفارة.”

كما تسلمت السفارة “قطعة أثرية أخرى من المتحف وهي عبارة قطعة من جدار أثري، مبينة أن العملية تأتي “ضمن الجهود المتتابعة لدبلوماسية الاسترداد التي تقوم بها وزارة الخارجية، وعبر سفارة جمهورية العراق في لندن وبالتعاون مع المتحف البريطاني.”

ودعا السفير العراقي “جميع من لديه قطع أثرية عراقية إن يقتدي بالسيدة البريطانية حيث تطوعت بإرجاعها إلى بلدها الأم العراق.”

جاء ذلك قبل أسبوع من الإطاحة بخمسة تجار للآثار في محافظة كركوك، وضبط بحوزتهم كتاب أثري.

وبتاريخ 9 أيار/ مايو تسلم العراق 38 صندوقاً تضم آثاراً عراقية عددها 6000 قطعة كانت مُعارة لدى بريطانيا.

وتمكن العراق في سنة 2021 من استعادة آلاف القطع الأثرية، بينها 17,899 قطعة أعادتها الولايات المتحدة، إلا أنه لا تزال الكثير من القطع الأثرية بعد أحداث 2003، موضوعة في خانة المجهول.

ويحتضن المتحف العراقي في بغداد، بقاعاته الأربع والعشرين، أكثر من 100 الف قطعة أثرية، وهناك أضعاف هذه الاعداد ما تزال مخزونة، فيما تسعى هيئة الآثار إلى افتتاح متاحف أخرى في المحافظات العراقية.

وقد حددت المادة 38 من قانون الآثار العراقي رقم 55 لسنة 2002، العقوبة بالسجن 10 سنوات والتعويض بضعفي القيمة المقدرة للآثار على كل من لديه قطع أثرية ولم يسلمها للدولة خلال 30 يوماً.

أما المادة 39 فيعاقب وفقها بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات، وبتعويض مقداره ضعف القيمة المقدرة للأثر كل حائز لمخطوطة أو مسكوكة أو مادة تراثية مسجلة تسبب في ضياعها أو تلفها كلياً أو جزئياً بسوء نية أو بإهمال منه.

والمادة 40 يعاقب بالسجن وفقها مدة لا تقل عن 7 سنوات ولا تزيد عن 15 سنة من سرق أثراً أو مادة تراثية في حيازة السلطة الاثارية، وبتعويض مقداره 6 أضعاف القيمة المقدرة للأثر أو المادة التراثية في حالة عدم استردادها.

وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا كان مرتكب الجريمة من المكلفين بإدارة او حفظ او حراسة الأثر او المادة التراثية المسروقة، وتكون العقوبة الإعدام إذا حصلت السرقة بالتهديد او الإكراه او من شخصين فأكثر وكان احدهم يحمل سلاحاً ظاهراً او مخبأ.