مقدمة

بعد تحقيقها نجاحاً مثيراً في التقريب بين السعودية وإيران، دخلت بغداد في وساطة جديدة لمصالحة بين القاهرة وطهران المتأزمة علاقاتهما على خلافات قديمة وعدم الثقة من زمن استضافة القاهرة لشاه إيران الراحل وتمجيد طهران بقتلة الرئيس الراحل أنور السادات وما أعقب تلك الحقبة من اشتباكات ونزاعات ارتبطت بالحرب العراقية  الايرانية.

وتسعى طهران لاستثمار الهدوء الإقليمي والعمل مع الحكومة العراقية على تحجيم الجماعات الإيرانية المعارضة التي تنشط على الحدود بين البلدين.

وتلاقي حكومة محمد شيّاع السوداني دعماً أممياً عبرت عنه المبعوثة الأممية جنين هينيس – بلاسخارت في أكثر من موقف، بدعوتها إلى دعم البرامج الإصلاحية الحكومية لإحداث تغييرات جذرية في بنية النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتتبنى تشجيع العراق الانتقال بالوضع العام لتعزيز حالة الهدوء والاستقرار التي تعول عليها بغداد في جني مكاسب على أكثر من مسار.

اقتصادياً، ومع أن الهدوء الإقليمي وفق الحاجة الإيرانية على وشك التحقق، لكن الدور الإيراني في إرباك التعاون الاقتصادي العراقي مع الدول المجاورة مازال فاعلاً، وخصوصاً مع تأجيل البدء بتنفيذ مشروع العقبة الخاص بمد أنبوب النفط، والذي جاء على وقع ضغوط واسعة مارستها فصائل مسلحة وقوى سياسية حليفة لإيران بسبب تحفظ هذه الفصائل والقوى على المضي بتنفيذ المشروع الذي يمنح العراق منفذاً جديداً لتصدير نفطه عبر البحر الأحمر إلى جانب مياه الخليج العربي وميناء جيهان التركي، بحجة الخشية من ذهاب النفط إلى إسرائيل، فيما الحقيقة هي أن طهران باتت تخشى المزيد من المنافسة مع دول الجوار.

ثقافياً  دخل العراق من خلال بوابة الأفلام إلى حلبة المنافسة الدولية التي تحقق له تواجداً فاعلاً بين الدول المتنافسة بعد سنوات من الغياب القسري على وقع الظروف التي مر بها البلد، ليكون فيلم “ميسي بغداد” أحدث الأفلام التي يمكن أن تجني الجوائز.

التقرير السياسي

اجتماعات سرية في بغداد لإعادة العلاقات الايرانية – المصرية

في خضم الحراك الإقليمي شهدت العاصمة العراقية بغداد مؤخراً، اجتماعات سرية لم يتم الإعلان عنها مسبقاً، بين طهران والقاهرة بهدف تسوية الخلافات بينهما، بحضور وفدين من هاتين الدولتين وبإشراف وفد عراقي حكومي، وفقاً مصدر سياسي مقرب من هذه الاجتماعات.

وأوضح المصدر أن “هنالك اجتماعات عقدت في بغداد للتقريب بين إيران ومصر بحضور وفود من الدول الثلاث”، مبينا أن “الهدف هو الوصول إلى استقرار المنطقة”.

وأشار المصدر إلى “وجود مناطق ملتهبة في العالم مثل بحر الصين وأوكرانيا ومناطق اخرى، ومنطقة الشرق الأوسط لديها كميات كبيرة من الطاقة، وإمدادات الطاقة البديلة للسوق الروسية ستكون عبر العراق، لذا لابد أن يستقر العراق ويكون عامل استقرار في المنطقة.”

ولفت المصدر إلى أن “رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قاد أيضاِ مبادرة للتقارب بين الأردن وإيران بهدف إعادة العلاقات بينهما، فضلاً عن استمرار التقارب في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، وتقارب بين تركيا وسورية، وايضاً بين قطر ودول الخليج”، لافتا إلى أن “الوفود من هذه الدول تأتي سراً إلى بغداد وتتم الاجتماعات بشكل سري.”

المصدر، أوضح أن “الدبلوماسية العراقية بذلت جهوداً في استمرار الحوارات بين دول المنطقة، لتكوين تحالف مصالح وليس محاور سياسية.”

وتحاول إيران الاستفادة من عمق وبعد العراق العربي من أجل إيصال علاقاتها إلى مع الدول العربية إلى أبعد مدى.

ويعكس التوجه الحالي لحكومة السوداني تطابقاً واضحاً مع الحكومة السابقة بما يتعلق بملف العلاقات الخارجية للعراق، وأبرز نقاط هذا التطابق تظهر من خلال تأكيدات المسؤولين العراقيين عدم الانضمام إلى سياسة المحاور في المنطقة ومحاولة أداء دور التهدئة.

وفعلياً أخذت إيران تخطو خطوات سريعة للتقارب مع الدول العربية في سياق محاولاتها الحثيثة للخروج من شبه العزلة الدولية، مستغلة في الوقت ذاته دور الوساطة الناجح الذي لعبته بغداد في العامين الأخيرين في محادثات جمعت بين السعودية وإيران، بعد قطع البلدين علاقتهما الدبلوماسية في سنة 2016، وما مرت من أحداث وتغيرات في السنوات الأخيرة التي شهدتها المنطقة والعالم.

ومنذ نيسان/ أبريل 2021، استضافت بغداد، مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بين إيران والسعودية. وضمت الوفود ممثلين أمنيين ودبلوماسيين لكلا البلدين، ورعى رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي 5 جولات منها.

إيران تعول على"تعهد عراقي" بنزع سلاح جماعات تعارضها

تأمل طهران أن ينتقل الهدوء الإقليمي إلى المناطق الحدودية مع العراق ويتم نزع سلاح المعارضة الإيرانية هناك، وهذا ما صرح به قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني العميد محمد باكبور الذي قال إن الحكومة العراقية تعهدت بنزع سلاح الجماعات الإرهابية وطردها من بلادها.

وقال باكور إنه “تم في هذا الشأن الاتفاق مع الحكومة العراقية، وتعهدت بنزع سلاح الإرهابيين وطردهم من العراق”، وحذر بغداد قائلاً: “نحن ننتظر أن تفي الحكومة العراقية بالتزاماتها وأعطيناها الفرصة، وإذا لم يحدث شيء فإن ضربات الحرس الثوري ستستمر.” وعن مدة الفرصة التي أعطاها الحرس الثوري للعراق، قال باكبور إن “الحكومة العراقية أعطيت فرصة محددة وهي تعرفها.”

وبشأن الوضع الأمني على الحدود، قال العميد باكبور إنه “لحسن الحظ، هناك أمن جيّد ومستقر في جميع أنحاء البلاد، وخصوصاً في المناطق الحدودية، وليس لدينا أي مشاكل.”

وبحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية، فإن “الحرس الثوري استهدف العام الماضي بالصواريخ مقار عدد من الجماعات الإرهابية الانفصالية في شمال العراق.”

وتتركز مساعي الحكومة العراقية على التوصل إلى حل واتفاق بشأن الأحزاب الإيرانية الكردية المتواجدة في العراق، والتي باتت الشغل الشاغل لها مؤخراً، ولاسيما بعد تهديد الحرس الثوري بتجديد القصف، فالهدف الأساس لبغداد ينصب على إبعاد هذه الأحزاب عن الحدود المشتركة بين البلدين ومنع قيامها بأي نشاط يستهدف الجارة الشرقية، وهو ما تضمنه الاتفاق الأمني الموقع بين بغداد وطهران.

ومن أبرز بنود الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران: ضبط إيقاع الجماعات المعارضة، ومنها حزب بيجاك (الكردي المعارض لطهران)، وضبط السلاح وتدفقه وانطلاقه تجاه الأراضي الإيرانية، ورفض أن يكون العراق مسرحاً أو ساحة لنشاط تلك الجماعات المسلحة، فضلاً عن رفض تعرض الأراضي العراقية إلى هجمات تحت ذريعة المعارضة من دون الرجوع إلى  الحكومة المركزية في بغداد.

ولم يسجل خلال السنوات الماضية أي نشاط مسلح أو شبه مسلح بالقرب من الحدود الإيرانية العراقية أو تسلل عناصر هذه الأحزاب للأراضي الإيرانية، لكن الاضطرابات التي حصلت داخل إيران والتي ترجع الحكومة الإيرانية أسباب اندلاعها إلى وجود هذه الأحزاب التي تشجع على هذه الاضطرابات، فضلاً عن أنها تعمل كمعارضة للنظام السياسي الإيراني القائم، لذلك تسعى الحكومة العراقية إلى التعاون مع حكومة الإقليم والحوار مع تلك الأحزاب وإبعادها قدر المستطاع عن المناطق الحدودية وإرضاخها إلى اتفاقات أو شروط مقابل بقائها داخل الأراضي العراقية، وأن لا تمارس أي نشاط عسكري.

مسؤولة أممية تطالب الحكومة العراقية بتنفيذ مخططاتها

شددت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس – بلاسخارت خلال إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، يوم الخميس في 18 أيار/ مايو، على ضرورة أن تستمر الحكومة العراقية في مجهوداتها والعمل على تنفيذ “خططها الطموحة”.

وأشارت إلى “تغلب العراق وعلى مر تاريخه على المصاعب التي واجهته”، مشددة على أنه “على الرغم من ذلك، فإن الجذور التي تسببت في عدم الاستقرار في الماضي القريب للبلاد ما زالت قائمة في الغالب، من بينها الفساد، والحوكمة الضعيفة، ووجود جهات فاعلة مسلحة من غير الدولة، والإفلات من العقاب، والسياسات الطائفية، وسوء تقديم الخدمات، وعدم المساواة، والبطالة، والاعتماد المفرط على النفط”، مشيرة، في الوقت ذاته إلى ما أسمتها “الإمكانات الهائلة للعراق على نطاق واسع.”

وتحدثت بلاسخارت عن جهود الحكومة العراقية في “معالجة عدد من القضايا الملحة”، وشددت على ضرورة أن يكون هناك تنوع اقتصادي وإصلاحات هيكلية، وأنه “لا يمكن الاستمرار إلى أجل غير مسمى بالاعتماد على النفط وحده”، مشيرة إلى أن الحكومات العراقية “بدلاً من تطوير قطاع خاص يولد فرص العمل، اختارت الحلول السهلة، أي خلق وظائف في القطاع العام الإسكات الاضطرابات المدنية. وقد أدى ذلك إلى دفع فاتورة أجور لا تستطيع أي دولة تحملها.”

وتطرقت المسؤولة الأممية إلى إقليم كردستان العراق والخلافات بين الحزبين الحاكمين في الأشهر الأخيرة التي دفعت المنطقة إلى حافة الهاوية، وأشارت إلى وصف الكثيرين للوضع السياسي هناك بـ “المتهور وغير المسؤول بشكل متزايد”، ثم ذكرت أنه “بعد أكثر من ستة أشهر، اجتمع مجلس وزراء إقليم كردستان بكامل طاقمه”، وعبرت عن أملها أن “تتمكن الأطراف من حل الخلافات والعمل لصالح الشعب”، مؤكدة على الحاجة إلى حلول مستدامة.

كما عبرت بلاسخارت عن خيبة أملها “لأنه لم يتم إحراز تقدم يذكر في تنفيذ اتفاقية سنجار لسنة 2020، هذا على الرغم من التصريحات المتكررة بشأن الالتزام بذلك”، مشيرة إلى محاولة البعض (من خلفيات وانتماءات مختلفة) استغلال الموقف لتحقيق غاياتهم الخاصة، وذلك “يمنع آلاف نازحي سنجار من العودة إلى مناطقهم الأصلية.”

وتحدثت المسؤولة الأممية عن تحديات ملحة يواجهها العراق تتعلق بالمياه، وقالت “تمثل المياه أكثر حالات الطوارئ المناخية خطورة في العراق، وتشير التقديرات إلى أن العراق بحلول 2035 سيكون بإمكانه تلبية 15 في المئة فقط من احتياجاته المائية، 90 في المئة من أنهار العراق ملوثة، ويعاني 7 ملايين شخص حالياً من قلة الحصول على المياه، وهذا يهدد استقرار العراق.”

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنباء عن “خطط التحديث الشامل لأنظمة إدارة المياه في العراق”، ثم تطرقت  إلى أهمية التقاسم العادل للموارد بين جيران العراق، وشددت على “ضرورة التعاون الإقليمي في هذا الإطار، لأن ذلك يشكل مكسباً للجميع.”

وجاءت إحاطة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في مجلس الأمن، لتكشف عن دعم دولي واضح لرئيس الحكومة العراقية، وأن اجتماعات مجلس الأمن ومناقشة إحاطة بلاسخارت تقف إلى جانب البرامج الإصلاحية الحكومية لإحداث تغييرات جذرية في بنية النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وتتبنى تشجيع العراق، وهذا مبني على تصريحات السوداني التي يؤكد فيها تعزيز وتطبيق نظام السوق المفتوح والانفتاح على الاستثمارات الدولية والعربية وخططه لإنقاذ ملايين المواطنين تحت خط الفقر وإعادة بناء القاعدة الصناعية والبنى التحتية.

ويظهر واضحاً أن هناك تحوّلاً في الموقف الدولي إزاء حكومة السوداني المشكّلة من الإطار التنسيقي القريب من إيران، والسبب ربما يعود إلى المناخ الإقليمي ومساهمة العراق بالتغييرات السياسية مثل الصلح بين السعودية وإيران وتقريب وجهات النظر بين مصر وإيران والمساهمة في عودة سورية للجامعة العربية، وبالتالي فإن الموقف العراقي الداعي لمشاريع الصلح وتهدئة المنطقة وخصوصاً في الجوانب الأمنية، كلها كانت عوامل إيجابية لحكومة السوداني.

الموازنة الاتحادية تضع التحالف الكردي الشيعي على المحك

تفجرت الخلافات الكردية الشيعية على وقع تراجع بعض القوى الشيعية عن تعهداتها السابقة. واتهمت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، يوم السبت في 27 أيار/ مايو، بعض الأطراف السياسية باستهداف البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلال عرقلة تمرير قانون الموازنة.

وقال النائب عن الكتلة محما خليل، إن “الفقرات الخاصة بإقليم كردستان في قانون الموازنة، تم الاتفاق عليها ما بين حكومتي بغداد وأربيل بعد جولات مفاوضات، ولا يوجد أي مبرر للالتفاف على هذا الاتفاق المدعوم من قبل القيادات السياسية.”

وبيّن خليل أن “الالتفاف على الاتفاق ما بين بغداد وأربيل، وتعديل الفقرات الخاصة بإقليم كردستان في قانون الموازنة، يهدف إلى استهداف البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلال عرقلة تمرير الموازنة، فلا يمكن تمرير القانون بعد هذا التعديل لوجود اعتراض سياسي عليه، وهو يخالف الاتفاق السياسي بين كتل وأحزاب ائتلاف إدارة الدولة والاتفاقات المبرمة ما بين حكومتي بغداد وأربيل.”

وقال السياسي العراقي مشعان الجبوري في تعليق له على محاولات تعديل الموازنة، إن اتفاقات “الكبار” الموقعة بين بغداد – اربيل أصبحت قضية لعبث من وصفهم بـ “الصغار” ومحاولاتهم لاستعراض بطولاتهم، عاداً الأمر بأنه “خطير ومخجل”.

وعبّر رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن “قلق عميق”، مما أسماها التغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وقال إنه يرفضها “تماماً”.

وقال رئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني، إن “مجموعة في اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي أدخلت تغييرات على مشروع الموازنة الاتحادية، منتهكة بذلك اتفاقية مسبقة أبرمناها مع دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ‬ وحكومته”، مبيناً أن “الاتفاقية التي هي حجر الأساس للتعاون بين اربيل وبغداد وعلى الجميع احترام بنودها.”

وكان من المقرر أن يصوت مجلس النواب العراقي  على مشروع قانون الموازنة بعدما صوتت اللجنة المالية النيابية، على إلزام إقليم كردستان بدفع 10% بشكل شهري من الرواتب المستقطعة لموظفيه، فيما ضمّن ذلك بتعديلات الموازنة التي تجري مناقشتها.

وكانت حكومة إقليم كردستان، أعلنت عن رفضها إجراء أي تغيير على المواد والبنود التي تتضمن المستحقات المالية للإقليم والمدرجة في مسودة قانون الموازنة العراقية العامة للسنوات الثلاث المقبلة.

ويؤشر التصادم الذي جرى بين أطراف داخل الإطار التنسيقي الشيعي المقرب من إيران مع الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود البارزاني) ، إلى تضعضع الاتفاقات السياسية السابقة والتي شكلت الحكومة العراقية على أساسها، ويدفع أيضاً باتجاه وجود اصطفافات سياسية جديدة.

ويشير الخلاف الجديد بشأن الموازنة، وعدم تنفيذ الاتفاقات السياسية إلى وجود تمرد على اتفاقات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من داخل منظومته السياسية (الإطار التنسيقي)، وهذا الأمر قد يهدف إلى تحجيم السوداني واتفاقاته السياسية، كما سيؤثر هذا الخلاف على ائتلاف إدارة الدولة، وخصوصاً أن هذا الائتلاف يعاني من خلافات داخلية كبيرة، وتشير الأحداث مؤخراً إلى وجود ارتباك وخلافات عميقة داخل الكتل السياسية الكبيرة.

وبحسب مراقبين للشأن العراقي، من الممكن تمرير الموازنة حتى لو لم تكن هناك تسوية سياسية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن ستكون هناك تداعيات كبيرة إذا ما تم تمرير الموازنة دون مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

التقرير الاقتصادي

تأجيل أنبوب العقبة لا يؤثر على اتفاق بين بغداد وعمّان

اتفق نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، مع وزير الطاقة والثروة المعدنية في المملكة الأردنية الهاشمية صالح علي حامد الخرابشة والوفد المرافق له على تصدير 10 آلاف برميل يومياً في وقت تم تأجيل العمل بانبوب النفط العراقي الى ميناء العقبة الأردني.

وجرى خلال اللقاء بين عبد الغني والخرابشة بحث سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في قطاع النفط والطاقة، وتم الاتفاق على تجديد عقد تصدير كمية 10 آلاف برميل في اليوم اعتباراً من شهر أيار/ مايو 2023 ولمدة عام.

وفي سياق متصل كشف مسؤولان عراقيان عن إرجاء حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المباشرة بأي خطوة فعلية لتطبيق مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة، المتفق عليه بين العراق والأردن.

وأعلنت وزارة النفط العراقية، في إبريل/ نيسان 2022، أن تكلفة خط أنابيب البصرة – العقبة تبلغ 8,5 مليارات دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره. كما أشارت إلى أن “إنشاء الخط لقي تأييد جميع الحكومات المتعاقبة في العراق منذ سنة 2012، وأن تصاميمه مكتملة منذ 2015.”

وإنشاء الخط لقي تأييد جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2012 وتصاميمه مكتملة منذ 2015.

وأكدت الوزارة أن المشروع يستهدف تصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام في اتجاه ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، في محاولة لتنويع العراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.

ويتضمن المشروع مدّ أنبوب بطول 1665 كيلومتراً، من حقول البصرة أقصى جنوبي العراق إلى ميناء العقبة الأردني، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مليون برميل يومياً. كما يمنح العراق الجانب الأردني حق شراء 150 ألف برميل يومياً بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط.

وقال مسؤول عراقي في هيئة الرأي بوزارة النفط في بغداد في تصريح نقلته وكالات الأنباء، إن مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة، “تم تأجيله لأسباب سياسية وأمنية.” وأضاف المسؤول، أن حكومة السوداني أبلغت “الجانب الأردني بأنها تعمل على دراسة المشروع من جديد، لوجود ملاحظات فنية وقانونية، إضافة لعدم وجود تخصيصات مالية لدى الحكومة لإنجاز هذا المشروع في الوقت الحاضر.”

هذه المعلومات أكدها مسؤول آخر في مكتب رئيس الوزراء العراقي بقوله إن “الحكومة العراقية لم تدرج أي تخصيصات مالية لإنجاز هذا المشروع ضمن الموازنات الثلاث 2023، 2024، 2025 المرسلة إلى مجلس النواب.”

وقال عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية عن “الإطار التنسيقي” ضرغام المالكي، إن “هناك اعتراضات سياسية كبيرة على مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة، بسبب عدم معرفة أين يذهب النفط العراقي، فهناك خشية من ذهابه إلى الكيان الصهيوني، ولهذا تم تأجيل المشروع.”

وأصدر القيادي في مليشيا “النجباء” ورئيس “المجلس السياسي” للجماعة علي الأسدي، في كانون الثاني/ يناير الماضي، بياناً هاجم فيه موافقة بعض “الشخصيات السياسية الشيعية” على مد الأنبوب.

وأشار إلى أن “تخاذلهم أمام المال والمصالح لن يجعلهم إلا في تصنيف واحد من الأعداء.” كما أكد أنه ينبغي “على الأردنيين أن يعلموا أن معركتهم خاسرة ومحكوم عليها بالفشل، أنبوب البصرة – العقبة لن يكون، وإذا أرادوا فليجربوا ليروا بأم أعينهم ما سيحل بهم وبمن يعينهم على ذلك.”

وعلى الرغم من حملة المعارضة التي قادها الإطار التنسيقي، ضد تعاون الحكومة السابقة مع الأردن، وخاصة بملف النفط على الرغم من بيعه بسعر الأسواق العالمية، وقعت الحكومة التي يدعمها “الإطار”، ذات الاتفاق والكمية ذاتها.

وتسعى الحكومة العراقية الحالية للمحافظة على علاقات متوازنة مع دول العالم والدول الإقليمية، سواء كان التعاون سياسياً أو دبلوماسياً أو اقتصادياً.

ويظهر تأجيل البدء بتنفيذ مشروع العقبة انه تم بسبب ضغوط واسعة مارستها فصائل مسلحة وقوى سياسية حليفة لإيران بسبب تحفظ هذه الفصائل والقوى على المضي بتنفيذ المشروع الذي يمنح العراق منفذاً جديداً لتصدير نفطه عبر البحر الأحمر إلى جانب مياه الخليج العربي وميناء جيهان التركي، بحجة الخشية من ذهاب النفط إلى إسرائيل، إلا أن العرقلة إيرانية خشية المنافسة.

ويعود السبب الحقيقي وراء تأجيل المضي في تنفيذ مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة الى وجود تهديدات حقيقية من قبل أطراف مسلحة باستهداف المشروع في حال بدء الحكومة بتنفيذه، إفضلاً عن ضغوط سياسية كبيرة على رئيس الوزراء لمنعه من المضي بهذا المشروع من قبل قوى سياسية داخل الإطار التنسيقي، أبرزها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ولهذا تم تأجيل المشروع.

وبحسب مراقبين للشأن العراقي فإن الرفض الذي تتبناه فصائل وقوى سياسية للمشروع هو في الأساس رفض إيراني وأن وجود منفذ جديد للعراق لتصدير النفط يجعله في مرتبة نفطية أعلى من إيران، فالعراق يصبح دولة المنافذ الثلاثة لتصدير النفط، وهي الخليج العربي، وميناء جيهان التركي، والبحر الأحمر عبر الأردن.

ومن الجدير بالذكر إن الإيرانيين طرحوا سابقاً مشروعاً مستقبلياً لمد أنبوب نفطي يمر عبر العراق باتجاه ميناء بانياس السوري، ما يعني أن أي مشروع عراقي عبر البحر الأحمر سيكون منافساً لهم.

تباطؤ زخم نمو الاقتصاد العراقي في الأشهر الأخيرة

أصدرت مجموعة من الخبراء في صندوق النقد الدولي بعد زيارة إلى العاصمة الأردنية عمّان في الأسبوع الأخير، ورقة تحليلية للأوضاع الاقتصادية في العراق.

ونشر الصندوق على موقعه الإلكترونية مقالاً جاء فيه: “قام فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة توخير ميرزويف، بزيارة إلى عمّان، خلال المدة 24 – 31 من أيار/ مايو ، بهدف مناقشة أحدث المستجدات والآفاق الاقتصادية مع السلطات العراقية، إلى جانب مناقشة الخطط المتعلقة بالسياسات في الفترة المقبلة.” وأضاف: “لقد تباطأ زخم نمو الاقتصاد العراقي في الأشهر الأخيرة، فبعد تعافي الإنتاج النفطي في العام الماضي واستعادة مستواه الذي وصل إليه قبل تفشي جائحة كورونا، من المتوقع أن ينكمش الإنتاج بنسبة 5 في المئة في سنة 2023 في ضوء قرار منظمة أوبيك+ بخفض حجم الإنتاج النفطي، وانقطاع خط أنابيب كركوك – جيهان النفطي عن العمل.”

وأشار إلى أن “تقلبات سوق أسعار صرف العملات الأجنبية عقب تطبيق البنك المركزي العراقي ضوابط أكثر صرامة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على مبيعات العملة الأجنبية أثرا سلباً على القطاعات غير النفطية القائمة على الاستيراد.”

وتابع: “تشير التقديرات إلى حدوث انكماش في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي بنسبة 9 في المئة (على أساس سنوي مقارن) خلال الربع الأخير من سنة 2022، مما ألغى ما حققه من نمو خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام. ومع بوادر استقرار سوق العملات الأجنبية، في ضوء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي العراقي، يتوقع لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي أن يستأنف النمو، ليبلغ نسبة 3,7 في المئة في سنة 2023. وبعد أن ارتفعت نسبة التضخم إلى 7 في المئة في شهر كانون الثاني/ يناير، بدأ التضخم في الاعتدال على نحو يعكس الانخفاض في أسعار السلع على المستوى الدولي ورفع سعر صرف الدينار العراقي بنسبة 10 في المئة، ويتوقع لمعدل التضخم أن يبلغ 5,6 في المئة في المتوسط خلال عام 2023.”

يرى مراقبون للشأن الاقتصادي العراقي أن تقرير صندوق النقد الدولي واقعي رغم تشاؤمه وأن انكماش الاقتصاد العراقي، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2023، مقارنة مع سنة 2022، يعود إلى انخفاض إنتاج النفط وانخفاض الصادرات وانخفاض أسعار النفط، والذي انعكس بشكل سلبي على معدل النمو الاقتصادي وهذا التشاؤم موجودة لدى غالبية أصحاب الخبرة الاقتصادية والمالية.

وبسبب اعتماد اقتصاد العراق على تصدير النفط جعله على حافة الخطر الاقتصادي، فبمجرد انخفاض أسعار النفط، سوف يعجز العراق حتى عن دفع رواتب الموظفين، وخصوصاً أنه ليس لديه مصدر آخر غير النفط، حتى أنه لا يملك صندوقاً سيادياً يمكن اللجوء إليه عند انهيار أو انخفاض أسعار النفط، ولذا فإن الاقتصاد العراقي يقف بشكل دائم على حافة الهاوية.

ومن الملاحظ أن موازنة 2023، تضمنت أعباء عامة كبيرة جداً من خلال زيادة أعداد الموظفين ورواتب الرعاية الاجتماعية واستيراد الغاز والكهرباء، وهذه الأعباء كلفها المالية أكثر بكثير من عائدات النفط المتوقعة خلال الفترة المقبلة الأمر الذي يؤكد وجود خطر اقتصادي حقيقي، كما أن العجز المالي الكبير في الموازنة، وعدم قدرة مجلس النواب على تخفيضه، يؤكد أن الوضع الاقتصادي العراقي سيمر بمرحلة حرجة، وما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي حقيقي.

يذكر أن موازنة 2021، أقرت بتقدير سعر برميل النفط الواحد 45 دولاراً، وقيمتها 129 تريليون دينار (نحو 88 مليار دولار)، فيما سجلت عجزا قدره 28 تريليوناً (نحو 19 مليار دولار)، وفي حينها كان متوسط سعر برميل النفط عالميا نحو 64 دولاراً.

ويشار إلى أن العراق وإلى جانب دول أوبك، عمد إلى خفض إنتاجه النفطي بشكل طوعي مطلع أيار/ مايو، بمعدل 211 ألف برميل يومياً، وذلك بهدف اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة التحديات التي تواجه السوق النفطية العالمية، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار السوق، حسب بيان وزارة النفط، في حينها.

التقرير الثقافي

"ميسي بغداد" يشارك في ثلاثة مهرجانات سينمائية

يشارك فيلم “ميسي بغداد” في ثلاثة مهرجانات سينمائية، أهمها الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان شنغهاي السينمائي، بينما ترشح لنيل ثلاث جوائز. وتم ترشيح “ميسي بغداد” لجائزة “Media Choice” لأفضل فيلم وأفضل مخرج واختيار الجمهور.

ومن المقرر أن يعقد مهرجان شنغهاي السينمائي الدولي، أحد أهم المهرجانات السينمائية في آسيا، في الفترة من 9 إلى 18 من شهر حزيران/ يونيو في شنغهاي الصينية.

كما يشارك فيلم “ميسي بغداد” في أحد أقدم المهرجانات السينمائية في العالم، وهو مهرجان زلينا السينمائي الدولي في دورته 63، والذي يركز على صانعي الأفلام الشباب وأعمالهم، والذي سيعقد في الفترة من 1 إلى 7 من حزيران/ يونيو في جمهورية التشيك. وبالإضافة إلى المهرجانين المذكورين، من المقرر أن يشارك الفيلم في قسم المسابقة في مهرجان “فيلموس زيجموند” السينمائي الدولي، الذي سيعقد في الفترة من 24 إلى 28 من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في المجر.

وسيعرض الفيلم، الذي سبق إنتاجه كفيلم قصير وحصل على أكثر من 60 جائزة، في دور العرض في هولندا يوم 5 تموز/ يوليو، وسيعرض في لبنان والسعودية والإمارات، وأيضاً في الصين في تموز/ يوليو عن طریق  “Wingsite”.

وكان العرض الأول للفيلم الطويل “ميسي بغداد” في قسم المسابقة الرئيسية لمهرجان أوستند السينمائي الدولي الخامس عشر في بلجيكا، والذي أقيم في الفترة من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2022 إلى 4 من شباط/ فبراير 2023 في مدينة أوستند الساحلية ببلجيكا.

وفريق العمل التقني للفیلم هم من اقلیم کردستان وبلجیکا وهولندا، ویشارك الممثلون حسین حسن وزهراء غندور وأثیر عادل وعادل عبد الرحمن دور البطولة.

الفیلم من انتاج هیندریك فیرتە عن طریق شرکة اي تیم برودکشن (A Team Productions) من بلجیکا، محمد اکتاش عن طریق شرکة میتوس فیلم (Mitos Film) من المانیا، وتشارك کل من هولندا ووزارة الثقافة العراقية في انتاجه.

وسیتم توزیع الفیلم من قبل أقوی شرکة توزیع الأفلام في أوروبا وهي شرکة وایلد بونتش  (Wild Bunch).

أحمد محمد، الممثل الرئيسي للفيلم، هو طفل معاق من مدینة الرمادي العراقیة، التقى بنجمي الكرة العالميين، الأرجنتيني ليونيل ميسي والفرنسي كيليان مبابي في 19 اذار/ مارس الماضي، في ملعب حديقة الأمراء الخاص بنادي باريس سان جيرمان الفرنسي.

ويسهم مشاركة الفيلم في أكبر مهرجان سينمائي في الصين إلى الوصول إلى الجمهور الآسيوي الکبیر وتحقيق موطئ قدم للفيلم العراقي في المهرجانات الدولية.