بغداد تترقب مآلات الحوار الأميركي الإيراني
تلقفت بغداد خبر عقد حوار بين الولايات المتحدة وايران، المقرر يوم السبت 11 نيسان/ أبريل، كطوق نجاة لها، وإن مؤقتاً، تبعاً لما تعاينه من ضغوط كييرة تستهدف تقليص النفوذ الإيراني في العراق.
وجسد مشروع قانون “تحرير العراق من إيران” الذي قدمه عضوا الكونغرس الأميركي جو ويلسون وجيمي بانيتا أحد أبرز الخطوات التي يحاول الأميركيون تحقيقها في العراق كتعويض، وإن كان متاخراً، عن التهاون وسنوات من غض الطرف عن التمدد الإيراني واتساع دائرة نفوذ طهران داخل مختلف مفاصل الدولة العراقية.
وأعلن النائب جو ويلسون عبر منصة “إكس” أن المشروع يُلزم وزارة الخارجية ووزارة الخزانة الأميركية، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لوضع استراتيجية شاملة خلال 180 يوماً للحد من التأثير الإيراني في العراق. وتشمل هذه الاستراتيجية، بحسب المسودة التي نشرها ويلسون، تفكيك الميليشيات التابعة لإيران وهيئة الحشد الشعبي التي تملك غطاءاً قانونياً عراقياً، ووقف المساعدات الأمنية الأميركية للحكومة العراقية حتى يتم إقصاء تلك الميليشيات من مؤسسات الدولة، فضلاً عن تضمين المشروع دعم المجتمع المدني، ومواجهة الدعاية الإيرانية، وتفعيل الإعلام الأميركي لكشف انتهاكات تلك الجماعات.
يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تجنيب بلده من الانزلاق نحو صراعات إقليمية، عبر ما وصفه بـ “التعامل الحكيم” مع التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بعد الهجوم الذي شنته “حماس” على ما يُعرف بـ “غلاف غزة”، وخصوصاً في إثر توسيع إسرائيل نطاق المعركة اعتباراً من نهاية أيلول/ سبتمبر 2024، والهجمات المدمرة التي شنتها، وما تسببت به من تدمير إضافي لبنى غزة المختلفة، وتلقي حزب الله اللبناني ضربات قاصمة، وسقوط نظام بشار الاسد في سورية.
ومع ان الرئيس الاميركي دونالد ترمب عبر خلال لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض في 7 نيسان/ أبريل، عن رغبته بالجنوح نحو السلام مع إيران وإبرام اتفاق نووي جديد معها، إلا أن قعقعة السلاح لا تزال تُسمع في أرجاء المنطقة وتشي باحتمالات تصعيد عسكري ولّد مواقف متباينة داخل العراق. فبينما تخشى بعض الأوساط، وخصوصاً في “الإطار التنسيقي”، من تبعات المشروع الأميركي في المنطقة واحتمالات التصعيد، تشير التقديرات إلى أن العراق سيكون الأكثر تضرراً في حال نشوب مواجهة إقليمية.
وفي تصريح لافت مؤخراَ، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بغداد ترفض الانخراط في ما يسمى بـ “محور المقاومة” وترفض أيضاً مبدأ “وحدة الساحات”، في إشارة إلى مساعي النأي بالنفس عن الصراع الأميركي الإيراني.
وبانتظار نتائج حوار مسقط، فان مشروع القانون الأميركي المثير للجدل سيبقى سيفاً مسلطاً على بغداد التي تعمل بلا كلل لضبط التوازنات الداخلية والخارجية، فما تم إعلانه مؤخراً من عزم بعض المليشيات العراقية المدعومة من إيران نزع سلاحها، يمثل خطوة مهمة لدرء ما يُمكن أن يتعرض له العراق من مخاطر الحملات العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية.
ويبقى العراق مادام الوضع ملتهباً بين أميركا وإسرائيل من جهة، وايران وأذرعها من جهة أخرى، عند مفترق طرق يراوح بين ضغوط القوى الإقليمية والدولية ومساع وطنية للحفاظ على الاستقرار.