السويداء لا تريد الانفصال عن سورية
تفاجئ أهالي محافظة السويداء في الليلة الأخيرة من سنة 2024 برتل يضم 35 آلية عسكرية مزودة بعناصر مسلحة ورشاشات ثقيلة قدم من جهة العاصمة دمشق في تمام الساعة التاسعة مساء.
توجهت فصائل من السويداء ولاقت الرتل بالقرب من قرية أم الزيتون في الريف الشمالي للسويداء وطلبت منه العودة نحو دمشق لتجنب حدوث صدام مع الأهالي بالتزامن مع التحضير للاحتفال بليلة نهاية العام، وهو ما تلقته قيادة الرتل بصدر رحب وتوجهت فوراً نحو العاصمة.
هذه الحادثة سببت جدلاً واسعاً في الأوساط السورية، وخصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي حيث اتهم الكثيرون أهالي السويداء بالرغبة بالانفصال عن الجسد السوري وبـ “الطائفية” وغيرها.
من أوعز للرتل بالقدوم؟
نقلت وسائل الإعلام المحلية في السويداء أن أحد القياديين في السويداء أوعز لهيئة تحرير الشام بإرسال وحدات عسكرية لاستلام قيادة الشرطة والمفاصل الأمنية عن طريق الاتصال بالهيئة ومن دون تنسيق سابق مع المرجعيات في السويداء.
وأشارت الوسائل الإعلامية، نقلاً عن مصادر في دمشق، إلى أن الرتل القادم هو جزء من خطة الهيئة في نشر قوى الأمن الداخلي والشرطة في السويداء.
هذا التحرك قوبل بتحفظ من المرجعيات والفصائل في المحافظة، والذين اعتبروا أن ما جرى تم من دون تنسيق ويؤدي إلى تهميش دور أبناء السويداء الذين سيعملون في الشرطة والأمن الداخلي.
كما اعتبروا أن هذا الأمر يخالف الاتفاق الذي يشير إلى أن أبناء السويداء سيتولون أمن المحافظة، ويرون أن الضابطة العدلية تحت سلطة القضاء هي أساس الحكم، مع رفض إعادة تكرار أي تجارب للنظام السابق.
الشيخ الهجري
الرئيس الروحي لطائفة الموحدين في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، قال في حديث مع موقع “التقرير العربي” إن “محافظة السويداء تمتلك الكوادر المدربة والكافية لضبط الظرف الأمني والعسكري في المحافظة حالياً.”
وأكد الشيخ الهجري “عدم تسليم سلاح السويداء قبل استحداث جيش وطني ودولة مواطنة متفق عليها من قبل كل الألوان السورية، وهو أمر غير قابل للنقاش.”
وأوضح الهجري أن الشعب السوري يقف اليوم أمام تحدي بناء دولة المواطنة بسبب دقة المرحلة والحاجة لبناء دقيق يتلاءم مع كل الألوان السورية، مشيراً إلى ضرورة فصل السلطات لتحقيق دولة القانون والمواطنة، “فالحوار السوري – السوري يستوجب القبول والمناقشة والذهاب إلى الفكرة الصحيحة التي تضمن حق الجميع.”
هل تسعى السويداء للانفصال؟
كثرت في أعقاب مشكلة دخول رتل “الهيئة” الأصوات التي اتهمت السويداء بالسعي للانفصال عن الوطن الأم سورية، وهو الأمر الذي نفاه الهجري رداً على سؤال لـ “التقرير العربي”، واصفاً السلطة الحالية في دمشق بـ “السلطة الانتقالية”، معتبراً في الوقت نفسه أنها للشعب السوري بكافة أقطابه.
وقال الهجري إن “المرحلة الحالية تستوجب توافق على دستور يحمي ألوان الشعب السوري المختلفة وحقوقها”، لافتاً إلى ضرورة عقد مؤتمر وطني شامل يجمع أطياف الشعب السوري على ‘طاولة مستديرة’ لتحقيق الطموح بدولة المواطنة”.
الجميع متمسك بالوحدة
حديث الهجري الذي يعتبر المرجعية الأساسية للحراك في السويداء ضد النظام، يتوافق مع نظرة جميع التيارات السياسية في المحافظة بضرورة وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها.
وعلى الرغم من كثرة التيارات السياسية في السويداء: تيار الحرية والتغيير، والحركة الشبابية السياسية، والتيار السوري الفيدرالي، وغيرها، إلا أن أحداً منها لم ينادي بالانفصال عن الجسد السوري، وذلك على اختلاف آراء تلك التيارات، كالفيدرالية أو اللامركزية وغيرها من أشكال الحكم.
هذا الموقف ليس موقف التيارات السياسية فقط، إذ دعت الفصائل العسكرية، وخصوصاً حركة رجال الكرامة ولواء الجبل، أكبر فصيلين عسكريين على ساحة السويداء، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه استعدادهم للانخراط في جيش وطني يمثل جميع الشرائح السورية، وأكدا أن دمشق هي العاصمة الأبدية لسورية، وضرورة العمل لبناء وطن قائم على العدالة وسيادة القانون.