المعابر الداخلية في سورية أبعاد سياسية واقتصادية

أعلن المجلس المحلي لمدينة الباب التابع للحكومة السورية المؤقتة شرق حلب إعادة فتح معبر أبو الزندين الرابط بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام السوري بشكل رسمي ابتداء من 18 آب/ أغسطس الجاري، وذلك بعد إغلاقه منذ سنة 2020 بسبب جائحة كورونا. ويأتي فتح المعبر ضمن التفاهمات الروسية التركية لإعادة فتح المعابر الداخلية والطرق الدولية المغلقة منذ إندلاع الصراع في سورية.

الأبعاد السياسية

يحمل فتح معبر أبو الزندين في طياته أبعاد سياسية عديدة أبرزها:

أولاً: يأتي ضمن تفاهمات اتفاق استانا الذي ينص على إعادة تفعيل المعابر الداخلية بين النظام والمعارضة وفتح الطرق الدولية M4 وM5 برعاية روسية تركية.

ثانياً: يمثل مبادرة حسن نية من قبل تركيا الساعية للتطبيع مع النظام السوري برعاية روسية.

ثالثاً: تسعى كل من روسيا وتركيا لتحجيم دور بعض الأطراف الإقليمية، وخصوصاً إيران التي باتت تفرض نفسها على قرارات النظام السوري السياسية والاقتصادية، في تضارب مع المصالح التركية الروسية في سورية

رابعاً: تعني موافقة النظام السوري على إعادة فتح المعبر بصيغته الحالية، اعترافاً ضمنياً بالحكومة السورية المؤقتة كممثل شرعي عن المعارضة السورية، وهو مطلب تركي، لطمأنة المعارضة.

 

خامساً: حرمان قوات سورية الديمقراطية المصنفة على قوائم الإرهاب في تركيا والمعادية للنظام السوري من الفوائد الاقتصادية التي كانت تحققها سابقاً عبر دخول الشاحنات التجارية مناطق سيطرتها قبل إعادة فتح المعبر.

الفوائد الاقتصادية

أما اقتصادياً، فإن إعادة فتح المعبر يحمل العديد من الفوائد لطرفي الصراع: النظام والمعارضة، وأبرز تلك الفوائد الاقتصادية:

أولا: أحياء طرق الترانزيت والتجارة بين تركيا وسورية ومنها إلى العراق والخليج العربي، مروراً بمناطق سيطرة المعارضة والنظام السوري، وما ينتج عنه من فوائد اقتصادية على جميع الأطراف.

ثانياً: استفادة النظام السوري من دخول المواد التجارية والصناعية والزراعية التي كان يعاني من تأمينها بسبب فرض قيود قانون قيصر على اقتصاد النظام، كون مناطق المعارضة السورية شمال غرب سورية لا تخضع للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة.

ثالثاً: تحفيز حركة التجارة الداخلية وزيادة فرص العمل عبر تدوير عجلة الصناعة والتجارة في المناطق الخاضعة للمعارضة وتسويق منتجاتها باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري وفي الأسواق الداخلية.

رابعاً: انخفاض أسعار المواد الغذائية والدوائية وغيرها من المواد التجارية والزراعية المصنعة داخل سورية، والتي كانت تنتج فرض الاتاوات عبر خطوط التهريب الداخلية من قبل بعض القوى النافذة في مناطق النظام والمعارضة.

متضررون

وفي مقابل فوائد إعادة فتح المعابر الداخلية بين المعارضة والنظام السوري، فإن بعض القوى المحلية والإقليمية سوف تتضرر، كونها سوف تُحرم من استفادة كبيرة كانت تجنيها من إغلاق المعابر عبر تحكم البعض بالسوق التجارية السورية وانفرادها بتصدير منتجاتها إلى سورية وطرق التهريب والتجارة غير الشرعية التي كانت تحقق فائدة أيضاً لبعض الجهات النافذة.

ومن أكثر المتضررين من افتتاح المعابر الداخلية، تأتي إيران في المرتبة الأولى كونها تعد المسيطرة على السوق التجارية والصناعية في سورية، وأوإعادة فتح المعابر ودخول البضائع التركية إلى السوق التجارية السورية، يعني وجود منافس كبير لها داخل سورية، كون البضائع التركية تنافس البضائع الإيرانية من حيث الجودة والأسعار.

تأتي قوات سورية الديمقراطية في المرتبة الثانية من حيث التضرر، كونها كانت تفرض الأتاوات والضرائب على المنتجات التجارية التي تمر عبر مناطق سيطرتها والقادمة من تركيا عبر مناطق المعارضة إلى مناطق النظام، ومن مناطق النظام إلى مناطق شمال غرب سورية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

في المرتبة الثالثة تحل بعض القوى والفصائل المحلية المتضررة من افتتاح المعابر، وعلى رأسها الفرقة الرابعة في الجيش السوري وبعض الميليشيات المرتبطة بإيران وبعض فصائل المعارضة السورية التي كانت تشرف على خطوط التهريب وتحقق عائدات مالية كبيرة جراء فرضها الاتاوات وتحكمها بخطوط التجارة الغير شرعية بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة السورية.

ومن المحتل أن تعمل تلك الأطراف المتضررة على تعطيل فتح المعابر الداخلية عبر استهدافها القوافل التجارية بمناطق سيطرت المعارضة والنظام على حد سواء، وشن عمليات قصف تستهدف المعابر والخطوط التجارية الواصلة بين مناطق سيطرة الطرفين.