الصين ومصر شراكة استراتيجية كاملة

تتمتع العلاقات المصرية الصينية بسمات خاصّة، منذ التقى رئيس مجلس الدولة الصيني تشو إن لاي، أول مرة بالرئيس المصري جمال عبد الناصر، في المؤتمر الآسيوي الأفريقي الذي عُقد في باندونغ، في أيّار/ مايو 1956، متحدياً الضغط الأمريكي، ومعناً عن اعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية.

وفي أعقاب هزيمة حزيران/ يونيو) 1967، قدمت الصين إلى مصر مساعدات اقتصادية وغذائية بلغت نحو 100,000 طن من الحبوب، فضلاً عن معدات عسكرية. وحافظت مصر على وجود علاقات طيّبة مع الصين، فأيدت القاهرة في سنة 1971، طلب الصين بالحصول على مقعد دائم في الأمم المتحدة، وصوتت لمصلحة قبول استبدال بكين بمقعد تايبيه.

ومنذ ذلك الوقت، ظلّت العلاقات بين البلدين عند مستويات جيدة، وبعد أن تحولت الصين إلى قدوة اقتصادية هائلة، كانت مصر أبرز الأسواق التي استهدفتها بكين، نظراً للكتلة السكانية الكبيرة، ومركزيتها في المنطقة العربية، وللأهمية الجيوستراتيجية التي تمثلها مصر بالنسبة للسياسة الصينية.

أما مصر فتعتبر الصين قاعدة مركزية للتوازن الدولي، ومصدراً مهماً من مصادر من مصادر الدعم العسكري التقني، وتسعى لجذب الاستثمارات الصينية الضخمة إلى السوق المصرية، لعلاج أوجه النقص، وما نتج عن هجرة الأموال الساخنة.

اتفاقيات ضخمة وشراكة اقتصادية

في سنة 2014، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الصين، ووقع عدداً من الاتفاقيات، كما زار الرئيس الصيني شي جين بينغ القاهرة في سنة 2016، حيث تمّ توقيع عدة عقود تتعلق بالاستثمار في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر. كما تمّ خلال الزيارة توقيع 21 صفقة، سمحت بدخول استثمارات صينية كبيرة، بقيمة 15 مليار دولار، في مشروعات مختلفة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وقعت مصر والصين بروتوكول تعاون لاستغلال وتسويق قطعة أرض مملوكة لهيئة قناة السويس في العين السخنة.

ويمكن رصد وتحليل العلاقات بين البلدين، في ضوء تتبعها على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وإن كان العامل الاقتصادي هو اللاعب الرئيس في هذا السياق، إذ بلغت الصادرات الصينية إلى مصر نحو 17,17 مليار دولار خلال سنة 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة (COMTRADE) الخاصة بالتجارة الدولية.

علاقات بنية فوقية بين البلدين

في كانون الثاني/ يناير 2020، أعلنت وزيرة الصحة المصرية السابقة هالة زايد، عن إرسال 10 أطنان من الإمدادات الطبية إلى الصين، للمساعدة في مواجهة انتشار فيروس كوفيد 19، مؤكدة أن الدولة المصرية ستقدم الدعم اللازم للجالية الصينية في مصر.

وفي ذروة الرعب العالمي من انتشار الفيروس التاجي، وبالتزامن مع تفشيه في الصين، توجهت وزيرة الصحة المصرية إلى بكين، تحمل معونات طبية إضافية إلى الصين، كرسالة تضامن مع الشعب الصيني في مواجهة الفيروس المستجد، في تأكيد لحرص القاهرة على تنمية أواصر العلاقات مع بكين، وفي دلالة واضحة على الأهمية التي توليها الأولى لمثل هذه العلاقات.

ومن جهتها، تحرص الصين على تعزيز علاقاتها مع مصر، من منظور مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويعود ذلك إلى الأهمية الجيوسياسية لمصر التي تملك السيطرة على ممر مائي بحجم قناة السويس التي تحرص الصين على الاستثمار بكثافة في العديد من مشاريع البنية التحتية فيها خصوصاً وفي مصر بشكل عام، لأن القناة ترتبط بشكل مباشرة بمبادرة الحزام والطريق التي تهدف إلى فتح الطريق عبر القاهرة إلى شمال أفريقيا.

في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2022، التقى السيسي، بنظيره الصيني، على هامش القمة الصينية العربية الافتتاحية في المملكة العربية السعودية. وخلال اجتماعهما، تعهّد الزعيمان بمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وشهدت العلاقة بين مصر والصين نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، تَميّز بالتطور السريع في العلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والثقافية، إذ تحتل مصر موقعاً استراتيجياً داخل مبادرة الحزام والطريق، على الرغم من أن هذا التطور السريع في الشراكة بين البلدين، ينطوي على العديد من التداعيات التي قد تلقي بظلالها على علاقات القاهرة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

وربما تحاول القاهرة التخفف قليلاً من تبعات علاقتها بواشنطن، واستغلال المنافسة بين الأخيرة وبين بكين، وهي هنا أشبه بمن يسير على حبل رفيع، وعليه أن يحافظ قدر الإمكان على توازنه. كما يبدو أن القاهرة تتعامل كذلك بنوع من الحذر مع التمدد الصيني، فعندما طلب الصينيون استخدام الأصول المملوكة للدولة، كضمان لتمويل مشروع القطار الكهربائي، رفضت الحكومة المصرية ذلك.

ويمكن القول إنّ الغطاء السياسي، أسهم كذلك في تجاوز بعض المشكلات البيروقراطية، فبعد توقيع مذكرة التفاهم الأولى بين مصر والمؤسسة الصينية الحكومية لهندسة التشييد (CSCEC)، والمتعلقة بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ظل دعم بكين ثابتاً، حتى عندما لم يكن العائد على الاستثمار مجدياً، وصولاً إلى شباط/ فبراير 2017، تاريخ انسحاب مؤسسة التشييد الصينية من مذكرة التفاهم، بسبب تراجع قيمة الجنيه المصري، لكنّها تحت وطأة الضغط السياسي الناجم عن مصالح الصين الحيوية في مصر، عادت مرة أخرى إلى الاتفاقية في سنة 2018، تحت رعاية حكومة الصين، وحضر سفير الصين في القاهرة سونج أيجو حفل التوقيع، وسلّط الضوء على أهمية الصفقة لدعم إطار مبادرة الحزام والطريق.

وتُعد الصين رابع أكبر دائن لمصر، إذ بلغت ديون بكين المستحقة نحو 8 مليارات دولار، وهو ما يمثل قرابة 5% من إجمالي الدين الخارجي لمصر.

وفي المقابل، أبدت القاهرة تفهمها للإجراءات الصينية تجاه الأويغور، ولم تنجرف خلف الحملات التي تدين الصين في هذا السياق، وبالمثل لم تعلق الصين أو تبدي أي تحفظات بشأن الملف الحقوقي في مصر، باعتبار أن ذلك شأناً داخلياً مصرياً.

أما قضية تايوان فلم تكن أبداً حجر عثرة بين البلدين، وقد أكّد السيسي مراراً وتكراراً، أن سياسة مصر الخارجية غير قابلة للتغيير، وأعلن في كلمة ألقاها أمام طلبة الكلية الحربية، أن مصر تدعم سياسة الصين الواحدة، لأنّ ذلك يصب في صالح الأمن والاستقرار العالميين.

ويمكن القول إن الدور الرئيسي لمصر في مبادرة الحزام والطريق، سوف يعزز اقتصاد الصين بشكل كبير، ويفتح أمامها بوابات أفريقيا والشرق الأوسط، ويزيد من مكانتها العالمية في ظل تنافسها مع الولايات المتحدة. كما أن احتضان مصر للتكنولوجيا الصينية، سيؤثر بشكل كبير على الأمن القومي للولايات المتحدة؛ على سبيل المثال، حثّ المسؤولون الأميركيون الشركات المصرية على الامتناع عن إجراء أعمال تجارية مع الشركات الصينية، التي تستخدم اتصالات الجيل الخامس (5G) بداعي المخاطر المحتملة على خصوصية البيانات وأمنها.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، أكد أثناء اجتماعه مع نظيره الصيني تشين قانغ، في القاهرة في كانون الثاني/ يناير 2023، إلى متانة العلاقات بين البلدين، والنمو المتسارع فيما يخص تعزيز التعاون بينهما.

وأدرج وزير الخارجية الصيني، المعين حديثاً، مصر في أول جولة خارجية له، وذلك بعد وقت قصير من انعقاد القمة العربية الصينية الأولى، في دلالة على أنّ مرحلة جديدة من علاقات أقوى وأعمق قد بدأت بالفعل بين البلدين.

كما ناقش الدبلوماسيان زيادة السياحة الصينية إلى مصر، وتناولا القضايا الإقليمية ذات الصلة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ودعا تشين الأطراف المعنية إلى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والحفاظ على الوضع التاريخي الراهن للقدس، وجدّد الدعوة إلى حل الدولتين على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام.

جولة تشين الأفريقية، جاءت بعد أسابيع فقط من عقد الرئيس الأميركي جو بايدن قمة أميركية أفريقية، استضاف خلالها عشرات القادة الأفارقة في واشنطن، وتعهد بتمويل حكومي وخاص للمساهمة في تنمية القارة السمراء، بما في ذلك في المجالات الصحة والبنية التحتية، وقطاعي الأعمال والتكنولوجيا، في دلالة واضحة على أجواء التنافس السياسي بين بكين وواشنطن، ومحاولة للتصدي لرهانات بكين على القاهرة، بصفتها مدخلاً رئيسياً إلى أفريقيا والشرق الأوسط.

وأظهرت نتائج استطلاع أجراه معهد واشنطن مؤخراً، أن غالبية المصريين ينظرون إلى العلاقات مع الصين، على أنّها أكثر أهمية من العلاقات مع الولايات المتحدة. واللافت للنظر أن هذه النتائج تتوافق مع نتائج دراسة سابقة أجراها المركز المصري لأبحاث الرأي العام (“بصيرة”) في سنة 2015، والتي أفادت بأن الصين صُنفت كأفضل صديق لمصر بين الدول غير العربية.

وتدعم الصين جهود مصر من أجل تطوير قطاع إعداد القادة والإداريين، من خلال برامج التدريب واسعة النطاق المقدمة للحكومة والقيادات التنفيذية في جميع أنحاء مصر، بالتعاون بين وزارة التعاون الدولي المصرية، ووزارة التجارة الصينية، إذ سُجل في هذا السياق، إنجاز نحو 55 تدريباً افتراضياً في سنة 2021، لبناء الكفاءات في مجالات الرعاية الصحية، والتعليم الفني، والتجارة الإلكترونية، والزراعة والري الحديث، والتكنولوجيا وتخطيط المدن، والتحول نحو الطاقة الخضراء. كما نظمت وزارة التعاون الدولي عدة برامج للمصريين للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه من الجامعات والمؤسسات التعليمية الصينية، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، تمّ عقد أكثر من 1100 برنامج تدريبي بالتعاون مع الصين، استفاد منها أكثر من 4000 مسؤول حكومي مصري.

كما أنشأت الصين شبكة واسعة من العلاقات مع الأحزاب السياسية المصرية، وعقدت السفارة الصينية في مصر اجتماعات دورية مع الأحزاب السياسية المصرية، بهدف تعزيز التعاون مع الحزب الشيوعي الصيني. واللافت للنظر أن مثل هذه الاجتماعات لا تقتصر على الأحزاب الاشتراكية أو اليسارية فحسب، بل تُعقد مع أحزاب من مختلف الأطياف السياسية تقريباً. وبالمثل، تواصل إدارة الاتصال الدولي التابعة للحزب الشيوعي الصيني، تنظيم اجتماعات تجمع بين السياسيين المصريين ونظرائهم الصينيين رفيعي المستوى. كما يكتب السفير الصيني في القاهرة بانتظام مقالات في الصحف المصرية واسعة الانتشار.

وتتجه مصر بخطى ثابتة نحو الصين، بصفتها قوة اقتصادية عملاقة، يمكن الاستناد عليها، في ظل وضع دولي وإقليمي مضطرب، وفي ظل وجود نوع من التماهي في الأولويات بين البلدين، الأمر الذي يمنح القاهرة غطاء سياسياً ربما تحتاج إليه، في حال وجود أي توترات في العلاقات مع واشنطن أو دول الغرب.

التعاون الأمني بين مصر والصين

افتتحت قمّة الرياض الصينية العربية التي شارك الرئيس فيها، مرحلة جديدة تحاول أن تؤسس للتعددية القطبية، والحضور العربي والأفريقي الفعال في قضايا العالم. وتأتي مشاركة السيسي في تلك القمة، في إطار حرص مصر على الإسهام بفاعلية في جهود تعزيز آليات العمل المشترك لتحقيق المصالح المشتركة.

وقد التقى السيسي بالرئيس الصيني، وصرّح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة أن السيسي هنأ شي جين بينغ على إعادة انتخابه أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني لولاية ثالثة، معرباً عن ثقته في استمرار تقدم الصين في ظل قيادته، وأنه يتطلع إلى العمل معه لتطوير العلاقات بين الجانبين، وعلى رأسها التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب.

والتعاون في هذا المجال قائم أصلاً، ففي سنة 2017، وقعت مصر والصين مذكرة أمنية تركز على مكافحة الإرهاب، وبعدها بأيام، تمّ القبض على عدد من الطلبة الأويغور في القاهرة، بواسطة الشرطة المصرية، وبحسب “فرانس 24″، فقد قام مسؤولون صينيون باستجواب المحتجزين، وقال أحد هؤلاء إن المحققين الثلاثة تحدثوا إليه باللغة الصينية، وخاطبوه مستخدمين اسمه الصيني وليس اسمه بلغة الأويغور. مضيفاً: “رجال الشرطة المصرية، قالوا إن الحكومة الصينية تقول إنكم إرهابيون، لكنّنا ردنا بأننا طلاب في الأزهر فقط.” وقد تم إطلاق سراح المحتجزين، عدا 12 منهم تمّ ترحيلهم إلى الصين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، عندما سئل عن ترحيل الأويغور في، إن أولئك الذين تبين أنّهم تجاوزوا مدة الإقامة في مخالفة للقانون، بما في ذلك المواطنين من جنسيات أخرى، يتم طردهم.

ويمكن القول إن القاهرة حازت أيضاً دعماً صينياً في حملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين، وظلّت أبواب الصين مغلقة أمام الجماعة، إبان بحثها عن ملاذات آمنة خارج مصر، كما رفضت الصين توقيع أيّ عقوبات على القاهرة، في أعقاب عزل الرئيس الراحل محمد مرسي.

تعاون اقتصادي واسع النطاق

تُعد الصين شريكاً تجارياً مركزياً لمصر، وتبرز أهمية السوق المصرية بالنسبة للصادرات الصينية، في ضوء الأرقام المعلنة التي تظهر أن الصادرات الصينية إلى مصر بلغت نحو 17,17 مليار دولار في سنة 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية.

ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، فقد أدى نمو العلاقات السياسية بين البلدين، إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر والصين، من 11,9 مليار دولار إلى 12,7 مليار دولار بين كانون الثاني/ يناير وأيلول/ سبتمب) 2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 9,8٪. كما زادت صادرات مصر إلى الصين من 1,1 مليار دولار إلى أكثر من 1,5 مليار دولار، خلال الفترة نفسها، بزيادة 36,7٪. علاوة على ذلك، وفقاً لوزير المال المصري محمد معيط، فقد ساهمت الاستثمارات الصينية في خلق ما يقرب من 24000 فرصة عمل في البلاد، إذ إن مصر استحوذت نحو 28,5 مليار دولار من الاستثمارات الصينية، بين سنتي 2018 و2019، وذلك يجعلها أكبر متلقي للاستثمارات الصينية في العالم العربي.

كما تعتبر منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بالسويس (SETC-Zone)، التي تم إنشاؤها في سنة 2008، المشروع الرئيسي الذي يخدم بشكل كبير مبادرة الحزام والطريق الصينية، نظراً لموقعها وقدراتها اللوجستية. وتعد تلك المنطقة مركزاً رئيسياً للمنتجات الصينية، وتضم نحو 102 شركة صينية، وتوفر نحو 30 ألف وظيفة، وأكثر من 2,5 مليار دولار في المبيعات، وفقاً لبيانات اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح.

علاوة على ذلك، كان التعاون بين مصر والصين في الصناعة البحرية جانباً مهماً من علاقتهما الثنائية في السنوات الأخيرة، فقناة السويس المصرية تُعد مكوناً حيوياً لطريق الحرير البحري الصيني، وهي جزء إستراتيجي من مبادرة الحزام والطريق، وقد أدّى تسهيل القناة للتجارة بين آسيا وإفريقيا وأوروبا إلى تحفيز التعاون الثنائي بين البلدين في التجارة البحرية، والخدمات اللوجستية، وتطوير البنية التحتية. لذلك، وقعت مصر والصين العديد من الاتفاقيات الخاصة ببناء وتحسين البنية التحتية.

خلال العام المالي 2021- 2022، بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في مصر 563,4 مليون دولار، بزيادة قدرها 16,1%عن العام المالي 2020- 2021 الذي بلغ 485,2 مليون دولار.

جدول (1) الصادرات الصينية إلى مصر في 2021- 2022، بحسب بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية.

نوع السلعة الصينية المصدرة إلى مصرالقيمة بمليارات الدولارات الأميركية
المعدات الكهربائية والإلكترونية2,92
الآلات والمراجل ومعدات للمفاعل النووي السلمي2,10
المواد البلاستيكية1,07
المركبات بخلاف السكك الحديدية والترام1,03
خيوط صناعية0,958
مواد كيميائية عضوية0,867
مصنوعات من حديد أو صلب0,785
حديد وصلب0,659
قماش أو كروشيه0,617
أثاث، لافتات إضاءة، مباني جاهزة0,538

فضلاً عن السلع الرئيسية المبيّة في الجدول رقم (1)، هناك أيضاً جملة من السلع والمنتجات الصينية، التي تستقبلها السوق المصرية بكميات كبيرة. فعلى سبيل المثال، بلغت صادرات الصين من الألعاب والمستلزمات الرياضية إلى مصر، نحو 406,45 مليون دولار، ومن الألياف الصناعية نحو 373,59 مليون دولار، ومن الأجهزة البصرية والصور والأدوات التقنية والطبية نحو 344,73 مليون دولار.

كما بلغت صادرات الصين من السلع المتنوعة من المعادن الأساسية إلى مصر نحو 323,54 مليون دولار. ومن الورق والورق المقوى ومصنوعات الكرتون نحو 308,25 مليون دولا. بالإضافة إلى الصادرات القطنية التي بلغت قيمتها نحو 177,58 مليون دولار. كما بلغت قيمة صادرات الصين إلى مصر من الزجاج والأواني الزجاجية نحو 179,48 مليون دولار. وبلغت صادرات الصين إلى مصر من الأحذية، نحو 191 مليون دولار.

أضف إلى ما سبق عدة ملايين من الدولارات، تستورد بها مصر منتجات ومواد متنوعة من الصين مثل: المنسوجات، والحبال، وملابس المستعملة، والبذور الزيتية، والفواكه الزيتية، والحبوب، والوقود المعدني، ومنتجات التقطير، والمواد اللاصقة، والساعات، والورود الصناعية، والأحجار الكريمة، وأغطية الرأس، والأسماك، والسفن والقوارب، والمنشآت العائمة، والملح والكبريت، والجص والجير والأسمنت، والقهوة والشاي وغيرها.

الصادرات المصرية إلى الصين

بلغت الصادرات المصرية إلى الصين 1,74 مليار دولار أمريكي خلال سنة 2022،

جدول رقم (2) الصادرات المصرية إلى الصين في سنة 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية.

نوع السلعة المصرية المصدرة إلى الصينالقيمة بمليارات الدولارات
الوقود المعدني والزيوت ومنتجات التقطير1,37
قطن0,107
فواكه صالحة للأكل، مكسرات، قشور حمضيات، بطيخ0,70
مخلفات الصناعات الغذائية وعلف الحيوانات0,45
ألياف نسيج نباتية، غزل ورقي، أقمشة منسوجة0.30
جلود وجلود خام0.18
نحاس0.15
ألومنيوم0.15
أسمدة0.10
الحجر أو الجص أو الأسمنت أو الأسبستوس أو الميكا أو المواد المماثلة0,10

كما تستقبل السوق الصينية منتجات ومواد مصرية أخرى، بأرقام متفاوتة، قليلة نسبياً، بالمقارنة بالسلع الواردة بالجدول. فتستورد الصين من مصر معدات كهربائية وإلكترونية بما قيمته 7.,43 مليون دولار، ومصنوعات من الملابس بنحو 5,33 مليون دولار، ومنتجات كيماوية متنوعة بقيمة 4,22 مليون دولار، وبلاستيك بنحو 3,81 مليون دولار، فضلاً عن السجاد، وأغطية الأرضيات النسيجية الأخرى بقيمة 3,66 مليون دولار 2022، وأثاث، ولافتات إضاءة، ومباني جاهزة 3,53 مليون دولار، وأسلحة وذخائر وأجزاء وملحقات بقيمة 2،48 مليون دولار 2022، وملح وكبريت وتراب وحجر وجص وجير وأسمنت بقيمة 2,00 مليون دولار.

وكذلك تصدر مصر إلى الصين جملة من المنتجات الأخرى، ربما لا تبلغ قيمتها مجتمعة مبالغ كبيرة، لكنّها تدل على تنوع التبادل التجاري بين الدولتين، مثل: الزجاج والأواني الزجاجية، والمنتجات الصيدلانية، ومصنوعات الحديد أو الصلب، وكيماويات غير عضوية، والمواد اللاصقة، والإنزيمات، والخضروات ومستحضرات التجميل وأنسجة شعر الخيل، والمراحيض والمكسرات، والصوف، والمنتجات الحيوانية، والمطاط والصمغ وغيرها.

ومن الملاحظ أنّ هناك بعض المواد المماثلة، التي قد تسوردها مصر من الصين، وتصدرها أيضاً، مثل: الأقطان ولافتات الإضاءة وغيرها، ويعود ذلك إلى اعتماد مصر على استيراد الخامات المستخدمة في تصنيع المواد المصدرة من الخارج، كما يعود إلى تعدد شركات الاستيراد وتنوع أنشطتها، لكنّه يلفت في المقابل إلى عدم وجود استراتيجية وطنية واحدة لضبط السوق في مصر.

الميزان التجاري

بحسب البيانات المحدثة، صدرت الصين في آذار/ مارس 2023،  منتجات ومواد بقيمة 1,32 مليار دولار، واستوردت من مصر ما قيمته 147 مليون دولار من مصر، وهذه الأرقام توضح أن الميزان التجاري بين البلدين، يميل بشدة لصالح الصين بنحو 1,17 مليار دولار. والفترة بين آذار/ مارس 2022 وآذار/ مارس 2023، زادت صادرات الصين بمقدار 185 مليون دولار (16,3٪) من 1,14 مليار دولار إلى 1.,32 مليار دولار، في حين زادت وارداتها من مصر بمقدار 34,8 مليون دولار (30,9٪) من 112 مليون دولار إلى 147 مليون دولار.

في آذار/ مارس 2023، كانت الصادرات الصينية تأتي بشكل رئيسي من مقاطعة تشجيانغ (335 مليون دولار)، ثم مقاطعة قوانغدونغ (212 مليون دولار)، فمقاطعة جيانغسو (180 مليون دولار)، ثم جاءت باقي المقاطعات وفق الترتيب التالي: مقاطعة شاندونغ (149 مليون دولار)، مقاطعة هونان (66,6 مليون دولار)، بينما كانت الواردات المصرية تتجه بشكل رئيسي نحو المقاطعات التالية على وجه الترتيب: مقاطعة شاندونغ (65,2 مليون دولار)، بكين (57,8 مليون دولار)، مقاطعة غوانغدونغ (7,26 مليون دولار)، مقاطعة جيانغسو (4,15 مليون دولار)، ومقاطعة شنغهاي (3,38 مليون دولار).

وقد تمّ تفسير الزيادة في صادرات الصين، في الفترة نفسها، على أساس سنوي إلى مصر، من خلال زيادة صادرات منتجات النسيج المنسوج من الخيوط الاصطناعية (46,8 مليون دولار أو 104٪)، والأحماض متعددة الكربوكسيل (23,6 مليون دولار أو 2015٪)، وأقمشة أخرى محبوكة أو كروشيه (21,7 مليون دولار أو 154٪). كما تمّ تفسير الزيادة في واردات الصين السنوية من مصر، من خلال زيادة واردات المنتجات من البترول المكرر (57,9 مليون دولار أو 7605%)، والنشا (9,93 مليون دولار أو 3081%)، والنفط الخام (2,19 مليون دولار أو 4,33٪).

وكانت أكبر صادرات الصين إلى مصر، في آذار/ مارس 2023 أيضاً، هي الهواتف (100 مليون دولار)، والأقمشة المنسوجة من خيوط صناعية (91,6 مليون دولار)، وتسجيلات الصوت (76,3 مليون دولار)، والسيارات (62,7 مليون دولار)، والتركيبات الخفيفة (60,4 مليون دولار). وفي الشهر نفسه، كانت أهم واردات الصين من مصر هي البترول المكرر (58 مليون دولار)، والبترول الخام (52,9 مليون دولار)، والنشا (10,2 مليون دولار)، والرخام، والحجر الجيري والمرمر (3,5 مليون دولار)، والقطن الخام (2,84 مليون دولار).

وعلى أيّ حال، ارتفع التبادل التجاري بين مصر والصين بنسبة 2,6%، خلال الأحد عشر شهراً الأولى من سنة 2022، فبلغ 14,9 مليار دولار مقارنة بـ 14,5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من سنة 2021.

وتعكس الأرقام أهمية السوق المصرية بالنسبة للصين، بوصفها أكبر أسواق الشرق الأوسط، وأكثرها ميلاً نحو الاستيراد من الصين، نظرًا لأن أسعار المنتج الصيني ملائمة للقدرة الشرائية، للسواد الأعظم من المصريين.

السياحة الصينية لمصر

في زيارته الأخيرة للقاهرة، توقع وزير الخارجية الصيني تشين قانغ، أن يرتفع عدد الرحلات السياحية والرحلات المباشرة بين البلدين، إلى مستويات ما قبل الوباء. وبحسب موقع “آسيا تايمز”، زار نحو نصف مليون سائح صيني مصر في سنة 2018.

وفي كانون الثاني/ يناير 2023، استقبل مطار القاهرة الدولي، أول مجموعة سياحية صينية تصل إلى مصر، منذ تفشي وباء كوفيد 19، قادمة من مدينة تشنغدو الصينية. هذه المجموعة السياحية الصينية وصلت على متن طائرة “سيشوان إيرلاينز” (Sichuan Airlines)، وعلى متنها 137 راكباً، بما في ذلك المجموعة السياحية المكونة من 28 شخصاً.

وكان في استقبال المجموعة السياحية الصينية في المطار، وزير الطيران المدني الفريق محمد عباس حلمي، يرافقه نائب وزير السياحة والآثار وسفير الصين في القاهرة. وأعد مطار القاهرة الدولي حفل استقبال خاص، يضم عروضاً فنية للفوج السياحي الصيني، القادم بعد غياب دام ثلاث سنوات، منذ تفشي الوباء سنة 2019.

وتطمح مصر في جذب السياحة الصينية إليها، بمعدلات كبيرة، إذ إن السياحة هي أحد أهم مصادر العملة الصعبة في مصر، والتي تراهن على عودتها إلى ما كانت عليه في الماضي، قبل انتشار الوباء، واندلاع الحرب في أوكرانيا.

التعاون العسكري بين مصر والصين

في أيّار/ مايو 2015، عاد وزير الدفاع صدقي صبحي إلى مصر، قادماً من بكين، بعد إبرام صفقات أسلحة ومعدات عسكرية جديدة مع نظيره الصيني، تشانغ وان تشيوان. كما وقّع صبحي ونظيره وان تشيوان عدة اتفاقيات تتعلق بالتصنيع العسكري المشترك. وذلك فقاً لصحيفة “الأهرام الرسمية”، التي تحفظت على التفاصيل.

وقالت وزارة الدفاع المصرية في بيان رسمي، إن المسؤولين أجروا محادثات مثمرة وبناءة في مجالات التعاون العسكري، وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة المصرية، ونظيرتها الصينية.

ويمكن وصف تلك الخطوة بالمهمة، كدلالة على تحرك مصر نحو الشرق، بهدف إبقاء النفوذ الغربي تحت السيطرة، وهي الاستراتيجية التي يعتمد عليها الجيش المصري، منذ عقد جمال عبد الناصر، صفقة الأسلحة التشيكية في الخمسينيات، إذ يسعى الجيش المصري دائماً لتنويع مصادر السلاح، وكسر الاحتكار الغربي.

وفي 28 نيسان/ أبريل 2016، التقى رئيس الأركان العامة في مصر الفريق محمود حجازي، مع نائب رئيس الأركان الصينية الأدميرال سون جيان قوه، والوفد المرافق له. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، في بيان صحفي، إن الاجتماع تناول تعزيز التعاون في المجال العسكري، بالإضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأشاد المسؤول الصيني بالعلاقات القوية التي تربط بين مصر والصين، وأكد أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين في مختلف المجالات، وأشاد بجهود القوات المسلحة المصرية في مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

بدوره قال حجازي إنه يتطلع إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، في إشارة إلى وجود آلية استراتيجية، تسعى تجاه اعتبار الصين قاعدة حيوية لإمداد وتدعيم الجيش المصري بالتقنيات العسكرية الحديثة، في ظل واقع دولي وإقليمي مضطرب.

ويمكن القول إن بكين تُعد الآن شريكاَ عسكرياً تقنياً مهماً للقاهرة، ففي الفترة من سنة 2012 إلى سنة 2014، شحنت الصين ثمانية عشر طائرة من دون طيار (ASN-209) إلى مصر. وفي الفترة من سنة 2017 إلى سنة 2018، صدّرت الصين عشر طائرات من دون طيار (Wing Loong-1) إلى مصر، وفي 2018 تمّ التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن توريد طائرات (Wing Loong-2) بدون طيار.

وبحسب موقع “راشيان انترناشينال أفيرز” (Russian international affairs) تهتم الصين بمصر كشريك استراتيجي، لأن تكثيف التعاون العسكري السياسي بين القاهرة وبكين، يؤدي إلى زيادة الضغط الصيني على دول الاتحاد الأوروبي، ومد نفوذ بكين إلى حوض المتوسط، مع كسر الاحتكار الغربي لسوق السلاح، ومن ثمّ فتح أسواق جديدة.

وتزعم تقارير أن شركة أبو زعبل المصرية للصناعات الهندسية (المصنع 100)، تجري محادثات مع شركة (PolyTech) الصينية بشأن عقد اتفاقية تختص بنقل التكنولوجيا (TOT) إلى العديد من المشاريع الصناعية العسكرية في مصر.

القوة الناعمة الصينية في المجال الثقافي

في نيسان/ أبريل 1964 تمّ التوقيع على البرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون الثقافي بين مصر والصين. وفي ثمانينيات القرن الماضي، اتخذ التعاون الثقافي بين البلدين بعداً جديداً، وظهرت العروض الفنية الصينية في مصر بشكل ملفت. وفي 8 آذار/ مارس 1987 عُقدت في القاهرة اجتماعات الجولة الأولى للتعاون العلمى والفنى بين مصر والصين. وخلال الندوة، تمّ توقيع أكثر من 10 اتفاقيات للتعاون المشترك بين البلدين، وهي اتفاقيات لا تزال سارية المفعول إلى اليوم.

ويُعد إنشاء معهد كونفوشيوس في جامعة القاهرة، مثالاً آخر على أدوات القوة الناعمة الصينية في مصر. ويهدف المعهد الذي تأسّس في سنة 2007، إلى تعليم العلماء المصريين اللغة الصينية ومشاركة الثقافة الصينية. وفي الآونة الأخيرة، تمّ اختيار مدير معهد كونفوشيوس في القاهرة، كأفضل مدير من بين 500 فرع و3600 مدير أجنبي لمعاهد كونفوشيوس في جميع أنحاء العالم.

وبحسب تصريحات  رئيس دار الأوبرا المصرية السابق مجدي صابر، لوكالة أنباء “شينخوا”، فإن التعاون الثقافي بين مصر والصين كان فعالاً في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن الصين من أهم وأكبر الدول، التي تتعامل معها دار الأوبرا من خلال تبادل الثقافات والفرق والخبرات. وأوضح أن دار الأوبرا المصرية لديها تعاون وثيق مع المركز الثقافي الصيني في القاهرة. كما كشف عن عن استمرار التعاون الثقافي بين مصر والصين، أثناء تفشي وباء كوفيد 19، في إشارة إلى عدد من العروض المشتركة التي جرت عبر الإنترنت، إذ استضافت دار الأوبرا المصرية في شباط/ فبراير 2021، حفلاً موسيقياً مشتركاً عبر الإنترنت، ضمّ عروضاً لأكاديميات الموسيقى والفنون المصرية والصينية، احتفالاً بعيد الربيع أو العام القمري الصيني الجديد. كما سبق وقام موسيقيون مصريون وصينيون، في أيّار/ مايو 2020، بتقديم عرض لأوبرا عايدة المشهورة عالمياً عبر الإنترنت. وبعد شهر، أقامت فرق الأوركسترا المصرية والصينية حفلاً مشتركاً عبر الإنترنت، للاحتفال بالذكرى 64 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر.

عقبات تعترض مسار العلاقات القوية

يمكن القول إن البيروقراطية هي واحدة من أخطر العقبات، التي تواجه مسار العلاقات بين مصر والصين، فعلى عكس العديد من المانحين الذين يسعون إلى تيسير العلاقات مع البلدان التي يعملون فيها عبر إنشاء مكتب مستقل لتوحيد الإجراءات، على غرار مؤسسات “يو أس إيد” الأميركية (USAID) ، و”أف سي دي أو” (FCDO ) التي تمثل المصالح الاقتصادية للمملكة المتحدة، أو مؤسسة “أف دي أيه” (AFD)  الفرنسية، إلّا أنّ وكالة التعاون الإنمائي الدولي الصينية (CIDCA) لا تملك مثل هذا التمثيل في القاهرة، وبدلاً من ذلك، يتم الاعتماد بشكل كلي على المستشار الاقتصادي في السفارة الصينية في القاهرة، وهو ترتيب يؤدي إلى تعطيل الكثير من المشروعات المشتركة، وعدم القدرة على تفادي العقبات البيروقراطية الناتجة عن الاعتماد على شخص واحد، ربما يكون ليس الأكثر وعياً بآليات تفعيل مشاريع التعاون الصينية المصرية.

ويمثل تعاون الصين مع إثيوبيا في مجال الطاقة الكهرومائية، عقبة أخرى تعترض سبيل العلاقات المصرية الصينية، إذ ترتبط تلك المشاريع بسد النهضة الإثيوبي، الذي تقول مصر إنّه سوف يؤثر على حصتها من مياه النيل. بينما قامت بكين بتقديم منح وقروض إلى أديس أبابا لتنفيذ المشروعات المخطط لها، فقد زودت بكين أديس أبابا بالمساعدات المالية والتكنولوجية اللازمة لبناء سد جيلجل جيب الثالث على نهر أومو  وكذلك سد تيكيزي.

وقد حاولت القاهرة تجاوز هذه العقبة وما تمثله من سلبيات بطلب وساطة الصين للضغط على إثيوبيا لتوقيع تعهد، يقضي بعدم المساس بحصة مصر من مياه نهر النيل. وعلى الرغم من أن ذلك لم يحدث، لكن الطرفان المصري والصيني، تمكنا من تجاوز تلك العقبة، ربما على مضض في القاهرة، من أجل المضي قدماً في سياق الشراكة الاستراتيجية، وتطوير التعاون في باقي الملفات بشكل فعال.

ويبقى أفق التعاون بين القاهرة وبكين قابلاً للتطور السريع في ظل وجود الإدارة الديمقراطية الأميركية التي تفتقد إلى توظيف أدوات الضغط السياسي، من أجل تطويق الحزام الصيني الذي بات أشبه بطوق سياسي يمتد حول مراكز النفوذ الأميركي التقليدية، كما أن التوتر الدولي الحالي يمنح بكين فرصة أكبر للتمدد والانطلاق نحو تحقيق مصالحها وأهدافها، في ظل انشغال العالم بالحرب الأوكرانية، التي تسببت في أزمة اقتصادية حادة، انعكست تداعياتها بشكل أكثر سلباً على مصر، التي لا تملك هي الأخرى غير المضي قدماً في مسار العلاقات مع الصين، وتحقيق فوائد اقتصادية وسياسية عديدة.