لا يقين سورياً إزاء إعادة العلاقات السعودية الإيرانية

شهدت سورية خلال سنوات الحرب الماضية العديد من التدخلات الخارجية الاقليمية والدولية، فيما لعبت كلا من المملكة العربية السعودية وإيران دوراً مهماً في خارطة الصراع السوري، فدعمت إيران حليفها الاستراتيجي نظام الأسد سياسياً وعسكرياً، ولا تزال؛ في مقابل ذلك لم تتوانى المملكة العربية السعودية عن دعم المعارضة السورية سياسياً، في بداية الصراع، وذلك منذ إعلانها القطيعة مع النظام السوري في سنة 2012 ودعوتها إلى عزل رئيس النظام بشار الأسد.

ومع عودة العلاقات السياسية بين إيران والمملكة العربية السعودية بوساطة صينية، يرى بعض الباحثين والمحللين السياسيين أن هذا التطور سوف ينعكس على القضية السورية كثيراً وبشكل مباشر، فيما يرى البعض الآخر أنه من المبكر الحديث عن تأثيره على سورية، وخصوصاً في ظل عدد من الملفات الشائكة التي تشكل تهديدات أمنية للمملكة العربية السعودية والدول العربية.

مصلحة للنظام

يرى الكاتب والمحلل السياسي السوري وائل علوان في حديث لـ “موقع التقرير العربي”، أنه من المبكر الحديث عن تأثير عودة العلاقات الإيرانية السعودية على الملف السوري، فعلى الرغم من الإعلان عن عودة العلاقات بين البلدين، إلّا أن الكثير من بنود الاتفاق لا تزال طي الكتمان، وخصوصاً الأمنية الشائكة والتي تهدد الدول العربية وعلى رأسها المملكة، حيث تشكل سيطرة إيران على عدد من العواصم العربية من بينها دمشق تهديدات مباشرة للأمن القومي لتلك الدول.

وإذا نجحت التفاهمات السياسية الإيرانية السعودية في أحراز تقدم ملحوظ فقد تنعكس على تخفيف حدة التصعيد السياسي بين السعودية والنظام السوري، لاسيما إذا ضمنت السعودية مصالح تتعلق بحماية أمنها القومي من مخاطر النظام السوري.

أما فشل النظام السوري من ضبط المواضيع الأمنية الأخرى، فيعني التأثير السلبي أيضاً على هذه التفاهمات السعودية الإيرانية.

تحديات وعقبات

ويشير علوان إلى أن أمام إيران الكثير من التحديات في سورية، فيما لو أرادت فعلاً تهدئة الصراع السياسي مع المملكة العربية السعودية والدول العربية، تتمثل في:

1-  دفع إيران باتجاه عدم تحويل سورية إلى منصة لإحداث خلل أمني في الأردن والخليج العربي، وضمان مراقبة النظام السوري، والحيلولة دون إحداث إيران، المسيطرة على الوضع الأمني في سورية، أي خرق أمني.

2- إيقاف عمليات تهريب المخدرات التي تشرف عليها الميليشيات المرتبطة بإيران والنظام السوري بشكل مباشر من سورية إلى الأردن ومنها إلى دول عربية وخليجية، وهو أمر بات يشكل عبئاً أمنيا لتلك الدول.

ويشير الباحث إلى أنه، على الرغم من النفوذ الإيراني في سورية، إلا أن وجود أكثر من لاعب دولي وإقليمي في سورية كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا، والموقف الغربي تجاه إيران والنظام السوري، كل ذلك لا يعطي إيران سيطرة مطلقة على القرارات السياسية والأمنية للنظام السوري على كامل الجغرافيا السورية، فيما لو حاولت إيران إعادة تعويم النظام على الساحة العربية من باب استعادت علاقاتها السياسية مع المملكة العربية السعودية والدول العربية.

هيمنة إيرانية وضعف سعودي

مقابل ذلك يرى الكاتب والسياسي السوري باسل معراوي في حديثه لموقع “العربي الجديد”، أن المملكة العربية السعودية باتت الحلقة الأضعف على خارطة النفوذ داخل سورية. فعلى الرغم من الدعم السعودي للمعارضة السورية منذ انطلاق النزاع السوري خلال السنوات الماضية، إلّا أن المملكة فقدت نفوذها في سورية لعدة عوامل منها:

1- اندلاع الحرب اليمنية ودخول المملكة العربية السعودية على خط المواجهة المباشرة مع الميليشيات المرتبطة بإيران، والتي باتت تشكل خطراً جدياً على الحدود الجنوبية للمملكة ودول الخليج.

2- الخلافات السعودية التركية خلال السنوات الماضية، والتي أدت إلى هيمنة تركيا، الجارة الإقليمية لسورية، على قرارات المعارضة السورية بحكم الموقع الجيوسياسي والجغرافي الذي يربط سورية وتركيا، وتمكّن تركيا من إقصاء السعودية عن المشهد السياسي في سورية.

حلول وتطبيع

الباحث وائل علوان يرى أن إعادة العلاقات الإيرانية السعودية يحمل في طياته عدة سيناريوهات في الشأن السوري، ومنها:

1- قدرة المملكة العربية السعودية في إعادة تعويم النظام السوري على الساحة العربية وإعادته إلى الجامعة العربية وحاضنته العربية.

2- مشاركة المملكة العربية السعودية في ايجاد حل سياسي للصراع السوري كلاعب عربي مرحب به من جميع الأطراف الإقليمية والغربية، وأيضاً أطراف النزاع السوري، الأمر الذي قد يؤدي إلى إنهاء الصراع المستمر منذ 12 عاماً في سورية.

 

اقرء المزيد عن إعادة العلاقات بين السعودية وإيران في تقدير الموقف: : ارتياح في بغداد التي مهدت للمصالحة السعودية الإيرانية