المصالح والرسائل من عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية
في حدث يحصل للمرة الأولى منذ تأسيس حزب الله والمقاومة الإسلامية، ولمناسبة ذكرى التحرير 23 لجنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، أجرى حزب الله مناورة عسكرية بالذخيرة الحية في 21 أيار/ مايو، بحضور بحضور نحو 500 صحافي واعلامي لبناني وعربي وأجنبي، وبمشاركة عدد من مسؤولي الحزب تقدمهم رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا ومسؤول العلاقات الاعلامية الحاج محمد عفيف، وشارك في المناورة مئات العناصر من كتيبة الرضوان، وهي مجموعة خاصة في المقاومة الاسلامية أنشأها قائد المقاومة الاسلامية الشهيد الحاج عماد مغنية.
تفجير الجدار واقتحام مستوطنة
ضمت المناورة مقاتلين هجوميين شنوا هجوماً عسكرياً على نموذج لمستوطنة إسرائيلية ونفذوا إقتحاما رمزيا للجدار الفاصل على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، فضلاً عن استعراضات عسكرية متنوعة وبالذخيرة الحية، وإختتمت المناورة بكلمة للسيد صفي الدين أعلن فيها أن “الهدف من هذه المنوارة إرسال رسالة للعدو الصهيوني أننا جاهزون للرد على أي عدوان وإننا سنعمل لاقتحام الحدود في حال تعرضنا لاي اعتداء.” عملاً بشعار المناورة الأساسي “سنعبر او عابرون”، أي العبور إلى الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة.
رسائل وأبعاد
فما هي رسائل وأبعاد هذه المناورة العسكرية للمقاومة الاسلامية؟ وهل لها أهداف لبنانية داخلية أو هدفها توجيه الرسائل لإسرائيل فقط؟
مصادر مطلعة على أجواء الحزب والمقاومة الاسلامية فإن “هذه المناورة العسكرية للمقاومة الاسلامية في الجنوب اللبناني تأتي في ظل التصعيد الكبير للصراع مع العدو الصهيوني في فلسطين والمنطقة وفي ظل مخاوف حقيقية من إمكانية قيام العدو بتصعيد عدوانه على المقاومة في لبنان، وبعد أن اكمل بناء قسم كبير من الحائط الإسمنتي على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، في ظل الحديث الإسرائيلي المتكرر عن حصول دخول لمقاتلين من لبنان إلى فلسطين ولا سيما بعد عملية مجدو.”
وتشير هذه المصادر إلى النقاط التالية بشأن هذه لمناورة:
1 – المناورة العسكرية تؤكد جهوزية المقاومة لمواجهة أي عدوان صهيوني على لبنان مستقبلاً، وأن التطور العسكري واللوجيستي للمقاومة أصبح متقدماً جداً، وهذا الأمر أكده ايضاً أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته الاخيرة في ذكرى التحرير في 25 أيار/ مايو.
2 – تضمنت هذه المناورة تدريباً حياً على الهجوم على مستعمرة صهيونية واقتحام نموذج للجدار القائم على الحدود، الأمر الذي يعني أن الحزب سينتقل، في أي مواجهة مستقبلية، من الدفاع الى الهجوم ولن يكتفي بالقتال داخل المناطق اللبنانية في حال تعرض لبنان لأي اعتداء.
3 – ليس للمناورة أي علاقة بالشأن الداخلي اللبناني أو المعركة الرئاسية، فهي موجهة فقط للعدو الصهيوني، وليس صحيحاً أنها بهدف دعم وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة.
5 – على الرغم من أن المناورة غير مرتبطة بأي قرار أو تطور خارجيين، فهي تأتي في إطار تدعيم دور قوى محور المقاومة الذي أصبح لديه غرفة عمليات مشتركة، وهناك تنسيق كبير بين كل أطرافه.
6 – تؤكد المناورة أن دور الحزب والمقاومة لا علاقة لهما بالاتفاق السعودي – الإيراني أو عودة سورية إلى جامعة الدول العربية أو التطورات الحاصلة في المنطقة، وأن دور الحزب مستمر والمقاومة مستمرة طالما هناك عدوان صهيوني على لبنان وفلسطين، وطالما أن هناك حاجة لدورهما العسكري.
رؤية للمستقبل
لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو: أي مستقبل للصراع مع إسرائيل بعد 23 عاماً على التحرير وبعد 17 عاماً على حرب تموز/ يوليو 2006؟
فعلى الرغم مضي 23 سنة على التحرير لا يزال الصراع مع إسرائيل أولوية في لبنان والمنطقة، والدليل على ذلك حجم شبكات التجسس التي تشغّلها إسرائيل في لبنان، والتي تعمل لجمع المعلومات عن الحزب وقوى المقاومة، فضلاً عن استمرار التتهديدات الاسرائيلية ضد لبنان، وكذلك التصعيد المستمر من قبل العدو ضد الشعب الفلسطيني، والذي يؤثر بشكل أو بآخر في الأوضاع في لبنان.
تؤكد كل المعطيات الداخلية والخارجية أن المخاطر القادمة من داخل الكيان الصهيوني على لبنان ودول المنطقة مستمرة، وبما ان الجيش اللبناني لا يزال غير قادر على مواجهة اي عدوان كبير على لبنان، فإن خيار المقاومة يبقى حاضراً، وأي نقاش داخلي ومستقبلي بشأن الاستراتيجية الدفاعية ودور المقاومة، يجب أن يأخذ بالاعتبار كل هذه المعطيات والتطورات الميدانية.
وفي الخلاصة فإن المناورة العسكرية للمقاومة الإسلامية في ذكرى التحرير اعادت النقاش مجدداً بشأن دور المقاومة ومستقبها في لبنان والمنطقة، وأرسلت رسائل قوية لإسرائيل بأن المقاومة حاضرة وجاهزة للرد على أي عدوان على لبنان مستقبلاً، ولدعم الشعب الفلسطيني في مواجهاته المسترمة ضد الاحتلال.
لقد شكّل خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى التحرير، مؤشراً مهماً على رؤية الحزب لمستقبل الصراع وافقه من منظور استراتيجي، فالحزب ومحور المقاومة يعملان على أساس أن كل المعطيات تؤكد أن أُفق الصراع سيكون لصالح قوى المقاومة في المنطقة وأن إسرائيل تعيش أزمة حقيقية، وان أي حرب جديدة لن تبقى محصورة في جبهة واحدة، بل قد تمتد على الجبهات كلها.