لبنان واستحقاقات فشل جلسة انتخاب الرئيس

لا يزال على أزمته الداخلية الخطيرة في ظل الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في جلسة 14 حزيران/ يونيو واستمرار الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية، واحتمال حصول فراغ في بعض المواقع الأساسية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ومنها موقع حاكم مصرف لبنان مع انتهاء ولاية الحاكم الحالي في تموز/ يوليو المقبل، وموقع قائد الجيش اللبناني الذي يشغر في أيلول/ سبتمبر، وفي ظل أزمات أخرى يعاني منها لبنان، ومنها أزمة اللاجئين السوريين.

حل المجلس طرح مرفوض

كل هذه التطورات دفعت بنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لطرح مشروع حل المجلس النيابي الحالي والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، لكن هذه الفكرة لاقت معارضة شديدة من العديد من القوى السياسية والكتل النيابية، ولا يبدو أنها الحل الأمثل اليوم.

وبموازة ذلك عاد الفرنسيون للتحرك مجدداً من خلال المبعوث الرئاسي الفرنسي الجديد جان إيف لودريان، وبعد زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان إلى فرنسا ولقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين والاتفاق على أهمية الإسراع في إيجاد حل للأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

واقع داخلي معقد

لبنان اليوم امام واقع سياسي داخلي معقد في ظل تغير التحالفات السياسية وعدم وجود قوة سياسية أو تحالف سياسي داخلي قادر على فرض رؤيته على بقية الأطراف، وهذا ما كشفته جلسة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فلا التحالف الداعم للوزير السابق جهاد ازعور (يضم القوات اللبنانية، والحزب التقدمي الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، وحزب الكتائب، ونواب تغييريين ومستقلين) قادر على حسم المعركة لمصلحته، ولا التحالف الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية (حزب الله، وحركة أمل، وتكتل التوافق الوطني، ونواب مستقلون) قادر على فرض الرئيس، وبموازة ذلك ثمّة كتلة وسطية تضم عدداً من النواب التغييريين وتكتل الاعتدال ونواب سنة لم تنضم إلى أي من المحورين.

حاجة لتدخل خارجي

في ضوء هذه المعطيات فان القوى الداخلية غير قادرة على حسم المعركة لوحدها أو الجلوس على طاولة المفاوضات للوصول الى تسوية داخلية، وهناك حاجة كبيرة لتدخل خارجي للوصول إلى حل شامل للأزمة، ولذا يبدو أن الدور الفرنسي الذي ينسق مع السعودية ولا يشهد معارضة داخلية أو خارجية، قد يكون الخيار الأفضل لدفع الأطراف الداخلية للوصول إلى حل شامل، مع الأخذ بالاعتبار وجود قوى أخرى قد يكون لها دور في أي حل مستقبلي، ومنها قطر ومصر وإيران وسورية واميركا والفاتيكان، ولذا فإن أي حل يحتاج أيضا إلى نوع من الغطاء الخارجي.

ويبدو لبنان سيكون أمام حراك داخلي وخارجي بهدف الوصول إلى حلول للازمة القائمة، لأن الوضع الداخلي لا يتحمل المزيد من الانتظار والقوى الخارجية لها مصلحة في استقرار الوضع في لبنان كي لا تؤدي الأوضاع إلى أزمات كبرى تنعكس على الأوضاع الإقليمية.

فهل سنكون في المرحلة المقبلة امام حل جديد للازمة في ظل هذه المعطيات المتداخلة داخلياً وخارجياً؟ أم أن حسابات بعض الأطراف الداخلية ستطيح بأي حل متوازن، وتدفع البلد نحو أزمة كبرى تنعكس سلباً على الأوضاع الأمنية والمعيشية، فيغرق البلد في فوضى كبيرة لا يُمكن لأحد تقدير نتائجها السلبية؟