قمة بغداد 2025: العراق في قلب السياسة النشطة

في لحظة مفصلية ووسط تحولات دراماتيكية في منطقة الشرق الاوسط، تنعقد قمة بغداد العربية يوم السبت المقبل في حدث يراهن عليه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كثيرا في اظهار العراق لاعباً أساسياً ورئيسياً في المنطقة بعد عقود من التراجع الذي فرضته ظروف الغزو الأميركي والتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي.

بغداد الجديدة

لم تعد بغداد في 2025 تلك المدينة المحطمة الكئية والمكبلة بقيود حظر التجوال والمسورة أحياؤها بالكتل الكونكريتية، أو التي تئن مناطقها من ضربات الإرهاب الأعمى والانفلات الأمني الذي كان الحال عليه عندما استضافت القمة العربية في 2012؛ فالحال تغير وعاودت بغداد النهوض من ركام الحرب.

ترى بغداد عموماً، ورئيس الحكومة السوداني تحديداً، أن قمة العرب التي استعد لها العراق كثيراً، ليست مجرد اجتماع دبلوماسي بل نقطة تحول لعودة العراق إلى واجهة العمل السياسي كوسيط وفاعل متوازن، يسعى لبناء الجسور بين القوى المتنازعة وتعزيز الاستقرار في محيطه العربي والإقليمي.

ومع تطورات الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً سقوط بشار الاسد وانكفاء حزب الله في لبنان بعد مقتل أبرز قادته ودمار غزة وتضرر حماس وانشغال إيران بترتيب أوراقها مع اميركا، وجدت بغداد نفسها أمام استحقاقات جديدة تحتاج إلى منصات حوار تخفف من حدة الأزمات الممتدة في المنطقة.

لقد استطاع العراق خلال السنوات الأخيرة أن يعيد بناء علاقاته الإقليمية بشكل متوازن، ففتح قنوات حوار مع إيران والسعودية، وشارك في مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، وسعى لتقريب وجهات النظر بشأن ملفات أمنية معقدة، ما منحه مصداقية دبلوماسية تعززت عبر سياسة عدم الانحياز لأي محور.

تثبيت دور الوسيط

ويعمل السوداني خلال قمة بغداد على لعب العراق دور المضيف والوسيط في نقاشات حول إعادة ضبط العلاقات الإقليمية، وخصوصاً في ظل تغيّرات في موازين القوى بالمنطقة وتوجهات بعض الدول نحو التطبيع أو الانفتاح السياسين ولا سيما أن القمة ستشهد مشاركة فاعلة من قوى دولية بما يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بأهمية العراق، ليس فقط كموقع جغرافي استراتيجي، بل كمركز ثقل دبلوماسي قادر على إيجاد نوع من التوازن بين المصالح الدولية في الشرق الأوسط.

وسيحرص العراق من خلال حكومته عبر استضافة القمة إلى تأكيد مسك العصا من المنتصف والنأي بالنفس عن سياسة المحاور والانفتاح على جميع الدول من بينها الحكم الجديد في سورية ورئيسه أحمد الشرع، على الرغم من محاولات القوى العراقية الحليفة لإيران كبح جماح الانفتاح العراقي على سورية الجديدة، وذلك انسجاماً مع الرؤية الإيرانية التي مازالت تعيش واقع الصدمة من سقوط الأسد وانهيار محور الممانعة.

تحديات وفرص

لكن هذه الطموحات تواجه بتحديات كبيرة للدور السياسي للعراق، مثل استمرار التدخلات الخارجية ووجود قوى مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة، لكن نجاح القمة العربية في في تثبيت دور العراق كوسيط نزيه، وتقديمه كدولة ذات سيادة مستقلة في قرارها الخارجي قد يشكل نقطة تحول في السياسة الخارجية العراقية.

من هنا فإن قمة بغداد 2025 تعد فرصة للعراق لإثبات أنه قادر على أن يكون صانع سلام، ومركزاً للحوار وفاعلاً دولياً يحسب له حساب في رسم معالم المستقبل السياسي للشرق الأوسط.

التقرير العربي الشعار

علي السامرائي

مايو 15, 2025In تقدير موقف