سقوط الأسد والانعكاسات المحتملة على العراق
مازال الذهول والصدمة جراء سقوط نظام بشار الأسد يخيمان على العديد من الأطراف العراقية الفاعلة، ولاسيما ذات الصلة بالمحور الإيراني، والتي وضعت منذ اندلاع الثورة السورية في 2011 كل البيض في سلة نظام البعث السوري، بدفع من إيران، رائدة ما يعرف بـ “محور المقاومة” في المنطقة.
ويحمل سقوط الأسد على يد الثوار السوريين تداعيات عميقة على العراق في ظل الترابط الوثيق بين البلدين على عدة أصعدة.
وتعمل الحكومة العراقية على التحلي بسياسة متوازنة واستباقية للتعامل مع أي تغيرات محتملة في سورية، مع التركيز على تعزيز الأمن الداخلي وضمان استقرار حدود العراق، وبناء علاقات إقليمية ودولية تخدم مصالحه الوطنية.
ويعتمد تأثير سقوط نظام الأسد على العراق بشكل كبير على طبيعة المرحلة الانتقالية في سورية واللاعبين الإقليميين والدوليين المتورطين، فالعراق سيكون أمام تحديات كبيرة، لكن قد تكون هناك فرص أيضاً لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يخدم مصالحه.
مخاطر أمنية
وفي قراءة سريعة للتداعيات، فإن سقوط نظام الأسد يؤثر كثيراً على العراق، بسبب الروابط الجغرافية والسياسية والطائفية والأمنية بين البلدين. ففي المجال الأمني قد يؤدي انهيار النظام قد يؤدي إلى فراغ أمني في سورية، مما يمكن الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة من إعادة تنظيم صفوفها واستغلال الحدود السورية – العراقية غير المضبوطة للقيام بعمليات عبر الحدود.
ومن الممكن أن تنتقل بعض الصراعات التي كانت داخل سورية إلى العراق، حيث قد تجد الجماعات المتحاربة هناك ملاذاً أو قاعدة عمليات في العراق.
ومن غير المستبعد تصاعد التوتر الطائفي فنظام الأسد يعتبر حليفاً رئيسياً لإيران التي لها تأثير كبير على العراق، وسقوط الأسد قد أضعف عملياً نفوذها في سورية، الأمر الذي قد يدفعها لتعزيز نفوذها في العراق. وهذا يمكن أن يزيد من التوتر الطائفي في العراق بين المكونات السنية والشيعية.
كما ان النظام السوري يشكل جزءا من المحور الإقليمي مع إيران وحزب الله، وسقوطه قد يؤدي إلى تعزيز القوى السنية المدعومة من دول إقليمية، وهو ما قد ينعكس على العراق ايضاً.
مخاطر سياسية
ويحمل سقوط الاسد العديد من التداعيات السياسية، فالتغيير في التحالفات الإقليمية قد يضطر العراق لإعادة تشكيل سياسته الخارجية وتحالفاته الإقليمية بناءاً على الواقع الجديد، وخصوصاً أن طبيعة الحكم في سورية لا بد أن يتحول إلى نظام غير متحالف مع إيران، كما ان ضعف العلاقة مع محور المقاومة قد يؤثر ذلك على قدرة العراق على التنسيق الأمني والسياسي مع سورية، وخصوصاً في ظل التحديات التي تفرضها محاربة الإرهاب وتأمين الحدود.
وتبرز التحديات اللوجستية والأمنية بعد سقوط النظام، في مواجهة الحكومة العراقية مصاعب في تأمين حدودها مع سوريا التي تمتد لأكثر من 600 كيلومتر. هذه المنطقة قد تصبح ملاذًا للمهربين والمسلحين مما يضع العراق في موقف يحتاج فيه إلى تعزيز التعاون مع التحالف الدولي أو الدول المجاورة لضمان السيطرة على الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية.
ويفتح سقوط الأسد الباب أمام تزايد نفوذ بعض الدول ومنها تركيا، وهذا قد يضع ضغوطاً إضافية على الحكومة العراقية، وخصوصاً إذا حاولت هذه الدول التأثير على الشأن العراقي أو دعم مكونات معينة داخله.
كما أنه مع احتمال ضعف النفوذ الإيراني في سورية نتيجة سقوط الأسد، قد تزيد إيران من تدخلها في العراق لتعويض هذا الفقدان، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات داخل العراق بين المكونات السياسية والطائفية المختلفة حيث قد يتأثر الداخل العراقي بشعور بعض الأطراف السياسية أو الطائفية بتهديد مماثل مما يؤدي ذلك إلى تصعيد الخطاب الطائفي، أو تزايد الاستقطاب السياسي، وقد تجد بعض الفصائل المتطرفة المسلحة في سقوط النظام السوري فرصة لتوسيع نفوذها في العراق، سواء من خلال نشر أفكارها أو من خلال تجنيد عناصر جديدة.
تأثيرات اقتصادية
أما الأبعاد الاقتصادية فتتركز على تأثير قطاع التجارة، فالعراق وسورية يشتركان في حدود طويلة، والتجارة بين البلدين كانت قائمة تاريخياً بينهما، وسقوط نظام قد يؤدي إلى تعطيل المزيد من الطرق التجارية البرية بسبب الصراعات المستمرة أو الفراغ الأمني، ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي، وخصوصاً في المناطق الغربية من البلاد، من دون اغفال أن فرص إعادة الإعمار في حال نشوء حكومة مستقرة في سورية بعد سقوط الأسد، قد يفتح ذلك الباب أمام شركات عراقية للمشاركة في جهود إعادة إعمار سورية، وبالتالي سيوفر ذلك مردوداً اقتصادياً إيجابياً على العراق.
إيجابيات وسلبيات
بناء على ما تقدم، فإن ثمة احتمالين للانعكاسات على العراق: الأول هو بمثابة سينايو إيجابي، والثاني سياريو سلبي:
السيناريو الإيجابي: إذا تم تشكيل حكومة معتدلة ومستقرة في سورية، قد يكون هذا فرصة لتعزيز العلاقات العراقية السورية، ما يمكن أن يساعد في تعزيز الأمن والتنمية في البلدين.
السيناريو السلبي: إذا أدى سقوط الأسد إلى فوضى شاملة أو صراع بين الفصائل المتعددة في سورية، فمن المحتمل أن يؤثر ذلك سلباً على العراق عبر الحدود المشتركة، مع تصاعد موجات العنف والهجرة.