زيادة القوات الأميركية في الأردن تفرضه أجواء المنطقة

شكل الإعلان عن زيادة القوات الأميركية في الأردن حدثاً بارزاً على مستوى المنطقة، مما سلط الضوء على متانة التعاون العسكري والأمني بين عمّان وواشنطن في السنوات الأخيرة.

هذا الإعلان النادر، والذي ورد في تقرير صلاحيات الحرب الذي أبلغ بموجبه الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس عن عدد القوات الأميركية في الأردن، أثار تساؤلات عن طبيعة هذا التعاون وأسبابه وإمكانية استمراره في محيط متوتر تعاني من تداعياته المملكة، وخصوصاً مع التمدد الإيراني في المنطقة واقتراب المليشيات الإيرانية من حدودها والأزمة السورية وصولا ًإلى العدوان الإسرائيلي على غزة.

زيادة القوات 20%

أبلغ بايدن في تقرير “صلاحيات الحرب” الكونغرس في 7 حزيران/ يونيو بأن الولايات المتحدة نشرت 3813 جندياً في الأردن، أي بزيادة قدرها 20% تقريباً مقارنة بشهر كانون الأول/ ديسمبر الفائت ليصل مستوى القوات الأميركية في البلد إلى أعلى مستوى له منذ حرب الغزو الأميركي للعراق في سنة 2003.

ويقول مطلعون على تفاصيل ما جرى، لموقع “التقرير العربي” إن زيادة القوات الأميركية في الأردن جاء بعد هجوم بطائرة مسيرة نفذته “المقاومة الإسلامية في العراق” على قاعدة البرج 22 الأميركية الواقعة في منطقة الركبان بمديرية الرويشد، شمال شرقي الأردن قرب الحدود السورية، حيث قتل 3 جنود أميركيين وأصيب 34 اخرين، فيما ردت الولايات المتحدة بشن هجوم استهدف 85 هدفاً في سورية والعراق.

ويضيفون، كما أن التهديدات التي صدرت عن كتائب حزب الله في العراق بأنها جهزت أسلحة وقاذفات ضد الدروع وصواريخ تكتيكية لمقاتلين في الأردن، للمساهمة في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة وقطع الطريق البري الذي يصل الى إسرائيل، سبب اخر لزيادة عديد تلك القوات.

ويشيرون إلى أن قيام الأردن بالتصدي للهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل رداً على الغارة الإسرائيلية على السفارة الإيرانية في دمشق، وشائعات بأن الأردن سيكون هدفاً لطهران، أسهما في قرار زيادة القوات الأميركية.

تعاون أمني وثيق

تعتبر الأردن من أكثر الشركاء الأمنيين العرب موثوقية لدى واشنطن، إذ يشير مختصون إلى أن التعاون الأمني بين البلدين قوي، فضلاً عن أن الأردن لعب دوراً محورياً في السنوات الأخيرة في التحالف الدولي ضد “داعش”، من خلال مشاركته الفعالة بقصف مواقع التنظيم واستخدام طيران التحالف لقواعده العسكرية.

وبدورها، قدمت الولايات المتحدة مساعدات كبيرة للأردن، منها بناء مراقبة الحدود للملكة مع جيرانها وتوج التعاون الوثيق بين البلدين بتوقيع اتفاقية للتعاون الدفاعي.

 

اتفاقية التعاون الدفاعي

في شباط/ فبراير 2021 وقّعت الحكومة الأردنية والإدارة الأميركية اتفاقية للتعاون الدفاعي بين البلدين، الأمر الذي أثار حالة من الجدل برلمانياً وشعبياً في المملكة، وسط انتقادات وصفت الاتفاقية بانها تنتقص من السيادة الأردنية، وأنها أُقرت من دون الموافقة عليها في مجلس الامة.

وتتضمن بنود الاتفاقية السماح للطائرات والمركبات والسفن الأميركية بالدخول وحرية التنقل في الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية، والخروج منها بحرية تامّة من دون دفع الرسوم والضرائب وإبراز جوازات سفر أو تأشيرات لدخول وخروج الأفراد العسكريين والمدنيين المتعاقدين مع الجيش الأميركي من وإلى الأراضي الأردنية، وتوفير الأردن أماكن حصرية للقوات الأميركية تصل الى 15 موقعاً، ونصت الإتفاقية أيضاً على أنه لا يحق للقضاء أو الادّعاء العام الأردني التحقيق أو التعامل مع أيّة حالة وفاة تقع في المناطق المخصصة للقوات الأميركية، وأجازت استخدام طيف الراديو والاتصالات السلكية واللاسلكية من دون رقابة أردنية.

اعتبر البعض في الأردن أن هذه الاتفاقية تشكل خطراً على المملكة، وتستبيح بنودها السيادة الوطنية، وتتغول على السلطة القضائية والقضاء والتشريعية.

مصالح مشتركة

في المقابل يرى أخرون، أن التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والسلطات الأردنية يُحقق مصالح لكلا البلدين، فأميركياً:

– يؤمن وجود قواعد عسكرية أميركية في الأردن سيطرة واشنطن وسطوتها في المنطقة، إذ تحتفظ بوجود عسكري في المنطقة يصل الى أكثر من 60 ألف عسكري.

– الحفاظ على امن إسرائيل، ومواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

– منع إيران من مد شريان حيوي يصلها بالعراق وسورية وصولا الى لبنان، وحماية القواعد العسكرية الأميركية المتواجدة في سورية والعراق

– وضع المنطقة من العراق وسورية ولبنان تحت رقابة القيادة المركزية الأميركية.

– المحافظة على الأردن وحمايتها من التهديدات باعتبارها إحدى دول الاعتدال الموالية للغرب والتي ترتبط بأطول حدود برية مع إسرائيل.

وفيما يخص الأردن، يشير خبراء إلى أن المصلحة الأردنية تأتي من ان الوجود الأميركي سيكون:

– دعم استقرار المملكة في منطقة ملتهبة، وخصوصاً مع اقتراب الوجود الإيراني والميليشيا الموالية له على حدوده.

– المساعدة في حال حدوث اضطرابات اجتماعية داخلية ناجمة عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الجمة التي تعاني منها المملكة، وحالة الاحتقان الشعبي الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على غزة وغيرها.

– مكافحة عمليات التسلل وتهريب المخدرات من الأراضي السورية.

تعاون مستدام

يرى خبراء أن التعاون الأميركي الأردني العسكري والأمني سيستمر وفقاً للمصالح المتبادلة والكبيرة لكلا الجانبين، وخصوصاً مع قلقهما من توسع نفوذ طهران في المنطقة وتحذير العاهل الأردني منذ قرابة عقدين من الزمن من الهلال الشيعي، يضاف إلى ذلك تطورات الملف النووي لطهران وعلاقات الأخيرة مع واشنطن.

كذلك فإن الأردن وعلى الرغم من الأصوات الداخلية التي تنتقد التواجد الأميركي بحاجة ماسة لمساعدات واشنطن الاقتصادية والعسكرية والأمنية، في ظل الوضع تداعيات الوضع الأمني في المنطقة من جهة وضعف موارد المملكة الاقتصادية.

بدورها فإن الولايات المتحدة حريصة على إبقاء تواجدها في الأردن التي تعتبر أمن إسرائيل أولوية في سياستها الخارجية والمحافظة على نهج الاعتدال الذي تسلكه الأردن، مع الأخذ بالاعتبار حساسية تواجدها، وهذا ما تؤكده تعليمات البيت الأبيض لمسؤولي الاتصالات في وزارة الخارجية لجهة تجنب ذكر التنسيق العسكري مع الأردن.

فوائد لمعظم أطراف الصراع

إن قرار فتح المعابر الداخلية بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة السورية ونجاح تلك الخطوة قد يحمل في جعبته الكثير من الفوائد الاقتصادية للدول الاقليمية وأطراف الصراع المحلية، في الوقت الذي يعتبر قراراً سياسياً في المرتبة الأولى حيث يضمن تنفيذ الاتفاقيات والتفاهمات بين الدول الضامنة في الملف السوري بما يحقق مصالح تلك الدول وقد يكون بوابة لإيجاد حل سياسي شامل في سورية من منظور تلك الدول عبر منصة استانا التي ترعاها كل من روسيا وتركيا بالتوازي مع تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الخاص في سورية.