رسائل سياسية واقتصادية لزيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق

يرى مراقبون وباحثون سياسيون أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق في شهر أيار/ مايو 2023، بعد 13 عاماً من الصراع في سورية لم تأت عبثاً، فعلى الرغم من الدعم الإيراني المطلق للنظام السوري سياسياً وعسكرياً، إلا أن أي رئيس إيراني لم يزر دمشق مطلقاً خلال الأزمة، لتأتي زيارة رئيسي الآن بالتوازي مع التطبيع العربي مع دمشق، فاتحة على مصراعيها التساؤلات وحاملة في طياتها رسائل سياسية علانية وأهداف اقتصادية مخفية.

ويرى الباحث السياسي أحمد الخطيب أن زيارة رئيسي إلى دمشق أتت لإعلان انتصار إيران في سورية، وهذا ما عكسته تفاصيل الزيارة إن بترتيب الموالين لطهران في سورية، الترحيب الشعبي والزيارات إلى المراقد الدينية، أو عبر الاحتفالات التي واكبت الزيارة قبل لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد في قصر الشعب في دمشق.

رسائل سياسية

ويرى العقيد المنشق عن النظام السوري وعضو مؤتمر الرياض عبد الجبار العكيدي أن زيارة رئيسي حملت في طياتها ثلاث رسائل سياسية، وهي:

1 – أولى تلك الرسائل موجهة إلى رئيس النظام السوري في دمشق، تفيد بأن إيران، تلك الدولة الإقليمية العظمى، لم ينحصر دورها في الحفاظ على نظام الأسد من السقوط طيلة أكثر من عقد مضى فحسب، بل هي الوحيدة القادرة على إعادة تعويم حاكم دمشق وتسويقه من جديد، عربياً ودولياً. ولا شك في أن هذا التأكيد سيجعل من يد إيران أكثر تحكماً بقرارات بشار الأسد السياسية.

2 – ثاني تلك الرسائل موجهة إلى الدول العربية، ومؤداها بأنكم – أيها العرب – إن كنتم تشترطون على الأسد ابتعاده عن إيران لكي تعيدوه إليكم، فإيران هي من أعادتكم إليه صاغرين مرغمين، وربما أراد رئيسي القول للسعودية: لقد كان بشار الأسد ورقة ضغط تستخدمها الرياض مع طهران أما التهديد الحقيقي لأمن للمملكة العربية السعودية هم الحوثيون، وعندما تحلحلت هذه المسألة، كانت المصالحة مع الأسد، وبالتلي ليس صحيحاً ما يقال أن رغبتكم أو غيرتكم القومية هي التي دفعت بكم لاحتضان نظام دمشق من جديد بعد أن سعيتم للنيل منه وتعليق عضويته في جامعتكم العربية طيلة الفترة الماضية.

3 – ولعل ثالث الرسائل الإيرانية هي لإسرائيل، ومفادها أن الجغرافية السورية ستبقى مجالاً حيوياً لإيران التي تملك كامل الأحقية في استخدام المجال السوري لتهديد المصالح الأمنية الإسرائيلية، ووفقاً لذلك، إذا أرادت إسرائيل الحفاظ على أمنها واتقاء شر تهديدات إيران، فعلى تل أبيب الدفع باتجاه التفاهم مع إيران أولاً، كما عليها التوقف عن الضغط على أميركا والاتحاد الأوربي لعرقلة الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى بقيادة واشنطن.

أهداف اقتصادية

الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية عمار جلو، يرى أن زيارة رئيسي تحمل في طياتها أهدافاً اقتصادية، وهذا ما يترجمه جلبه معه وزير النفط جواد أوجي، ووزير الطرق والتنمية العمرانية مهرداد بذرباش، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عيسى زارع بور.

كذلك يرى جلو أن الزيارة تأتي في إطار استعداد إيران للدخول في مشاريع إعادة الإعمار؛ فطهران تراقب ما يجري من مداولات بخصوص الحل السياسي في سورية، لمعرفة مستوى دورها في مستقبل البلد، ويبدو أن طهران تريد أن تكون الرابح الأكبر من إعادة تأهيل النظام السوري.

بدوره يرى الباحث الاقتصادي السوري رضوان الدبس، أن الهدف الأبرز من زيارة رئيسي هو تثبيت وجود طهران الاقتصادي في سورية، وخصوصاً بعد سيطرتها المطلقة على الملفات السياسية والعسكرية.

ويضيف أن الهدف الثاني هو الانتهاء من ملف الديون المالية الإيرانية المتراكمة على النظام السوري، والتي تبحث في الاجتماعات التي تعقدها اللجنة الاقتصادية السورية – الإيرانية في دمشق.