دينار العراق ينهار على خطى عملات "محور المقاومة"

باغت الدولار الأميركي بضربات سريعة الدينار العراقي الذي هوى إلى مستويات قياسية لم يشهدها منذ سنوات طويلة، ليضع الاقتصاد العراقي في مهب الريح.

وقد أثار انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار الذعر في أوساط العراقيين ولاسيما الموظفين والمتقاعدين الذين ستنخفض مداخيلهم وتتاثر أوضاعهم المعيشية في ظل غياب إجراءات حكومية تحد من تهاوي العملة العراقية .

استثمار سياسي للأزمة

ويعاني الدينار العراقي من التذبذب إذ بدأت منافذ بيع الدولار وشركات الصرافببيع كل 100 دولار بـ 155 ألف دينار عراقي بعدما كان سعره قبل نحو شهر 146 الف دينار لكل 100 دولار في إثر قرار البنك المركزي العراقي في كانون الأول / ديسمبر 2020 تعديل سعر صرف الدولار الأميركي لتكون كل 145 ألف دينار مقابل 100 دولار، وفقاً للموازنة العامة للدولة لسنة 2021، والتي اقرها مجلس النواب العراقي، وهو قرار أدى لاحقاً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع إلى مستويات أعلى مما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي أدى إلى تذمر شعبي كبير.

ومع أن الإطار التنسيقي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وضع على سلم أولويات برنامجه الانتخابي إعادة سعر صرف الدولار إلى 120 الف دينار لكل 100 دولار،  ومارس التحشيد الإعلامي والسياسي في مهاجمة حكومة مصطفى الكاظمي واتهامها بزيادة معاناة الناس، إلا أن سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي ارتفع، بعد تولي الإطار التنسيقي السلطة، الأمر الذي فاقم معاناة العراقيين.

وهروباً من تحمل المسؤولية، وجه نواب نافذون في الإطار التنسيقي سهام الاتهام إلى محافظ البنك المركزي العراقي المحسوب على التيار الصدري، في ظل الخلافات السياسية بين القوى الشيعية الكبرى على المنصب ورغبة أطراف منافسة بالحصول عليه، تحت ذريعة فشله في ملف بيع العملة وصعود سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي.

على خطى اقتصاديات محور المقاومة

ويبدو تحليق سعر صرف الدولار الأميركي مرتبطاً مع ما يجري في إيران والدول الواقعة تحت تاثيرها، ولاسيما العراق وسورياة ولبنان، وجميعها تشهد انهيارات في قيمة عملاتها.

وتمارس هذه الدول، برعاية إيران وإدارتها، عمليات غسيل الأموال والتحايل وممارسة النشاطات المالية خارج الضوابط القانونية المعروفة، الأمر الذي يجعلها تقترب من الوصول إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي في ظل تدهور قيمة العملة المحلية، والذي يقابله ارتفاع سعر العملة الصعبة.

أسباب الانهيار

يُعيد محللون اقتصاديون استمرار صعود الدولار إلى جملة أسباب، منها:

  1. عدم قدرة الدولة على ضبط المعروض الدولاري أو بسبب السياسة النقدية فيلجأون إلى حلول غير مؤثرة تزيد الوضع سوءاً.
  2. وجود مؤشرات على أن قراراً سياسياً يقف خلف التعامل الجديد للبنك الفيدرالي الأميركي، يهدف إلى مراقبة سوق المال العراقي، وقد ترك أثراً ملحوظاً في سوق العملات العراقية.
  3. تعليق العمل مع عدد من المصارف العراقية من قبل الولايات المتحدة واحتمال تعرضها لعقوبات أميركية لانتهاكها العقوبات المفروضة على إيران.
  4. ضعف دعم الرصيد المخزون من الدولار وعدم قدرة الدولة على ضبط سياستها وصماماتها المالية.
  5. الخلافات السياسية بين القوى الشيعية الكبرى على منصب محافظ البنك المركزي العراقي المحسوب على التيار الصدري ورغبة أطراف منافسة بالحصول على المنصب.

وتعد هذه الأسباب وغيرها من أهم العوامل المؤثرة على سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهو أمر قد يؤدي، في حال عدم التوصل الى حلول سريعة، إلى زيادة اكبر في قيمة الدولار في الفترة المقبلة، وسوف يؤدي ذلك إلى انهيار دخول العراقيين وحصول ركود اقتصادي.

الحلول

يرى خبراء أن الوضع الاقتصادي الحالي المائل إلى مزيد من الانهيارات، يتطلب عدد من الاجراءات السريعة.

ومن أبرز الاجراءات التي يمكن ان تسهم بالسيطرة على وضع الاقتصاد العراقي واسعار الدولار، الخطوات التالية:

  1. الحد من تدفق الأموال التي توظف لتنفيذ أجندات الفصائل المسلحة وتغذية الصراعات الداخلية والإقليمية.
  2. العمل على عدم توفير الفرصة لأي نشاط اقتصادي وتنموي يخرق العقوبات الاقتصادية على بعض الدول المجاورة.
  3. تحرير الاقتصاد العراقي من آثار الفساد المالي وسوء الإدارة.
  4. الرضوخ المؤقت لتجار العملة حتى تتمكن الدولة من ضربهم بقوة القانون وخصوصاً ان تجار العملة يمثلون الآن أصحاب القرار، وبالتالي يتطلب الأمر مراوغتهم موقتاً.
  5. تدقيق مصادر التمويل الخاصة بالتجارة مع الخارج ومقارنة ما يتم إخراجه من كتلة الدولار وقيمة المدخلات من بضائع وخدمات، لكشف حقيقة عمليات تهريب العملة إلى الخارج، والتي قد تشكل نحو 80% من الدولار الذي يخرج من العراق.
  6. إمكانية منح جزء من رواتب الموظفين بالدولار الأميركي.