خيارات المعارضة السورية في مواجهة التطبيع مع النظام السوري

في ظل التقارب العربي وإعادة التطبيع مع النظام السوري وعودة النظام لشغل مقعده في الجامعة العربية، وفي الوقت الذي تفاوض فيه تركيا (التي تحتضن شريحة واسعة من المعارضة السورية) النظام السوري لتطبيع العلاقات معه، باتت لزاماً على المعارضة السورية أن تتصرف، وسط خيارات محدودة.

تلك التطورات السياسية دفعت الائتلاف الوطني السوري المعارض إلى أصدار بيان وصف فيه تطبيع بعض الدول العربية مع النظام السوري بالتصرف الخاطيء، مؤكداً أن أي مساع لإعادة تدوير النظام تعد قبولاً بجرائمه، وأن الشعب السوري الذي قدم التضحيات خلال أكثر من عقد من الزمن لن يقبل أن يُفرض عليه النظام السوري مجدداً.

ويرى مراقبون ومحللون سياسيون سوريون أن المعارضة السورية أصبحت أمام خيارات محدودة لمواجهة إعادة تعويم النظام السوري على الساحتين العربية والإقليمية.

خيارات سياسية

وفي هذا السياق، يرى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض عبد المجيد بركات أن المعارضة السورية مازالت تمتلك الكثير من الملفات السياسية والقانونية لمواجهة عمليات التطبيع مع النظام السوري ومنها:

1 – رفض المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة والدول الأوروبية القبول بإعادة تأهيل النظام السوري سياسياً قبل شروعه بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2254 الذي يقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي ولإصلاحات سياسية واسعة على مستوى الرئاسة والدستور والحكومة، يكون الأسد خارجها. وهذا ما قد يرتطم به قطار التطبيع العربي مع النظام السوري، وخصوصاً أن تصريحات المسؤولين العرب أشارت في مجملها إلى ضرورة تنفيذ القرار 2254 وعدم الالتفاف عن القرارات الدولية.

2 – استمرار العمل السياسي والضغط على المجتمع الدولي لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2118 الذي يقضي بمحاسبة بشار الأسد ورموز نظامه على ارتكابهم المجازر الكيماوية بحق الشعب السوري وتقديمهم للمحاكمة الدولية.

ويؤكد بركات أن النظام السوري، وعلى الرغم من نجاحه في استقطاب الدول العربية لإعادة التطبيع معه وعودته إلى الجامعة العربية، إلا أنه لن يستطيع تقديم أي ضمانات بشأن أمنها القومي وملف اللاجئين السوريين، ولا سيما أن النظام السوري لا يمتلك القرار السياسي والسلطة الأمنية في مناطق سيطرته، والذين تتقاسمها إيران وروسيا، وهو ما قد يكون عائقاً إضافياً أمام التطبيع الكامل بين الدول العربية والنظام السوري.

أما بشأن التطبيع التركي مع النظام السوري، فيرى الباحث السياسي إبراهيم عيسى، أن هذه المسألة تختلف شكلاً ومضموناً عن التطبيع العربي مع النظام. فالتطبيع التركي مع النظام السوري لا يشكل بمضمونه خطراً على المعارضة السورية مثل التطبيع العربي، لأن تركيا تبحث عن ضمان أمنها القومي من خطر التنظيمات الكردية على حدودها الجنوبية، والتي تحظى بدعم أميركي ولن يستطيع النظام السوري تقديم أي ضمانات للجانب التركي في هذا المجال.

ومن جانبه، يطالب النظام السوري تركيا، في مقابل تطبيع العلاقات، أن تتوقف عن دعم المعارضة السورية التي ترعاها، بشقيها السياسي والعسكري، وانسحاب الجيش التركي من مواقعه العسكرية شمال غرب سورية، وهذان الشرطان يعتبران من الخطوط الحمراء التركية قبل ضمان أمنها القومي ومشاركة المعارضة السورية التي ترعاها في أي عملية سياسية قادمة تضمن شراكته في شكل الحكم القادم في سورية.

ويشير عيسى إلى أن المباحثات السياسية بين تركيا والنظام السوري قد تستمر لفترة طويلة من الزمن، وقد لا تصل إلى حد التطبيع الكامل قبل الوصول إلى حل سياسي شامل للقضية السورية بتوافق دولي، وهذا لا يمثل خطراً مُحدقاً على المعارضة السورية في المدى المنظور.

المعارضة السورية ومواجهة التطبيع

وعن كيف يمكن للمعارضة السورية أن تواجه التطبيع مع النظام، يرى الكاتب والباحث السياسي السوري أحمد خطيب في حديث لـ “موقع التقرير العربي”، أن المعارضة تحتاج إلى عدة إصلاحات واسعة في الشقين السياسي والعسكري لمواجهة التطبيع مع النظام السوري ومنها:

1 – إصلاح المؤسسة السياسية المعارضة عبر إعادة هيكلة الائتلاف السوري المعارض وتوسيعه ليشمل مشاركة منصات سورية معارضة أخرى من مختلف التوجهات السياسية في إدارة الائتلاف.

2 – توحيد عمل المؤسسات السورية في حكومات المعارضة والفصائل العسكرية تحت مظلة حكومة واحدة وسياسة واحدة.

3 – تعزيز التواصل السياسي مع الدول العربية والغربية وفتح قنوات الحوار مع القوى السياسية السورية بمختلف أشكالها وتوجهاتها.

ويختم الخطيب محذراً من أن المعارضة السورية أصبحت اليوم أمام خطر محدق قد يؤدي إلى فقدانها شرعيتها في مواجهة النظام السوري ما لم تشرع في تطبيق الإصلاحات السياسية على المستوى الداخلي وتعزيز التواصل السياسي مع الدول العربية والإقليمية التي تشرع بالتطبيع مع النظام في دمشق.