حضور بارزاني في منتدى طهران تعزيز لدور كوردي إقليمي
تأتي زيارة رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، إلى طهران بعد زيارة رسمية لبغداد، في سياق ديناميكية إقليمية معقدة تتداخل فيها المصالح الإقليمية والدولية وتنعكس فيها التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العراق ككل وإقليم كردستان بشكل خاص.
وتعد الزيارة امتداداً لنهج بارزاني في الحفاظ على توازن دقيق في العلاقات بين الأطراف المؤثرة في الملف العراقي، وخصوصاً أن مشاركته في منتدى حوار طهران الذي ينظمه مركز الدراسات السياسية والدولية في وزارة الخارجية الإيرانية بمشاركة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان كان فرصة مهمة لإطلاق رسائل إيجابية بشأن العلاقة مع طهران من جهة والتعاطي الموضوعي مع ملفات الشرق الاوسط من جهة أخرى.
سعي لفعل إقليمي مستقل
وحملت مشاركة بارزاني في”منتدى طهران للحوار”، بحضور وفود من 53 دولة، إشارات عن سعي إقليم كردستان العراق للظهور كفاعل إقليمي مستقل في إطار الدستور العراقي، له رؤيته في تعزيز الحوار الإقليمي على الرغم من العتب الكردي الذي عبر عنه بارزاتي في المنتدى على بغداد وكونها “بعيدة جداً عن الفيدرالية” مما يتطلب تحديد “نموذج للإدارة يرضي الجميع في العراق. وأنهم ( الحكومة العراقية) إذا أرادوا تطبيق الدستور سيتمكن العراق من حل معظم المشاكل الحالية بين إقليم كوردستان وبغداد وما على العراق أن يفعله من أجل الاستقرار السياسي، هو حل مسألة الفيدرالية مع كوردستان بنسبة 100٪.”
وتاتي زيارة بارزاني بعد سلسلة زيارات سابقة لطهران في سنة 2024، ما يعكس عمق العلاقات بين إقليم كردستان وإيران مع السعي لعقد سلسلة من اللقاءات المرتقبة مع المسؤولين الإيرانيين الكبار تهدف إلى توطيد هذه العلاقة وضمان استمرار الدعم الإيراني للاستقرار في الإقليم خاصة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية بين أربيل وبغداد.
ترسيخ دور إقليمي
ويعمل بارزاني بجد لترسيخ الاعتراف الإقليمي والدولي بوضع إقليم كردستان كفاعل شرعي ومهم، على الرغم من الإشكالات العالقة مع الحكومة الاتحادية في بغداد بشأن النفط والموازنة، فدعوته للمشاركة في منتدى دولي تنظمه الخارجية الإيرانية، إلى جانب وزير الخارجية العراقي، تعكس احتراماً إيرانياً بدور بارزاني في ملفات تتجاوز الشأن الكردي أو المحلي العراقي ولاسيما دوره في معالجة ملف حزب العمال الكردستاني التركي الذي اعلن عن حل نفسه.
وحملت زيارة بارزاني في طياتها مناقشات عن الوضع الأمني على الحدود بين كردستان وإيران، في ظل استمرار التوتر بين إيران وبعض الجماعات الكردية المعارضة التي تتخذ من مناطق في كردستان العراق مقراً لها
فقد اكدت اربيل لطهران التزاماتها بعدم السماح باستخدام أراضيها لتهديد أمن إيران واختار بارزاني منتدى طهران ليطمئن الايرانيون بان “اقليم كوردستان لن يكون مصدر خطر للجيران خاصة لايران” مشيرا ان اجتماعاته بطهران قطعت”شوطا جيدا بالمجال الأمني حتى الآن ونؤكد أن أراضي إقليم كوردستان لم تكن مصدر خطر لجمهورية إيران الإسلامية ولن تكون.”
وتتزامن الزيارة مع مرور عام على وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ما يمنحها بعدا رمزيا يعكس نوعا من الاستمرارية في العلاقات السياسية والشخصية بين القيادة الكردية والقيادة الإيرانية وتعزيز موقع الإقليم كفاعل سياسي اقليمي يحظى باحترام اللاعبين الدوليين والإقليميين الى جانب كونها تظهر الدور البراغماتي الذي يلعبه بارزاني في إدارة علاقات الإقليم ضمن معادلة معقدة تضم بغداد وطهران وواشنطن وأنقرة وفي ظل التجاذبات الإقليمية وتقديم كردستان بوصفها نموذجا للاستقرار والانفتاح والقدرة على المساهمة بجهود التهدئة والحوار في المنطقة.