حراك رئاسي في لبنان ومخاوف من توتر جبهة الجنوب

شهد لبنان خلال في الفترة الاخيرة تطورات مهمة على الصعد السياسية والامنية والمالية والاقتصادية وكلها تحمل إشارات ورسائل إلى الداخل والخارج وتؤكد أن الوضع اللبناني ليس على ما يرام، وان الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم التجاوب مع الدعوات إلى الحوار الوطني سيضع البلاد أمام المزيد من الأزمات والتوترات غير المحسوبة.

أبرز التطورات

يمكن استعراض اهم التطورات السياسية والامنية والمالية والاجتماعية والاقتصادية، منذ انتهاء جلسة الرابع عشر من حزيران/ يونيو حتى منتصف شهر تموز/ يوليو، على النحو التالي:

1 ـ فشل انتخاب الرئيس:

بعد فشل جلسة 14 حزيران/ يونيو الانتخابية انقسم البلد الى جبهتين متوازنتين، وتأكد عدم قدرة أي فريق لبناني على حسم المعركة الرئاسية لوحده، وكذلك الحاجة إلى تدخل خارجي أو العودة الى الحوار الداخلي، وجاءت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الاستطلاعية لتؤكد هذا الواقع الصعب، ولهذا عاد للتواصل مع الدول المؤثرة في لبنان من خلال زيارة السعودية ثم قطر حيث شارك في لقاء الدول الخمسة المعنية بلبنان (مصر والسعودية وقطر والولايات المتحدة وفرنسا)، على أمل أن يشكل ذلك مدخلاً للوصول إلى رؤية مشتركة ليعود بعدها الى لبنان.

2 ـ عودة العلاقات بين أفرقاء

على الصعيد الداخلي وفي ظل استمرار رفض بعض الافرقاء الجلوس على طاولة حوار وطنية، بدأنا نشهد حراكاً سياسياً داخلياً: الأول هو عودة الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر والاتفاق على البحث مجدداً في ملف الانتخابات الرئاسية، من دون شروط مسبقة وعدم استبعاد اي خيار، ومن ضمن ذلك خيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عودة الحرارة للعلاقة بين حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، بعد انتخاب النائب تيمور جنبلاط رئيساً للحزب والتوافق بينهما على العودة للحوار، وفي الوقت نفسه تنشط البطريركية المارونية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ودار الفتوى ومشيخة الموحدين الدروز ومرجعيات دينية أخرى لدعم الحوار الداخلي، وقد يشكل ذلك محاولة من اجل التوصل لدعم الحوار الوطني.

3 ـ توترات أمنية:

تصاعد التوترات الأمنية على جبهة الجنوب اللبناني في ظل محاولة إسرائيل تغيير الأوضاع الميدانية على الحدود، ومواجهة الجيش اللبناني والأهالي والمقاومة لهذه المحاولات، الأمر الذي يجعل جبهة الجنوب مفتوحة على كل الاحتمالات، وعلى الصعيد الداخلي يشهد البلد توترات أمنية مناطقية وذات بعد مجتمعي وهناك مخاوف من زيادة المخاطر الأمنية في المرحلة المقبلة.

4 ـ ملف اللاجئين

على صعيد ملف اللاجئين السوريين، شكّل قرار البرلمان الاوروبي مواصلة دعم اللاجئين السوريين في لبنان وعدم دعم عودتهم إلى بلدهم تطوراً خطيراً في هذا الملف، في ظل استمرار الجهات والمؤسسات الدولية برفض دعم لبنان لعودة هؤلاء الى بلدهم، وقد أدى ذلك لردود فعل كثيرة من مختلف المسؤولين والقوى السياسية والحزبية والمرجعيات الدينية في لبنان، لكن على الرغم من كل أصوات الرفض والتنديد بهذا القرار، فإن عدم وجود خطة عمل لبنانية لإعادة اللاجئين أو إعادة تنظيم وجودهم في لبنان وعدم الحوار الجدي مع الحكومة السورية بشأن عودتهم، كل ذلك يشير إلى خطورة هذا الملف الذي سيحمل مخاطر جديدة على لبنان مستقبلاً .

5 ـ الملف المالي والاقتصادي

التطور الهام جاء من نواب حاكم مصرف لبنان من خلال التهديد بالاستقالة في حال عدم تعيين حاكم جديد او عدم اعطائهم صلاحيات واسعة لادارة الملف المالي والاقتصادي بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة في اخر شهر تموز ، وقد شهدنا ايضا مخاوف على الوضع المالي وعودة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية رغم موسم الصيف الناجح وقدوم مئات الاف المغتربين والسواح الى لبنان وضخ كميات كبيرة من العملات الاجنبية في الاسواق، لكن يبدو ان الوضع المالي والاقتصادي سيكون امام تحديات كبيرة في الفترة المقبلة.

تحديات كبيرة

في خلاصة كل هذه التطورات فإن لبنان سيكون أمام تطورات مهمة سياسية ومالية وأمنية واقتصادية في الفترة المقبلة، واذا لم يظثحقق الحراك الفرنسي أي نجاح، وفي حال فشل الحوار الداخلي، فسيكون البلد أمام تحديات كثير داخلية وخارجية، وسيكون الوضع اللبناني “على كف عفريت” كما يقال باللهجة العامية، فهل يتلقى المسؤولون اللبنانيون هذه الرسالة ام يستمرون بدفن رؤوسهم في التراب؟