تحديات وفرص الأردن بعد سقوط نظام الأسد في سوريا
شكلت العمليات العسكرية المتسارعة في شمال سورية، والتي أطلقتها “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وفي جنوب البلد من قبل فصائل محلية، والتي نجم عنها سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، حدثاً بارزاً له تداعيات كبيرة على الأمن القومي في الأردن.
سقوط النظام السوري على يد فصائل معارضة على رأسها “هيئة تحرير الشام”، يثير قلقا بالغا في المملكة الأردنية بشأن المخاطر والتحديات التي ستنجم عن الوضع الجديد في سورية وانعكاساته على الداخل الأردني، وما إذا كان ثمة فرص محتملة قد يستفيد منها الأردن لمعالجة الملفات الشائكة بين البلدين فيما يخص اللاجئين والمخدرات.
هاجس الأمن والاستقرار
الموقف الأردني من التطورات التي شهدتها سورية منذ بدء العمليات الأخيرة وحتى بعد سقوط النظام شدد على أمن واستقرار سورية.
وشددت الحكومة، في بيان لها في 8 كانون الأول/ ديسمبر عقب سقوط النظام، على الحفاظ على أمن واستقرار سورية، مشيرة إلى أنها تتابع الأوضاع المتسارعة في سورية والتقارير المتعلقة بالرئيس السوري، ويجري العمل على تعزيز حالة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وسبق الإعلان الرسمي الأردني ترأس الملك عبد الله الثاني السبت 7 كانون الأول/ ديسمبر وقبيل ساعات من انهيار النظام، اجتماعاً لمجلس الامن القومي الأردني، تم التطرق فيه إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها القوات المسلحة الأردنية للحفاظ على الأمن الوطني وأمن الحدود، وإلى الخطوات الضرورية التي تقوم بها لضمان حماية وتأمين الحدود الشمالية.
ملفات شائكة
التطورات السورية الأخيرة جاءت مع وجود تحديات أمنية واقتصادية كبيرة للملكة بسبب الأزمة المستمرة منذ 14 عاماً، والتي أسفرت عن نزوح أكثر من 1,4 مليون سوري إلى المملكة، فضلاً عن بدء عمليات مكثفة لتهريب المخدرات وصفت بانها تشكل “جريمة منظمة” تستهدف أمن المملكة.
وعملت عمَان منذ سنة 2020 على التقارب مع دمشق بغية إعادة الأخيرة إلى الحضن العربي وفق مبادرة طرحتها لحل الازمة السياسية في البلاد اعتمدتها الدول العربية، وإيجاد حلول للملفات الشائكة الناجمة عن الأزمة.
إلا أن تعنت النظام السوري السابق في التجاوب مع المبادرات السياسية لحل الازمة ومنها المبادرة العربية فاقم المشكلات التي تعاني منها الأردن.
قلق أردني
ثمّة قلق رسمي أردني من التطورات الأخيرة في سورية مع تزعم “هيئة تحرير الشام” الفصائل المعارضة، والتي تعتبرها عمّان مصدر تهديد للأمن الوطني الأردني، وبالتالي يشعر الأردن بقلق شديد من تقدم الهيئة وتوسيع نطاق السيطرة والنفوذ لها، وخصوصاً أن هذا التنظيم كان الحاضن في فترة معينة لقيادات جهادية أردنية عديدة انضمت إليها.
كما أن وجود التنظيم في مواقع قيادية في سورية سيكون له منعكسات على الساحة الأردنية، إذ إن المملكة لا تشعر بالارتياح من أي فصيل مرتبط بالإسلام السياسي، وهذا من شأنه أن ينعكس على الداخل الأردني، ولاسيما مع فوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وقد يشكل سقوط النظام والتطورات في الجنوب تهديداً أمنياً لفترة من الزمن مع وجود شبكات منظمة لتهريب المخدرات والسلاح الى المملكة.
وكانت المنطقة الحدودية بين الأردن وسورية قد شهدت عمليات تهريب للمخدرات والسلاح مما شكل تحديا امنيا كبيرا وانتشارا للجيش الأردني على الحدود للتعامل مع هذا التهديد.
تحويل التحديات إلى فرص
على الرغم من القلق الأردني من التطورات في سورية إلا أنه من الممكن تحويل التحديات إلى فرص. بعض المحللين يرى أن “هيئة تحرير الشام” غيرت من خطابها السياسي والايديولوجي، وأعلنت انفصالها عن القاعدة، فضلاً عن أن قادتها في الآونة الأخيرة سوريون وليسوا أردنيين معارضين كما كان عليه الأمر سابقاً.
الفترة المقبلة وطريقة تعامل الهيئة في المرحلة الانتقالية في سورية، والنظرة الدولية الجديدة لها، قد تجعل المرونة في تعامل الحكومة الاردنية مع هذا التنظيم أمراً لا بد منه في حال اقتضت المصلحة ذلك. كما أنه من الممكن في الفترة المقبلة التوصل إلى حل لجملة من المشكلات التي يعاني منها الأردن، وخصوصاً موضوع عودة اللاجئين إلى مناطقهم بعد انهيار النظام، والعمل على وقف عمليات تهريب المخدرات والسلاح ذات التأثير المباشر على أمن المملكة ودول الخليج.