تحديات وفرص أمام الأحزاب الناشئة في الأردن

ترافقت الإصلاحات السياسية التي اقرتها الحكومة الأردنية منذ عامين إلى ظهور العديد من الأحزاب الناشئة، في ظاهرة وصفت بـ “الطبيعية” في وقت تضمنت تلك الإصلاحات تخصيص نحو ثلث مقاعد مجلس النواب القادم للأحزاب.

تضخم الأحزاب الناشئة أثار العديد من التساؤلات حول دورها المستقبلي على ساحة المملكة، وما هي التحديات التي تواجهها، والفرص التي يمكن أن تستفيد منها، في وقت يصف الكثيرون الحالة الحزبية السابقة بــ “الفشل”.

24 حزباً ناشئاً

تشكل في السنتين الماضيتين 24 حزباً سياسياً جديداً بعد صدور قرارات الإصلاح السياسي في المملكة، وهو تطور يذكر بفترة التسعينيات بعد صدور قانون الأحزاب حين ظهرت موجة من الأحزاب قامت النخب السياسية بتشكيلها.

لكن التجربة الحالية تختلف عن التجربة السابقة التي تعثرت بسبب اعتماد الانتخابات على قانون الصوت الواحد مما أدى الى تكريس العشائرية على حساب الأحزاب السياسية في الوصول إلى البرلمان. وستكون الأحزاب الجديدة أمام أول امتحان حقيقي لها في الانتخابات البرلمانية في 10 أيلول/ سبتمبر المقبل. وبالتالي، فإن السؤال هو: هل ستستطيع من الحصول على مقاعد في مجلس النواب”.

فلأحزاب الناشئة يصفها البعض بـ “الخدمية”، وأن ذلك يظهر من خلال وثائق تأسيسها، ومعظمها يُعلن الحرب على الفسادن ويدعو إصلاح التعليم وبناء اقتصاد متين وتعزيز المواطنة، من دون أن يكون لتلك الأحزاب أي بعد فكري، خلافاً للأحزاب الإسلامية والقومية واليسارية التي تمتلك أيديولوجيا، تتشارك بها مع أطراف وأحزاب وقوى خارجية، تملك فكراً مماثلاً.

تحديات وفرص

تواجه الأحزاب الناشئة في المملكة تحديات كبيرة تتلق بالمنافسة مع الأحزاب القديمة التي اثبتت وجودها على الساحة، وموضوع التمويل، يضاف إلى ذلك قدرة هذه الأحزاب على تسويق نفسها لدى الشارع الأردني الذي لا يثق بالأحزاب.

وأول تحدي سيواجه الأحزاب الناشئة هو منافسة الأحزاب العريقة التي لها تاريخ في العمل السياسي مثل “جبهة العمل الإسلامي” الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين وقدرة هذه الأحزاب على التغلغل في الأوساط الشعبية، وقدرتها على كسب دعم الناخبين.

ومن التحديات التي تواجه الأحزاب الناشئة: التمويل اللازم لتنظيم الحملات وتمويل البرامج حيث تعاني هذه الأحزاب صعوبة في جذب التمويل، بينما تمتلك الأحزاب التقليدية مصادر تمويلية قوية.

كما أن أهم تحدي تواجهه الأحزاب الناشئة هي القدرة على تسويق نفسها لدى الشارع الأردني، وخصوصاً أن التجربة الحزبية أظهرت نقصاً حاداً في مستويات الثقة العامة جراء فشل تلك الأحزاب في تحقيق وعودها وتمثيل مصالح المواطنين، وهذا ما يفسر تراجع تمثيل الأحزاب في اخر انتخابات برلمانية في 2020.

ولم تحصل الأحزاب الأردنية سوى على 12 مقعداً من إجمالي 130، تقاسمتها 4 أحزاب من إجمالي 47 شاركت في الانتخابات وفي آخر انتخابات نيابية في 2020، وهو تراجع كبير مقارنة بانتخابات 2016 التي فاز فيها 11 حزباً بـ 34 نائباً، بينما حصد المستقلون (المكون العشائري) بقية المقاعد.

وعلى الرغم من التحديات الجمة التي تواجهها الأحزاب الناشئة، فإن تلك الأحزاب قادرة على تحويل تلك التحديات إلى فرص باعتبارها أحزاباً دخلت معترك الحياة السياسية حديثاً، وذلك من خلال تقديم برامج سياسية جديدة تلبي طموحات الشارع وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الموجودة، وطرح رؤية لمعالجة هذه القضايا وهذا الامر سيكسبهم دعما واسعا.

كما أن الأحزاب الجديدة الناشئة قد تتمكن من اقناع الشباب للانضمام اليها خاصة وان تلك الفئة المهمة لازالت تعزف عن المشاركة في الحياة الحزبية الأردنية جراء فقدان الثقة بالعمل الحزبي من جهة والتضييق الأمني من جهة أخرى.

و يمكن للأحزاب الناشئة من توظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بفعالية في التواصل مع الجمهور وإشراكه في النقاشات العامة بغية تطوير برامج تعتمد على رأي الجمهور ومشاكله، والتركيز على قضايا تهم كل الشارع مثل محاربة الفساد ومحاولة طرح حلول لمعالجة المشاكل الاقتصادية والبطالة وغيرها.

اختبار للأحزاب الناشئة

الانتخابات البرلمانية المقبلة في المملكة تُعد من أهم الاختبارات على الإجراءات الإصلاحية التي تم إقرارها بما فيها قانوني الانتخابات والأحزاب من جهة، وتأثير الأحزاب الناشئة على الساحة السياسية من جهة ثانية.

فالأحزاب الناشئة وتضخمها في الآونة الأخيرة أمر طبيعي وصحي، وهذا يفرض عليها أن تبذل جهوداً كبيرة على الأرض وإقامة قواعد شعبية فاعلة تمكنها من تحقيق نتائج ملموسة في الانتخابات البرلمانية ضمن الحصة التي حددها القانون بـ 41 من أصل 138 مقعداً في مجلس النواب، علماً أن عدم وصول تلك الأحزاب الى البرلمان قد يؤدي إلى غيابها مستقبلاً.

أما إذا نجحت الأحزاب الناشئة في التعبير عن مصالح المواطنين وتلبية احتياجاتهم من خلال تقديم مشاريع قوانين وتشريعات، فإن ذلك سيعيد بناء جسور الثقة بين المواطنين والأحزاب، ويؤدي إلى تحقيق التغيير، وبالتالي تشجيع المواطنين على المشاركة في العملية السياسية ويزيد من نسب الإقبال على الانتخابات القادمة والانخراط في الحياة الحزبية، فهذه الأحزاب قد تلجأ إلى تشكيل تحالفات سياسية لتعزيز فرص نجاحها في الانتخابات.

إن تحقيق النجاح للأحزاب السياسية الناشئة في الانتخابات يعتبر تحدياً كبيراً جدا واختبارا للعملية السياسية برمتها، في وقت لا يزال هناك جدلا واسعا حول نجاعة الإجراءات الإصلاحية، وتوقيتها والهدف منها، وهل تلك الإصلاحات تتناسب مع طريقة صنع القرار في المملكة والتي تتجمع كل خيوطها بيد الملك.