تحديات العهد الجديد في لبنان
شكل انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية وتكليف الدكتور نواف سلام لتشكيل الحكومة الجديدة مؤشراً مهماً لدخول لبنان مرحلة جديدة بدعم دولي وإقليمي، وكانت التوقعات أن يتم تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت بالتزامن مع تنفيذ إسرائيل التزاماتها إزاء اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، ولكن التطورات السياسية والميدانية خالفت التوقعات فواجه الرئيس المكلف صعوبات أخرت تشكيل الحكومة، كما أن إسرائيل أعلنت عدم تنفيذ الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، الأمر الذي يضع العهد الجديد أمام صعوبات وتحديات كثيرة تضعف الاندفاعة القوية له.
فما هي أبرز التحديات والصعوبات التي يواجهها العهد الجديد وخصوصاً إزاء تأخر تشكيل الحكومة ومتابعة تداعيات عدم الانسحاب الإسرائيلي من لبنان؟:
مفاجأة تكليف سلام
شكّل تكليف الدكتور نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة مفاجأة كبيرة للعديد من الأوساط الداخلية، بعدما كانت التوقعات تشير إلى عودة الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة بعد انتخاب الرئيس العماد جوزيف عون، لكن يبدو أن تغيراً محدداً حصل قبل 24 ساعة من موعد الاستشارات بشأن اسم رئيس الحكومة المكلف، أدى إلى تغير المعطيات وتراجع المعارضة عن دعم النائب فؤاد مخزومي وانسحاب النائب ابراهيم منيمنة من السباق، وتغير مواقف العديد من الكتل النيابية، الأمر الذي فاجأ ثنائي حركة أمل وحزب الله اللذان تحدثا عن حصول انقلاب على التفاهم الداخلي، وتخوفا من حصول تسويات مستقبلية على حساب دور القوى الشيعية اللبنانية.
أبرز التحديات
شكلت جميع هذه التطورات تحديات حقيقية سيواجهها لبنان على الصعيدين الرئاسي والحكومي، قد يكون أبرزها التالي:
أولاً: معالجة الإشكالات الناتجة عن تأخر، أو عدم تشكيل الحكومة، وخصوصاً محاولة البعض حصر المشكلة بثنائي أمل وحزب الله والحرص على التعاطي الإيجابي مع الواقع الشيعي اللبناني كي لا تتحول هذه المشكلة إلى أزمة سياسية وداخلية وميثاقية.
ثانياً: إطلاق ورشة إعادة الإعمار في المناطق اللبنانية التي تضررت جراء العدوان الإسرائيلي، وخصوصاً المناطق الجنوبية الحدودية، لأن ذلك يطلق إشارات ايجابية للمواطنين اللبنانيين بشأن دور الحكومة الجديدة والعهد الجديد.
ثالثاً: اعتماد الكفاءة في التعيينات المقبلة بهف إعادة الثقة بدور الدولة والمؤسسات العامة ومعالجة مشاكل القطاع العام على كافة الصعد.
رابعا: تحقيق مشروع استقلالية القضاء وتطبيقه بشكل كامل، لأن استقلالية القضاء هي المدخل الصحيح لقيام دولة القانون والعدالة.
خامساً: استكمال الخطوات التشريعية والتنفيذية للاصلاح المالي والاقتصادي واستعادة أموال المودعين وهيكلة المصارف.
سادساً: إطلاق حوار وطني شامل يتناول استكمال تطبيق اتفاق الطائف وبحث الاستراتيجية الدفاعية.
سابعاً: إعادة الاعتبار لدور لبنان الفاعل على الصعد العربية والدولية والعمل كي يكون لبنان مركزاً للحوار العالمي وحل الأزمات، بدل أن يكون ساحة للصراعات والأزمات.
ثامناً: الحرص على حماية التنوع الداخلي وحماية الحريات وحقوق الإنسان ورفض خطاب الكراهية والسجالات والذهاب نحو بناء دولة المواطنة والدولة المدنية.
هذه بعض المهام والتحديات التي تنتظر العهد الجديد وبانتظار الحكومة الجديدة ومعالجة الثغرات التي برزت وفي ظل مواكبة تداعيات تاخر الانسحاب الإسرائيلي وما يمكن أن يحصل في الايام القادمة، وبالتالي لا بد من إطلاق خطاب جامع ووحدوي قادر على مواجهة التحديات في ظل الظروف القاسية التي يواجهها لبنان والمنطقة في هذه المرحلة.