خلفية عامّة

خضعت فلسطين بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى أمام الحلفاء إلى الانتداب (الاستعمار) البريطاني الذي سمح بهجرة واسعة لليهود إلى فلسطين. وكان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور أصدر في سنة 1917 وعداً وجهه عبر رسالة إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، يُعلمه فيها ما نصّه: "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر."

بلفور 1917 يؤسس لنكبة أعقبتها هزيمة

مثّل إعلان بلفور مفترقاً تاريخياً لفلسطين، إذ تصاعدت الهجرة اليهودية من أوروبا، وتضاعف عدد اليهود، وازدادت نسبتهم من 8,3% سنة 1919 إلى 31,5% في 15 أيار / مايو 1948، وبات اليهود يسيطرون على قرابة 77% من مساحة فلسطين التاريخية حيث أقيمت دولة إسرائيل فوقها، خلافاً لقرار التقسيم (181) لسنة 1947، الذي أعطى الدولة اليهودية المقترحة 57,7% من مساحة فلسطين، والدولة العربية 42,3%، وجرى طرد قرابة 750,000 فلسطين من مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى دول الجوار، وضُمت الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى المملكة الأردنية الهاشمية التي أخذت هذا الإسم بعد استقلالها، وقد كانت تسمى حتى سنة 1946 إمارة شرق الأردن، بينما وضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية.

بقي الوضع على هذه الحال حتى 5 حزيران / يونيو 1967، حين انهزمت الجيوش العربية أمام الجيش الإسرائيلي، واحتُلت الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وباتت كل فلسطين الانتدابية تحت الحكم الإسرائيلي، وحدثت موجة لجوء ثانية، خصوصاً نحو الأردن ومصر. وفي27 حزيران / يونيو 1967، أقر الكنيست مشروعاً رفعته الحكومة الإسرائيلية قضى بضم القدس الشرقية و30 تموز / يوليو1980 أقر الكنيست قانوناً اسمته "قانون أساس: أورشليم القدس عاصمة إسرائيل"، باعتبارها بجزئيها الغربي والشرقي العاصمة الموحدة لإسرائيل.

بندقية وقرار مستقل ثم حكم ذاتي

خاض الفلسطينيون منذ سنة 1965 نضالاً مسلحاً بهدف العودة إلى بلدهم، وقد بادرت حركة "فتح" بذلك، ونفذت أول عملية في 1 كانون الثاني / يناير 1965، وتصاعد العمل العسكري الفلسطيني بعد حرب 5 حزيران / يونيو 1967، واتسع التأييد الشعبي العربي للفلسطينيين، وشارك آلاف العرب من مختلف البلدان في النضال المسلح الذي انتشر أولاً في الأردن، وتمكنت الفصائل الفلسطينية من السيطرة عملياً على المملكة الأردنية، لكن اعتباراً من أيلول / سبتمبر 1970 دارت مناوشات عنيفة بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينييين، قبل أن يشن الجيش الأردني هجمات حاسمة على قواعد الفدائيين الفلسطينيين ويحسم المعركة في 17 تموز / يوليو 1971، مع استسلام آخر قواعد الفدائيين.
عملت الفصائل الفلسطينية سرّاً انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، قبل أن تصطدم مع الجيش اللبناني في سنة 1968، ثم في 1969، واصطف إلى جانبها الأحزاب اليسارية خصوصاً، والطوائف الإسلامية عموماً، فضلاً عن اصطفاف معظم الدول العربية، وخصوصاً مصر التي كان يحكمها جمال عبد الناصر، ليتم التوصل إلى ما عُرف باتفاق القاهرة في 3 تشرين الثاني / نوفمبر/١٩٦٩، والذي سمح للفلسطينيين بالعمل العسكري، والتواجد السياسي المباشر، فضلاً عن الاستقلال الذاتي للمخيمات الذي فُرض كأمر واقع بعد تظاهرات صاخبة استهدفت مكاتب الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش اللبناني المعروفة بـ "المكتب الثاني" التي أطبقت أمنياً على حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات منذ مطلع ستينيات القرن الماضي.
لكن بقي الجمر تحت رماد اتفاق القاهرة، واستمرت الاشتباكات المتقطعة بين الفصائل والجيش اللبناني، مع ظهور لمليشيات من رحم الأحزاب التقليدية المسيحية اليمينية مؤيدة للجيش من جهة، ومجموعات لبنانية يسارية مسلحة مؤيدة للفصائل، لتنفجر الأوضاع اعتباراً من سنة 1972، وتصل ذروتها سنة 1975 بما يعرف بحرب السنتين، التي استمرت عملياً حتى بعد خروج منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية من لبنان في إثر الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982. أما اتفاق القاهرة فقد وقع الرّئيس اللبناني أمين الجميّل، في حزيران / يونيو 1987، على قانون يلغي اتفاق القاهرة، وتمت الموافقة على قانون إلغاء الاتفاق من قبل مجلس النواب (البرلمان) اللبناني في 21 أيار / مايو من السنة نفسها.
تشتت الفصائل الفلسطينية بين تونس وسورية والجزائر واليمن، وتعرض لاجئون الفلسطينيون في لبنان ولبنانيون مهمشون يقطنون في جوار مخيم شاتيلا لمجزرة في محلة صبرا ومخيم شاتيلا في أيلول / سبتمبر 1982، وكانوا قد تعرضوا خلال حرب السنتين في 1976 لمجزرة تل الزعتر، ولاحقاً خاضوا ما يُعرف بحرب المخيمات مع حركة أمل في سنة 1985، والتي انتهت سنة 1987 بعد تفجر الانتفاضة الأولى في الأراضي التي احتلت سنة 1967، والمعروفة بانتفاضة الحجارة.
نجحت الانتفاضة الأولى باستعادة الحضور الفلسطيني إقليمياً ودولياً، لكن بقي مركز القيادة الفلسطينية مشتت بين عواصم عربية، وفي مسعى لإيجاد جغرافيا طبيعية لتلك القيادة، سارت قيادة منظمة التحرير بمفاوضات سريّة غير مباشرة مع إسرائيل اعتباراً من سنة 1991، بموازاة مفاوضات علنية في مدريد في السنة نفسها في أعقاب الحرب الأميركية الأولى على العراق سنة 1990، لكن من ضمن الوفد الأردني. وتوصلت المفاوضات السرية التي احتضنتها النرويج، إلى ما يُعرف باتفاق أوسلو، الذي عقد الحل أكثر مما سمح به، إذ قسّم مراحل الحل السياسي إلى اثنتين: مرحلة انتقالية ومرحلة نهائية، وفيما لم توقف المرحلية الاستيطان، قسم اتفاق أوسلو وبروتوكولاته وملاحقه الضفة الغربية؛ إلى 3 أجزاء: (أ) وهي منطقة تحت الإدارة الفلسطينية الكاملة أمنياً ومدنياً وسياسياً، و(ب) تحت إدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، و(ج) تحت إدارة مدنية وأمنية إسرائيلية كاملة.
وفيما تعثرت المرحلة الانتقالية، فإن المرحلة النهائية لم تبدأ مطلقاً، وباتت الضفة الغربية مقسمة الأوصال بسبب اتساع الاستيطان الذي فصل عملياً الضفة الغربية عن القدس الشرقية، وكذلك شمال الضفة عن جنوبها.
وبينما كان قطبا أوسلو: رئيس الوزراء الإسرئيلي إسحق رابين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يعولان على الخروج بحلول وسط، فإن اغتيال رابين برصاص متطرف يهودي في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1995، خلط الأمور في إسرائيل التي اتجهت منذ ذلك الحين نحو اليمين، ثم اليمين المتطرف، فاليمين الديني المتطرف، وفي الجانب الفلسطيني فإن وفاة ياسر عرفات في 11 تشرين الثاني / نوفمبر 2004 (يتهم الفلسطينيون إسرائيل باغتياله بالسم) - بعد سنتين من اجتياح الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية وقطاع غزة، في عملية أطلقت عليها إسرائيل "السور الواقي"، في أعقاب الانتفاضة الثانية (2000 – 2002)، ومحاصرة عرفات في مقره الرئاسي في رام الله - أحدثت خللاً في المستوى القيادي الذي تولى قمّته الرئيس محمودعباس، لتقود التطورات اللاحقة إلى انفصال غزة عن الضفة بعد صراع مسلح بين "حماس" و"فتح" في سنة 2007، وسيطرة الحركة الإسلامية على القطاع. وكان رئيس الوزراء السابق أريئيل شارون قرر الانسحاب من قطاع غزة، من طرف واحد، سنة 2005، وبناء عليه تم تفكيك مستوطنات القطاع، فيما توسعت حركة الاستيطان في أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، وخصوصاً في المنطقة (ج) ولم تنج المنطقة (ب) من مصادرة الأراضي والاستيطان أيضاً، فضلاً عن تكثيف عمليات الاستيلاء على الأملاك في القدس الشرقية وعدم إعطاء أذون بناء للفلسطينيين وهدم المباني التي يضطر سكانها إلى البناء فيها من دون إذن.

الضفة الغربية

الضفة الغربية هي المنطقة الأكبر بين منطقتي الحكم الذاتي (الضفة وغزة)، وتقع فيها الإدارة المركزية للسلطة الفلسطينية، وقد ضُمّت بعد حرب 1948 إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وخضعت لقوانين المملكة حتى حرب 5 حيزران / يونيو 1967، حيث احتلتها إسرائيل كاملة، وفصلت القدس الشرقية عنها، وضمتها إلى القدس الغربية وأعلنتها جزءاً من العاصمة الموحدة، بينما خضعت المناطق الأُخرى من الضفة الغربية إلى سلطة الاحتلال التي عملت على مصادرة الأراضي وبناء المستعمرات التي باتت تسيطر على قرابة 42% من مساحة الضفة، وتعزل بعض أجزائها عن أجزاء أخرى بسبب المستعمرات والطرق الإلتفافية المخصصة لسكان هذه المستعمرات.
يبلغ عدد سكان الضفة الغربية 3,188,387 نسمة (إحصاء الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لسنة 2022)، وتبلغ مساحتها 5,860 كم²، ويحدها من الشرق الأردن، ومن الغرب والشمال والجنوب "إسرائيل"، وتنقسم إلى 3 مناطق وفق تقسيمات اتفاق أوسلو:
1 - المنطقة (أ) وتبلغ مساحتها 3% من مجمل مساحة الضفة الغربية، وتشمل هذه المنطقة جميع المدن الفلسطينية والمناطق المحيطة بها، وهي: بيت لحم؛ البيرة؛ جنين؛ الخليل؛ رام الله؛ سلفيت؛ طوباس؛ طولكرم؛ قلقيلة؛ نابلس.
2 - المنطقة (ب) وتبلغ مساحتها 25% من مساحة الضفة الغربية، وتشمل:
- محافظة القدس: أبو ديس، أبو غوش، إشوع، أم طوبا، بتير، بدّو، البريج، بيت إجزا، بيت إكسا، بيت أم الميس، بيت ثول، بيت جمال، بيت حنينا، بيت دقو، بيت سوريك، بيت صفافا، بيت عطاب، بيت عنان، بيت محسير، بيت نقوبا، بير نبالا، جبع، الجديرة، جرش، الجورة، الجيب، حزما، الخان الأحمر، خربة اسم الله، خربة العمور، خربة اللوز، دير آبان، دير الشيخ، دير الهوا، دير رافات، دير عمرو، دير ياسين، رأس أبو عمار، الرام، رافات، ساريس، سفلى، سلوان، السواحرة الشرقية، السواحرة الغربية، شرفات، شعفاط، الشيخ بدر، صرعة، صطاف، صوبا، صور باهر، الطور، عرتوف، عسلين، عقور، علار، عناتا، العيزرية، العيسوية، عين رافة، عين كارم، عين نقوبا، قالونيا، القبو، القبيبة، القسطل، قطنة، قلنديا، كسلا، كفر عقب، لفتا، المالحة، مخماس، النبي صموئيل، الولجة، رأس العامود، الشيخ جراح، وادي الجوز، جبل الزيتون، جبل المكبر.
- محافظة الخليل: بيت أُمر، إذنا، سعير.
- محافظة سلفيت: أجزاء كبيرة من المحافظة (التي تصنف أراض واسعة منها ضمن المنطقة "ج").
3 – المنطقة (ج): تشكل قرابة 61% من مجمل مساحة الضفة الغربية، وتشمل جميع المستوطنات الإسرائيلية والأراضي القريبة ومعظم الطرق التي تربط المستوطنات (يقتصر استخدامها على الإسرائيليين فقط) والمناطق التي يعتبرها الجيش الإسرائيلي "مناطق أمنية". وتعتبر أراضي المنطقة (ج) الأكثر خصوبة، وتضم معظم خزانات المياه الجوفية.
الاستيطان في الضفة الغربية: لم يكن يعيش أي مستوطن في الضفة الغربية قبل سنة 1967، لكن منذ احتلالها في حزيران / يونيو من تلك السنة، باشرت إسرائيل في تغيير الواقع الديموغرافي من خلال بناء المستوطنات التي بات عدد سكانها من اليهود الإسرائيليين في سنة 2020، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 712,815 وقد تركز الاستيطان منذ بدء مشاريعه على قمم الجبال وفي المناطق الواقعة غربي خط رام الله – نابلس، وفق تقرير لمنظمة "بيتسيلم" صادر في أيار / مايو 2022.
وقد تم تقسيم الضفة استيطانياً إلى أربع مناطق: ثلاثة قطاعات طولية (ممتدة من الشمال الى الجنوب) ومنطقة القدس، التي لها ميزات خاصّة:
- القطاع الشرقي، ويشمل غور الاردن وشاطئ البحر الميت. نتيجة وجود المستوطنات على هذه الأراضي، تم تقليص إمكانيات التطور الاقتصادي بشكل عام، والتطور الزراعي بشكل خاص. وذلكا نتيجةً لسلب الفلسطينيين وحرمانهم من مصدرين مهمين من أجل التطوير وهما: الأرض والماء.
- قطاع "ظهر الجبل" في قمم سلسلة الجبال التي تقطع الضفة الغربية. وينتشر جزء من المستوطنات على شكل سلسلة، ممتدة على طول شارع رقم 60، حيث يعد هذا الشارع كمحور المواصلات الرئيسي الذي يصل شمال الضفة بجنوبها، ويعرقل سير حياة الفلسطينيين الطبيعية، وتمنع المستوطنات التطور المدني للمدن الفلسطينية الكبيرة الموجودة على طول قطاع الجبل (الخليل، رام الله، نابلس، جنين).
- قطاع التلال الغربية، ويمتد من الشمال إلى الجنوب على مساحة عرضها من 20-10 كم، حيث تمس المستوطنات بإمكانية التطوير المدني والاقتصادي للبلدان والقرى الفلسطينية، بسبب مصادرة الأراضي.
- موتروبولين القدس، ويضم المستوطنات التي تم بناءها في المنطقة والتي أعلن ضمها إلى مدينة القدس في الشارع الإسرائيلي، هذه المستوطنات باتت تسمى بالأحياء، وتضم أيضاً المستوطنات التي تخضع لنفوذ القدس وضواحيها. فصلت هذه المستوطنات الضفة الغربية إلى منطقتين، ومنعت التطور المدني لبيت لحم، وفصلتها أيضاً عن بقية البلدات الفلسطينية حولها.

قطاع غزة

قطاع غزة هو المنطقة الثانية، الأصغر، من مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، وفق اتفاق إعلان المبادئ، ويبلغ عدد سكانه 2,166,269 نسمة (إحصاء الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لسنة 2022) يعيشون في مساحة قدرها 360 كم2، وهي من أعلى المناطق كثافة سكانية في العالم، إذ تبلغ في قطاع غزة 5,855 فرد/كم2، ويحد القطاع من الشرق والشمال والجنوب "إسرائيل"، ومن الجنوب الغرب مصر.
كانت مدينة غزة، وهي عاصمة القطاع، المكان الأول الذي دخلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية عند بدء تطبيق اتفاق إعلان المبادئ، فيما عُرف باتفاق غزة – أريحا أولاً.
في حزيران / يونيو 1967، احتلت إسرائيل قطاع غزة بعدما تمكنت من هزيمة الجيش المصري، واحتلت أيضاً صحراء سيناء من مصر. وقد أسست حتى سنة 2004 عددا من المستوطنات، هي: كفار داروم؛ نتساريم؛ نيسانيت 1 ونيسانيت 2؛ دوغيت؛ إيلي سيناي؛ شيرات هيام؛ تل قطيفة؛ كفار يام؛ إيرز؛ رفيح يام؛ موراج؛ شيلو- ياكال؛ بيئات ساديه 1 وبيئات ساديه 2؛ متسفيه (بني عتصمونة)؛ بدولح؛ غاني أور؛ جديد؛ نافيه دكاليم؛ قطيف؛ جاني طال؛ نيتسر حزاني؛ سانور؛ حومش؛ كديم؛ جانيم.
ظلت هذه المستوطنات تحت حماية الجيش الإسرائيلي منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في سنة 1994، واقتصرت إدارتها على المدن الرئيسية للقطاع، واجتاح الجيش الإسرائيلي قطاع غزة في سنة 2002، تزامناً مع ما أُطلق عليه عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية. وفي نيسان / أبريل 2004، عرض رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون خلال قمة جمعته في واشنطن مع الرئيس الأميركي جورج بوش، ما عُرف بخطة فك الارتباط، الخاصة بتفكيك مستوطنات قطاع غزة، و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية.
وجاء عرض الخطة على الرئيس الأميركي، بعد سلسلة من الاتصالات والمشاورات بين مسؤولين إسرائيليين، وأميركيين، تم خلالها الاتفاق على مواد الخطة، وعلى المقابل الذي ستحصل عليه إسرائيل من واشنطن. وعرض شارون الخطة على الكنيست الإسرائيلي، في تشرين الأول / أكتوبر 2004، وقد صادق البرلمان الإسرائيلي على الخطة في آذار / مارس 2005، وفيما رفض شارون التنسيق مع الرئيس الراحل ياسر عرفات بشأن تفكيك المستوطنات، إلا أنه عاد ونسق مع الرئيس محمود عباس، حيث بدأ تفكيك المستوطنات تزامناً مع نشر قوات تابعة للسلطة الفلسطينية على خطوط التماس بين المستوطنات الجاري تفكيكها في حينه، والمناطق التي كانت تقع تحت سيطرة فلسطينية. إذ بقيت العديد من القضايا عالقة، وخصوصاً المعابر الحدودية والسيطرة الجوية والبحرية على قطاع غزة، والتي احتفظت إسرائيل بالسيطرة عليها.
جرت في الضفة الغربية وغزة انتخابات عامة مرتين: الأولى في سنة 1996، لم تشارك فيها حركة "حماس" التي كانت تعزز قوتها في قطاع غزة، وسيطرت حركة "فتح" على هذا المجلس؛ وانتخابات ثانية في كانون الثاني / يناير 2006، شاركت فيها "حماس" وتمكنت من الفوز بغالبية 74 مقعداً من المقاعد الـ 132 في حين أن حركة "فتح" حصلت على 45 مقعدا فقط، وشكلت "حماس" حكومة بناء على تلك النتائج برئاسة إسماعيل هنية، لكن إسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموماً رفضوا التعامل معها.
استمرت حكومة "حماس" سنة بعد الانتخابات، وتخلل تلك السنة صراع مسلح مع مسلحي "فتح" في قطاع غزة في أيلول / سبتمبر 2006، وسعت الحركتان للحد من الصراع بينهما، والخروج من مأزق عدم الاعتراف الدولي بالحكومة، وتمكنتا في آذار / مارس 2007 من الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الشخصية المستقلة هاني القواسمي، لكن الصدامات بين "حماس" و"فتح" تواصلت، الأمر الذي دفع القواسمي إلى الاستقالة بعدما انسحب وزراء "فتح" منها، وبلغ الصراع ذروته في 14 حزيران / يونيو 2007، حين تمكن مقاتلوا "حماس" من دحر مقاتلي "فتح" والقوى الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، والسيطرة بشكل كامل على قطاع غزة الذي دخل مرحلة جديدة تمثلت بحكمه من قبل "حماس"، في مقابل حكم "فتح" للسلطة القائمة في الضفة الغربية، ولم تفلح كل محاولات إنهاء الانقسام، من حكومات متفق عليها، وحكومتان واحدة في القطاع والثانية في غزة، ولا كل الوساطات العربية.
شهد قطاع غزة تحت حكم "حماس" حصاراً قاسياً، وشنت إسرائيل عليه 4 حروب، تسببت في تدمير واسع في البنية التحتية، وبسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى:
- الحرب الأولى (27 كانون الأول / ديسمبر 2008): أسمتها إسرائيل "الرصاص المصبوب"، فيما أطلقت عليها "حماس" اسم "حرب الفرقان"، وقد استمرت 21 يوماً، بلغت فيها الخسائر البشرية مقتل أكثر من 1436 فلسطينياً بينهم نحو 410 أطفال و104 نساء ونحو 100 مسن، وإصابة أكثر من 5,400 آخرين نصفهم من الأطفال. وتسببت بتدمير الحرب أكثر من 4,100 مسكن بشكل كلي، و17,000 بشكل جزئي، وبلغت الخسائر الاقتصادية أكثر من "مليار" دولار أميركي.
واعترفت السلطات الإسرائيلية بمقتل 13 إسرائيلياً بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين.
- الحرب الثانية (14 تشرين الثاني / نوفمبر 2012): بدأت إسرائيل الحرب الثانية باغتيال إسرائيل أحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لـ "حماس")، والتي أسمتها "عامود السحاب"، وأطلقت عليها حركة "حماس" اسم "حجارة السجيل"، واستمرت لمدة 8 أيام.
وتسبب القصف الإسرائيلي بمقتل 162 فلسطينياً بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وإصابة نحو 1,300 آخرين، وهدم 200 منزل بشكل كامل و1,500 بشكل جزئي، فضلاً عن تضرر عشرات المساجد والمقابر والمدارس والجامعات والمباني والمؤسسات والمكاتب الصحفية.
وشهدت هذه المعركة، لأول مرة، إطلاق "حماس" صواريخ بعيدة المدى وصلت إلى "هرتسيليا" وتل أبيب والقدس، فضلاً عن قصف مستوطنات غلاف غزة.
وفيما لم تُعلن إسرائيل رسمياً عن خسائرها، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن مقتل 20 إسرائيلياً وإصابة 625 آخرين، معظمهم بحالات هلع.
وفيما لم تُعلن إسرائيل رسمياً عن خسائرها، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سقوط 6 قتلى (2 عسكريين، و4 مدنيين)، فضلاً عن 240 جريحاً.
- الحرب الثالثة (7 تموز / يوليو 2014): أطلقت إسرائيل على الحرب الثالثة اسم "الجرف الصامد"، وأسمتها "حماس" "العصف المأكول". وقد استمرت 51 يوماً، وكانت الأعنف والأكثر وحشية، إذ تسبب القصف الإسرائيلي الجوي والبري والبحري بجميع أنواع الأسلحة وبعدد غارات فاق 60,644 غارة، وفق تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل 2322 فلسطينياً (578 طفلاً أعمارهم من شهر إلى 16 عاماً و489 امرأةً اعمارهن بين 20 سنة و40 سنة، و102 مسناً أعمارهم بين 50 سنة و80 سنة)، وجرح 10,870 آخرين.
ومادياً دمر القصف الإسرائيلي كلياً 12,000 وحدة سكنية، وجزئياً 160,000 وحدة، من بينها 6600 وحدة لم تعد صالحة للسكن.
ولم تتوقف الخسائر الفلسطينية عند تلك الحدود، بل ازداد عدد القتلى والجرحى تباعاً بسبب القذائف والقنابل غير المتفجرة التي قدرها تقرير لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) بـ 7000 مادة متفجرة. ووفقاً للتقرير نفسه، فقد تسببت مخلفات الحرب تلك بمقتل 16 شخصاً، وجرح 97، من بينهم 48 طفلاً.
وقدّرت وزارة الاقتصاد الفلسطينية خسائر الاقتصاد في قطاع غزة بـ 5 مليارات دولار. وتضررت 500 منشأة اقتصادية كبيرة واستراتيجية ومتوسطة وصغيرة.
وقالت وزارة الزراعة إن خسائر القطاع الزراعي بلغت 550 مليون دولار.
وأعلنت وزارة الأوقاف عن تدمير 64 مسجداً بشكل كلي، وتضرر 150 مسجداً جزئياً.
وأعلنت وزارة الصحة أن أكثر من 20 مستشفى ومركزاً صحياً، استهدفوا بغارات جوية إسرائيلية.
وقدرت نقابة الصيادين، أن ما يقارب 4 آلاف صياد، يعيلون أكثر من 50 ألف نسمة، تعرضوا لخسائر فادحة، تجاوزت 6 ملايين دولار.
وتسببت الحرب، برفع عدد العاطلين عن العمل إلى قرابة 200 ألف عامل، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، وفق بيان لاتحاد العمال الفلسطينيين.
أما الخسائر الإسرائيلية فقد بلغت، وفق بيانات رسمية، مقتل 68 عسكرياً إسرائيلياً و4 مدنيين وعامل أجنبي، وجرح 2522 إسرائيلياً بينهم 740 عسكرياً.
كما أعلنت "كتائب القسام" عن أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، واتهمت إسرائيل حركة "حماس" باحتجاز جثة ضابط آخر يدعى هدار غولدن.
- الحرب الرابعة (10 أيار / مايو 2021): في إثر الأحداث التي شهدها حي الشيخ جراح في القدس الشرقية والتهديد بطرد 25 عائلة من الحي، وتوجه مجموعات من اليهود المتطرفين لاقتحام المسجد الأقصى، هددت حركة "حماس" بأنها سوف تقصف أهدافاً في العمق الإسرائيلي، إذا اقتحم اليهود المتطرفون المسجد الأقصى، وما لم تتراجع إسرائيل عن قرار طرد العائلات من الشيخ جراح.
ومع تزايد عمليات القمع ضد سكان الشيخ جرّاح ووضع حواجز حديدية في ساحة باب العامود استعداداً لاقتحام القدس القديمة، وجَّه قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لـ "حماس" محمد الضيف في 4 أيار / مايو 2021، تحذيراً بأن الكتائب سوف تقصف العمق الإسرائيلي.
في مساء يوم جمعة 7 أيار / مايو 2021، اقتحم مئات من جنود الإسرائيليين باحات المسجد الأقصى، وتعرضوا للمصلين، موقعين مئات الإصابات بين المدنيين في المسجد الأقصى وباب العامود والشيخ جراح.
في الساعة 4:40 دقيقة من يوم 10 / 5 / 2021 حذر الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة، إسرائيل بضرورة الانسحاب من المسجد الأقصى والشيخ جرّاح، وحدد الساعة السادسة مساء موعداً نهائياً، ولما لم تستجب إسرائيل، أطلقت "حماس" عند السادسة مساء 6 صواريخ طاولت مدينة القدس، لتبدأ معركة شرسة استمرت 11 يوماً، أعطتها "حماس" اسم "سيف القدس" وأطلقت عليها إسرائيل اسم "حارس الأسوار"، عمادها القصف من بعد، وسقطت هدنة بين "حماس" وإسرائيل تم توقيعها في 26 آب / أغسطس 2014، برعاية مصرية، والتي أنهت حرب الـ 51 يوماً.
وخلال الحرب الرابعة التي توقف إطلاق النار فيها فجر يوم 21 أيار / مايو 2021 بعد وساطة مصرية، أطلقت الفصائل الفلسطينية في غزة ما يزيد عن 4 آلاف صاروخ تجاه مدن جنوب ووسط إسرائيل، أسفرت عن مقتل 12 إسرائيلياً وإصابة نحو 330 آخرين؛ وفق مصادر إسرائيلية.
وشنت إسرائيل خلال أيام الحرب الرابعة غارات وُصفت بـ "الأكثر عنف ووحشية"، واستهدفت مئات الغارات الجوية والمدفعية والبحرية، مواقع ومبانٍ سكنية ومدنية في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، قتل خلالها 300 فلسطيني، بينهم 66 طفلاً، و39 امرأة، و17 مسنّاً، و5 أشخاص من ذوي الإعاقة، وأصيب 10,000 آخرين بجراح مختلفة. وقتل في القصف الإسرائيلي عائلات بكاملها. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، استهدفت 19 عائلة فلسطينية، قتل 91 من أفرادها، بينهم 31 طفلاً و25 امرأة. وكانت عائلة الكولك أكثر العائلات التي خسرت ضحايا، إذ بلغ عدد قتلى العائلة 21 قتيلاً بينهم 8 أطفال و6 نساء. وفقدت عائلة أبو عوف التي استهدف منزلها مباشرة، 9 أفراد بينهم طفل و5 نساء. واستهدف القصف منزل عائلة الطناني التي فقدت 6 من أفرادها بينهم 4 أطفال وامرأة. وقتل 5 أفراد من كل عائلة من عوائل المصري، والعطّار، والحديدي، وأبو حطب، واشكنتنا، والإفرنجي.
ومادياً، دمّر القصف الإسرائيلي 303 مبان سكنية بشكل كامل، وتضررت 2075وحدة سكنية بشكل كامل أو لم تعد صالحة للسكن، و15 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي.
ووتسببت الغارات الإسرائيلية بتدمير أو الإضرار بنحو 24 مركزا صحياً، و46 مدرسة.
وتضرر 490 منشأة زراعية، و300 منشأة اقتصادية من بينها هدم 7 مصانع.
واستهدفت المؤسسات الإعلامية التي دمر لها 42 مقراً، أبرزها مكتبي قناة الجزيرة القطرية، ووكالة الأنباء الأمركية "أسوشيتد برس."

أراضي 48 (إسرائيل)

عند الإعلان عن تأسيس إسرائيل في سنة 1948، كان 750,000 فلسطيني قد طردوا من أراضيهم، ولم يبق في المساحة التي تأسست عليها إسرائيل سوى 150,000 فلسطيني، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى نقل الآلاف منهم من قراهم والأحياء التي يعيشون فيها داخل المدن إلى مناطق أخرى، وإلى تدمير 418 قرية، وفق كتاب وليد الخالدي "كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها".
وفُرض على من بقي في فلسطين حكماً عسكرياً صارماً، قضى بتجميعهم في الأماكن التي يقطنون فيها على شكل غيتوهات، ولم يكن يُسمح لهم التنقل إلا بتصريح من الحاكم العسكري. بقي الأمر كذلك إلى ما بعد حرب 5 حزيران / يونيو 1967، حين انتقلت السيطرة على هؤلاء إلى الشرطة والمخابرات الإسرائيليتين، لكن من دون حقوق سياسية.
لكن العمل السياسي غير الرسمي سجل حضوراً للتيار القومي الذي تأثر بالحركة القومية العربية وجمال عبد الناصر، ومثلته "حركة الأرض" التي اعتبرتها السلطات الإسرائيلية تنظيماً غير شرعي عندما قررت الحركة المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية السادسة للكنيست. وكان الحضور الأبرز لفلسطينيي الـ 48 من خلال الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وقد كان المتنفس السياسي لفلسطينيي الـ 48. وكذلك ارتبطت بعض الشخصيات الفلسطينية بأحزاب صهيونية علمانية، وخصوصاً حزب "مباي" (حركة العمل) وحزب "مبام".
وشارك فلسطينيون من خلال الحزب الشيوعي الإسرائيلي والأحزاب الصهيونية في أول 6 دورات من انتخابات الكنيست، ومثل هؤلاء، فيما عدا نواب الحزب الشيوعي، الزعامات العائلية التي حرصت السلطات الإسرائيلية على إبرازها.
وبعد إنهاء الحكم العسكري في إثر حرب حزيران / يونيو 1967، بدأ فلسطينيو الـ 48 ينشطون سياسياً من خلال الإضرابات والمظاهرات والعرائض، احتجاجاً على مصادرة الأراضي والأوضاع الإقتصادية. لكن النشاط السياسي بدأ بالتبلور بشكل أكثر وضوحاً في سبعينيات القرن العشرين، مع تشكيل اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي، التي نظمت إضراب يوم الأرض في 30 آذار / مارس 19٧٦، والذي قمعته السلطات الإسرائيلية وقتلت 6 فلسطينيين وجرحت أكثر من 100، واعتقلت المئات. وبعد ذلك تم تشكيل اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل سنة 1982.
وعلى الرغم من بروز عمل عربي فلسطيني مستقل، إلا أنه لم يتأسس أي حزب عربي صرف ويشارك في الانتخابات البرلمانية سوى في سنة 1988، بإنشاء عبد الوهاب دراوشة "الحزب الديمقراطي العربي" الذي لم تحظره السلطات الإسرائيلية، وكرت السبحة بعد ذلك فتأسست أحزاب عربية أخرى هي: "التجمع الوطني الديمقراطي" (1996)؛ "الحركة العربية للتغيير" (1996)، والتي شاركت في الانتخابات بعد سنة 1988، فضلاً عن "الحركة الإسلامية القسم الجنوبي" الذي قرر خوض الانتخابات خلافاً لـ "الحركة الإسلامية القسم الشمالي" التي لا تزال تقاطع الانتخابات.
وعلى الرغم من بروز الأحزاب والتنظيمات العربية ومشاركتها في الانتخابات البرلمانية، إلا أنها بقيت مشرذمة، ولم تتجاوز الحضور بمستوى أقصى هو 4 مقاعد، حتى انتخابات 2015 حين تمكنت من احتلال 13 مقعداً من خلال خوض الانتخابات في قائمة مشتركة، ثم 10 مقاعد في انتخابات 2019 عندما خاضت الانتخابات في قائمتين منفصلتين، واستعادت المقاعد الـ 13 في الانتخابات الثانية في السنة نفسها بقائمة مشتركة، لتصل إلى الذروة بـ 15 مقعداً في سنة 2020 عبر القائمة المشتركة، لكن خسرت 5 مقاعد وشغلت 10 فقط في انتخابات 2021 عندما انقسمت إلى قائمتين.
أما ديمغرافياً، فقد ازداد عدد السكان الفلسطينيين في إسرائيل إلى 1,700,000 حتى نهاية 2021 وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وباتوا يشكلون أكثر من 20% من عدد سكان إسرائيل، لكن تمثيلهم السياسي بسبب التشرذم، لا يتساوى مع هذه النسبة.

الشتات الفلسطيني

توزع قرابة 750 ألف فلسطين، بعدما طردوا من مدنهم وبلداتهم وقراهم في حرب 1948، في خمسة مناطق أساسية هي: قطاع غزة؛ الضفة الغربية؛ الأردن؛ لبنان؛ سورية، وهذه هي المناطق الخمس التي تعمل وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) فيها. كذلك توجه لاجئون فلسطينيون إلى مصر والعراق والكويت. ولم يقتصر ذلك على حرب 1948، إذ إن عشرات آلاف الفلسطينيين غادروا خلال حرب حزيران / يونيو 1967 الضفة الغربية متوجهين إلى الأردن والكويت التي بلغ عدد الفلسطينيين فيها حتى الاجتياح العراقي في آب / أغسطس 1990، قرابة 400,000 فلسطين، يعملون في كل مجالات العمل، وطردت غالبيتهم العظمى بعد تحرير الكويت في 26 شباط / فبراير 1991، نحو الأردن، وهم أساساً من حملة جوازات السفر الأردنية.
خضع اللاجئون الفلسطينيون في الأماكن التي استقروا فيها بعد حرب 1948، لتعامل مختلف وفق الدولة التي استقبلتهم:
1- الأردن: اعتُبر الفلسطينيون في الأردن التي ضُمت الضفة الغربية إليها في سنة 1949، مواطنون أردنيون كاملوا الحقوق والواجبات، واندمجوا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ضمن نسيج المملكة، لكن قبل أشهر قليلة على إعلان وثيقة استقلال فلسسطين خلال مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في تشرين الثاني / نوفمبر 1988، وبناء على طلب الرئيس الراحل ياسر عرفات، قرر ملك الأردن الحسين بن طلال، في 31 تموز / يوليو، فك الارتباط مع الضفة الغربية، الأمر الذي انعكس على حملة جواز السفر الأردني المقيمين في الضفة الغربية، والذي أصبحوا يحملون جواز السفر الأردني، لكن من دون رقم وطني. ويعيش الفلسطينيون في الأردن، فضلاً عن مختلف المدن الأردنية، في 8 مخيمات، هي: إربد؛ البقعة؛ الحصن؛ الزرقاء؛ الطالبية؛ جبل الحسين؛ جرش؛ سوف؛ عمّان الجديدة؛ ماركا.
ويضم الأردن العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، ووفق "الأونروا" فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلاتها يبلغ 2,100,000، من لاجئي 1948 ولاجئي 1967 من الضفة الغربية، فضلاً عن 140,000 لاجئ من غزة لجؤوا إلى الأردن خلال حرب حزيران / يونيو 1967.
2- الضفة الغربية: اعتبر الفلسطينيون الذين لجؤوا إلى الضفة الغربية في سنة 1948 مواطنون أردنيون، وحملوا الجنسية الأردنية اعتباراً من سنة 1949، عندما ضُمّت الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية. ولا يعيش جميع اللاجئين في مخيمات. ووفق "الأونروا" يبلغ عدد اللاجئين 2,700,000 شخص، وبنسبة تبلغ 23,9% من مجمل عدد السكان (وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2021) يعيش ربعهم في 19 مخيماً رسمياً، بينما يعيش معظم الآخرون في مدن وقرى الضفة الغربية. والمخيمات التي تديرها الأونروا هي: الأمعري؛ الجلزون؛ الدهيشة؛ العروب؛ الفارعة؛ الفوار؛ بلاطة؛ بيت جبرين؛ جنين؛ دير عمار؛ مخيم رقم واحد؛ شعفاط؛ طولكرم؛ عايدة؛ عسكر؛ عِقبة جبر؛ عين السلطان؛ قلنديا؛ نور شمس.
حتى سنة 1967، خضع اللاجئون الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى القانون الأردني، وبعد حرب حزيران / يونيو 1967 أصبحوا تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ثم بعد اتفاق إعلان المبادئ، تم تقسيم المخيمات وفق مناطق (أ) و(ب) و(ج)، وفق التالي:
- المنطقة (ج): مخيم شعفاط بقي ضمن حدود القدس، أي أنه ضمن حدود المنطقة (ج)؛ مخيم قلنديا.
- المنطقة (ب): دير عمار؛ الجلزون؛ الفوار؛ العروب؛ الفارعة؛ نور شمس.
- المنطقة (أ): الأمعري؛ الدهيشة؛ بلاطة؛ بيت جبرين؛ جنين؛ مخيم رقم واحد؛ طولكرم؛ عايدة؛ عسكر؛ عِقبة جبر؛ عين السلطان.
عانت مخيمات الضفة الغربية كثيراً من الحواجز الدائمة التي أقامتها قوات الاحتلال وخصوصاً بعد سنة 2002، إذ يُعرقل دخول سكانها من اللاجئين إلى "إسرائيل" للعمل هناك، علماً أن اقتصاد الضفة الغربية أُلحق بنسبة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي بعد 1967، الأمر الذي فرض على العمّال، ولا سيما سكان المخيمات، العمل داخل "إسرائيل".
وتُعتبر مخيمات الضفة الغربية بؤر توتر دائم، يعمد الاحتلال الإسرائيلي إلى مداهمتها من وقت لآخر، ومنها تنطلق معظم التظاهرات والاحتجاجات. ومن أشهرها مخيم جنين الذي قاوم عملية عسكرية إسرائيلية ضخمة في سنة 2002، وتمكن المقاومون في المخيم من إنزال خسائر فادحة بين جنود الجيش الإسرائيلي. ووفق الاحصاءات الفلسطينية والإسرائيلية، فقد دمر الاحتلال 455 منزلاً كلياً، و800 منزلاً جزئياً، وقُتل 58 من أبناء المخيم معظمهم من غير المقاومين، وبلغت خسائر الجيش الإسرائيلي 50 جندياً وضابطاً، فضلاً عن إصابة العشرات بجروح.
3- قطاع غزة: يعتبر قطاع غزة الأكثر كثافة سكانياً عالمياً، ويُكوِّن اللاجئون الفلسطينيون فيه الغالبية التي تبلغ 64,8% (وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2021) من عدد السكان البالغ 2,166,269 نسمة (إحصاء الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لسنة 2022). وقد حمل سكان القطاع واللاجئون جوازات سفر أصدرتها حكومة عموم فلسطين التي أُعلنت في 23 أيلول / سبتمبر 1948 بعد محادثات بين الهيئة العربية العليا والجامعة العربية، وأعلن مؤتمر وطني فلسطيني انعقد في غزة انعقد في 1 تشرين الأول / أكتوبر 1948 شرعيتها، لكن أجهضها قراران أحدهما أردني عبر ضم الضفة الغربية وثانيهما مصري عبر أمر ملكي بإبعاد رئيس الهيئة العربية العليا أمين الحسيني إلى القاهرة ورئيس الحكومة أحمد حلمي عبد الباقي، وبكل الأحوال فإن تلك الجوازات لم يتم الاعتراف بها سوى من 6 دول عربية، واعتباراً من سنة 1960 خضع اللاجئون مثلهم مثل سكان القطاع الأصليين للإدارة المصرية، وحملوا وثائق سفر مصرية خاصة. أما في الأراضي المصرية، حيث لا توجد مخيمات، فيعيش بضعة آلاف من الفلسطينيين في أماكن نائية، وهم من لاجئي 1948، ومعظمهم لا يملكون وثائق تعريف، بينما يعيش فلسطينيون في العديد من مدن مصر من حملة الوثائق المصرية، وعدد قليل من هؤلاء حازوا الجنسية المصرية، كون أمهاتهم مصريات.
ولا يُفرق الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة بين سكان أصليين ولاجئين، فكلا الفئتين تعيش ظروفاً معيشية شديدة الصعوبة، إذ يفتقر سكان قطاع غزة إلى مياه الشفة ولا يتزودون بالتيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة يومياً في أحسن الحالات ويتدنى إلى ما دون 4 ساعات في الكثير من الأوقات، وذلك وسط وضع اقتصادي شديد السوء. ووفق "الأونروا" فإن 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الدولية. أما البنك الدولي، فيقدر متوسط معدل البطالة بأكثر من 50%، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم.
ووفق "الأونروا" يعيش قرابة 600,000 لاجئ في 8 مخيمات معترف بها، هي: البريج؛ الشاطئ؛ المغازي؛ النصيرات؛ جباليا؛ خان يونس؛ دير البلح؛ رفح.
4- سورية: عومل اللاجئون الفلسطينيون في سورية معالملة المواطن السوري في الحقوق والواجبات، واستثنوا من حمل الجنسية السورية، حفاظاً على هويتهم الوطنية، وفق القانون رقم 260 الصادر في 10 / 7 / 1956، والذي نص على: "يعتبر الفلسطينيون المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ نشر هذا القانون كالسوريين أصلاً في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة النافذة وبحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية."
اللاجئون الفلسطينيون في سورية هم 4 فئات: فئة لجأت سنة 1948 وعددها قرابة 90,000 فلسطيني، وهؤلاء مسجلون في قوائم الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التي تأسست بموجب مرسوم جمهوري في سنة 1949، وفي قوائم الأونروا، وينطبق على أفرادها القانون رقم 260؛ فئة لجأت سنة 1956 ووضعها القانوني يماثل وضع لاجئي 1948، وقد تسجل أفرادها على قوائم هيئة اللاجئين والأونروا، لكن تختلف بشأن حق العمل، إذ يعملون كمتعاقدين بصفة مؤقتة؛ فئة لجأت بين 1967، جزء منهم تسجل على قوائم الهيئة، ويعاملون معاملة لاجئي 1956، وجزء لم يتسجل ويعامل معاملة الأجانب، فئة لجأت سنة 1970، بعض أفرادها انتهت صلاحية أوراقهم الثبوتية، ومعظمها أردنية، والبعض الآخر يحمل وثائق سفر خاصة باللاجئين المصريين، تجدد سنويا، ولا يحق لهذه الفئة العمل، لكن لها الحق بالطبابة والتعليم.
حتى سنة 2011 بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الأونروا، 568,730 لاجئ فلسطيني، ووفق الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب بلغ عددهم 563613، ويُقدر عدد غير المسجلين لدى هاتين المؤسستين قرابة 64,000.
وتعمل الأونروا في 9 مخيمات رسمية، هي: النيرب؛ جرمانا؛ حماة؛ حمص؛ خان الشيح؛ خان دنون؛ درعا؛ سبينة؛ قبر الست. وهناك 4 مخيمات غير رسمية، هي: مخيم اللاذقية؛ مخيم اليرموك (أكبر المخيمات الرسمية وغير الرسمية)؛ مخيم حندرات؛ مخيم الرمدان.
وتقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في المخيمات حتى سنة 2011، قرابة 71%، وخارجها 29%.
تأثرت المخيمات الفلسطينية بالحرب التي دارت في سورية اعتباراً من سنة 2011، ودمر مخيم اليرموك بشكل شبه تام، وتضررت مخيمات أخرى بين نسبة 80% و40%.
ووفق التقديرات، فإن ثلثي اللاجئين الفلسطينيين هجروا من أماكن سكناهم جراء الحرب في سورية، منهم قرابة 150,000 إلى خارج البلد. وحتى منتصف سنة 2016 كان 79,000 لاجئ من فلسطينيي سورية انتقلوا إلى أوروبا، وقدر عدد من كان في لبنان في ذلك التاريخ بـ 31,000، وفي الأردن بـ 17,000، وفي مصر 6,000، وفي تركيا 8,000، وفي غزة 1000. وبقي قرابة 350,00 داخل سورية، بعضهم سكنوا خارج المخيمات في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، وقرابة 1500 عائلة انتقلت إلى المناطق الخارجة عن سلطة النظام في شمال سورية، وفق تقديرات مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، وسكنوا في عدة مناطق ومخيمات، أكبرها دير بلوط والمحمدية.
5- لبنان: لجأ إلى لبنان بين 140,000 و150,000 ألف فلسطيني خلال حرب 1948، وتشير الكثير من المصادر إلى أن قرابة 100,000 لبناني عادوا من فلسطين أيضاً حيث كانوا يعملون هناك.
في بداية اللجوء توزع اللاجئون الفلسطينيون القادمون من قرى الجليل على أطراف القرى والبلدات الحدودية، وتوغلوا أيضاً باتجاه سهل البقاع، بينما استقر من لجأ من مدن عكا وحيفا ويافا، والذين انتقلوا بحراً إلى لبنان، في المدن الساحلية، بينما استقر أصحاب رؤوس الأموال والأغنياء الذين غادروا فلسطين خلال وقبل اندلاع حرب 1948، في بيروت ولا سيما في منطقة رأس بيروت.
استفاد لبنان بداية من اليد العاملة الفلسطينية، سواء الحرفية القادمة من المدن، والمزارعين الذين غرسوا أشجار الحمضيات في جنوب لبنان وسهل عكار، وكذلك في رصف الطرقات، بينما استثمر أصحاب الرساميل أموالهم في قطاعات اقتصادية عديدة، واشتغل المتعلمون في قطاع التعليم والترجمة.
لم تشهد ديموغرافيا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان استقراراً، فبينما من المفترض أن التكاثر السكاني لمن وصلوا إلى لبنان سنة 1948، إذا قورنت بعدد اللاجئين إلى سورية، يجب أن تتجاوز الـ 700,000، وإذا قورنت بمن بقي في فلسطين (قرابة 150,000) وهو عدد مماثل لمن لجأ إلى لبنان، فيمكن أن يتجاوز 1,500,000، لكن الأرقام تقول غير ذلك، إذ إنه وفق سجلات الأونروا بلغ عدد اللاجئين 470,000 يعيش ما نسبته 45% منهم في المخيمات، ويتجاوز 500,000 في سجلات وزارة الداخلية اللبنانية، بينما أحصي وجود 174,422 لاجئاً فلسطينياً، وفق وفق "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان" لسنة 2017 الذي أنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بإشراف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني (لجنة رسمية لبنانية تابعة لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني).
في لبنان 12 مخيماً تمارس الأونروا مهامها فيها، وهي، من الجنوب إلى الشمال: الرشيدية؛ برج الشمالي؛ البص؛ عين الحلوة؛ المية ومية؛ شاتيلا؛ برج البراجنة؛ مار الياس؛ الضبية؛ البداوي؛ نهر البارد؛ ويفل.
وبيّن "التعداد العام للسكان والمساكن" وجود 156 تجمعاً على امتداد الأراضي اللبنانية.
لم تكن ظروف اللجوء مستقرة، وتدرجت بين استقبال معقول وتهميش كبير، ويمكن تلخيص ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بخمس مراحل: المرحلة الأولى، وقد امتدت من 1948 - 1962، كان خلالها الفلسطينيون يحوزون بعضاً من الحقوق كلاجئين على الأراضي اللبنانية، مثل العمل والسكن والتنقل، وإن كانت غير مقوننة عبر تشريعات تصدر عن البرلمان؛ المرحلة الثانية من سنة 1962 – 1969، تعرض خلالها اللاجئون الفلسطينيون للإقصاء والتهميش اقتصادياً واجتماعياً، فبات تنقلهم بين جنوب لبنان وشماله يحتاج إلى تصريح أمني، وكذلك الانتقال للسكن من مخيم إلى مخيم؛ المرحلة الثالثة من 1969 – 1982، تمثلت بخروج الشأن الفلسطيني عن سيطرة السلطة الأمنية اللبنانية، وبإخراج المخابرات العسكرية (جهاز أمني يُعرف بـ "المكتب الثاني") من المخيمات في أعقاب انتفاضة على الإجراءات الأمنية التي كانت متّبعة منذ سنة 1962، وتوقيع اتفاق القاهرة في سنة 1969 الذي أتاح العمل المسلح للفصائل الفلسطينية، ومن ثم اندلاع الحرب الأهلية في سنة 1975، والتي شاركت الفصائل الفلسطينية فيها إلى جانب قوى ما يسمّى اليسار اللبناني والمسلمين، ضد أحزاب مسيحية يطلق عليها صفة اليمينية. وخلال هذه الفترة تمتع اللاجئون الفلسطينيون بحرية مطلقة في العمل والسكن والتنقل والاستثمار، لكن أيضاً من دون وجود قوانين ناظمة، كما تعرضت مخيماتهم الموجودة في مناطق سيطرة المليشيات المسيحية إلى التدمير، مثل تل الزعتر (حصلت مجزرة في هذا المخيم في آب / أغسطس 1976) وجسر الباشا، أو التدمير والتهجير الجزئيين على غرار مخيم ضبية؛ المرحلة الرابعة من سنة 1982 - 1990، إذ فقد الفلسطينيون السيطرة وحرية الحركة في إثر الاجتياح الإسرائيلي، وخروج قوات منظمة التحرير والفصائل من بيروت، وحدوث مجزرة مخيم شاتيلا وحي صبرا المجاور (أيلول / سبتمبر 1982) على يد مسلحين من مليشيات مسيحية وبإشراف من الجيش الإسرائيلي (على ما أظهر تقرير كاهانا الإسرائيلي)، وخضوع الفلسطينيين للملاحقة والاعتقال التعسفي، ولاحقاً في سنة 1985، اندلاع حرب المخيمات، التي حوصرت في بيروت ومنطقة صور طيلة عامين حتى سنة 1987. وقد حُرم الفلسطينيون بموجب مرسوم أصدره وزير العمل في سنة 1982 حمل الرقم 2891 من ممارسة العمل في 57 مهنة ووظيفة. لكن بقي اللاجئون الفلسطينيون في البقاع وشمال لبنان، وبسبب وجودهم خارج نطاق سيطرة السلطة اللبنانية التي تشكلت بعد 1982، يملكون حرية العمل والتنقل، وتكراراً من دون وجود قوانين ناظمة؛ المرحلة الخامسة، بدأت منذ الشروع بتطبيق اتفاق الطائف في سنة 1990 حتى الوقت الحاضر. لقد استثني الفلسطينيون من "العفو العام" عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية، والذي أصدرته الحكومة اللبنانية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد أصدر وزير العمل في 11 كانون الثاني / ديمسبر 1993 قراراً منع بموجبه الأجانب من العمل في 75 مهنة ووظيفة، ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون، وبقي الأمر على هذه الحال إلى حين صدور القانونين 128 و129 في آب / أغسطس 2010، حيث سمح للاجئين الفلسطينيين بالاستحصال على إجازة عمل من دون دفع رسوم (لكن فرض على اللاجئ المسجل في الضمان دفع جميع رسوم التسجيل والاستفادة فقط من تعويض نهاية الخدمة)، وتم استثناءهم من مبدأ المعاملة بالمثل.
في المحصلة، غاب التعريف الواضح للفلسطينيين في القانون اللبناني، فهم يعتبرون أجانب بموجب القرار رقم 319 لسنة 1962، وكرس وضعهم هذا تعديل قانون العمل الرقم 129 بتاريخ 17/7/2010. ويعتبرون، كون وثائقهم تصدر عن مديرية الشؤون السياسية واللاجئين فئة خاصة من اللاجئين لا تنطبق عليهم مواصفات اللاجئين المنصوص عليها في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951. ووصف القانون رقم 296 لسنة 2001، الذي عَدّل القانون المنفذ بالمرسوم رقم 11614 تاريخ 4 كانون الثاني 1969 (اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان)، اللاجئ الفلسطيني بأنه "لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها"، وبالتالي وضع له فئة جديدة لا هي "مكتومي القيد" ولا حتى "فاقدي الأوراق الثبوتية".
لقد تسببت ظروف الحروب المتلاحقة في لبنان، وتهميش اللاجئين الفلسطينيين، بهجرة واسعة وعلى مراحل اعتباراً من سنة 1976، وتقلص عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من أكثر من 500.000 لاجئ إلى قرابة 174,000 لاجئ وفق "التعداد العام للسكان والمساكن"، وقد يكون هذا الرقم تدنى أكثر، بسبب استمرار الهجرة، توازياً مع تصاعد هجرة اللبنانيين، بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة غير المسبوقة في لبنان منذ الحرب العالمية الأولى.
6- العراق: لجأ إلى العراق قرابة 4,000 فلسطيني في سنة 1948، وجلهم ممن كانوا في مناطق ضمن عمليات الجيش العراقي خلال حرب 1948. قررت الحكومة العراقية أن شؤون الفلسطينيين الذين لجأوا إلى أراضيها هم تحت رعايتها ولم ترض برعاية الأونروا لهم.
في بداية لجوئهم، تولت وزارة الدفاع العراقية رعايتهم وإدارة شؤونهم الفلسطينيين، وأقاموا في الكليات والمعاهد والمدارس والفنادق والنوادي ومعسكرات الجيش في البصرة والموصل وأبو غريب والحويجة، في مدارس ومباني حكومية في بغداد، وكانوا يتلقون مساعدات عينية ووجبات طعام يومية من الجيش العراقي. وبقي الأمر كذلك حتى سنة سنة 1950، حين تولت مسؤوليتهم "مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق، التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعلى الرغم من عدم صدور أي قانون خاص يحدد الشخصية القانونية للاجئين الفلسطينيين، إلا أنهم لم يتعرضوا إلى أي تمييز سلبي، بل تمكنوا من العمل والتنقل داخل العراق ومن العراق إلى الخارج بوثائق سفر خاصة تصدرها السلطات العراقية المختصة.
أُعيد توزيع اللاجئين الفلسطينيين، بعد انتقال رعايتهم إلى كنف وزارة الشؤون الاجتماعية، وأُسكنوا في مبان مملوكة للدولة، وفي سبعينيات القرن الماضي، بنت الحكومة العراقية مساكن خاصة للاجئين الفلسطينيين ومدتهم بالبنى التحتية كلها، ويُقدر أن 63% منهم استفاد من هذه المساكن، فيما قطن الباقون على نفقتهم في أنحاء العراق، وخصوصاً في بغداد التي تواجدت فيها النسبة الأكبر، وتقدر بـ 91% من مجمل عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق.
لم يقتصر الوجود الفلسطيني على أولئك الذين قدموا إلى العراق في سنة 1948، فقد لجأ إليها أيضاً فلسطينيون في إثر حرب حزيران / يونيو 1967، وبعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي سنة 1991.
قُدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق في سنة 2003، قبل الغزو الأميركي، بـ 44,000 فرد، وبعد الغزو في السنة نفسها، قدرت الحكومة العراقية عددهم بـ 34,000، بينما سجلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 34,000 لاجئ، لكنها قدرت أن العدد الحقيقي قد يصل إلى 43,000.
تعرض اللاجئون الفلسطينيون بعد الغزو الأميركي للتنكيل، وشنت هجمات من قبل مليشيات عراقية مسلحة على مساكنهم، وتصاعد استهداف الفلسطينيين في أعقاب تفجير مقام الإمامين الهادي والحسن العسكري في سامراء في شباط / فبراير 2006، الأمر الذي دفع الآلاف منهم إلى الفرار، فتوجه عدد منهم إلى الأردن التي سمحت بدخول 500 شخص وأودعتهم في مخيم الرويشد قرب الحدود العراقي، وما لبثت أن أغلقت حدودها لاحقاً ومنعت دخول اللاجئين الفارين من البطش، ومن بينهم لاجئون فلسطينيون. وتواصل فرار اللاجئين الفلسطينيين بسبب البطش بحقهم والأوضاع الأمنية، وعلق المئات منهم بين الحدود العراقية والأردنية، ودخل عدد منهم إلى سورية بعد طلب من منظمة التحرير الفلسطينية حيث سكنوا في مخيم التنف الذي تولته المفوضية العليا للاجئين، وقد استقبلت أستراليا والبرازيل والسويد والهند، أعداداً من اللاجئين الفلسطينيين، بعد تدخل المفوضية.
لا يزال بضع آلاف من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في العراق، لكن بظروف صعبة، وتقريباً من دون حقوق، إذ إنهم خسروا كل التقديمات والتسهيلات التي كانوا ينالونها قبل الغزو العراقي.
7- الشتات الجديد والمهجر: لا توجد أرقام واضحة لعدد اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا أماكن لجوئهم الأول، وخصوصاً باتجاه أوروبا، وبأرقام أقل نحو أستراليا والولايات المتحدة وكندا.
وكانت عمليات اللجوء الجديدة بدأت بشكل فردي، لكن كثيف، من لبنان أولاً، خلال الحرب الأهلية وتدمير مخيمي تل الزعتر وجسر الباشا، واستهداف مخيم الضبية، وتجمعات لفلسطينيين ومسلمين لبنانيين في النبعة والمسلخ في بيروت، وتصاعدت العملية بعد الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا، وحرب المخيمات، ثم الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان التي تفاقمت اعتباراً من سنة 2019.
على أن اللجوء الأوسع وشبه الجماعي، كان للاجئين الفلسطينيين من سورية، الذين فروا من سورية باتجاه لبنان وتركيا والأردن وشمال سورية ، فضلاً عن مصر وقطاع غزة، وقسم كبير منهم غادر لاحقاً إلى أوروبا على وجه الخصوص.
وإلى هؤلاء كان آلاف الفلسطينيين هاجروا إلى الأميركيتين، وخصوصاً أميركا اللاتينية، خلال الحرب العالمية الأولى، وقبل سنة 1948، وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن نحو 737 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في دول أجنبية في نهاية 2019.

النظام السياسي (الضفة وغزة)

رئاسي – برلماني (وفق اتفاق أوسلو هو حكم ذاتي مرحلي).
رئيس الدولة: محمود عباس (“فتح”).
رئيس المجلس التشريعي (معطل منذ سنة ٢٠٠٧): أحمد بحر بالإنابة (“حماس”).
رئيس الحكومة: محمد شتية (“فتح”).
العاصمة: القدس الشرقية (وهي تحت الاحتلال وتعتبر رام الله عاصمة مؤقتة).

معلومات جغرافية

الشرق الأوسط. يحدها شمالاً تركيا؛ شرقاً العراق؛ جنوباً الأردن؛ غرباً إسرائيل ولبنان والبحر الأبيض المتوسط.

6,220

كلم2

المساحة

6000

كلم2

مساحة اليابسة

220

كلم2

مساحة المياه

المناخ

حار جاف صيفاً وبارد ماطر شتاء؛ في قطاع غزة معتدل، ماطر وبارد شتاء وحار جاف صيفاً.

الموارد الطبيعية

الزراعة؛ التعدين؛ الصناعة التحويلية؛ المياه؛ الكهرباء؛ احتمالات وجود نفط وغاز في البحر قبالة غزة، وبراً في الضفة الغربية.

معلومات اقتصادية

تعتمد مالية السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وسلطة “حماس” في غزة، بشكل أساسي على المساعدات التي تقدمها الدول المانحة، أما النشاط الاقتصادي فيتراوح بين زراعي وصناعي تركيبي، وهو اقتصاد بات تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي بحكم الاحتلال والتضييق على النشاطات الاقتصادية الفلسطينية.
ويعيش الاقتصاد الفلسطيني أزمات متلاحقة، ولا يمكن للسلطة الفلسطينية الخروج منها بقرارات منفردة، كونها مقيدة بالبروتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو، والمعروف باتفاق باريس الاقتصادي الذي ألحق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، بحيث باتت إسرائيل القرار النهائي فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية.
وقد جاء في “تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية” الذي رفعه البنك الدولي إلى لجنة الارتباط الخاصة ي 10 أيار / مايو 2022، في مدينة بروكسل، أن “وضع المالية العامة الفلسطينية حافلاً بالتحديات بسبب تراكم متأخرات ضخمة والانخفاض الشديد في المعونات، على الرغم من علامات التعافي بعد تخفيف التدابير المتصلة بجائحة كورونا”، مشيراً إلى ازدياد عدد الفقراء، وقابلية تأثر الأراضي الفلسطينية “بانعدام الأمن الغذائي”. وأشار التقرير إلى انخفاض المعونات من 27% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2008 إلى 1,8% سنة 2021، أدى إلى “تراكم لدى السلطة الفلسطينية رصيد ضخم من المتأخرات المستحقة لكل من القطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية، والاقتراض المحلي.”
وقد شهدت سنة 2021 تعاف اقتصادي نسبي في الضفة الغربية جراء زيادة الاستهلاك المحلي وتخفيف الإجراءات المتعلقة بكورونا، وبلغ معدل النمو 7,1% بعدما شهد انكماشاً بنسبة 11,3% في سنة 2020، لكن على الرغم من ذلك، كما يشير التقرير، “ظلت إدارة سياسات المالية العامة حافلة بالتحديات نظراً لأن حجم العجز قبل المعونات بلغ 1,26 مليار دولار، بينما بلغت المعونات مستوى قياسياً في الانخفاض إذ لم تتجاوز 317 مليون دولار في عام 2021. ونتيجة لذلك، اضطرت السلطة الفلسطينية إلى الاعتماد على الموارد المحلية لتمويل احتياجاتها، كما أنها تدفع رواتب جزئية منذ نوفمبر / تشرين الثاني 2021.” أما قطاع غزة، فلم يشهد تحسناً ملحوظاً في الأداء الاقتصادي في سنة 2021.
والعامل الأبرز في ضعف النمو الاقتصادي وشح إيرادات السلطة الفلسطينية من خارج المساعدات الدولية، هو القيود التي تفرضها إسرائيل على التنقل والوصول إلى الموارد، بما في ذلك في المنطقة (ج).
ويشير التقرير إلى أن التجارة الخارجية الفلسطينية تخضع “لسيطرة إسرائيل وتخضع لحواجز غير جمركية باهظة التكلفة أدت إلى تراجع القدرة التنافسية. علاوة على ذلك، أدى الإغلاق الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة إلى وجود اقتصاد مغلق تماماً تقريباً. ومن المتوقع أن يظل عجز المالية العامة (قبل المعونات) كبيراً في عام 2022 عند 5,1% من إجمالي الناتج المحلي.”

الناتج المحلي الإجمالي

تعادل القوة الشرائية (تقديرات 2022)

14,037

مليار دولار

الناتج المحلي الإجمالي للفرد

تعادل القوة الشرائية (تقديرات 2018)

5,922

دولار

القطاعات الاقتصادية

الزراعة والأحراج وصيد السمك؛ التعدين؛ الإنشاءات؛ تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات؛ النقل والتخزين؛ الأنشطة المالية والتأمين؛ المعلومات والاتصالات؛ خدمات.

المنتجات الزراعية

الأسماك؛ المواشي والدواجن؛ الزيتون؛ الخضار؛ الزهور.

الصادرات

أغذية وحيوانات حيّة؛ مشروبات وتبغ؛ مواد خام؛ مواد كيماوية؛ مكائن ومعدات نقل.

1,054

مليار دولار

الشركاء

(تقديرات 2019)

: إسرائيل؛ دول عربية؛ دول أوروبية؛ دول أسيوية؛ دول أميركية.

الواردات

أغذية وحيوانات حيّة؛ مشروبات وتبغ؛ وقود؛ مواد كيماوية؛ مكائن ومعدات نقل.

6,063

مليار دولار

الشركاء

(تقديرات 2019)

سرائيل؛ دول عربية؛ دول أوروبية؛ دول أسيوية؛ دول أميركية.

السكان والمجتمع

5.355

مليون نسمة

تعداد السكان

تقديرات 2022

النمو السكاني

تقديرات 2022

الأصل العرقي

عرب؛ كرد؛ شركس؛ أشوريون؛ تركمان؛ أرمن.

اللغات

العربية (رسمية)؛ الكردية؛ الأرمنية؛ الشركسية.

الانتماءات الدينية

الإسلامية، المسيحية، اليهودية.

سكان الحضر

من إجمالي السكان (تقديرات 2022)
معدل التحضر: 3.3٪ معدل التغير السنوي (تقديرات 2020-25)