خلفية عامّة

حازت فرنسا، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حق الانتداب على الجزء الشمالي من السلطة العثمانية المهزومة أمام الحلفاء، وأدارت المنطقة التي تعرف باسم سورية حتى إعطائها الاستقلال في سنة 1946.

وحدة، انفصال، وانقلابات

افتقدت الدولة الوليدة الاستقرار السياسي واختبرت سلسلة من الانقلابات العسكرية. وفي شباط / فبراير 1958 توحدت مع مصر بما عُرف باسم الجمهورية العربية المتحدة، لكن الدولتين انفصلتا مجددا في أيلول / سبتمبر 1961، وأعيد تأسيس الجمهورية العربية السورية كدولة مستقلة.
وقد حكمت سورية منذ الاستقلال شخصيات مدنية غير حزبية، حتى سنة 1963، حين نفذ ضباط منتمون إلى حزب البعث انقلاباً، وتكرست سلطة الحزب الواحد التي لا تزال قائمة حتى اليوم. لكن حكم حزب البعث لم يضمن الاستقرار السياسي، إذ توالت الانقلابات بين ضباط الحزب الواحد.

حرب 1967 وحكم الأسد

في سنة 1967 دخلت سورية في حرب مع إسرائيل، ولحقت بجيشها هزيمة، فقدت في إثرها السيطرة على مرتفعات الجولان. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1970، استولى حافظ الأسد على السلطة بانقلاب عسكري، وتمكن، بعد تحييد كل المنافسين، من فرض استقرار سياسي وأمني نسبي طيلة مدة حكمه، لم يقطعه سوى اشتباكات عنيفة، مطلع ثمانينيات القرن العشرين، بين مسلحين تابعين لجماعة الإخوان المسلمين والقوى الأمنية الرسمية، وانتهت تلك الاشتباكات بهجوم دموي شنة الجيش على مدينة حماة في شباط / فبراير 1982، وتسبب بمقتل نحو 40,000 شخص معظمهم مدنيون، وقرابة 1000 جندي، وفق اللجنة السورية لحقوق الإنسان. واعقب ذلك ملاحقة أمنية لأعضاء الجماعة، وسنّ قانون يقضي بإعدام أي شخص منتم إلى الجماعة. لكن القمع السياسي لم يقتصر على الجماعة الإسلامية، بل طال كل معارض لحكم البعث والأسد، من المجموعات القومية أو الماركسية.

كما أشيع في 1984 أن نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، رفعت الأسد، شقيق حافظ الأسد، والمسؤول عن قمع انتفاضة الإخوان المسلمين، سعى للانقلاب على شقيقه، الأمر الذي حذا بالرئيس إلى إبعاده، وحل القوة العسكرية المسماة "سرايا الدفاع" التي كان يقودها رفعت الأسد، والتي لعبت دوراً مهماً في قمع الإخوان المسلمين.

حرب 1973

في 6 تشرين الأول / أكتوبر 1973، شن الجيشان المصري والسوري هجمات مفاجئة على مواقع الجيش الإسرائيلي في سيناء والجولان، وتمكن الجيشان في الأيام الأولى للحرب من استعادة أجزاء كبيرة من سيناء والجولان، ووصل الجيش السوري إلى حدود بحيرة الحولة، قبل أن يشن الجيش الإسرائيلي هجمات مضادة، ويخترق دفاعات الجيش المصري على ضفتي قناة السويس، ويدفع القوات السورية مجدداً إلى خارج هضبة الجولان. وانتهت الحرب على الجانب السوري بوقف للنار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من مدينة القنيطرة.

الانخراط في الأزمة اللبنانية

انخرط النظام السوري في تفاصيل السياسة اللبنانية، بعدما تدخل عسكرياً بشكل مباشر في الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990)، بداية إلى جانب تحالف "الحركة الوطنية اللبنانية" والفصائل الفلسطينية، ثم بعد دخول قواته ضمن قوات الردع العربية في 2006، وانسحاب الوحدات العربية المشاركة في تلك القوات لاحقاً وبقاء القوات السورية وحدها، دعم المليشيات المسيحية التي كانت قد فقدت السيطرة على أجزاء واسعة من مناطق نفوذها، ثم بعدما انقلبت المليشيات المسيحية على القوات السورية، عاد النظام إلى تأييد "الحركة الوطنية اللبنانية"، على الرغم من اتهامه بالوقوف خلف اغتيال الزعيم الدرزي الوطني وقائد "الحركة الوطنية اللبنانية" كمال جنبلاط في 16 آذار / مارس 1977.
خرجت القوات السورية من بيروت وجبل لبنان في سنة 1982 في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي، لكنها بقيت في وادي البقاع، ومن هناك أسست ودعمت الانشقاق في حركة "فتح"، سنة 1983 وتدخلت لوجستياً ومباشرة في المعارك في طرابلس بين القوات التابعة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (الذي عاد إلى طرابلس في أيار / مايو 1983، بعد خروجه قبل عام من بيروت)، والمنشقين عنه والفصائل التابعة للنظام السوري، في أواخر 1983، وانتهت في 20 كانون الأول / ديسمبر، برحيل عرفات والمقاتلين الموالين له عبر السفن مجدداً، بعد خروج مماثل في إثر الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982.
وعادت القوات السورية إلى جبل لبنان وبيروت، في إثر انتهاء حرب المخيمات (1985 – 1987)، ومواجهات بين حركة أمل وحزب الله في سنة 1988، لتعيد انتشاراً واسعاً في أنحاء لبنان (ما عدا الجنوب)، في أعقاب تمرد الجنرال ميشال عون على قرارات اتفاق الطائف، واطلاقه معركة ضد القوات السورية والحكومة اللبنانية التي تشكلت استناداً إلى هذا الاتفاق، وتكرس الوجود العسكري والسيطرة الأمنية السورية، بعد توافق إقليمي ودولي على السماح للجيش السوري بإنهاء تمرد الجنرال عون، وهو ما تم في 13 تشرين الأول / أكتوبر 1990، ليكرس مرحلة جديدة من السيطرة السورية الشديدة على لبنان.

انتقال الحكم من الأب إلى الإبن

أصيب حافظ الأسد بسرطان الدم (اللوكيميا)، وكان قد باشر إعداد ابنه الأكبر باسل لخلافته، لكن الأخير قتل بحادث سير في 21 كانون الثاني / يناير 1994، ليتحول إلى تهيئة ابنه الآخر
طبيب العيون بشار الذي كان يدرس في بريطانيا، لتولي رئاسة الدولة.
في 10 حزيران / يونيو 2000، فارق حافظ الأسد الحياة، ليتولى ابنه بشار السلطة، والذي في بداية عهده، أظهر انفتاحاً، وسمح بنشاطات ثقافية وتوجه نحو تحرير الاقتصاد، وأزاح الطاقم الذي كان يعاون والده في الحكم. وفي هذا المناخ من الانفتاح، انتشرت الصالونات الثقافية والحوارية، وأصدرت 99 شخصية سياسية وثقافية واقتصادية سورية في أيلول / سبتمبر 2000 بياناً طالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، ثم صدر بيان آخر وقعته 1000 شخصية طالب بالديمقراطية والتعددية السياسية والفكرية وإغلاق السجون السياسية وخصوصاً سجن المزة، وانتشرت منظمات المجتمع المدني ولا سيما منظمات حقوق الإنسان، في فترة عرفت بـ "ربيع دمشق"، لكن هذا الانفتاح سرعان ما انتهى، بالتضييق على الصالونات الثقافية، وصولاً إلى ملاحقة الشخصيات المنخرطة في هذه الحراكات، وزج الكثير منهم في السجون في صيف 2002، ثم القضاء تماماً عليها بعدما أصدر عدد من شخصيات "ربيع دمشق" بياناً في سنة 2005، عُرف باسم "إعلان دمشق"، فزجوا في السجون وأمضوا فيها سنوات، وفي مقدمهم: سهير الأتاسي ورياض سيف، وعشرات غيرهما.
في السنة نفسها (2005)، حدث تطور ترك أثره العميق في سورية، وفي الأقليم، فقد اغتيل في 14 شباط / فبراير الزعيم السني والوطني اللبناني، وأحد أعمدة اتفاق الطائف، رفيق الحريري، بتفجير هائل في بيروت، بعد مغادرته جلسة لمجلس النواب اللبناني، في مرحلة اشتد فيها الصراع السياسي بين مؤيدي سورية ومعارضيها، وقد مال الحريري خلالها لمناوئي سورية، وشكل للمرة الأولى لائحة انتخابية في بيروت من دون أي مرشح موال لسورية. وقد اتهمت سورية بالوقوف خلف الاغتيال الذي اتهمت لاحقاً محكمة دولية قياديين في حزب الله بتنفيذه.
انقسم اللبنايون بحدة بين مؤيدين لسورية عرفوا بأحزاب وقوى 8 آذار ومعارضين لسورية عرفوا بأحزاب وقوى 14 آذار، وتحت ضغط إقليمي ودولي، وبعد تشييع مهيب للحريري، واعتصام لمئات آلاف اللبنانيين في وسط بيروت، انسحبت القوات السورية من لبنان بتاريخ 16 نيسان / أبريل 2005.
وعلى الرغم من وقوف حزب الله والأحزاب والقوى الحليفة له ولسورية إلى جانب نظام بشار الأسد خلال أزمة اغتيال الحريري، إلا أن دمشق لم تتدخل إلى جانب حزب الله عند اندلاع حرب 2006 بين الحزب وإسرائيل، على الرغم من أن الجيش السوري وُضع في حالة تأهب قصوى.

من ربيع دمشق إلى خريف سورية

بقي الوضع في سورية على ما هو عليه، بعدما قمع "ربيع دمشق"، وتم تبديل طاقم حكم حافظ الأسد بطاقم حكم مقرب من بشار، واستولى أقارب له ومقربون منه على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، وفي ظل سطلة أمنية وقمعية، نظم استفتاء للتجديد له فترة ثانية في 27 أيار / مايو 2007، كانت النتيجة المُعلنة، تأييد 97,62% لتجديد الولاية، أما نسبة المشاركة، وفق البلاغات الرسمية، فكانت 95,9%.
أظهر بشار الأسد ثقة بثبات حكمه، عند اندلاع انتفاضة تونس في كانون الأول / ديسمبر 2010، ثم انتفاضة مصر في 25 كانون الثاني / يناير واليمن في 27 كانون الثاني / يناير 2011، وأعلن في أكثر من تصريح لوسائل إعلام غربية أن سورية ليست مثل الدول التي اندلعت في تظاهرات، وأن الشعب مؤيد لقيادته، وغير ذلك من التعبيرات. وللحظة بدا وكأن كلام بشار الأسد صواباً، وخصوصاً أن التظاهرات التي نُظمت في دمشق اعتباراً من 25 كانون الثاني / يناير 2011 كانت صغيرة وغير مؤثرة، وعلى الرغم من ذلك إخذتها الأجهزة الأمنية على محمل الجد وقمعتها. كما أن الإعلان عن يوم غضب في مطلع شباط / فبراير مر بسلام مع عدم التجاوب الشعبي مع هذه الدعوة، لكن المياه الراكدة تحركت في منتصف شباط / فبراير في إثر اعتقال مجموعة من الأطفال في درعا كتبوا على جدار مدرستهم "الشعب يريد تغيير النظام"، في تقليد لشعار انتفاضتي تونس ومصر، وتوتر الوضع كثيراً عندما رفضت الأجهزة الأمنية طلب الأهالي إطلاق سراح الأطفال، الأمر الذي حدا بالآلاف من أبناء درعا للتظاهر والتوجه إلى مباني الأجهزة الأمنية للمطالبة بإطلاق سراح الأطفال، فقمعوا بقوة وبعنف، وسقط قتلى وجرحى بينهم، وتم اعتقال عدد من المحتجين. ومما زاد من حدّة الاحتقان، على الرغم من اطلاق سراح بعض المعتقلين في إثر التظاهرة الاحتجاجية، أن الأطفال الذين اعتقلوا بداية، خرجوا من الاعتقال وبدت ظاهرة عليهم آثار التعذيب الشديد، وعند هذه النقطة بدأت دائرة الاحتجاجات تتسع، حتى عمّت أرجاء سورية.
كاد نظام بشار الأسد أن ينهار بعد فترة وجيزة من اتساع جغرافيا الاحتجاجات وانضمام عشرات آلاف المواطنين إلى التظاهرات والاحتجاجات، وبداية تفتت الجيش السوري مع اتساع الانتشقاق ضباط ومن رتب عالية، وجنود، وتشكل "الجيش السوري الحر" الذي أعلن أن مهامه هي حماية المتظاهرين السلميين، قبل أن ينخرط في معارك مسلحة مع القوات التابعة لنظام الأسد، وتدخل قوى ودول أجنبية دعماً لهذا الطرف أو ذاك، الأمر الذي قوض تجربة الجيش الحر، وخصوصاً بعدما أقدمت دول إقليمية على دعم مجموعات إسلامية معادية للنظام مالياً وتسليحياً، بينما ترك الجيش الحر من دون دعم يُذكر، الأمر الذي أضعفه وقوّى مجموعات إسلامية، وأخرى تأتمر مباشرة أو بشكل غير مباشر بدول تمولها، فضلاً عن تشقق جبهة الثوار مع انفصال الأكراد عن الثورة في شمال سورية.
وفي مقابل جبهة داعمي المجموعات المعادية للنظام، دخل حزب الله بقوة في الصراع من خلال إرسال مقاتليه المدربين كقوات نخبة تملك تسليحاً نوعياً، بداية إلى مناطق محاذية للحدود اللبنانية، اعتباراً من 4 نيسان / أبريل 2013، حين شنّ مقاتلو الحزب هجوماً على منطقة القصير، ولاحقاً انشارهم في أماكن بعيدة وصولاً إلى حلب. ولم يقتصر الأمر على مقاتلي حزب الله، إذ أسست إيران فصائل شيعية من القومية الأفغانية ومن العراق، ودول أخرى، لدعم النظام، فضلاً على الدعم اللوجستي والفني وبالخبرات العسكرية لقوات النظام. لكن ذلك لم يكن كافياً لهزيمة الفصائل المسلحة المعارضة للنظام، فتدخلت روسيا عسكرياً في 30 أيلول / سبتمبر 2015، عبر قصف جوي كثيف، دمر أحياء بكاملها في مدينة حلب، وفي إدلب.
على أن المفترق الأكثر تأثيراً في مجريات الحرب في سورية كان بالظهور المفاجئ لتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ "داعش" في سورية، ليُضاف إلى قوى إسلامية أخرى مثل جيش الإسلام وتنظيم القاعدة، على سبيل المثال وليس الحصر. لقد جاء بروز المجموعات الإسلامية التطرفة على حساب الثورة السورية، إذ باتت التركيز الإقليمي والدولي على "داعش" ومحاربته، وانتشار الدعوة للخيار ما بين نظام الأسد وتنظيم "داعش".
تنظيم "داعش" هو الوريث لجماعة التوحيد والجهاد التي أسسها في العراق الأردني أبو مصعب الزرقاوي في سنة 1999 لمحاربة الوجود الأميركي في العراق، وبعد مبايعته زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في سنة 2004، غيّر الزرقاوي اسم جماعته إلى قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، فكان تنظيمه أكثر تطرفاً من تنظيم القاعدة الأم، وبات يعمل خارج العراق أيضاً، إذ نفذ عملية تفجير ثلاثة فنادق في عمّان في 2005. وفي 2006 انضمت عدة مجموعات إسلامية متطرفة إلى تنظيم الزرقاوي، فتأسس من هذا الاتحاد ما بات يُعرف بمجلس شورى المجاهدين. وفي 7 حزيران / يونيو 2006، قتل الزرقاوي بغارة أميركية، فخلفه أبو حمزة المهاجر (المعروف ايضاً باسم أيوب المصري) الذي اتحد تنظيمه مع مجموعات متطرفة أخرى وزعماء قبائل سنية عراقية، ليتأسس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي تمركز في المحافظات السنية وأعلن عن هدفه بإقامة دولة إسلامية في العراق، واختير أبو عمر البغدادي أميراً للدولة، والمهاجر وزيراً لحربها.
واعتباراً من منتصف 2007 شنت الولايات المتحدة حملة كثيفة على قواعد للمجموعات الإسلامية المتطرفة، وتمكنت من طردها من محافظتي ديالا والأنبار إلى مدينة الموصل. في 18 نيسان / أبريل 2010، قتل أبو عمر البغدادي وأيوب المصري بغارة أميركية عراقية مشتركة، فعين أبو بكر البغدادي أميراً للتنظيم في 16 أيار / مايو.
دخل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق مرحلة جديدة تحت قيادة أبو بكر البغدادي الذي استعان بضباط سابقين في الجيش وجهاز الأمن العراقيين الذين تم حلهما بعد الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003، والذين كانوا قد اعتقلهم الجيش الاميركي في معسكر بوكا، ومنهم: أبو عبد الرحمن البيلاوي، وأبو أيمن العراقي، و‌أبو مسلم التركماني، والعقيد سمير الخليفاوي المعروف (حجي بكر) الذي شغل منصب القائد العسكري العام للتنظيم، والمسؤول عن عملياته، وكان له الدور الأبرز في تأسيس تنظيم "الدولة الإسلامية"ر(داعش).
نفذ تنظيم الدولة الإسلامية بداية عدداً كبيراً من العمليات الإرهابية في العراق، وخصوصاً تفجير سيارات في أماكن آهلة، وفي تموز / يوليو 2013 شن التنظيم هجوما على سجني أبو والتاجي، وتمكن من إطلاق سراح 500 سجين بينهم قادة في التنظيم.
بعد اندلاع الاحتجاجات في سورية في 2011، واستشراء الفوضى، أوفد أبو بكر البغدادي مجموعة من الضابط السابقين في الجيش والمخابرات العراقية الذي اصبحوا قادة في تنظيمه، إلى سورية بقيادة أبو محمد الجولاني، وأُطلق على هذه المجموعة اسم "جبهة النصرة"، التي بدأت بتجنيد عناصر سورية معها، وانتشرت سريعاً في عدد من المناطق السورية، ولا سيما في الرقة، وإدلب، ودير الزور، ‌وحلب.
في نيسان / أبريل 2013، أعلن أبو بكر البغدادي أن تنظيم "جبهة النصرة" موله تنظيم الدولة الإسلامية، وأن التنظيمين سوف يندمجان ليشكلا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، لكن هذا الإعلان رفضه الجولاني وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الذي قاد القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن في سنة 2011.
نشطت جبهة النصرة في سورية، فيما تركز نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وتمكن في كانون الثاني / يناير وحزيران / يونيو 2014 من السيطرة على الفلوجة والموصل وزمار وسنجار. وفي أعقاب الانتصارات التي حققها أبو بكر البغدادي، أعلن إلغاء تسمية "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وإطلاق تسمية "الدولة الإسلامية" على التنظيم، ونصب نفسه خليفة للمسلمين.
في تموز / يوليو 2014، أعلن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي سحب 30,000 جندي من الحدود العراقية – السورية، بذريعة فقدان السيطرة على النقاط الحدودية، الأمر الذي فتح الطريق أمام "داعش" للدخول إلى سورية، وتمكن التنظيم من ضم آلاف المقاتلين السابقين في الجيش الحر الذي ترك من دون تمويل، فيما انضم آلاف المتطرفين من أنحاء العالم، وخصوصاً من أوروبا، إلى "الدولة الإسلامية" ووصلوا إلى سورية عن طريق تركيا، وأعلنت مجموعات إسلامية متطرفة خارج العراق وسورية ولائها للدولة الأسلامية، وتمكن النتظيم من السيطرة على أجزاء من ليبيا، وظهر في أفغانستان وفي اليمن، ولاحقاً في صحراء سيناء، وفي دول في أفريقيا، وصولاً إلى الفلبين.
وبعد تمدده في العراق، نظم "الدولة الإسلامية" حملة عسكرية باتجاه الأراضي السورية وتمكن من السيطرة على مناطق واسعة، وأصبح له وجود فانتشر مقاتلوه في البادية السورية، فضلاً عن معظم المحافظات السنية في العراق.
مع التمدد السريع لـ "الدولة الإسلامية"، واتنشار التنظيم في بلدان عديدة، وممارسته أعمال عنف دموية، وارتكابه مجازر جماعية، باشرت الولايات المتحدة تنفيذ غارات ضده، وتشكل تحالف دولي بقيادة واشنطن في أيلول / سبتمبر 2014. ساعد هذا التحالف في إعادة تجهيز الجيش العراقي، بينما دعت المرجعية الشيعية في العراق إلى تشكيل ما بات يُعرف بالحشد الشعبي، وفتحت معركة ضد التنظيم في العراق، وأغارت طائرات التحالف الدولي بكثافة على مواقع للتنظيم في سورية، بينما خاض الأكراد الذين سلحتهم الولايات المتحدة ودربتهم، معارك ميدانية عنيفة، وبحلول نهاية سنة 2017 كان "الدولة الإسلامية" لا يسيطر على أي أرض في العراق ويسيطر على 5٪ من الأراضي السورية، قبل أن يندحر التنظيم من موقعه كلها، ويستسلم الآلاف من عناصره ويسجنون في معتقلات في العراق وفي المناطق السورية التي يسيطر عليها الأكراد. لكن ذلك لم يقض كلياً على "الدولة الإسلامية" الذي بات يعمل سراً، وينفذ بين الفينة والفينة عمليات عنف في العراق وسورية، من دون أن يكون لا تأثير كبير على الأرض.
في هذا الوقت كانت القوات الروسية تنفذ غارات مدمرة على مدن ومناطق سورية تتواجد فيها جبهة النصرة، التي صار اسمها هيئة تحرير الشام، وتمركزت بشكل اساسي في إدلب، وعلى جيش الإسلام وما تبقى من الجيش الحر في ريف دمشق، وفي حلب التي دمرت أحياء كاملة فيها، فضلاً عن الغارات التي كانت تنفذها المروحيات التابعة للنظام بالبراميل المتفجرة، والتي دعمت العمل الميداني لحزب الله والمجموعات الشيعية الأخرى التي تشرف عليها إيران، والقوات التابعة للنظام السوري، الأمر الذي مكن النظام والمتحالفين معه مع السيطرة مجدداً على 80% من الأراضي السورية.
لكن القضاء على دولة داعش وانحسار المناطق التي تسيطر عليها منظمات إسلامية متطرفة، أو تلك الكردية، أو التابعة للعراق، لا يعني عودة السيطرة الكاملة للنظام على الـ 80% من الأراضي السورية، إذ تتقاسم السيطرة عليها إيران من خلال المجموعات التابعة لها، وروسيا من خلال الكتائب التي شكلتها بعد "المصالحات" في ريف دمشق وفي درعا، فضلاً عن المناطق التي تسيطر عليها تركيا والأكراد وهيئة تحرير الشام، وبعض فلول الجيش الحر، في الـ 20% الباقية، وخصوصاً في شمال سورية.
كما أن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية لا يعني انتهاء الأزمة، إذ إن الوضع الاقتصادي لسورية هو في حال انهيار كامل.
ووفق مرصد الاقتصاد السوري التابع للبنك الدولي، فإن معدلات الفقر المدقع ارتفعت باضطراد منذ بداية الأزمة السورية، "وهذا ما يعكس تدهوراً في فرص كسب العيش والتآكل التدريجي لقدرة الأسرة على التكيّف." كما "أثّر التضخم المرتفع في سورية على الفقراء والفئات الضعيفة بشكل غير متناسب. وإلى جانب التأثير المباشر للصراع، يعاني الاقتصاد من الآثار المضاعفة للجائحة [كورونا]، والأحداث المناخية القاسية، وهشاشة المنطقة ككل، وعدم استقرار الاقتصاد الكلي."
وتوقع البنك الدولي "أن تستمر الظروف الاقتصادية بالتدهور في سورية، نتيجة الصراع طويل الأمد، والاضطرابات في لبنان وتركيا، وجائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا. في ظل حالة عدم التيقن المرتفعة بشكل استثنائي."

النظام السياسي

جمهوري رئاسي

رئيس الدولة: بشار الأسد
رئيس مجلس الشعب (البرلمان): حمودة يوسف صباغ
رئيس الحكومة: حسين عرنوس
العاصمة: دمشق

معلومات جغرافية

الشرق الأوسط. يحدها شمالاً تركيا؛ شرقاً العراق؛ جنوباً الأردن؛ غرباً إسرائيل ولبنان والبحر الأبيض المتوسط.

187,375

كلم2

المساحة

185,887

كلم2

مساحة اليابسة

1,550

كلم2

مساحة المياه

المناخ

صحراوي على الأغلب؛ حار، وجاف، مشمس في الصيف (حزيران / يونيو إلى آب / أغسطس)، ومعتدل لطيف ممطر في الشتاء (كانون الأول / ديسمبر إلى شباط / فبراير) على طول الساحل، وبارد ومثلج مع سقوط برد في دمشق.

الموارد الطبيعية

النفط؛ الفسفات؛ خامات الكروم والمنغنيز؛ الإسفلت؛ خام الحديد؛ الصخر الملحي؛ الرخام؛ الجبس؛ الطاقة المائية.

معلومات اقتصادية

تأثر الاقتصاد السوري بشدة جراء الاضطرابات التي بدأت في 2011، إذ انخفض حتى سنة 2017 بأكثر من 70% عن سنة 2010. كما تأثر الاقتصاد بشدة بسبب التدمير الشديد للبنى التحتية والعقوبات الدولية، فانهار الاستهلاك الداخلي والانتاج، وخُفضت الإعانات، وارتفعت نسب التضخم، وتضاءلت احتياطات النقد الأجنبي، وارتفع عجز الموازنة والتجارة، وانهار سعر صرف الليرة السورية، وكذلك انهار القدرة الشرائية للعائلات. في 2017 أظهرت بعض المؤشرات الاقتصادية استقراراً، مثل سعر الصرف والتضخم، لكن النشاط الاقتصادي بقي تحت الضغط وانخف الناتج المحلي الإجمالي.
كذلك هاجر الصناعيون، وخصوصاً في منطقة حلب، ونقلوا صناعاتهم إلى دول مجاورة، ولا سيما إلى تركيا، ومصر، واللأردن، بينما انخفض عدد القوة العاملة التي انتشرت، إن بسبب عامل اللجوء أو بسبب انخفاض معدلات التوظيف، وباتت تعمل في البلدان المحيطة بسورية، وحتى في الغرب، حيث هاجر عشرات الآلاف ممن هم في سن العمل. ووفق إحصاءات للأمم المتحدة فقد سجل وجود: 3,300,000 لاجئي في تركيا؛ 1,500,000 في لبنان، 720,000 في الأردن؛ 400,000 في العراق؛ 120,000 في مصر؛ 650,000 في ألمانيا؛ 450,000 في باقي أوروبا وأميركا.

الناتج المحلي الإجمالي

تعادل القوة الشرائية (تقديرات 2022)

15,5

مليار دولار

الناتج المحلي الإجمالي للفرد

تعادل القوة الشرائية (تقديرات 2018)

1265,60

دولار

القطاعات الاقتصادية

النفط؛ المنسوجات؛ الأغذية المعلبة؛ المشروبات؛ التبغ؛ تعدين صخور الفوسفات؛ الإسمنت؛ الزيوت النباتية؛ تجميع السيارات.

المنتجات الزراعية

القمح؛ الشعير؛ الحليب؛ الزيتون؛ الطماطم؛ البرتقال؛ البطاطس؛ الحمضيات.

الصادرات

زيت الزيتون؛ بذور الكمون؛ الفستق؛ الطماطم؛ التفاح؛ الإجاص؛ التوابل؛ الفواكه المجففة.

1.85

مليار دولار

الشركاء

(تقديرات 2019)

السعودية (23%)؛ تركيا (18%)؛ مصر (14%)؛ الامارات العربية المتحدة (8%)؛الأردن (7%)؛ الكويت (5%)

الواردات

: السيارات؛ النفط المكرر؛ الغاز الطبيعي؛ النفط الخام؛ الألبسة.

22.04

مليار دولار

الشركاء

(تقديرات 2019)

تركيا (27%)؛ الصين (22%)؛ الإمارات العربية المتحدة (14%)؛ مصر (5%)

السكان والمجتمع

21.563

مليون نسمة

تعداد السكان

تقديرات 2022

النمو السكاني

تقديرات 2022

الأصل العرقي

عرب؛ كرد؛ شركس؛ أشوريون؛ تركمان؛ أرمن.

اللغات

العربية (رسمية)؛ الكردية؛ الأرمنية؛ الشركسية.

الإسلام؛ المسيحية؛ اليهودية.

الإسلام؛ المسيحية.

سكان الحضر

من إجمالي السكان (تقديرات 2022)
معدل التحضر: 5.38٪ معدل التغير السنوي (تقديرات 2020-25)